Sunday, May 19, 2013

بحث قانوني: حماية الفئات الهشة في ظل النزاعات المسلحة


بحث قانوني: حماية الفئات الهشة في ظل النزاعات المسلحة
د.عبدالحكيم سليمان وادي

رئيس مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق الانسان ومتابعة العدالة الدولية

مقدمة:
يمييز الفقه الدولي المعاصر ووثائق القانون الدولي الانساني بين نوعين من النزاعات المسلحة، النزاع المسلح الدولي والنزاع المسلح غير الدولي. وتعتبر حدود الدولة هي المعيار الوحيد للتمييز بين هذين النوعين من النزاع.
والنزاع الدولي المسلح هو تلك العمليات العدائية التي تدور بين دولتين أوأكثر من أشخاص الجماعة الدولية،ومن ثم فان وجود أكثر من دولة في النزاع هو الدي يضفي عليه الصفة الدولية وهو في دات الوقت مايميزه عن النزاع المسلح غير الدولي .
أما النزاع المسلح غير الدولي فقد عرفته المادة الاولى من البروتوكول الثاني بانه النزاع المسلح الذي لاتشمله المادةالاولى من البروتوكول الاول(المتعلقة بالنزاعات المسلحة الدولية)والتي تدور على إقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة بين قواته المسلحة وقوات مسلحة منشقة اوجماعات نظامية مسلحة اخرى، وتمارس تحت قيادة مسؤولة على جزء من اقليمة، مايمكنها من القيام بعمليات عسكرية متواصلة ومنسقة.
وتجدر الإشارة الى أنه وأثناء النزاعات المسلحة تخصص حماية دولية لبعض الفئات المتضررة من الحرب,والحماية الدولية هي كل التدابير والاجراءات القانونية الدولية التي تهدف الى التخفيف من المعاناة الناجمة عن الحرب, وتجنيب السكان مختلف الاضرار والخسائر والالام التي قد تلحق بهم بسبب العمليات العسكريةاو بسبب التصرفات والسلوكات التي يلجأ اليها المسؤلون المدنيونلألأ والعسكريون ضد الأشخاص المدنيين الموجودين تحت سلطتهم.
ان هذا المفهوم الواسع للحماية يهم الدول الأعضاء في الاتفاقية الدولية والطراف في نزاع مسلح بالدرجة الأولى ,فهده الدول يقع عليها واجب احترام قواعد الحماية والسهر على تطبيق كل ماتتضمنه من محظورات ,وضمان كل ماتكرسة من حقوق للضحايا، ولهذا فإنه يجب على الدول أن تقوم في آن واحد بأعمال معينة لمصلحة السكان، كإغاثتهم مادياً ومعنوياً وصحياً، وتوفير الشروط الازمة لبقائهم على قيد الحياة والإمتناع عن القيام بأعمالٍ معينة: كالقتل والتعذيب و الهجوم على المناطق الأهلة بالسكان و تدمير الممتلكات المدنية.
ويهدف القانون الدولي الانساني عموما إلى حماية ضحايا النزاعات المسلحة دولية كانت ام غير دولية، وقد أفرد حماية خاصة لفئات تعتبر ألأضعف زمن النزاعات المسلحة كالنساء والأطفال والشيوخ ،وتعتبر هذه الفئة أكثر الفئات هشاشة أثناء اشتداد العمليات وأثناء الإحتلال، نظراًلكونها لاتملك القدرة الجسمانية والنفسية الكافية لمواجهة الظروف التي المصاحبة عادة للحروب ، بما فيها المجاعة والأوبئة والأعتقال والرحيل القسري ... إلخ.
حيث يعتبر الأطفال والنساء و بشكل خاص الضحايا مفضلين للقوات المسلحة والجماعات المتنازعة، بسبب سهولة استهدافهم و بالتالي استغلالهم في خدمة الجنود،ويدخل في دائرته الإستغلال الجنسي أو التجنيد الاجباري أو القيام بأعمال آخرى خدمة لأهداف الحرب ، كالتجسس أو نقل العتاد العسكري أو العمل المطبخي ، أما الشيوخ والعجزةفعادة مايتم الاعتداء عليهم أو قتلهم أو تركهم يعانون من الأمراض أو الجوع عن قصد ، لأنهم لايصلحون لشيئ.
ولهذه الأسباب خصصت إتفاقية جنيف الرابعة والبروتكولان الاضافيان حماية متمييزة لهذه الفئة من الضحايا وجعلت منهم أشخاص محميين في كل زمان ومكان، لايجوز الاعتداء أو الهجوم عليهم لأي سبب كان ،أو حتى بأي شكل من الأشكال مادامو لم يشاركوا قط في العمليات العدائية .
وهنا نجد أنفسنا أمام الإشكال الذي يطرح نفسه و بحدة وهو:
عن أي نوع من الحماية نتحدث ؟ وما المشاكل و الإكراهات التي تعوق تفعيلها ؟
وعليه سنحاول الإجابة عن الأسئلة التالية :
من هم الفئات الهشة حسب القانون الدولي الانساني ؟وكيف ينظر اليهم ؟
ماهي وضعيتهم في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية؟
ماهو السند القانوني للحماية المخصص لهم؟
ماهي الاكراهات التي تواجه تطبيق هده الحماية؟ماهي الهيئات المكلفة بمراقبة تطبيقها على الميدان؟
مامدى فعالية وتطبيق قواعد القانون الدولي الانساني بشأن حماية الفئات الهشة أثناء النزاع المسلح؟
من أجل الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها ، سنستعين بالمناهج التالية :
المنهج القانوني:حفاظا على الخصوصية العلمية للمادة البحثية وطبيعتها القانونية.
المنهج التحليلي الإستقرائي :ضمانا لتحليل واستقراء المعطيات التقنية المتوفرة في التقارير الميدانية ونصوص المعاهدات الأتفافيات الدولية.
المنهج الإستنباطي : وذلك على مستوى الصياغة المنهجية من العام نحو الخاص ضمانا للتسلسل السليم للمادة البحثية.
المنهج التاريخي:من أجل توضيح التطور التاريخي للإهتمام بالحماية المكفولة للفئات الهشة.

تطبيقا لهذه المناهج ، سوف نعمد إلى تقسيم العرض على الشكل الأتي :


المبحث الأول :الحماية القانونية للنساء أثناء النزاعات المسلحة.
المطلب الأول:حماية النساء كجزء من السكان المدنيين.
المطلب الثاني:الحماية القانونية للمقاتلات.

المبحث الثاني:الحماية القانونية للأطفال والشيوخ زمن النزاعات المسلحة.
المطلب الأول: الحماية القانونية للأطفال.
المطلب الثاني :الحماية القانونية للشيوخ والمسنين.









المبحث الأول : حماية المرأة في النزاع المسلح.
يراد بتعبير المرأة " كل شخص جنسه أنثى ولا يعتبر طفلا، والذي بلغ سنا معينة "، يعتبر هذا التعريف شبه تام للمرأة باستثناء المشاكل المتعلقة بالسن حين لا توجد أية معايير معترف بها دوليا وعالميا للتمييز بين امرأة وطفلة، رغم أن سن البلوغ قد يشكل دليلا ومعيارا مهما للتعريف بين المفهومين .
حتى القوانين الوطنية للدولة الواحدة فقد تختلف حول مفهوم المرأة، وعبر مختلف العصور لعبت النساء بمختلف أعمارهن دورا رائدا في تاريخ الإنسانية، فمنهن من شهد لهن التاريخ بالمواقف البطولية وبالتضحيات الجسام من اجل أوطانهن وشعوبهن، ومنهن من تطوعن طوال حياتهن لتقديم العون والدعم الإنساني لضحايا الحروب غير مباليات بالمخاطر المحيطة بهن.
ومنهن من إنخرطت في الجندية وحملن السلاح ودافعن وهاجمن العدو إلى جانب الرجال، إلى أن سقطت في ساحة المعارك ، ومنهن من يعاني في مخيمات اللاجئين من اجل حماية أبنائهن وذويهن ، ومنهن من يقاسي مرارة العيش في معتقلات الأعداء، فيتعرضن للتعذيب والتنكيل والاغتصاب والعنف بمختلف أشكاله .
ومن بين 56+0 مادة التي تتكون منها معاهدات جنيف الأربع والبروتوكولان الإضافيان نجد منها 40 مادة على الأقل تهم النساء بشكل مباشر .
المطلب الأول : حماية المرأة باعتبارها أنسانا أو شخصا مدنيا
المرأة هي أكثر الأشخاص المدنيين تعرضا للمخاطر والتعسفات أثناء النزاعات المسلحة على الإطلاق، فهي الضحية المفضلة لدى الجنود والمقاتلين الأعداء بدون منازع، وهي الشخص المدني الأعزل الأسهل استغلالا بحكم تكوينها الجسماني الهش وبحكم مكانتها الخاصة والضعيفة في المجتمع .
لذلك تضافرت جهود المجتمع الدولي لوضع مجموعة من القواعد القانونية الدولية لحماية المرأة من أثار العمليات العدائية .
أولا : جهود الأمم المتحدة لحماية المرأة أثناء النزاع المسلح
كانت نقطة بداية اهتمام الأمم المتحدة بحقوق الإنسان في النزاع في مؤتمر طهران لعام 1968، ومن خلال الجمعية العامة والمؤتمرات الدولية لحقوق الإنسان أصبحت حقوق النساء في النزاع المسلح محل اهتمام المجتمع الدولي .
وقد أكد إعلان وبرنامج عمل فيينا اللذان اعتمدهما المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في يونيو 1993 على أن " انتهاكات الحقوق الأساسية للنساء في حالات النزاع المسلح تخالف المبادئ المؤسسة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني، وان هذه الانتهاكات تقتضي اتخاذ تدابير فعالة بصورة خاصة " .
وأسفرت المجهودات المبذولة على اعتماد إعلان بشأن القضاء على أعمال العنف ضد النساء من قبل الجمعية العامة في دجنبر 1993، وقد اعترف هذا الإعلان صراحة بأن النساء يتعرضن بصورة خاصة لأعمال العنف في حالات النزاع المسلح .
وفي 1994 حدث تحول مهم في هذا الاتجاه تمثل في تعيين مقرر خاص مكلف بمسالة العنف ضد النساء، تشمل ولايته حالات النزاع المسلح .
وفي 1995 عينت اللجنة الفرعية المعينة بمكافحة التدابير التمييزية حماية الأقليات، ليندا شافيز كمقررة خاصة بشأن حالات الاغتصاب النظامي والرق الجنسي والممارسات المشابهة للرق في فترة النزاعات المسلحة، وقد قدمت هذه المقررة تقريرا مفصلا عما تتعرض له النساء من عنف جنسي واغتصاب واتجار في أجسادهن في عام 1996 .
وقد أكد مؤتمر بيكين الذي نظم تحت رعاية الأمم المتحدة عام 1995 على أن النزاعات المسلحة تكون لها عواقب خطيرة على حياة النساء، وألح المؤتمر في بيانه الختامي على دعوة الدول إلى اتخاذ تدابير فعالة لحماية النساء والفتيات ضد كل الأخطار التي يتعرضن لها ، خاصة في حالة الحرب وحالة الاحتلال، وذلك عن طريق احترام الدول للقانون الدولي الإنساني والعمل على فرض احترامه من قبل المسؤولين العسكريين والمدنيين التابعين لها .
ثانيا : حماية المرأة في القانون الدولي الإنساني
لم يهتم القانون الدولي الإنساني بحماية المرأة، بشكل فعال ومباشر، إلا في وقت متأخر من القرن 20، رغم بعض البوادر التي ظهرت في أواخر القرن 19 .
ولا احد يجهل ما تعرضت له النساء والفتيات من اعتداءات متكررة خلال الحرب العالمية الأولى والثانية وما قاسين من تعذيب وتنكيل وعنف جسدي ومعنوي وخروقات سافرة لحرمتهن، فقد تجاوز عدد المدنيين القتلى فقط في الحرب العالمية الثانية 23 مليون شخص، كان اغلبهم من النساء والأطفال، وقد اغتصبت وعذبت وشوهت ملايين النساء من مختلف الجنسيات وأجبرت ملايين أخريات على الحمل القسري وعلى التشرد والانتحار والضياع .
ات اتفاقية جنيف الرابعة لم تخصص أية مادة تتعلق بالنساء لوحدها، فالتسعة عشر مادة التي ذكرت فيها النساء في الاتفاقية، ذكر فيها أيضا أشخاص محميون آخرون خاصة الأطفال والشيوخ والعجزة والمرضى والجرحى، وقد جاء البرتوكول الأول ليفرد للنساء مادة واحدة فقط هي المادة 76 التي تقول في فقرتها الأولى " يجب أن تكون النساء موضوع احترام خاص، وان يتمتعن بالحماية، لا سيما ضد الاغتصاب والإكراه على الدعارة، وضد أية صورة أخرى من صور خدش الحياة ..... " .
ا – التمتع بالحقوق الواردة في الاتفاقية والبروتوكولين
تستفيد المرأة من الحماية العامة والحماية الخاصة المنصوص عليها في الاتفاقية الرابعة والبروتوكولين الإضافيين باعتبارها شخصا مدنيا لا يشارك في العمليات العدائية، وهكذا فهي تتمتع بكل الحقوق المنصوص عليها بما فيها الحق في الحياة والحق في السلامة الجسمانية والنفسية، وتحريم التعذيب أو أي نوع من الإكراه، وتحريم السلب والنهب وحظر اخذ الرهائن والأعمال الانتقامية، وكذا ضرورة تمتيع المرأة بكل الضمانات القضائية في حالة اتهامها بجريمة مرتبطة بالنزاع المسلح .... .
وفي هذا الإطار تنص المادة 27 من الاتفاقية الرابعة في الفقرة الأولى على أن " للأشخاص المحميين في جميع الأحوال حق الاحترام لأشخاصهم وشرفهم وحقوقهم العائلية وعقائدهم الدينية وعباداتهم وتقاليدهم، ويجب معاملتهم في جميع الأوقات معاملة إنسانية، وحمايتهم بشكل خاص ضد جميع أعمال العنف أو التهديد، وضد السياب وفضول الجماهير ... " .
جاءت المادة 75 من البروتوكول الأول تحت عنوان " الضمانات الأساسية " لتكمل وتكرس ما جاءت به الاتفاقية الرابعة قائلة : " يعامل معاملة إنسانية في جميع الأحوال الاشخاص الذين في قبضة احد أطراف النزاع .... ويتمتع هؤلاء الأشخاص، كحد ادني بالحماية التي تكفلها لهم هذه المادة دون أي تمييز مجحف يقوم على أساس العنصر أو اللون أو الجنس ...." .
ومع ذلك فإن البروتوكول الأول لم يأتي بجديد فالحماية المنصوص عليها هي نفسها الواردة في الاتفاقية الرابعة .
وفي النزاع المسلح الداخلي تتمتع المرأة بحماية عامة أوردتها المادة الثالثة المشتركة دون أن تذكر النساء صراحة، فقالت " في حالة قيام نزاع مسلح ليس له طابع دولي في أراضي احد الأطراف السلمية المتعاقدة، يلتزم كل طرف في النزاع بأن يطبق كحد أدنى الأحكام التالية :
1 – الأشخاص الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية ... يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية دون أي تمييز ضار، قائم على العنصر أو اللون أو الدين أو المعتقدات أو الجنس أو الثروة أو أي معيار آخر مماثل، ولهذا الغرض تحظر الأفعال التالية فيما يتعلق بالأشخاص المذكورين أعلاه، وتبقى محظورة في جميع الأوقات والأماكن .... " .
يبدو من خلال هذه النصوص القانونية أن المرأة كغيرها من الأشخاص المدنيين تتمتع بالحماية والحقوق السياسية المنصوص عليها، وذلك على قدم المساواة ودون أي تمييز ضار، مع مراعاة خصوصية جنس المرأة مثل القدرة الجسمانية، والحمل وتربية الأبناء، ومفهوم الشرف .
ب – حماية المرأة من العنف الجنسي
لا توجد أية اتفاقية دولية تحرم العنف ضد النساء رغم الترسانة الهائلة من الوثائق الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، فحتى الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة تركت فراغا كبيرا في هذا الباب .
ومن الجدير بالملاحظة أن العنف الجنسي هو سلوك غير أنساني وحشي أصبح في الحروب الحديثة وسيلة حرب فعالة لإذلال الخصم وتحطيم معنوياته، خاصة و أن لهذا السلوك أثار نفسية واجتماعية وصحية خطيرة جدا قد ترافق المرأة أو الفتاة المغتصبة لمدى الحياة .
والعنف الجنسي أو الإجبار على الدعارة لا يعتبر ممارسة حديثة فقد لجا إليهاالمتحاربون منذ أن وجد الإنسان، حيث كانت تعتبر النساء الأعداء وفتياتهم، على الخصوص، أهم غنائم الحرب، فيتحولون منذ إلقاء القبض عليهن إلى إماء وجواري طوع أيدي أسيادهن الذين يحق لهم أن يتصرفوا فيهن بالاستغلال بمختلف أشكاله أو بالبيع أو بالرهن أو حتى بالقتل أو التعذيب حتى الموت .
وهذه الممارسات فاقت كل حدودها المتوقعة أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية حيث تحولت ملايين النساء قسرا إلى دور الدعارة والبغاء، وأجبرت ملايين أخريات على بيع أجسادهن أو على الحمل بأطفال غير شرعيين، ناهيك عما لحق بهن من إذلال وتحقير وعذاب نتيجة استغلالهن لأغراض الحرب كالتجسس أو الدعاية مثلا .
في هذا الإطار جاءت اتفاقية جنيف الرابعة والبرتوكول الأول بمجموعة من المواد التي أكدت على ضرورة حماية المرأة من العنف الجنسي أثناء النزاع المسلح .
تنص الفقرة 2 من المادة 27 من الاتفاقية الرابعة على انه " يجب حماية النساء بصفة خاصة ضد أي اعتداء على شرفهن، ولا سيما ضد الاغتصاب والإكراه على الدعارة، أو أي هتك لكرامتهن .... " .
ورغم أن هذه المادة تمثل اعترافا متأخرا جدا بعدم مشروعية الاغتصاب في النزاعات المسلحة، إلا أنها لم تعترف بخطورة هذا الوضع أو الفعل، حيث لم يدرج صراحة ضمن المخالفات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني المنصوص عليها في المادة 147 من الاتفاقية المذكورة، رغم إن هذه المادة قد اعتبرت الاغتصاب والإكراه على الدعارة من أكثر المعاملات اللانسانية دناءة وحقارة .
إن الفقرة 2 من المادة 27 تؤكد إذن على الاحترام الواجب للنساء في كل زمان ومكان، ويبقى الاغتصاب والإجبار على الدعارة وكل مس بشرف المرأة محرما حالا واستقبالا، ومهما كانت جنسية النساء المعنيات أو أصلهن أو وظيفتهن أو سنهن أو حالتهن المدنية أو شروطهن الاجتماعية، فالحق في الإحترام حق مطلق .
ورد مضمون هذه الفقرة أيضا في المادة 75 من البروتوكول الأول في الفقرة الثانية التي تقول " يحظر انتهاك الكرامة الشخصية، ويوجه خاص المعاملة المهينة للإنسان والمحطة من قدره، والإكراه على الدعارة وأية صورة من صور خدش الحياة " .
ونظرا لأهمية هذا الحظ في حماية كرامة الإنسان خاصة المرأة، جاءت المادة 76 ( الفقرة 1 )، من البروتوكول الأول لتكريس هذا الحظ وتؤكد عليه قائلة : " يجب أن تكون النساء موضوع احترام خاص، وان يتمتعن بالحماية لا سيما ضد الاغتصاب والإكراه على الدعارة وضد أية صورة أخرى من صور خدش الحياة "، وهذا التحريم جاء ضمن الضمانات الأساسية لكل إنسان في المادة 75، وجاء في المادة 76 ليهم النساء فقط .
ويلاحظ أن الاغتصاب والعنف الجنسي يمارس بشكل افضع في الحروب الداخلية أو الحروب الأهلية حيث تتصارع طوائف عرقية أو دينية مختلفة، نظرا لما يطغى على هذه الحروب من حقد شديد ومقت كبير للطرف الأخر، ففي حرب رواندا ذكر تقرير لهيئة الأمم المتحدة أن 50 ألف امرأة عذبت واغتصبت وشوهت في هذا البلد، وان 1600 فتاة اختطفت وأحلن على الرق الجنسي خلال الخمس سنين التالية للحرب، وفي سنة 1993 وحدها خضعت زهاء 2000 امرأة للاغتصاب والحمل القسري، وحسب المكتب الرواندي للديمغرافيا فإن النساء اللواتي بقين على قيد الحياة من هذه الإبادة الجماعية قد وضعن ما بين 2000 و 5000 مولود يعرفون بأطفال الذكريات السيئة .
أكدت اللجنة الدولية والمؤتمرات الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر مرارا على أن أوضاع المرأة في النزاعات المسلحة تضع القانون الدولي الإنساني في مواجهة تحديات خاصة، ففي عام 1993 لاحظ أن الإعلان الختامي للمؤتمر الدولي لحماية ضحايا الحروب" التزايد الواضح في عدد أعمال العنف الجنسي الموجه بشكل خاص ضد النساء والأطفال" مؤكدا في نفس الوقت على أن " هذه الأعمال تمثل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني" .
ونظرا للآثار الخطيرة والمأساوية التي يعاني منها ضحايا الاغتصاب وعي المجتمع الدولي بأهمية العقاب على جريمة الاغتصاب والعنف الجنسي بعدما بقيت لوقت طويل جدا دون حساب، ونظرا لما تعرضت له النساء ومازلن يتعرضن له في النزاعات المعاصرة من استغلال واستهتار بكرامتهن، أدرجت المحاكم الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب في كل من يوغوسلافيا ورواندا جرائم الاغتصاب ضمن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وحتى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة المصادق عليها في مؤتمر روما في شهر يونيو من سنة 1998 يتضمن نصا يجيز للمحكمة النظر في جرائم الاغتصاب باعتبارها جرائم ضد الإنسانية .
الفقرة الثانية : حماية المرأة باعتبارها أما.
إن اتفاقية جنيف الرابعة وبروتوكوليها قد أولوا حماية الأمومة أهمية كبرى، فقد خصت الاتفاقية الرابعة 13 مادة، من أصل 19 ذكرت فيها النساء، للنساء الحوامل والنساء النفاس وذوات الأطفال الصغار الذين يعتمدون على أمهاتهم، أما البروتوكول الأول فقد خصص لهن ثلاث مواد من أصل أربع، وافرد لهن البروتوكول الثاني المادة السادسة .
يلاحظ أن اتفاقية جنيف وبروتوكوليها قد اهتمت بشكل اكبر بحماية ومساعدة وغوث الأمهات أثناء النزاع المسلح وحالات الاحتلال، فهن أكثر تعرضا للمخاطر من غيرهن من النساء وذلك بسبب ارتباطهن بأطفالهن .
أولا : النساء الحوامل والنفاس:
بالإضافة إلى الحماية العامة التي تتمتع بها هاته النساء، فإنهن يتمتعن بحماية خاصة، المادة 8 من البروتوكول الأول أن النساء الحوامل والنساء النفاس اللواتي يحجمن عن أي عمل عدائي يجب تمتعيهن بالحماية المقررة للمرضى والجرحى، فرغم أن هذه الطوائف من النساء لا تكون مريضة ولا جريحة فإنها قد تحتاج في كل لحظة إلى علاجات ومساعدات طبية فورية مثلها مثل المرضى والجرحى .
وقد جاءت هذه الحماية حتى في الاتفاقية الرابعة في عدة مواد : فالمادة 16 تقول : " يكون الجرحى والمرضى وكذلك العجزة والحوامل موضوع حماية واحترام خاصين ... "، وتنص المادة 17 على انه " يلتزم أطراف النزاع بإقرار ترتيبات محلية لنقل الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال والنساء النفاس من المناطق المحاصرة أو المطوقة، ولمرور رجال جميع الأديان وأفراد الخدمات الطبية والمهمات الطبية إلى هذه المناطق "، وتؤكد المادة 21 على انه " يجب احترام وحماية عمليات نقل الجرحى والمرضى المدنيين والعجزة والنساء النفاس ... " .
ثانيا : أمهات الأطفال الصغار والنساء المرضعات:
تستفيد هذه الطائفة من النساء أيضا من أفضلية وأسبقية في الحماية بالمقارنة مع المدنيين الآخرين، وقد جاء في المادة 14 من الاتفاقية الرابعة على انه " يجوز للأطراف السامية المتعاقدة في وقت السلم أن تنشأ في أراضيها أو في الأراضي المحتلة مناطق ومواقع استشفاء وأمان منظمة بكيفية تسمح باستقبال وحماية المرضى والجرحى والعجزة والمسنين والأطفال دون الخامسة عشر من العمر، والحوامل وأمهات الأطفال دون السابعة .... " .
وقد جاء البروتوكول الأول ليطور المادة 14 ويضيف إليها طائفة أخرى من النساء، حيث قالت المادة 70 منه " يجري القيام بأعمال الغوث ذات الصبغة المدنية المحايدة، وبدون أي تمييز مجحف، للسكان المدنيين لإقليم خاضع لسيطرة طرف في النزاع .... وتعطي الأولوية لدجى توزيع إرساليات الغوث لأولئك الأشخاص، كأطفال و أولات الأحمال وحالات الوضع والنساء المرضعات، الذين هم أهل لأن يلقوا معاملة مفضلة أو حماية خاصة وفقا للاتفاقية الرابعة أو لهذا البروتوكول " .
الفقرة الثالثة : حماية المرأة المعتقلة لسبب مرتبط بالنزاع المسلح.
قد تتحول أية امرأة إلى معتقلة تودع السجن نتيجة لأن الدولة التي تكون تحت سلطتها تتهمها بارتكاب أعمال مناوئة لها، كالجاسوسية أو الأعمال التخريبية .
وقد تتهم بالتعاون مع العدو أو مع المقاومة المسلحة أثناء الاحتلال أو تقوم بأعمال المناوئة لقوات دولة الاحتلال، وقد تعمل المرأة أيضا بصفتها مقاتلة حاملة للسلاح تدافع عن بلدها فتكون بذلك أسيرة حرب .
أولا : مشاركة النساء في الحروب:
تشارك المرأة في الحروب بصفتها طبيبة أو ممرضة أو مسعفة أو خبيرة في العمل الإنساني، فتقدم للضحايا الإسعاف والغوث الضروريين للبقاء على قيد الحياة أو تقدم الدعم المعنوي اللازم، والتاريخ حافل بنماذج من هاته النساء اللواتي ضحين بشبابهن من اجل تخفيف معانات وألام ضحايا المنازعات المسلحة .
وتشارك النساء في الحروب باعتبارهن مجندات يساهمن في المجهود الحربي لدولهن وشعوبهن ويحدثنا التاريخ عن أسماء قدن جيوشا نحو النصر وخضن معارك ضارية للدفاع عن أوطانهن وشعوبهن، باستماتة وشجاعة نادرة، وهذا إضافة إلى ادوار بطولية أخرى مشهود للنساء بها كالتجسس وتعويض الرجال في المصانع الحربية، ونقل العتاد العسكري والسهر على ربط الاتصال بين فيالق الجيش، أو ضمان تواصل جيوش الجبهة بالقيادة .
إن مشاركة المرأة بشكل ملفت للنظر، في الحروب بدا مع الحرب العالمية الأولى حيث قامت ألمانيا بتشغيل مئات الآلاف من النساء لأهداف الحرب بينما جندت ألاف أخريات في صفوف القوات المسلحة كمقاتلات .
وأثناء الحرب العالمية الثانية شاركت النساء مباشرة في الحرب بشكل اكبر وبكثافة أكثر من أي وقت مضى، فمنذ سنة 1943 شغلت ألمانيا أكثر من مليون امرأة منخرطة في معامل لإنتاج الأسلحة والعتاد الحربي، وفي نفس الفترة كانت هناك 300 ألف امرأة منخرطة في القوات المسلحة الاحتياطية .
كان 20 ألف منهن فالقوات البحرية و 130 ألف في القوات الجوية، وفي انجلترا كانت الوحدات العسكرية من النساء سنة 1943 تضم حوالي 450 ألف امرأة، وأثناء الحرب قتلت 624 امرأة من هذا العدد واختطف 98 وجرحت 744 امرأة وأسرت 20 أخرى .
أما النساء السوفياتيات فقد شاركن بكثافة في الحرب أكثر من غيرهن من نساء أوروبا، فكن مجندات في مختلف الفيالق الجوية والبحرية والبرية وحملن مختلف أنواع السلاح وشاركن بشكل مباشر في مختلف المعارك والاشتباكات، فكان منهن ربابنة الطائرات الحربية و المقنبلة، وعملن كقائدات للدبابات والمدرعات، وساهمن في مختلف أنواع الهجمات، وتقدر الإحصائيات بأن ما يناهز مليون امرأة سفياتية شاركت في الحرب .
ولا يخفى على احد ما تقدمه النساء الفلسطينيات، منذ عقود من تضحيات جسام لمقاومة العدوان الإسرائيلي والاحتلال الصهيوني، وتكفي الإشارة إلى أن العشرات منهن استشهدن في عمليات فدائية وضحين في سبيل ذلك بشبابهن وأولادهن وأزواجهن .
ثانيا : ضمانات وحقوق المرأة المعتقلة
منذ ظهور القانون الدولي الإنساني كانت المرأة تتمتع بالحماية العامة مثلها مثل الرجل، وهكذا فقد حملت اتفاقية 1864 المرأة الجريحة رغم أنها لم تذكر كلمة المرأة صراحة .
كما حملت التدابير الملحقة بمعاهدة لهاي لعام 1907 المرأة الأسيرة، ومنذ سنة 1929 أصبحت المرأة تتمتع بحماية خاصة في القانون الدولي الإنساني، وقد وعت الدول المشاركة في مؤتمر جنيف في هذه السنة أهمية الدور الذي لعبته النساء في الحرب العالمية الثانية .
ومن ثمة أهمية خلق قواعد قانونية لحمايتهن، ومن التدابير الأكثر أهمية الواردة في اتفاقية 1929 حول الأسرى نذكر المادة 3 التي تقول : " تعامل النساء طبقا لكل الخصوصيات المرتبطة بجنسهن "، والمادة 4 التي تنص على أن التمييز في المعاملة لا يمكن أن يكون مشروعا إلا بناءا على قاعدة الرتبة العسكرية أو الحالة الصحية أو الجسدية أو النفسية أو الجنس أو الكفاءات المهنية .
ونظرا للمشاركة الفعالة للنساء في الحرب العالمية الثانية وتعرض ملايين من النساء للاعتقال التعسفي والتعذيب الوحشي في معتقلات ومخافر تنعدم فيها ابسط شروط الحياة الإنسانية، جاءت الاتفاقية الرابعة والبروتوكولان الإضافيان لحماية المرأة التي القي القبض عليها بسبب قيامها بعمل مرتبط بالنزاع المسلح، ولتوفر لها الضمانات والحقوق الدنيا، كالبقاء على قيد الحياة وسلامة كرامتها وشرفها باعتبارها أنثى .
تنص المادة 75 من الاتفاقية الرابعة في الفقرة 5 على أن : " تحتجز النساء اللواتي قيدت حريتهن لأسباب تتعلق بالنزاع المسلح في أماكن منفصلة عن أماكن الرجال، ويوكل الإشراف المباشر عليهن إلى نساء، ومع ذلك ففي حالة احتجاز أو اعتقال الأسر يجب قدر الإمكان أن يوفر لها توحدات عائلية مأوى واحد ... "، وهذه الضمانات الواردة في هذه المادة ليست جديدة بالمقارنة مع جاءت به الاتفاقية الرابعة، حيث نصت المادة 124 على أن تحتجز النساء المعتقلات اللائي يقضين عقوبة تأديبية في أماكن منفصلة عن آماكن الرجال، ويوكل الإشراف عليهن إلى نساء .
وقد أوردت المادة 97 من نفس الاتفاقية إجراء يهم كل النساء المحميات في الاتفاقية وهو يتعلق بعدم جواز تفتيش المرأة المعتقلة إلا بواسطة امرأة، وعلاوة على ما سبق خصصت الاتفاقية الرابعة حماية عامة للمرأة باعتبارها شخصا مدنيا اعتقل بسبب القيام بأعمال مرتبطة بالنزاع المسلح، فتلتزم الدول الأطراف في النزاع التي تعتقل أشخاصا محميين طبقا للمادة 81 بإعالة هؤلاء الأشخاص مجانا سواء كانوا رجالا ام نساء، وضرورة توفير لهم الرعاية الطبية التي تتطلبها إحالتهم الضحية، كما لا يجوز للدولة الحاجزة طبقا للمادة 83 إقامة المعتقلات في مناطق معرفة بشكل خاص لأخطار الحرب، وتتجدد جميع الإجراءات حتى لا تتعرض هذه المعتقلات لمخاطر القصف .
في النزاع الداخلي ينص البرتوكول الثاني على تدابير وإجراءات مماثلة للنساء اللواتي يسقطن أسيرات أو معتقلات في يد القوات المتمردة، أو في يد قوات الحكومة حيث قالت المادة 5 من الفقرة 2 : " تحتجز النساء في آماكن منفصلة عن الرجال، ويوكل الإشراف المباشر عليهن إلى نساء، ويستثنى من ذلك نساء ورجال الأسرة الواحدة فهم يقيمون معا " .
أثناء النزاع المسلح وفي حالة الاحتلال تتمتع النساء الأمهات اللواتي اعتقلن أو القي عليهن القبض بحماية إضافية، وذلك ما أوردته الفقرة الثانية من المادة 76 من البرتوكول الأول قائلة : " تعطى الأولوية القصوى أو المطلقة لنظر قضايا اولات الأحمال وأمهات صغار الأطفال اللواتي يعتمد عليهن أطفالهن، المقبوض عليهن أو المحتجزات أو المعتقلات لأسباب تتعلق بالنزاع المسلح " .
تتمتع هذه الطوائف الهشة من النساء ( أي النساء الأمهات )، بحماية خاصة، ولهن الحق في معاملة تفضيلية في عدة مجالات، فالمادة 89 كمن الاتفاقية الرابعة تقول في هذا الشأن : " في حالة الاحتلال تصرف للحوامل والمرضعات وللأطفال دون الخامسة عشر أغذية إضافية تتناسب مع احتياجات أجسادهم ... "، وتضيف المادة 91 بأن : " يعهد بحالات الولادة والمعتقلين المصابين بإمراض خطرة، أو الذين تستدعي حالتهم علاجا خاصا أو عملية جراحية آو علاجا بالمستشفى إلى أية منشأة أو مؤسسة يتوفر فيها العلاج المناسب، وتقدم لهم فيها الرعاية التي تقدم لعامة السكان ".
يضيف البروتوكول الأول ضمانة جد مهمة لهاته النساء، حيث ينص في المادة 76 الفقرة 3 على أن : " يحاول أطراف النزاع تجنب، قدر المستطاع، إصدار حكم بالإعدام على اولات الأحمال أو أمهات صغار الأطفال اللواتي يعتمد عليهن أطفالهن، بسبب جريمة تتعلق بالنزاع المسلح، ولا يجوز أن ينفذ حكم الإعدام على هاته النسوة " .
يبدو أن البروتوكول الأول يحرم النطق أو الحكم بعقوبة الإعدام على هذه الطائفة من النساء، ولكنه يطلب فقط من الدول بذل قصارى جهدها لتجنب ذلك، وفي نفس الوقت حرم بشكل صريح تطبيق تلك العقوبة على النساء مهما كانت الظروف والأسباب .

المبحث الثاني:الحماية القانونية للأطفال والشيوخ زمن النزاعات المسلحة.
المطلب الأول : الحماية القانونية للأطفال.
لم تأت الحماية الخاصة التي أقرتها الإتفاقيات لدولية إضافة إلى ما تقوم به اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، رغبة في إيجاد فئة جديدة من الضحايا ، لكن إحتياجات الطفل المختلفة تماما عن تلك المتطلبة للنساء أو الشيوخ مقلا ، هي من فرضت وجود هذه الحماية طبعا لما قد تخلفه معايشة النزاعات المسلحة وخاصة غير الدولية منها من أثر بالغ على مخيلة الطفل و جسده إن لم تأثر على مستقبل حياته طبعا .
هنا بمكننا الخروج بمجموعة من الأسئلة التي ستساعدنا لا محالة الإجابة عنها في الوقوف على مدى تمييز وضعية الطفل القانونية عن باقي الفئات الهشة من نساء وعجزة . وعليه نحن نتسائل عن :
- من هو الطفل في نظر القانون الدولي الإنساني ؟
- ماهي الوضعية القانونية للطفل أثناء النزاعات المسلحة ؟
- هل تختلف هذه الوضعية في النزاع المسلح الدولي ، عنه في النزاع المسلح غير الدولي ؟
- ماهي الإتفاقيات و العهود المرسخة لحماية الطفل في القانون الدولي ؟
- ماهي الصعوبات العملية التس تعتري تطبيق الحماية المخولة للطفل؟ وهل من نماذج على ذلك ؟
الفقرة الأولى : الطفل وحقوقه ضمن رزنامة القانون الدولي الإنساني:
يعتبر الطفل طبقا للمادة الأولى من إتفاقية 1980 : "كل إنسان لا يتجاوز عمره 18 سنه ، إلا إذا بلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب قانون بلده."
بدأ الإهتمام بالطفل تقريبا إثر الحرب العالمية الأولى ، وذلك عندما تبنت عصبة الأمم أن ذاك ما أطلق عليه بإسم "إعلان جينيف" ، و اللذي يكفل للأطفال رعية خاصة بغض النظر عن أجناسهم و جنسياتهم " ، غير أنه لم يعترف بالطفل كجزء من المدنيين إلا مع إتفاقية جينيف لعام 1949، رغم أن إتفاقية جنيف الرابعة لم تنص صراحة على هذه الحماية ، حيث كان من الواجب إنتظار البروتوكلين الإضافيين المكمليين لعام 1977 ليتم تجاوز هذه النقطة ، حيث نصت المادة 88 من البروتوكول الأول في فقرتها الأولى:
"يجب أن يكون الأطفال موضع إحترام خاص وأن تكفل لهم الحماية ضد أي صورة من صور خدش الحياء ، ويجب أن تهيء أطراف النزاع الحماية و العون للذين يحتاجون إليها ، سواء بسبب سنهم أم لأي سبب أخر"
كما نصت المادة الرابعة من الفقرة الثانية من البروتوكول الثاني، أنه يجب أنه : " يجب توفير المعونة و الرعاية لأطفال بالقدر الذي يحتاجون له ."
1. الطفل حسب إتفاقية جنيف : 1949 و 1977:
من الجدير الذكر أنه لم تتم الإشارة في الإتفاقيات الدولية المتعلقة بالنزاعات المسلحة إلى تعريف محدد للطفل ، و بالتالي لا يوجد معيار لمعرفة متى تنتهي الطفولة عند واضعي إتفاقية عام َ1949، و البروتوكولين الإضافيين . و بالعودة للنصوص المذكورة نجد على سبيل المثال:
- بالنسبة للمشاركة في العمليات العدائية ، حظر كل من البروتوكول الأول و الثاني تجنيد من يقل عمره عن 15 عاما ( المادة 37 من الفقرة الثانية ) ، على أن يستفيد الأطفال دون 15 من حماية خاصة سواء أكانوا اسرى حرب أم لا .
ومن أجل إبراز جيثيات الحماية القانونية لأطفال ، سنحاول العرض لهذه الأخيرة من خلال معيار التمييز بين وضعية الطفل في كل من النزاعين المسلح الدولي وغير الدولي، وكذا وضعيته كمقاتل تارة و جزء من المدنين تارة أخرى.
الفقرة الثانية : الطفل في النزاعات المسلحة الدولية :
يلاحظ في هذا الصدد تنامي ظاهرة مشاركة الأطفال في العمليات العدائية . وقد تتراوح بين تقديم المساعدة الغير مباشرة إلى المقاتليين ( نقل الأسلحة و الذخائر و أعمال الإستطلاع و الإستكشاف ، إلخ ...) وبين تجنيدهم في القوات المسلحة النظامية وغيرها من الجماعات المسلحة . وفي هذا الصدد أكدت أخر الوثائق التي توجه بها الإتحاد الإوروبي للجنة الدولية للصليب الأحمر بتاريخ 27 ماي 2011 ، تحت عنوان : " الخطوط التوجيهية لإتحاد الأوروبي حول الأطفال و النزاعات المسلحة " ، على وجود 300,000 طفل مجند حول العالم (حسب ما تشير إليه المعلومات الرسمية فقط) مشتركين في النزاعات المسلحة بصفة مباشرة ، كما تحدثت الوثيقة أيضا عن الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل (CRC 1989) حيث رغم كونها بالعالمية ، إلا أنها تبقى متوقفة التنفيذ في حالات النزاعات المسلحة .
أ –وضعية الطفل في النزاع المسلح الدولي بوصفه جزء من العمليات القتالية:
وعلى نفس الحال لم تتوصل إتفاقية 1949 ولا حتى البروتوكول الأول لسنة 1977،إلى تحريم تجنيد الأطفال الأقل من 15 سنة ، حيث لم تجز المادة 77 الفقرة 2 الإشتراك في الأعمال العدائية بصفة مباشرة فقط .
ثم جاءت الفقرة الرابعة من نفس المادة ، لتحديد شروط إعتقال أو إحتجاز الأطفال في النزاع المسلح لتشترط وضعهم في أماكن منفصلة ، عن تلك المخصصة للبالغين ، أما بالنسبة لمن هم بين 16 و 18 سنة فقد إستقر الوضع على ترك هذا الأمر للقوانين المحلية وخيار أطراف النزاع .
ب‌- وضعية الطفل في النزاع المسلح الدولي كجزء من المدنين :
يستفيد الطفل من كل الضمانات و الحماية التي تقرر للبالغين من المدنين . سواء أكان ذلك بموجب إتفاقية جنيف الرابعة ، أو حتى طبقا لأحكام البروتوكول الأول لعام 1977.
فقد تمت حمايتهم من الأعمال العدائية ( المادة 17 من إتفاقية جنيف الرابعة ) ، والتي نصت على أن الأطفال ينقلوا من الأماكن المحاصرة .
كما أن البروتوكول الأول في مادته 78 كان قد منع إجلاء الأطفال إلا لأسباب قهرية ، تتعلق بصحة الطفل أو علاجه الطبي ، حتى إذا تطلب ذلك سلامته في إقليم محتل. وأيضا فيما يتعلق بحرية مرور الإغاثة لمن تجاوز عمره 15 سنة ( المادة 33 من إتفاقية جنيف الرابعة ) ، كما أن البروتوكول الأول في مادته 70 شدد على توزيع حصص الإغاثة على الأطفال .
هذا و أوجب القانون الدولي الإنساني دولة الإحتلال وفقا للمادة 50 من الإتفاقية الرابعة أن تعنى بالمؤسسات الخاصة بالأطفال ، كما منعت تشغيل الأطفال إذا كانو أقل من 15 سنه ، ومنع تغيير أوضاعهم العائلية .
أما في حالات إجلاء الأطفال فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 78 ، من البروتوكول الإضافي الأول على ما يلي : "يتم تزويدهم أثناء وجودهم خارج البلاد بالتعليم قدر الإمكان بالتعليم ، بما في ذلك تعليمه الديني و الأخلاقي وفق رغبة والديه"، أما في حالات الإعتقال فيفصل الأطفال عن البالغيين ( المادة 88 من الفقرة الرابعة ) ، كما لا يمكن تنفيذ حكم الإعدام بمن لا يتجاوز 18 سنة .
و أخيرا فقد كفلت الإتفاقية الرابعة ، في المادة 24 لمن أفتقدوا ذويهم ، أن يتعهد أطراف النزاع بعدم ترك هؤلاء الأطفال وشأنهم ، بل أن واجب الإعتناء بهم يقع على دولة الإحتلال حسب المادة 50 من نفس الإتفاقية .
الفقرة الثالثة : الطفل في النزاعات المسلحة غير الدولية :
أ –وضعية الطفل في النزاع المسلح غير الدولي بوصفه جزء من العمليات القتالية:
الأمر هنا لا يختلف عن حالة الطفل كمقاتل أو جزء من العمليات العسكرية في ظل النزاعات المسلحة الدولية ، فنفس الأحكام تنطبق في ما يخص منع تجنيد الأطفال أو حتى إستخدامهم بصفة مباشرة لتحقيق أهداف في النزاع المسلح غير الدولي وهم دون 15 سنة ، و أيضا في ما يخص معاملتهم في حالات الإعتقال حيث لا يعاملون معاملة أسرى الحرب ، بل معاملة خاصة قائمة على و ضعيتهم الهشة .
غير أن الإختلاف هنا يكمن في وضعية النزاع غير الدولي المتسمة بالفوضوية و عدم تطبيق القوانين و الأعراف الدولية ، فإن كانت هذه الأخيرة لا تحترم بصفة كاملة و مضبوطة في حالات تكون الجيوش النظامية أطراف نزاع فيها ، فما بالك بحالات الحرب الأهلية و العدوان.
ب‌- وضعية الطفل في النزاع المسلح غير الدولي كجزء من المدنين :
تسري الحماية المقررة بموجب المادة الثالثة المشتركة بين إتفاقيات جنيف لعام 1949 ، وتلك التي جاءت في البروتوكول على الأطفال كما على البالغيين ، غير أن البروتوكول الثاني خص الأطفال بحماية خاصة ، تتجلى مثلا في المادة 4 ، فقرة 3 و التي تشجع على إجلاء الأطفال من مناطق الإقتتال بعد موافقة ذويهم ، كما منح الأطفال حق العناية و العون و ضرورة إتخاذ كافة التدابير لجمع شمل الأسر ، و الحق في التربية الدينية تحقيقا لرغبة أبائهم .
يبقى الأكيد هنا أن فئة الأطفال مشمولة بعناية خاصة لا على مستوى النزاعات المسلحة ، كونها فئة هشة حساسة و في أمس حاجة للحماية ، ورغم ذلك فإن العهود و الإتفاقيات المنضوية تحت مظلة ما يسمى : القانون الدولي الإنساني ، تبقى قاصرة في توفير هذه الحماية كاملة ، بل و تحتاج إلى الملائمة و التحيين مع المعاهدات الدولية الأخرى المتعلقة بحقوق الطفل و التي تتضمن إطارا أوسعا من الحقوق المتعلقة بالطفل ، حصوصا كون حالات النزاعات المسلحة غير الدولية من حروب التحرر و الحروب الأهلية التي تجعله هدفا لأبادة و الترهيب تعدا مثالا صارخا لوقوف القانون الدولي مكتوف الأيدي حيالها .

بعض النصوص و القرارات المؤسسة لحماية الطفل في النزاع الدولي :
البروتوكول الإختياري الأول الملحق بإتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الإطفال أو تجيدهم و إستخدامهم قصرا.
قرار مجلس الأمن رقم : 1539/2004 ، الأطفال و النزاعات المسلحة .
القرار : 1612/2005 ، الأطفال و النزاعات المسحلة
الميثاق الإفريقي لحقوق ورفاه الأطفال 1990.


المطلب الثاني : الحماية القانونية للشيوخ والمسنين
كنا قد تحدثنا فيما يخص الحماية التي افردها القانون الدولي الإنساني لكل من النساء والأطفال، بحيث ميز بين المرأة والطفل كمقاتلين وأطراف في النزاع، وبين المرأة والطفل كجزء من المدنيين وكضحايا للنزاع المسلح، هذه الإمكانية قد لا تتوفر مع الشيوخ والمسننين بسبب كونهم الفئة الأضعف من بين الفئات والهشة لا على المستوى الجسماني ولا على حتى المستوى المعنوي .
وتبعا لذلك سنناقش نوعا أخر من أنواع الحماية بحيث يأتي المنع التام للأضرار بهذه الفئة نظرا لاستفاء إمكانية مشاركتهم في النزاع المسلح، فمن هنا أول شيء يتبادر إلى أذهاننا في أي سن يمكن أن يعتبر الشخص مسننا أو شيخا من المنظور القانون وكيف كفلت المواثيق العالمية لحقوق الإنسان ضمان هؤلاء الأشخاص المسنين لحقوقهم كغيرهم من الأشخاص الدنيا يدخلون في الفئات الهشة ؟
فعندما نتحدث عن الشيوخ والمسنون يقصد بهم الأشخاص الذين يبلغون من العمر 65 سنة فما فوق، ولكن لم يحدد المؤتمر الدبلوماسي لسنة 1949 أي سنة معينة لتمييز هذه الطائفة، وترك ذلك لممارسات الدول ( 65 سنة معقولا عادة سن التقاعد في عدد من الدول ) .
فقد كانت أول محاولة لوضع مشروع إعلان حول حقوق الأشخاص المسنين سنة 1948 بمبادرة من الأرجنتين، وقد تم عرض المشروع على الجمعية العامة في نفس السنة، لكن هذه الجهود لم تتوج إلا في سنة 1982 بانعقاد مؤتمر دولي حول موضوع " حماية حقوق وحريات الأشخاص المسنين "، وخلال نفس السنة نظمت الأمم المتحدة في فيينا " الجمعية العالمية حول الشيخوخة "، التي قامت بإعداد برنامج عمل دولي حول الأشخاص المسنين يتكون من 62 توصية تكفل ضمان جميع الحقوق لهم في حالة النزاع المسلح، ( سكنى، بيئة، صحة، الأمن الاجتماعي ... ).
وقد نصت المادة 17 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 المتعلقة بشأن حماية المدنيين في حالة الحرب على انه : " يعمل أطراف النزاع على إقرار ترتيبات محلية لنقل العجزة والمسنين والنساء النفاس من المناطق المحاصرة أو المطوقة "، كما تنص المادة 18 من نفس الاتفاقية على أن : " توفير الحماية للمستشفيات المدنية المستقبلة للنساء والأطفال والشيوخ والمسنين "، وفي سنة 1991 تبنت الأمم المتحدة 18 مبدءا حول الأشخاص المسنين والتي همت مسألة الاستقلالية والمشاركة والتطبيب والعلاجات الطبية والكرامة، وهدفت هذه المبادئ لنشر الوعي بضرورة حمايتهم واحترام حقوقهم أثناء النزاعات المسلحة وتوجت هذه المجهودات بتخصيص عام 1999 سنة دولية للأشخاص المسنين تهدف إلى نشر وتطوير المبادئ التي أعلنت عنها الأمم المتحدة سنة 1991 .
وقد كرس القانون الدولي الإنساني حماية الشيوخ والمسنين من أثار القتال ومن تعسفات السلطة العسكرية والمدنية باعتبارهم أشخاصا مدنيين لا يشاركون في العمليات العدائية ( نقطة مهمة )، كما خصصت لهم الاتفاقية الرابعة لسنة 1949 حماية خاصة باعتبارهم يشكلون طائفة من المدنيين الأكثر هشاشة وضعفا في المجتمع .


خاتمة:
تعتبر الحماية التي جاءت بها قواعد القانون الدولي الإنساني والتي يقع على عاتق الدول أولا واجب تنفيدها هي الحد الأدنى من الحماية التي من الواجب أن يتمتع بها كل من يشارك في العمليات العدائية.وأن المعامة التي يحظى بيها النساء والأطفال والعجزة بصفة تفضيلية يراد منها تخفيف العيئ عن فئات لم تشارك في اتخد قرار القتال أصلا لكن يقع على عاتقها بناء المستقبل ,وتعتبر قواعد قانون حقوق الإنسان هي الأخرى خير سند من أجل تدعيم الحماية المقررة لضحايا النزاعات المسلحة.
ونظرا لعجز الدول ,والمقصود أحيانا ,في عدم تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني ,لابد من تشجيع نمو أجهزة الرقابة المحايدة ,والتشديد على أهمية نشر هده القواعد التي تفضي بزيادة الوعي الشعبي بها والمطالبة بالتالي بتنفيدها في حالات التماطل.















لائحة المراجع:
الكتب :
- فريس كالسهوفن ، "ضوابط تحكم خوض الحرب ، مدخل للقانون الدولي الإنساني" ، ترجمة :أحمد عبد العليم، منشورات اللجنة الدولية للصليب الأحمر ،2004.
الكتب المتخصصة:
- د.علي الحرباوي ، د.عاصم خليل، "النزاعات المسلحة وأمن المرأة " ، معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية ، جامعة بيروت ، الطبعة الأولى 2008.
- د.أمل يازجي ، "القانون الدولي الإنساني وحماية النساء و الأطفال أثناء النزاعات المسلحة"،منشورات جامعة دمشق ، كلية العلاقات الدولية و الدبلوماسية، طبعة 2009.
الأطروحات و الرسائل:
- "الحماية الدولية للمدنين في النزاع المسلح " ، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام ، من إعداد : رشيد المزركيوي، تحت إشراف : د.عبد الله عادل ، كلية الحقوق أكدال ،2002-2001.
- "حماية المدنين في النزاعات المسلحة الدولية في القانون الدولي الإنساني"،خليل أحمد خليل العبدي ، أطروحه لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الدولي الإنساني ، "جامعة سانت كليمنس" العالمية ، 2008.
- "مجال تطبيق الحماية الدولية في النزاعات غير الدولية"،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه ، من إعداد الطالبة جبابله عمار، تحت إشراف : د.عواشرية رقية ، جامعة الحاج لخضر-باتنه-الجزائر،2008-2009.

- "مجال تطبيق الحماية الدولية في النزاعات غير الدولية"،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه ، من إعداد الطالبة جبابله عمار، تحت إشراف: د.عواشرية رقية ، جامعة الحاج لخضر-باتنه الجزائر،2008-2009.
المجلات و الدوريات :
- "مشاكل الأنسنة في القانون الدولي الإنساني"،د.زهير العيني ، مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية ، جامعة القانون بالكوفة ، العدد الرابع ، 2010.
التقارير و الدراسات:

- تقرير: " الحماية القانونية لضحايا النزاعات المسلحة " ، المؤتمر الدولي الحادي و الثلاثون للصليب الأحمر والهلال الأحمر ، جنيف ،سويسرا، وثيقة من إعداد اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، 27 نوفمبر 2011

- تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، للمؤتمر الدولي الثامن و العشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر ، جنيف "ديسمبر"2003.

- "الخطوط التوجيهية للإتحاد الأوروبي حول الأطفال و النزاعات المسلحة" ، وثيقة مقدمة للجنة الدولية للصليب الأحمر ،2011.

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا