Saturday, November 10, 2012

التطورات السياسية والدستورية في المغرب العربي


التجربة الجزائرية: لقد خضعت الجزائر إلى الاحتلال العثماني الذي ترسخت معالمه في هذا البلد، ثم خضع مرة ثانية إلى الاستعمار الفرنسي الذي كان يختلف في الجزائر عنه في الدول الأخرى، وفي سنة 1962 حصلت الجزائر على استقلالها بقيادة جبهة التحرير الوطنية وذلك بعد ثورة شهيرة أدت إلى مليون ونصف المليون شهيد.


وقد مرت منذ تلك الفترة إلى الآن بمرحلتين أساسيتين تعتبر أحداث أكتوبر 1988 حدا فاصلا بينهما.

المطلب الأول: مرحلة ما قبل أحداث أكتوبر 1988
لقد تميزت هذه المرحلة بتعاقب ثلاثة رؤساء لم يحاول أي منهم أن يدخل تعديلات جوهرية على النظام. وكان يجب انتظار أكتوبر 1988 والأحداث التي ميزته حتى تدخل الجزائر سلسلة من الإصلاحات سرعان ما تحولت إلى أحداث لا تزال الجزائر تعيش على إيقاعها.

الفرع الأول: المميزات العامة لهذه المرحلة
بعد الحصول على الاستقلال، عرفت الجزائر أزمة شديدة (تعرف باسم أزمة صيف 1962)، والتي تمثلت في الصراع بين القيادة العامة العسكرية والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، الذي تبعه تفكك الجزائر إلى عدة مراكز للحكم (الولايات، المناطق العسكرية الحربية، جيش التحرير الوطني وقيادته العامة، الحكومة المؤقتة، إضافة إلى المجموعات التي تشكلت حول أهم الزعماء التاريخيين ورجال السياسة كمجموعة تلمسان ومجموعة تيزي وزو)، وقد انتهت هذه الأزمة بالفشل السياسي للحكومة المؤقتة، والعسكري لولاية الجزائر العاصمة، وذلك بالتوافق التاريخي الذي تحقق حول المكتب السياسي بزعامة محمد خيضر وحول جمعية تأسيسية منتخبة تحت رئاسة فرحات عباس. إن هذا التوافق لم يكن في صالح الزعماء الأوائل لثورة فاتح نوفمبر 1954 (رابح بيطاط، محمد بوضياف، آيت أحمد، كريم بلقاسم)، ولا في صالح الرؤساء السابقين للحكومة المؤقتة (فرحات عباس، بنخدة)، وإنما لصالح رئيس القيادة العامة الكولونيل الهواري بومدين وأحمد بن بلة رئيس الحكومة.

ومهما كانت الاختلافات بين الطبقة السياسية، فإن طبيعة النظام السياسي لم تتغير إذ ظلت تدور حول خمسة محاور:

1. نظام الحزب الواحد، المعبر عنه خلال مؤتمر الصومال سنة 1956، و مؤتمر طرابلس في يونيو 1962، والذي تشبثت به جبهة التحرير الوطنية من خلال معارضتها لمشاركة أي مجموعات أخرى خلال الحملة الاستفتائية حول تقرير المصير بعد اتفاقيات إيفيان (EVIAN)، ومعارضتها بعد إعلان الاستقلال في يوليوز 1962 للاعتراف بالحزب الشيوعي الجزائري ثم في حله بتاريخ 29 نوفمبر 1962، والمعبر عنه أخيرا في دستور 10سبتمبر 1960.

2. وحدة سلطة الدولة من حيث أن الأجهزة المؤسسة (البرلمان، الحكومة، الرئيس، القضاة) لا تتمتع بأية إرادة سياسية خاصة. فخلال المناقشات الدستورية في أبريل 1963 مثلا أحيطت الحكومة علما بأن اقتراح مشروع الدستور المقدم إلى البرلمان من طرف خمسة نواب يعتبر "المشروع الرسمي لجبهة التحرير" وأنه ليس من حق النواب إدخال تعديلات جوهرية عليه وإلا وجدوا أنفسهم خارج الحزب.

3. جمع رئاسة الدولة ورئاسة الحزب. فمنذ أبريل 1963 حل أحمد بن بلة رئيس الحكومة محل محمد خيضر الأمين العام للمكتب السياسي. ثم ترسخ هذا المبدأ خلال مؤتمر الحزب سنة 1964. ومنذ ذلك الحين فإن مختلف مسؤولي الحزب لا يمارسون إلا وظائف تقنية أو تنظيمية تحت رئاسة الأمين العام (إلى غاية 1965)، أو مجلس الثورة ورئيسه (إلى غاية 1976)، أو مرة أخرى الرئيس الأمين العام (ابتداء من 1976).

4. جمع الرئاسة العليا المدنية والعسكرية... وهذا المبدأ فرضه الواقع بعد استيلاء الهواري بومدين على الحكم بتاريخ 19 يونيو 1965. فإلى غاية ذلك التاريخ كان هذا الأخير وزيرا للدفاع الوطني للرئيس أحمد بن بلة، ثم أصبح رئيس مجلس الثورة ورئيس مجلس الوزراء مع الاحتفاظ بإدارة الدفاع حتى مع انتخابه سنة 1976 رئيسا للجمهورية. كما حافظ خلفه الشاذلي بن جديد على نفس الوضعية.

5. عدم استقلالية التنظيمات الجماهيرية بالنسبة للحزب. وهكذا فإن تنظيمات العمال، النساء، الشباب، الفلاحين... مرتبطة بجبهة التحرير. ورغم حق هذه التنظيمات في تنظيم نفسها على المستوى الداخلي من خلال قوانينها الداخلية، فإن هذه القوانين ينبغي أن تكون مطابقة لإيديولوجية وتوجهات الحزب، وأن تجعل المسؤوليات داخلها من حق مناضلي الحزب فقط.

الفقرة الأولى: مرحلة الرئيس أحمد بن بلة
يمكن دراسة حكم الرئيس أحمد بن بلة استنادا إلى دستور1963 والميثاق الوطني لسنة 1964.

أولا: دستور 1963
لقد لعبت جبهة التحرير دورا أساسيا في إعداد ووضع الدستور المصادق عليه خلال استفتاء 6 سبتمبر 1963، وقد كانت هذه الطريقة موضع نقاش ونزاع نظرا للدور البارز الذي لعبه رئيس الدولة في هذا الصدد، رغم أن الدستور قد قبل من طرف الجمعية الوطنية وأن الشعب الجزائري قد صادق عليه، إن دستور 1963 قد حدد في ديباجته الفلسفة العامة التي يقوم عليها النظام. فبعد تمجيد ثورة فاتح نوفمبر 1954، عدد أهداف الثورة في الإصلاح الزراعي والاقتصاد الوطني، والمجال الاجتماعي، والمجال الدولي، وبعد التأكيد على أهمية الإسلام واللغة العربية، أشادت الديباجة بالجيش الوطني الشعبي (جيش التحرير الوطني سابقا) الذي "يساهم في إطار الحزب في الأنشطة السياسية وفي تشييد بنيات اقتصادية واجتماعية جديدة"، وكرست دور جبهة التحرير الوطني كحزب وحيد يوجه عمل كل مؤسسات الدولة، وقد تم التأكيد على هذه الأهداف والمبادئ وغيرها في صلب الدستور (من المـادة الأولى إلى المادة11)، وتحديد حقوق وحريات المواطنين مثل المساواة، وحق التصويت في 19 سنة، وحرمة المسكن وسرية المراسلات، وإجبارية التعليم، وحرية الصحافة والتعبير والتجمع، والحق النقابي، وحق الإضراب.

إلا أن المادة 22 تشير إلى أ ن لا أحد يستعمل القوانين والحريات المنصوص عليها في الدستور وذلك للإضرار باستقلال الأمة أو وحدتها الوطنية أو مؤسسات الجمهورية أو التطلعات الاشتراكية للشعب أو مبدأ وحدة جبهة التحرير الوطني، وتعتبر جبهة التحرير الحزب الوحيد بالبلاد (المادة 23)، الذي يحدد سياسة الأمة ويراقب عمل الجمعية الوطنية والحكومة (المادة 24)، أما من حيث السلطات العامة فإن الجمعية الوطنية تنتخب لمدة خمس سنوات عن طريق الاقتراع العام والمباشر والسري ( ويتم اقتراح المرشحين من طرف جبهة التحرير)، وهي التي تعبر عن إرادة الشعب وتصوت على القوانين وتراقب عمل الحكومة (يلاحظ أن الدستور لم يحدد مجال القانون). وينتخب رئيس الدولة لنفس المدة، وبنفس الطريقة. وهو الذي يعين الوزراء ويختار الثلثين على الأقل من بين النواب، وينظم القوات العسكرية والإدارية، ويصادق على المعاهدات، ويعلن الحرب، ويضمن السلم، وذلك بموافقة الجمعية الوطنية. كما أنه يحدد سياسة الحكومة ويمارس السلطة التنظيمية التنفيذية.

ويعتبر الرئيس مسؤولا أمام الجمعية الوطنية التي يمكنها إيداع ملتمس رقابة ضده. إلا أن التصويت على هذا الملتمس يؤدي إلى استقالة الرئيس وحل الجمعية الوطنية (المادة 56)، واستنادا إلى الفصل 58 من الدستور يمكن توسيع صلاحيات الرئيس عن طريق اتخاذه بعض الإجراءات التشريعية التي تصادق عليها الجمعية الوطنية بعد ذلك، وفي حالة الاستثناء حيث ترجع له السلطة التقديرية في إصدار القوانين وكل الإجراءات الاستثنائية وذلك لحماية الاستقلال الوطني ومؤسسات الجمهورية، إضافة إلى هذا أحدث الدستور المجلس الدستوري، والمجلس الأعلى للقضاء، والمجلس الأعلى للدفاع، والمجلس الأعلى الاقتصادي والاجتماعي، إن أن عمل جميع هذه المؤسسات يتم تحت إشراف ومراقبة جبهة التحرير التي كان نشاطها يشمل مجالا سياسيا واسعا مادامت هي التي تعمل على تشييد الثورة الاشتراكية بالجزائر، ولذلك يمكن القول بأن الأمر يتعلق بنظام دستوري مغلق: رئيس دولة مسؤول أمام برلمان كل أعضائه من اقتراح الحزب الذي يرأسه رئيس الدولة، أما في المجال الاقتصادي فقد حاول الدستور وضع عدة مبادئ ثورية تحاول أن تغير البنية الاقتصادية الماضية وتعويضها بديمقراطية اشتراكية قائمة على مساهمة العمال والفلاحين والجماعات النشيطة بالبلاد.

ثانيا: الصراع حول السلطة
لقد عين الرئيس أحمد بن بلة العقيد الهواري بومدين على رأس القيادة العسكرية الجزائرية، لكن سرعان ما ظهرت الخلافات بين الشخصيتين حول الأمور المتعلقة بالنظام السياسي مما أدى إلى قيام هذا الأخير بانقلاب عسكري بتاريخ 19 يونيو 1965 حيث تم تأسيس مجلس الثورة (برئاسة الهواري بومدين) الذي أرسى قواعد النظام الجديد من خلال حكم عسكري تحت غطاء نظام اشتراكي. وقد تم وضع الرئيس السابق تحت الإقامة الإجبارية.

الفقرة الثانية: مرحلة الرئيس الهواري بومدين
بعد وصول الهواري بومدين إلى السلطة، تمت تهدئة الأوضاع داخل الدولة والقضاء على كل المعارضين على الحكم الجديد، وقد عمل النظام الجديد على الصعيد السياسي والاقتصادي بما جاء به دستور 1963 محافظا على النهج الاشتراكي والحزب الواحد. واستمر الوضع على هذا المنوال إلى غاية 1976 حيث صدر دستور 22 نوفمبر 1976 (استفتاء 19 نوفمبر 1976) الذي سبقه وضع ميثاق وطني تمت المصادقة عليه باستفتاء شعبي بتاريخ27 يونيو 1976 اللذان يعكسان بوضوح سياسة الرئيس، إن الدستور لم يكن إلا نصا تطبيقيا للميثاق الوطني الذي وضع فلسفة ومبادئ الثورة الجزائرية. فالمادة 6 من الدستور تشير إلى أن الميثاق الوطني هو المصدر الأساسي لسياسة الأمة وقوانين الدولة، والمرجع الإيديولوجي والسياسي لمؤسسات الحزب والدولة على جميع المستويات.
أولا: التوجه السياسي

يتضمن دستور 1976 العناوين التالية:

- الديباجة.

- المبادئ الأساسية المنظمة للمجتمع الجزائري، وتشمل:
الجمهورية، الاشتراكية، الدولة، الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن، واجبات المواطن، الجيش الوطني الشعبي، مبتدئ السياسة الخارجية.

- تنظيم السلطات:
الوظيفة السياسية (حزب جبهة التحرير)، السلطة التنفيذية، السلطة التشريعية، السلطة القضائية، الرقابة، السلطة التأسيسية.

ويلاحظ من خلال الدستور والميثاق أنه تم الاعتماد على المبادئ التالية:

- دعم الاستقلال السياسي الوطني.
- إقامة مجتمع متحرر من استغلال الإنسان للإنسان.
- ترقية الإنسان وتوفير أسباب فتح شخصيته وازدهارها.

1.     الحزب والدولة
يقوم النظام الجزائري على نظام الحزب الواحد الذي يعتبر القوة الطلائعية لقيادة الشعب وتنظيمه من أجل تجسيم أهداف الثورة.
إن الحزب هو الذي يرسم خطوط عمل الثورة الاشتراكية، ويحدد آفاقها، ويضبط الوسائل التي يجب توفيرها لدعم مواقعها.
إن هذا النظام قد أدى إلى وحدة القيادة السياسية للحزب والدولة على أساس مبدأ الجماعية في المداولة والأغلبية في القرار والوحدة في التنفيذ.

2.السلطات العامة
أ‌. السلطة التنفيذية

تتمثل السلطة التنفيذية في رئيس الدولة الذي يتمتع بمجموعة واسعة من الصلاحيات باعتبار أنه هو الذي يمثل الدولة داخل البلاد وخارجها، والذي يجسد وحدة القيادة السياسية للحزب والدولة، والذي يرسم السياسة العامة للأمة ويقوم بقيادتها وتنفيذها إضافة إلى مسؤولياته العسكرية، وممارسة السلطة التنظيمية وتنفيذ القوانين.

ب‌.    السلطة التشريعية
يمارسها المجلس الوطني الشعبي المختص بإصدار القوانين مستلهما من مبادئ الميثاق الوطني. وينتخب أعضاؤه عن طريق الاقتراع العام السري بناء على ترشيح من قيادة الحزب.

ج. السلطة القضائية
لقد كان للقضاء صبغة خاصة من حيث كونه يخدم الثورة الاشتراكية ويحقق أهدافها، فالمادة 166 تنص على ما يلي: "يساهم القضاء في الدفاع عن مكتسبات الثورة الاشتراكية وحماية مصالحها"، أما المادة 174 فتنص على أن "القاضي مسؤول أمام المجلس الأعلى للقضاء عن كيفية قيامه بمهمته..." وهي المهمة المسندة إليه بمقتضى المادة 173: "يساهم القاضي في الدفاع عن الثورة الاشتراكية وحمايتها"، لذلك يمكن القول بأن القضاء بدوره مرتبط بالحزب وبنهجه الإيديولوجي رغم نص الدستور على أن السلطة القضائية مستقلة وبعيدة عن تأثير السلطات الأخرى.

3.الحقوق والحريات
يتضمن الدستور مجموعة من الحقوق والحريات العامة كحرية الاعتقاد والرأي والتجمع والتعبير، ومبدأ المساواة...، دون أية إشارة إلى حق الإضراب وحق الرأي السياسي والتعبير عنه وحرية تكوين الأحزاب، ويلاحظ هنا أيضا أن كل الحقوق والحيات تخدم أهداف الحزب الواحد الذي يؤطر المواطنين. (فحق الانتخاب مثلا لا يكون إلا على مرشحين تقدمهم جبهة التحرير).

ثانيا: التوجه الاقتصادي
يمكن تلخيص التوجه الاقتصادي للجزائر خلال هذه الفترة في العمل على تحقيق الاشتراكية القائمة على الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج.

ونكتفي بالإشارة هنا إلى:
-السياسة الزراعية من خلال الثورة الزراعية التي حاولت تغيير العالم القروي وتحريره وإدماجه في الثورة والاقتصاد الوطني الحديث عن طريق التسيير الذاتي للقطاع الفلاحي من طرف الفلاحين الصغار. وهكذا تم منحهم الأرض اللازمة ووسائل الإنتاج التي هم في حاجة إليها مع الحد من الممتلكات الكبرى، إلا أن هذه الثورة الزراعية رغم ما حققته من مكاسب للفلاح لم تؤد إلى النتائج المرجوة منها ويتمثل ذلك خاصة في الإهمال وانعدام المردودية وأزمة المواد الغذائية.

-الصناعة التصنيعية قصد ضمان استقلال صناعي، وذلك بواسطة الصناعة الثقيلة. فالجزائر تتوفر على ثروات بترولية وغازية تضمن لها مداخيل هامة لذلك حاولت الخروج من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد العصري. وقد أدى هذا في البداية إلى تحقيق مجموعة من المشاريع الهامة، ثم أصبحت أهمية الصناعة تتناقص نظرا للتكاليف التي أصبحت تتطلبها،  الفقرة الثالثة: مرحلة الرئيس الشاذلي بن جديد إلى غاية أكتوبر 1988، بعد وفاة الرئيس الهواري بومدين سنة 1978، عملت الطبقة السياسية السائدة على ضمان انتقال النظام وحل مشكل الخلافة. وهكذا مارس رئيس المجلس الوطني الشعبي مهمة الرئاسة المؤقتة طبقا للدستور، وعين مجلس الثورة لجنة تحضيرية للإعداد لمؤتمر الحزب قصد تعيين مرشح للرئاسة، وقد انعقد المؤتمر خلال يناير 1979 بحضور 3290 مؤتمرا، حيث تم اختيار الشاذلي بن جديد. وقد كان هذا الأخير عضوا في مجلس قيادة الثورة ورئيسا للمنطقة العسكرية لوهران، كما كان يعتبر من المناضلين الوطنيين البعيدين عن الشؤون السياسية المباشرة، ومن أنصار تحديث الجيش.

لقد تمكن الجيش الذي كان يكون ربع المؤتمرين من فرض الشاذلي بن جديد على أنصار عبد العزيز بوتفليقة وزير الشؤون الخارجية وأحد المقربين من الرئيس الراحل، وأنصار صالح يحياوي المسؤول التنفيذي للجهاز الحزبي، وبعد تعيين الشاذلي بن جديد كمرشح، تم انتخابه كرئيس للجمهورية خلال استفتاء 7 فبراير 1979. وقد تميزت فترته في بدايتها باستمرارية النظام وفق الخطوط العامة الموضوعة سابقا مع بعض التعديلات الطفيفة. إلا أن الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للجزائر والتحولات الدولية ساهمت في اندلاع حوادث أكتوبر 1988 التي ستُدخل الجزائر مرحلة جديدة.

أولا: الأزمة السياسية
إن خضوع الجزائر لحكم نظام الحزب الواحد المسيطر على الدولة قد وصل تدريجيا إلى آفاق مسدودة. فانعدام التعددية الحزبية وحرية التعبير، والواقع الإعلامي المتدهور، جعل السلطة تقوم فقط على مثلث الجيش ـ الدولة ـ الحزب دون إشراك حقيقي للمجتمع.فالسلم الاجتماعي الطويل الذي عرفته البلاد والناتج عن تحولات اجتماعية إيجابية (تعميم المدارس، الاتساع الحضري السريع، ارتفاع مستويات المعيشة،...) سرعان ما بدأ يتدهور ليتجسد في شكل أحداث عنف خلال أكتوبر 1988، ينبغي الإشارة في هذا الصدد إلى أزمة جبهة التحرير الوطنية نفسها، ذلك أنها بدأت تعرف انقسامات داخلية ناتجة عن رغبة الرئيس الشاذلي في تبني إصلاحات تفصل الحزب عن الدولة مع إبعاد العسكريين عن الحزب، وتمسك المحافظين بالموقف التقليدي الذي يضع جميع القوى تحت سيطرة الحزب الواحد، وخلال المؤتمر السادس لجبهة التحرير استطاع الشاذلي بن جديد أن يفرض نفسه. فقدم توضيحات واسعة بشأن الوضعية الاقتصادية (إفلاس مؤسسات الدولة والقطاع الزراعي من خلال عجز وصل إلى 125 مليون دينار ما بين 1984 و1987 أي 18.5 مليار دولار، مع وجود 270 مؤسسة لا تملك ميزانية متوازية تفرض على الحكومة صرف 7.5 مليار دولار لامتصاص هذا العجز، مع 19 مليار دولار كدين خارجي).

كما تمكن تدريجيا من إبعاد رموز النظام السابق من اللجنة المركزية للجبهة (وعلى رأسهم شريف امساعدية، عبد العزيز بوتفليقة...)، وإبعاد عدد من العسكريين.
ثانيا: أحداث أكتوبر 1988، اندلعت أحداث العنف بالجزائر يوم 5 أكتوبر 1988 ثم سرعان ما توسعت لتشمل مدنا أخرى. وقد كانت هذه الأحداث عنيفة أدت إلى مئات القتلى والجرحى بالإضافة إلى خسائر مادية فادحة، ويمكن القول أن هذه الأحداث لم تندلع فجأة بل كانت نتيجة تراكمات عديدة ناتجة عن السخط الاجتماعي الشديد وبعض المؤشرات السابقة. وهكذا يمكن الإشارة إلى الطلاب الذين نظموا أنفسهم في شكل مستقل عن الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية خلال الإضراب الكبير لسنة 1987، كما أن الصحفيين شكلوا نقابة مستقلة مع بداية 1988، وبدورها توسعت الحركة البربرية الثقافية التي استطاعت تنظيم أنشطة غير رسمية ابتداء من سنة 1988. ويمكن الإشارة إلى موقف حزب الطليعة الاشتراكية الذي تحول من موقف التأييد الانتقادي إلى موقف المعارضة، وتصاعد التيار الإسلامي بشكل واسع.

وقد تطورت الأحداث بعد ذلك من خلال سقوط الإصلاحات السياسية والاقتصادية وتعديل الدستور والإعلان عن التعددية الحزبية التي وعد بها الرئيس الشاذلي بن جديد.

ثالثا: الإصلاحات السياسية
بدأت الإصلاحات السياسية من خلال استفتاء 3 نوفمبر 1988 من أجل تعديل الدستور الذي سيصدر في 23 فبراير 1989 والذي سنتعرض لخطوطه العريضة.

1. فصل الحزب عن الدولة و إقرار التعددية الحزبية
بعد أن ظل حزب جبهة التحرير الوطني يحتكر السلطة لمدة طويلة، أقر الدستور الجديد الحق في تأسيس الجمعيات. وهكذا سيلاحظ تأسيس عدد واسع من الأحزاب السياسية يفوق الخمسين حزبا في الوقت الراهن، ففي المرحلة الأولى من هذه الإصلاحات بقيت العديد من الأوضاع مستمرة في الواقع العملي نظرا لإعادة انتخاب الرئيس الشاذلي بن جديد بصفته أمينا عاما لحزب جبهة التحرير، وكذلك تعيين حكومة برئاسة مولود حمروش الذي يعتبر كذلك من أبرز القادة داخل الجبهة، كما أن أغلب أعضاء الحكومة وأعضاء المجلس الوطني الشعبي ينتمون إلى هذا الحزب أو يدينون له بالولاء...

وقد صدر قانون الانتخابات والتجمعات السياسية في 5 يوليوز 1988 ليفتح المجال لحرية تأسيس الأحزاب السياسية التي يمكن تصنيفها إلى:
-أحزاب ظهرت خلال احتكار جبهة التحرير، ويتعلق الأمر بأحزاب خرجت من السرية إلى العلنية كجبهة القوى الاشتراكية (آيت امحمد)،وحزب الطليعة الاشتراكي (صادق هجرس)، والحركة من أجل الديمقراطية (الرئيس السابق أحمد بن بلة)، الحزب الاشتراكي للعمال (صالحي الشاوي).

-أحزاب تم تأسيسها بعد السماح بالتعددية، وأهماه التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (سعيد سعدي)، الجبهة الإسلامية للإنقاذ (عباسي مدني)، الحزب الديمقراطي الاشتراكي (عبد الرحمن عجزي)،...

-أحزاب صغرى تشكل الأغلبية المطلقة من الأحزاب الجديدة.

-حزب جبهة التحرير الوطنية الذي حافظ على استمراريته.
وقد صادق المجلس الشعبي الوطني بأغلبية 232 صوتا ومعارضة 9 أصوات وامتناع 24 عن التصويت على القانون الانتخابي الجديد الذي ستجرى على أساسه الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها حسب نظام الاقتراع الأحادي الاسمي بالأغلبية في دورتين، وقد كانت آخر انتخابات قد جرت على صعيد البلديات في يونيو 1990حسب الاقتراع اللائحي الأغلبي ذي الدورة الواحدة واستفادت منها الجبهة الإسلامية للإنقاذ بشكل واسع، وحسب هذا القانون الجديد فإن المرشح يفوز في الدور الأول إذا حصل على الأغلبية المطلقة من الأصوات وإلا تجرى دورة ثانية بعد ثلاثة أسابيع بين المرشحين الثلاثة الأوائل. كما أن هذا القانون يمنع استعمال أماكن العبادة لأغراض الدعاية الانتخابية، كما ينص على أن الاقتراع شخصي وفردي ويحصر عدد التوكيلات في حدود توكيل واحد، غير أنه بإمكان الناخب أن يصوت باسم الزوج أو الزوجة بعد تقديم دفتر الحالة المدنية، كما أن البرلمان صادق على مشروع قانون التقسيم الانتخابي وذلك بأغلبية 196 صوتا مقابل 21 صوتا وامتناع 33، على أن يكون البرلمان القادم مشكلا من 541 مقعدا.

وعلى هامش هذه الإصلاحات جرت مناقشات واسعة بصدد المواضيع التالية:
- مدى دستورية تعديل الدستور بطريقة تختلف عما هو منصوص عليه في الدستور القائم أي دستور 1976 الذي يجعل مشروع التعديل الدستوري الذي يقترحه رئيس الجمهورية خاضعا لموافقة المجلس الوطني الشعبي بموافقة ثلثي أعضائه، كما يجعل تعديل أحكام الدستور خاضعا لموافقة ثلاثة أرباع المجلس الوطني الشعبي، وفي الوقت الذي عرضت فيه التعديلات الدستورية الجديدة مباشرة على الاستفتاء الشعبي.

-المناقشات الواسعة التي عرفها القانون الانتخابي، وخاصة مسألة التصويت باسم الزوجة الذي عارضته الجمعيات النسائية حيث رأت فيه تناقضا مع الطابع "الفردي والشخصي" للاقتراع.
-المناقشة حول مشروع التقسيم الانتخابي حيث أن المشروع الحكومي كان ينص على 505 مقعدا لتمثيل حوالي 25 مليون نسمة، مع اختلاف في التمثيلية بين المناطق القروية والمناطق الحضرية.
وقد أعلن الرئيس الشاذلي بن جديد عن موعد إجراء هذه الانتخابات التشريعية في 29 يونيو 1991، الشيء الذي أثار عدة ردود فعل مناقضة، كان موقف جبهة الإنقاذ الأكثر صرامة.

2.دستور 23 فبراير 1989
أ‌.الديباجة

تتضمن الديباجة الفلسفة العامة التي يرتكز عليها الدستور، والتي يمكن أن تستشف من مختلف فقراته:
"الشعب الجزائري حر ومصمم على البقاء حرا.
فتاريخه الطويل سلسلة متصلة لحلقات من الكفاح والجهاد جعلت الجزائر دائما منبت الحرية، وأرض العزة والكرامة.

لقد عرفت الجزائر في أعز اللحظات الحاسمة التي عاشها البحر الأبيض المتوسط، كيف تجد في أبنائها منذ العهد النوميدي، والفتح الإسلامي، حتى الحروب التحريرية من الاستعمار، روادا للحرية، والوحدة والرقي وبناة دول ديمقراطية، طوال فترات المجد والسلام، وكان أول نوفمبر 1954 نقطة تحول فاصلة في تقرير مصيرها، وتتويجا عظيما لمقاومة ضروس، واجهت بها مختلف الاعتداءات على ثقافة شعبها، وقيمه، ومقومات شخصيته. وتمتد جذور نضالها اليوم في شتى الميادين في ماضي أمتها المجيد، لقد تجمع الشعب في ظل الحركة الوطنية، ثم انضوى تحت لواء جبهة التحرير الوطني، وقدم تضحيات جساما من أجل أن يتكفل بمصيره الجماعي في كنف الحرية والهوية الثقافية الوطنية المستعادتين. ويشيد مؤسساته الدستورية الشعبية الأصلية، وقد توجت جبهة التحرير الوطني ما بذله خيرة أبناء الجزائر من تضحيات في الحرب التحريرية الشعبية، بالاستقلال، وشيدت دولة عصرية كاملة السيادة، إن إيمان الشعب بالاختيارات الجماعية مكنته من تحقيق انتصارات كبرى طبعتها استعادة الثروات الوطنية بطابعها، وجعلتها دولة في خدمة الشعب وحده تمارس سلطاتها بكل استقلالية بعيدة عن أي ضغط خارجي.

إن الشعب الجزائري ناضل ويناضل دوما في سبيل الحرية والديمقراطية، ويعتزم أن يبني بهذا الدستور مؤسسات دستورية أساسها مشاركة كل جزائري وجزائرية في تسيير الشؤون العمومية، والقدرة على تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وضمان الحرية لكل فرد، فالدستور يجسم عبقرية الشعب الخاصة، ومرآته الصافية التي تعكس كل تطلعاته، وثمرة إصراره، ونتاج التحولات الاجتماعية العميقة التي أحدثها، وبموافقته عليه يؤكد بكل عزم وتقدير أكثر من أي وقت مضى سمو القانون، إن الدستور فوق الجميع، وهو القانون الأساسي الذي يضمن الحقوق والحريات الفردية والجماعية، يحمي مبدأ حرية اختيار الشعب، ويضفي الشرعية على ممارسة السلطات، ويكفل الحماية القانونية، ورقابة عمل السلطات العمومية في مجتمع تسوده الشرعية، ويتحقق فيه تفتح الإنسان بكل أبعاده، فالشعب المتحصن بقيمه الروحية الراسخة، والمحافظ على تقاليده في التضامن والعدل، لواثق في قدرته على المساهمة الفعالة في التقدم الثقافي، والاجتماعي، والاقتصادي، في عالم اليوم والغد.

إن الجزائر، أرض الإسلام وجزء لا يتجزأ من المغرب العربي الكبير، أرض عربية وبلاد متوسطية وإفريقية تعتز بإشعاع ثورتها، ثورة أول نوفمبر، يشرفها الاحترام الذي أحرزته وعرفت كيف تحافظ عليه بالتزامها إزاء كل القضايا العادلة في العالم، وفخر الشعب وتضحياته، وإحساسه بالمسؤوليات، وتمسكه العريق بالحرية، والعدالة الاجتماعية، تمثل كلها أحسن ضمان لاحترام مبادئ هذا الدستور الذي يصادق ليه ينقله إلى الأجيال القادمة، وريث رواد الحرية وبناة المجتمع الحر".

ب‌.الباب الأول: المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري
لقد خصص الدستور الباب الأول من المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري وذلك من خلال خمسة فصول:

-الفصل الأول: الجزائر (5 مواد)
ويتضمن هذا الفصل مواد تعتبر الجزائر ديمقراطية شعبية، وحدة لا تتجزأ، الإسلام دين الدولة، اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية،...

-الفصل الثاني: الشعب (5 مواد)
ويتضمن خمس مواد تحدد المبادئ العامة التي تحكم الشعب، وهي:
المادة 6: الشعب مصدر كل سلطة، والسيادة الوطنية لكل الشعب.

المادة 7: السلطة التأسيسية ملك للشعب، الشعب يمارس سيادته بواسطة المؤسسات الدستورية التي يختارها، الشعب يمارس السيادة عن طريق الاستفتاء وبواسطة ممثليه المنتخبين، ولرئيس الجمهورية أن يلتجأ إلى رأي الشعب مباشرة.

المادة 8: يختار الشعب لنفسه مؤسسات غايتها ما يأتي : - المحافظة على الاستقلال الوطني ودعمه، - المحافظة على الهوية والوحدة الوطنية ودعمهما، - حماية الحريات للمواطن والازدهار الجماعي والثقافي للأمة، - القضاء على استغلال الإنسان للإنسان، - حماية الاقتصاد الوطني من كل أشكال التلاعب أو الاختلاس أو الاستحواذ أو المصادرة الغير المشروعة.

المادة 9: لا يجوز للمؤسسات أن تقوم بما يلي: - الممارسات الإقطاعية والجهوية والمحسوبية، - إقامة علاقات الاستغلال والتبعية، - السلوك المخالف للخلق الإسلامي وقيم ثورة نوفمبر.

المادة 10: الشعب حر في اختيار ممثليه ولا حدود لتمثيل الشعب إلا ما نص عليه الدستور وقانون الانتخابات.

-الفصل الثالث: الدولة ( 17 مادة)
شعار الدولة "بالشعب وللشعب"، عدم جواز التنازل أو التخلي عن أي جزء من أجزاء التراب الوطني، التنظيم الديمقراطي والعدالة الاجتماعية، البلدية والولاية هي الجماعات الإقليمية للدولة، تحديد مفهوم الملكية العامة التي هي ملك للمجموعة الوطنية، اختصاص الدولة بتنظيم التجارة الخارجية، نزع الملكية في إطار القانون، عدم اعتبار الوظائف في مؤسسات الدولة مصدرا لثراء أو وسيلة لخدمة المصالح العامة، معاقبة القانون على التعسف في استعمال السلطة، مسؤولية الدولة عن أمن كل المواطنين وعن حمايتهم في الخارج، تحديد مهمة الجيش الوطني الشعبي في تنظيم الطاقة الدفاعية للأمة والمحافظة على الاستقلال الوطني والدفاع عن السيادة الوطنية ووحدة البلاد وسلامتها الترابية وحماية مجالها البري والجوي ومختلف مناطق أملاكها البحرية، الامتناع عن إلى اللجوء إلى الحرب من أجل المساس بالسيادة المشروعة للشعوب الأخرى وحرياتها، التضامن مع جميع الشعوب التي تكافح من أجل التحرر السياسي والاقتصادي وضد كل تمييز عنصري، دعم التعاون الدولي وتنمية العلاقات الودية بين أعضاء الدول.

-الفصل الرابع: الحقوق والحريات (29 مادة)
لقد عدد الدستور مجموعة من الحقوق والحريات المعترف بها للمواطن والتي لا يمكن الحد منها إلا بالقانون.

ونذكر من بين هذه الحريات:
المادة 28: كل المواطنين سواسية أمام القانون، ولا يمكن أن يتذرع بأي تمييز يعود سببه إلى المولد، أو العرق، أو الجنس، أو الرأي، أو أي شرط أو ظرف آخر، شخصي أو اجتماعي.

وانطلاقا من هذه المادة عدد الدستور في المواد الموالية حقوقا وحريات عديدة مثل: حرية المعتقد، وحرمة حرية الرأي، حقوق المؤلف، حرمة حياة المواطن الخاصة وحمة شرفه، سرية المواصلات والاتصالات الخاصة، عدم انتهاك حرمة المسكن، حرية الإقامة والتنقل، مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي، حق الانتخاب والترشيح، حق تقلد المهام والوظائف، الملكية الخاصة، الحق في التعليم، حق الرعاية الصحية، الحق في العمل، الحق في الإضراب، إلا أن المادة 40 تبقى أهم ما جاء به الدستور، إذ تنص على ما يلي: "حق إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي معترف به. ولا يمكن التذرع بهذا الحق لضرب الحريات الأساسية، والوحدة الوطنية، والسلامة الترابية، واستقلال البلاد، وسيادة الشعب".


-الفصل الخامس: الواجبات (10 مواد)
حدد الدستور بعض المسائل التي يعتبرها واجبات وذلك فيما يلي:

-لا يعذر بجهل القانون.
-ضرورة احترام الدستور وقوانين الجمهورية.
-حماية استقلال الوطن وسيادته وسلامة ترابه.
-المعاقبة الصارمة على الخيانة والتجسس والولاء للعدو،
-وكذلك على جميع الجرائم المرتكبة ضد أمن الدولة.
-الإخلاص في الواجبات والمشاركة في الدفاع عن الوطن.
-ضمان الدولة لاحترام رموز الثورة وأرواح الشهداء وكرامة ذويهم والمجاهدين.
-ممارسة الحريات في إطار احترام الحق في الشرف، وستر الحياة الخاصة، وحماية الأسرة والشبيبة والطفولة.
-المساواة في أداء الضريبة.
-مجازاة الآباء على القيام بواجب تربية أبنائهم ورعايتهم،
-وكذلك الأبناء على القيام بواجب الإحسان إلى آبائهم ومساعدتهم.

-حماية الملكية العمومية ومصالح المجموعة الوطنية، واحترام ملكية الغير.
-حماية الأجانب الموجودين فوق التراب العربي في شخصيتهم وأملاكهم.
-عدم جواز تسليم أي أحد خارج الوطن إلا بناء على قانون تسليم المجرمين وتطبيقا له.
-عدم إمكانية تسليم أو طرد لاجئ سياسي يتمتع قانونا بحق اللجوء.

ج. الباب الثاني: تنظيم السلطات
-الفصل الأول: السلطة التنفيذية (25 مادة)
ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام المباشر والسري بالأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين المعبر عنها لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد. ويعتبر رئيس الدولة الذي يجسدها داخل البلاد وخارجها كما يجسد وحدة الأمة وحامي الدستور، وبناء على المادة 74 يعتبر رئيس الجمهورية:

-القائد الأعلى لجميع القوات المسلحة للجمهورية.
-يتولى مسؤولية الدفاع الوطني.
-يقرر السياسة الخارجية للأمة ويوجهها.
-يرأس مجلس الوزراء.
-يعين رئيس الحكومة وينهي مهامه.
-يوقع المراسيم الرئاسية.
-يعين في الوظائف المدنية والعسكرية للدولة.
-له حق إصدار العفو وحق تخفيض العقوبات أو استبدالها.
-يمكنه أن يستشير الشعب في كل قضية ذات أهمية وطنية عن طريق الاستفتاء.
-يعين سفراء الجمهورية والمبعوثين فوق العادة إلى الخارج وينهي مهامهم،
-ويتسلم أوراق اعتماد الممثلين الدبلوماسيين الأجانب، وأوراق إنهاء مهامهم.
-يبرم المعاهدات الدولية ويصادق عليها.
-يسلم أوسمة الدولة (Décorations) ونياشينها (Distinctions) وشهاداتها التشريفية.

وهذا إضافة إلى سلطات تخولها له أحكام أخرى في الدستور.
أما رئيس الحكومة فإنه بعد تعيينه يقدم أعضاء حكومته إلى رئيس الجمهورية الذي يعينهم، كما أنه يضبط برنامج حكومته ويعرضه في مجلس الوزراء (المادة 75)، ثم يقدم هذا البرنامج إلى المجلس الشعبي الوطني للموافقة عليه بعد مناقشة عامة يمكن لرئيس الحكومة على إثرها أن يكيف برنامجه على ضوء المناقشات (المادة 76)، وعليه تقديم استقالة الحكومة لرئيس الجمهورية في حالة عدم موافقة المجلس على البرنامج المعروض عليه. فيقوم رئيس الجمهورية من جديد بتعيين رئيس حكومة حسب نفس الطريقة (المادة 77)، وإذا لم تحصل من جديد موافقة المجلس الشعبي الوطني ينحل وجوبا وتجري انتخابات تشريعية جديدة في أجل أقصاه ثلاثة أشهر (المادة 78)، ويعتبر رئيس الحكومة المنفذ والمنسق للبرنامج الموافق عليه من طرف المجلس الشعبي الوطني (المادة 79) الذي يقدم عنه سنويا بيانا تعقبه مناقشة يمكن أن يختمها المجلس بلائحة أو بإيداع ملتمس رقابة، كما يمكن لرئيس الحكومة أن يطلب تصويتا بالثقة (المادة 80 )، وبناء على المادة 81 يمارس رئيس الحكومة زيادة على السلطات التي تخولها إياه أحكام أخرى في الدستور الصلاحيات الآتية:

-يوزع الصلاحيات بين أعضاء الحكومة مع احترام الأحكام الدستورية.
-يرأس مجلس الحكومة.
-يسهر على تنفيذ القوانين والتنظيمات (Règlements).
-يوقع المراسيم التنفيذية.
-يعين في وظائف الدولة دون المساس باختصاصات رئيس الجمهورية بهذا الصدد.

وينبغي الإشارة إلى مجموعة المواد التي تنظم حالة شغور رئاسة الجمهورية نظرا لأهميتها عند دراسة استقالة الشاذلي بن جديد.
المادة 84: "إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير مزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا، وبعد أن يثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على المجلس الشعبي الوطني التصريح بثبوت المانع، يعلن المجلس الشعبي الوطني ثبوت المانع لرئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي أعضائه، ويكلف رئيسه بتولي رئاسة الدولة بالنيابة لمدة أقصاها خمسة وأربعون يوما، ويمارس صلاحياته مع مراعاة أحكام المادة 85 من الدستور، وفي حالة استمرار المانع، بعد انقضاء خمسة وأربعين يوما، يعلن الشغور بالاستقالة وجوبا، حسب الإجراء المنصوص عليه في الفقرتين السابقتين وطبقا لأحكام الفقرات الآتية من هذه المادة:

في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا، ويثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية، وتبلغ فورا شهادة الشغور النهائي للمجلس

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا