Thursday, May 09, 2013

دراسة في القانون: التعويض المستحق للمكتري التاجر عن فقدان أصله التجاري (1/2)


إن التعديل الذي جاءت به مدونة التجارة أعطى الاختصاص للمحاكم التجارية للبت في قضايا التعويض عن الأصل التجاري ، عكس ما كان جاريا به العمل
 قبل هذا التعديل  وهو انعقاد الاختصاص للمحاكم العادية. وقد حددت الفصول من 6 إلى 11 من مدونة التجارة طبيعة العمل التجاري و صفة التاجر،
 ونصت على العناصر التي تخول  للمكتري صفة التاجر، وهي ممارسة الأعمال التجارية بصفة اعتيادية أو احترافية بالنسبة 
إلى بعض منها أو بصفة عرضية بالنسبة إلى بعض الآخر.

الأعمال التجارية يمكن أن يمارسها التاجر في محل معين أو دون محل كالبائع المتجول مثلا، والمشرع المغربي في إطار الضمانات المخولة للتاجر الذي يتوفر على محل قار لممارسة تجارته بناء على عقد كراء تتوفر فيه الشروط القانونية، ومن هذه الضمانات القانونية توفير الاستقرار، وقد ارتبطت هذه الحماية بأجل معين يكتسب خلاله التاجر صفة تاجر كما تكتمل للمحل عناصر الأصل التجاري، وهذه المدة محددة في سنتين بالنسبة إلى العقود الكتابية وأربع سنوات بالنسبة إلى العقود الشفوية التي تنصب على المحلات التجارية الرابطة بين المالك المكري والتاجر المكتري، وبعد مرور الأجلين المذكورين أعلاه يكتسب التاجر صفة تاجر كما تكتمل للمحل التجاري جميع العناصر التجارية، ويطرح
موضوع تجديد العقد بين طرفي العلاقة الكرائية، فإما أن يجدد العقد بصفة تلقائية عند سكوت المالك أو يرفض الأخير تجديد العقد وفي هذه الحالة يمكن للمكتري التاجر طلب التعويض عن الأصل التجاري، كما يمكنه أن  يحرم من هذا التعويض، إذا توفرت عناصر الحرمان من ذلك.
الحالة التي يفرغ فيها المكتري مع حصوله على التعويض كاملا
تنظم هذه الحالة مقتضيات المادة 10 من ظهير 24 مايو 1955، التي تنص على ما يلي :»يحق للمكتري رفض تجديد العقدة، إلا أنه إذا استعمل هذا الحق فيكون عليه أن يؤدي للمكتري المطلوب منه الإفراغ تعويضا عن هذا الإفراغ يعادل ما لحقه من الضرر الناجم عن عدم تجديد العقدة وذلك باستثناء ما قرره الفصل 11 وما يليه من الفصول.
ويلزم المحكمة وقت تحديد قدر التعويض أن تعتبر ما سيحصل للمكتري من الخسائر وما سيفقده من الأرباح بسبب إضاعة حقوقه.
ويكون قدر التعويض مساويا على الأقل لقيمة الأصل التجاري اللهم إذا أثبت المكري أن الضرر أخف من القيمة المذكورة» .
و يهدف المشرع من وراء مقتضيات المادة 10 حماية وضمان استقرار المكتري، فيكون المكري في حالة المطالبة باسترجاع محله ملزم بأداء تعويض يناسب الضرر اللاحق بالمكتري من جراء حرمانه من أصله التجاري، والذي يشمل عنصر الزبناء، والتجهيزات  كعناصر مادية حق الكراء عنصرا معنويا.
والضرر الحاصل للمكتري لا يمكن معرفته أو تقويمه دون اللجوء إلى مسطرة تعيين خبير مختص في طبيعة التجارة التي يمارسها المكتري لتحديد الضرر الحاصل له جراء فقدان الاصل التجاري.
  إلا أنه عمليا يصعب تحديد التعويض باعتبار أن الضرر لا يظهر جليا إلا بعد عملية الإفراغ واستقراره في المحل الجديد. 
الحالة التي يفرغ فيها المكتري دون حصوله على أي تعويض
وقد ورد ذكر هذه الحالة في المادة 11 من ظهير 24 مايو 1955 وذلك كالتالي :»للمكتري أن يرفض تجديد العقدة دون إلزامه بأداء أي تعويض وذلك في:
أولا: إن أتى بحجة تشهد ضد المكتري المطلوب بالإفراغ بأن هناك سببا خطيرا ومشروعا.
ثانيا: إن أثبت وجوب هدم الملك كلا أو بعض لأن السلطة الإدارية أعلنت أنه وخم ومخالف للمبادئ الصحية، أوأثبت أن في شغل الملك خطرا بسبب انعدام الأمن فيه.
وإذا قام رب الملك أو ورثته من بعده بإعادة بناء جميع الملك أو بعضه أو قام بترميمه فللمكتري حق الأسبقية في كرائه طبقا للشروط المنصوص عليها في الفصلين 13 و14 الآتيين بعده».
فالمادة 11 المذكورة أعلاه تنص على ثلاث حالات للإفراغ دون استفادة المكتري التاجر من أي تعويض وهذه الحالات هي كالتالي:
الحالة الأولى: عدم أداء أقساط الكراء:
من القواعد العامة المعمول بها في إطار قانون الكراء بصفة عامة وعقود كراء الأصول التجارية بصفة خاصة، أن الكراء يطلب ولا يعرض، فعلى المكري الذي لم يتوصل بواجبات الكراء داخل الأجل المتفق عليه وفق بنود العقد، أن يبعث بإنذار إلى المكتري قصد إثبات واقعة التماطل، محددا له أجلا معقولا لا يقل في غالب الأحيان عن 15 يوما ويجب تضمين الإنذار مقتضيات المادة27 من ظهير24 مايو 1955.
والمثير للاستغراب أن المحكمة التجارية بالبيضاء لأنها محكمة مختصة في النظر في هذه النزاعات، لم تستقر على قرار واحد بخصوص أجل ثبوت التماطل.
فبعض الأحكام الصادرة عنها قررت بشأنها الإفراغ لمجرد انقضاء الأجل المضروب للمكتري بمقتضى الإنذار وهو غالبا ما يحدد من قبل المكري في 15 يوما، دون انتظار مرور أجل ستة أشهر .
في حين ذهبت بعض الأحكام الأخرى خلاف ذلك، واعتبرت أن المطالبة بالمصادقة على الإنذار بالإفراغ والذي تضمن الشرط الفاسخ والمحدد في 15 يوما لا يمكن سماع حكم الإفراغ بخصوصها إلا بعد انقضاء أجل ستة أشهر تحسب من تاريخ توصل التاجر المدين بواجبات الكراء بالإنذار. وهكذا قضت المحكمة التجارية بالبيضاء بتاريخ 23/11/2010 بمقتضى الحكم التجاري  عدد:11011/10 الصادر في الملف عدد:6289/15/2010.
في الشكل: قبول الطلب.
وفي الموضوع: بأداء المدعى عليه لفائدة المدعي مبلغ :8999،99 درهم واجبات الكراء عن المدة من 1/11/2009 إلى غاية 15/03/2010 بحسب 2000 درهم شهريا، وبتحديد مدة الإكراه البدني في حقه في الأدنى.
وبإفراغه هو ومن يقوم مقامه من المحل التجاري الكائن ب......
وقد اعتمدت المحكمة في تعليلها على ما يلي:
حيث إن الثابت من وثائق الملف أن المدعى عليه يكتري من المدعي المحل الكائن أعلاه بمشاهرة قدرها 2000 درهم، وأنه توقف عن أداء أقساط الكراء ابتداء من 1/11/2009 إلى غاية 15/03/2010، وأن المدعي بعث له إنذارا بالأداء والإفراغ ضاربا له أجلا أقصاه 15 يوما من أجل الأداء فتوصل به بتاريخ 23/04/2010 إلا أنه لم يؤد رغم مرور الأجل المضروب له.
وحيث إن المكتري ملزم بأداء الوجيبة الكرائية عند حلول أجلها.
وحيث إنه لا يوجد بالملف ما يثبت براءة ذمة المدعى عليه من المبالغ المطلوبة مما يتعين معه الحكم عليه بأداء مبلغ 8999،99 درهم،
وحيث يتعين شمول الحكم بالنفاذ المعجل في ما يخص الأداء.
و تحديد مدة الإكراه البدني في الأدنى.
وحيث إن عدم أداء الوجيبة الكرائية الذي حل أجلها يعد إخلالا خطيرا بالالتزامات الملقاة على كاهل المكتري بمقتضى الكراء ويبرر فسخ العلاقة الكرائية بين الطرفين، وبالتالي الحكم بإفراغه هو ومن يقوم مقامه من المحل موضوع النزاع.

بقلم: أحمد مرشيد, محام بهيأة سطات

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا