Friday, March 12, 2010

قراءة أولية في مؤسسة المفوض القضائي على ضوء القانون رقم 81.03

قراءة أولية في مؤسسة المفوض القضائي على ضوء القانون رقم 81.03

تقديـــم : 
بعد تجربة يصل مداها الزمني الى حوالي ربع قرن ، تتدخل الالة التشريعية ببلادنا لتصريف قانون جديد ينظم مؤسسة المفوضين القضائيين الصادر بشأنها الظهير الشريف رقم 23-06-1 المؤرخ في 14 فبراير 2006 والمتعلق بتنفيذ القانون رقم 81.03 الخاص بمهنة المفوضين القضائيين ، وبصرف النظر عن مبررات وأسباب نزول هذا القانون الى حيز التنفيذ ، وبمنأى عن الخوض في تقييم الممارسة الميدانية التي راكمتها هيئة الاعوان القضائيين المنظمة بموجب الظهير الشريف رقم 1.80.440 الصادر بتاريخ 18 فبراير 1981 بشأن إحداث هذه الهيئة ، فإن قراءة أولية لمقتضيات القانون الجديد تبقى هاجسا ملحا نحاول بعون الله بسطه من خلال النقط التالية:

      النقطة الأولى : التعريف بمؤسسة المفوضين القضائيين .
      النقطة الثانية : الاختصاصات
      النقطة الثالثة : الالتزامات
      النقطة الرابعة المراقبة والتأديب
      النقطة الخامسة : ملاحظ استطرادية
النقطة الأولى : التعريف بمؤسسة المفوضين القضائيين وشروط ولوجها
  1. المفهوم القانوني : تشكل مؤسسة المفوضين القضائيين مهنة حرة مساعدة للقضاء يتنافى تعاطيها مع أي وظيفة عمومية أو تجارية أو صناعية ، ويخضع المؤهلون لها وجوبا للشروط والإجراءات المنصوص عليها في المادة 1 وما يليها من القانون رقم 81.03 (1).
 2- شروط الانضمام لمؤسسة المفوضين القضائيين : اشترط القانون أعلاه فيمن يريد الانضمام الى مؤسسة المفوض القضائي جملة من الشروط ؛ بعضها ذو طبيعة سيكولوجية والبعض الآخر ذو طبيعة إدارية، ويمكن الوقوف على هذه الشروط كما يلي :
أ-تتلخص الشروط ذات الطبيعة السيكولوجية في التالي :
- أن يكون الهدف من ولوج هذه المؤسسة هو مساعدة القضاء بصفة مفوض قضائي يخضع لأحكام القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين (2).
- أن يتحقق في إدراك الممارس لهذه المهنة نوع من الانفصام المعقلن بين ما تمليه المتطلبات الذاتية في شقها الإنساني والاجتماعي ، وبين ما تمليه المتطلبات المهنية في شقها المتصل بالحياد ونكران الذات(3).

- أن يكون الممارس لهذه المهنة ذا مروؤة وإخلاص ، حريصا على كتمان السر المهني (4) ، متفانيا في خوض معركة التحدي التي تستلزمها تجربة مؤسسته الفتية، ومعركة التطوير والتحديث التي تفرضها المرحلة على قطاع العدل ببلادنا.
     - أن يكون الممارس لهذه المهنة متصلبا في ممانعة جاذبية المال والاثراء اللامشروع (5) .
إن هذه الشروط ذات البعد السيكولوجي لا تخضع لمراقبة لجنة الاختبار أو هيئة التكوين (6) حتى يمكن تلافي ما يترتب عن غيابها من أزمات ، ولكنها تتبدى مع طول المراس لتتحكم بعد ذلك في المصير المهني للمفوض القضائي ايجابا او سلبا ، لذلك ينبغي الا يكون المقدم على ولوج هذه المهنة محكوما بهاجس البحث عن الشغل وضمان لقمة العيش ، وان كان ذلك من اسمى حقوقه ، ولكن عليه ايضا تقدير درجة التوافق و الانسجام بين ميوله ومكوناته النفسية وبين الصفة التي سيتقمصها بعد قرار تعيينه ، ويعكس هذا الانسجام سيولة الخدمات المرفقية التي يقدمها المفوض لجهازه القضائي ، كما يعكسه تفانيه في القيام بمساعداته التي يستحق عليها امتيازات الاجر والتعويض.
      ب- تتلخص الشروط ذات الطبيعة الادارية في التالي :
ان يكون الراغب في ولوج هذه المهنة متمتعا بحقوقه الوطنية و المدنية و متوفرا على الكفاءة العلمية  
و البدنية(7)
ان تكون الخدمات التي يقوم بها المفوض لفائدة القضاء و المتقاضين ذات شكل اجرائي يختلف على الاشكال الاجرائية التي تقوم بها المهن الاخرى المساعدة للقضاء (8)
ان تتم الخدمات التي يقدمها المفوض القضائي في صيغة مساعدة تفيد القضاء و المتقاضين نظير مقابل و في اطار مكتب منظم بشكل فردي او تشاركي (9) ، يشتغل خارج المحكمة لكن داخل دائرتها الترابية (10).
و الجدير بالاشارة ان المادة 4 من قانون المفوضين القضائيين حصرت سن الراغبين في  
ممارسة هذه المهنة بين 25 و45 سنة مع ادخال الغاية عند عدم الاعفاء من المباراة ، و اشترطت  
الحصول على شهادة الاجازة في الحقوق او ما يعادلها او الاجازة في الشريعة الاسلامية ولو مع 
الاعفاء من المباراة ، في حين تركت المادة 4 من قانون الاعوان القضائيين القديم سقف السن مفتوحا ابتداء من 21 سنة ، واكتفت باشتراط شهادة البكالوريا كحد ادنى للكفاءة العلمية (11).
من جهة اخرى نلاحظ ان القانون الجديد خلافا لسابقه يرتقي بالممارسين لهذه المهنة من مصاف الاعوان القضائيين الى مصاف المفوضين القضائيين ، مع ما يتضمنه مصطلح التفويض من دلالة قانونية تتجاوز اصلاح العون و المعاونة .
ان تأكيد المادة الاولى المشار اليها آنفا على كون المفوض القضائي مساعدا للقضاء ، لايكرس تجميد العمل بقانون الاعوان القضائيين فحسب ، وانما يؤسس لمهنة بديلة تنهض بمساعدة القضاء كبقية المهن القضائية الاخرى ، مما يترتب عنه انتهاء طابع التبعية وعلاقات الاذعان التي كانت تصل مهنة العون القضائي بغيرها من المهن المماثلة.
النقطة الثانية : الاختصاصات
    1- الاختصاص المكانيتنص المادة 2 من القانون رقم 81.03 على انه " تحدث بدوائر المحاكم الابتدائية مكاتب المفوضين القضائيين للقيام بالمهام المنوطة بهم طبقا لهذا القانون امام محاكم المملكة " ، مطلع هذه المادة يعقد الاختصاص المكاني لمؤسسة المفوض القضائي بدائرة المحكمة الابتدائية التي يتواجد مكتبه فيها ؛ بمعنى ان كل دائرة ابتدائية تضم مجموعة مكاتب تختص مكانيا في ممارسة المهنة داخلها.
بيد ان عبارة "... للقيام بالمهام المنوطة بهم طبقا للقانون امام مختلف محاكم المملكة" ، تحدث بعض التشويش على مسألة الاختصاص المكاني؛  اذ توحي بإمكانية ممارسةالمفوض القضائي لمهامه امام مختلف محاكم المملكة وحيثما تواجدت الدائرة التي ينتمي اليها.
وقد أزاحت المادتان 12 و 20 هذا التشويش (12) ، بل إن المادة 21 من نفس القانون أكدت على ان اختيار المفوض القضائي يتم "من بين المفوضين القضائيين المتواجدة مكاتبهم بدائرة المحكمة المطلوب القيام بالاجراءات بدائرة نفوذها".
ومع ان هذه المادة حسمت بوضوح في مسألة الاختصاص المكاني لعمل المفوض القضائي، الا انها تركت الباب مشرعا على مشاكل اخرى مثيرة للاهتمام بحكم التصاقها بالواقع ؛ من ذلك مشكلة اختيار المفوض القضائي بدائرة بعيدة عن دائرة المحكمة التي يودع بها الطلب ، حيث تفرض المحكمة على طالب الاجراء – قبل تهييء الانابة القضائية – تعيين اسم المفوض القضائي العامل بدائرة المحكمة التي ستقوم بتنفيذ موضوع الانابة ، مما يجعل الطالب في حيرة من امره لاسيما اذا كان نادر التردد على رداهات المحاكم ، ولحل هذه المشكلة تقترح توفر مختلف محاكم المملكة على قوائم باسماء وعناوين وهواتف مجموع المفوضين القضائيين العاملين على صعيد التراب الوطني لتمكين المتقاضين من التواصل معهم وضمان التزامهم – ولو عبر الهاتف – بانجاز الاجراء.

وتجدر الاشارة الى ان الاختصاص المكاني للمفوض القضائي يبقى مرتبطا بدائرة المحكمة الابتدائية التي ينتمي اليها مهما اتسعت او ضاقت دائرة المرفق القضائي الذي يباشر الإجراء أمامه، سواء تعلق الامر بالمحكمة الابتدائية نفسها او بالمحكمة الادارية او التجارية او بغيرهما، على اعتبار ان المحكمة الابتدائية تتمتع بالولاية العامة، وبها يفتح ملف شخصي لكل مفوض قضائي، و تحت مراقبة رئيسها يمارس مهامه حسب المادتين 11 و16 من القانون موضوع الدراسة (13) ، وان كان ذلك لاينفي صلاحية رؤساء المحاكم الاخرى في ممارسة هذه المراقبة بدليل مقتضيات المادة 33 التي وردت فيها عبارة (المحكمة المختصة)، حيث ركزت هذه العبارة على جانب الاختصاص الذي قد يكون موضوعيا و قد يكون مكانيا.
وطبقا لمقتضيات المادة 9 من نفس القانون ، ينشأ ارتباط المفوض القضائي باختصاصه المكاني بموجب قرار التعيين الذي يصدره السيد وزير العدل، ويحدد فيه مقرالمفوض القضائي و دائرة اختصاصه الترابي، (14) و عليه فاذا كان موضوع الاجراء مدنيا او اجتماعيا او جنائيا، فان الاشتغال عليه يفرض عدم الخروج عن الاختصاص المكاني للمحكمة الابتدائية و اذا كان الاجراء اداريا او تجاريا ، فان الاشتغال عليه يفرض عدم الخروج عن دائرة المحكمة الادارية او التجارية مع مراعاة حدود الاختصاص المكاني للمحكمة الابتدائية التي يمارس مهنته داخلها ، بمعنى ان الاختصاص المكاني للمحكمة الابتدائية يقدم على الاختصاص المكاني للمحكمة الادارية او التجارية او غيرهما.
     2- الاختصاص الموضوعي : بموجب القانون رقم 81.03 اتسعت مساحة الاختصاص الموضوعي لمؤسسة المفوضين القضائيين مقارنة بمؤسسة الاعوان القضائيين؛ فإلى جانب القيام بتبليغ الاوامر والاحكام والقرارات وكذا الاستدعاءات على اختلافها ، نجد هذا الاختصاص يمتد الى جوانب هامة تتصل بإجراءات التنفيذ الذي يعتبر الغاية القصوى في الدعوى القضائية ، ولم يعد يستثنى من اجراءات التنفيذ التي يمارسها المفوض القضائي الا ما تم النص على استثنائه .
وبناء عليه اصبح بامكان المفوض القضائي القيام باجراءات التنفيذ على اختلاف انواعها وفق القواعد المقررة للتنفيذ في قانون المسطرة المدنية ، وتحت اشراف السيد رئيس المحكمة كما تنص على ذلك المادة 16 من هذا القانون ، معتمدا في ذلك على مختلف الاساليب المسطرية بما فيها اللجوء الى استصدار الاوامر القضائية الصادرة عن السيد رئيس المحكمة في اطار الفصل 148 من قانون م.م (15) ، من ذلك استصدار الأوامر القاضية بفتح المحلات المغلقة بعد تأكد المفوض القضائي من واقعة الاغلاق و تحرير محضر بذلك ، مع العلم ان هذه المحلات قد تكون موضوعا للتنفيذ اوقد يكون ما بداخلها فقط هو موضوع التنفيذ، ويشترط اشفاع الطلب الرامي الى فتح محل بالمحضر الذي يثبت واقعة الاغلاق مع ضرورة الاشارة الى مراجع الملف التنفيذي بالمحكمة المعني رئيسها باصدار الامر ، ومن ذلك ايضا استصدار الاوامر القاضية بتعيين الخبراء المختصين لتحديد الثمن الافتتاحي اللازم لانطلاق المزاد العلني أو التقويم المحجوز، أو لتحديد الخريطة الطبوغرافية لعقارات المحجوز عليه، ويشترط اشفاع الطلب في هذه الحالة بمحضر الحجز التنفيذي مع الاشارة الى مراجع الملف التنفيذي بالمحكمة المعني رئيسها بإصدار الامر. و للاشارة فهذه الطلبات و غيرها تكون معفاة من واجبات الرسم القضائي و من أية شكلية جبائية.

وكما يمكن للمفوض القضائي استصدار الاوامر الرئاسية ، يمكنه كذلك الاستعانة بالقوة العمومية بعد الحصول على اذن بذلك من السيد وكيل الملك لدى المحكمة التي يعمل بدائرة نفوذها(16) ، ويدخل في هذا ايضا إمكانية لجوئه إلى طلبات المؤازرة الرامية الى فتح المحلات المغلقة.
من جهة اخرى ، وبموجب المادة 15 من هذا القانون(17) اصبح المفوض القضائي يتمتع بصلاحيات جديدة تتجاوز الصلاحيات التي كانت مخولة للعون القضائي في ظل القانون القديم ،حيث اصبح بامكانه تنفيذ الاحكام و العقود            والسندات ذات القوة التنفيذية ، كما اسندت له مهمة استيفاء المبالغ المحكوم بها التي اصبحت احكامها حائزة لقوة الشيء المقضي به ، او استيفاء المبالغ المستحقة بمقتضى سند تنفيذي .
وعند توافر الشروط القانونية لاجراءات الحجز التنفيذي على المنقولات المادية اصبح من اختصاص المفوض القضائي القيام باجراءات البيع بالمزاد العلني عليها بعد تحديد تاريخ البيع واشهاره بالطرق المعروفة ، وقد كانت هذه الاجراءات موكولة سلفا لجهاز كتابة الضبط دون غيره .
وبمقتضى المادة 15 نفسها من القانون الجديد منح المفوض القضائي ، بناء على طلب من المعنيين بالامر شخصيا ومن غير اللجوء الى القضاء ، صلاحية توجيه الانذارات و القيام بالمعاينات المادية المجردة من كل رأي ، بحيث تكتسي هذه المعاينات طابعا حسيا وصفيا خاليا من التحليل و التعليق و الاستنتاج، تلافيا للتدخل في اختصاصات الخبير.
و تجنبا لتداخل الاختصاص بين عمل المفوض القضائي و اجهزة تنفيذية اخرى ، استثنى المشرع افراغ المحلات  
و البيوعات العقارية وبيع السفن و الطائرات و الاصول التجارية من مهام المفوض القضائي ، واعتبرها غير مشمولة بإجراءات التنفيذ التي يسهر عليها ، ولعل مبررات هذا الاستثناء ترجع الى طبيعة الاجراءات الخاصة التي يفرضها التنفيذ على هذه المستثنيات ذات الارتباط المعقد اجتماعيا و اقتصاديا ، علاوة على ما تتطلبه طرق التنفيذ المتصل بها من دراية قد تتجاوز القانون الداخلي لتشمل قوانين واتفاقات دولية.
و الملاحظ ان اسناد مهام التبليغ و التنفيذ و المعاينات بهذه الكيفية الى مؤسسة المفوض القضائي ، يجعلها اشبه ما تكون بمؤسسة عمومية ؛ اذ اصبحت تشاطر المرفق العمومي مجموعة من الاختصاصات ذات الاهمية البالغة والخطيرة في نفس الان ، فتحصيل الديون و الغرامات وتجميعها من طرف المفوض القضائي وباسمه لفائدة الدولة بحيث تتجاوز احيانا قيمة هذه الديون و الغرامات ملايين الدراهم ، مسألة ليست بالامر الهين ، مما يستلزم تأمين هذه المؤسسة وتوفير الضمانات القانونية و الاخلاقية لحماية هذه الاموال قبل ايداعها بكتابة الضبط او تسليمها لم له الحق فيها ، وهو ما جعل المادة 18 من القانون الجديد (18) تعتبر المفوض القضائي مسؤولا شخصيا عن اخطائه المهنية ، ويتوجب عليه تامين مكتبه لضمان هذه المسؤولية. وفي هذا الصدد ، يتعين على الفاعلين و على المسؤولين القضائيين منح المفوض القضائي ما يتطلبه اضطلاعه بهذه المهام من ثقة وتشجيع يحفزانه على ولوج التنفيذات بيقظة وثبات لمواجهات الاغراءات المادية مراعاة لحقوق المتقاضين

ولكرامة المهنة التي ينتمي اليها ، ونزاهة المرفق الذي فوضه ، ولذلك فإنه ليس من مصلحة هذه المؤسسة و هي تخطو خطواتها الاولى اختلاق بعض المشكلات الهامشية التي ترمي الى الاثراء بلا سبب ، فإنجاز محاضر سلبية من اجل تكرار طلبات المواصلة ، او عدم القيام بالتحريات الكافية لمعرفة مآل طلبات ايقاف التنفيذ قبل الاقدام على البيع بالمزاد العلني ، او غير ذلك كله كفيل بزعزعة الايمان بقدرة هذه المؤسسة على تحمل المسؤولية ، وبالتالي الاجهاز عليها و شل حركتها وهي في طور التأسيس.
واخيرا تجدر الاشارة الى انه بامكان المفوض القضائي إلحاق كتاب محلفين بمكتبه للنيابة عنه حصريا في اجراءات التبليغ ، على ان يوقع المفوض بنفسه على أصول التبليغات الموكولة لهؤلاء الكتاب ، ويؤشر على البيانات الواردة فيها ، وفي هذا الصدد تنص المادة 5 من القانون رقم 81.03 على انه "يمكن للمفوض القضائي ان ينيب عنه تحت مسؤوليته كاتبا محلفا او أكثر للقيام بعمليات التبليغ فقط وفق احكام الباب العاشر من هذا القانون(19) ، ويتضح من خلال هذه المادة ان مسألة الانابة التي يلجأ اليها المفوض القضائي تخضع لمجموعة من الشروط الشكلية و الموضوعية التي يمكن ايجازها فيما يلي :
  • ان تسند الانابة لكاتب محلف ذكرا كان او انثى واحدا او اكثر
  • ان يكون موضوع الإنابة مقتصرا على التبليغ دون سواه
  • ان يكون الكاتب ملحقا بمكتب المفوض القضائي عاملا تحت اشرافه ومسؤوليته
  • ان يكون الاجراء موضوع الانابة موقعا عليه من طرف الكاتب المحلف ومؤشرا عليه من طرف المفوض القضائي.
ولا تخضع الانابة لأية شكليات اخرى ، فهي مستمدة من عقد الالحاق المبرم بين المفوض و الكاتب المحلف ، كما ان الاجرة المستحقة للكاتب تبقى خاضعة لارادة الطرفين ، و ان كان المفروض تحديدها ضمن بنود عقد الالحاق.
  1. الاختصاص التنظيمي : لكل مهنة من المهن الحرة هيئة خاصة تتولى السهر على تدبير انشطتها وفق قوانين داخلية مستمدة من روح قانون المهنة ، و القانون رقم 81.03 خلافا لسابقه (قانون الاعوان القضائين) اشار غير ما مر الى هيئة اطلق عليها تسمية الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين ، كما اشار الى هيئات اخرى جهوية تشتغل الى جانب هذه الهيئة.
تختص هذه الهيئة بمجموعة من المهام التنظيمية التي يمكن الوقوف عليها فيما يلي :

مهام استشارية ، ويقدمها اعضاء الهيئة للمسؤولين القضائيين كلما تعلق الامر بقرار من قرارات التعيين او النقل او ما شابه ذلك مما قد يتعرض له احد المفوضين القضائيين (20).
مهام الاقتراح ، وتتمثل في مختلف الاقتراحات التي يقدمها اعضاء الهيئة للمسؤولين القضائيين كلما تعلق الامر بحالة من حالات التصفية او الاحصاء المترتبة عن استقالة احد المفوضين القضائيين او توقيفه (21).
مهام التتبع و الإخبار ، وهي مهام تلخصها المحاضر المنجزة من طرف اعضاء الهيئة و التي تتضمن متابعتهم لعمليات التصفية و الاحصاء الجارية بمكاتب المفوضين القضائيين بواسطة كتابة الضبط بعد نقلهم او توقيفهم ، كما تلخصها ايضا التقارير الاخبارية التي ترفعها الهيئة الى السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية التابع لهاالمفوض القضائي قصد تحريك المتابعة التأديبية ضده كلما حدثت تجاوزات مهنية(22) .
كما ان الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين تتلقى بدورها اخبارا من السيد رئيس المحكمة كلما تعلق الامر بالحاقات جديدة تهم الكتاب المحلفين المساعدين للمفوض القضائي(23) ، وعلى المفوضين القضائيين ايضا اخبارها في حالة التخلي عن عقود هذه الالحاقات (24)
النقطة الثالثة : الالتزامات
  1. حقوق المفوض القضائيلعل اهم ما استخلصه رجالات القانون من المفهوم الفسلفي للالتزام هو أنه يعني ممارسة الحق تحت وطأة الشعور بالواجب، و القانون رقم 81.03 حين تناول في بابه السابع مجموع الواجبات المفروضة على مؤسسة المفوض القضائي ، عرج اولا على الحقوق التي يتمتع بها هذا المفوض، ومنها الحق في الحماية القانونية اللازمة لقيامه بمهامه ، فهو بحكم الاجراءات المسندة اليه يضطر الى الاحتكاك بالمتقاضين وعامة الناس ، وحتى يكون بمعزل عن كل مؤثر خارجي نصت المادة 27 من هذا القانون على انه "يتمتع المفوض القضائي اثناء مزاولة مهامه بالحماية القانونية التي تنص عليها مقتضيات الفصلين 263 و 267 من القانون الجنائي(25) ، وقد قرر لهم المشرع هذه الحماية سواء اثناء قيامهم بوظائفهم او بسبب  
قيامهم بها للرفع من معنوياتهم واشعارهم بالانتماء الى جهاز المحكمة ، وبالتالي حملهم على النهوض بالواجب باعتبارهم جزءا لا يتجزء من النسيج القضائي .
الى جانب ذلك ضمن هذا القانون للمفوضين القضائيين الحق في اجرة قارة اعتبرها جزءا من الصوائر القضائية (26) ، كما الزم الادارة بتمتيعهم بتعويضات مقابل ما ينهضون به من اعباء في الميدان الجنائي (27) ، مع الاشارة الى ان الادارة المعنية باداء هذه التعويضات هي وزارة العدل. و الملاحظ ان الظهير القديم نص في المادة 17 على ان هذا التعويض يكون سنويا ، في حين سكت الظهير الجديد عن اجل استحقاقه و عن قيمته في انتظار مقرر تنظيمي.
وبخصوص الاجرة الواجبة للمفوض القضائي جاء القرار رقم 1129.06 الصادر عن وزير العدل بتاريخ 15 يونيو 2006 محددا تعريفات عقود المفوضين القضائيين على الاجراءات التي يقومون بها في الميادين المدنية و التجارية و الادارية كما يلي :
  • بالنسبة لتبليغ الاستدعاءات يتقاضى المفوض القضائي 30 درهما عن كل استدعاء ، فان اعيد الاستدعاء لزمت اجرة الاعادة .
  • بالنسبة لتبليغ الاحكام يتقاضى 30 درهما مع زيادة درهم واحد عن كل نسخة اضافية
  • بالنسبة للاحتجاجات يتقاضى 100,00 درهم عن كل احتجاج مع زيادة قدرها 1 % من مبلغ السند او الشيك ، واقصى ما يمكن استيفاؤه هو 400,00 درهم
  • بالنسبة لتحرير محاضر المعاينات يتقاضى 100,00 درهم
  • بالنسبة لمحاضر الحجز يتقاضى 50,00 درهم عن الحجز التحفظي على المنقول و 100,00 درهم عن بقية الحجوز الاخرى ، وقد تتضاعف التسعرة اذا قامالمفوض باجراء يستهدف حل صعوبة من صعوبات التنفيذ.
  • بالنسبة لاجراءات المناقصة المتعلقة بالمنقولات يتقاضى اجرة قدرها 1 % من سعر المناقصة ، واقصى ما يمكن استيفاؤه هو 200,00 درهم
  • بالنسبة لاجراءات تحصيل المبالغ المتخلدة في ذمة احد المدينين يتقاضى مبلغا اقله 150,00 درهما واقصاه 400,00 درهم بحسب قيمة الدين المستحق . وهذا دون احتساب التعويض الكيلومتري عن التنقل وقدره درهمان اذا قام المفوض القضائي باجراء يستدعي نقله الى مكان يبعد باكثر من 5 كيلومترات عن مقر المحكمة الابتدائية التي يعمل بدائرتها.
واهم ما يلفت الانتباه هو ان الظهير الجديد خلافا لسابقه اعتبر اجرة المفوض القضائي جزءا من الصوائر القضائية بما في ذلك الاجراءات التي يقوم بها في اطار الملفات المستفيدة من المساعدة القضائية .
  1. واجبات المفوض القضائي : ازاء الحقوق المقررة اعلاه يلزم المفوض القضائي بمباشرة مهامه وبتقديم  
    المساعدة اللازمة للقضاء و المتقاضين في اسرع زمن ممكن وبكيفية تجعل من مؤسسته في اتم الجاهزية  
    للقيام بالمهام المنوطة بها. ان هذه المؤسسة و هي تقوم بالتزاماتها وفق المفهوم الجديد  
اصبحت بمثابة مقاولة تعتمد اساليب متطورة قانونا تفرض على القائمين بها تدبير ادارتها بكفاءة متناهية قوامها الضبط           والتوثيق و الالتزام بآليات الاتصال و التواصل
    1. فعلى مستوى الضبط فرض المشرع في المادة 21 من هذا القانون ضرورة الاشارة الى اسم المفوض القضائي في الطلب ، او قيامه بتسليم الطالب اشهادا يثبت فيه التزامه بكافة اجراءات المتصلة بالطلب (28) ، وهو تدبير جديد لم يكن واردا في القانون السابق الخاص بالاعوان القضائيين ، كما فرضت المادة 24 على المفوض القضائي تسلم الاستدعاءات وشواهد التسليم و طيات التبليغ و التنفيذ وجميع الوثائق من كتابة الضبط بواسطة سجل للتداول مرقم الصفحات وموقعا عليه من طرف رئيس المحكمة (29). والظاهر ان رئيس المحكمة المقصود في هذه المادة هو الرئيس الذي يباشر المفوض القضائي اجراءه امام محكمته بدليل اطلاق عبارة رئيس المحكمة دون تقييدها . كما الزمت المادة 26 المفوض القضائي بمسك سجل للتداول خاص به يضبط من خلاله تواريخ الارجاعات الى كتابة الضبط بعد انجاز الاجراء مقابل توقيع من طرف الموظف المكلف بنوع الاجراء (30)، ويفترض ان يكون هذا السجل مرقم الصفحات ومؤشرا على صفحتيه الاولى والاخيرة من قبل رئيس المحكمة الابتدائية التي يوجد مقر المفوض القضائي بدائرتها أو رئيس المحكمة التي يباشر إجراءه أمامها و هو ما يعني ضرورة توفره على عدد من سجلات التداول يوازي عدد للمحاكم التي يتردد عليها.
    2. و على مستوى التوثيق تقضي المادة 25 من نفس القانون بانه يتعين على المفوض القضائي تنظيم الادارة الداخلية لمكتبه بان يمسك سجلا مرقما يثبت فيه كل يوم جميع الاجراءات التي قام بها مع بيان ارقام تسلسلها من غير بياض او شطب او اقحام، ويتوجب ان يكون هذا السجل موقعا ايضا على صفحتيه الاولى و الاخيرة من طرف رئيس المحكمة الابتدائية التي يوجد مقر المفوض القضائي بدائرة نفوذها .
وتتفرد المادتان 18و19 بمسطرة توثيقية جديدة مقارنة بقانون الاعوان القضائيين، ذلك انه بينما كان القانون القديم يكتفي بإلزام العون القضائي في الفصل 3 بتحرير الاجراءات التي يقوم بها في اصلين فقط، اصبح المفوض القضائي وفق المادة 18 من القانون الجديد ملزما بتحرير هذه الاجراءات في ثلاثة اصول ، يسلم الاول لطالب الاجراء و يودع الثاني بملف المحكمة بينما يحتفظ لنفسه بالثالث امعانا في التوثيق ، بل انه يتحمل المسؤولية الشخصية عن اعداد كافة المستندات والاحتفاظ بها ، مما يتعين معه تنظيم ارشيف خاص مرتب بكيفية تسمح له بالاطلاع على الوثائق                 واستحضارها عند الاقتضاء .
وتلافيا لتكدس الوثائق وحماية لها من الضياع ، اوجب المشرع على المفوض القضائي احالتها على كتابة الضبط بعد مرور خمس سنوات من انتهاء الاجراء مقابل ايصال بذلك يتسلمه من رئيس مصلحة كتابة الضبط .

ويفترض ان يحتفظ المفوض بكل الايصالات سواء تلك التي تسلمها من كتابة الضبط او تلك التي سلمها هو لباقي الاطراف، ويوثق تلك الايصالات في سجل خاص تسهيلا لعميلة الاحصاء والمراقبة ، و تجدر الاشارة الى ان مسألة تسلم المتقاضين ايصالا مقابل الاجرة لم يكن منصوصا عليه في القانون القديم .
ج – على مستوى الالتزام بآليات الاتصال و التواصل نجد المادة 11 من قانون 81.03 تشكل اولى لبنات الاتصال بالمفوض القضائي اذ تقضي بان يفتح له ملف شخصي لدى رئيس المحكمة الابتدائية تحفظ فيه جميع الوثائق المتعلقة بحالته المدنية و المهنية و الجامعية ، ويمكن اعتبار هذا الملف بمثابة مرآت لا تعكس هويته الثقافية و المهنية فحسب ولكنها تشكل في نفس الآن قناة من قنوات التعريف به لدى المسؤولين القضائيين ، ويجدر التنبيه ان مقتضى هذه المادة لم يكن واردا في القانون القديم .
وعلى المفوض القضائي استثمار هذه القناة الاتصالية لتحسين صورته المهنية واستغلالها في اطلاع المسؤول القضائي           واخباره بكل العوائق الدائمة او المؤقتة التي تعترض سير عمله ، كما تشير الى ذلك مقتضيات المادة 46 (31).
من جهة اخرى كرست المادة 22 هاجس الاتصال و التواصل بين المفوض و بقيت الاطراف وبينه وبين الفاعلين القضائيين حين الزمت الاطرف اونوابهم ببيان اسمالمفوض القضائي المختار في الطلب وبضرورة وضعه لطابعه وتوقيعه وعنوانه على الصفحة الاولى من الطلب بحيث توفر هذه الالية امكانية العلم بالمفوض المختار وتسهيل الاتصال به سواء من طرف كتابة الضبط او من طرف الاغيار. ونقترح في هذا الصدد ادراج رقم هاتفه الشخصي ضمن هاته البيانات لتيسير عملية الاتصال .
وفي إطار العلاقة الواصلة بين المفوض وكتابة الضبط يتعين عليه تكثيف الاتصال بها واشعارها بكل المستجدات وعدم الاحتفاظ بما يتوفر عليه من مبالغ مالية مدة تزيد عن 8 ايام طبقا لمقتضيات المادة 31 (32).
من جهة اخرى تقضي المادة 12 بإلزام المفوض بضرورة اشعار المحكمة بمآل الملفات التي كلف بتنفيذها مع بيان اسباب التاخير التي حالت دونه وعملية التنفيذ ، وقد وردت كلمة (المحكمة) في هذه المادة عامة ومجردة لتكون دالة على ان المحكمة المقصودة هي التي يمارس الاجراء بتفويض منها سواء كانت محكمة منتمية الى الدرجة الاولى كالمحاكم الابتدائية على اختلاف انواعها او كانت منتمية الى محاكم الدرجة الثانية ، وهو ما يعني ان شبكة الاتصال بين المفوض و الجهاز القضائي تزداد اتساعا كلما اتسعت الجهات القضائية مانحة التفويض ، كما يعني من جهة اخرة شرعية المساءلة التاديبية التي يقوم بها رؤساء المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها اتجاه المفوضين القضائيين ، وهي مساءلة انما تهدف في نهاية المطاف الى تحيين جودة العمل و الرفع من وثيرة انجازه خدمة لمرفق العدالة .
على ان مقتضيات القانون الجديد كما هو الشأن بالنسبة للقانون القديم لم تكلف نفسها عناء توضيح المسطرة الاجرائية في حالة توجيه انذار او استفسار الى المفوضالقضائي من قبل رئيس المحكمة التجارية او 
الادارية، هل يوجه الاخبار بذلك الى السيد وزير العدل تحت اشراف السلم الاداري؟ ، ام يحال الاخبار الى رئيس المحكمة الابتدائية باعتباره صاحب ولاية الاشراف على اعمال المفوضين القضائيين ليتولى بنفسه متابعة مسطرة التأديب؟
على ان المفوض القاضي من جهة اخرى يبقى مسؤولا عن ضخ قنوات الاتصال هاته بكل المعلومات و الاجراءات المتخذة عند تنفيذ ما يسند اليه من مهام و اطلاع المتقاضين بكل ذلك داخل اجل 10 ايام من تاريخ انجازها .
النقطة الرابعة : المراقبة و التأديب
يعمل المفوض تحت مراقبة رئيس المحكمة او من ينتدبه لذلك وتهدف هذه المراقبة الى التحقق من الشكليات الاجرائية التي يحرر رئيس المحكمة بشأنها تقريرا يحال على النيابة العامة (33) ، ويمكن للسيد وكيل الملك تفتيش مكاتب المفوضين القضائيين التابعين لدائرة نفوذه مع اشعار السيد وزير العدل بالاخلالات المهنية الخطيرة التي تثبتها محاضر التحري مع حق السيد وكيل الملك في ممارسة امكانية التوقيف المؤقت عند الضرورة او تحريك المتابعة التأديبية بناء على تقرير من رئيس المحكمة أو شكاية من متضرر او تقرير من الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين ، ويكون البت في المتابعة التأديبية من اختصاص غرفة المشورة للمحكمة التابع لها مكتب المفوض القضائي .
وتتلخص العقوبات التأديبية المتخذة ضد المفوض القضائي في الانذار او التوبيخ او السحب المؤقت او النهائي لرخصة مزاولة المهنة (34) .
النقطة الخامسة : ملاحظ استطرادية
يترتب عن القراءة الاولية لمواد القانون رقم 81.03 جملة من الانطباعات التي تبرر مشروعيتها مجموعة من الايحاءات النصية موزعة ضمن سياقات المواد 52 المكونة لهذا القانون ، ويمكن الوقوف عليها من خلال الملاحظ التالية .
الملحظ الاولويتعلق بهاجس التشغيل ومكافحة العطالة التي طالت شرائح واسعة من حملة الشواهد العليا وقد القى هذا الهاجس بظلاله على منتج الآلة التشريعية ببلادنا في الآونة الاخيرة وتظافرت جهود مختلف القطاعات الوزارية في سبيل احتوائه ، ولذلك لم تتردد وزارة العدل من خلال هذا القانون في ضمان التشغيل لحملة الشهادات العليا و الانخراط في هذا المسلسل ذي الابعاد الاجتماعية و الاقتصادية ، ويتضح ذلك من خلال التركيز على ان مهنة المفوضين القضائيين لا يلجها الا حملة شهادة الاجازة في الحقوق او مايعادلها اوشهادة الاجازة في الشريعة الاسلامية سواء شاركوا في المباراة ابتداء او اعفوا منها بحكم انتمائهم الوظيفي، وككل المبادرات الهادفة الى انعاش التشغيل منح المؤهلون لمزاولة هذه المهنة عددا لا يستهان به من الامتيازات الضريبية كالاعفاء من حق التنبر ومن كل الشكليات الجبائية بما في ذلك الاعفاء من الرسوم القضائية واصبح للمفوض القضائي حق المطالبة بأجرته في الملفات التي يعفى اصحابها اصلا من واجبات الرسم القضائي كملفات النفقة ونحوها ، بل صار بامكانه استخلاص مستحقاته عند تصفية الصوائر القضائية حتى في الملفات المستفيدة من المساعدة القضائية ، كما ان اجرة المفوض القضائي أصبحت جزءا لا يتجزأ من الصوائر القضائية في الملفات العادية ،         وهذا امتياز لم تنله بعد بقية المهن الاخرى المساعدة للقضاء، بل ان المفوض القضائي اصبح يتقاضى اتعابه من اطراف الدعوى مسبقا بموجب القانون ، وبصرف النظر عما تؤول اليه طلبات المتقاضين من موافقة او رفض ، وهو ما يعني ان هذا القانون يوفر لهذه المؤسسة حدا ادنى من الدعم و الاعتماد المالي بهدف المحافظة على استمراريتها .
كما اشترط هذا القانون في الكتاب المحلفين المساعدين للمفوض القضائي ضرورة التوفر على شهادة الباكالوريا او ما يعادلها على الاقل في محاولة جادة لضمان الحق في العمل لحملة الشواهد الدنيا.

الملحظ الثانييحاول هذا الملحظ رصد الارهاصات الجنينية لخوصصة قطاع العدل من خلال تفويض عدد هائل من المهام و الاجراءات الى مهنة مستقلة يفترض تحملها لعبىء غير يسير من الاعباء التي كانت تنهض بها كتابة الضبط سابقا، وهي اعباء جسيمة وبالغة الحساسية لاتصالها بالنظام العام وبحقوق المتقاضين الشخصية و العينية، لذلك ألفينا المشرع يمعن النظر في صياغة الاشتراطات اللازمة في المؤهلين الراغبين في الانتماء لهذه المهنة ، متخذا من الكفاءة العلمية والعملية معيارا دقيقا يقوم على اساس الاسراع في تلبية الواجب المهني من غير عصيان، و على المفوضين القضائيين التحلي بالكثير من الشعور بالمسؤولية درءا للتخوفات و المخاطر التي تتهدد جزءا من قطاع العدل ببلادنا .
الملحظ الثالثمن مظاهر الحداثة التي اكتنفتها مقتضيات القانون الجديد أنها أتاحت الفرصة للمفوضين القضائيين كي ينشئوا مقاولات مهنية تكون مندمجة ضمن النظامالقضائي وشبيهة الى حد ما بمراكز جزائية خاصة تابعة لجهاز العدل، وتأتي هذه الاشارة في اطار شعور المشرع المغربي بضرورة خلق أجواء التعاون و المنافسة الشريفة التي يتطلبها القيام بالمسؤوليات ذات القيمة المضافة لمهنة المفوضين القضائيين .
الملحظ الرابع : ومما يسترعي الانتباه ضمن مقتضيات هذا القانون هو تعامله مع المفوض القضائي معاملة شبيهة بتعامله مع الموظف العمومي الى درجة يمكن اعتبارالمفوض القضائي موظفا شبه عمومي ،فهو بحكم انتسابه الى مهنة مستقلة ينظمها قانون خاص يمتهن عملا حرا ، ولكنه في نفس الآن لا يتجرد من مراقبة الوزارة الوصية بل يشتغل تحت رئاسة مسؤوليها القضائيين و اشرافهم .
فالمفوض القضائي- إذن – شبيه بالموظف العمومي لأنه يعين بقرار وزاري ويؤدي القسم المهني ويلزم بالمحافظة على سر المهنة ويمتنع عليه عدم تقديم المساعدة او عدم القيام بعمله او التواطىء على عدم القيام به او ترك العمل ولو باستقالة غير موافق عليها او عدم الاتصال المنتظم بالمحكمة التي ينتمي الى دائرتها تحت طائلة المساءلة .
وهو ايضا شبيه بالموظف العمومي لضرورة تمثله بالشرف و نكران الذات و الحياد و الانضباط و المواظبة و عدم الاستفادة بمبالغ تفوق الواجبات المحددة له و عدم اعتبار المصلحة الشخصية في الإجراءات التي يباشرها سواء كانت هذه المصلحة لحسابه او لحساب اقاربه او اصوله او فروعه .
وهو ايضا شبيه بالموظف العمومي لخضوعه المستمر للمراقبة و التفتيش و امكانية تعرضه للتاديب و المساءلة .
وهو ايضا شبيه بالموظف العمومي لما خوله له القانون من استمرارية في الأجر الثابت و تعويضات وحماية قانونية هي نفسها الحماية التي يضمنها القانون لكل موظف عمومي طبقا لمقتضيات القانون الجنائي، فهل هذه الضمانات القانونية و هذه الامكانيات المتاحة لبلورة مؤسسة المفوض القضائي ستسهم في انجاح هذه التجربة التي يستشرف منها المشرع مستقبلا منفتحا على خوصصة قطاع العدل في بلادنا ؟
الخاتمة:
ان عمل المفوض القضائي لم يعد عملا يعبر عن مهنة منظمة بقانون خاص فحسب وانما ، اضحى مرتبطا بمؤسسة شبه نظامية تشكل امتدادا لجملة من اختصاصات و اهتمامات قطاع العدل ، و لعل حجم المسؤوليات التي أسندها المشرع لهذه المؤسسة وطبيعة الاختصاصات الاجرائية والموضوعية التي خولها لها تمثل حجم الآمال و الانتظارات المنعقدة عليها . 
مراكش في : 19 رمضان 1427 موفق 12 أكتوبر 2006
عبد الجبار بهم منتدب قضائي اقليمي بالمحكمة التجارية بمراكش 

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا