هذه الدراسة، وجهة نظر حول مدى إعفاء النسخ العادية للأحكام والقرارات القضائية من الرسوم القضائية على ضوء القرار الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش – الغرفة الثانية – بتاريخ 02/02/2012 تحت عدد 122 في الملف عـدد 642-5-2010 المضموم له الملف عدد 643-5-2010، الذي قضى بتأييد
الحكم الابتدائي الصادر عن المحكمة الإدارية بأكادير تحت عدد 169 بتاريخ 22/ 6 / 2010 في ملف الإلغاء عدد 212/2009
القاضي بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب عن ذلك قانونا.
سنحاول في وجهة نظرنا هذه الوقوف على مضمون القرار القضائي وما قرره من إعفاء النسخ العادية للأحكام من واجبات التمبر، مع تحديد إطاره ومدى اشتمال الإعفاء المقرر وامتداده أيضا إلى الرسوم القضائية، محاولين رفع اللبس ما بين الإعفاء القانوني من واجبات التمبر وبين الإلزامية القانونية لأداء الرسوم القضائية بخصوص النسخ العادية للأحكام، مقترحين الحل العملي لهذا الإشكال، وقبل عرض وجهة النظر لابد أولا من سرد وقائع وحيثيات الأحكام القضائية المتعلقة بالموضوع.
ملخص وقـــائـــــــع الحكم الابتدائي:
بتاريخ 20/11/2009 تقدم الطاعن أمام المحكمة الإدارية بأكادير بدعوى ترمي إلى الطعن بالإلغاء لتجاوز السلطة ضد القرار الإداري الصادر عن السيد رئيس مصلحة كتابة الضبط بالمحكمة القاضي برفض تمكينه من نسخة عادية من الحكم عدد 443 الصادر بتاريخ 30/09/2009 في الملف المدني رقم 384/09 بعلة عدم أداء واجب التمبر الواجب على هذه النسخة، معتمدا في طعنه على أنه مشوب بعيب مخالفة القانون ويتعلق الأمر بالمادة 250 من المدونة العامة للضرائب التي أعفت جميع نسخ الأحكام من واجب التمبر، وأجاب رئيس مصلحة كتابة الضبط بأن المادة 249 من المدونة العامة للضرائب المتعلقة بالعقود والوثائق والمحررات الخاضعة تنص على أنه تخضع لواجبات التمبر كيفما كان شكلها جميع العقود والمحررات، أما المادة 250 من المدونة المتعلقة بالإعفاء فتعفي العقود والوثائق المعفاة من واجبات التسجيل بمقتضى المادة 129 من المدونة بالإضافة إلى العقود المحررة لمنفعة عامة أو إدارية، وبعد المناقشة وتبادل المذكرات وتمام الإجراءات صدر الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه.
و جاء في حيثيات الحكم ما يلي:
لكن وحيث إنه بالرجوع إلى رسالة جواب المطلوب في الطعن عدد 1509/09 بتاريخ 26/10/2009 فإن رفضه تسليم الطاعن نسخة عادية من الحكم كان بسبب عدم تأدية واجبات التمبر.
وحيث نصت المادة 250 من قانون المالية لسنة 2009 المستند إليها من طرف الطاعن، على أنه : « تعفى من واجبات التمبر العقود والوثائق المعفاة من واجبات التسجيل بمقتضى المادة 129 من هذه المدونة، بالإضافة إلى العقود والوثائق والمحررات التالية:(....)
العقود والمحررات القضائية وغير القضائية
1- (....)
2- المقالات والمذكرات وأصول الأحكام القضائية ونسخها التنفيذية ونسخها الرسمية والعقود القضائية وغير القضائية الصادرة عن كتاب الضبط التي لا تخضع وجوبا للتسجيل(...)».
وحيث إنه لما أسس المطلوب في الطعن قرار رفض تسليم نسخة حكم عادية للطاعن لعلة عدم أداء واجبات التمبر بالرغم من إعفائه منها بصريح المادة 250 أعلاه، يكون متسما بعيب مخالفة القانون ويتعين الحكم بإلغائه مع ما يترتب عن ذلك قانونا.
وقد تم الطعن بالاستئناف في هذا الحكم من قبل كل من الوكيل القضائي للمملكة ورئيس مصلحة كتابة الضبط، فاستند الوكيل القضائي للمملكة في استئنافه على أن قانون المالية لسنة 2009 لم يلغ قانون المالية لسنة 1984 بشأن الأحكام التي تطبق على المصاريف القضائية في القضايا المدنية والتجارية والإدارية، ويجب التمييز بين الرسم القضائي وواجبات التمبر، فالرسم القضائي يؤدى وفق قانون المالية لسنة 1984، أما واجبات التمبر فتحدد نطاقها المادتان 249 و 250 من مدونة الضرائب، واستنادا إلى ذلك فهي معفاة من واجبات التمبر غير أنها خاضعة للرسوم القضائية، وأن الإعفاء المنصوص عليه في المادة 250 لا يشمل إلا من له طابع منفعة عامة أو إدارية وهو ما يؤكده الفصل 16 من قانون المالية لسنة 1984، وأن النص الفرنسي للمادة 250 أعفى فقط النسخ التبليغية والتنفيذية، وبالتالي فإن النسخ العادية للأحكام غير مشمولة بالإعفاء.
أما السيد رئيس مصلحة كتابة الضبط فاستند في استئنافه على أن المادة 249 من قانون المالية لسنة 2009 قد صرحت على أنه تخضع لواجبات التمبر كيفما كان شكلها جميع العقود والمحررات، وأن مقتضيات الفصلين 15 و 16 من قانون المالية لسنة 1984 بشأن المصاريف القضائية في القضايا المدنية والتجارية والإدارية فتنصان على أن نسخ الأحكام غير مشمولة بالإعفاء من واجب الرسوم القضائية بل تؤدى بواسطة تنابر الدمغة، أما بخصوص المادة 250 فإنها تعفي النسخ التي تطلبها الإدارات والسلطات العمومية.
وجاء في حيثيات القرار الاستئنافي ما يلي:
« وحيث إن جوهر المنازعة بين الطرفين بمقتضى الطعنين بالاستئناف إنما يتعلق بتحديد ما إذا كانت نسخ الأحكام تستلزم واجبات التمبر (وليس الرسم القضائي) أم أنها معفاة منها؟.
لكن حيث إن المادة 250 من قانون المالية لسنة 2009 الواردة بشأن الإعفاءات من واجبات التمبر تنص صراحة على أن من بين العقود والوثائق المعفاة العقود والمحررات القضائية وغير القضائية الواردة بالبند الرابع ومنها أصول الأحكام القضائية ونسخها التنفيذية ونسخها الرسمية، الشيء الذي يبقى معه بناء على ذلك ما أثير بمقتضى أسباب الاستئناف غير قائم على أساس، ويكون بالتالي الحكم المستأنف عندما نحا المنحى نفسه ورتب عليه إلغاء القرار المطعون فيه لاتسامه بعيب مخالفة القانون قائم بناء على ذلك على أساس قانوني سليم، مما يكون معه حريا بالتأييد».
وأهمية هذا القرار القضائي لا تكمن فقط فيما تضمنه من اجتهاد قضائي بخصوص النازلة التي صدر بشأنها، وإنما أيضا فيما احتواه من جهة من إشارة ضمنية إلى مسألة غاية في الأهمية - غالبا ما تلاحظ بشأن التشريع المغربي عامة - مرتبطة أساسا بالتناقض والتضارب الظاهر بين المقتضيات الواردة في المادة 16 من الظهير الشريف المؤرخ في 27/04/1984 المنظم للمصاريف القضائية في القضايا المدنية والتجارية والإدارية الموجبة لأداء الرسوم القضائية على النسخ العادية للأحكام في شكل تنابر جبائية وتلك الواردة في المادة 250 من المدونة العامة للضرائب المقررة لإعفاء تلك النسخ من واجبات التمبر، ومن جهة ثانية في إماطته اللثام وتصحيح الوضع الخاطئ السائد لعقود خلت بكتابات ضبط المحاكم بشأن تسليم نسخ الأحكام العادية والتنبيه إلى المقتضيات القانونية الواجبة التطبيق على النسخ المذكورة.
بقلم: عمر لوكنا, منتدب قضائي من الدرجة الثانية
بالمحكمة الإدارية بأكادير
الحكم الابتدائي الصادر عن المحكمة الإدارية بأكادير تحت عدد 169 بتاريخ 22/ 6 / 2010 في ملف الإلغاء عدد 212/2009
القاضي بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب عن ذلك قانونا.
سنحاول في وجهة نظرنا هذه الوقوف على مضمون القرار القضائي وما قرره من إعفاء النسخ العادية للأحكام من واجبات التمبر، مع تحديد إطاره ومدى اشتمال الإعفاء المقرر وامتداده أيضا إلى الرسوم القضائية، محاولين رفع اللبس ما بين الإعفاء القانوني من واجبات التمبر وبين الإلزامية القانونية لأداء الرسوم القضائية بخصوص النسخ العادية للأحكام، مقترحين الحل العملي لهذا الإشكال، وقبل عرض وجهة النظر لابد أولا من سرد وقائع وحيثيات الأحكام القضائية المتعلقة بالموضوع.
ملخص وقـــائـــــــع الحكم الابتدائي:
بتاريخ 20/11/2009 تقدم الطاعن أمام المحكمة الإدارية بأكادير بدعوى ترمي إلى الطعن بالإلغاء لتجاوز السلطة ضد القرار الإداري الصادر عن السيد رئيس مصلحة كتابة الضبط بالمحكمة القاضي برفض تمكينه من نسخة عادية من الحكم عدد 443 الصادر بتاريخ 30/09/2009 في الملف المدني رقم 384/09 بعلة عدم أداء واجب التمبر الواجب على هذه النسخة، معتمدا في طعنه على أنه مشوب بعيب مخالفة القانون ويتعلق الأمر بالمادة 250 من المدونة العامة للضرائب التي أعفت جميع نسخ الأحكام من واجب التمبر، وأجاب رئيس مصلحة كتابة الضبط بأن المادة 249 من المدونة العامة للضرائب المتعلقة بالعقود والوثائق والمحررات الخاضعة تنص على أنه تخضع لواجبات التمبر كيفما كان شكلها جميع العقود والمحررات، أما المادة 250 من المدونة المتعلقة بالإعفاء فتعفي العقود والوثائق المعفاة من واجبات التسجيل بمقتضى المادة 129 من المدونة بالإضافة إلى العقود المحررة لمنفعة عامة أو إدارية، وبعد المناقشة وتبادل المذكرات وتمام الإجراءات صدر الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه.
و جاء في حيثيات الحكم ما يلي:
لكن وحيث إنه بالرجوع إلى رسالة جواب المطلوب في الطعن عدد 1509/09 بتاريخ 26/10/2009 فإن رفضه تسليم الطاعن نسخة عادية من الحكم كان بسبب عدم تأدية واجبات التمبر.
وحيث نصت المادة 250 من قانون المالية لسنة 2009 المستند إليها من طرف الطاعن، على أنه : « تعفى من واجبات التمبر العقود والوثائق المعفاة من واجبات التسجيل بمقتضى المادة 129 من هذه المدونة، بالإضافة إلى العقود والوثائق والمحررات التالية:(....)
العقود والمحررات القضائية وغير القضائية
1- (....)
2- المقالات والمذكرات وأصول الأحكام القضائية ونسخها التنفيذية ونسخها الرسمية والعقود القضائية وغير القضائية الصادرة عن كتاب الضبط التي لا تخضع وجوبا للتسجيل(...)».
وحيث إنه لما أسس المطلوب في الطعن قرار رفض تسليم نسخة حكم عادية للطاعن لعلة عدم أداء واجبات التمبر بالرغم من إعفائه منها بصريح المادة 250 أعلاه، يكون متسما بعيب مخالفة القانون ويتعين الحكم بإلغائه مع ما يترتب عن ذلك قانونا.
وقد تم الطعن بالاستئناف في هذا الحكم من قبل كل من الوكيل القضائي للمملكة ورئيس مصلحة كتابة الضبط، فاستند الوكيل القضائي للمملكة في استئنافه على أن قانون المالية لسنة 2009 لم يلغ قانون المالية لسنة 1984 بشأن الأحكام التي تطبق على المصاريف القضائية في القضايا المدنية والتجارية والإدارية، ويجب التمييز بين الرسم القضائي وواجبات التمبر، فالرسم القضائي يؤدى وفق قانون المالية لسنة 1984، أما واجبات التمبر فتحدد نطاقها المادتان 249 و 250 من مدونة الضرائب، واستنادا إلى ذلك فهي معفاة من واجبات التمبر غير أنها خاضعة للرسوم القضائية، وأن الإعفاء المنصوص عليه في المادة 250 لا يشمل إلا من له طابع منفعة عامة أو إدارية وهو ما يؤكده الفصل 16 من قانون المالية لسنة 1984، وأن النص الفرنسي للمادة 250 أعفى فقط النسخ التبليغية والتنفيذية، وبالتالي فإن النسخ العادية للأحكام غير مشمولة بالإعفاء.
أما السيد رئيس مصلحة كتابة الضبط فاستند في استئنافه على أن المادة 249 من قانون المالية لسنة 2009 قد صرحت على أنه تخضع لواجبات التمبر كيفما كان شكلها جميع العقود والمحررات، وأن مقتضيات الفصلين 15 و 16 من قانون المالية لسنة 1984 بشأن المصاريف القضائية في القضايا المدنية والتجارية والإدارية فتنصان على أن نسخ الأحكام غير مشمولة بالإعفاء من واجب الرسوم القضائية بل تؤدى بواسطة تنابر الدمغة، أما بخصوص المادة 250 فإنها تعفي النسخ التي تطلبها الإدارات والسلطات العمومية.
وجاء في حيثيات القرار الاستئنافي ما يلي:
« وحيث إن جوهر المنازعة بين الطرفين بمقتضى الطعنين بالاستئناف إنما يتعلق بتحديد ما إذا كانت نسخ الأحكام تستلزم واجبات التمبر (وليس الرسم القضائي) أم أنها معفاة منها؟.
لكن حيث إن المادة 250 من قانون المالية لسنة 2009 الواردة بشأن الإعفاءات من واجبات التمبر تنص صراحة على أن من بين العقود والوثائق المعفاة العقود والمحررات القضائية وغير القضائية الواردة بالبند الرابع ومنها أصول الأحكام القضائية ونسخها التنفيذية ونسخها الرسمية، الشيء الذي يبقى معه بناء على ذلك ما أثير بمقتضى أسباب الاستئناف غير قائم على أساس، ويكون بالتالي الحكم المستأنف عندما نحا المنحى نفسه ورتب عليه إلغاء القرار المطعون فيه لاتسامه بعيب مخالفة القانون قائم بناء على ذلك على أساس قانوني سليم، مما يكون معه حريا بالتأييد».
وأهمية هذا القرار القضائي لا تكمن فقط فيما تضمنه من اجتهاد قضائي بخصوص النازلة التي صدر بشأنها، وإنما أيضا فيما احتواه من جهة من إشارة ضمنية إلى مسألة غاية في الأهمية - غالبا ما تلاحظ بشأن التشريع المغربي عامة - مرتبطة أساسا بالتناقض والتضارب الظاهر بين المقتضيات الواردة في المادة 16 من الظهير الشريف المؤرخ في 27/04/1984 المنظم للمصاريف القضائية في القضايا المدنية والتجارية والإدارية الموجبة لأداء الرسوم القضائية على النسخ العادية للأحكام في شكل تنابر جبائية وتلك الواردة في المادة 250 من المدونة العامة للضرائب المقررة لإعفاء تلك النسخ من واجبات التمبر، ومن جهة ثانية في إماطته اللثام وتصحيح الوضع الخاطئ السائد لعقود خلت بكتابات ضبط المحاكم بشأن تسليم نسخ الأحكام العادية والتنبيه إلى المقتضيات القانونية الواجبة التطبيق على النسخ المذكورة.
بقلم: عمر لوكنا, منتدب قضائي من الدرجة الثانية
بالمحكمة الإدارية بأكادير
No comments :
اضافة تعليق
الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى