Wednesday, September 08, 2010

من أين تبتدئ الجهوية الموسعة، وأين تنتهي؟

من أين تبتدئ الجهوية الموسعة، وأين تنتهي؟


حميد أبولاس*


إن مشاركتي في هذه الندوة تأتي في اطار المساهمة كجامعي في إغناء النقاش الدائر بخصوص الجهوية الموسعة، والإدلاء بمجموعة من الافكار بخصوص هذا الورش. كذلك تأتي هذه المساهمة قصد الإجابة عن مجموعة من الاسئلة التي تؤرق المسؤولين بالمؤسسة الرسمية والفاعلين السياسيين والباحثين والمجتمع المدني، وعموم المواطنين، فالكل يتساءل عن الجهوية الموسعة المزمع تطبيقها، ما الذي نقصد بهذه الجهوية الموسعة؟ من أين تبتدئ و اين تنتهي؟ بمعنى ماهي حدود هذه الجهوية الموسعة؟ خصوصا وانها ستكون نموذجا مغربيا مغربيا. بمعنى أنه لا يمكن اللجوء فيها للتقليد الحرفي، والاستنساخ الشكلي للتجارب الاجنبية، ومن هنا نتساءل ماهي حدود هذه الجهوية الموسعة؟ ما الذي يمكن ان يفرقها عن باقي التجارب الاخرى التجربة الفرنسية او التجربة الاسبانية او الايطالية؟
وماهي الاختصاصات التي يمكن منحها للدولة وكذلك الاختصاصات التي
يمكن منحها للجهات في افق اعتماد الجهوية الموسعة؟
ومداخلتي في هذا اللقاء حول موضوع يعتبر جوهر الاصلاحات المرتقبة و عمودها الفقري، على اساس ان علاقة الدولة بالجهة في اطار الاصلاحات المرتقبة من حيث الاختصاصات يجب ان تتحدد بشكل واضح، وان يتم تجاوز مجموع الاشكالات التي تتعلق بتداخل الاختصاصات وغيرها من الاشكالات الاخرى. فمداخلتي عنونتها مقاربة تصورية لتوزيع الاختصاصات مابين الدولة والجهات في ظل الجهوية الموسعة المزمع تطبيقها.
وهذا الموضوع سأحاول مناقشته من ثلاث نقط اساسية
اولا: تحديد بعض المفاهيم
ثانيا: الاساس الذي يمكن الاعتماد عليه في توزيع الاختصاص مابين الدولة والجهة
ثالثا: بعض التجارب من الانظمة المقارنة
رابعا: مقترحات بخصوص الجهوية المتقدمة المزمع تطبيقها تتعلق بالمرتكزات وتوزيع الاختصاصات
اولا: تحديد بعض المفاهيم
تعتبر الجهوية في الوقت الراهن من اكثر القضايا التي تحظى باهتمام ومتابعة دقيقة على مستوى الساحة الوطنية، ويأتي هذا الاهتمام ليس فقط في خضم تجربة اكتسبها النظام اللامركزي ويتم النظر الى ايجابياتها وسلبياتها، لكن يتم النظر اليها من طرف السلطات والقوى السياسية والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والهيئات التمثيلية وطنيا كمعطى مهم يستطيع المغرب بفضله ان يؤسس لمرحلة تنموية جديدة بتفكير ومناهج جديدة في افق تحقيق جهوية موسعة كاصلاح للامركزية الجهوية، ومن هذا المنطلق فإن المغرب وحسب توجهات ومواقف العديد من الفعاليات والمهتمين بالشأن الجهوي المغربي اصبح مطالبا بتحقيق اصلاح جهوي فعلي يستجيب لتطلعات المجتمع المدني والسياسي بمختلف اطيافه و مكوناته.إذا كانت الجهوية اختيار دأب عليه المغرب منذ ما يقرب عن خمسة عقود وطوره عبر السيرورة التاريخية، فإن ذلك لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة الاعتقاد بأن الصيغ والاساليب القديمة قد انتقدت امكانياتها، فالدولة اقتنعت بحتمية الاقلاع عن عدم التمركز وجعل ادوات القرار قريبة من المعنيين واصلاح اللامركزية، وهنا يمكن طرح اشكالين قبل الدخول في تحديد الجهوية الموسعة كاصلاح شامل للامركزية الجهوية، هذان الاشكالان، هما اشكالية تحديد مفهوم الجهوية.
1- اشكالية تحديد مفهوم الجهوية: إن تحديد مفهوم الجهوية يقتضي التمييز بين الجهوية التي لها مدلول مجموعات متماسكة ذات اهداف سياسية دفاعية، والجهوية بمفهومها الحديث المعاصر، الذي يعني مجموعة متناسقة تهدف إلى تكامل اقتصادي اداري تنموي من أجل النهوض بمؤهلاتها وتسخير امكانياتها البشرية والطبيعية المادية في اطار متكامل.
وقد يصعب تحديد مفهوم الجهوية، والاتفاق حوله، فهذه الأخيرة تتحكم فيها معطيات وخصوصيات تختلف باختلاف الانظمة السياسية التي تتبناها، حيث تتنوع علاقة تنظيم المجال ومدى استقاليته عن المركز لكون الجهة من الضاحية او المجال المحيط بالمركز. وفيما يتعلق بانواع واشكال الجهوية، فيمكن التمييز بين ثلاثة انواع استنادا الى الاطار القانوني الذي تستمد منه وجودها وهي تشمل: الجهوية الوظيفية، الجهوية الادارية، ثم الجهوية السياسية.
الجهوية الوظيفية: إن الأساس الشرعي لهذا النوع من الجهوية هو الوظيفة المراد إنجازها دون الأخذ بعين الاعتبار العوامل الأخرى، والجهة في اطار هذا النوع ماهي الا مجالا ترابيا لتسيير مهمة محددة من مهام الدولة، ولا تتطلب بالتالي وجود ادارة ذاتية مستقلة ولها شخصية قانونية متميزة.
الجهوية الادارية: وهي على نوعين: جهوية ادارية لامركزية وجهوية ادارية مع عدم التركيز
الجهوية الادارية للامركزية، في اطار هذا النوع تتمتع الجهة باستقلال ذاتي يتمثل في وجود ادارة منتخبة وموارد مالية وبشرية، واختصاصات محددة بواسطة القوانين العادية.
الجهوية الادارية مع عدم التركيز: تتوفر على ادارة وموارد مالية وبشرية، ولها اختصاصات محددة، غير ان الجهة تكون مسيرة من طرف ممثلين للسلطة المركزية. وعموما فالجهة في اطار اللامركزية هي وحدة ترابية مستقلة تجاه السلطة المركزية،في حين أن الجهة في اطار عدم التركيز هي مقاطعة ادارية تابعة للسلطة المركزية، وتخضع لسلطتها الرئاسية.
الجهوية السياسية: تتمتع الجهة هنا بسلطات سياسية مهمة، وتحتل مكانة متميزة داخل التنظيم الاداري والسياسي، فهي تتقاسم مع السلطة المركزية الوظائف السياسية في الميدان التشريعي والتنظيمي ، وقواعدها محدودة دستوريا، والجهة السياسية هي اعلى مستوى من مستويات اللامركزية الترابية دون الوصول الى مستوى الدولة الفيدرالية، التي تتوفر فيها الجهة على سيادتها التامة مع احترام القوانين الاتحادية.


ثانيا: الاساس الذي يمكن الاعتماد عليه في توزيع الاختصاصات مابين الدولة والجهات والمعايير الواجب توفرها.
يمكن الرجوع في هذا الاطار الى الخطابات الملكية الأخيرة، الخطابات بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين للمسيرة الخضراء، والذكرى الرابعة والثلاثين وكذا الخطاب الملكي الاخير بمناسبة تشكيل اللجنة الاستشارية للجهوية.
وهكذا نجد أن الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 33 للمسيرة الخضراء، اعتبر مشروع الجهوية هو اصلاح هيكلي عميق يقتضي جهدا جماعيا لبلورته وانضاجه. وقد بين جلالته في هذا الخطاب الهدف من هذا الورش هو ترسيخ الحكامة المحلية وتعزيز القرب من المواطن وتفعيل التنمية الجهوية المندمجة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولبلوغ هذه كذلك، فان هذا الاصلاح يجب ان يقوم على مرتكزات الوحدة والتوازن والتضامن.
والخطاب الملكي بمناسبة تعيين اللجنة الملكية الاستشارية للجهوية، حيث نجد جلالة الملك يؤكد على نموذج الجهوية، بحيث هذا النموذج يجب ان يكون مغربيا مغربيا، وبالتالي فالجهوية الموسعة المزمع تطبيقها يجب ان تقوم على أربع مرتكزات
اولا: التشبث بمقدسات الامة وثوابتها، وحدة الدولة والوطن والتراب
ثانيا: الالتزام بالتضامن، إذ لا ينبغي اختزال الجهوية في مجرد توزيع السلطات بين المركز والجهات، فالتنمية الجهوية لن تكون متكافئة وذات طابع وطني، إلا إذا قامت على تلازم استثمار كل جهة لمؤهلاتها. على الوجه الأكمل، مع إيجاد آليات ناجعة للتضامن المجسد للتكامل والتلاحم بين المناطق.
اعتماد التناسق أوالتوازن في الصلاحيات والإمكانات، وتفادي تداخل الاختصاصات أو تضاربها.
رابعا: انتهاج اللاتمركز الواسع، الذي لن تستقيم الجهوية بدون تفعيله، في نطاق حكامة ترابية ناجعة، قائمة على التناسق والتفاعل، فالتركيز في إطار الاصلاحات المرتقبة يجب أن ينصب على مجموعة من المبادئ.
والملاحظ في كل الخطابات الملكية التي تتعلق بالجهوية الموسعة أن جلالته يربط مابين الجهوية واللاتركيز، بحيث اعتبر جلالته ان الجهوية الموسعة لا يمكن ان تنجح إلا اذا كانت متلازمة مع اللاتركيز.
فانطلاقا مما ذكرناه فالجهوية الموسعة المزمع تطبيقها لا يمكن اختزالها فقط في توزيع السلطات بين المركز والدولة، بل ان المسألة اعمق من ذلك تلتزم توفير العديد من الشروط نذكر منها: تلازم استثمار كل جهة لمؤهلاتها، ضرورة ايجاد آلية ناجعة للتضامن المجسد للتكامل
ثالثا: بعض التجارب
من الانظمة المقارنة
توزيع السلطات بين الدولة والجهات لتفعيل تلك اللامركزية السياسية لصالح مناطق الحكم الذاتي، مع الاشارة الى أن هذه الميكانيزمات لم تكن حينها غريبة عن تاريخ قانوننا الدستوري. وبغض النظر عن مبادرات اخرى لم يحالفها النجاح لاسباب متعددة وان دلت مع ذلك على أن اللامركزية السياسية كانت تمثل مطمحا تاريخيا لبعض القوميات والاقاليم.
واذا ما رجعنا لبعض التجارب المقارنة فنذكر علي سبيل المثال اسبانيا، فإننا نجد أن وضع اطار حد ادنى لتوزيع الصلاحيات كان ضمن التوزيع الذي قام به المشرع الدستوري سنة 1978 وتوجد سابقة له في دستور 1931 للجمهورية الثانية، وعلى اساسه تمت المصادقة على النظام الخاص بكالتالونيا (1932 )والنظام الخاص ببلاد الباسك (1936 )مع اخضاع نظام غاليسيا للاستفتاء ولكن دون ان يصادق عليه
ويمكن القول إننا أمام حصيلة ايجابية للامركزية السياسية التي تحققت حتى سنة 2004 والتي هي ثمرة نظام الجهات كما وضع اسسه الدستور والانظمة الخاصة بمناطق الحكم الذاتي، وانسجاما مع ما وضعت خطوطه المحكمة الدستورية.
توزيع المجالات وطبيعة الصلاحية.
يفترض إقامة إطار في مستويات دنيا لتوزيع الصلاحيات داخل الدستور أن تجسيد تلك الاختصاصات قد تحقق عبر الأنظمة الداخلية وأن تأويلها اضطلعت به المحكمة الدستورية التي عملت على تقسيم الصلاحيات ورسم حدودها بين الدولة وأقاليم الحكم الذاتي بفضل عمل فقهي قانوني مكثف.
ويتأسس مبدأ الصلاحية الذي يوجه علاقات السلطة، كما ذكرنا ذلك سالفا، على توزيع المجالات بين الكيانات المعنية. ومع ذلك لا تستعمل في قوائم الصلاحيات المتضمنة في الفصلين 148 و149 من الدستور الإسباني معايير تسمح بوضع تصور متجانس لمفهوم المجال. وفي تلك التوجيهات تتم الإشارة إلى مجموعة متنوعة جدا من القيم المحلية بطرق متباينة على أنشطة ووظائف عمومية وأعمال وثروات وخدمات وغيرها، وهي توزع بمعيار أهميتها الخاصة المتضمنة في الفصل 137 من الدستور، مما يؤدي إلى أن يخصص للدولة طبقا لمبدأ الوحدة كل ما يتعلق بالمصلحة العامة. ولا يقود هذا المعيار المحدد المستنتج من الفصل 137 من الدستور مع ذلك إلى استخلاص وجود تطابق بين السلطات المخصصة للدولة والمصلحة العامة، ففي مجال معين عادة ما تلتقي مصالح مرتبطة بالدولة وأخرى متعلقة بأقاليم الحكم الذاتي، نظرا لأن الفقه القانوني طابق بين المصلحة الخاصة المتعلقة بطرف معين والمصلحة المهيمنة.
وتجدر الإشارة إلى أن توزيع المجالات في كثير من المقتضيات لا يتحقق بواسطة تخصيص مجال برمته لهذا الكيان أو ذاك، ولكن عكس ذلك في بعض الحالات توجد مجالات توزع في علاقة بها الوظائف اللصيقة بذلك المجال (التشريعية أو التنفيذية)، وفي حالات أخرى تمنح الصلاحية المرتبطة بمجال واحد لكيانين اثنين، بل إن المجال قد «يقسم» وتوزع أجزاء منه وتحيل المقتضيات المذكورة على الصلاحيات المتقاسمة المحددة مما يرسم صورة للصلاحية كمعيار لنظام توزيع الصلاحيات.
صلاحيات حصرية
ينص الفصل 1.149 من الدستور على أن الصلاحيات المخصصة للدولة تكون لها صفة «الحصرية» بينما لا تنسب للصلاحيات المذكورة في الفصل 1.148 من الدستور، على الأقل مسبقا، أية صفة. ولكن القراءة المتأنية للقانون تبين لنا الطابع العام لمصطلح الحصرية. كما أن التخصيص الحصري للصلاحيات لا يمثل القاعدة السائدة في توزيع الاختصاصات، فالكثير من الصلاحيات المذكورة في الفصل 1.149 من الدستور توصف بأنها متقاسمة ومن منظور التمييز بين المجال والوظيفة تتحقق الحصرية في المقتضيات التي تمنح فيها كل الصلاحيات التشريعية والتنفيذية سواء للدولة أو لإقليم الحكم الذاتي. وتحدد الصلاحيات الحصرية في الأنظمة الداخلية الجديدة وتحديدا في تلك التي تنطلق من تحديد مختلف أنماط الصلاحيات، باعتبارها تتضمن السلطة التشريعية والسلطة التفنيذية، ويضيف النظامان الداخليان لكل من كاتالونيا أو أراغون إلي المضامين السابقة صلاحية وضع سياسات خاصة، أما غير ذلك، فإن الأنظمة الخاصة بالحكم الذتي تتضمن جردا وافيا للصلاحيات، كما ذكرنا ذلك فيما سلف، المخصصة حصريا.


الصلاحيات المتقاسمة على أساس الوظائف: التشريع والتنفيذ، والتشريع الأساسي والتطوير والتنفيذ.
إن الطابع المتعدد للوظائف يجعلها قابلة لتوليفات متعددة، اعتبارا لإمكانية تخصيص الوظائف التشريعية بكيان معين ومنح كيان آخر الوظائف التنفيذية، من جهة أولى، ومن جهة ثانية نجد أنفسنا أمام المقتضيات التي يمنح الفصل 1.149 من الدستور بمقتضياها الدولة صلاحيات تتعلق بالأسس أو التشريع الأساسي، ليترك لأقاليم الحكم الذاتي إمكانية التكفل بصلاحيات التطوير التشريعي والتنفيذي.
الصلاحيات المتقاسمة
في الإصلاحات الحديثة
للأنظمة الداخلية
تتمثل الوظائف اللصيقة بالصلاحيات المتقاسمة المذكورة طبقا للفصول 111 من النظام الداخلي لكاتالونيا، و2.42 من القانون الداخلي للأندلس و75 من القانون الداخلي لأراغون، في السلطة التشريعية والسلطة التنظيمية والوظيفة التنفيذية، وتضاف إليها في نظامي كاتالونيا وأراغون سلطة تطوير سياسات يتعلق الأمر بسلطات تضاف لتلك المقتضيات الي تنسب فيها للدولة سلطة وضع التشريعات الأساسية، مما جعل الانظمة الداخلية تضيف فكرة أن هذه السلطات يجب أن تمارس وفقا للأسس التي تضعها الدولة. وفي الحالات الثلاث، يتم التنصيص على أن تلك الأسس يجب أن تحدد ضمن معايير لها صفة القانون، «ما عدا المقتضيات التي تحدد طبقا للدستور». وتضاف في نظام كاتالونيا نقطتان، تتعلق الأولى بمضمون الأسس التي تطابق «المبادئ أو الحد المعياري الأدنى» الشيء الذي لا تنتج عنه في نظري أية آثار سلبية طبقا للفقه القانوني الدستوري المذكور، ومن جهة ثانية ينص الجزء الأخير من الفصل 111 المذكور من القانون الداخلي لكاتالونيا على أن «البرلمان يطور ويجسد تلك المقتضيات الأساسية عبر قانون»، الشيء الذي لا يمنع التطبيق المباشر للتشريع الأساسي في إقليم الحكم الذاتي. ومن هذا المنطلق نفسه يجب النظر فيما يتضمنه النظام الداخلي المصادق عليه من إلغاء لإمكانية أن تتضمن السلطة التنظيمية في إطار ممارسة صلاحية التنفيذ تنظيمات «تطوير النظام المعياري للدولة». وكما يلاحظ في النص النهائي، لا تشمل السلطة التنظيمية من هذا المنظور سوى «المصادقة على تنظيمات خاصة بالتنفيذ. وينص مضمون الفصل 107 من مقترح الإصلاح المتعلق بالصلاحيات التنفيذية على ما يلي:
«يعود لأجهزة الحكم الذاتي فيما يخص المجالات التي أناطها به النظام الداخلي الوظيفة التنفيذية والسلطة التنظيمية التي تشمل المصادقة على أنظمة تطوير وتنفيذ النظام المعياري للدولة المنصوص عليها لوضع التنظيم العام للمجال، وأيضا مجموع الوظيفة التنفيذية التي تشمل في كل الأحوال سلطة تنظيم إدارتها الخاصة، وأنشطة ا لبرمجة والتخطيط، واختصاصات التدخل الإداري، وأنشطة التسجيل، وسلطات المراقبة والجزاء، و تنفيذ الدعم وكل الوظائف والأنشطة الأخرى التي يمنحها النظام الداخلي للإدارة العمومية».
وفي هذا الصدد، نصت المحكمة الدستورية منذ حكمها 1982/18 المؤرخ بالرابع من ماي أن السلطة التنظيمية العامة أو سلطة تنفيذ القانون تعود للدولة باعتبارها مالكة السلطة التشريعية، بينما يعود لمنطقة الحكم الذاتي فقط سلطة تنفيذ النظام المعياري للدولة، أي القانون وقانونه التنظيمي، وإذا اقتضى الحال المصادقة على الأنظمة التنظيمية.


صلاحيات متقاسمة اعتبارا للمجال


نقصد هنا المقتضيات التي بموجبها تمنح الصلاحيات المتعلقة بمجال معين إلى كيانين ترابيين، وإلى المقتضيات التي يقسم فيها المجال عن طريق منح كل واحدةمنهما وظائف متعلقة بأجزاء من المجال المعني. وكمثال علي الصنف الأول، نذكر الثقافة أو البحث العلمي والتقني بحيث تمنح صلاحيات حصرية لكل كيان على حدة في علاقة بجزء معين من المجال المعني، يمكن أن نذكر الصيد البحري والموانئ والأشغال العمومية والسكك الحديدية والموارد المائية والصحة والتجارة.
هكذا تتم المطالبة بالإخبار المسبق لتقييم الأشغال العمومية، والموانئ، والمطارات، والبنيات التحتية الأخرى للنقل التي تدخل في إطار المصلحة العامة، وأيضا ضرورة المشاركة في تخطيط مثل هذه الأعمال وبرمجتها، طبقا لما تنص عليه تشريعات الدولة والنظام الداخلي لمنطقة الحكم الذاتي فيما يخص العلاقات المؤسساتية لهذه الأخيرة بالدولة، وعموما المشاركة في تدبير شبكات النقل للدولة في الحدود المنصوص عليها في تشريعات الدولة (الفصلان 140 و2.142 من النظام الداخلي لكاتالونيا، و56 و64 من النظام الداخلي للأندلس). ويتضمن النظام الداخلي لأرغوان وظائف تتعلق بأشغال مرتبطة بالمصلحة العامة للدولة، وفي بنيات تعود صلاحيتها للدولة، وبالضبط «المشاركة في التخطيط و البرمجة وتدبير» تلك الأشغال إذا أنجزت فوق تراب منطقة الحكم الذاتي (الفصل 71 من النظام الداخلي لأراغون).
ثانيا: تأطير الصلاحيات في حالة الصراع
يقع هذا الأمر عندما يقع تداخل في الصلاحيات في نفس الفضاء الفيزيقي.
هناك حالات يكون فيها المجال محددا تنسب الصلاحيات فيه إلى الدولة أو إلى الجهة ومع ذلك على مستوى التطبيق تلتبس الحدود، ويتطلب الأمر تدخل المحكمة الدستورية
ففي المرة الأولى تطالب المحكمة الدستورية تشغيل آليات التعاون والتشاور
كما أنه في نهاية المطاف فإن الصراع حول الصلاحيات لا يمكن أن يحل من منظور الإقصاء، بل يجب اللجوء الى وسيلة للتوافق بين الدولة والجهات المستقلة، المدعوين إلى التكامل، وفي هذه الحالة يمكن خلق بعض الأجهزة لوضع جسور التكامل.
والحالة التي تطرح العديد من الإشكالات هي مسألة تحديد المجال الترابي بحيث يتم الطرح - إشكال المتدخلين، الدولة أم الجهات.
وحينما نرجع إلى التجربة الفرنسية وندرس توزيع الاختصاصات ما بين الدولة والجهات، فإننا نجد أن الدولة تتمتع بالاختصاصات التالية
الدولة: السياسة التربوية
البرامج والتوقيع، تنظيم الامتحانات، مراقبة الأساتذة التربويين (بواسطة مفتشي تسيير ومكافأة الموظفين التربويين والموظفين غير التربويين.
تنظيم الدخول المدرسي، توزيع استعمالات الزمان، تعيين الموظفين
بناء وتسيير مؤسسات التعليم العالي، تحديد نسيج حي وتهيئة مؤسسات التعليم العالي- ترخيصات المدارس- تهيئة المدارس، ومراقبة انشطة التسيير- انشطة المؤسسات والتسيير البيداغوجي
المراكز الجهوية للتربية التي عليها إقبال شعبي والرياضة والمؤسسات العمومية للدولة لزرع نسيج حي جهوي
تمويل انشطة التكوين قابلة بأن تكون تابعة للجهة او بطبيعة تجريبية
سلطة
استشارة من طرف الجهة من أجل إصدار تصميم جهوي لتنمية التكوينات المهنية والشباب والراشدين.
تقييم السياسات الجهوية
توقيع الاتفاقيات السنوية وبرمجة تمويل الانشطة
هذه الاختصاصات هي متعلقة بالمجال التربوي وهي مخولة للدولة في فرنسا
اما الاختصاصات المخولة للجهة فهي كالتالي:
بناء وإعادة البناء وتوسيع وتسيير المدارس والمؤسسات التربوية الخاصة ومؤسسات التعليم الفلاحي.
سلطة الاشغال المتعلقة بالمؤسسات الجامعية.
إنشاء الخريطة التوقعية للتكوينات
إقامة برنامج التوقعي للاستثمارات للمدارس، مؤسسات التربية الخاصة، مدارس التكوين البحري ومدارس التكوين الفلاحي
مشاورة حول مظاهر الجهات لخريطة التكوينات العليا والبحث
إصدار ومصادقة التصميم الجهوي لتنمية تكوينات مهنية والشباب والراشدين
اختيار خريطة جهوية للجمعية الوطنية للتكوين المهني للراشدين وتعريف البرامج
توقيع الاتفاقيات السنوية للبرمجة وتمويل الانشطة
تبني برنامج سنوي جهوي للدعم والتكوين المهني يسير من طرف المجلس الجهوي
أخذ في تحمله التعويض المقاصي
بناء وصيانة التجهيزات الرياضية في المدارس.
رابعا: مقترحات بخصوص الجهوية المتقدمة المزمع تطبيقها تتعلق بالمرتكزات وتوزيع الاختصاصات.
اولا: مرتكزات الجهوية المتقدمة
1- التشبث بمقدسات الأمة وثوابتها
2- الالتزام بالتضامن
3- اعتماد التناسق والتوازن في الصلاحيات
4- انتهاج اللاتمركز الواسع
ثانيا: الصلاحيات التي سيتم نقلها من الدولة الى الجهة في إطار الجهوية المتقدمة، صلاحيات واختصاصات سيتم تقسيمها على المجالس الجهوية والمصالح اللاممركزة- المدى الذي ستبلغه الجهة من حيث الوظائف.
صلاحيات سيتم تقسيمها ما بين الدولة والمصالح اللاممركزة من حيث المواد والمواضيع - تدقيق الاختصاصات وتبني السياسات العمومية من طرف الجهة في ظل الجهوية المتقدمة-تجسيد مضمون التشريعات والقوانين التي ستصدرها الدولة في هذا الاطار-تأطير الصلاحيات وتوضيحها في حالة التنافس-عقلنة المجال الترابي الذي ستطبق فيه الجهوية-ضرورة الاخذ بعين الاعتبار التكامل على مستوى الموارد او على مستوى الثقافات والتقاليد واللغات- تخويل الجهات التكفل بالاختصاصات التنموية المنصوص عليها في النصوص القانونية -التمييز ما بين الاختصاصات التي ستمنح للجهة سواء للمجالس الجهوية او المصالح اللاممركزة والاختصاصات التي ستبقى للدولة.
ضرورة تمكين الانظمة الخاصة بالجهات في إطار الجهوية المتقدمة ان تنص على أنه في حالة ممارسة الصلاحيات التي ستمنح في إطار الجهوية المتقدمة، الاخذ بعين الاعتبار الاسس التي تحددها الدولة- تمكين الاجهزة الادارية سواء تلك المتعلقة بالمجالس الجهوية او المصالح اللاممركزة من تنفيذ الاختصاصات والصلاحيات.
-ضرورة تنظيم الهياكل الادارية التي ستمنح لها السلط التي ستنفذ الصلاحيات والاختصاصات التي ستخول للجهة.-تقسيم الاختصاصات حسب المواد او المواضيع-
افتراض انتساب نفس المادة او الموضوع لكيانين مجاليين، او تقسيم هذه المواضيع والمواد والمواضيع الى اجزاء حسب الهيئات الترابية ومن بين هذه المواد والمواضيع نجد
(الثقافة - البحث العلمي والتقني - الصيد البحري - الموانىء والاشغال العمومية - السكك الحديدية - النقل البري - الموارد المائية - التجارة - والصحة.
ضرورة المطالبة بتحديد الاختصاصات سواء من قبل الدولة او الجهة المعنية.
اذا أثبتت ممارسة هذه الاختصاصات تداخل ووقع نزاع على هذا المستوى فإن الامر يعود للمحكمة الادارية المختصة للبت في هذا النزاع.
أحيانا يمكن أن تتداخل اختصاصات الجهات في مواضيع معينة، الامر هذا يتطلب التنسيق عبر آلية للتعاون والتنسيق.
أحيانا يمكن تبني سياسات عمومية تفوق الدولة وهنا يجب توضيح الامر.
يجب على المناطق التي ستعرف تطبيق الجهوية المتقدمة ان تخرج من قوقعتها الاختصاصية للانتاج على ما يمكن ان نسميه اللامركزية المعولمة، وارتباطا بهذا يجب التفكير في منح الهيئات المحلية الدور المنوط بها.
مجالية اختصاصات مناطق الجهات، وهذا يعني ان الجهات التي ستمنح لها صلاحيات في إطار الجهوية المتقدمة، ان تمارس هذه الصلاحيات داخل مجالها الترابي، لكنها يمكن ان تتعاون مع جهات أخرى عن طريق الشراكات او وسائل أخرى يمكن إحداثها لهذا الغرض.
اختصاصات الدولة في مجال التنسيق في ظل الجهوية المتقدمة
في ما يخص التخطيط العام للنشاط الاقتصادي والتعليم العالي البحث العلمي والتقني والصحة
لمنع حدوث تناقضات في ممارسة مختلف الجهات المعنية
خلق الدولة لمجموعة من الميكانيزمات للتنسيق في مختلف المجالات وتتكلف الجهات بالتنفيذ.


* استاذ القانون الاداري والعلوم السياسية
جامعة عبد المالك السعدي بتطوان
3/27/2010

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا