Thursday, January 02, 2014

مسار الجهة والجهوية بالمغرب -الجزء الثاني

محطة 16 يونيو 1971

بعد الاستقلال،وتحت هاجس إرساء  الدولة الوطنية وتحقيق التنمية، وصهر مختلف مكونات المجتمع المغربي في إطار وحدة وطنية قطرية  تعتمد المركزية في آلياتها التدبيرية، تم التركيز على الإطار الإقليمي كنواة أساسية في التقسيم الإداري المغربي لمحو تلك الفوارق والتفاوتات ،إلا أن الضعف الذي ميز هذه الأداة جعلت  الإقليم كوحدة جغرافية لم تعد كافية وقادرة بأن تستعمل كحقل للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي،مما حذى بالدولة إلى التفكير في أداة جديدة تتمثل في الاهتمام بالتقسيم  الجهوي الذي أصبح من أولويتها. 
وقد شكل ظهير 16  يونيو 1971 المتعلق بالتقسيم الجهوي، اللبنة الأولى لتنظيم حقيقي للجهة بالمغرب، حيث أضحت تتمتع بإطار قانوني مؤسساتي يحدد مهامها واختصاصاتها ومجال عملها وحدود مشاركتها في مسلسل التنمية الوطنية،باعتبارها وسيلة جغرافية وبشرية رافعة للنمو وإطارا للعمل الاقتصادي المحقق للتوازن الوطني.
وقد عرف الفصل الثالث من الظهير المذكور الجهة باعتبارها "إطار اقتصادي لتنفيذ وتنسيق الأشغال والدراسات والأعمال المتعلقة بالمناطق،والعمل بصفة عامة على ازدهار اقتصاد المنطقة"، أما المنطقة فيراد بها حسب الفصل الثاني من نفس الظهير مجموعة من الأقاليم التي تربط بينها أو يحتمل أن تربط بينها على الصعيد الجغرافي والاقتصادي والاجتماعي علاقة كفيلة بتقوية نموها والتي تقتضي من جراء ذلك القيام بتهيئة عامة فيها وتألف المنطقة إطار عمل اقتصادي يباشر داخله إجراء دراسات وانجاز  برامج قصد تحقيق تنمية منسقة ومتوازنة لمختلف أجزاء المملكة"
فوفقا لهذا الظهير لم تكن الجهة جماعة محلية ولا وحدة ترابية لا مركزية بحكم محافظة الأقاليم الداخلة في محيطها على شخصيتها الإدارية وإنما فقط تجمع لعدد من الأقاليم المتجاورة لتكون إطارا للعمل الاقتصادي،وبالتالي لا تعدو أن تكون جماعة ترابية تنضاف إلى مصاف الجماعة الترابية للبلاد التي كانت تنحصر آنذاك في العمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية.
 وقد أسفر هذا التوجه عن إحداث سبع جهات اقتصادية وهي كالآتي

العمالات والأقاليم المكونة لها
الجهات الاقتصادية
ولاية فاس،بولمان،تازة،الحسيمة،تاوتات
الجهة الشمالية الوسطى
ولاية الدار البيضاء-أقاليم الجديدة سطات،بن سليمان،خريبكة،بني ملال،أزيلال
الجهة الوسطى

مكناس،افران،خنيفرة،الراشيدية
الجهة الوسطى الجنوبية
مراكش،آسفي،الصويرة،قلعة السراغنة
جهة تانسيفت
ولاية الرباط سلا-أقاليم القنيطرة،العرائش،طنجة،تطوان،شفشاون،الخميسات
الجهة الشمالية الغربية
وجدة،الناظور،فكيك.
الجهة الشرقية
أكادير-تزنيت-تارودانت-طاطا-كلميم-طان طان-العيون-السمارة-بوجدور-وادي الذهب-ورزازات.
الجهة الجنوبية

وقد اعتمد هذا التقطيع على سبعة مقاييس منها الإشعاع الحضري والأحواض المائية ومؤهلات الري وكثافة السكان القرويين والموانئ كمنفذ بحري، والسير والطرق والقيمة المضافة الصناعية.
وبالرغم من المكسب المهم الذي حققته هذه التجربة من تكريس لمفهوم الجهوية ضمن مجهودات التخطيط والبرمجة المتعاقبة للدولة،خاصة المخطط الخماسي 1968-1972 الذي ركز على الجهة والتنمية الجهوية وتهيئ التراب الوطني بهدف إشراك السكان بصفة واسعة في تنمية البلاد،والتعرف بدقة على الإمكانيات المتوفرة والقابلة لتنمية العمالات والأقاليم.
إلا أنها اعتبرت تجربة متجاوزة ،بل شكلت سببا من أسباب عرقلة نمو الاقتصاد الوطني، للاعتبارات التالية :
عدم اعتماد مقاييس عقلانية ومطابقة للواقع المغربي في تقسيم التراب الوطني .
هذا التقسيم ليس به بعد تاريخي أو سوسيولوجي يمكن المواطنين الإحساس بانتمائهم لهذه الجهة أو   تلك.
الأهداف التي تم تسطيرها ظلت مجرد حبر أسود على ورق أبيض نظرا لغياب الوسائل اللازمة للقيام بالدراسات وكذلك غياب النظرة الشمولية على مستوى الجهة خلال تصور المشاريع.
استحواذ بعض الجهات على قسط وافر من التجهيزات والاستثمارات كالجهة الاقتصادية الوسطى والجهة الشمالية الغربية.
التفكير على مستوى الإقليم ظل مسيطرا،بدلا من اعتماد المقاربة الجهوية المطلوبة،باستثناء بعض التدخلات التنموية كإحداث صناديق جهوية للقرض الفلاحي والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لسوس ماسة. 
عدم تمكين الجهة من الآليات التشريعية لتدبير أمورها مثل مجلس جهوي ذي سلطة تقريرية.
عدم توفر آليات اقتصادية للنهوض بالجهة ،وعدم وجود ميزانية خاصة بها.
إن ما أفرزته تجربة 1971 من عوائق تنظيمية وانتكاس في مجال التنمية الجهوية، أفضت إلى عدم تحويل الجهة كإطار مؤسساتي واضح ذات أبعاد إستراتجية تساهم في التنمية الترابية للجهة،ضمن هذه الخصوصية،أقرت الدولة نموذجا آخر للتنمية الجهوية ذات توجهات جديدة وذلك ابتداء من سنة 1997.

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا