إن الأصل التجاري بالاصطلاح القانوني الحديث مفهوم أملته طبيعة التطور الذي شمل ميادين التجارة و الاقتصاد على السواء، إذ يعتبر نتيجة للتطور التاريخي لممارسة التجارة من خلال الأشكال التي اتخذتها. و المؤسسات التي تبلورت من خلال المفاهيم القانونية المرتبطة بحقل التجارة.
وفي هذا السياق لابد من الإشارة أن الأصل التجاري مفهوم قانوني تجاري حديث النشأة يقع في صلب المؤسسات التجارية التي نشأت و تطورت في العصر الحديث، لها خصوصياتها المادية و القانونية المميزة.
و إذا كان التشريع المغربي لم يعرف تنظيم الأصل التجاري شأنه في ذلك شأن غالبية التشريعات المعاصرة إلا أنه كان من القوانين التي أخذت مبكرا، بهذا المفهوم القانوني الحديث و ذلك بظهير 31 دجنبر 1914 الذي عوض فيما بعد بالكتاب الثاني من مدونة التجارة، بعد نقل هذه البنية المؤسسة القانونية إلى المجتمع المغربي من خلال تلقي التشريع الوطني _من جملة ما تلقاه من القوانين_ للقانون الفرنسي المنظم لهذه القانونية التجارية. فماذا يعني مفهوم الأصل التجاري لغة و اصطلاحا؟
أولا: مفهوم الأصل التجاري لغة.
يرجع تعبير الأصل التجاري إلى ترجمة حرفية لمصطلح لاتيني هي كلمة"fond" التي تعني لغة "التجميع" و هذا المعنى ينسجم مع مدلول الأصل التجاري على المستوى الاصطلاحي، أي تجميع مجموعة من العناصر المادية و المعنوية و استغلالها تجاريا.
و الملاحظ أنه إذا كان المشرع المغربي و من خلال ظهير 31 دجنبر 1914 استعمل مصطلح "المحل" فالفقهاء " علي حسن يونس، جمال الدين عوض، علي البارودي...." اختلفوا في هذا الخصوص، فهناك فريق قد استعمل هذا المصطلح بينما استعمل فريق آخر مصطلح " الأصل" وهناك فريق ثالث اعتمد المصطلحين معا بصيغة المترادفات و هناك من يفضل استعمال مصطلح أو تسمية "المنشأة التجارية" و منهم علي البارودي.
و على المستوى العملي نرى أن استعمال مصطلح "الأصل التجاري"، بدل غيره من المصطلحات أكثر وضوح و قصد في المعنى، إذ أن مصطلح "المحل" قد يثير بلبلة في الأذهان و ينصرف القصد إلى المحل أي العقار الذي يمارس فيه النشاط التجاري بدل المعنى الصحيح و المقصود. خصوصا و أن العقار مستبعد من مكونات الأصل التجاري.
فاستعمال مصطلح "الأصل" له بعده الإجرائي لرفع كل لبس أو خلط بين الأصل التجاري من حيث هو مال منقول معنوي و بين العقار المحل المقام فيه.
ثانيا: مفهوم الأصل التجاري اصطلاحا.
إذا نظرنا إلى التشريع المغربي بخصوص هذا الموضوع من خلال المادة 79 من مدونة التجارة نجد أن القانون المغربي أعطى تعريفا للأصل التجاري حيث جاء فيها ما يلي: " الأصل التجاري مال منقول معنوي يشمل جميع الأموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة تجارية".
كما أشار المشرع في المادة 80 من مدونة التجارة إلى عناصر الأصل التجاري و هي كالآتي: " يشتمل الأصل التجاري وجوبا على زبناء و صمعة تجارية. و يشمل أيضا كل الأموال الأخرى الضرورية لاستغلال الأصل كالاسم التجاري و الشعار و الحق في الكراء و الأثاث التجاري و البضائع و المعدات و برائة الاختراع و الرخص و علامات الصنع و التجارة و الخدمة و الرسوم و النماذج الصناعية و بصفة عامة كل حقوق الملكية الصناعية أو الأدبية أو الفنية الملحقة بالأصل". و هذه التعريفات لا تكاد تختلف عن تعريف الأستاذ العبيدي بأنه: "مجموعة من العناصر المادية و المعنوية تكون للمتجر وحدة قانونية مستقلة معدة للاستغلال التجاري". أما الأستاذ شكري السباعي فيعرفه بأنه: "مجموعة من العناصر المادية و المعنوية مملوكة للتاجر تجمع من أجل البحث و الإبقاء على الزبائن".
كما عرفه الأستاذ هشام فرعون بأنه: "وحدة من العناصر المادية و المعنوية كلها أو بعضها بحسب نوع المؤسسة و طبيعة نشاطها". أما عند علي حسن يونس فإنه: "مال يستخدمه التاجر في الاستغلال التجاري".
أما الفقيه "Ripert" فيعرفه بأنه: "ملكية غير مادية تتألف من حق التاجر على الزبائن المرتبطين بمحله عن طريق العناصر اللازمة لاستثمار هذا المحل"، إلا أن هذا التعريف ناقص لا يتضمن جميع العناصر التي يتكون منها الأصل التجاري، على خلاف التعاريف السابقة التي تجمع على أن الأصل التجاري مال منقول معنوي يتكون من عناصر مادية و معنوية معدة للاستغلال التجاري.
و على ضوء هذه التعاريف –السالفة الذكر- للأصل التجاري سوف نورد تعريفا عاما هو كالآتي: " الأصل التجاري مجموعة من العناصر، أموال مادية "أدوات، بضائع..." و أموال معنوية " الاسم، الشعار، الحق في الكراء، الزبائن،..." تكون وحدة قانونية مستقلة الذات مخصصة لنشاط تجاري بعينه".
No comments :
اضافة تعليق
الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى