بقلم: طارق لكدالي, باحث جامعي في قانون الأعمال
أما في ما يتعلق بنشاط التأمين للتعاضديات ينبغي:
- تحديد واضح للمادة 3 من مشروع المدونة للتعاضديات لتأمين عقود جماعية وهذا لا يمنعه المشروع الحالي بالاعتراف للأشخاص المعنويين الموقعة عليها أي العقود “صفة عضو شرفي” ومنخرط في الوقت نفسه. فالتعاضديات تأخذ بعين الاعتبار فئتين من المنخرطين، الأعضاء المساهمين والأعضاء الشرفيين، سواء كانوا أشخاصا معنويين أو طبيعيين يؤدون هبات أو وصايا أوأشخاصا معنويين موقعين على العقد الجماعي. وسنرى لاحقا أن هذا التحديد في هذه المقتضيات سيعمل على تحسين إدراة التعاضديات.
- إعطاء الصلاحية للتعاضديات المادة 2 والاتحادات المادة 154 بممارسة نشاط إعادة التأمين، مع العلم أن هذا النشاط مسموح به للاتحادات بمقتضى مدونة التعاضد الحالية.
- توسيع نطاق الشراكة والمسموح به للتعاضديات والذي حدده المشروع فقط بعمليات الضم والإدماج وبترخيص عمليات نقل الحقائب والصلاحيات، وهذه المقتضيات الجديدة مكانها في الباب الخامس بالقسم الأول من المشروع.
- منح التعاضديات الأهلية بصفتها فاعلا اقتصاديا بإزالة منع الاقتراض المنصوص عليه في المادة 81 شرط تقنين استخدام هذا القرض ضمانا لحماية حقوق المنخرطين وإزالة وصاية الإدارة على العمليات العقارية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالحاجيات الضرورية لتسيير التعاضدية -المادة 81-.
- إعادة النظر في الدور المنوط بالاتحادات نحو اتجاه تكاملي أفضل بين تعاضديات المنخرطين والاتحاد، وليس كما عليه الأمر في مشروع المدونة، إذ اعتبر الاتحاد “فوق التعاضدية” بحيث يؤدي انخراط التعاضدية في الاتحاد إلى إلزامية تحويل هذه الأخيرة تغطية الأخطار٬ المرض٬ الولادة٬ الحوادث المادة 154.
فيما يتعلق بإحداث وحدات صحية واجتماعية ينبغي:
تحديد مرن للنشاطات التي ستقوم بها هذه المؤسسات (وحدات صحية واجتماعية المادة 2)، باستثناء إذا ما حرمنا هذه الأخيرة من سبب وجودها مثلا مؤسسة لدور الأشخاص المسنين أو المحتاجين أو ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن لا تتوفر على أي خدمات في مجال العلاج أو توريد الأدوية والمعدات . في هذا الصدد لابد من توسيع دائرة نشاط المؤسسات حتى تتماشى مع الرؤى المستقبلية للقطاع الصحي والاجتماعي في المغرب.
الشيء نفسه بالنسبة للمادة 144 التي تنص على أنه “يمكن للتعاضديات التوقيع على اتفاقيات لصالح هذه المؤسسات مع هيآت مهنية أخرى كما يرخصها قانون التعاضد الحالي والصادر بتاريخ 1963. وتجدر الإشارة أن المشروع الحالي يشير في مادته 96 إلى الاتفاقيات دون الأخذ بعين الاعتبار أدنى نتيجة، وأن هذه الاتفاقيات والمؤسسات خاضعة في نشاطاتها لمراقبة وزارة الصحة.
ثانيــا: إدارة التعاضـــديـــات:
انطلاقا من مدونة مشروع التعاضد، تدير التعاضدية ثلاثة أجهزة للقرار والإدارة: الجمع العام٬ المجلس الإداري، والإدارة الجماعية (المادة 21).
وتحدد المادة 22 أن التعاضدية يديرها مجلس إداري وإدارة جماعية.
وعليه نستنتج من خلال هاتين المادتين أن جهاز القرار الوحيد في التعاضدية هو الجمع العام وأن الإدارة موكولة للمجلس الإداري والإدارة الجماعية.
كيفما كان المنطق الذي يستند عليه المشروع، فإن الاستنتاج يتعارض مع مفهوم التوجه العام للمشروع في مادة الإدارة وأيضا بناء على الفصل 65 الذي ينص على أن التعاضدية تديرها إدارة جماعية وهذا يتوافق مع طريقة الإدارة المنصوص عليها في المشروع.
إن التحليل القانوني لهذه المقتضيات المختلفة بالنسبة لهذه الأجهزة الثلاثة يقتضي إبداء الملاحظات التالية:
بالنسبة إلى الجمــع العــام:
أول صعوبة تواجهنا في هذا الصدد، متعلقة بتكوين هذا الجهاز وهذا ناتج عن غموض المصطلحات المستعملة والتي تتردد في مختلف مواد الفرع الأول الباب الثاني والقسم الأول من المشروع وهو مصطلح الأعضاء والمنخرطين.
طبقا لمقتضيات المادة 3 من المشروع يجوز تأليف التعاضدية من أعضاء مساهمين يدعون “منخرطين” وأعضاء شرفيين وأشخاص طبيعيين أو معنويين يمكنها أن تؤدي اشتراكا.
لنستنتج بخلاف ما هو عليه النص، أن الأعضاء الشرفيين هم منخرطون أيضا في التعاضدية، وبالتالي لهم حق التصويت في الجمع العام، وحتى بالنسبة إلى الأشخاص الآخرين المعنيين الذين لم يؤدوا اشتراكاتهم، مادامت أن المادة 25 تشير “يجب أن يكون المنخرط أدى اشتراكاته حتى يمكن أن يشترك بالجمع العام”. الملاحظ هو أن هناك خلطا عاما واضحا في تأليف هذا الجهاز من خلال المصطلحات المستعملة ومن خلال الحقوق الموكولة له للمشاركة في الجمع العام، وبالتالي يجب توضيح هذه النقطة لتفادي الحالات الصعبة أو الحالات التي تصعب إدارتها من قبل التعاضديات.
أما فيما يتعلق بدعوة الجمع العام للانعقاد، فيجب النص على أن رئيس المجلس الإداري هو المختص لدعوة الجمع العام للانعقاد وليس المجلس الإداري، كما هو منصوص عليه في المادة 35 التي تنص “يجب على القائم بدعوة الجمع العام أن يعد ويقدم لكل جمع تقريرا عن المواضيع المدرجة في جدول الأعمال”. وبالنسبة إلى هذا الأخير سيكون من الحكم إعادة صياغة المادة 32 التي تنص “يحدد جدول أعمال الجموع العامة من طرف المجلس الإداري بعد أن يرسل مسبقا إلى أعضاء الجمع العام مرفقا بالدعوات..............؟”.
فيما يتعلق بالسلطات المخولة للجمع العام كما نصت عليها المادتان 25 و27 يجب توسيع هذه السلطات وتمديدها على مجموع العمليات المسموحة للتعاضديات القيام بها، خصوصا إذا ما وسعنا نطاق نشاط هذه الأخيرة كما تم اقتراحه سابقا، وبصفة أدق انتخاب المجلس الإداري الموكول إلى الجمع العام بمقتضى المادة 28 على أنه يجب إضافة صلاحية أخرى، وهي إلغاء المجلس الإداري، فهذا المقتضى غير منصوص عليه مطلقا في مدونة المشروع الحالي.
بالنسبـة إلى المجلـــس الإداري:
تعترضنا الصعوبات المذكورة أعلاه نفسها ودائما المرتبطة بالغموض وبالمصطلحات المستعملة في المادة 3 من مشروع المدونة، ولنكون أكثر وضوحا بالنسبة للمجلس الإداري، نتساءل كيف يمكننا رفض صفة منخرط لعضو شرفي في حين يمكنه أن يكون عضوا في المجلس الإداري؟.
وعليه هناك مجموعة من التعديلات والتغييرات التي يجب أن تطول المشروع حتى يمكن للتعاضديات القيام بالمهام الموكلة إليها تماشيا مع التطورات المجتمعية الداخلية و الخارجية، ومن بين هذه التغييرات التعديلات التالية :
- عدم وضع حد أدنى لأعضاء المجلس الإداري المادة 51 من المشروع أو النص على وجود تغييرات مؤقتة لهذا السقف ترتبط بظروف خاصة، مثال ،في حالة إدماج تعاضدية في أخرى.
- الترخيص للتعاضدية للتجديد الجزئي للمجلس الإداري ( 2/1 - 1/3 ) المادة 53 من المشرع فهذا التجديد الجزئي يعزز استمرارية العمل في التعاضدية.
- في غياب نص قانوني يحدد اختصاصات رئيس المجلس الإداري على المشرع أن ينص بصفة واضحة على دوره في تسيير المجلس الإداري.
-أما بخصوص وظائفه، فيجب منح السلطة والصلاحية للمجلس الإداري بخلق لجان دائمة أو مؤقتة مع إلزامية تشكيل لجنة للمراقبة و المراجعة ولمراقبة الأعمال وبذلك تؤسس وظيفتها الأساسية والمباشرة تحت مسؤولية الجهاز الإداري للتعاضدية.
بقلم: طارق لكدالي ,باحث جامعي في قانون الأعمال
No comments :
اضافة تعليق
الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى