الأسواق المالية الدولية
مقدمة عامــــة.
المبحث الأول: مدخل إلى الأسواق المالية الدولية.
المطلب الأول: نشأة الأسواق المالية الدولية
المطلب الثاني:وظائف الأسواق المالية الدولية
المطلب الثالث: مقومات الأسواق المالية الدولية.
المبحث الثاني:الإستثمار في الأسواق المالية الدولية
المطلب الأول:آلية التعامل في الأسواق المالية الدولية.
المطلب الثاني:تحليل واقع الاستثمار في الأسواق المالية الدولية.
المطلب الثالث: الشركات الكبرى عبر الوطنية و الأسواق المالية الدولية.
المبحث الثالث:اللاعبون الأساسيون في الأسـواق المـالية الدولية.
المطلب الأول: أهم المراكز المالية الدولية ومؤشراتها.
المطلب الثاني :سوق الدولارات الأوروبية. "Eurodollar"
المطلب الثالث:سوق السندات الأوروبية.
خاتمة عامــــة.
مقــدمة عـــامة:
تلعب الأسواق المالية دورا هاما في اقتصاديات الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، كونها إحدى أدوات السياسة المالية المستخدمة في تعبئة المدخرات المحلية وأداة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى دورها الفاعل في تمويل خطط التنمية الاقتصادية. ومع تنامي عجز الموازنات العامة لبعض الدول فقد أخذت – هذه الدول – في البحث عن موارد مالية غير سيادية لتمويل خططها التنموية، فغدت الأسواق المالية واحدة من الأدوات الهامة التي تستخدم لمثل هذه الغايات التنموية.
وقد شهدت الأسواق المالية الدولية تطورات هائلة خلال السنوات الأخيرة سواء من حيث الأدوات المالية الجديدة أو من حيث التغيرات الهيكلية في تقسيمات الأسواق واستحداث أسواق جديدة وتطوير الأنظمة المتعلقة بالتداول والتسوية والتقاص، الأمر الذي استدعى دول العالم المختلفة لبذل جهود مكثفة لمواكبة هذه التغيرات لما لذلك من آثار إيجابية على سيولة الأسواق المالية وعمقها.
إشكالية البحث:
لمعالجة هذا البحث يتم طرح الإشكالية التالية:
- ما أهمية وآلية عمل الأسواق المالية الدولية في إستقطاب وإستثماروتوظيف الموارد المالية على الصعيد الدولي؟
و انطلاقا من هذا التساؤل الرئيسي، يمكن استخراج الأسئلة الفرعية التالية:
- كيف نشأت الأسواق المالية الدولية وما هي وظائفها؟
- ما هي آلية التعامل في هذه الأسواق؟
- ما هي أهم الأسواق المالية الدولية في العالم، وما مؤشراتها؟
الفرضيات:
للإجابة عن هذه التساؤلات قمنا بوضع الفرضيات التالية:
- ظهرت الأسواق المالية الدولية نتيجة الثورة الصناعية و النهضة التكنولوجية التي أدت إلى ظهور الشركات المساهمة.
- التعامل في الأسواق المالية الدولية محفوف بعدة مخاطرلذلك فالإسثمارفي هذه الأسواق يتطلب الكفاءة و الخبرة من لدن جميع المتعاملين في السوق المالي.
- يعتبر سوق السندات الأوروبية ،بالإضافة الى البورصات العالمية وسوق الأورو دولار أهم المراكز المالية الدولية.
منهجية البحث:
للإجابة على الإشكالية المطروحة وتحقيق الأهداف المرجوة من الموضوع محل البحث، وبغية اختبار صحة الفرضيات المقدمة وتناولها بالبحث والتحليل، اعتمدنا منهجاإستقرائيا.
هيكلة البحث:
تم تقسيم البحث إلى ثلاث مباحث ،تتقدمها مقدمة عامة.
في المبحث الأول،تطرقنا إلى نشاة الأسواق المالية الدولية ،وظائفها ومقوماتها.
و في المبحث الثاني تناولنا آلية التعامل في الأسواق المالية الدولية ومدى مساهمة الشركات الكبرى عبر الوطنية في عمليات السوق المالي الدولي.
اما في البحث الثالث تعرضنا إلى أهم اللاعبين الأساسيين في الأسواق المالية الدولية . إضافة إلى خاتمة عامة التي تعبر على حوصلة للموضوع والنتائج المتوصل إليها.
المبحث الأول: مدخل إلى الأسواق المالية الدولية.
المطلب الأول: نشأة الأسواق المالية الدولية
إن أهم الأسواق المالية التي عرفها التاريخ الإقتصادي في أوروبا بل في العالم ـ و كان التعامل فيها يتم بالكمبيالات والسندات الأذنية، و المعادن النفيسة ـ هي أسواق البندقية و جنوة في إيطاليا و سوق فرانكفورت، وكانت تلك الأسواق من أكثر الأسواق المالية الأوروبية تعاملا مع منطقة الشرق الأوسط التي شهدت في تلك الفترة نشاطا تجاريا هائلا باعتبارها مركز اتصال بين الشرق الأقصى و أوروبا.
و مع تطور الفكر الإقتصادي الرأسمالي الذي يدعو إلى التخصص و تقسيم العمل، و مع انبثاق الثورة الصناعية، زادت أهمية الاستثمارات الفردية التي تتطلب موارد مالية كبيرة تفوق قدرات و إمكانيات الأفراد. و على إثر ذلك ظهرت الشركات المساهمة التي فتحت المجال واسعا أمام مشاركة عدد أكبر من المساهمين في ملكية الشركات و بذلك ضمان التمويل اللازم لها. و من جهة أخرى، تطور عدد البنوك و ازدادت أهميتها في مختلف الدول.
كل هذه العوامل و الظروف، فضلا عن توسع المشاريع الإستثمارية و المعاملات التجارية، ساهمت بشكل كبير في نشأة الأسواق المالية كأداة فعالة لتعبئة الموارد و المدخرات اللازمة للتمويل التجاري و الإستثماري.
و أول الأسواق المالية ظهوراً، كانت في القرن السابع عشر (ق17) في أمستردام، ثم في القرن الثامن عشر (ق18) في البندقية، و شهد القرنين التاسع عشر و العشرين (ق 19 و ق20) على التوالي، نشأة المركزين الماليين الدوليين البريطاني و الأمريكي.
و قد ظهرت البورصات في القرن التاسع عشر (ق19) من أجل تداول السلع و المنتجات و الأوراق المالية و إبرام الصفقات، و كان ظهور البورصات نتاج عوامل اقتصادية عديدة أهمها:
- زيادة النشاط المالي للمؤسسات الكبرى و التي تستعمل أموال ضخمة، كالمصارف و شركات التأمين و شركات النقل و الاتصالات؛
- زيادة المبادلات التجارية الدولية، التي شهدت انتقال السلع و المواد الأولية من البلدان المُستعمَرة إلى البلدان المُستعمرة.
- إنَّ الأسواق المالية في الدول المتقدمة تطورت بصفة مصاحبة للتغيرات و التطورات الحاصلة على المستوى التكنولوجي، و تنامي حجم الإنتاج و وحدات الأعمال الكبيرة بصورة أسرع من الوسائل المتاحة للتمويل.
وزاد نشاط الأسواق المالية زيادة هائلة، فقد بلغ عدد الأسواق المالية في الولايات المتحدة الأمريكية أربع عشر بورصة في الوقت الحاضر، و أهمها و أكبرها بورصة نيويورك. في بريطانيا أيضاً، اندمجت كل الأسواق المالية منذ عام 1913م في نظام واحد و هو بورصة لندن.
و في اليابان تعمل في الوقت الحاضر ثماني بورصات على رأسها بورصة طوكيو. و هو الحال بالنسبة لألمانيا، حيث يوجد أيضاً ثماني بورصات أهمها بورصة فرانكفورت. و بالنسبة لفرنسا، هناك سبع بورصات تترأسها بورصة باريس.
المطلب الثاني:وظائف الأسواق المالية الدولية
تؤدي الأسواق المالية دورا هاما في الحياة الاقتصادية، وإذا ما حاولنا عرض أهم الوظائف التي يمكن أن تؤديها، فيمكن حصرها فيما يلي:1
1. تنمية الادخار عن طريق تشجيع الاستثمار في الأوراق المالية، وتوجيه المدخرات لخدمة الاقتصاد القومي. حيث تشجع سوق الأوراق المالية على تنمية عادة الادخار الاستثماري، خاصة بالنسبة لصغار المدخرين الذين لا يستطيعون القيام بمشاريع مستقلة بأموالهم القليلة، ومن ثم فإنهم يفضلون شراء أوراق مالية على قدر أموالهم، وهذا يساعد على خدمة أغراض التنمية والحد من التضخم، كما أنها تساعد على توجيه المدخرات نحو الاستثمارات الملائمة (سواء في الأسهم أو السندات) وذلك وفقا لاتجاهات الأسعار.
2. المساعدة في تحويل الأموال من الفئات التي لديها فائض (المقرضين) إلى الفئات التي لديها عجز (المقترضين). فالمقرضون يقومون بتخفيض نفقاتهم الاستهلاكية الحالية مقابل الحصول على دخول أعلى في المستقبل عند حلول آجال استحقاق تلك القروض، وعندما يقوم المقترضون باستخدام تلك الأموال المقترضة في شراء وتأجير عناصر الإنتاج، فإنهم سوف ينتجون دخولا أعلى، وبالتالي زيادة مستوى المعيشة ليس فقط للمقترضين بل لكل فئات المجتمع.
3. المساهمة في تمويل خطط التنمية عن طريق طرح أوراق مالية حكومية في تلك السوق. حيث رافق بروز أهمية الأوراق المالية التي تصدرها شركات المساهمة ازدياد التجاء الحكومات إلى الاقتراض العام من أفراد الشعب، لسد نفقاتها المتزايدة وتمويل مشروعات التنمية، وذلك عن طريق إصدار السندات والأذون التي تصدرها الخزانة العامة ذات الآجال المختلفة، ومن هنا صارت هذه الصكوك مجالا لتوظيف الأموال لا يقل أهمية عن أوجه التوظيف الأخرى.
4. المساهمة في دعم الائتمان الداخلي والخارجي. حيث إن عملات البيع والشراء في بورصة الأوراق المالية تعد مظهرا من مظاهر الائتمان الداخلي، فإذا ما ازدادت مظاهر هذا الائتمان ليشمل الأوراق المالية المتداولة في البورصات العالمية أصبح من الممكن قبول هذه الأوراق كغطاء لعقد القروض المالية.
5. المساهمة في تحقيق كفاءة عالية في توجيه الموارد إلى المجالات الأكثر ربحية؛ وهو ما يصاحبه نمو وازدهار اقتصادي. وهذا الأمر يتطلب توافر عدة سمات في سوق الأوراق المالية، يمكن إيجازها فيما يلي:
(أ) كفاءة التسعير: بمعنى أن تعكس الأسعار كافة المعلومات المتاحة.
(ب) كفاءة التشغيل: بمعنى أن تتضاءل تكلفة المعاملات إلى أقصى حد، مقارنة بالعائد الذي يمكن أن تسفر عنه تلك المعاملات.
(ج) عدالة السوق: بمعنى أن تتيح السوق فرصة متساوية لكل من يرغب في إبرام الصفقات.
(د) الأمان: ويقصد به ضرورة توافر وسائل للحماية ضد المخاطر التي تنجم عن العلاقات بين الأطراف المتعاملة في السوق، مثل مخاطر الغش والتدليس وغيرها من الممارسات اللاأخلاقية التي يعمد إليها بعض الأطراف.
6. تحديد أسعار الأوراق المالية بصورة واقعية على أساس من المعرفة الكافية ودرجة عالية من العدالة. حيث يتم تحديد أسعار الأوراق المالية عبر المفاوضة أو المزايدة (المزاد العلني) والتي تعكس بصورة أقرب إلى الدقة رأي المتعاملين في السعر المناسب للورقة المالية وفقا لظروف السوق السائدة، بالإضافة إلى ما تقوم به الشركات والجهات الاقتصادية من نشر كافة البيانات المتعلقة بالشركات وصكوكها وأرباحها ومراكزها المالية؛ وهو ما يحول دون خلق سعر غير واقعي للورقة المالية. ويمثل هذا السعر أفضل الأسعار بالنسبة للبائع (أعلى سعر طلبHighest Bid) وللمشتري (أدنى سعر عرض Lowest Offer).
7. إن سوق الأوراق المالية تعتبر أداة هامة لتقويم الشركات والمشروعات. حيث تساهم في زيادة وعي المستثمرين وتبصيرهم بواقع الشركات والمشروعات، ويتم الحكم عليها بالنجاح أو الفشل. فانخفاض أسعار الأسهم بالنسبة لشركة من الشركات دليل قاطع على عدم نجاحها أو على ضعف مركزها المالي؛ وهو ما قد يؤدي إلى إجراء بعض التعديلات في قيادتها أو في سياستها أملا في تحسين مركزها.
المطلب الثالث: مقومات الأسواق المالية الدولية.
يتطلب سوق المال توافر عدد من المقومات الأساسية لكي يصبح سوقا فعالا قادرا على تحقيق الأهداف التي يقام من أجلها هذه المقومات يمكن حصرها فيما يلي:
1-اعتناق فلسفة اقتصادية لبيرالية قائمة على الثقة في قدرات قوى السوق على تحريك النشاط الاقتصادي في ظل اعتبارات الكفاءة الاقتصادية والسلوك الرشيد لكل من المنتج والمستهلك، المصدر والمستورد وغيرها من الأفراد والهيئات القائمة بالنشاط الاقتصادي ،أن رأس المال الخاص يلعب دوره الريادي في تجميع المدخرات الخاصة وإعادة تخصيصها على وجوه النشاط الاقتصادي التي تحقق أعلى معدل عائد ممكن في ظل أدنى مستوى ممكن من المخاطر.
2-ضرورة وجود حجم كافي من المدخرات بشقيها الوطني والأجنبي المعروضة وفي الوقت نفسه يقابلها طلب كاف عليها حتى لايوجد فائض في الطلب دون أن يناظره العرض المتاح من المدخرات التي تتكفل بتغطيته ,أو فائضا في العرض لايوجد الطلب القادر على توظيفه في وجوه الاستثمارات المالية المختلفة.
3-وجود فرص استثمارية كافية وقادرة على اجتذاب رؤوس الأموال قصيرة وطويلة الأجل المعروضة والباحثة في الوقت نفسه عن فرص جذابة للاستثمار.
4-ايجاد الاطارات التشريعية والتنظيمية الفعالة من خلال مرونتها وقدرتها على التطور والتكيف المستمر مع المتغيرات الاقتصادية القومية والدولية، فتوافر هذه التشريعات كافية وقادرة وتساعد كثيرا في تسهيل المعاملات وتحركات رؤوس الأموال من ناحية وفي الوقت نفسه توفر الحماية والأمان لكافة أطراف التعامل في السوق المالي من ناحية أخرى.
5-توافر المؤسسات المصرفية والمالية الفعالة والمتنوعة حتى تؤدي دورها المطلوب في تجميع المدخرات الوطنية والأجنبية من ناحية واستحداث وتوليد الفرص الاستثمارية وتجهيزها في شكل مشروعات استثمارية والترويج لها من ناحية أخرى.
فهذة المؤسسات المالية أوالمصرفية تلعب دورا بارزا في عملية التوسط بين المدخرات والمنضمين لايجاد التلاقي المطلوب بين عرض المدخرات والطلب عليها وعرض فرص الاستثمار والطلب عليها.
6-وجود محفظة أوراق مالية جيدة ومتنوعة تحتوي على العديد من المزايا المتنوعة حتى تكون قادرة على جذب المتعاملين في السوق المالي وفي الوقت نفسه تتضح أمامهم فرص كبيرة للأختيار من بينها.
كما أنه من االملاحظ قد شاع مصطلح "التدويل" في الأوراق المالية الدولية بعد ح ع2، ويرجع إلى الاجراءات الضخمة التي تم اتباعها في الدول الصناعية المتقدمة الرئيسية لتحرير حركة رؤوس الأموال من القيود المفرروضة عليها والدور الكبير الذي لعبته ثورة المعلومات مما جعل الأسواق المالية الدولية أشبه بقرية مالية واحدة مترابطة الأطراف وقادرة على إيجاد الفرص الاستثمارية المتنوعة والجذابة أمام راغبي الاستثمار في أرجاء المعمورة بالاضافة إلى فتح الباب أمام البنوك التجارية والمتخصصة العالمية لتجد الغرض المناسب لتوضيف أموالها التي تراكمت لديها على وجه خاص في الفترة1947-1990نتيجة لظاهرة تراكم الفوائض البترودولارية، و التطور الكبير الذي شهدته أسواق العملات الأروبية يضاف إلى ذلك النجاح الذي حققته البنوك المركزية للدول الصناعية المتقدمة في السيطرة على الظاهرة التضخمية في حقبة الثمانينات وبتالي فتح الطريق أمام هذه الدول لانتهاج سياسات مرنة لأسعار الفائدة مكنتها من تخفيض معدلات الفائدة بها ساهم بدوره في زيادة الطلب على الأوراق المالية ذات أسعار الفائدة الثابتة (السندات الدولية) ولقد أحدث هذا التطور رواجا كبيرا في مجال الاستثمارات المالية الدولية وهيأ السبيل أمام حركات رؤوس الأموال عبر الحدود الدولية بالاضافة إلى الدور الكبيرالذي لعبته سياسة تخفيض وإزالة القيود بين الأسواق الدولية .
المبحث الثاني:الإستثمار في الأسواق المالية الدولية
المطلب الأول: آلية التعامل في الأسواق المالية الدولية.
تصدر الأوراق المالية إما مقومة بعملات حقيقية متداولة في دولة من الدول وهذا هو الغالب إما بوحدات نقدية "حسابية" أو "مركبة" لا تتداول بالفعل وإنما تستخدم فقط كوحدات للقياس، وذلك لما لها من مزايا العملات الحقيقية لتجنب ما قد يطرأ على العملة من تقلبات قد تضر بمصلحة المتعاملين في السوق المالية ويتم التعامل بها في هذه الأسواق على وفق مؤشرات يتم على ضوئها تحديد التوجهات التي يمارسها المستثمرون والمضاربون والمحللون الماليون في الأسواق المالية... وهي :
* المؤشرات الاقتصادية: تتأثر حركة أسعار الأسهم والسندات في السوق المالية بالمؤشرات الاقتصادية التي تعكس بدورها مدى صحة التكهنات والتوقعات في السوق, مثل حالة الإعلان عن ميزانية مالية ضخمة أو نهج استثماري طموح, والذي يعني توقع ارتفاع الأسعار بشكل عام, كما أن القيام بضخ أموال إضافية للسوق من شأنه أن ينعكس على حالة وأوضاع الأوراق المالية في البورصة في البلدان السائرة في طريق النمو وهكذا في اعتماد إحصاءات الإنتاج الصناعي أو الناتج القومي أو الدخل القابل للتصرف كمؤشرات في أسواق البورصة في الدول المتقدمة.
* المؤشرات النقدية والمالية: وهي من أهم المؤشرات لمعرفة اتجاهات الأسعار في السوق المالية إذ إن ارتفاع أسعار الفائدة يؤدي إلى توجه المستثمرين نحو الإيداع في المصارف, والقيام ببيع أسهمهم في السوق فيزداد المعروض منها وتنخفض أسعارها في حين تتجه الأموال نحو السوق المالية في حالة هبوط أسعار الفائدة في المصارف أو تحويلها إلى سوق السندات. كما أن زيادة عرض النقد سواء أكان في اقتصاديات الدول السائرة في طريق النمو أو المتطورة تؤدي إلى ارتفاع أسعار الأسهم وبعكسه فأن انخفاض معدلات نمو عرض النقد سوف يعمل على انخفاض أسعار الأسهم, وعليه فأن تدخل البنوك المركزية في توسيع عرض النقد أو تقليصه ينعكس على تحول أسعار الفائدة نحو الارتفاع أو الانخفاض ومن ثم التأثير على اتجاهات الأسعار في السوق المالية تبعاً لذلك.
* حجم التداول في البورصة: إن عدد الأسهم والسندات المتداولة في السوق المالية يحدد قوة السوق وتوقعات صعوده أو هبوطه بالمستقبل إذ إن كثافة حجم التداول تعني تفاؤل المستثمرين وإقبالهم على الاستثمار في السوق وما يتبعه من ارتفاع في الأسعار نتيجة لذلك. أما إذا حققت السوق تقدماً أو عرضاً ولم يرافقه تداول كثيف, فعندها تبقى الأسعار على حالها أو تتجه نحو الانخفاض بسبب الجمود النسبي للمشاركة, وبالتالي توجه المستثمرين نحو تصفية استثماراتهم حيث تستمر الأسعار باتجاهات النزول. ومن هنا يتبين لنا بأن كثافة التداول وزيادة الأسعار هي التي تولد الطلب والتي يعقبها حصول الزيادات المتتالية بعد ذلك... فالطلب إذاً ليس وحده الذي يؤدي إلى زيادة الأسعار في الأسواق المالية... وهكذا فأن لهذه السوق خصائص تختلف عما هي عليه في الأسواق الاستثمارية وأسواق السلع الاستهلاكية وهي التي تعكس فاعلية آلية العملية الاستثمارية في تلك الأسواق, والمتمثلة بما يأتي:
* الطابع الفردي لهذه الأسواق مما يجعل المستثمر يواجه أطرافاً قوية في جانب الإصدار والتسويق ممثلة بالهيئات العامة والشركات الكبرى وهي التي لها القدرة على الخوض في السوق الدولية.
* إنه من الصعب على المستثمر أن يلم إلماماً كافياً بالأوضاع السائدة في الأسواق بصفة عامة وكذلك بأوضاع الهيئات التي يستثمر أوراقها وكثيراً ما يعتمد المستثمر في هذا الشأن إما على بضعة معلومات عامة وإما على نصائح وإرشادات المتاجرين بالأوراق المالية. هذا إذا ما علمنا بأن غالبية المستثمرين يلتجئون إلى خدمات المتخصصين نظراً لما يفرضه هؤلاء من شروط ومن رسوم قلما ترتبط بنوعية الأداء وفعاليته.
* يحتاج حملة الأوراق المالية وخاصة حملة السندات إلى تشديد حمايتهم ليس من المخاطر في السوق العادية والناجمة عن تغير سعر الفائدة أو أسعار الصرف أو ائتمان الأوراق المالية, وإنما المخاطر الناجمة عن تخلف المدينين (وخاصة في سوق السندات) عن أداء التزاماتهم, والمتمثلة في صعوبة الحصول على العملات الأجنبية عند التسديد أو التأخر عن دفع الفوائد والأقساط, أو فرض الرقابة على الصرف أو فرض الضرائب, كالضرائب على التحويلات وغير ذلك.
المطلب الثالث:تحليل واقع الاستثمار في الأسواق المالية الدولية.
لقد أصبح الاقتصاد العالمي, إزاء الأهمية المتزايدة لرأس المال في صناعة الخدمات المالية بمكوناتها المصرفية وغير المصرفية, أداة تحركها مؤشرات ورموز البورصات العالمية (داوجونز، ناسدك، نيكاي، داكس، كيك...) والتي تؤدي إلى نقل الثروة العينية من يد مستثمر إلى آخر دون عوائق أو حتى عبر الحدود الجغرافية حيث الحركة المستمرة لرؤوس الأموال الباحثة عن الربح أمام فوائضها المتراكمة وتوفير ضمانات لأصحاب هذه الأموال وتنويعها من خلال الآليات التي توفرها الأدوات المالية والتحكم في الأسواق المختلفة. فعلى سبيل المثال أشارت تقارير البنك الدولي إلى أن حجم التعامل على الصعيد العالمي بلغ لسوق (اليورو- دولار) حوالي (300) مليار دولار في يوم العمل الواحد، أي ما يقارب (75) تريلون دولار في السنة في حين لم يتجاوز حجم التجارة في قطاع السلع والخدمات (3) تريلون دولار حتى أضحت خطراً يهدد اقتصاديات العالم؛ فقد أثبتت تجارب عقد التسعينات من القرن الماضي أن هذه الحركة للكميات الهائلة من رؤوس الأموال كثيراً ما أدت إلى حدوث أزمات وصدمات مالية مكلفة (في المكسيك، النمور الآسيوية، البرازيل، روسيا...) والمتمثلة في:
- المخاطر الناجمة عن التقلبات الفجائية للاستثمارات في الأسواق المالية الدولية وخاصة قصيرة الأجل منها.
- مخاطر التعرض للمضاربات في السوق.
- مخاطر هروب الأموال الوطنية.
- مخاطر دخول الأموال القذرة (غسيل الأموال).
- إضعاف السيطرة على السياسات الوطنية في مجالات السياسة النقدية والمالية.
وهكذا استأثرت القوى العظمى للاستثمار بثروات العالم وأسواقه ساعدها في ذلك ازدهار شبكات الاتصال ونقل المعلومات التي يوفرها التقدم التقني الهائل في ربط الأسواق المالية العالمية مما يسمح للمستثمرين الاستجابة للتطورات التي تحدث في الأسواق بصفة آنية وفورية. وبسبب ظاهرة التضخم النقدي الذي يعتبر من الخصائص الهيكلية للحياة الاقتصادية الحديثة في شتى دول العالم والذي أدى بدوره إلى ارتفاع التكاليف اللازمة للاستثمار إلى جانب حاجة رؤوس الأموال إلى توسيع نشاطاتها وعدم قدرة الادخارات من الجانب الآخر لتلبية حجم الاستثمارات المطلوبة, فليس هناك من سبيل سوى الأسواق المالية للحصول على الأموال اللازمة لمواجهة ذلك الطلب لتنفيذ الاستثمارات, يتم بواسطتها إجراء الصفقات من خلال قيام المستثمرين ببيع حصصهم أو زيادتها بالشراء... وهكذا نشطت السوق المالية كأداة مالية جديدة, وما رافق ذلك من دعوات لإلغاء التنظيمات القانونية والتشريعية التي تقف في سبيل ترويج اقتصاديات السوق, وممارسة العمليات المصرفية والمالية على نطاق واسع ومن ثم التسريع في حركة تدفق رؤوس الأموال عبر الحدود, مما خلق اتساعاً في نطاق التعامل بالأوراق المالية بأنواعها المختلفة، لتتحول أجزاء من حجم رؤوس الأموال المتداولة إلى المضاربة عالمياً في أسواق العملات والبورصات والأوراق المالية والأسهم والسندات والبيوع المكشوفة؛ الأمر الذي جعل التعامل في الأسواق المالية الدولية يتطلب المراجعة المستمرة للمفاهيم والآثار لا بل والستراتيجيات المتبعة فغالباً ما يتم التعامل في هذه الأسواق ضمن عملية مقصودة تحركها القوى الرأسمالية لتحقيق مصالحها بما في ذلك تحرير التجارة وفتح الأسواق الدولية أمام الانتقال الحر للسلع والخدمات وذلك عن طريق اللاعبين الأساسيين في هذه الأسواق الدولية التي تقود عمليات الاستثمار وإجراءات البيوع والسمسرة والمضاربات المالية.
المطلب الثالث: الشركات الكبرى عبر الوطنية و الأسواق المالية الدولية.
على أثر الازدهار الاقتصادي في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية برزت ظاهرة انتشار ما يسمى بالشركات متعددة الجنسية أو الشركات عبر الوطنية (أغلب هذه الشركات أمريكي، أو أوربي، ياباني).
-تسعى الشركات الكبرى إلى دعم السوق العالمية الحرة والترويج لها حيث يكون الفاعل الأكبر وبأقوى صورة الشركات متعددة الجنسية العملاقة واللاعبون الكبار في أسواق المال الدولية. من هنا يتضح فن اللعبة في الأسواق المالية الدولية من خلال هذه الشركات وعلى الشكل الآتي:
1. تصاعد اتجاهات وحركات رؤوس الأموال الغربية والشركات من هذا النوع بمساعدة شبكة الاتصالات والمعلومات, يوضح مصادر القوة الهائلة التي تتيح للاحتكارات العملاقة اختراق الأسواق العالمية بما فيها أسواق الأوراق المالية عن طريق تحركات وأنشطة وتفاعلات لزيادة قدرتها على المناورة في التعامل بهذه الأسواق باتباع أسلوب تشجيع المضاربة في البورصات على الأسهم والسندات من أجل تشغيل الكتل المالية الهائلة المتحركة من الأموال ذات الأصول المصرفية والتي تفوق في قيمتها مجموع قيمة التجارة العالمية بما لا يقل عن ثلاثين مرة (من السلع والخدمات المنظورة وغير المنظورة) وهذا يعني أنه إذا كان مجموع قيمة التجارة السلعية على مستوى العالم هو ثلاثة تريليون دولار (كما بينا) فأن حجم الاستثمارات المطروحة في مجال البورصات والأسهم والسندات، وفي النقود الإلكترونية أو بطاقات الائتمان التي يتعاملون بها في تلك الأسواق لا يقل عن (100) تريليون دولار والتي تكون بدورها بعيدة عن سيطرة أغنى البنوك المركزية في العالم.
2- إن تحركات وأنشطة الاحتكارات التجارية والصناعية والمعلوماتية والإعلامية الغربية ذات القدرات المفزعة كانت تتم في اتجاه محاولة تجاوز أو عبور الحدود وتطال السيادة الوطنية للدول والمجتمعات وفيما يعرف بـ(Transborder trends) وقد كان مجال تلك الأنشطة والتحركات ينطلق من إقامة فروع للشركات العملاقة المتعددة الجنسيات لممارسة مثل تلك الأعمال وبالطريقة التي تمليها هذه الشركات, لتسهيل مهمات تحركات القوى الأعظم للهيمنة على اقتصاديات العالم عن طريق الشركات الكبرى كأحد الأساليب المهمة للسيطرة على تدفقات رؤوس الأموال والاستثمارات, والتحكم في مسارات أسواق البورصة في العالم بما فيها أسواق الأسهم والسندات؛ إذ إنها والحالة هذه تعتبر المستفيد من هذه الأسواق وخاصة ما يتعلق منها برؤوس الأموال المستثمرة بالعمليات المالية التي تعكسها آلية العمل في أسواق المال الدولية والتي تتجلى بأقوى صورة في الشركات عابرة الجنسيات العملاقة واللاعبين في الأسواق المالية الدولية.
- دور عمليات غسل العملة (غسل الأموال).
غسيل الأموال يعني القيام بعملية استثمار عملة محصلة بشكل غير قانوني من قبل طرف ثالث لطمس هوية مصدرها, علماً بأن مصدر هذه الأموال هو فعل إجرامي... ويتم استغلال هذه الأموال في مجالات قبول الودائع، والحوالات المصرفية، إصدار وسائل الدفع المصرفية، الضمانات والالتزامات المالية، الاتجار لحساب الغير أو للحساب الخاص، التحويل الخارجي، السمسرة النقدية، إدارة المحفظة النقدية، امتلاك وإدارة السندات المالية وغيرها من الأنشطة المصرفية. وتشير البيانات الأولية إلى أن هناك (-,9) تريليون دولار أمريكي من إنتاج العالم ينفق في ما يعرف بـ"اقتصاد الظل" أو الصفقات التي لا تخضع للضرائب ولا تسجل في الدفاتر الرسمية والتي تضم الدخل القانوني غير المسجل للصفقات المدفوعة نقداً من جهة الدخل غير القانوني لنشاطات التهريب والمخدرات وغيرها. ويتم غسيل الأموال على ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: توظيف الأموال غير المشروعة على شكل إيداعات بالبنوك والمؤسسات المالية أو شراء الأسهم والسندات.
المرحلة الثانية: إخفاء المصدر الحقيقي للأموال عن طريق أجراء سلسلة من المعاملات المالية.
المرحلة الثالثة: إعادة وضع الأموال غير المشروعة بعد غسلها.
هذا وتعتبر أسواق المال الدولية من أهم المجالات التي تمكن لهذا النوع من الأموال ممارسة نشاطها حيث تصعب متابعتها ومراقبتها أو حتى محاصرتها في هذه السوق نظراً لاندماجها في شبكة الأنشطة المالية والمصرفية التقليدية ويزداد الأمر صعوبة بالنسبة للمدفوعات الإلكترونية المجفرة (بطاقات الائتمان الذكية) وكذلك ما يتعلق بأنظمة الدفع عبر الانترنيت, كما أن غاسلي الأموال لا يهتمون بالجدوى الاقتصادية للاستثمار بقدر اهتمامهم بالتوظيف الذي يسمح بإعادة أو استمرارية تدوير الأموال, وهو ما يشكل خطراً على مناخ الاستثمار وخاصة في الأسواق المالية المتمثلة في أسواق الأوراق المالية من الأسهم والسندات إذ إن حركة الأموال المطلوب غسلها دون مراعاة الربحية ضمن حيز هذه الأسواق سوف يؤدي إلى إرباك السوق وترويج عملية المضاربات ما بين المتعاملين في السوق وخلق حالة من المنافسة غير المتكافئة مع المستثمرين حيث أن عملية غسل الأموال لضخامة مبالغها تؤثر على أسعار الفائدة وأسعار الصرف وما يعكسه ذلك من تباين سريع في أسعار الأسهم والسندات وتبدلاتها وبالتالي الوقوع في مطب الخسارات أو الانسحاب من السوق أو إفلاس بعض المستثمرين؛ نظراً للحجم الكبير الذي تحتله الأموال المغسولة في الأسواق المالية الدولية, سيما وأن هناك عصابات وشبكات ومنظمات دولية ذات إمكانيات هائلة متخصصة في عمليات خلق الأموال القذرة, وتبييضها- غسلها- بفضل العولمة المالية عن طريق انتقال الأشخاص والتحويلات المصرفية وانتقال رؤوس الأموال... وتقدر منظمة الأمم المتحدة الأرباح المتولدة عن الجريمة المنظمة بحدود تريليون دولار أمريكي سنوياً, ويعاد غسل خمس هذا المبلغ الضخم في الاقتصاد العالمي أي حوالي (200) مليار دولار سنوياً. ومن أبرز عمليات التعامل هذه ما يحصل في مجال الأسواق المالية والمؤسسات المالية التي تمارس الحسابات السرية المالية والمصرفية حيث يتم غسل الأموال وتبييضها عبر وسائل الدخول في عمليات شراء الأسهم والسندات (سلسلة من عمليات البيع والشراء) وما تعكسه مثل هذه العمليات من آثار سلبية على عمليات التداول والتعامل في تلك الأسواق. ويزداد الأمر خطورة إذا ما علمنا بأن شبكات غسيل الأموال القذرة توظف عدداً كبيراً من المستشارين القانونيين الاقتصاديين والماليين والسماسرة لإدارة ومتابعة عمليات التعامل وخاصة من خلال المؤسسات المالية والبنوك (Off sure) التي تقوم بإصدار فواتير وشهادات استخدام نهائي مزورة لإخفاء مصدر هذه الأموال, وما يتبعه من إرباك للأسواق المالية الدولية نتيجة لحصول التغيرات المفاجئة والسريعة في أسعار الأسهم والسندات وأقيام المبادلات بشكل عام. تلك هي حال أسواق المال الدولية وما تعانيه عمليات الاستثمار فيها من حالات المنافسة غير المتكافئة والمضاربات والتلاعب مما يجعلها تحت وطأة تحركات الكتل المالية المفزعة وتدفقات رؤوس الأموال وتنامي قدرة الفاعلين الأقوى على صعيد رأس المال العالمي, لتشكل إمبراطورية الرأسمال النقدي المستقل عن الرأسمال الصناعي والبضاعي وهكذا يتم الاستئثار بموارد الأسواق المالية الدولية ومردوداتها من خلال عمليات الاستثمار والمضاربة في تلك الأسواق.
المبحث الثالث:اللاعبون الأساسيون في الأسـواق المــالية الدولية.
يختلف السوق المالي الدولي عن السوق المالي المحلي كون أن الأول ليس له حدود وطنية،لذلك عملياته أوسع والمتدخلون في هذا السوق من مختلف الجنسيات.
المطلب الأول: أهم المراكز المالية الدولية ومؤشراتها.
1. السوق المالي الأمريكي – بورصة نيويورك–
تعتبر نيويورك حاليا أهم سوق أو مركز مالي دولي، و يرجع ذلك إلى الحجم الكبير لرؤوس الأموال المتداولة فيها، و أهمية الضغط و التأثير الذي تمارسه بورصة وول ستريت على بقية المراكز المالية الدولية في العالم، و مما زاد من أهمية السوق المالي الأمريكي أيضا، الوضع المتميز للدولار في النظام النقدي الدولي،...
لقد ظهرت نيويورك كمركز مالي دولي بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تم في عام 1954م إصدار قرضين بالدولار استفادت منهما بلجيكا و استراليا، بمبلغ 55 مليون دولار.1
و تطورت بورصة نيويورك في هذه الفترة، حيث وصلت في منتصف الستينات الاستثمارات الطويلة الأجل في السندات الأجنبية مبلغ 5.7 مليار دولار و كانت موجهة في لأغلبها إلى البنوك الأجنبية الأوروبية.
في عام 1962م، بلغ إجمالي السندات المصدرة من قبل السوق المالي الأمريكي رقما قياسيا ب 1146 مليون دولار، و يتجاوز هذا المبلغ مجموع القروض الأجنبية المصدرة في إنجلترا، سويسرا، ألمانيا، هولندا و النمسا، كلها مجتمعة.
في 1972م، بلغ حجم التداول في سوق الأوراق المالية لنيويورك حوالي 71.2 مليار إسترليني، و هذا يفوق مجموع التداول في (لندن، طوكيو، زيوريخ)مجتمعة.
وخلال الفترة (1981-1987) بلغت رؤوس الأموال الأجنبية الموظفة في الأسواق المالية الأمريكية حوالي 920 مليار دولار...، القسم الأعظم منها استثمر في السندات الحكومية الأمريكية- ليساهم و بشكل فعال في تغطية عجز الموازنة العامة المستمر.
و قد أصبحت البورصات الأمريكية أهم الأسواق في العالم، حيث تمثل قيمة مجموع أدوات الإستثمار المالية المسجلة في السوق المالي الأمريكي من 30% إلى 60% من قيمة الرسملة في البورصات العالمية، سواء بالنسبة للأسهم أو بالنسبة للسندات.
- خصائص السوق المالي الأمريكي:
تتطلب قواعد التعامل في سوق نيويورك المالي و سوق الأسهم الأمريكي أن تتم جميع عمليات البيع و الشراء بالمزاد العلني و بصوت عال و مسموع، من هنا جاء منع المبادلات السرية منعا باتاً، بالإضافة إلى أنه لا يجوز للسمسار أن يتمم طلبات البيع أو الشراء الواردة إليه من زبائنه دون عرضها في القاعة بطريقة المزاد العلني.
و تتميز الأسواق المالية الأمريكية بمجموعة من الخصائص، أهمها:
- وجود نظام معلومات متطور و كفؤ؛
- القدرة الفائقة على الاتصال المستمر بجميع الأسواق المالية في العالم، وهذا من خلال ربطها بنظام إلكتروني متعدد الأطراف؛
- السماح ببيع الأوراق المالية للأجانب سواءً من خلال السوق الثانوي، أو عبر إبرام صفقات خارج السوق المالي الرسمي؛
- التطوير و التحديث المستمر على مستوى أسواق المال الأمريكية بهدف تحقيق الكفاءة العالية.
2. السوق المالي البريطاني-بورصة لندن-
تعتبر لندن أهم مركز مالي أوروبي,كما تحتل المركز الثاني بعد نيويورك في العالم. و يعود نشاط بورصة لندن إلى القرن السابع عشر(ق17)، حيث بدأت الحكومة البريطانية و بعض الشركات التجارية الكبرى بتجميع رؤوس الأموال من خلال بيع الأسهم و السندات. و مع تزايد حجم الاستثمارات المالية، ظهر نوع من المتعاملين يؤدي دور الوساطة بين بائعي و مشتري الأوراق المالية.
و انتقل تجار الأوراق المالية- بعد أن كانوا يجتمعون في مقاهي لندن- إلى مبنى خاص من أجل ممارسة نشاطهم.
و بدأت لندن تكتسب أهميتها كمركز مالي دولي خلال القرن التاسع عشر(ق19)1، حيث وصلت الاستثمارات الخارجية البريطانية إلى حدودها القصوى. و بعد الحرب العالمية الأولى تأثرت شهرة السوق المالي البريطاني بسبب المنافسة الكبيرة من طرف بورصة نيويورك، إضافة إلى الأثر السلبي للأزمة الإقتصادية لعام 1929م على دور لندن.
بعد الحرب العالمية الثانية، تمكنت لندن من العودة إلى الساحة المالية الدولية من خلال تقديمها للقروض بالأورو- دولار..
وتؤدي بورصة لندن دورين رئيسيين، فهي تمثل مصدراً لرؤوس الأموال بالنسبة للبريطانيين والأجانب، كما أنها تعتبر مركزاً عالميا للتعامل بالأوراق المالية.
وقد شهدت الإيرادات البريطانية الصافية من الخدمات المالية خلال النصف الثاني من القرن العشرين، ويمثل الجدول التالي تطور هذا التطور خلال الفترة 1970م-1980م.
وتشير الإحصائيات والدراسات أنَّ عدد الأوراق المالية المسجلة في بورصة لندن يزيد عن 6000 سهم، تقدر بنسبة 50% من إجمالي الأوراق المالية المسجلة في الأسواق المالية الأوروبية، منها 2000 سهم لشركات دولية وأوروبية، وبالنسبة للسندات فسوق لندن المالي يعتبر من أول الأسواق الأوروبية، وأكبرها في هذا المجال، ذلك لأن معظم السندات الصادرة في السوق المالي الدولي مسجلة في سوق لندن.
يتميز سوق لندن المالي بنظام خاص متعلق بوسائل وطرق تنفيذ العمليات، فهو ليس سوق للمزاد العلني كبقية الأسواق المالية الدولية، وإنَّما يتعامل بالتفاوض والمساومة. والسمسار في بورصة لندن يقتصر دوره على الوساطة بين العميل والجوبرز الذي يشبه تاجر الجملة في الأسواق السلعية، إذ أنَّ الجوبر لا يتعامل مع الجمهور ولكنه يقوم ببيع وشراء الأوراق المالية لحسابه، وإن كان يعمل باسم وتحت مسؤولية أحد سماسرة الأوراق المالية.
و الجوبرز هم مجموعة من الأعضاء في سوق لندن المالي، حيث يقومون بوظيفة "صانعي الأسواق"، ويبلغ عددهم ثلاثة عشر(13) تاجراً يتعاملون مع سماسرة الأوراق المالية.
و يتميز أيضاً سوق لندن المالي بعدد من الخصائص، هي:
-الخبرة في مجال المعاملات المالية؛
-استقرار سوق العملات الأجنبية؛
-الضرائب المنخفضة على أرباح الأوراق المالية.
كما ينقسم سوق لندن المالي إلى سوق الأسهم، سوق السندات، سوق العقود المستقبلية وسوق العملات الأجنبية.
3. بورصة باريس وبورصة طوكيو:
1- بورصة باريس:
قبل الحرب العالمية الأولى لعبت فرنسا دوراً هاما في السوق المالي الدولي، لأنَّ الأحجام الكبيرة لتراكم رأس المال ومحدودية استعماله في المجالات الإنتاجية داخل فرنسا ساعدت البنوك الفرنسية على تبوء مركزها في تمويل عمليات التجارة الدولية وتقديم قروض للدول الأخرى.
و بدأ السوق المالي الفرنسي يكتسب أكثر أهمية خلال النصف الثاني من القرن العشرين، ويعود ذلك إلى ارتفاع معدلات النمو الإقتصادي وتراكم رأس المال داخل فرنسا.1
وهذا رغم أنَّ بورصة باريس واجهت بعض العراقيل حدَّت من توسع نشاطها المالي، مثل القيود المفروضة على الاستثمارات الأجنبية المباشرة في فرنسا والرقابة على إصدار الأوراق المالية الأجنبية والقروض التي تحصل عليها الشركات الفرنسية من الخارج.
وهذا رغم أنَّ بورصة باريس واجهت بعض العراقيل حدَّت من توسع نشاطها المالي، مثل القيود المفروضة على الاستثمارات الأجنبية المباشرة في فرنسا والرقابة على إصدار الأوراق المالية الأجنبية والقروض التي تحصل عليها الشركات الفرنسية من الخارج.
و في السوق المالي الفرنسي يتم أغلب التعامل بالسندات، وتقوم الحكومة بوضع شروط ومعايير تسجيل الأوراق المالية الأجنبية وطريقة تداولها في السوق. ولهذا تعرف الأسواق المالية الفرنسية بأنها حكومية الإدارة والقرار.
2- بورصة طوكيو:
يحتل السوق المالي الياباني المركز الثالث بعد سوق المالي لأمريكا والسوق المالي لبريطانيا، وتم إنشاء أول الأسواق المالية في اليابان عام 1878م، وهما سوق "طوكيو" وسوق " أوساكا ". و قد لعب السوق المالي الياباني دورا هاما في عملية تمويل الصناعة الناتجة عن موجة التطور الاقتصادي في اليابان خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، مما جعل الحكومة اليابانية تهتم بتطوير وتحديث الأسواق المالية اليابانية مستفيدة من الخبرة الأمريكية في هذا المجال، إلى أن أصبحت بورصة طوكيو من أكبر منافسي بورصة نيويورك في النصف الثاني من القرن العشرين.
و من أهم خصائص السوق المالي اليابان:
- تنوع أدوات الإستثمار المتداولة فيه وانخفاض المخاطر؛
- الانفتاح الكبير على تسجيل وتداول الأوراق المالية للشركات الأجنبية؛
- تطور نظم المعلومات والقدرة على الاتصال المستمر بالأسواق المالية الدولية؛
- الاتسام بالسيولة العالية.
4. - بورصة القاهرة : تحتل المـرتية الأولى عـربياً , بما لديها من تجارب في هذا الميدان بإعتبارها أقدم بورصة عربية وتعتبر إلى جانب البورصة الفلسطينية أهم وأنشط البورصات العربية .
*أهم المؤشرات المستخدمة في المراكز المالية الدولية
يتم قياس حركة واتجاه أسعار الأسهم في أسواق الأوراق المالية من خلال جملة من المؤشرات، ويضم كل مؤشر مجموعة من الشركات التي تعكس حركة السوق ودرجة كفاءته ومعدل زيادة أو انخفاض أسعار الأسهم.
و أهم المؤشرات التي تميز المراكز المالية الدولية، مؤشر داو جونز ومؤشر ستاندارد أند بورز 500، في السوق المالي الأمريكي، ومؤشر فايننشل تايمز في السوق المالي البريطاني، ومؤشر نيكاي في السوق المالي الياباني، إضافة إلى مؤشر كاك 40 في السوق المالي الفرنسي، ...
الولايات المتحدة الأمريكية
في عام 1887 طور تشارلز داو إثنين من اوسع المؤشرات إستخداما هما مؤشر للشركات الصناعية ,و مؤشر صناعات السكك الحديدية والذي يتضمن20 من اكبر هذه المؤسسات في الولايات المتحدة الأمريكية.والذان يعرفان الآن بمؤشر داو جونز الصناعي ومؤشر داو جونز للنقل.
يعتبر مؤشر داو جونز من أقدم وأشهر المؤشرات المستخدمة في الأسواق المالية،إذ نشر لأول مرة في صحيفة وول ستريت في 3يوليو 1884. ويشمل هذا المؤشر ثلاثة مؤشرات فرعية ومؤشر رئيسي يمثل السوق المالي كلياً.
• ستاندرد أند بور 500 (S&P 500): يحتوي على خمسمائة ورقة مالية تمثل 80% من القيمة السوقية للأسهم المتداولة في بورصة نيويورك (400) شركة صناعية، 40 شركة منافع عامة، 20 شركة نقل، 40 شركة في مجال المال والبنوك والتأمين.3
• وهناك S&P 100 ، S&P 400.
انجلترا
• FT-30: يجمع هذا المؤشر ثلاثين من الأوراق المالية الأكثر أهمية في بورصة لندن.
• FTSE-100: المؤشر الأكثر شهرة، ويحتوي على 100 ورقة مالية تمثل 70% من إجمالي رسملة البورصة.
فرنسا مؤشر CAC40: يتكون من 40 ورقة مالية للشركات الأكثر أهمية في بورصة
باريس.
ألمانيا مؤشر DAX: يحتوي على 30 ورقة مالية تمثل %70 من رسملة البورصة
اليابان مؤشر Nikkei: يحتوي على 225 ورقة مالية تمثل حوالي %70 من رسملة بورصة طوكيو.
المطلب الثاني :سوق الدولارات الأوروبية.
تعود أسباب ظهور هذه الدولارات الأوروبية إلى فترة الخمسينيات، حيث عمدت بعض الدول نتيجة للظروف التي خلفتها الحرب الباردة بين المعسكرين إلى إيداع موجوداتها من الدولارات في بنوك أوروبا الغربية لتجنب قيام الو.م.أ بتجميدها فيما لو كانت موظفة في داخلها.
مفهوم الدولار الأوروبي: الدولار الأوروبي هو نفسه الدولار الأمريكي المتواجد بشكل ودائع في بنوك خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
لابد من معرفة تعبير اصطلاحي آخر هو "Eurodollar" و يعني في الأصل الودائع بالدولار في بنوك أوروبا بضمها فروع لبنوك أمريكية في أوروبا أيضا، و مؤخرا يطلق على الدولارات الأوروبية ودائع بالدولارات في العالم خارج الولايات المتحدة بتعميم أكبر.
خصائص سوق الأورو- دولار:
إن عمليات الإيداع لدى البنوك بالأورو- دولار قد أدت إلى ظهور سوق مالي دولي جديد يختلف تماما عن الأسواق الوطنية وتتم عملياته بالدولارات من خلال وساطة البنوك المنتشرة خارج الو.م.أ وأهم خصائص هذا السوق:2
1- إن سوق الأورو دولار كجزء من السوق المالي الدولي ليس له حدود وطنية معينة ولذلك فإنه لا يخضع لرقابة أية دولة أو نظام ، فسلطات الرقابة في دولة ما عاجزة على التأثير على نشاط هذا السوق بشكل فعال وإمكانياتها محدودة في هذا المجال بما لديها من العملات الأجنبية .
2- يقوم هذا السوق على أسا س عمليات الإيداع والإقراض ،ولذلك يعتبر سوقا للأموال المقرضة.
3- إن الحجم الكبير جدا والمتزايد لعمليات سوق الأورو دولار يؤثر بشكل كبير على الأوضاع النقدية والإئتمانية للنظام الرأسمالي بكامله.
4- إنتماء الدائنين والمدينين في هذا السوق إلى دول مختلفة.
5- يتمتع هذا السوق بإستقلالية نسبية وسياسة خاصة لأسعار الفائدة تختلف تماما عن المعدلات المعمول بها دوليا.
6- يتألف سوق الأورو دولار من قسمين من العمليات :
- عمليات ما بين البنوك : تتخذ شكل الودائع الجارية والآجلة بمعدلات فائدة معينة .
- عمليات ما بين البنوك والمتعاملين الآخرين: عندما تقدم البنوك قروضا لمتعامليها.
أسباب تطور سوق الأورو دولار:
يعود ظهور وتطور سوق الأورو دولار لعدة أسباب أهمها:
- التحديد الصارم لمعدلات الفائدة الدائنة التي تدفعها بنوك الو.م.أ لمودعيها من قبل البنوك المركزية أو ما يسمى بقاعدة "ك" أو"Q" ،مما أدى إلى قيام عدد كبير من أصحاب الودائع بالدولارات من غير المقيمين وبعض المقيمين بتوظيف أموالهم خارج الو.م.أ للتهرب من أحكام القاعدة المشار إليها سابقا،وبالتالي الحصول على معدلات فائدة أعلى في أوروبا.
- العجز المزمن في ميزان المدفوعات الأمريكي وأيضا طريقة تمويل هذا العجز.
- الحذر المفروض على البنوك البريطانية منذ سنة 1957 بإستعمال الجنيه الإسترليني كعملة أجنبية لعمليات التحويل ،وإجراء المعاملات النقدية بين الدول خارج منطقة الإسترليني قد أجبر البنوك في لندن على إحلال الدولار مكان الإسترليني وبالتالي الحصول على كل الدولارات اللازمة من خارج إنجلترا.
- ضريبة مساوات الفائدة في الو.م.أ أدت إلى إنخفاض الطلب على القروض من قبل غير المقيمين الأمريكيين ( بسبب إرتفاع تكلفة هذه القروض) مما أرغم هؤلاء إلى اللجوء خارج الو.م.أ للحصول على التمويل اللازم.
- شركات التأمين الأوروبية والتي تعمل لصالح الو.م.أ وجدت أنه من صالحها الإبقاء على إحتياطاتها من الدولار في سوق الدولار الأوروبي الذي يحقق لهم ربحية وعوائد مالية كبيرة.
تجدر الإشارة إلى أن سوق الأورو دولار قد نشأ في سوق العملات الأجنبية الأوروبية حيث يضم هذا الأخير عدة أسواق للعملات
No comments :
اضافة تعليق
الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى