ومع تطور الفكر الإنساني تدريجياً أصبحت هناك فرصة للمتهم للدفاع عن نفسه ، ولكنها فرصة مبنية على افتراض الإدانة مقدماً ويقع على عاتق المتهم عبأ إثبات العكس بأن يقدم الدليل على انه بريء ، فعليه يقع عبأ الإثبات وغالباً ما يرتبط ذلك بطقوس دينية ومنها اليمين والتعذيب والقتال بين الخصمين.
أما في القانون الروماني ، فقد افترضت براءة المتهم في ظل إجراءات المرافعة الشفوية وكان على الخصم ان يقدم الدليل على ما يخالف هذا الافتراض، وقد أمر الإمبراطور انطونيوس ، وهو ثمرة من ثمار المدرسة الرواقية ، ان يفسر الشك لمصلحة المتهم وان يظل الانسان بريئاً حتى تثبت إدانته .
إلا إن هذا المبدأ واجه ردة بعد إتباع قضاة روما نظام المرافعات المكتوبة، حيث كان القاضي يفترض في المتهم الجرم ابتداءاً ويطلب منه تقديم إيضاحات عن الجرم المنسوب إليه ، فأضحى عبأ إثبات براءته يقع على عاتقه .
وفي أوروبا القرن الثالث عشر والرابع عشر ظهر ما يعرف بمحاكم التفتيش البابوية لمحاكمة من اتهموا بممارسة السحر والهرطقة واعتمدت هذه المحاكم الدينية قواعد إجرائية مجافية لأبسط قواعد العدالة فالأصل فيها إن المتهم مذنب حتى تثبت براءته . ومورس التعذيب بأبشع صوره لانتزاع الاعتراف وتكتفي المحكمة لتكوين قناعتها بالاستماع إلى شاهد أو شاهدين ، واسوا ما في الأمر انه لم يكن بالإمكان مناقشة الشاهد أو مشاهدته لأنهم في الغالب من المخبرين السريين مما لا يتيح للمتهم إبداء دفعه ببيان سببا كيدياً او انتقامياً للشهادة ، وكانت تبعات الحكم تمتد إلى أبناء المحكوم عليه حيث تصادر أملاكهم ويحرموا من تولي بعض الوظائف المهمة
No comments :
اضافة تعليق
الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى