العدول أصبحوا مؤهلين أكثر من أي وقت مضى لممارسة كافة المهام المتعلقة بالتوثيق
نتطلع من خلال هذا الإصلاح إلى إرجاع الثقة إلى هذه المهنة عبر مسلسل إصلاح شامل وجذري يتمثل كذلك وبالأساس في:
1-منح العدول الذين مارسوا المهنة فوق عشر سنوات، والحاصلين على شهادة الإجازة أو الدكتوراه الحق في ولوج سلك القضاء، حيث إن حرمانهم من هذا الحق لا يحقق العدالة وليس له ما يبرره الآن، وفي الماضي كان جل القضاة يقترحون من العدول المبرزين، حتى قيل: لا قاضي إلا من السماط – أي من سماط العدول –، ولعلهم أصبحوا يتوفرون الآن على ما يؤهلهم شرعيا وقانونيا لهذه المهمة وبامتياز، حيث سيكون لهم الدور الهام في تقليص تراكم القضايا والبت فيها، بحكم إلمامهم الشرعي والقانوني الواسع، وحيث ان مكاتب السادة العدول تعتبر البوابة الأولى التي بواسطتها يلج المواطن بهو
المحاكم، قبل أن يصل إلى مكتب المحامي أو القاضي.
وهذا الاحتكاك اليومي بقضايا الناس وشؤونهم المرتبطة بالعدل والعدالة، من شأنه أن يكون قيمة مضافة متميزة في هذا الشأن، فضلا عن الخصاص الحاصل من القضاة في الكثير من محاكم المملكة.
2 – إسناد تأديب السادة العدول للهيأة الوطنية للعدول، على غرار ما هو معمول به في هيآت أخرى، التي يخولها القانون هذه السلطة وهذا الحق، وهذا يدخل في صلب الاصلاح، حيث ستقل عدد الملفات المعروضة على المحاكم المتعلقة بالعدول، ولأن اهل مكة أدرى بشعابها، والمواطن المشتكي لا يريد من خلال شكاياته إلا الوصول إلى حقه وليس شيئا آخر، وحتى تتمكن الهيأة عبر مجالسها الجهوية من الحفاظ على السلوك المهني، وأعراف وتقاليد المهنة وأصالتها. ومنح هذه المجالس دورا فعالا بهذا الخصوص، ومنح العدل الضمانات الكافية كذلك في ممارسة حقه في الطعن، ونعتبر قرار توقيف العدل تأديبيا كذلك قرارا جسيما في حقه من حيث الآثار والالتزامات.
3 – تهييء معاهد للتكوين والتكوين المستمر، للوقوف على المستجدات القانونية، والخبراتية، والنهوض بالمستوى المهني شكلا ومضمونا .
4 – تعديل القانون 03-16 أصبح ضرورة ملحة لترميم بعض الثغرات التي تعتريه، وجعله يتلاءم وطموحات هذه الشريحة العريضة من الأساتذة العدول، حيث تبين واتضح جليا بعد الممارسة والتطبيق، بأنه لا يستجيب للتطلعات، ويعتريه بعض الخلل، وأصبح لازما إعادة النظر فيه، وإصلاح بعض جوانبه لتتلاءم وتتجاوب مع التطورات الحاصلة، والتحولات الراهنة، ومسايرة العصر.
5 – توسيع دائرة الاختصاص المكاني في الإشهاد، وجعله على الصعيد الوطني، كما هو مخول للمهن الحرة التي نجدها تمارس مهامها على صعيد ربوع المملكة، وعلى المستوى الوطني. وأن يتم التلقي في مكتب العدل، أينما وجد موضوع التعاقد، وأن تكون التبعية لمحكمة الاستئناف في التعيين فقط .
6 – إعادة النظر في أجور العدول، بما يتلاءم والجهود والمسؤولية والخدمات والاستشارات وغيرها، التي يقدمونها للمتعاقدين، تضمن للعدل العيش الكريم وتحفظ كرامته، وتحديد تعويضات مشرفة عن التوجهات، خصوصا التوجهات الليلية، واستبدال كلمة – تعريفة الأجور – بالأتعاب عن الخدمات حيث أن كلمة أجر فيها حيف وتبخيس وإجحاف، ولا تتناسب والخدمات والمهام التي ينجزها السيد العدل، أو إبقاء مسألة تحديدها على الأقل خاضعة لاتفاق الطرفين، على اعتبار إن المهنة حرة، وبالتالي فمن المنطق والصواب أن تبقى الأتعاب حرة كذلك، وبرضى وحرية الطرفين، وبحيث إن طبيعة عمل العدل تستوجب عليه وفي جل أوقات عمله، وقبل كل شيء، إبداء النصح والإرشاد، وشرح بعض المقتضيات القانونية والشرعية للمتعاقدين، وليس القيام فقط بتحرير العقد، وإذا كانت الأنظمة القانونية نصت على الأجر والأتعاب، فالأجر يمكن تحديده و لكن الأتعاب على الخدمات لا يمكن تحديدها، وتبقى متروكة للاتفاق، وفي حالة عدم الاتفاق والاختلاف يعود فيها الأمر إلى قرار الهيأة، وعندما لا يرضى الزبون بذلك يرفع الأمر إلى السيد الوكيل العام أو غرفة المشورة.
7 – استبدال خطة العدالة بالتوثيق العدلي، حيث أن كلمة خطة فيها نوع من التقزيم لهذه المهنة، وتصغيرا لحجمها ومكانتها، وهي المهنة العريقة والأصيلة في المغرب، حيث أدت رسالتها منذ الفتح الإسلامي ولازالت صامدة ولها الريادة إلى الآن في حفظ الأنساب والأعراض، والحقوق العقارية، والتجارية وغيرها.
8 – إلزام المؤسسات البنكية التعامل مع مؤسسة العدول على قدم المساواة مع الموثقين العصريين، وتفعيل القوانين التي تنص على ذلك، ورد الاعتبار للعقود العدلية التي تحرر باللغة العربية، وتمكين السادة العدول من حق إيداع الودائع، ونبذ سياسة التمييز بين أبناء الوطن.
9 – العمل على إيجاد الحلول الجذرية والفورية، للإشكال الذي يعانيه السادة العدول على صعيد التراب الوطني، أثناء فصل الصيف، وهي الفترة التي يتوافد خلالها المهاجرين على بلدانهم للعطلة السنوية، وقضاء المصالح التوثيقية، والتي غالبا ما تكتسي طابع السرعة والاستعجال بسبب الإجازات المحدودة، ويتزامن هذا بتواجد جل السادة قضاة التوثيق بدورهم في عطلة. مما يجعل معه ملفات الرسوم العدلية في تراكم وبأعداد عديدة في انتظار توقيعها– وهو ما يصطلح عليه بخطاب القاضي –، مما يؤثر سلبا على أشغال العدول، ومصداقية العقد العدلي.
10 – إخراج مدونة للتوثيق، توحد التوثيقين بالمغرب بخصوص العقار، في اطار منظومة توثيق واحدة، وفق ضوابط ومعايير محددة، مع إلزامية تحرير كافة العقود باللغة الرسمية اللغة العربية سيما وان المشرع خطا خطوة شجاعة وجبارة بتكريس رسمية العقود، وإخراج قانون مدونة الحقوق العينية : 39.08 للوجود، محافظا بذلك على حقوق وأموال الناس، وعادت الثقة والطمأنينة للمواطن، حيث كان هذا القانون فاصلا بين كل عشوائية في تحرير العقد المتعلق بالتصرفات العقارية، حسب مقتضيات المادة الرابعة منه.
ونعتقد انه آن الأوان للقضاء على هذه الازدواجية المقيتة، ووجب العمل بتوحيد نظام التوثيق بالمغرب، والقضاء على هذه التفرقة وهذا التمييز بين المؤسستين، سيما وان القانون الجديد رقم : 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق أزال عبارة مهنة التوثيق العصري، واكتفى بعبارة التوثيق، وهذا الطلب مطلب وطني كذلك وموضوع توصيات العديد من الندوات العلمية، كالندوة التي انعقدت بمدينة مكناس حول « مدونة الحقوق العينية، وندوة كلية أكادير وغيرهما. ولا نعتقد انه يوجد ما يمنع من دمج النظامين في نظام واحد معصرن وحديث، سيما وأن العدول الآن أصبحوا مؤهلين أكثر من أي وقت مضى لممارسة كافة المهام المتعلقة بالتوثيق، وبالتقارب الصحيح والتواصل بين الفريقين يتحقق هذا الهدف، ويمكن للطرف الآخر تجاوز كل ضعف أو نقص يمكن ان يعتريه في جانب اللغة العربية، أوفي طبيعة بعض العقود التي تقتضي فضلا عن الدراية بالعلوم القانونية والاقتصادية التعمق كذلك في المواد الفقهية والشرعية.
إن تحقيق هذه المطالب من شأنه أن يكون إنصافا جوهريا لهذه المهنة، التي تجسد رمزا حضاريا أساسيا ببلادنا، مع تخصيص آليات حقيقية للتعبير عن آرائها وتطلعاتها، وانشغالاتها، حماية لها ولهذه الشريحة الاجتماعية العريضة المنتمية إليها، وهذا نعتبره من جوهر الإصلاح.
كما لا يجب الإغفال عن إضافة قيمة ايجابية وصريحة للنص الأصلي المعمول به، وفي رد الاعتبار للمهن القضائية جميعها، وتأهيلها وتطويرها حتى تصبح مواكبة لتطلعات المواطنين والمهنيين، ومواكبة للعصر، وكفيلة بتحديات المستقبل.
بقلم: محمد سـاسيو ,رئيس المجلس الجهوي لعدول مكنــاس
No comments :
اضافة تعليق
الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى