سعيا نحو ترسيخ دولة الحق والقانون وتعزيز الديمقراطية وضمان نجاح الانفتاح الاقتصادي ، كان من اللازم تحديد رؤية مذهبية بالنسبة لجميع المتدخلين سواء كانوا عموميين أو خواص.
والى جانب الإصلاحات التي أعلن عنها جلالة الملك في وقت لاحق، فقد حرص جلالته ثلاثة أشهر فقط بعد تربعه على العرش ، على تحديد الإطار المرجعي الذي يجب أن تندرج فيه وتتم من خلاله جميع الأنشطة والأعمال المستقبلية أيا كانت طبيعتها أومجالها. ويتحدد هذا الإطار في المفهوم الجديد للسلطة الذي أعلن صاحب الجلالة عن خطوطه العريضة في الخطاب الذي وجهه جلالته يوم 12 أكتوبر 1999 بمدينة الدار البيضاء الى مسؤولي الإدارة الترابية وأطر الإدارة المركزية وممثلي الهيئات المكونة وكذا ممثلي المواطنين.
ويمثل الإطار المرجعي المشار اليه ، قطيعة واضحة مع أساليب العمل في الماضي، كما أنه يركز على مختلف مهمام ومسؤوليات السلطة، التي أصبحت تقوم على ضمان حماية الحريات الفردية والجماعية وصيانة حقوق المواطنين واتاحة الظروف المناسبة لترسيخ وتوطيد دولة الحق والقانون . كما يرتبط المفهوم الجديد للسلطة برعاية وحماية المصالح العمومية ومتابعة حسن سير الشؤون المحلية عن قرب ، والسهر على الأمن والأستقراروتشجيع المحافظة على السلم الاجتماعي .
ولبلوغ هذه الاهداف يتطلب الامر الاضطلاع بهذه المسؤوليات في انسجام تام ، مع الاخذ في الاعتبار الاختيارات التي حددها المغرب لنفسه والمتمثلة في نظام الملكية الدستورية الديموقراطية والاجتماعية والتعددية الحزبية والليبرالية الاقتصادية.
هذا ، وقد تطلب تطبيق المفهوم الجديد للسلطة ، اجراء مراجعة عميقة لعدد من النصوص القانونية والتنظيمية بهدف خلق المناخ الملائم لتحقيق هذا الهدف . ومن ذلك مهام الولاة التي أعيد تحديدها لتتركز على القضايا الاقتصادية بغية تحقيق أهداف اجتماعية محددة.
ويؤكد هذا البعد أيضا ، على أن دور مؤسسات الدولة لا ينحصر في التدبير الإداري وحده ، بل يمتد إلى التنمية الاقتصادية التي تقوم على تبسيط الإجراءات الإدارية من أجل تسهيل وتشجيع الإستثمارات التي من شأنها خلق الأنشطة الإقتصادية وتوفير مناصب الشغل وبالتالي ضمان المزيد من الإستقرار والأمن.
وتجدر الاشارة في هذا السياق كذلك ، الى إحداث مراكز جهوية للاستثمار التي جاءت لتجسد بعدا جوهريا في المفهوم الجديد للسلطة ، وهو انعاش الأستثمار والنهوض بالاقتصاد ، وبالتالي تحقيق التنمية السريعة والمستدامة . ويرتكز تحقيق هذا الهدف على أربع أولويات رئيسية هي: التنمية المحلية، التحفيزية على الإستثمارالمحلي والأجنبي ، و تحسين قدرات وكفاءات الإقتصاد الوطني ، وتحسين مستوى عيش الفئات المحرومة.
No comments :
اضافة تعليق
الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى