الحماية القانونية للكراء التجاري
إعداد :
- مليكي عبد المجيد عماري عبد الغني العزوزي عبد الاله
مقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــة :
يعتبر الحق في الكراء من بين أهم عناصر الأصل التجاري في حالة عدم ملكية مالك هذا الأخير للعقار الذي أسس عليه أصله التجاري، لكون العقار لا يعتبر عنصرا من عناصر الاصل التجاري الذي هو مال منقول معنوي .
وقد نصت المادة 80 من قانون 95-15 بشأن مدونة التجارة الصادر بتاريخ 13 ماي 1996، على الحق في الكراء التجاري باعتباره العنصر الثالث من عناصر الأصل التجاري، ونظرا لأهمية هذا العنصر الذي قد يحدد مصير هذا اللاصل وجودا و عدما فقد افرد له المشرع مقتضيات خاصة ترمي إلى حماية المكتري من خلال تنظيم علاقته بالمكري بمقتضى ظهير 24 ماي 1955 الذي يضم 47 فصلا والذي جاء بمقتضيات مهمة بديلة للقواعد القانونية العادية المتعلقة بإيجار الشيء (سواء كان عقارا أو منقولا) حسب الفصول626 إلى 699 من ق ل ع، بعدما كان منظما بمقتضى ظهير 17 يناير 1948 الذي تم إلغاؤه بنص الظهير المذكور.
ويرجع المصدر التاريخي لحماية الكراء التجاري إلى ظهير 21 مارس 1930، الذي كان يقر حماية تماثل حماية المشرع الفرنسي حسب قانون 30 يونيو 1926 ، وبعدما كشفت التطبيقات القضائية للمحاكم العصرية المتكونة من قضاة فرنسيين عن مجموعة من الثغرات في ظهير 17 يناير1948 تم سن ظهير 24 ماي1955 المطابق للقانون الفرنسي المؤرخ في 30 يونيو1953.
إلا أن هذا الظهير لم يفرد تعريفا خاصا بحق الكراء التجاري كما لم تعرفه مدونة التجارة، ليتولى ذلك الفقه، إذ عرفه الفقيه المصري احمد محمد محرز بأنه " حق التاجر في البقاء في العقار الذي يباشر فيه التجارة والتنازل عن هذا الحق للغير في حالة تصرفه في المحل التجاري" ، وعرفه الأستاذ محمد لفروجي بأنه " يقصد بالحق في الكراء، المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 80 من مدونة التجارة ضمن العناصر المعنوية للأصل التجاري، ذلك الحق المخول للتاجر، المستأجر للعقار الذي يباشر فيه تجارته، من جهة في البقاء في هذا العقار عن طريق تمتيعه بتعويض عادل عن الإخلاء في حالة رفض المؤجر تجديد عقد الكراء، عند انتهاء مدته، ومن جهة أخرى في التنازل عن الكراء للغير في الحالة التي يعمد فيها الى التصرف في الأصل التجاري بالبيع أو بأحد أوجه التصرف المنصوص عليها في المادة 81 من مدونة التجارة، كتقديم الأصل التجاري حصة في شركة لو بتخصيصه بالقسمة أو المزاد" ، ويعتبر حق الكراء التجاري من أهم عناصر الأصل التجاري ، إذ يعتبر التخلي عن الحق في الكراء تخليا عن الأصل التجاري برمته إذ لا يتصور امتلاك أصل تجاري دون حق في الإيجار، فهو ذلك العنصر المعنوي الذي يربط الأصل التجاري كمنقول معنوي بالعقار الذي يتأسس عليه هذا الأصل بجميع عناصره الأخرى المادية والمعنوية وهو ما كرسه المجلس الأعلى ، وهذا الارتباط بالعقار كان يخضع لمقتضيات القواعد العامة المنصوص عليها بالفصول من 626 إلى 699 من ق ل ع قبل أن ينظمه ظهير 24 ماي 1955 المتعلق بالكراء التجاري والذي لم يعرف أي تعديل منذ صدوره رغم التحولات الاقتصادية والثورة القانونية بالمغرب ورغم أن بعض مقتضياته قد تجاوزتها المقتضيات القانونية للتنظيم القضائي للمملكة بمقتضى ظهير 30 شتنبر 1974 إذ لم يعد هناك مكان للمحاكم الفرنسية والمحاكم المخزنية المنصوص عليها في ظهير الكراء التجاري، كما تجاوزه قانون 05-95 المنشئ للمحاكم التجارية.
وقد أوضح الفصل الأول من ظهير 24 ماي1955 بأن مقتضيات الظهير تطبق على عقود الإيجار المتعلقة بالأماكن المستعملة للتجارة أو الصناعة أو الحرفة التي أبرمت مع الدولة أو الجماعات العمومية، أو المؤسسات العمومية في شان أملاك أو أماكن أعدت لمصالح وجدها الحال تستغل بمشاركة الدولة إما وقت إبرام العقد أو قبله، وكذا على عقود إيجار الأملاك التي تشغلها مؤسسات التعليم أو الصناعيون.
وهكذا فانه لا يستفيد من حماية ظهير 24 ماي1955 سوى الأملاك المستعملة للتجارة والصناعة والحرفة، والأماكن اللاحقة بها بشرط أن تكون ضرورية لاستغلال تلك الأماكن، الشيء الذي يبعد تطبيق مقتضيات هذا الظهير على عقود الإيجار التي لا يمكن اعتبارها عقود إيجار عقارية.
إلا أن اكتساب الحق في الكراء الذي يخول تطبيق مقتضيات الظهير المذكور على المحلات أعلاه، قد أحيط بشرط أساسي يتعلق بالمدة الزمنية التي يجب أن يعيشها الأصل التجاري فوق العقار حتى يكتسب مالكه الحق في الإيجار، والتي حددت في مدة سنتين إذا كان عقد الكراء مكتوبا أو أربع سنوات إذا كان العقد شفويا .
لكن الإشكال يطرح عند عدم توفر الشرط المذكور في حين يكون الأصل التجاري قد خاض أشواطا في تأسيس الزبناء وابرام صاحبه عقودا للتوريدات و شراء معدات وبضائع عبر اقتراض مبالغ مهمة عند بداية التأسيس للعمل التجاري او حتى مرور مدة زمنية لها أهميتها بالمنطق الاقتصادي والتجاري وان قلت عن سنتين اذا كان عقد الكراء كتابيا او قلت عن اربع سنوات ان كان عقد الكراء شفويا، فهل تخضع العلاقة الكرائية بين مالك العقار ومالك الأصل التجاري لمقتضيات القانون المدني باعتبارها الشريعة العامة وبالتالي يبقى مالك الأصل التجاري تحت رحمة بنود العقد التي تنبني على الحرية التعاقدية طبقا للفصل 230 من ق ل ع ومن تم إمكانية وضع حد لعقد الكراء طبقا للفصول 623 إلى 694 من ق ل ع حسب شرط المدة المنصوص عليه في العقد ما دام أن المكتري لم يكتسب بعد الحق في الكراء، وهو ما لا يستقيم مع منطق القانون التجاري اللبرالي الرامي إلى دعم تكوين الثروة وتنميتها ، أم أن الأمر غير ذلك؟ وهل للقضاء دور في تكريس مخرج قانوني حمائي للأصل التجاري، في هذه الحالة، وهل حاول هذا القضاء التنسيق بين النصوص القانونية لإيجاد نسق منطقي يخلص المكتري ( صاحب المشروع الاقتصادي) من سيف الحرية التعاقدية ؟
فقد حاول العمل القضائي بجميع درجاته ضمانا لحماية الأصل التجاري الذي أصبح إضافة إلى كونه نواة صلبة للائتمان التجاري ولاستقرار الشغل ووسيلة لضمان السلم الاجتماعي، ما دام أن أي خلل في البنيات الاقتصادية سوف يؤدي بالنتيجة إلى انتشار مظاهر البؤس والاضطراب الاجتماعي، وهو ما سنحاول مقاربته في معرض هذا العرض.
لكن مع توفر الشروط الموجبة لتطبيق مقتضيات ظهير 24 ماي 1955 يكون المكتري في موقع أكثر حمائية ، إذ تهدف تلك المقتضيات إلى تكريس حماية الملكية التجارية للأصل التجاري الذي يكون قد اكتسب سمعة تجارية و زبناء خلال مدة أربع سنوات إذا كان عقد الكراء شفويا أو أربع سنوات إذا كان العقد شفويا وهو ما قد يزعزع أركان الملكية العقارية التي ظلت محمية بأسمى قانون في الدولة بمقتضى الفصل 15 من الدستور، وحتى بالمواثيق الدولية كما نص على ذلك العهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية لسنة 1966.
إلا أن تعقد المساطر القانونية وإفراطها في الشكليات بضرورة سلوك مساطر محددة ومعقدة أحيانا سواء عند الرغبة في إعادة تحديد السومة الكرائية للمحل المكرى أو محاولة إفراغه، قد يفرغ المظاهر الحمائية لظهير 24-05-1955 من محتواها سيما مع الجهل بالمقتضيات الآمرة للظهير التي يترتب عن عدم الانضباط لها سقوط الحق.
ومهما يكن فان الظهير المذكور يشكل وحدة متكاملة من قواعد الشكل والموضوع تتناسق فيما بينها لتشكل كتلة قانونية تعنى بحق الكراء وبتنظيم العلاقة الكرائية بين المكري والمكتري، لكن التطبيق القضائي باعتباره الأداة الحية لبث الروح في النص القانوني والكشف عن عوراته، والتحليل الفقهي باعتباره آلة التقويم للنص التشريعي والعمل القضائي، قد أبانا عن عدة اختلافات متباينة وأحيانا متضاربة سواء على مستوى محاكم الموضوع في مختلف ربوع المملكة أو على مستوى المجلس الأعلى وحتى بين قرارات المجلس الأعلى نفسه، وقد تكرس هذا التضارب والاختلاف بشكل صارخ بمناسبة البث في تنازع الاختصاص النوعي بعد إنشاء المحاكم التجارية بمقتضى قانون 05-53 بين هذه المحاكم والمحاكم المدنية.
وهو ما افرز نقاشا فقهيا خصبا في ردهات المحافل العلمية على مستوى كليات الحقوق والندوات المنظمة من طرف وزارة العدل والمعهد العالي للدراسات القضائية ، وهو ما دفع المشرع إلى الدفع بمقترح قانون لأجل تعديل هذا الظهير والذي لم يرى النور بعد وهو ما سنعرج عليه في حينه.
ومن خلال هذه العجالة تتضح لنا أهمية الموضوع اعتبارا لأهمية حماية الأصل التجاري كضمانة للاستقرار الاقتصادي والعمالة والائتمان، الذي لا يتأتى إلا برصد المقتضيات القانونية الضامنة لهذه الحماية للوقوف على مكامن الضعف والقوة سواء في النص القانوني أو تطبيقه القضائي اعتبارا لضرورة الموازنة بين حقوق المكري والمكتري حتى لا يصبح الكراء التجاري نزعا مقنعا للملكية العقارية ولتفادي عزوف مالكي العقارات عن كرائها وبالتالي تقليص دائرة الاستثمار في دائرة محدودة من الفاعلين الاقتصاديين تملك أو قادرة على تملك العقارات، والذي قد يقلب الأهداف المرسومة لحماية الأصل التجاري رأسا على عقب.
من تم فان الإشكالية المحورية للموضوع تكمن في مدى الحماية التي يقررها المقتضى القانوني للمكتري في المحلات التجارية استثناءا من القواعد العامة، وكيف جسد القضاء هذه الحماية على مستوى تطبيقه لظهير 24 ماي 1955 والمقتضيات القانونية الاخرى التي تنظم عقد الكراء بمقتضى مدونة التجارة ؟.
هذا ما سنحاول بسطه في معرض نقط هذا العرض وفق خطة البحث التالية :
مبحث أول : نطاق حماية الكراء التجاري قبل اكتساب الحق في الكراء
مطلب أول : ضمانات المكتري قبل اكتسابه الحق في الكراء
مطلب ثاني : حالات سقوط الضمانات الحمائية للمكتري.
مبحث ثاني : ضمانات حماية المكتري عند اكتساب الحق في الكراء
مطلب اول- حدود حماية المكتري خلال مسطرة افراغ المحلات التجارية.
مطلب ثاني : حماية الحق في الكراء بمقتضى مدونة التجارة وقانون المحاكم التجارية.
خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــة
مبحث أول : نطاق حماية الكراء التجاري قبل اكتساب الحق في الكراء.
إن استفادة المكتري من حماية ظهير 24 ماي 1955 مشروط بقضائه مدة سنتين بالعقار إذا كان العقد كتابيا أو أربع سنوات إذا كان العقد شفويا، وبعدم توفر الشرط المذكور فان القضاء اوجد مخرجا قانونيا لضمان حماية المكتري حيادا عن الحرية التعاقدية، فكيف اهتدى القضاء إلى هذه الحماية وما هي الآثار المترتبة عن ذلك، وما هو جزاء إخلال المكتري بالتزاماته القانونية خلال هذه الفترة ؟
مطلب أول : الضمانات القانونية المقررة للمكتري قبل اكتساب الحق في الكراء
1- تطبيق ظهير 25-12-1980 بدلا عن القواعد العامة.
لقد حاول القضاء التنسيق بين مجموعة من المقتضيات قانونية لضمان حد أدنى من الحماية للأصل التجاري وان كان مالكه لم يستفد بعد من الحق في الكراء التجاري، وذلك بتقرير استفادته من الحماية المقررة لمكتري المحلات من اجل السكنى والاستعمال المهني بمقتضى ظهير 25-12-1980، والتي تخوله حماية اكبر من مقتضيات ق ل ع التي تنبني على سلطة بنود العقد باعتباره شريعة للمتعاقدين طبقا للفصل 230 منه، إلا أنها حماية اقل ضمانة من ظهير 24-05-1955.
فقد اهتدى القضاء لإعمال هذه المقتضيات وذلك بخلفية ترجع إلى أن الفصل 41 من ظهير 24-05-1955 يحيل على تطبيق ظهير 05 ماي 1929 المتعلق بكراء المحلات المعدة للسكنى والاستعمال المهني كلما لم تتوفر شروط تطبيق ظهير 24 ماي 1955 ، لكن هذا الظهير المحال عليه قد تم الغاؤه بظهير 25 دجنبر 1980 الذي نسخ كل مقتضياته ؟.
لقد اعتبر القضاء أن ذلك الإلغاء لم يكن ليمحو مقتضيات ظهير 05 ماي 1929 من الوجود نهائيا ما دام انها عوضت بظهير 25-12-1980، وبذلك تكون مبررات الإحالة تصدق على هذا الظهير الأخير بالتبعية، سيما وان القضاء حاول ربط علاقة مفصلية بين الفصل الأول من ظهير الكراء التجاري التي تنص على أن هذا الظهير يطبق على مكتري العقار لأجل القيام بأعمال تجارية سواء كانت هاته الأعمال ترجع إلى تاجر أو رب صنعة أو حرفة، والفصل الأول من ظهير 25 دجنبر 1980 المتعلق بتنظيم العلاقة الكرائية للمحلات العدة للسكنى أو الاستعمال المهني الذي ينص على انه "تطبق مقتضيات هذا القانون على أكرية الأماكن المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني والتي ليس لها طابع تجاري أو صناعي أو حرفي أينما كان تاريخ بنائها إذا لم تكن خاضعة لتشريع خاص" أي تلك الأكرية التي تتعلق بمحل تجاري لم يكتسب فيه مالك الأصل التجاري الحق في الكراء ما دام انه في بعض الحالات، عندما يتعلق الأمر بتأسيس الأصول التجارية الكبرى، فان إقامة البنيات العمرانية الملائمة للأصل التجاري والحصول على الرخص الإدارية المتعلقة بالنشاط التجاري وشراء المعدات والبضائع اللازمة لممارسة بعض الأنواع من الأصول التجارية كمعامل الخياطة مثلا قد يستغرق مدة تفوق السنة ، وبالتالي لا يعقل تجريد صاحبها من أية حماية للاعتبارات السالفة الذكر.
هكذا و حيادا عن القواعد العامة فانه تتم مخاطبة المكتري بمقتضيات ظهير 25 دجنبر 1980 المتعلق بتنظيم العلاقة الكرائية للمحلات العدة للسكنى أو الاستعمال المهني ،
وهو ما كرسه العمل القضائي في ربوع المملكة، مما أتاح للمكتري مجموعة من الضمانات التي تخوله الاستمرار في اعتمار المحل المكرى رغما عن بنود العقد التي تحدد مدة عقد الكراء، فيتعين على المكري احترام مقتضيات هذا الظهير و إلا حق للمكتري مطالبته بتعويضات تختلف بحسب الحالات، جبرا للضرر الذي قد يتعرض له من جراء الإفراغ، بخلاف مقتضيات قانون الالتزامات والعقود التي تنص على انتهاء العلاقة الكرائية بانتهاء المدة المحددة في العقد بين الطرفين طبقا للفصل 687 من ق ل ع، والتي لا تعطي للمكتري أية ضمانات تذكر إلا ما نص عليه العقد، وبذلك تقوض جهوده المبذولة لتأسيس أصله تجاري، وبذلك فان عقد الكراء لا ينتهي بانتهاء مدته وانما يسترسل بالمشاهرة اذا لم يقم المكري بتوجيه انذار للمكتري بالافراغ وتصحيحه من طرف المحكمة طبقا للفصلين 8 و 18 من ظهير 25-12-1980.
وتمشيا مع هذا المنطق فقد جاء في قرار المجلس الأعلى عدد 1969 بتاريخ 21-09-1987 " وحيث انه ما دام الأمر كذلك فان المحل المطلوب إفراغه لم يكن حين المطالبة به قد اكتسب طابعا تجاريا أو صناعيا أو حرفيا هذا الطابع الذي يعتبر شرطا من شروط تطبيق ظهير 24 ماي 1955 حسبما ينص عليه الفصل 1 منه مما يجعله - والحالة هذه - خاضعا لقانون 25 دجنبر 1980 الذي ينص في فصله الأول على أن مقتضياته تطبق على أكرية الأماكن المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني والتي ليس لها طابع تجاري أو صناعي أو حرفي أينما كان موقعها وكيفما كان تاريخ بنائها إذا لم تكن خاضعة لتشريع خاص" .
كما ان المكري يكون ملتزما اتجاه المكتري الذي لم يكتسب بعد الحق في الكراء، رغما عن إرادته، باحترام مقتضيات ظهير 25-12-1980، عندما يرغب في بإنهاء العلاقة و باحترام مقتضيات الظهير الشريف الصادر بتاريخ 30-11-2007 بتنفيذ القانون رقم 03-07 المتعلق بكيفية مراجعة اثمان كراء المحلات المعدة للسكنى او الاستعمال المهني او التجاري او الصناعي او الحرفي .
2- الضمانات المقررة للمكتري عند مراجعة السومة الكرائية :
فطبقا للمواد 2 -3-4 من ظهير 30-11-2007 فانه لا تتم مراجعة السومة الكرائية الا بعد مرور اجل 03 سنوات على السومة السابقة المحددة اتفاقا او قضاءا ، وذلك بنسبة 8 % من قيمة السومة الحالية بالنسبة للمحلات السكنية ولا يستفيد المكري للمحل التجاري من الزيادة بنسبة 10 % الا اذا كان العقد كتابيا لكون هذه النسبة لا تطبق الا عندما يكتسب المكتري الحق في الكراء بمرور سنتين عن عقد الكراء.
ويمكن للطرفين الاتفاق على نسبة غير النسبة المحددة من طرف المشرع وكذا على شروط مراجعة ثمن الكراء طبقا للمادة 2 من الظهير ما عدا شرط مرور ثلاث سنوات اذ لا يجوز الاتفاق على مدة اقل، وهو ما يشكل ضمانة لاستقرار المكتري التاجر بالمحل المكرى.
وتنص المادة السادسة على تخصيص المكتري بامتياز إمكانية طلب مراجعة السومة الكرائية طبقا للفصلين 660 و 661 من ق ل ع كلما تعيبت العين المكراة بشكل يقلل من الانتفاع بها او لم تتضمن الوصف الموعود في العقد ، وذلك بقدر النقص الحاصل في الانتفاع .
وتفاديا لإرهاق المكتري المقبل على استعمال العقار سواء للسكنى ( أو التجارة)، فانه لا يمكن للمكري تحت طائلة بطلان الشرط أن يلزم المكتري حين تسلمه للمحل بأداء كفالة تفوق مبلغ وجيبة شهر كضمان لتأدية الكراء، أو للتعويض عن الأضرار التعسفية التي قد يحدثها المكتري في الأماكن المكراة، وترد هذه الكفالة إلى المكتري عند مغادرته المحل بعد تنفيذ جميع التزاماته.
3- ضمانات المكتري خلال مسطرة إنهاء العلاقة الكرائية :
ينص الفصل 8 من ظهير 25-12-1980 على انه " لا ينتهي عقد كراء الأماكن المشار إليها في الفصل الأول أعلاه خلافا لمقتضيات الفصول 687 و688 و695 و697 والفقرة الثانية من الفصل 698 من الظهير الشريف الصادر في تاسع رمضان 1331 (12 غشت 1913) المتعلق بقانون الالتزامات والعقود ورغم كل شرط مخالف إلا بعد الإشهار بالإفراغ وتصحيحه عند الاقتضاء طبقا للشروط المشار إليها في هذا الباب".
ذلك انه يتعين إشعار المكري للمكتري برغبته في إفراغه من المحل قبل ثلاثة أشهر من انتهاء العلاقة الكرائية ووفق شكليات دقيقة تقترب إلى حد ما من شكليات ظهير 24-05-1955 وان كانت تختلف عنها من حيث المضمون، فطبقا للفصل 9 من ظهير الكراء السكني يجب أن يتضمن الإشعار بالإفراغ تحت طائلة البطلان مجموع المحلات المكراة بكافة مرافقها وبيانه للأسباب المثارة من طرف المكري مع الإشارة إلى أجل ثلاثة أشهر على الأقل، ليتم تبلغه للمكتري برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو بإحدى الطرق المشار إليها في الفصول 37 و38 و39 من قانون المسطرة المدنية، ويعتبر تاريخ التسليم بالبريد أو بكتابة ضبط المحكمة المختصة بداية للإشعار بالإفراغ.
إلا أن تبليغ الإنذار ينطوي على مجموعة من الإشكالات العملية التي تنتج اثر تحايل المكري الراغب في إفراغ المكتري في مواجهة الضمانات المقررة له كما تمت الإشارة لذلك، والتي حاول القضاء معالجتها في غياب للنص التشريعي، فقد قضى المجلس الأعلى في قراره عدد 1995 بتاريخ 10-09-1986 انه يجب طبقا للفصل 6 من ظهير 24-05-1955 أن يثبت المكري أن المكتري توصل بصك الإنذار وليس بمجرد ظرف بريدي وان توصل المكتري بهذا الظرف لا يفترض حتما انه كان بداخله صك الإنذار.
وطبقا للفصل 10 من ظهير 25-12-1980 إذا رفض المكتري الإشعار بالإفراغ صراحة أو ضمنا وذلك ببقائه في المحل بعد مضي أجله أمكن للمكري أن يرفع الأمر إلى القاضي ليصرح عند الاقتضاء بتصحيح الإشعار والحكم على المكتري أو من يقوم مقامه أو بإذنه بالإفراغ مع ضمان مستحقات المكتري في التعويض المقرر اعتبارا للسبب المبرر لطلب الإفراغ.
والمحكمة لا تحكم بالإفراغ إلا إذا توفرت الشروط الموضوعية والشكلية لطلب الإفراغ
فلا يمكن للقاضي تصحيح الإشعار بالإفراغ إلا إذا كان المكري يرغب في استغلال المحل للسكنى بنفسه أو أصوله أو فروعه المباشرين أو المستفيدين – إن كانوا – من الوصية الواجبة المؤسسة بمقتضى الفصل 266 وما يليه من مدونة الأحوال الشخصية، وبعد توفر شرطين اثنين بأن يكون المحل المطلوب إفراغه ملكا للمكري منذ ثلاث سنوات على الأقل من تاريخ الإشعار بالإفراغ، تفاديا للمضاربة على الارتفاع المطرد لقيمة العقار ولسومة الكرائية ، والذي من شأنه زعزعة مركز المكتري باعتباره الطرف الضعيف في المعادلة الكرائية، كما ربط المشرع سبب الإفراغ بشرط أخر يقارب بين الأولويات الاجتماعية وذلك بأن يكون المكري أو أصوله أو فروعه حسب الأحوال لا يشغلون سكنا في ملكهم وكافيا لحاجياتهم العادية، وهو المقتضى الذي افرز عدة صعوبات على المستوى التطبيقي، إذ كيف يمكن تحديد الحاجيات العادية ؟ فما هو كاف بالنسبة لشخص معين قد لا يكون كافيا بالنسبة لشخص أخر اعتبارا لمركزه الاجتماعي (نوع العمل أو الوظيفة) أو العائلي ( عدد الأبناء أو الزوجات) وما هو الحال في حالة الرغبة في إسكان زوج المكري الذي قد يكون يعمل بعيدا عن بيت الزوجية في حين أن الزوج المكري له محل مكرى في مكان عمل زوجه، ما دام أن النص القانوني لم ينص على استفادة الزوج من هذا المقتضى ؟ كما يطرح إشكال إثبات المكتري لتوفر المكري على محل كافي لحاجياته خصوصا إذا لم يكن المحل المطلوب إثبات وجوده محفظا ؟
ولا يعفى المكري من إثبات الشرطين المذكورين إلا إذا عرض على المكتري سكنا موازيا للمحل المطلوب إفراغه بنفس الشروط ونفس القيمة الكرائية، وهو ما لا يراهن عليه المكرون عمليا لأنهم لن يجازفوا بتكرار نفس التجربة مستقبلا سيما وان مسطرة الإفراغ غالبا ما تنتهي بخصومة بين الطرفين نظرا لتعدد المساطر القانونية بشأنها.
إلا انه هناك حالات للإفراغ غير مقيدة بالشرطين المذكورين نص عليهما المشرع في الفصل 15 من ظهير 31-12-1980، لكن المشرع أحاطها بضمانات هامة لفائدة المكتري، فقد جاء في الفصل المذكور انه " يتعين تصحيح الإشعار بالإفراغ إذا كان هدم المحل أو إدخال تغييرات هامة عليه ضروريا، وفي هاتين الحالتين يحظى المكتري بالأسبقية للرجوع إلى المحل بعد إصلاحه أو إعادة بنائه بشرط أن يستعمل هذا الحق داخل الشهرين المواليين لإشعار من المكري و إلا سقط حقه " وذلك بعد إخبار المكري له قبل نهاية الإصلاح أو البناء بشهرين بإحدى الطرق المشار إليها في الفقرة الأولى من الفصل العاشر من الظهير، ويتم تحديد الكراء الجديد سواء كان باتفاق الطرفين أو بحكم القاضي مجموع الصائر والتغييرات المدخلة على المحل ورأس المال المستثمر.
كما يلزم المكري في حالة تصحيح الإشعار بالإفراغ - ما لم يكن هذا التصحيح ناشئا عن خطأ ارتكبه المكترى– أن يؤدي زيادة على صائر الانتقال مقابل إثبات تعويضا مبلغه وجيبة الكراء لمدة ستة أشهر حسب آخر سومة كرائية أداها المكتري، وبخصوص هذه الحالة فقد أصبح يطرح إشكال إثبات هذه السومة إذا كان العقد شفويا ولم يكن المكري يسلم وصولات الكراء للمكتري إذ يحاول المكري إثبات سومة منخفضة عن السومة الفعلية لكي يسلم المكتري تعويضا اقل في حين يحاول المكتري إثبات سومة اكبر من السومة الفعلية ليستفيد من تعويض اكبر سيما مع تعديل الفصل 443 من ق ل ع الذي كان يحصر الإثبات بشهادة الشهود للاتفاقات التي من شأنها إن تعدل الالتزامات أو الحقوق في مبلغ 250 درهم لتمتد هذه الإمكانية حتى مبلغ 10.000,00 درهم وهو ما يفتح الباب بين الطرفين لمحاولة إثبات ادعاءاتهما.
لكنه إذا كان سبب الإفراغ المستند عليه والذي أدى إلى إفراغ المكتري سببا غير حقيقي، فانه يحق للمكتري بعد إفراغه، باختياره تبعا للإشعار، أو تنفيذا للحكم القاضي بتصحيح الإنذار، أن يطالب المكرى بتعويض يعادل الضرر الذي لحقه إذا ثبت أن السبب غير مطابق للواقع وهو التعويض الذي تقرر فيه المحكمة استنادا إلى سلطتها التقديرية، إلا انه نادرا ما يلجأ المكتري المحكوم عليه بالإفراغ إلى ممارسة هذا الحق نظرا للجهل بهذا المقتضى أو رغبة منه في طي المساطر القضائية التي أرهقت كاهله عند مطالبته بالإفراغ.
وعلى العكس من هذا الزخم من الضمانات القانونية المخولة للمكتري ( المكتري التاجر الذي لم يكتسب الحق في الكراء) ، فان موقعه القانوني قد يكون هشا وتتلاشى الضمانات والحقوق المخولة له، ويعفى المكري من المساطر المعقدة عند المطالبة بإفراغه إذا ما أخل بالتزاماته المحددة قانونا بمقتضى الفصل 692 من ق ل ع وحالة تولية الكراء والتخلي عنه طبقا للفصل 19 من ظهير 25-12-1980 ، وهو ما سنتطرق له في النقطة التالية.
مطلب ثاني : حالات سقوط الضمانات الحمائية للمكتري.
يتعلق الأمر في هاته الحالات إما بإخلال المكتري بالتزام قانوني منصوص عليه في ظهير 25-12-1980 وقانون الالتزامات والعقود أو مخالفة بند تعاقدي يمنع تولية الكراء للغير.
1- حالة إخلال المكتري بالتزاماته القانونية.
لقد وضع المشرع حدودا للحماية المقررة للمكتري بمقتضى ظهير 25-12-1980 و الذي لم يكتسب بعد الحق في الكراء تفاديا لعدم تعسفه اتجاه المكري ومحاولة منه لضمان نوع من التوازن في علاقة الطرفين حقا والتزاما، وذلك إذا ما تجاوز الحدود المرسومة له بنص القانون، بارتكاب فعل ممنوع قانونا أو الإخلال بالتزام يفرضه القانون، الأمر الذي قد يعفي المكتري ، أحيانا، من سلوك المسطرة المشار إليها أعلاه ودون استحقاق المكتري لأي تعويض.
فقد جاء في نص المادتين 9 و 12 من ظهير 25-12-1980 بأنه يمكن للقاضي وبصفة خاصة تصحيح الإشعار في الأحوال المشار إليها في الفصل 692 من ق ل ع والتي تتعلق بثلاث حالات أولهما إذا استعمل المكتري المحل في غير ما اعد له بحسب طبيعته
أو بمقتضى الاتفاق، وثانيهما إهماله للعين المكراة على نحو يسبب ضررا كثيرا للمكري، وثالثهما إذا لم يؤد الكراء الذي حل اجل أدائه.
وكل حالة من الحالات المذكورة تطرح إشكالات عملية مصدرها احتدام صراع القوة بين طرفي العلاقة الكرائية، فالمكري يريد التخلص من المكتري بأقل تكلفة والمكتري يريد ترسيخ موطئ قدمه بالمحل المكرى سيما اذا كان يمارس التجارة بالمحل ومقبل على اكتساب الحق في الكراء الذي يخوله ضمانات أكثر حصانة له، لذلك يحاول إيجاد مخرج لتورطه في خطأ ارتكبه اتجاه المكري أو اتجاه العين المكراة.
- فبالنسبة لاستعمال المكتري المحل في غير ما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى الاتفاق ، قد يعكس إشكالات عملية تتمثل في تفسير ما هي حدود ما اعد له المحل بحسب طبيعته أو بمقتضى الاتفاق، ذلك انه قد يعد المحل لتجارة معينة كتجارة المواد الغذائية ويقوم المكتري بتغيير نشاطه لتجارة العقاقير فيتقدم المكري ويطالب المكتري بالإفراغ لكون المحل قد استعمل في غير ما اعد له بمقتضى الاتفاق في حين انه لا ضرر للمكري في ذلك، فالقضاء ذهب إلى رفض مثل هذا الطلب استنادا إلى عدم ثبوت الضرر بالنسبة للمكري في مقابل جسامة الضرر الذي قد يلحق بالمكتري إن هو افرغ المحل .
لكنه في الحالة المعاكسة فقد يعمد المكري إلى استغلال المحل المكرى في غير ما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى الاتفاق بشكل يضر بالمكري فقد يكري مالك المحل محله على أساس استعماله كصيدلية ليفاجأ باستعماله مخبزة بما يقتضي ذلك من تغيير في بنيات المحل وما ينتج عن ذلك من أضرار صحية عند استعمال آليات لها تأثير صحي سيما إذا لم يقم المكتري بالاحتياطات التقنية المتمثلة في الحائط العازل للحرارة إذا كان المكري يسكن بجواره أو في الطابق العلوي للمحل المكرى، ففي مثل هاته الحالة يقضي القضاء بالإفراغ استنادا على هذا المقتضى القانوني.
- فبالنسبة لحالة إهمال المكري للعين المكراة على نحو يسبب ضررا كثيرا للمكري طبقا للفصل 12 من ظهير 31-12-1980 التي تحيل على الفصل 692 من ق ل ع، فتتمثل في قيام المكتري- مثلا - بمغادرة المحل وتركه معرضا للإهمال والتآكل بسبب عوامل طبيعية مما قد يفقده قيمته المادية أو التجارية إذا كان محلا معدا للتجارة باندثار عنصر الزبناء وبالتالي السمعة التجارية، ويمكن تصور مسألة الإهمال في صورة ترك المحل دون استغلال لمدة طويلة او عدم القيام بأعمال الصيانة التي يلزم بها المكتري او الاستعمال المفرط للعين المكراة طبقا للفصل من 663 من ق ل ع.
ويصعب تصور إهمال المكتري للعين المراة في صورته الأولى المتمثلة في عدم استغلال المحل، لون الامريقتصر على المدة التي يطبق فيها ظهير 25-12-1980 والتي تقل عن سنتين أو أربع سنوات من عقد الكراء حسب الأحوال، وانه يفترض أن تطول المدة على إهمال العين المكراة حتى تشكل سببا للإفراغ وان كان بالإمكان تصور هذه الحالة عندما يكون العقد شفويا ما دام انه يتم تطبيق مقتضيات الظهير أعلاه حتى حدود أربع سنوات من العقد، ليتم الاحتكام بعد ذلك لمقتضيات ظهير 24-05-1955 والتي تنص على نفس المقتضى حسب ما سنتناوله بمزيد من التدقيق في المبحث الثاني.
ويرجع تقدير وقائع هذا السبب من أسباب الإفراغ في هذه الحالة لاختصاص السلطة التقديرية للقضاء اعتبارا لطبيعة الإهمال وكذا درجة تأثيره على المحل المكرى إما استنادا إلى شهادة الشهود أو شهادة إدارية تعتمد على بحث السلطة الملية أو بالاستعانة بالخبرة لتحديد ذلك.
- بالنسبة لحالة عدم أداء الكراء الذي حل اجل أدائه : فإنها تعتبر أهم حالات المطالبة بالإفراغ المعروضة أمام المحاكم سواء للمحلات التجارية أو المحلات السكنية، لكن الأمر يختلف من حيث مسطرة الإفراغ بين المحلات الأولى والثانية، إلا أننا سنركز على وضعية المحلات السكنية على اعتبار أنها هي موضوع الدرس في هذا المطلب، في حين سنتطرق لحالة المحلات التجارية في المطلب الثاني، هكذا فإذا كان المحل يخضع لظهير السكنى سواء كان تجاريا لم يكتسب الحق في الكراء أو كان سكنيا، فان المشرع أعفى المكري من مسطرة الإنذار المنصوص عليها بالفصل 9 من هذا الظهير، بموجب الفصل 12 التي ينص على انه " يمكن للقاضي وبصفة خاصة تصحيح الإشعار في الأحوال المشار إليها في الفصل 692 من الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 غشت 1913) المتعلق بقانون الالتزامات والعقود وكذا إذا ادخل المكتري تغييرات على المحل أو تخلى عنه أو ولاه لغيره والكل دون موافقة المكرى".
فبمجرد ثبوت التماطل طبقا للفصلين 254 و255 من ق ل ع ، عن طريق طلب توجيه إنذار من اجل أداء الوجيبة يقدم لرئيس المحكمة، ويبلغ للمكتري عن طريق مفوض قضائي مع إمهاله أجلا محددا على الأقل في 15 يوما ، وعدم إثبات المكتري لأدائه لواجبات الكراء أو إيداعها بصندوق المحكمة يكون التماطل ثابتا وتقضي المحكمة بالإفراغ للتماطل الذي ينفذ بالقوة العمومية إذا أصبح الحكم نهائيا ورفض المكتري التنفيذ، في حين أن ضمانات المكتري في هذا الخضم تكون أثر صلابة في ظهير 24-05-1955 كما سنرى.
وقد يتحايل المكري ويقوم بتوجيه الإنذار عن طريق البريد المضمون طبقا للفصل 39 من ق م م لكن الطي يكون فارغا، فالقضاء قد عالج ذلك فألزم المكري بإثبات توصل المكتري بصك الإنذار لا بالظرف البريدي درءا منه للتحايل على مسطرة الإفراغ.
لكن الأمر يكتسي نوعا من التعقيد، بشكل أثر على مواقف القضاء، في الحالة التي يرجع الطي من إدارة البريد بكونه غير مطلوب، هل يمكن اعتباره توصلا وبانصرام اجل 15 يوما يكون المكتري في حالة مطل يبرر إفراغه وفق المسطرة المشار إليها آنفا ؟ في حين أنه قد يكون غائبا أثناء استدعاءه من طرف إدارة البريد لتسلم الطي، ويواجه بالتالي بدعوى قد تهز أركان أصله التجاري( أو محله السكني) دون علم منه والحال انه كان بإمكانه أداء الواجبات الكرائية في الأجل المحدد له وتفادي الإفراغ، أم اعتباره غير متوصل بشكل قانوني وبالتالي لا يمكن اعتباره متماطلا ، ويبقى المكري محروما من واجبات الكراء التي قد تكون المصدر الوحيد لعيشه، و تحت رحمة توصل المكتري الذي قد يتفادى التوصل بالطي من إدارة البريد إذا علم بأنه إنذار له بالأداء لواجبات الكراء ويبقى يساوف في القيام بالتزامه الأصلي بأداء واجبات الكراء ومستفيدا من منافع العين المكراة التي قد تكون مصدر تكوين ثروته.
فبعض القضاء ذهب إلى اللجوء إلى مسطرة تعيين قيم في حق المكتري طبقا للفصل 39 من ق م م للبحث عن المكتري المتغيب والدفاع عنه، وهي مسطرة ناذرا ما تؤت أكلها وإنما تتخذها المحكمة لتجهيز الملف فقط لكونه يتعذر القيام بها وفق الشكل القانوني لاعتبارات موضوعية .
والإشكال الأخر المتعلق بهذه الحالة يتمثل فيما إذا ما بادر المكتري إلى عرض وإيداع مبلغ كراء يقل عن المبلغ المطالب به على أساس انه يكتري بسومة اقل عندما يكون العقد شفويا وبالتالي تكون السومة الكرائية غير ثابتة، فالقضاء ذهب إلى اعتبار الإيداع الجزئي لمبلغ الكراء فانه لا ينفي التماطل تمشيا مع مقتضيات الفصل 254 من ق ل ع، إلا أن المكري قد يستغل هذا الموقف ويقوم بتضخيم السومة الكرائية في الإنذار بشكل تعجيزي لتوريط المكتري في مسطرة الإفراغ ؟ إن الحل القانوني يقتضي من المكتري إيداع كل المبالغ المطلوبة بصندوق المحكمة لتفادي الإفراغ والمبادرة إلى إجراء حجز تحفظي على المبالغ المودعة استنادا إلى مقال ينازع بمقتضاه في المبالغ المطلوبة لكون السومة الكرائية اقل مما يطالبه به المكري والمطالبة باسترجاع المبلغ الزائد بعد إثبات ادعاءاته طبعا.
2- حالة تولية الكراء والتخلي عنه :
لقد منع الفصل 19 من ظهير 25-12-1980 المكتري من التخلي عن كراء العين المكراة أو توليتها للغير ، بتمكين الغير من اعتمارها أكثر من ثلاثة أشهر متتابعة اللهم إلا إذا ثبت ما يخالف ذلك، كيفما كان نوع التخلي أو التولية وذلك خلافا لمقتضيات الفصل 668 من الظهير الشريف المتعلق بالالتزامات والعقود اللهم إلا إذا ورد في عقد الكراء نص مخالف أو وافق المكري على ذلك كتابة، وذلك بخلفية طغيان الطابع الشخصي في العلاقة الكرائية للمحلات السكنية.
وفي حالة عدم منع المكري للمكتري من ذلك فانه يستدعى المكري ليشارك في العقد، حسب الكيفيات المنصوص عليها في الفصول 37 و38 و39 من قانون المسطرة المدنية أو برسالة مضمونة مع الإشعار يخبره بمقتضاها برغبته في التخلي عن الكراء أو توليته للغير، و إذا رفض المكري المشاركة في العقد أو لم يجب داخل ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ توصله بالإشعار يصرف النظر عن رغبته.
و إذا كان ثمن تولية الكراء يفوق وجيبة الكراء الأصلية للجزء الذي وقعت توليته فللمكري الحق في زيادة الوجيبة الأصلية بقدر ذلك، وإذا لم يتم الاتفاق على الزيادة في الكراء أو على شروط التخلي أو التولية فان المحكمة تبت في الأمر بناء على طلب احد الطرفين.
إلا انه إذا اخل المكتري بالالتزام بعدم تولية الكراء أو التخلي عنه خارج الحالات أعلاه فانه من حق المكري إفراغ المكتري الأصلي والمكتري الفرعي الذي يعتبر محتلا بدون سند، لكن مع احترام الشكليات القانونية المنصوص عليها في الباب الأول والثاني من الظهير.
هكذا نكون قد تعرضنا لمجمل الضمانات التي قررها المشرع والعمل القضائي بشأنها، في الحالة التي يكون فيها المكتري لم يكتسب الحق في الكراء التجاري بعد، لعدم انصرام المدة القانونية (سنتين أو أربع سنوات حسب الأحوال) وخضوع العلاقة الكرائية بين المكري والمكتري لمقتضيات ظهير 25-12-1980 الذي يضمن له طوق النجاة من مقتضيات قانون الالتزامات والعقود، فما هي الضمانات المقررة للمكتري في حالة اكتسابه للأصل التجاري وكيف تعامل القضاء مع الإشكالات القانونية بشأنها.
مبحث ثاني : ضمانات حماية المكتري عند اكتساب الحق في الكراء .
فبعدما يكتسب المكتري الحق في الكراء باستيفائه للمدة القانونية بالعقار المكرى الذي يستغل فيه أعمال تجارية ، يكون المكتري قد انتقل إلى بر الأمان الذي يعطيه مزيدا من الضمانات التي تحمي استقراره التجاري وهي ضمانات قد أشير إلى بعضها في المطلب الأول على اعتبار أن كل من ظهير 25-12-1980 المتعلق بالكراء السكني والمهني وظهير 24-05-1955 قد نصا على نفس البنود في بعض الحالات، لكننا سنحاول التطرق لتلك الضمانات والضمانات الأخرى بمنظور مشرع ظهير 24-05-1955 مع معالجتها بنوع من التركيز ارتباطا مع التطبيق القضائي والإشكاليات العملية المترتبة عن ذلك، كما نتطرق لحدود تلك الضمانات فيما يتعلق بإفراغ المحلات التجارية.
مطلب أول- حدود حماية المكتري خلال مسطرة إفراغ المحلات التجارية.
لقد أفرط ظهير الكراء التجاري بخلاف ظهير الكراء السكني والمهني في تعداد الشكليات التي يجب على كل من المكري والمكتري احترامها لضمان حقوقه ، حتى أن ذلك الإفراط يؤدي، أحيانا، إلى ضياع تلك الحقوق لما يفرضه من إلمام دقيق وحنكة في فهم النص القانوني والاطلاع الواسع على الاجتهاد القضائي وعلى الآراء الفقهية، كما قرر ضمانات موضوعية لجبر الضرر الحاصل له من جراء الإفراغ في حدود وحالات معينة.
أولا : الضمانات المسطرية والموضوعية لحماية المكتري عند المطالبة بالإفراغ.
1- الضمانات المسطرية :
أ- الضمانات المتعلقة بنص الإنذار :
لقد عرف الأستاذ محمد الكشبور الإنذار بكونه "عبارة عن تصرف قانوني بإرادة منفردة، يخضع مبدئيا للقواعد التي تحكم التصرفات الانفرادية، وبواسطته يعبر المكري عن إرادته لوضع حد لعقد الكراء" .
وقد اعتمد ظهير 24-05-1955، بخلاف مقتضيات ق ل ع و ظهير 25-12-1980، مسطرة خاصة لإنهاء عقود الإيجار، إذ لا يمكن وضع حد لها إلا بتباع خطوات معينة وفق شكليات خاصة، فبداية يلزم المكري بتوجيه إنذار إلى المكتري وفقا لمسطرة الفصل 39 من ق م م، ومنحه اجل 6 أشهر تبدأ من تاريخ استلام الإنذار وانه لا يعتد بأي اتفاق يخالف المدة المذكورة، كما انه بخلاف القواعد العامة ل ق ل ع فانه لامجال للتجديد التلقائي لعقد الكراء لكون عقد الكراء يستمر بالمشاهرة ولا يتجدد إلا في حالات خاصة ينص عليه العقد أو القانون وفق شكليات معينة سنتطرق لها في حينها.
كما يجب أن يكون الإنذار موقعا من طرف المكري شأنه شأن المذكرات المدلى بها خلال سريان الدعوى طبقا للفصل 32 من ق م م، حتى يعبر عن جديته في طلب الإفراغ وإلا كان الإنذار باطلا ، إلا انه من جهة أخرى فان المشرع لم يحدد لغة الإنذار والذي قد يحرر بلغة غير العربية، فتدخل القضاء وجعل من الإنذار المكتوب باللغة الفرنسية إنذارا صحيحا ومنتجا لأثاره القانونية بعلة أن قانون التعريب في فصله الأول يقصر إجبارية استعمال اللغة العربية على المذكرات فقط وعلى اعتبار أن الإنذار يعتبر وثيقة من وثائق الملف يعبر من خلالها المكري عن رغبته في إنهاء العلاقة الكرائية لا غير، حسب ما جاء في قرار للمجلس الأعلى تحت عدد 778 الصادر بتاريخ 22-10-1980.
ويتم توجيه الإنذار إما برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو طبقا للفصول 37-38-39 من ق م م ، لكنه لقطع الطريق عن أية دفوعات عقيمة، بين المكري الذي قد يدعي انه قد ضمن الظرف البريدي وثيقة الإنذار رغم انه في الواقع قد يرسله فارغا تحايلا على المكتري، أو دفع المكتري بأنه توصل بالغلاف البريدي فارغا رغم انه توصل فعلا بالإنذار بداخله، وصعوبة إثبات ذلك من طرف المكري، وبالتالي تمطيط المساطر القضائية استغلالا لثغرات قانونية، من تم تبقى الوسيلة الناجعة لتفادي ذلك هو توجيه الإنذار بعد استصدار أمر بتوجيهه من رئيس المحكمة طبقا للفصل 148 من ق م م وتبليغه للمكتري طبقا للفصول 37-38-39 من ق م م بواسطة مفوض قضائي الذي يحرر محضرا في الموضوع لا يتم الطعن فيه إلا بالزور ، وفي نظرنا المتواضع فانه حان الوقت ليتدخل المشرع لسد للثغرات التدخل لفرض إلزامية هذه المسطرة للتبليغ.
كما يجب أن يتضمن الإنذار نص الفصل 27 من الظهير والأسباب المبررة للإفراغ وإذا ما توصل المكتري بإنذار لا يتضمن مقتضيات الفصل 27 ولم يبادر إلى رفع دعوى الصلح في ظرف اجل 30 يوما المنصوص عليها في الفصل 27، فان له أجلا مفتوحا لتسجيل دعواه بتجديد العقد من غير أن يحق للمكري الدفع بسقوط الحق لفوات الأجل المذكور، كما انه يتعين أن تحدد أسباب الإفراغ بشكل دقيق حتى يمكن للمكتري المنازعة في صحتها ويمكن للمحكمة مراقبة صحة ادعاء كلا الطرفين، لما قد يترتب على صحة الإنذار شكلا وصحة أسبابه من آثار قانونية قد تمحو أثر الملكية التجارية لصالح الملكية العقارية بإفراغ المكتري من العقار واندثار ما راكمه المكتري من ثروات بأصله التجاري، أو الحصول على تعويض محدد وفق الحالات المنصوص عليها قانونا، إلا أن المشرع المغربي بخلاف الفرنسي لم يرتب جزاء بطلان الإنذار اثر عدم انضباط المكري لهذا المقتضى وإنما رتبت عنه جزاء عدم مواجهة المكتري بأجل السقوط المنصوص عليه بالفصل 30 من الظهير.
ومن جهة أخرى فقد اعتبر القضاء أن سلوك المكتري لمسطرة الصلح يسقط حقه في التمسك بالدفع بان الإنذار لم يتضمن نص الفصل 27 من الظهير ما دام أن الغاية من النص على مقتضيات الفصل المذكور في صلب الإنذار، والمتمثلة في اخبار المكتري باجل 30 يوما للمنازعة في أسباب الإنذار، قد تحققت فعلا بتقديمه لدعواه، كما جاء في قرار للمجلس الأعلى عدد 837 بتاريخ 02-07-2003 ملف مدني عدد 852/2002 .
كما استوجب المشرع أن يتضمن الإنذار الأسباب التي يستند عليها المكري للمطالبة بالإفراغ حتى يتأتى للمحكمة التأكد من شرعيتها وحفظ حقوق المكتري في البقاء في المحل او تمكينه من التعويض المستحق له.
لكن القضاء اختلف في تحديد آثار عدم تسبيب الإنذار أو عدم جدية الأسباب الواردة فيه، فمنه من اتجه إلى اعتبار ذلك سببا لإبطال الإنذار ومنه من اعتبره مبررا لمنح التعويض الكامل للمكتري وفقا للفصل 10 من الظهير وقد انتهى قضاء المجلس الأعلى إلى مسايرة الطرح الثاني فقد جاء في قرار المجلس الأعلى عدد 1190 بتاريخ 28-7-1999 في الملف التجاري عدد 884/98 بأنه إن كان السبب المعتمد في الإنذار غير صحيح فان ذلك لا يؤدي إلى الحكم بإبطاله وإنما إلى منح المكتري تعويضا كاملا عن الإفراغ
لكن هذا التوجه تعترضه عدة اكراهات منها ما هو قانوني ومنها ما يرتبط بفلسفة ظهير الكراء التجاري، فمن الناحية القانونية فانه لا يوجد نص قانوني بظهير الكراء التجاري يعطي للمحكمة الحق في الحكم بالتعويض الكامل للمكتري عند بطلان الإنذار وفي المقابل فانه للمحكمة إثارة بطلان الإنذار تلقائيا ما دام أن إثارة البطلان هو من صميم النظام العام ولا تتقيد المحكمة بدفوع الأطراف لإثارته، كما انه لا يمكن للمحكمة أن تغيير موضوع الدعوى وفرض التعويض الكامل على المكري في حين أن إرادته اتجهت إلى توجيه إنذار للمكتري بناءا على سبب إذا ما أقرته المحكمة فانه يعفى من أداء التعويض الكامل أو أداء تعويض جزئي فقط، واعتبارا لفلسفة مشرع ظهير الكراء التجاري فان هذا الظهير سن لحماية المكتري وضمان استمرار العلاقة الكرائية وبالتالي الدورة الاقتصادية، وبذلك فمسايرة موقف المجلس الأعلى سيؤدي إلى قلب المعادلة لصالح المكري وإنهاء عقود الكراء التجاري التي هي أساس تأسيس الأصول التجارية خاصة في عصر الأثمان الباهضة للعقار التي يصعب معها تملك عقارات بالشكل المناسب لإقامة مشاريع اقتصادية، واعتبارا للسياسة العامة للبلاد الرامية إلى تشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة.
ب-الضمانات خلال مسطرة إجراء الصلح :
يتعين على المكتري لضمان حقوقه عندما يتوصل بالإنذار القانوني أن يبادر إلى تقديم طلب تجديـد عقــد الإيجار تطبيقـا للفصل 27 من الظهيــر الذي ينص انه على المكتري الذي ينازع في صحة أسباب الإفراغ الواردة بالإنذار أو في رفض المكري تجديد عقدة الكراء أو المطالبة بالتعويضات المقررة له قانونا أو لرفضه شروط تجديد العقد المقترحة من طرف المكري، أن يرفع النازلة إلى رئيس المحكمة الابتدائية للمكان الموجود فيه الملك، وذلك في ظرف اجل 30 يوما تحسب من يوم توصله بالإعلام المطالب فيه بالإفراغ ، ليقوم رئيس المحكمة بمحاولة التوفيق بين الطرفين بعد استدعائهما وإجراء جلسة صلح حضوريا، وإذا ما تخلف المكتري عن حضور جلسة الصلح فانه يعتبر كأنه تنازل عن طلب تجديد العقد وبالتالي يحرم من حماية ظهير 24-05-1955 وهو ما توجه إليه المجلس الأعلى ، ومن رائينا انه كان يتعين تفسير سكوت المشرع عن ترتيب جزاء عن تخلف المكتري للصلح بأنه يقبل الشروط الجديدة المقترحة من طرف المكري اعتبارا للطابع الحمائي لظهير الكراء التجاري للمكتري واعتبارا للضمانات الهشة التي تخولها مسطرة التبليغ طبقا للفصول 27-08-39 من ق م م والتي لا تلزم بالتبليغ للمكتري شخصيا ، وتفاديا للثغرات المتعلقة بالتبليغ بالبريد المضمون كما تمت الإشارة لذلك.
بينما اذا تخلف المكري عن الحضور فانه يعتبر موافقة منه لتجديد عقد الايجار.
لكن اذا حضر الطرفان وفشلت محاولة الصلح يصدر رئيس المحكمة، باعتباره قاضي للصلح وليس محكمة موضوع قرارا بفشل محاولة الصلح ، والذي يبلغ للمكتري بطلب من المكري ويبقى له اجل 30 يوما لتقديم دعواه في الموضوع أمام المحكمة، ويترتب عن عدم احترام اجل 30 يوما من طرف المكتري سقوط حقه على اعتبار انه في حكم المتنازل عن تجديد العقدة، ويعتبر تواجده بالمحل حينئذ احتلالا بدون سند قانوني، أو انه عدل عن المطالبة بالتعويض المترتب عن الإفراغ او انه قابل بالشروط المقترحة عليه لإبرام عقد جديد اذا كان المكري يوافق على التجديد بشروط معينة.
2- الضمانات الموضوعية المتعلقة بسبب الإفراغ :
تتمثل هذه الضمانات عموما في حق المكتري بالحصول على تعويض يختلف باختلاف سبب الافراغ الذي تقره المحكمة عند ثبوته، فقد يكون التعويض جزئيا او كاملا.
فبعد فشل محاولة الصلح بين المكري و المكتري كما أوضحنا سالفا فانه للمكتري التقدم بدعوى في الموضوع لأجل المطالبة بالتعويض لدى المحكمة الابتدائية لموقع العقار المكرى خلال اجل 30 يوما طبقا للفصل 32، وفي حالات استحقاق التعويض للمكتري فانه لا يمكن إفراغه إلا بعد إثبات أداءه التعويض المستحق له مناولة أو بإيداعه بصندوق المحكمة، هذا التعويض الذي يحدد إما استنادا إلى السومة الكرائية في حالة التعويض الجزئي أو بواسطة خبرة في حالة التعويض الكامل .
أ – حالة استحقاق المكتري للتعويض الكامل :
فطبقا للفصل للفصل 10 من الظهير يستحق المكتري تعويضا كاملا عن إفراغ المحل المكرى يوازي قيمة الاسم التجاري ما لم يثبت المكري أن الضرر أقل من ذلك، إذا ما تبين أن سبب الإفراغ بالإنذار غير صحيح أو أن الإنذار لا يتضمن أي سبب، هكذا فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى عدد 2362 بتاريخ 09-10-1985 " وحيث انه حقا فما دام أن الطاعن بصفته مالكا للمحل الذي رفض تجديد كرائه للمطعون ضده أبدى استعداده لأدائه لهذا الأخير التعويض الكامل عن الضرر الذي يسبب فيه إفراغه للمحل المكترى طبقا للفصل العاشر من ظهير 24-ماي-1955 فلم يكن هناك محل لمناقشة سبب الرفض الذي ليس من الأسباب التي تنص عليها الفصول 11-12-16 والتي هي وحدها الممكن المنازعة فيها من طرف المكتري لكونها قد تحرمه من التعويض كاملا أو جزئيا"، لكنه قد يثار الإشكال إذا كان الأصل التجاري قد اندثر فأي تعويض كامل يستحق للمكتري في حين أن أساس تقديره قد اندثر؟ فقد قضى المجلس الأعلى في نازلة تتعلق بالإشكال المطروح في قراره عدد 441 بتاريخ 15-02-1989 " وحيث أن التعويض عن رفض تجديد العقد رهين بوجود عناصر الأصل التجاري التي تتأثر بالإفراغ وان المحكمة لما قضت للمكتري بالتعويض عن رفض تجديد العقد استنادا إلى العلل المشار إليها أعلاه المتسمة بالعموميات دون أن تناقش وتجيب عن الدفع الخاص بأن المكتري لم يعد يمارس أي نشاط تجاري بالعين المكراة وانه يكتفي بقبضه الأكرية عن الدكاكين التي يمارس فيها أصحابها أنشطة تجارية مختلفة يكون قضاؤها ناقص التعليل ينزل منزلة انعدامه مما يعرض قرارها للنقض".
ويرجع تقدير التعويض للمحكمة استنادا إلى سلطتها التقديرية ، لكنه غالبا ما يتم الحكم وفق ما تنتهي إليه الخبرة المنجزة في الموضوع بناءا على أمر المحكمة طبقا للفصول من 59 إلى 63 من ق م م وان كانت هذه الخبرة غير ملزمة بشكل تام للمحكمة التي يمكنها المصادقة عليها جزئيا إذا ما تبين لها بعد البحث مع الخبير إن اقتضى الحال عدم الأخذ بها في مجملها، في هذا الصدد قضى المجلس الأعلى في قراره عدد 476 بتاريخ 28-02-1990 " لكن حيث ان مبلغ التعويض المحكوم به عن إفراغ الطاعن للمحل موضوع النزاع يخضع لتقدير المحكمة التي استندت في تحديده الى العناصر التي تضمنها محضر الخبرة التي أمرت بها المحكمة والتي أفادتها بما مكنها من تحديد التعويض عن الضرر في المبلغ المحكوم به وسلطة المحكمة في هذا الخصوص لا تخضع لمراقبة المجلس الأعلى .
ونشير انه يمكن للطرفين الاتفاق على التعويض عن الإفراغ بإرادتهما خارج مقتضيات الفصل 10 من الظهير وتكتفي المحكمة بالتصريح بالتعويض المتفق عليه .
ب – التعويض الجزئي في حالة الهدم لإعادة البناء.
إن الفصل 12 من ظهير 24 ماي1955 ينص على أن لصاحب الملك الحق في رفض تجديد العقدة لكونه يريد هدم الملك وإعادة بنائه بعد حصوله على شهادة إدارية من المجلس الجماعي الذي يقرر في ذلك بناء على تقرير من الجنة التقنية المعنية بالأمر، شريطة أدائه للمكري تعويضا قدره قيمة كراء ثلاث سنوات حسب آخر سومة كرائية، ويكون المكتري ملزما بإعادة البناء وعدم احترامه لهذا الالتزام يترتب عنه أداء التعويض عن الضرر الحاصل له، إلا انه للمكتري الحق في الاستمرار بالمحل إلى حين الشروع في عملية الهدم، ويتمثل الشروع في عملية الهدم في تهيئ ورشة البناء بعد موافقة السلطة المحلية المختصة ، يبقى للمكتري الحق في الالتجاء إلى محكمة الموضوع قصد تحديد التعويضات المحتملة في حالة وقوع تدليس من طرف المالك وذلك طبقا للفصل 20 .
ونشير إلى الضمانة المخولة للمكتري والمتمثلة في حقه في الرجوع للمحل المكرى بعد إعادة بنائه، وفق مسطرة خاصة تتمثل في قيام المكتري بتوجيه إنذارا بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو بواسطة كتابة الضبط طبقا للفصول 37-38-39 من قانون المسطرة المدنية في ظرف 3 أشهر ابتداء من مغادرته للمحل يعبر فيه عن رغبته في الاستفادة بحق الأسبقية مع تحديد عنوانه لكي يراسله المالك عند نهاية الأشغال لكونه ملزم قانونا بهذا الإخبار ليعرض عليه إيجار البناء بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع الإشعار بالتوصل، أو بواسطة كتابة الضبط و ويمنحه اجل 3 أشهر للإفصاح عن نيته في اكتراء المحل الجديد ، وموقف المكتري المفرغ لا يخرج عن ثلاث فرضيات:
أولها : الرد على الإنذار بالقبول وبالتالي عقد جديد وفق شروط جديدة.
ثانيهما : رده على الانذار برفض الشروط الجديدة وتمسكه بحق الأسبقية في الرجوع للمحل ومن تم تبقى إمكانية اللجوء إلى قاضي الصلح لإجراء محاولة الصلح بينهما خلال اجل 30 يوما ابتداء من تاريخ توصله بالإشعار من المالك، وان رئيس المحكمة يقرر في الشروط الجديدة بقرار يقبل طرق الطعن.
ثالثا : سكوت المكري عن الجواب وعدم تقدمه بصلب إجراء الصلح في الأجل القانوني
يكون معه في حكم المتنازل عن حقه في الرجوع للمحل.
و إذا أخل المالك بالضمانات المقررة للمكتري المفرغ فانه يكون مسئولا مدنيا عن الضرر الحاصل له، ويبقى للمحكمة تقدير التعويض عن ذلك الضرر، ولا يتقادم حقه هذا إلا بمرور سنتين من علمه بانتهاء عملية البناء وتقاعسه عن المطالبة بالتعويض، لكن
هذه الضمانات المقررة لحماية المكتري قد تفرغ من محتواها إذا قرر المالك بناء المحل في شكل لا يصلح معه للتجارة لكونه غير ملزم بإعادة البناء على الشكل الذي كان عليه قبل الهدم أو في شكل يصلح معه لممارسة التجارة التي كان يمارسها المكتري قبل الهدم ، ذلك أن اغلب الملاك يقومون بإعادة بناء المحلات في شكل عمارات سكنية، وهو واقع حال المدينة الجديدة بمكناس إذ أصبح ملاك المحلات العقارية القديمة التي كانت في شكل قيلات مكراة لبعض أنواع من التجارة والحرف ( مستودعات للبضائع، محلات إصلاح السيارات وبيع قطع الغيار ... الخ ) ، يتهافتون من اجل استصدار أحكام بالإفراغ من اجل الهدم وإعادة البناء، من اجل بناء عمارات سكنية بعدما رخصت السلطات المختصة بالتعمير بهذا النوع من البناء مما مكنهم من جني أرباح هامة في مقابل التعويض الضئيل الذي يمنح للمكترين المحكوم بإفراغهم في حين أن بعضهم قضى سنين طويلة بالمحل المكرى قد تفوق الأربعين سنة، وهو واقع يقتضي تدخل المشرع لتجاوز هذه المفارقة بتقرير بتعويض المكتري المفرغ بشكل يتناسب وحجم الضرر الفعلي اللاحق به والربح الهام الذي يجنيه المالك من إفراغه.
وقد أشار مشرع ظهير 24-05-1955 إلى حالة أخرى من الإفراغ ذات طبيعة خاصة تتمثل في رفع بنايات الملك وهو افراغ مؤقت لسنتين كحد اقصى، يحق للمكتري الرجوع بعدها للمحل مع تعويضه بتعويض يعادل قيمة الكراء لسنتين مع بقاءه في المحل إلى حين البدء في أعمال التعلية طبقا للفصل 15 من الظهير.
ج- التعويض الجزئي عن الإفراغ للاحتياج للسكنى.
لقد قرر المشرع في الفصل 16 من الظهير وتقديرا منه للقيمة الاجتماعية للملكية العقارية حق المالك في إفراغ المكتري، مقابل أداء تعويض يتمثل في قيمة كراء خمس سنوات وفق شروط محدد كالتالي :
- أن يكون الإفراغ يرمي إلى استرجاع المحل لسكنى المالك أو زوجته أو والديه أو احد
منهما، أو أولاده أو والد زوجته، أو أولاد زوجته.
- يجب ألا يتوفر أي من الأشخاص المذكورين على سكنى تكفي لاحتياجه العادي، و أن المحكمة هي التي ستقدر هذا الاحتياج، وتجدر الإشارة إلى الإشكالات العملية للإثبات في هذه الحالة عندما يدفع المكتري بتوفر الشخص المعني من الأشخاص المذكورين على محل للسكنى كاف لاحتياجه العادي وملابسات تقدير هذا الاحتياج كما تمت الإشارة إلى ذلك في المطلب الأول .
- يجب أن يكون الإفراغ للسكنى موافقا للاستغلال العادي للمكان.
- أن تكون ملائمة المحل ليصبح صالحا للسكنى سيتم في شكل تحسينات في شكل تحسينات وإصلاحات لا في شكل بناء، وان المحكمة هي التي ستقدر طبيعة هذه الإصلاحات.
- مرور ثلاث سنوات على تملك المالك للمحل ليحق له المطالبة بالإفراغ لهذا السبب.
- استعمال المحل لسكنى المستفيد من هذا الإفراغ شخصيا وفعليا.
وان كل أخلال من المالك بهذا الشرط الأخير يشكل تدليسا للمكتري الذي حرم من الاستفادة من العين المكراة لسبب غير قانوني، يستحق التعويض عن الضرر الناتج عنه كما يجب على المستفيد شغل السكنى لمدة ست سنوات بعد الإفراغ بستة أشهر وعدم بيع أو إيجار المحل للغير بعد إفراغ المكتري، مالم يثبت المالك انه تعذر عليه الالتزام بالشروط المذكورة لأسباب تخرج عن إرادته يرجع الحسم فيها لمحكمة الموضوع كانتقال من مدينة لأخرى تطبيقا لمقتضيات الوظيفة العمومية او لمرض او انتقال لإجراء أبحاث علمية في بلد أجنبي مثلا.
وتجدر الإشارة الى مبدأ فريد أورده الفصل 30 من ظهير 24-05-1955 والمتعلق "بحق التوبة" والذي مفاده انه للمكري لتفادي أداء التعويضات المحكوم عليه بأدائها للمكتري، ان يتراجع عن رفضه تجديد عقد الكراء وعن طلب الافراغ، بشرط أداءه صائر الدعوى والموافقة على تجديد عقد الكراء، شريطة اشعار المكتري بذلك في اجل 30 يوما من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا ، على أن لا يثبت المكتري قد قام باكتراء أو اقتناء محل غير المحل موضوع الدعوى، فقد قضت محكمة الاستئناف التجارية بمراكش في قرارها عدد 242 بتاريخ 14-02-2008 ملف رقم 1269 على انه من الشروط الأساسية لممارسة حق التوبة الإعلان الصريح للمكري عن موافقته على قبول تجديد العقد، و يتعين أن يكون عرض التجديد الذي يقدمه في هذه الإطار عرضا جديا و نهائيا غير قابل للتراجع عنه مهما كانت الأعذار و المبررات. في حالة قبول التوبة و تجديد العقد بناء على ذلك و اختلاف الطرفين حول الشروط الجديدة، يوكل أمر تحديد هذه الشروط للمحكمة التي تبت وفق أحكام الفصل 30 من ظهير24-05-1955.
ثانيا – حالات سقوط الضمانات المقررة للمكتري.
فمبدئيا فان المشرع اقر للمكتري بالضمانات أعلاه مراعاة للاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية للمكتري باعتباره صاحب ملكية تجارية، لكن الأمر لا يبقى على إطلاقه، لأنه إلى جانب الملكية التجارية للمكتري هناك ملكية عقارية أصيلة للمكري يتعين حفظ قدسيتها الدستورية ومراعاة حقوق صاحبها الذي جازف بكرائها وبالتالي يعتبر مساهم غير مباشر في تأسيس الأصل التجاري وتحريك الدورة الاقتصادية وإنتاج الثروة.
لذلك نص الفصل 11 من الظهير على أسباب موضوعية تتعلق بالعين المكراة وأسباب شخصية ترجع لشخص المكتري بتحققها يحق للمكري إفراغ المكتري دون إلزامه بأي تعويض.
1- أسباب الإفراغ التي ترجع لشخص المكتري :
أ - حالة إخلال المكتري بالتزام قانوني أو عقدي :
لقد طرحت أمام القضاء عدة دفوعات تتعلق بمدى اعتبار الحالات المنصوص عليها بالفصل 692 من ق ل ع تدخل ضمن السبب الخطير المنصوص عليه بالفصل 11 من ظهير 24-05-1955 أم لا أم أن للمكري الخيار بين سلوك المسطرة النصوص عليها ب ق ل ع أم مسطرة ظهير 24-05-1955؟ ولتقريب الصورة من الأذهان نورد نص الفصل 692 من ق ل ع الذي الذي جاء فيه " للمكري فسخ عقد الكراء مع حفظ حقه في التعويض إن اقتضى الأمر :
- إذا استعمل المكتري الشيء المكترى في غير ما اعد له بحسب طبيعته او بمقتضى الاتفاق.
- : إذا أهمل الشيء المكترى على نحو يسبب له ضررا كثيرا.
- : اذا لم يؤد الكراء الذي حل اجل ادائه".
في حين ينص الفصل 26 من ظهير 24-05-1955 على أن " كل بند يدرج في العقدة وينص على فسخها بموجب الحق إذا لم يؤد ثمن الكراء عند حلول التواريخ المتفق عليها لا يكون ساري المفعول الا بعد 15 يوما تمضي على تاريخ إنذار يوجه للمكتري ويبقى بدون جواب ... " .
و ينص الفصل 6 من ظهير 24-05-1955 على انه " لا ينتهي العمل بعقود كراء الأماكن الخاضعة لمقتضيات هذا الظهير إلا إذا وجه للمكتري طلب بالإفراغ قبل انقضاء العقدة بستة اشهر على الاقل وذلك دون التفات الى أي شرط تعاقدي مخالف لما ذكر وحيادا عن الفصول 687 و 688 و 689 من الظهير الشريف الصادر في 12 غشت 1913 المعتبر بمثابة قانون للالتزامات والعقود ".
فإذا قاربنا مقتضيات الفصول المذكورة فانه لا يمكن إيراد أي شرط بالعقد من شأنه أن يحرم المكتري من الضمانات المقررة بظهير 24-05-1955 وانه لا يمكن اعتبار حالات الفصل 692 من ق ل ع كحالات للإفراغ تدخل في نطاق البنذ الأول من الفصل 11 من ظهير الكراء التجاري على اعتبار أن نص الفصل 6 من الظهير لم تخصها بالذكر رغم إحالته على مقتضيات الفصول 687-688-689 من ق ل ع، كما أن حالة التماطل في أداء الكراء كسبب للإفراغ قد أوردها مشرع ظهير 24-05-1955 بشكل خاص و أحاطها بضمانات خاصة بالفصل 26 الذي قيد الإفراغ لهذا السبب بالنص على ذلك بالعقد، في حين أن الفصل 692 من ق ل ع جاء عاما، و انه لو كانت إرادة المشرع تتجه إلى اعتبار حالات الفصل 692 من ق ل ع تدخل ضمن نطاق البند الأول من الفصل 11 من الظهير لتمت الإحالة مباشرة على الفصل المذكور كما فعل ظهير 25-12-1980 المتعلق بالسكنى والاستعمال المهني في فصليه 9 و 12 بمقتضى تعديله بمقتضى قانون 99-64.
لكن قضاء الموضوع تضارب في أحكامه بهذا الشأن بتعليلات مختلفة، فقد جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 1516 بتاريخ 08-10-1985 " من حيث انه من المقرر فقها وقضاءا جواز سلوك المكري دعوى فسخ عقد الإيجار الذي يربطه مع مكتري محل معد للتجارة طبقا للقواعد العامة دون سلوك مسطرة ظهير 24-05-1955 عند إخلال المكتري بالتزاماته العقدية أثناء سريان العقد. ومن حيث ان المجلس الاعلى أكد هذا المبدأ في عدة قرارات لا حاجة للتذكير بها" .
في حين ان المجلس الاعلى في وقت لاحق سار على العكس من ذلك إذ اعتبر أن ظهير 24-05-1955 هو الواجب التطبيق كلما تعلق الأمر بافراغ المحلات المعدة للاستعمال التجاري، فقد جاء في قرار له بغرفتين مجتمعتين بتاريخ 18-03-1992 " ان محكمة الموضوع التي ثبت لها أن محل النزاع معد للتجارة ورغم تمسك المكتري بأنه تشمله حماية ظهير 24-05-1955 أخضعت طلب انهاء عقد الكراء الرابط بين الطرفين للمقتضيات العامة موضوع الفصل 692 من ق ل ع بعلة أن للمكري الخيار في إتباع المسطرة المتعلقة بالفصل المذكور او مسطرة ظهير 24-05-1955 دون مراعاتها مقتضيات هذا الظهير الواجبة التطبيق باعتبار مسطرتها خاصة مقدمة في التطبيق على مسطرة المقتضيات العامة ومقيدة لها ولتعارضهما في المسطرة والنتائج، ولكون حالات الفصل 692 من ق ل ع الواردة بالمقتضيات العامة مندرجة في الفصل الحادي عشر من ظهير 24-05-1955 تكون قد خرقت مقتضيات الفصل السادس من الظهير المذكور وعرضت قرارها للنقض " وهو ما كرسه المجلس في قراره عدد 1026 بتاريخ 15-04-1992 بنفس التعليل، وقد استقر اجتهاد المجلس الأعلى في قراراته اللاحقة، لكن بعض قضاء الموضوع استمر في اعتماد حق المكري في الخيار بين المسطرتين ، وهو ما دفع المجلس الأعلى إلى إصدار توصية بموجب مجلس الرؤساء (مجموع رؤساء الغرف بالمجلس الأعلى) تكرس التوجه الحمائي للمحلات المعدة للتجارة والذي اوجب التقييد بقرار الغرفتين أعلاه .
هكذا يكون المشرع قد افرد مقتضى خاص لحالة السبب الخطير الموجب للإفراغ حسب البنذ الأول من الفصل 11 الذي ينص على انه يحق للمكري رفض تجديد العقد دون الزامه بتعويض المكتري اذا اثبت ارتكاب المكتري سببا خطيرا ومشروعا، وهي صياغة فضفاضة وغير دقيقة باعتبار الترجمة غير السليمة لنص الظهير فكيف يكون السبب خطيرا ومشروعا في نفس الوقت، فالمفروض ان كون السبب الخطير غير مشروع لا مشروع، وعلى فرض ان نية المشرع اتجهت لهذا القصد الأخير فان أي فعل يعتبره المكري خطير في نظره قد يؤدي الى افراغ المكتري، وهي امكانية أتاحت لاصحاب المحلات فرصة إفراغ المكترين الذين قد يزيغون عن العمل التجاري الى العمل غير المشروع كالاتجار المخدرات بالمحل او إقلاق راحة الجيران باستعمال المحل للدعارة، اهمال العين المكراة ... الخ.
وقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية الى حد اعتبار ضرب او سب وشتم المكري سببا خطيرا يخول الافراغ.
كما ان القضاء المغربي اعتبر قيام المكتري بتغييرات بالمحل من غير اذن المكري سببا لإفراغه بدون تعويض اذا كانت تشكل سببا خطيرا ، لكنه تشدد في اعمال هذا المقتضى وربط ذلك بحصول ضرر معتبر للمكري كما لو قام المكتري بانجاز تغييرات في اسس المحل المكرى بشكل جوهري أدت الى تغيير معالم المحل كهدم الجدران واشراك المحلات فيما بينها بعد الاستعانة بخبرة لذوي الاختصاص، وهو ما اكده المجلس الاعلى الاعلى في قراره عدد 153 بتاريخ 04-02-2004 ملف عدد 300/2002 .
ب- حالة تولية الكراء للغير او التخلي عنه :
نص الفصل 22 من الظهير على إمكانية مطالبته المكري للمكتري بالإفراغ عند اخلال هذا الاخير بمقتضى قانوني يمنع تولية الكراء كما هو الشأن في ظهير 25-12-1980 المتعلق بالكراء السكني والمهني، وذلك ما لم يتم الاتفاق على غير ذلك او وافق المكري على التولية خلال 30 يوما من اعلامه من طرف المكتري برغبته في تولية الكراء برسالة مضمونة طبقا للفصول 37-38-39 من ق م م .
وبموافقة المكري على التولية يجب عليه الانضمام الى العقد الثاني المتعلق بالتولية وله الزام المكتري بتمكينه من مبلغ الزيادة في سومة الكراء اذا اكرى هذا الاخير المحل بسومة اكثر، واذا وافق المالك على مبدأ التولية وعارض في شروط العقد يتم رفع الامر الى رئيس المحكمة باعتباره قاضي الصلح للبت في الامر وفقا للفصل 30 من الظهير.
وقد نبه الاستاذ محمد الكشبور الى ضرورة التمييز بين التولية ( الكراء من تحت اليد) والذي اشار له الفصل 22 من الظهير والتخلي الذي تمت الاشارة اليه بالفصول 36-37-38 من الظهير ، ذلك ان التولية هو قيام المكتري الاصلي بكراء العين المكراة للمكتري الفرعي ليظهر عقد كراء فرعي ونكون بذلك امام ثلاثة اطراف مكري ومكتري اصلي ومكتري فرعي وان منع التولية يرمي اساسا الى حماية المكري، في حين ان التخلي هو تنازل المكتري الاصلي عن حقه - بمقتضى تصرف ناقل للملكية – وبالتالي خروجه من العلاقة الكرائية بصفة نهائية وحلول من تخلى له مكانه في هذه العلاقة الكرائية وهو يرمي الى حماية استمرار حياة الاصل التجاري وتداوله بما فيه الحق في الكراء الذي هو صلب هذه العملية ذلك ان المشرع منع أي شرط من شأنه التضييق على المكتري في ممارسة حقه في بيع الاصل التجاري بما فيه الحق في الكراء اذ نص في الفصل 37 من الظهير على انه " تكون باطلة ايضا كيفما كانت طبيعتها اذا كان المقصود منها منع المكتري المتوفرة فيه الشروط المأمور بها في الفصل الخامس اعلاه من التخلي عن عقد الكراء لمن اقتنى منه اسمه التجاري أو مؤسسته" وهو مقتضى من النظام العام يمنع على المكري تقييده ببنود العقد.
لكن وان كان المشرع يحمي حق مالك الحق في الكراء الذي هو مالك للاصل التجاري في التخلي عن هذا الحق للغير اعتبارا لمنطق تجاري اقتصادي بحث، فانه اخضع هذه العملية لتقنية قانونية تكتسي على بساطتها اثار قانونية هامة قلبت موقف القضاء على مستوى اعلى هيئة قضائية، تلك التقنية هي المنصوص عليها بالفصل 195 من ق ل ع المتعلقة بحوالة الحق، فالمكتري مالك الحق في الكراء اذا حول هذا الحق بالتخلي للغير، فان هذا الغير ملزم باعلام صاحب المحل المكرى (صاحب العقار) باعتبار انهما اصبحا طرفا العلاقة الكرائية دون المكتري الذي فوت الأصل التجاري بما في ذلك الحق في الكراء ، وعدم اعلامه يترتب عليه بالمنطق القانوني الصرف والمجرد اعتبار المحال له (مشتري الاصل التجاري) محتلا بدون سند وامكن افراغه بدون ضمانات وهو ما قرره ، في مرحلة اولى، قضاء الموضوع وقضاء المجلس الاعلى فقد جاء في قرار للمجلس الاعلى الصادر بتاريخ 14-11-1984 " ان التنازل عن الكراء ، حسبما يقضي به الفصل 673 من ق ل ع القواعد المقررة في حوالة الحقوق ، وانه طبقا للفصل 195 من نفس القانون فان الحق لا ينتقل للمحال له الا اذا تم تبليغ الحوالة الى هذا الاخير تبليغا رسميا او قبلها في محرر ثابت التاريخ ..."، لكنه مافتئ ان تم التراجع عن هذا الاتجاه لما له من آثار وخيمة على الملكية التجارية واستقر قضاء المجلس الاعلى على اعتبار انه وان كانت حوالة الحق لا تنفذ تجاه المحال عليه الا بعد اعلامه بها او قبوله لها فان المشرع لم يضع جزاء لعدم الاعلام من جهة ولم يحدد اجلا للاعلام من جهة اخرى وانه والحالة هذه فان اعلام مشتري الاصل التجاري للمالك بشراء الاصل التجاري ولو اثناء سريان الدعوى كاف لترتيب آثاره وهو ما قرره في قراره عدد 1279 الصادر بتاريخ 16-10-2002 " ، وهو منطق قانوني يوافق ما قررته الفصول 36-37-38 من ظهير 24-05-1955 من حصانة لحق الكراء في حذ ذاته من جهة وحق المكتري في التخلي عنه من جهة اخرى.
2 – اسباب الافراغ التي ترجع لحالة المحل المكرى :
أ - حالة عدم صلاحية المحل للسكنى لانعدام شروط السلامة فيه :
لقد نص الفصل 11 في بنذه الثاني على حق المكري إفراغ المكتري دون تعويض إذا اثبت ان المحل اصبح يشكل خطرا على المكتري او الجيران او المارة مراعاة من المشرع للصحة العامة والسلامة، ففي هذه الحالة يختص قاضي المستعجلات بالافراغ اذا كان سبب الافراغ يكتسي طبيعة الاستعجال كتداعي المحل للسقوط ، لانه يتعين هدم المحل كليا او جزئيا وذلك بشهادة ادارية من السلطة المحلية بناءا على معاينة اللجنة التقنية او الصحية تقضي بخطورة المحل وضرورة هدمه واعادة بناءه، لكنه للمكتري المنازعة في صحة الشهادة المذكورة ويبقى للمحكمة تقدير صحة دفوعات كلا الطرفين والامر باجراء خبرة للتحقق من ذلك، ويبقى للمكتري حق الرجوع إلى المحل في حالة إعادة بنائه من جديد بشكل يصلح فيه للتجارة طبقا للشروط المنصوص عليها في الفصلين 13 و 14 كما تمت الإشارة الى ذلك، فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى عدد 2175 بتاريخ 30-10-1989 " لكن حيث ان القرار المطعون فيه حين قضى على الطاعن بإفراغ المحل الذي يشغله بالعمارة انما استند على ما انكشف له من قيام عنصر الاستعجال المتمثل في الخطر الداهم الناجم عن انهيارها المرتقب بسبب تلاشي بنائها دون المساس بما قد تكون للطالب من حقوق تضمنها أحكام ظهير 24-05-1955 مما يجعل الوسيلة غير جديرة بالاعتبار .
ب - حالة اندثار المحل او عدم صلاحيته للاستعمال بسبب القوة القاهرة :
فقد نص الفصل 659 من ق ل ع على حالة اخرى من اسباب الافراغ دون تعويض وهي حالة القوة القاهرة التي تمنع من استغلال المحل المكرى، وذلك عندما يصبح غير صالح اثر تعيبه الجزئي او الكلي دون خطأ من احد المتعاقدين ، ذلك ان عقد الكراء ينفسخ من غير ان يكون لأي من طرفي الدعوى على الاخر أي حق في التعويض .
مطلب ثاني : حماية الحق في الكراء بمقتضى مدونة التجارة وقانون المحاكم التجارية.
لقد تضمنت مدونة التجارة مقتضيات قانونية قد تكمل المظاهر الحمائية لحق الكراء التجاري بمقتضى ظهير 24-05-1955 وقد تتعارض معها، وقد كشف القضاء في غير ما مرة على الصعوبات والاشكالات العملية بهذا الشأن، وهي تلك المقتضيات المتعلقة بدعوى الفسخ طبقا للمادة 112 من مدونة التجارة والمقتضيات المتعلقة بصعوبات المقاولة في الباب الخامس من نفس المدونة، كما ان انشاء المحاكم التجارية قد خلق اشكالات قانونية في تحديد المحكمة المختصة للبت في النزاع المتعلق بالحق في الكراء.
اولا : حماية الحق في الكراء بمقتضى مدونة التجارة :
1 - حماية الحق في الكراء عن تقديم دعوى الفسخ .
تنص المادة 112 من مدونة التجارة " على انه اذا اقام المالك دعوى بفسخ كراء العقار الذي يستغل فيه أصل تجاري مثقل بتقييدات ، وجب عليه ان يبلغ طلبه الى الدائنين المقيدين سابقا، في الموطن المختار المعين في تقييد كل منهم ولا يصدر الحكم الا بعد ثلاثين يوما من هذا التبليغ.
لا يصبح الفسخ الرضائي للكراء نهائيا الا بعد ثلاثين يوما من تاريخ تبليغ الدائنين المقيدين في الموطن المختار لكل منهم" .
فغاية المشرع من سن هذا المقتضى ترمي الى حماية الكراء التجارية وبالتالي الاصل التجاري من سلطة المكري المسلطة على المكتري المخل بالتزاماته المتعلقة باداء واجبات الكراء المحمية بمقتضيات الفصل 26 من ظهير 24-05-1955 ، وهو ما عبر عنه قضاء المجلس الاعلى في قراره عدد 2044 بتاريخ 31-10-1984 بمناسبة تطبيقه لظهير 31-12-1914 المتعلق ببيع ورهن الاصل التجاري والذي تماثل مقتضياته مقتضيات مدونة التجارة في هذا الباب، فقد نص القرارعلى " أن الغاية من وجوب إعلام المكري للدائن المرتهن بفسخ عقد الكراء هو أن يتمكن هذا الأخير من الدفاع والمحافظة على عناصر الاصل التجاري التي تتأثر بفسخ العقد وان اخلاله بهذا الالتزام القانوني يعد مسؤولية تقصيرية يتمثل جزاؤها في التزامه بتعويض جميع الاضرار التي يتعرض لها الدائن بسبب فسخ العقد الذي وقع على غير علم منه وادى الى تبديد عناصر الاصل التجاري المرهون".
وعلى الاهمية البالغة لهذا المقتضى الذي يرمي الى حماية الدائنين المقيدين وكذا الأصل التجاري من خلال حماية الحق في الكراء كعنصر جوهري في هذا الاصل، الا انه ينطوي على صعوبات عملية وحيف جسيم في حق المكري صاحب الملكية العقارية وتغطية على اخطاء المكتري المخل بالتزاماته اتجاه المكري، ذلك انه كيف للمكري ان يعلم بوجود دائنين مقيدين للأصل التجاري، ولماذا تم تقييد اصدار المحكمة للحكم بفسخ عقد الكراء حتى تمر 30 يوما من على التبليغ؟ اذ كيف يمكن للمحكمة العلم بوجود دائنين مقيدين، قد تتصور هذه الإمكانية بإلزام المكرى رافع دعوى الفسخ بالادلاء بمستخرج من تقييد المكتري بالسجل التجاري، وبعد ذلك انذار المكري المدعي بالادلاء بما يفيد اعلام الدائنين المقييدين ان وجدوا بدعوى الفسخ او القيام بذلك من طرف المحكمة تلقائيا.
لكن الاشكال قد يدق عندما لا يتم تقييد دين الدائنين المقييدين الا بعدما تكون الدعوى قد قطعت اشواطا هامة في اجراءاتها في حين يكون المدعي المكري قد ادلى بمستخرج من تقييد المكتري بالسجل التجاري لا يتضمن أي تقييد لدين، فهل تتم مساءلة المكري عن ذنب لم يقترفه رغم انه قام بالتزامه القانوني؟ وما هو مصير الحكم الذي صدر دون ثبوت اعلام المكري للدائنين المقييدين رغم انه ليس هناك اية تقنية للعلم بواقعة التقييد لا من طرف المكري ولا من طرف المحكمة؟.
وقد نتج عن تطبيق هذا المقتضى صعوبات عملية عند تنفيذ الحكم القاضي بفسخ عقد الكراء التجاري وافراغ المكتري ، ذلك ان الدائنين المقيدين - خاصة الابناك - يدفعون بصعوبة التنفيذ استنادا لهذا المقتضى ان علموا اساسا بمسطرة التنفيذ، فقد جاء في امر استعجالي عن رئيس المحكمة الابتدائية بالبيضاء بتاريخ 05-11-1984 تحت عدد 4620 " وحيث ان البنك الدائن والذي يتوفر على رهن للأصل التجاري المراد بيع منقولاته من طرف قباضة ابن رشد باسفي يؤكد بانه لم يتوصل باي اعلام من هذا القبيل وعليه يتعين الامر بايقاف اجراءات التنفيذ التي يمارسها قابض اسفي الى حين اعلام ارباب الديون المضمونة برهون على الاصل التجاري" .
ان هذا المقتضى يقتضي في نظرنا تدخلا تشريعيا يلزم بمقتضاه المكتري، بدلا من المكري، باعلام الدائنين المقيدين بدعوى الفسخ المرفوعة ضده لانه اعلم بديونه من غيره، تحت طائلة سقوط اجل الدين وترتيب مسؤوليته في التعويض، حتى لايتم ارهاق المكري بمساطر لا حول له معها ولا قوة، حتى يمكن للدائنين المذكورين التدخل في الوقت المناسب ان رغبوا في الحفاظ على ضمانة دينهم المتمثلة في الاصل التجاري الى التوافق مع المكتري واداء واجبات الكراء ان كان سبب طلب فسخ عقد الكراء يرجع للتماطل في اداء الكراء طبقا للفصل 26 من ظهير 24-05-1955 ، او القيام بالحجوزات اللازمة على عناصر الاصل التجاري للمحافظة على حقهم في استخلاص الدين.
وهناك من الفقه والقضاء من اقترح بان يرفق مقال دعوى الفسخ وجوبا بالنموذج "7" " ج" للاصل التجاري حتى تتأكد المحكمة من وجود الرهن ، ومن مراقبة احترام المالك لشكلية اشعار الدائن المرتهن بدعوى الافراغ .
2- حماية الحق في الكراء في اطار صعوبات المقاولة.
لقد نحى المشرع في الباب الخامس من مدونة التجارة منحى فلسفة حمائية هاجسها استمرار حياة المقاولة، بتوفير مختلف الوسائل القانونية والاجهزة القضائية لتحقيق هذا الهدف، وباعتبار ان الحق في الايجار هو قطب الرحى في بعض المقاولات فقد اوجد له المشرع غطاءا قانونيا يحميه من عواصف الدعاوي القضائية التي قد يتشفى اصحابها من الوضعية المريضة للمقاولة او محاولة منهم استخلاص ما يمكن استخلاصه من حقوقهم سواء في بداية اطوار المعالجة خلال مرحلة التسوية الودية او التسوية القضائية او عند التصفية القضائية.
أ- الحماية المقررة للحق في الكراء خلال التسوية الودية :
تنص المادة 555 من مدونة التجارة على ان " اذا رأى المصالح ان الوقف المؤقت للاجراءات من شأنه تسهيل ابرام اتفاق ، امكنه ان يعرض الامر على رئيس المحكمة ، ويمكن لهذا الاخير بعد الاستماع لرأي الدائنين الرئيسيين ، ان يصدر امرا يحدد مدة الوقف في اجل لايتعدى مدة قيام المصالح بمهمته ، يوقف هذا الامر ويمنع كل دعاوى قضائية يقيمها جميع الدائنين ذوي دين سابق للأمر المشاراليه تكون غايتها :
1- الحكم على المدين بسداد مبلغ مالي .
2- فسخ عقد لعدم سداد مبلغ مالي......" .
هكذا فانه بعد صدور الأمر بوقف الإجراءات الذي يتيح للسنديك القيام بمهمته خلال ثلاثة اشهر مع اضافة شهر واحد، فان الدعوى التي تهدف إلى أداء الوجيبة الكرائية عن مدة سابقة للامر ، والذي من شأنه عند التماطل الحكم بالإفراغ على المكتري صاحب المقاولة، يتم قطع دابرها من الأساس و لا يتم قبولها، وحتى في حالة رفعها فانه يتم وقفها او وقف تنفيذ الحكم الصادر بشأنها، وذلك إشفاقا على حالة المقاولة المريضة التي تحتاج إلى من يواسيها ويدعمها بالسيولة المالية أو إمهالها إلى حين شفائها واذا تعذر عليها الوفاء بديونها، استخلاص حقوقه عند تصفية تركتها.
كما يتم وقف اجل مسطرة الصلح اذا كانت المقاولة قد توصلت بالانذار بالافراغ المنصوص عليه بالفصل 26 من ظهير 24-05-1955 والمتعلق بالافراغ لعدم اداء الوجيبة الكرائية اذا تعلقت المدة المطالب بواجب الكراء عنها بمدة سابقة عن لصدور الامر بوقف الاجراءات، ليكون قانون مدونة التجارة قد تجاوز قاضي الفصل 26 من ظهير 24-05-1955 ، وأعطى مهلة للمقاولة من اجل الأداء، لم يكن لها لتستفيد منها الا اذا اشفق القاضي من حالها وفقا لسلطته التقديرية حسب نص الفصل الاخير.
ب- الحماية المقررة للحق في الكراء خلال التسوية القضائية :
يتم فتح التسوية القضائية في حقها لمعالجة اختلالاتها بطلب من الأجهزة المخول لها ذلك قانونا طبقا للفصول 563-568-573- 606 من مدونة التجارة، وتتوقف مباشرة الاجراءات والدعاوى الرامية الى اداء المقاولة لمبالغ مالية دون الحاجة الى صدور امر بوقف الاجراءات، وخلال هذه المرحلة يكون للسنديك السلطة الواسعة في التقرير بشأن العقود الجارية ومن بينها عقد الكراء التجاري وهو ما يطرح عدة اشكالات قد تعترض المكري وكذا السنديك بخصوص هذا العقد والمتمثلة اساسا في صفة السنديك وما اذا كان يتقمص صفة رئيس المقاولة المكتري وبالتالي يكون ملزما بالتزاماته الجسيمة الملقاة على عاتق المكتري بمقتضى ظهير 24-05-1955 والتي قد تحدد مصير المقاولة (الاصل التجاري) وجودا او عدما اذا ما انفصمت العلاقة الكرائية لعدم سلوك المساطر القانونية وفق الاجال والشكليات المنصوص عليها في الظهير المذكور ام ان المكتري (رئيس المقاولة) يبقى هو الملتزم اتجاه المكري؟
ج- الحماية المقررة لحق الكراء التجاري خلال التصفية القضائية :
ففي حالة التصفية القضائية تكون احتمالات انقاذ القاولة قد تلاشت لتوقفها عن الدفع من جهة ولاختلال وضعيتها بشكل لا رجعة فيه لم تفلح معه مساطر التسوية في معالجة الوضع الصحي للمقاولة ويتم الحكم بموتها وتصفية تركتها، ومن بين هذه التركة هو الحق في الكراء الذي خصه المشرع بمقتضيات الفصل 621 من مدونة التجارة التي تنص على انه :
" لا تؤدي التصفية القضائية، بقوة القانون، إلى فسخ عقد كراء العقارات المخصصة لنشاط المقاولة.
يمكن للسنديك الاستمرار في الكراء أو تفويته حسب الشروط المنصوص عليها في العقد المبرم مع المكري مع جميع الحقوق والالتزامات المتصلة بهذا الكراء.
إذا قرر السنديك عدم استمرار الكراء فسخ العقد بمجرد طلب منه. و يسري أثره من يوم الطلب.
يجب على المكري الذي يعتزم طلب الفسخ أو معاينة حصوله لأسباب سابقة للحكم بالتصفية القضائية أن يرفع، إن لم يفعل ذلك من قبل، طلبه داخل ثلاثة أشهر من صدور الحكم ".
فللمكري طلب فسخ عقد الكراء في مواجهة السنديك، لا المقاولة، على اعتبار ان المقاولة في حالة التصفية القضائية تكون قد فقدت اهليتها وصفتها في التقاضي ، ويستثنى طبقا طلبات الفسخ لعدم اداء الواجبات الكرائية السابقة عن فتح المسطرة طبقا للفصل 653 من مدونة التجارة .
هكذا يتضح ان المشرع حاد بالعلاقة التعاقدية المتعلقة بالكراء التجاري عن سلطة المتعاقدين حيادا عن مقتضيات كل من ق ل ع و ظهير 25-12-1980 و ظهير 24-05-1955 ليجعلها بيد سلطة "الدولة" في شخص السنديك المعين من طرف المحكمة الذي له السلطة التقديرية للتقرير في مصير الحق في الكراء موازنة منه لحقوق الدائنين و مبدأ حماية استمرار المقاولة (الاصل التجاري) ولو في اللحظات الاخيرة لحياتها وهي وذلك مراهنة من المشرع على القيمة المالية للحق في الكراء وتأثيره المباشر على القيمة الكلية للاصل التجاري فبضمان استمرار هذا الكراء يتم ضمان اكبر قدر من السيولة المالية لتغطية الديون حتى التصفية النهائية للمقاولة.
ثانيا : حماية الكراء التجاري بمقتضى قانون المحاكم التجارية.
لقد ابان التطبيق القضائي بعد احداث المحاكم التجارية بمقتضى القانون رقم 95-53 عن اختلاف في تحديد الاختصاص في تطبيق مقتضيات ظهير 24-05-1955، فاتجاه قضى باسناد الاختصاص للمحاكم الابتدائية واتجاه اخر اسنده للمحكمة التجارية واتجاه يرى باختصاص كل منهما حسب الحالات ، مما اثر سلبا على الحماية المقررة للحق في الكراء.
اولا : صور تنازع الاختصاص النوعي في مادة الكراء التجاري.
أ- الاتجاه المؤييد الاختصاص المحاكم الابتدائية.
يستند الاتجاه الفقهي والقضائي القاضي باسناد الاختصاص في مادة الكراء التجاري للمحاكم الابتدائية بدلا عن التجارية لعدة اعتبارات، ذلك ان المصدر التاريخي لظهير 24-05-1955 المتعلق بالكراء التجاري كما رأينا في مقدمة هذا العرض هو القانون الفرنسي، والذي اسند الاختصاص في النزاعات المتعلقة بقانون الكراء للمحاكم الابتدائية الكبرى في فرنسا لا للمحاكم التجارية، واستنادا الى كون كراء العقار هو عمل مدني محظ استنادا للمادة 6 من مدونة التجارة، وانه بمقتضى نفس المدونة فان نص الفصل 736 منها لم يعتبر عقد الكراء التجاري عقدا تجاريا، و أن المنازعات بين المكتري والمكري المحددة بظهير 24-05-1955 بخصوص المحل المعد للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي لا تعتبر منازعة تتعلق بالأصل التجاري وانما منازعة متعلقة بعقد كراء شأنها في ذلك شأن أية منازعة قد تنصب على بعض عناصر الأصل التجاري الأخرى لذا فإن البث فيها يرجع للمحاكم العادية التي لها الولاية العامة لا المحكمة التجارية.
اضافة الى أن مشرع قانون المحاكم التجارية في المادة 20 من قانون هذه المحاكم التجارية لم يلغ مقتضيات الفصل 27 من ظهير 24-05-1955 الذي يسند الاختصاص في المنازعة في الانذار للمحكمة الابتدائية، كما ان اختصاص المحاكم التجارية هو اختصاص استثنائي ولا يجب التوسع فيه لانه يتعلق بحالات خاصة واشخاص معيينين.
كما يستند هذا الاتجاه الى مبرر موضوعي يتمثل في قلة عدد المحاكم التجارية ( 9 محاكم تجارية و 3 محاكم استئناف تجارية) مترامية الاطراف في ربوع المملكة، مما يصعب معه تتبع المكتري لمساطر ظهير 24-05-1955 الضاربة في الاجراءات المسطرية المتعددة والمعقدة اذا كان يقطن بمسافة بعيدة قد تصل الى 500 كلم ( مكتري بالسمارة- المحكمة التجارية باكادير) ، في حين ان الامر قد يتعلق بمحل تجاري قد لا تزيد سومته الكرائية عن 400,00 درهم او اقل.
وقد سار في هذا الاتجاه قضاء المحكمة التجارية في فاس بمقتضى القرار رقم 58/98 بتاريخ 14-09-1998 ملف عدد 98/98 .
ب - الاتجاه المؤيد لاختصاص المحاكم التجارية :
يستند هذا الاتجاه الفقهي والقضائي لتزكية موقفه على تفسيره لنص الفصل 5 من قانون المحاكم التجارية الذي ينص على انه :
"تختص المحاكم التجارية بالنظر في:
1- الدعاوى المتعلقة بالعقود التجارية؛
2- الدعاوى التي تنشأ بين التجار و المتعلقة بأعمالهم التجارية؛
3- الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية؛
4- النزاعات الناشئة بين شركاء في شركة تجارية؛
5- النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية؛
و تستثنى من اختصاص المحاكم التجارية قضايا حوادث السير.
يمكن الاتفاق بين التاجر و غير التاجر على إسناد الاختصاص للمحكمة التجارية فيما قد ينشأ بينهما من نزاع بسبب عمل من أعمال التاجر.
يجوز للأطراف الاتفاق على عرض النزاعات المبينة أعلاه على مسطرة التحكيم وفق أحكام الفصول 306 إلى 327 من قانون المسطرة المدنية".
فيرى هذا الاتجاه أن نص المادة المذكورة جاء على اطلاقه بكون المحاكم التجارية تختص بالنظر في النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية دون حصر اختصاص هذه المحاكم في العقود المتعلقة بالأصل التجاري المحدد بمقتضى المادة 723 من مدونة التجارة، وانما يحتوي كل نزاع حول هذا الأصل بما فيها الحق في الكراء الذي يعتبر احيانا من اهم عناصر الاصل التجاري، وانه لا يمكن تصور تطبيق ظهير 24-05-1955 الا بوجود اصل تجاري، وهو ما ذهبت اليه محكمة الاستئناف التجارية بمراكش في قرارها عدد 105/1998 بتاريخ 21-10-1998 ملف رقم 107/98 .
ج- الاتجاه المؤيد لازدواجية الاختصاص .
يربط هذا الاتجاه اختصاص المحاكم في تطبيق مقتضيات ظهير 24-05-1955 الى صفة كل من المكري والمكتري وطبيعة الكراء بالنسبة لكل منهما ، وان نزاعات ظهير 24-05-1955 لا تدخل ضمن مقتضيات المادة 5 من قانون المحاكم التجارية بصفة مطلقة .
فإذا كان الطرفين المكري والمكتري تاجرين فإن الاختصاص ينعقد للمحاكم التجارية لان عقد الكراء يكون بالنتيجة عقدا تجاريا، وانه استنادا للمادة 5 من قانون المحاكم التجارية، فان هذه المحاكم تختص في الدعاوى المتعلقة بالعقود التجارية.
أما في حالة العقد المختلط لكون احد طرفيه تاجر فان الامر يختلف بالنظر الى صفة كل منهما، فإذا كان المكري غير تاجر والمكتري تاجر فان المحاكم المختصة هي المحاكم الابتدائية ما لم يتم الاتفاق بين التاجر وغير التاجر على إسناد الاختصاص للمحكمة
التجارية استنادا للمادة 4 من مدونة التجارة.
لكن هل ان مناط اعتبار العقد تجاريا يرتبط فقط بالصفة التجارية لطرفي عقد كراء الاماكن التي تستغل فيها انشطة تجارية، اذ يجب ان يكون العقد مرتبطا بالحاجة التجارية لطرفيه، وكيف يكون عقد الكراء مرتبطا بالحاجة التجارية للمكري الذي قد يكون في حين انه ولو كان تاجرا فقد لا يرتبط نشاطه اطلاقا بالنشاط المزاول في محله الذي لاعلاقة له به في جميع الاحوال وان تصرفه ينحصر في كراء العقار الذي هو عمل مدني صرف وان علاقة الطرفين لا ترتبط بالصفة التجارية لكل منهما ، وبالتالي فانه يصعب تقبل هذه المبررات كاساس منطقي للقول باختصاص المحاكم التجارية للنظر في النزاعات المتعلقة بتطبيق ظهير 24 ماي1955.
وعموما فقد تبنت هذا الاتجاه محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ، في قرارها قرار رقم 880/99 صدر بتاريخ 29/6/99 في الملف عدد 1102/99 .
ثانيا: تأثير تنازع الاختصاص على الحماية المقررة للحق في الكراء :
نروم من خلال هذه النقطة الى ابراز تجليات تأثير عدم الاستقرار القضائي في اسناد الاختصاص للبت في تطبيق المقتضيات المتعلقة بالحق في الكراء في ظل قصور تشريعي، كان الاجدر الا يسبب هذه الزوبعة لو تم تدارك الموقف بتحديد المحاكم المختصة بشكل صريح كما فعل المشرع الفرنسي، حتى لا تفرغ مقتضيات ظهير 24-05-1955 ، على علاتها، من محتواها، فبمراجعة الاتجاهات الفقهية والقضائية اعلاه لا يمكن التسليم بوجاهة اتجاه دون غيره لان كل منها له منطلقاته القانونية والموضوعية، وان المسؤولية تبقى على المشرع لتدارك الفراغ القانوني.
ذلك ان الاصل التجاري ينبني في الاساس على الاستقرار لذلك افرد له المشرع حماية استثنائية من بداية العقد حتى نهايته بل وحتى بعد نهايته او انتهائه كما يتضح باستقراء كل نقط على حدة من نقط هذا الموضوع، وان الاختلاف القضائي بين محكمة واخرى حتى داخل نفس الدائرة القضائية يعيق مسعى المكري والمكترى على حد سواء في استقصاء حقوقه، وهو ما قد يثني المكري من تسخير محله للكراء، او يجبر المكتري على انهاء عقد الكراء اما اختيارا لكونه لم يستسغ كثرة التنقلات من محكمة لاخرى لمواجهته بعدم الاختصاص كلما طرق باب احداها، او انه مل من الاجراءات والدعاوى وفاته الاجل القانوني للقيام بمسطرة من المساطر الواجب عليه اتباعها لضمان حقوقه، ما دام ام اجال ظهير 24-05-1955 هي اجال قصيرة، اطولها سنتين الذي هو اجل سقوط لا يتم قطعه او وقفه، كما هو الحال في اجال التقادم التي يتم قطعها ولو قدمت الدعوى الى قاض غير مختص او حكم بعدم قبولها لعيب في الشكل طبقا للفصل 381 من ق ل ع، هذا ان لم تكن عناصر الاصل التجاري قد اندثرت بسبب انشغال المكتري بالمساطر القضائية عوض زبانائه وتوريداته ... الخ.
وما قد يزيد من طول المساطر وتعقدها هو قضاء كل من المحكمة التجارية والمحكمة العادية (سواء ابتدائيا او استئنافيا) اما بعد اختصاصهما معا او اختصاصهما معا ، فالحكم والحالة هاته هو المجلس الاعلى باعتباره المحكمة الاعلى درجة منهما معا طبقا للفصل 13 من قانون 14-90 من قانون المحاكم الادارية والمادة 353 من ق م م .
وفي انتظار تدخل المشرع، بالمصادقة على مقترح قانون 06-33-5، فقد تدخل المجلس الاعلى واستقر على جعل الاختصاص للمحاكم التجارية في العديد من قراراته المتواترة، بداية بقراره عدد 2248 بتاريخ 14-11-2001 ملف تجاري عدد 2227/00، اذ جاء في حيثياته : " ... المادة 5 من القانون المحدث للمحاكم التجارية أسندت الاختصاص لهذه الأخيرة بالنسبة للنزاعات المتعلقة بالأصول التجارية وأن حق التوبة يخضع لمسطرة تجديد عقد كراء محل معد للتجارة الذي هو أحد عناصر الأصل التجاري الداخل في النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية ... وان دعوى التوبة المقدمة من طرف المكري سجلت ... بعد دخول القانون المحدث للمحاكم التجارية حيز التنفيذ بأكثر من سنة، ومحكمة الاستئناف التي ردت دفعة طاعنة بعدم اختصاص المحاكم العادية ... يكون قرارها فاسد التعليل الموازي لانعدامه، لكون دعوى التوبة المقدمة استقلالا للمحكمة وبصرف النظر عما لم يتناول في هذا الموضوع قدمت مستقلة عن دعوى النازعة في أسباب الإنذار وبعد دخول القانون المحدث للمحاكم التجارية حيز التطبيق مما يعرضه للنقض ".
وقد سار قضاء الموضوع في هذا التوجه كما جاء في قرار محكمة الاستئناف التجارية بفاس رقم " 450" الصادر بتاريخ 28-03-2006 ملف عدد 446-06، وقرارها رقم " 508" الصادر بتاريخ 04-04-2006 ملف عدد 409-06.
في حين ذهب مقترح القانون رقم قانون 06-33- 5 رقم قانون 06-33- 5 رقم قانون 06-33- 5 في المادة 30 على أنه :
" تختص المحاكم التجارية بالنظر في النزاعات المتعلقة بتطبيق هذا القانون، غير أنه في المناطق التي لا توجد بها المحاكم المذكورة، فإن المحاكم الابتدائية الموجودة بدائرتها المحلات التجارية أو الصناعية أو الحرفية هي المختصة للبت في النزاعات المتعلقة بهذا القانون" .
خاتمــــــــــــــــــــــــــــــة :
يتبين من خلال استعراض مختلف الجوانب المرتبطة بالتطبيق القضائي لنصوص ظهير 24-05-1955 المتعلق بالكراء التجاري، بان القضاء اقر مجموعة من القواعد لسد الفراغات التي تعتري الظهير المذكور، والناتجة احيانا عن اخطاء في الترجمة واحيانا عن التبويب غير المنسجم لابوابه بالخلط بين القواعد الاجرائية والقواعد الموضوعية ، واحيانا اخرى اثر عدم تحيين مقتضياته وفق القوانين المستحدثة على مستوى التنظيم القضائي وقانون المسطرة المدنية مما يصعب معه فهم قصد المشرع.
وقد كشف التطبيق القضائي عن عورة هذا القصور التشريعي من خلال الممارسة القضائية لازيد من نصف قرن من الزمن، مما ادى الى تضارب الاحكام القضائية سواء على مستوى محاكم الموضوع اوحتى على مستوى قضاء اقسام الغرفة الواحدة بالمجلس الاعلى، فقد اتخذ المجلس الاعلى اجتهادات معينة وتراجع عنها، في غير ما مرة، ليتم الرجوع بعد ذلك للاتجاه الاول، مما استدعى، في بعض الحالات، تدخل مجلس الرؤساء للتنبيه الى ضرورة توحيد الاتجاه ، كما مر معنا بخصوص امكانية الخيار بين القواعد العامة وظهير 24-05-1955 للافراغ من اجل التماطل في اداء واجبات الكراء.
ونتمنى ان يفتح النقاش مليا بخصوص مقترح القانون رقم 06-33- 5 المتعلق قانون كراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري والصناعي والحرفي ، على مستوى جميع المعنيين من حقوقيين وجامعات ووزارات وصية حتى لا تتكرر تجربة ظهير 24-05-1955 الذي انقلبت الغاية منه، احيانا، الى نقيض القصد فعوض تكريس الحماية للمكتري في حدود عدم الاضرار بالمالك ارهق الطرفان معا بمساطر واجرارءات لاحول لهما ولا قوة، واعتماد الاجتهادات التي استقر عليها المجلس الاعلى حتى تكون نقطة النهاية في تطبيق ظهير 24-05-1955 هي نقطة البداية في تطبيق مقترح القانون المذكور ان كتب له الوجود، سيما وان نشر المعلومة القضائية والقانونية قد اصبح في متناول الجميع بفضل وسائل الاعلام والاتصال الحديثة.
ذلك ان حماية استقرار الاصل التجاري بتكريس ثباته عبر سن قواعد حمائية للحق في الكراء تراعي حقوق المكري كذلك، هي الاساس لخلق الثروة ودورة الرأسمال حتى لا يعزف اصحاب العقارات عن كرائها، ما دام انها في حذ ذاتها تعتبر خزانا ماليا تزيد قيمته يوما بعد يوم تغنيهم عن المساطر القضائية، وحتى لا يتم اضعاف الضمانة المالية للدائنين المقيدين على الاصل التجاري وبالتالي عزوفهم عن اقراض المكتري والتسبب، وان بدون قصد، في الركود الاقتصادي وما يستتبعه من اثار اجتماعية لا تعفي ولا تذر.
مبحث أول : نطاق حماية الكراء التجاري قبل اكتساب الحق في الكراء
مطلب أول : ضمانات المكتري قبل اكتسابه الحق في الكراء
1- تطبيق ظهير 25-12-1980 بدلا عن القواعد العامة.
2 - ضمانات المكتري عند مراجعة السومة الكرائية
3 - ضمانات المكتري خلال مسطرة إنهاء العلاقة الكرائية
مطلب ثاني : حالات سقوط الضمانات الحمائية للمكتري.
1- حالة إخلال المكتري بالتزاماته القانونية.
2- حالة تولية الكراء والتخلي عنه :
مبحث ثاني : ضمانات حماية المكتري عند اكتساب الحق في الكراء
مطلب اول- حدود حماية المكتري خلال مسطرة افراغ المحلات التجارية.
اولا : ضمانات حماية المكتري عند المطالبة بالافراغ.
1- الضمانات المسطرية .
أ- الضمانات المتعلقة بنص الانذار .
ب- الضمانات خلال مسطرة اجراء الصلح .
2- الضمانات الموضوعية المتعلقة بسبب الإفراغ .
أ- حالة استحقاق المكتري للتعويض الكامل .
ب - التعويض الجزئي في حالة الهدم لإعادة البناء.
ج- التعويض الجزئي عن الإفراغ للاحتياج للسكنى.
ثانيا – حالات سقوط الضمانات المقررة للمكتري.
1- أسباب الإفراغ التي ترجع لشخص المكتري .
أ - حالة اخلال المكتري بالتزام قانوني او عقدي .
ب- حالة تولية الكراء للغير او التخلي عنه .
2 - اسباب الافراغ التي ترجع لحالة المحل المكرى.
أ - عدم صلاحية المحل لانعدام شروط السلامة فيه.
ب - حالة اندثار بسبب القوة القاهرة :
مطلب ثاني : حماية الحق في الكراء بمقتضى مدونة التجارة وقانون المحاكم التجارية.
اولا : حماية الحق في الكراء بمقتضى مدونة التجارة :
1 - حماية الحق في الكراء عن تقديم دعوى الفسخ .
2- حماية الحق في الكراء في اطار صعوبات المقاولة.
أ- حماية الحق في الكراء خلال التسوية الودية.
ب- حماية الحق في الكراء خلال التسوية القضائية
ج- حماية الحق الكراء خلال التصفية القضائية .
ثانيا :حماية الحق في الكراء بمقتضى قانون المحاكم التجارية.
1 : صور تنازع الاختصاص النوعي في مادة الكراء التجاري.
أ- الاتجاه المؤييد الاختصاص المحاكم الابتدائية.
ب - الاتجاه المؤيد لاختصاص المحاكم التجارية :
ج- الاتجاه المؤيد لازدواجية الاختصاص .
2 : تأثير تنازع الاختصاص على حماية الحق في الكراء.
خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــة
قائمة المراجع
-الكتــــــــــــــــــــــــــب :
1- محمد الكشبور، الحق في الكراء عنصر في الأصل التجاري، سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة 2 مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الاولى 1998..
2- احمد عاصم، الحماية القانونية للكراء السكني والمهني، دار النشر المغربية 1996
3-عبد الفتاح بنوار، مجموعة قانون الأعمال، مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الأولى 2000.
4- محمد الفروجي، التاجر وقانون التجارة بالمغربن سلسلة الدراسات القانونية 1 ، مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الاولى 1997.
5- عبد السلام الزوير، الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية و اشكالياته العملية، مكتبة دار السلام الرباط 2004.
6- محمد المجدوبي الادريسي ، المحاكم التجارية بالمغرب دراسة تحليلية نقذية الطبعة الاولى مطبعة بابل للطباعة والنشر ص 88.
المجـــــــــــــــــــــــــلات :
1- المجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن العدد 23 الصادرة عن كلية الحقوق بمراكش 1995.
2-مجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 49-50 يوليوز 1997 دار نشر المعرفة للنشر والتوزيع .
3- -مجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 53-54-يوليوز 1999 مطبعة الامنية الرباط .
4- مجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 55-يناير 2000 مطبعة الامنية الرباط .
5- مجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 57-58-يوليوز 2001 مطبعة الامنية الرباط .
6- مجلة القانون الاقتصادي العدد 1 دجنبر 2007 مطبوعات الهلال وجدة 2007.
7- مجلة المحاكم التجارية العدد 3-4 منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، وزارة العدل الرباط 2009.
- الندوات والمحاضرات :
1-ندوة عمل المجلس الاعلى والتحولات الاقتصادية والاجتماعية المنظمة من طرف المجلس الاعلى بتاريخ 18-20-دجنبر1997 بالرباط بمناسبة تخليد الذكرى الاربعينية لتأسيسه ، مطبعة الامنية الرباط.
2-الندوة الجهوية الاولى للمجلس الاعلى بعنوان " قضايا كراء الاماكن السكنية والمهنية والمحلات التجارية من خلال اجتهادات المجلس الاعلى" المنظمة من طرف المجلس الاعلى بتاريخ 22-23-فبراير 2007 بفاس بمناسبة تخليد الذكرى الخمسينية لتأسيسه ، مطبعة الامنية الرباط.
3-الندوة الجهوية الاولى للمجلس الاعلى بعنوان " صعوبات المقاولة وميدان التسوية القضائية من خلال اجتهادات المجلس الاعلى" المنظمة من طرف المجلس الاعلى بتاريخ 21-22-يونيو 2007 بطنجة بمناسبة تخليد الذكرى الخمسينية لتأسيسه ، مطبعة الامنية الرباط.
4- عبد الرحيم اشميعة، محاضرات في القانون التجاري ملقاة على طلبة ماستر قانون المنازعات بمناسبة مناقشة عروض المادة، كلية الحقوق بمكناس،السنة الجامعية 2008-2009.
5- لطيفة اهضمون نمحاضرات في الكراء التجارية ملقاة على الملحقين القضائئن فوج 29 2000-2002 بالمعهد الوطني للدراسات القضائية .
البحوث والمقالات :
1-عبد المجيد مليكي التنفيذ على الاصل التجاري ، رسالة نهاية التمرين بالمعهد الوطني للدراسات القضائية بالرباط فوج 29 2000-2002
2-الملكي الحسين بعنون "ملاحظات ومقترحات حول مقترح قانون كراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري والصناعي والحرفي" منشور بجريدة العلم عدد 21081 يونيو 2008.
المواقع الالكترونية :
1- الموقع الالكتروني لوزارة العدل/ تشريع وقضاء/ بتاريخ 1-07-2009.
2- الموقع الالكتروني لوزارة العدل/ بوابة عدالة / بتاريخ اجتهادات قضائية/ 08-07-2009.
3- الموقع الالكتروني لمحكمة الاستئناف التجارية بمراكش/ اجتهادات قضائية/ بتاريخ 15-06-2009.
4- الموقع الالكتروني لمحكمة الاستئناف التجارية بفاس/ اجتهادات قضائية/ بتاريخ 15-06-2009.
المراجع باللغة الفرنسية :
-Georges Repert ,René Roblot, traite de droit commercial tome 1 , 16 édition, librairie générale de droit et de jurisprudence , e t a 1996, Paris.
شكرا لك اخي على تقديم هذا البحث والذي افدتنامن خلاه
ReplyDelete