أحكام التعاقد بالنيابة في ضوء التشريع المغربي
للأستاذ محمد اوغريس نائب الوكيل العام للملك
لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء
مقدمة :
من المبادئ المقررة في ميدان التعاقد ان العقد لا يلزم الا من كان طرفا فيه، فأثاره لا تنصرف الا الى متعاقديه بالذات ما دام قد ارتضيا ذلك.
غير هذه القاعدة ليست مطلقة، اذ قد يحدث أحيانا، وهذا جائز قانونا، ان يتعاقد شخص نيابة عن غيره فتنصرف آثار التعاقد مباشرة الى هذا الغير كما لو كان قد باشر العقد بنفسه فتترتب له الحقوق ويتحمل بالالتزامات الناشئة عنه، ويكون للأصيل الحق في المطالبة بها بنفسه كما يطالب بتنفيذ الالتزامات.
والتعاقد بالنيابة يقتضي حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل في
إبرام تصرف قانوني باسم الأصيل ولحسابه وذلك ضمن حدود النيابة المرسومة له.
إبرام تصرف قانوني باسم الأصيل ولحسابه وذلك ضمن حدود النيابة المرسومة له.
والتعاقد بالنيابة وليد التطور التاريخي بعد ان اختلف في تبيان أساسه وهو ذو فائدة كبرى في الحياة العملية.
وعليه، فسنتحدث عن أساس التعاقد بالنيابة، فائدته في الحياة العملية ثم نبين موقف التشريعات الحديثة منه بعد الحديث عن التطور التاريخي له وذلك قبل الحديث عن أحكام التعاقد بالنيابة التي سنتناولها في فصلين اثنين : الفصل الأول نعرف فيه بالنيابة، ونقارن بينها وبين الأوضاع المشابهة لها مع بيان أنواعها، وفي الفصل الثاني شروطها وأثارها.
1- أساس التعاقد بالنيابة :
اذا النائب هو الذي يبرم العقد، فان الأصل هو الذي تنصرف اليه أثاره إيجابية كانت ام سلبية، الأمر الذي يدعو الى التساؤل عن الأساس الذي تستمد منه النيابة مصدرها، حتى يمكن التسليم بانصراف آثار التعاقد الى شخص لم يكن طرفا فيه.
فما هو اذن الأساس الذي نبغي الاعتماد عليه من اجل تفسير الارتباط القائم بين إرادة الأصيل ارادة النائب؟
لقد اختلف الفقه بين قديم وحديث في ايجاد أساس قانوني لنظرية التعاقد بالنيابة.
فالفقهاء القدامى الذين درسوا الموضوع اختلفوا في تبيان أساسه، فلقد ذهب الفقه بويته ومن بعده فقهاء القرن التاسع عشر الى ان أساس ارتباط ارادة الأصيل بارادة النائب يقوم على مجاز او افتراض قانوني.
فالنائب وان كان يتقمص شخصية الأصيل ويتكلم بلسانه، ويحل ارادته محله، فان الأصيل هو الذي يعد عاقدا وبالتالي فان آثار العقد موجبة كانت ام سالبة تنصرف اليه وحده على الرغم من ان النائب هو الذي ابرم العقد مع الغير...
No comments :
اضافة تعليق
الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى