Friday, November 16, 2012

الرقابة على دستورية القوانين


مـقـدمـة

تسهر مختلف الأنظمة الدستورية على ترسيد مبدأ سمو الدستور، كونه القانون الأساسي في الدولة، فلا يكف النص في الدستور على تنظيم السلطات الأساسية للدولة وتحديد حقوق الأفراد وواجباتهم، بل يجب أن توجد ضمانات تكفل إحترام السلطات لاختصاصاتها. ولا يتحقق ذلك إلا بمراقبة مدى احترام مطابقة القوانين للدستور. ويعتبر مبدأ الرقابة الدستورية مبدأ متفرع عن مبدأ سمو الدستور، وقد تبنت الدول الحديثة هذا المبدأ وجعلته من أركان النظام الدستوري لبناء دولة القانون1.
وإذا كان الدستور أصل كل نشاط تمارسه الدولة، فإن سموه يغدو مجرد لفظ أجوف غير ذي مضـمون « un vain mot »، إذا كان بمقدور هيآت الدولة انتهاكه دون أن يترتب على ذلك جزاء2، وعلى هذا الأساس تظهر أهمية الرقابة الدستورية، لما تلعبه من دور في كفالة الدسـتور وتجسـيد سموه، وذلك من خلال حمايته من كافة التجاوزات والانتهاكات التي لا يكون مصدرها القانون العادي فحسب، بل كل النصوص القانونية ونعني بذلك المعاهدات الدولية، القوانين العضوية والمراسيم الرئاسية والتنفيذية والأنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان، وبذلك يتجسد المعنى الحقيقي لمبدأ سمو الدستور.
كما تبرز أهمية الرقابة الدستورية في حماية الحريات العامة، حيث لا يكفي النص عليها في الدستور، وتخويل البرلمان سلطة تنظيم ممارستها للإطمئنان على عدم الاعتداء عليها من قبل السلطتين التشريعيـة والتنفيذية، بل لا بد من تدعيم ذلك بآلية قانونية تكون كفيلة بإلغاء ما يتعارص منها مع أحكام الدستور.
وإذا تأملنا القانون المقارن، لاتضح أن الرقابة الدستورية عرفت انتشارا واسعا في الدول التي أخذت بها، فبالنسبة لمؤيدي ضرورة وجود رقابة دستورية فيرون بأن القانون لا يعبّر عن الإرادة الشعبية إلا في إطار احترام الدستور ، وفي هذا الشأن اختلفت الأزنظمة التي أقرّت بمبـدأ الـرقابة الدستورية، فيما يخص طبيعة الهيئة التي تسند لها تلك المهمة، فتباينت الدساتير فيـما تبـنته من حلول.

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا