Monday, August 17, 2015

الإدماج الاجتماعي والمهني للأشخاص في وضعية إعاقة (1/2)


الأستاذة رشيدة أحفوض
يعرف الشخص في وضعية إعاقة بأنه، «الشخص الذي انخفضت إمكانيات حصوله على عمل مناسب بدرجة كبيرة، مما يحول دون 
احتفاظه به نتيجة لقصور بدني أو عقلي» ، كما يعرف بأنه «الشخص الذي يختلف عن المستوى الشائع في المجتمع في صفة أو قدرة شخصية سواء كانت ظاهرة كالشلل، وبتر الأطراف، وفقد البصر أو غير ظاهرة مثل التخلف العقلي والصمم والإعاقات السلوكية والعاطفية، حيث يستوجب تعديلا في المتطلبات التعليمية والتربوية والحياتية بشكل يتفق مع قدرات وإمكانيات الشخص المعاق مهما كانت محدودة ليكون بالإمكان تنمية تلك القدرات إلى أقصى حد ممكن».
صادقت المملكة المغربية على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص في وضعية الإعاقة والبروتوكول الملحق بها، هذه المصادقة تترتب عنها التزامات الدولة المغربية لتأهيل الشخص المعاق للاندماج في الحياة العامة، وضمان حقه في التمدرس والصحة والشغل.
والتزم المغرب بالنهوض بحقوق الأشخاص المعاقين وحمايتها بعد التوقيع على هذه الاتفاقية الدولية بتاريخ 30 مارس 2007، والمصادقة عليها في 08 أبريل 2009، بعد قرار جلالة الملك محمد السادس نصره الله بالمصادقة على الاتفاقية في الرسالة الملكية الموجهة إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بتاريخ 10 دجنبر 2008 مناسبة الذكرى 60 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتروم الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة إلى تعزيز وحماية وكفالة تمتع جميع الأشخاص ذوي الإعاقة تمتعا كاملا على قدم المساواة مع الآخرين بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية وتعزيز احترام كرامتهم المتأصلة. 
لقد مكنت نتائج البحث الوطني حول الإعاقة المعلن عنها سنة 2006 من الوقوف على الوضعية الصعبة التي يعيشها الأشخاص في وضعية إعاقة، وهي وضعية تتسم في مجملها بالإقصاء، والهشاشة والفقر، نتيجة وجود العديد من الحواجز التي تفوق مشاركتهم الكاملة من جهة وتحد من نجاعة تدخلات الأطراف المعنية بقضايا الإعاقة من جهة أخرى.
وحاول المغرب خلال العقود الثلاثة الأخيرة إفراد نصوص قانونية خاصة بمجال الإعاقة، وتعزيزا للدينامكية الحقوقية التي يشهدها المغرب، تجسدت في الإصلاحات الكبرى التي عرفتها مجموعة من الملفات الحقوقية المهمة، ضمن مسلسل إرساء دعائم دولة القانون، بدءا بملف حقوق الإنسان عامة، مرورا بملف المرأة والطفل، وترسيخ سلم اجتماعي عبر مدونة الشغل.  لذا سنتحدث عن قراءة في مشروع القانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بالأشخاص في وضعية إعاقة في التشغيل مبحثا أول وعن مدى ملائمة مشروع 97.13 متعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة لمدونة الشغل مبحثا ثانيا، ومدى تكريس مشروع قانون الإطار رقم 97.13 لحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة في التشغيل مبحثا ثالثا.
المبحث الأول :قراءة في مشروع القانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بالأشخاص في وضعية إعاقة في التشغيل
 إن مرجعيات مشروع القانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بالأشخاص في وضعية إعاقة هي :  دستور المملكة، الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 الموافق ل 29 يوليوز 2011 بتنفيذ نص الدستور.
ينص الفصل 34 من الدستور على ما يلي: «تقوم السلطات العمومية بوضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولهذا الغرض تسهر خصوصا على 
معالجة الأوضاع الهشة لفئات من النساء و الأمهات، وللأطفال والأشخاص المسنين والوقاية منها، وإعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون إعاقة جسدية، أو حسية حركية، أو عقلية، وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية، وبتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع.
كما أن الفصل 19 من الدستور ينص على أنه  «يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها، تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين النساء والرجال».
كما أن الوثيقة الدستورية تقوم على المساواة في الحقوق بين جميع المواطنين بمن فيهم من هم في وضعية إعاقة وهم على قدم المساواة في جميع الحقوق : الحماية الاجتماعية ، التغطية الصحية، التعليم، التكوين المهني، السكن اللائق، الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل أو في التشغيل الذاتي.
2 - الرسالة الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، للمؤتمر الديبلوماسي للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، المنعقد بمراكش يوم 18 يونيو 2013، والتي أخبر من خلالها جلالته المؤتمرين بقرب عرض مشروع القانون المتعلق بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على أنظار البرلمان في إطار مبادرات المملكة المغربية بالوفاء بالالتزامات الدولية.
3 - الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الملحق بها الاتفاقية الدولية بتاريخ 30 مارس 2007، والمصادقة عليها في 08 أبريل 2009، بعد قرار جلالة الملك محمد السادس نصره الله بالمصادقة على الاتفاقية في الرسالة الملكية الموجهة إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بتاريخ 10 دجنبر 2008 لمناسبة الذكرى 60 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
4 -البرنامج الحكومي الذي أبرز عزم الحكومة على وضع إطار تشريعي يهدف إلى تعزيز الإدماج الاجتماعي ووضع تشريع لحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.
5 - أكد الدستور المغربي على حق المواطن المغربي في الحصول على السكن والصحة والشغل، ودعا المشرع المغربي عدة قوانين تهم حماية الشخص من ذوي الإعاقة، يمكن حصر أهم النصوص التشريعية المؤطرة لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة في القانون رقم 05.81 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للمكفوفين وضعاف البصر، والقانون رقم 07.92 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين، والقانون رقم 03.10 المتعلق بالولوجيات ، ثم القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية.
والقانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة، وقانون العقود والالتزامات، وقانون المسطرة المدنية، وقانون المسطرة الجنائية،
والقانون الجنائي، وقانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل ....إلخ.
إن مشروع قانون 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها تضمن 26 مادة و 9 أبواب .
الباب الأول :
أبرز أهداف قانون الإطار وتحديد بعض المفاهيم الأساسية كمفهوم الشخص في وضعية إعاقة، إذ اعتبر هذا المشروع الشخص في وضعية إعاقة :كل شخص لديه قصور أو انحصار في قدراته البدنية أو العقلية أو النفسية أو الحسية بصورة دائمة ، سواء كانت مستقرة أو متطورة، قد يمنعه عند التعامل مع مختلف الحواجز، من المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين.
كما تم تحديد المبادئ التي يتعين احترامها من قبل السلطات العمومية إثر إعدادها للسياسات العمومية القطاعية أو المشتركة بين القطاعات وتنفيذها، من أجل احترام كرامة الأشخاص في وضعية إعاقة وضمان استقلال ذاتي وعدم التمييز على أساس الإعاقة بمختلف أشكاله. 
الباب الثاني :
تضمن الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية 
في هذا الباب تم التأكيد على أنه يعفى الشخص في وضعية إعاقة من شرط السن المطلوبة من أجل الإستفادة بصفة دائمة من الرواتب والتعويضات التي تمنحها أنظمة وصناديق التغطية الاجتماعية لفائدة الوالدين والكافل والحاضن وضمان الاستفادة من أنظمة التأمين ومن السكن المخصص للفئات الاجتماعية الأقل دخلا، كما نص هذا القانون الإطار على إحداث نظام للدعم الاجتماعي أو المساعدة الاجتماعية. 
الباب الثالث : التربية والتعليم والتكوين، يستفيد الأشخاص في وضعية إعاقة من حقهم في التربية والتعليم و التكوين بجميع أسلاكه، وذلك من خلال تبني العديد من الإجراءات والتدابير الرامية إلى ضمان هذا الحق وحمايته، ومحاربة كل ما من شأنه إقصاء الشخص في وضعية إعاقة من الحصول على فرص متكافئة من المواطنين من الاستفادة من خدمات المنظومة التعليمية بدون تمييز.
الباب الرابع  :التشغيل وإعادة التأهيل المهني :
همت مقتضيات هذا الباب مسألة التشغيل وإعادة التأهيل المهني، إذ لا يجوز حرمان أي شخص في وضعية إعاقة من حقه في الشغل إذا توافرت فيه المؤهلات اللازمة للاستفادة من هذا الحق.
* رئيسة الجمعية المغربية للقضاة
ورئيسة غرفة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا