Sunday, January 27, 2019

مستجدات تنفيذ أحكام القضاء الإداري ذ. مصطفی سیمو

مستجدات تنفيذ أحكام القضاء الإداري

ذ. مصطفی سیمو

رئيس المحكمة الإدارية بالرباط


السيدات و السادة الأفاضل
أود بداية أن أتوجه بجزيل الشكر للمنظمين على إتاحة الفرصة لي اليوم للحضور و المشاركة في هذه الندوة الهامة والناجحة التي أعتبرها بمثابة امتداد للنقاشات العلمية الرفيعة التي عرفها الحوار الوطني حول الإصلاح العميق و الشامل لمنظومة العدالة، كما أشكرهم أيضا على تخصيص أحد محاور الندوة الثلاثة لهذا الموضوع بالذات الذي يهم تنفيذ الأحكام القضائية الإدارية، فهو موضوع الساعة بامتياز، و هو أيضا يصب في صميم الانشغالات اليومية للمحكمة الإدارية بالرباط التي أتشرف حاليا برئاستها، باعتبارها محكمة تنفيذ على الصعيد الوطني.....
لن أكرر اليوم نفس الحديث الذي نردده جميعا و دائما حول أهمية تنفيذ الأحكام القضائية الإدارية أو عن علاقة ذلك بأحكام الدستور أو بتكريس مفهوم دولة الحق و القانون أو مبدأ استقلال القضاء أو ضمان الأمن القضائي أو تحفيز الاستثمار أو غير ذلك ..، فهذا كلام لفرط ما قيل و تكرر من دون أن يفرز نتائج يلمسها المواطن و المتقاضي، أصبح لازمة ثقيلة ومستهلكة لا يمكن الترديدها إلا أن يصيب المستمع بالعزوف و الملل، بل و تحول إلى مجرد شعارات موسمية فضفاضة نسوقها و نتغنى بها من حين لآخر ثم سرعان ما تخفت هذه الشعارات ويلفها النسيان، وقد ساهم في ذلك أن عملنا القضائي - وهذا يمكن اعتباره من باب النقد الذاتي - كان في كثير من الأحيان و ليس في جميعها طبعا، كان ينأى عن ممارسة كامل صلاحياته في هذا الباب، مقدما المسوغات تلو المسوغات التبرير عدم اضطلاعه بكامل مسؤولياته في هذا المجال وفق ما يخوله اله القانون، علما أن هذه المسؤوليات لا تتجسد في أكثر من مجرد الحرص على الإيصال الفعلي للحقوق إلى أصحابها. وبذلك فإنني أستطيع أن أجزم اليوم بأن المسؤولية عن عدم تنفيذ الأحكام القضائية الإدارية لم تكن ترجع للإدارة فحسب، بل نتحملها نحن القضاة بالدرجة الأولى .
بيد أنني أعتقد جازما أن التوجيهات الملكية السامية الواضحة والمباشرة الواردة في الخطاب التاريخي لعاهل البلاد وقاضيها الأول صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة، لابد أن وقعها سيضع حدا لهذه المقاربة غير الفعالة في تعاطي السلطات المعنية مع مسألة تنفيذ الأحكام القضائية، هذا الخطاب الذي تضمن تشریحا دقيقا الظاهرة التقاعس في تنفيذ الأحكام القضائية، أرى من المفيد جدا تلاوة فقرات منه على أسماع حضراتكم، حيث جاء فيه ما يلي :
" كما أن المواطن يشتكي بكثرة، من طول و تعقيد المساطر القضائية، ومن عدم تنفيذ الأحكام، وخاصة في مواجهة الإدارة.
فمن غير المفهوم أن تسلب الإدارة للمواطن حقوقه، وهي التي يجب أن تصونها وتدافع عنها. وكيف لمسؤول أن يعرقل حصوله عليها وقد صدر بشأنها حكم قضائي نهائي؟
كما أنه من غير المعقول، أن لا تقوم الإدارة حتى بتسديد ما بذمتها من ديون للمقاولات الصغرى والمتوسطة، بدل دعمها وتشجيعها، اعتبارا لدورها الهام في التنمية والتشغيل."
انتهى النطق الملكي السامي
وهكذا يتبين من القراءة المتأنية للفقرة الأولى أعلاه، أن المأخذ التي تضمنها الخطاب الملكي السامي، ليست موجهة فقط إلى السلطة التنفيذية، بل إنها تعني جميع الجهات المتدخلة في عملية تنفيذ الأحكام الإدارية و على رأسها السلطة القضائية، و ذلك من منطلق أن المشرع، وخلافا لما يمكن أن يعتقده البعض، قد خول فعلا للقضاء جميع الأدوات والصلاحيات اللازمة لتمكينه من تنفيذ أحكامه، وسواء كانت هذه الأحكام صادرة ضد الإدارة أو في مواجهة غيرها، و بما لم يدع أي مبرر بعد ذلك لأن يبقى القضاء في ظل هذه النصوص القانونية المتاحة، مكتوف الأيدي و مستسلما أمام ظاهرة عدم تنفيذ الأحكام القضائية
وقد كان يبدو للبعض أن إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية الإدارية في المغرب تنطلق من غياب مسطرة خاصة بتنفيذ هذه الأحكام، ما دام أن قانون المحاكم الإدارية الذي اكتفي بوضع مادة فريدة في ميدان التنفيذ، هي المادة 49 التي تنص على أن التنفيذ يتم بواسطة كتابة ضبط المحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم، لا يتضمن مسطرة خاصة بالتنفيذ، وأن هذا القانون وإن أحال إلى مقتضيات قانون المسطرة المدنية إلا أن هذا الأخير لم يتضمن مقتضيات خاصة بالتنفيذ في مواجهة أشخاص القانون العام. إلا أن أحكام قانون المسطرة المدنية فيما يتعلق بالتنفيذ تبقى واجبة التطبيق لأنها لم تميز الإدارة عن باقي المنفذ عليهم وبالتالي لا يمكن أن نطبق أحكام قانون المسطرة المدنية في حالات ونعطلها في حالات أخرى فإعمال النص أولى من إهماله كما يقال.
و في الواقع، فإذا كان من الواجب الاعتراف بالدور الإيجابي الذي لعبه مسؤولو بعض الإدارات وأشخاص القانون العام في مجال التنفيذ التلقائي للأحكام القضائية النهائية الصادرة ضد مؤسساتهم لدرجة أصبحت معها هاته الإدارات نماذج في هذا الباب....، إلا أن مثل هذه الحالات كانت تبقى نسبيا محدودة، وفي الغالب أن التنفيذ لم يكن يتم إلا بعد تحرير محاضر بامتناع الإدارة عن التنفيذ ثم اللجوء في مواجهتها إلى إجراءات التنفيذ الجبري.
وغالبا ما يكون عدم التنفيذ ناتجا عن موقف سلبي من قبل الإدارة لكن غير صريح، بحيث تقوم الإدارة بتفادي التنفيذ عبر التذرع بصعوبات قانونية أو مسطرية أو واقعية واهية وغير جدية أو عبر التراخي في التنفيذ أو من خلال تنفيذ الحكم بشكل معيب أو ناقص، و يتم في هذه الحالات استنتاج امتناعها عن التنفيذ حسب المفهوم الذي أورده المشرع في الفصل 460 من قانون المسطرة المدنية، وأحيانا قد ترفض الإدارة تنفيذ الحكم بشكل صريح، إلا أن هذا النوع من الامتناع نادر الوقوع، ولهذا فإنني لا أتفق مع توجه قضائي يعتبر أن امتناع الإدارة عن التنفيذ ينبغي أن يكون صريحا و صادرا عن رئيس الإدارة بصورة شخصية تحت طائلة عدم الاعتداد بهذا الامتناع وتبعا لذلك عدم المصادقة على الحجز لدى الغير أو عدم الحكم بغرامة تهديدية،
والحال أن الامتناع بهذا المفهوم ليس ضروريا، كما أن التصديق على الحجز لدى الغير لا يتوقف قانونا على تحقق امتناع عن التنفيذ، بل على وجود سند تنفيذي لم يدل المدين بما يثبت براءة ذمته منه...
إذن فما هي إجراءات التنفيذ الجبري التي ينبغي اللجوء إليها في مواجهة الإدارة؟ و ما هي الإجراءات غير الجبرية البديلة التي قد يتم من خلالها التوصل إلى تنفيذ الأحكام؟
 أولا: إجراءات التنفيذ الجبري:
إذن رغم عدم وجود نص خاص بإجراءات التنفيذ في مواجهة أشخاص القانون العام، و في انتظار القانون الجديد المرتقب للمسطرة المدنية، فإنه يمكن أو على الأصح يجب ولا شيء يمنع من اللجوء إلى القواعد العامة الحالية للتنفيذ الجبري، و التي تتيح القيام بما يلي : 
1- الحجز على المنقولات، وقد سارت المحكمة الإدارية بالرباط مؤخرا في اتجاه تلافي إيقاع و اعتماد هذا النوع من الحجوزات لكونها غالبا ما تنصب على أدوات العمل بمفهوم الفصل 458 من قانون المسطرة المدنية والتي يحظر حجزها (سيارات و حافلات نقل الموظفين، تجهیزات المكاتب، شاحنات نقل النفايات أو آلات تنفيذ الأشغال العمومية..)، بل إنه تم اعتبار من خلال أحد الأحكام أن وسائل نقل الموظفين تعتبر من بين مجسدات المزايا المكملة للأجر بالنسبة لهذه الفئة وبالتالي فحجزها فيه مساس بذممهم المالية كأغيار. م
 2- الحجز على العقارات التي تملكها الإدارات أو الجماعات إذا لم تكن قد أقيمت فوقها منشآت للمنفعة العامة، وقد تم لدى المحكمة الإدارية بالرباط حجز عقار يدخل ضمن أملاك الدولة الخاصة تنفيذا لحكم بالأداء في مواجهة الدولة - قطاع التربية الوطنية، و كانت هذه المسطرة مجدية في الإجبار على التنفيذ.
3 - الحجز لدى الغير، الفصول 488 وما يليه من قانون المسطرة المدنية، وقد استقر العمل القضائي على جواز الحجز على اعتمادات الإدارات لدى الخزينة العامة لعدم وجود نص قانوني يمنع ذلك، وفي حال امتناع هذه الأخيرة عن تحويل المبالغ المحجوزة بعد المصادقة على الحجز يتم إيقاع حجز على حسابها لدى مؤسسة بنك المغرب، ويتعين في هذا الباب الإشادة بالموقف الإيجابي لمؤسسة بنك المغرب و بعدها الخزينة العامة، ودور منشور رئيس الحكومة في تيسير تحويل الأموال المحجوزة مباشرة من الخزينة العامة 
4- الغرامة التهديدية الفصل 448 ضد الإدارة أو ضد المسؤول، وقد استقر العمل القضائي للمحكمة الإدارية بالرباط في هذا الباب على إرساء ما يلي: - أن تحديد الغرامة التهديدية على تنفيذ الأحكام القضائية النهائية القاضية بالقيام بعمل أو بالامتناع عن عمل، يكون في مواجهة الممتنع عن التنفيذ، الذي أسماه الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية "المنفذ عليه" وليس "المحكوم عليه" وهي عبارة يتجاوز معناها شخص هذا الأخير لتتسع لكل من يقوم مقامه في التنفيذ، ويندرج ضمن هذا المفهوم بالطبع، ممثل الشخص المعنوي العام المحكوم عليه، شرط أن يكون امتناعه عن التنفيذ غير مبرر حسبما يستشف من عبارة " إذا رفض المنفذ عليه " التي وردت في هذا المقتضى القانوني، كما أن الاختصاص في تحديد الغرامة يبقى منعقدا أيضا في هذه الحالة لرئيس المحكمة الإدارية طالما أنه هو المشرف على التنفيذ.
- أن موقف المشرع الدستوري ل 29 يوليوز 2011 جاء حاسما بشكل نهائي وواضح عندما أقر هذا التوجه بمقتضى الفصل 126 من دستور المملكة الذي نص على أن الأحكام القضائية النهائية تعتبر ملزمة للجميع، وهو المنحى الذي سارت على هدیه مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية المرتقب في مادته 587 التي أقرت إمكانية إصدار قاضي التنفيذ الغرامة تهديدية في مواجهة شخص القانون العام المنفذ عليه أو المسؤول عن التنفيذ أو هما معا.
هذا الاتجاه تم تأييده من طرف محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بمقتضى قرارها الصادر في قضية محمد العطاوي ضد رئيس جماعة تونفيت تأييدا لحكم صادر عن رئيس المحكمة الإدارية بمكناس، كما أن محكمة النقض سبق لها تأييد حكم مماثل لرئيس المحكمة الإدارية بالرباط
ضد وزير الصحة من زاوية الاختصاص النوعي بعدما تقدم الوكيل القضائي للمملكة بطعن بالاستئناف بهذا الخصوص. ثانيا: - الإجراءات البديلة: الاجتماعات القطاعية.. وهي اجتماعات تتم برعاية وزارة العدل و الحريات :
فتحت إشراف وزير العدل والحريات، جرت العادة أن يقوم رئيس المحكمة الإدارية بالرباط بالدعوة على امتداد الأشهر الثلاثة الأخيرة من كل سنة، لحضور اجتماعات مع جميع القطاعات الوزارية المعنية بعملية التنفيذ والوكالة القضائية للمملكة، تتم هذه الاجتماعات بمقر الوزارة، و الغاية منها تدليل الصعوبات ورفع العراقيل التي تعترض تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الإدارات العمومية برسم السنة الجارية
لا بد من الإشارة أيضا إلى أن تعيين قاض مكلف بالتنفيذ خلال افتتاح السنة القضائية 2015 مع جعله متفرغا لهذه المهمة أعطى قيمة مضافة للتنفيذ، حيث لا شك أن ذلك ساهم وسيساهم في إعادة هيكلة قسم التنفيذ على أسس تروم تحقيق النجاعة عبر إعادة تنظيم وتغيير أسلوب العمل به، مع إتاحة إمكانية تواصل جميع المتدخلين معه والرجوع إليه من أجل إيجاد حلول لبعض الإشكاليات التي قد تثار على مستوى تنفيذ الأحكام والتي تتطلب في كثير من الأحيان التدخل الفوري.
وفي هذا الإطار، تم إشعار هيئات المحامين وجميع ممثلي القطاعات الوزارية أن باب التواصل مع المحكمة الإدارية بالرباط سيبقى مفتوحا باستمرار وعلى مدار السنة كلما دعت الضرورة إلى ذلك لتدليل الصعاب التي تعترض عملية التنفيذ ولإيجاد الحلول الناجعة بما يتلاءم وصيانة الحقوق في ظل المشروعية - المواكبة المستمرة لوزارة العدل و الحريات سواء على مستوى مؤسسة الوزير.. أو مديرية الشؤون المدنية ولمؤسسة وسيط المملكة
- الاتفاقيات الأخيرة التي تم توقيعها مع بعض أشخاص القانون العام:
لما كان التنفيذ في مواجهة أشخاص القانون العام يستتبع في كثير من الأحيان اللجوء إلى بعض إجراءات التنفيذ الجبري التي تبقى على أهميتها وقانونيتها، ذات تأثير بالغ على المصلحة العامة وخصوصا منها إجراءات الحجز على اعتمادات الإدارة لدى الخزينة العامة للمملكة وغيرها والتي قد تحدث ارتباكا في تسيير المرفق العمومي. فإن عددا مهما من الإدارات و المؤسسات العمومية كجهة منفذ عليها لها ملفات تنفيذ مفتوحة في مواجهتها بالمحكمة الإدارية بالرباط، استجابت بإرادة كبيرة لفكرة توقيع التزامات كتابية بتنفيذ الأحكام القضائية التي لا تزال قید مسطرة التنفيذ في ظل جدولة زمنية واضحة محددة بمقتضى اتفاقيات الغاية منها تحقيق الموازنة بين حقوق طالبي التنفيذ وبين ضرورة تأمين حسن سير المرفق العام الذي تشرف عليه الإدارة
وتجد هذه الاتفاقيات سندها وصفة موقعيها في مقتضيات الفصل 243 من قانون الالتزامات والعقود الذي نص على ما يلي:" إذا لم يكن هناك إلا مدين واحد، لم يجبر الدائن على أن يستوفي الالتزام على أجزاء، ولو كان هذا الالتزام قابلا للتجزئة، وذلك ما لم يتفق على خلافه إلا إذا تعلق الأمر بالكمبيالات.
مع ذلك، يسوغ للقضاة، مراعاة منهم لمركز المدين، ومع استعمال هذه السلطة في نطاق ضيق، أن يمنحوه اجالا معتدلة للوفاء، وأن يوقفوا إجراءات المطالبة، مع إبقاء الأشياء على حالها". وتنص المادة الأولى من هذه الاتفاقيات على أن القضايا المعنية بها هي جميع أحكام دعاوی الموضوع المرتبطة بالأداء والتعويض والإلغاء دون القضايا الإستعجالية أو قضايا إيقاف تنفيذ القرارات الإدارية والديون العمومية و بمقتضى المادة الثانية، تلتزم الجهة المنفذ عليها، بخصوص ملفات التنفيذ التي تم إرسال إعذار بالتنفيذ بشأنها قبل تاريخ توقيع هذه الاتفاقية، بتنفيذ الأحكام المذيلة بالصيغة التنفيذية المتعلقة بها داخل أجل ستة أشهر بالنسبة للإدارات و ثلاثة أشهر بالنسبة للمؤسسات العمومية و شركات الدولة تبتدئ من تاريخ هذا التوقيع، ويبقى هذا الأجل قابلا للتمديد عند الاقتضاء بطلب من المنفذ عليها وموافقة رئيس المحكمة بعد تأكده من جدية التنفيذ.
أما بالنسبة لملفات التنفيذ الجديدة، فقد جاء في المادة الثالثة أن الجهة المشرفة على التنفيذ تقوم بمراسلة الجهة المنفذ عليها بواسطة مراسلة إدارية عادية مرفقة بنسخة تنفيذية للحكم موضوع طلب التنفيذ تبين فتح ملف تنفيذي جديد بالمحكمة. وتلتزم الجهة المنفذ عليها تبعا لذلك بتنفيذ الأحكام المذيلة بالصيغة التنفيذية المتعلقة بها داخل نفس الأجل المتفق عليه في المادة الثانية تبتدئ من تاريخ توصلها بالمراسلة المذكورة، ويبقى هذا الأجل قابلا للتمديد عند الاقتضاء بطلب من المنفذ عليها وموافقة رئيس المحكمة بعد تأكده من جدية التنفيذ.
وبالطبع، ولتحقيق الغاية من الاتفاقية، نصت المادة الرابعة منها على توقف جميع مساطر التنفيذ غير الرضائية خلال الأجل المشار إليه خاصة ما يتعلق بالحجوزات والغرامات التهديدية و باقي المساطر المختلفة، وسواء كانت المساطر رائجة بين يدي مأموري إجراءات التنفيذ أو المفوضين القضائيين، إلا أن طلبات إيقاف التنفيذ أمام محكمة النقض أو الرامية إلى إثارة صعوبة في التنفيذ أو إلى إيقاف التنفيذ المعجل، لا يمكنها إيقاف الأجل المنصوص عليه في هذه الإتفاقية إلا في حال صدور قرار قضائي يقضي بإيقاف التنفيذ، إلا أنه في حال انصرام الأجل المذكور دون البت في هذه الطلبات من طرف الجهات القضائية المختصة، فإن التنفيذ يبقى متوقفا إلى حين هذا البت، و ذلك حسبما ورد في المادة الخامسة من الاتفاقية.
ولتمكين المحكمة من تتبع حسن تنفيذ الاتفاقية، نصت المادة السادسة منها على إلزام الجهة المنفذ عليها بإخبار الجهة المشرفة على التنفيذ فور كل عملية تصفية لملف تنفيذي من طرفها، سواء تم ذلك عن طريق الصلح أو أي طريقة أخرى.
وكجزاء على إخلال الإدارة بتنفيذ التزاماتها، نصت المادة السابعة على الرجوع إلى إجراءات التنفيذ الجبري في كل حكم تبين أن الجهة المنفذ عليها لم تبادر إلى تنفيذه داخل المدة المتفق عليها والمدد المضافة عند الاقتضاء. وعلى اعتبار الاتفاقية لاغية في حال حصول تراخي الخمس مرات متكررة بقيت كلها بدون تسوية بعد منح أجل ثاني للمنفذ عليها في كل حالة من هذه الحالات لا يتجاوز 15 يوما بمقتضى رسالة تذكيرية ثانية
وحسب المادة الثامنة و الأخيرة من الاتفاقية، فإن دخول الاتفاقية حيز التنفيذ يكون ابتداء من اليوم الموالي لتوقيعها. ولحد الآن، تم توقيع اتفاقيات بهذا الخصوص مع الجهات التالية :
- وزارة التربية الوطنية - الوزارة المنتدبة لدى وزارة الطاقة المكلفة بالماء - صندوق التقاعد و التأمين. - وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق.
النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد. - وزارة التجهيز والنقل. . المكتب الوطني للسكك الحديدية. - جماعة الرباط ۔ جماعة وزان. - مكتب السكني العسكرية.
وخلال الأسبوع المقبل، سيتم بحول الله توقيع اتفاقيات مماثلة مع كل من المديرية العامة للضرائب ومؤسسة العمران والوكالة الخاصة طنجة المتوسط، مع فارق يتمثل بالنسبة لإدارة الضرائب في كون السيد المدير العام لهذه الأخيرة أصر على ألا يتجاوز أجل التنفيذ الممنوح الإدارته بمقتضى الاتفاقية مدة 30 يوما.
وتتجلى أهمية هذه الاتفاقيات في أن جميع أطراف عملية التنفيذ والجهات المتدخلة فيها ستستفيد منها: تخفيف العبء على الإدارة على طالب التنفيذ ودفاعه خصوصا عند بعد المسافة - المحكمة : ضعف وقلة الموارد البشرية - الخزينة العامة و بنك المغرب..
لقد حرصنا على أن تحظى هذه الاتفاقيات بتغطية إعلامية واسعة إيمانا منا بأن التحسيس ودور الإعلام بصفة عامة يبقى من أهم أسباب نجاح مثل هذه المبادرات التي وإن كانت قد لقيت ترحيبا من لدن جميع الجهات المعنية بها فيما يشبه الإجماع، فهناك بالمقابل من عبر عن بعض التخوفات والتحفظات إزاءها، ولذلك فإنني أبقى رهن إشارة السادة الحضور لمناقشة كل الملاحظات التي قد يثيرونها بهذا الصدد أو بخصوص موضوع التنفيذ بصفة عامة
بقي لي أن أجدد مقترحي الذي سبق لي التعبير عنه في عدة مناسبات في مجال التنفيذ والمتمثل في ضرورة أن يصبح الطعن بالنقض موقفا للتنفيذ في المادة الإدارية، مع تحديد سقف زمني للبت في الطعن بالنقض. 
شكرا على تتبعكم

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا