تمهيـد
الدكتور بوبشير محند أمقران أستاذ بكلية الحقوق جامعة مولود معمري، تيزي وزو
إذا كانت المشكلة الأولى التي تواجه المواطن المعني بتطبيق القانون أو المبتدئ في دراسته تتمثل في إيجاد النص القانوني الذي يطبق على نزاع معين، وهي المشكلة التي تتعقد في حالة تنظيم محل النزاع بموجب نصوص قانونية متنوعة، سواء كانت من نفس الدرجة أو من درجات مختلفة، مثل الدستور والتشريع والمراسيم والقرارات، فإن المشكلة التي تواجه المتخصصين في مجال القانون، ولاسيما القضاة والمحامين، تتمثل أساسا في تفسير القانون الساري المفعول وتحديد الحل المناسب لقضية معينة. والمؤكد أن هذه المشكلة تعتبر سببا ونتيجة التعارض في الاجتهادات القضائية للمحكمة العليا.
ونعني بالاجتهاد القضائي الحل الذي تتخذه الجهة القضائية في قضية معروضة أمامها في حالتي عدم وجود النص القانوني الواجب التطبيق أو غموضه ([1]) أو عدم كفايته. فالمشرع يوجب على القضاء الفصل في كل قضية ترفع إليه ([2])، والأكثر من ذلك لا يجوز للقضاء السهو عن الفصل في أحد الطلبات الأصلية ([3]) في حالة تعددها، حتى إذا كان النص القانوني غامضا أو منعدما، ففي الحالة الأولى يتولى القاضي تفسيره، وفي الحالة الثانية يحكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية أو العرف أو بموجب مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة (م 1 مدني)، تحت طائلة اعتباره منكرا للعدالة ([4]).
والمادة 152/3 من دستور 1996 تخول لأعلى الجهتين القضائيتين في الدولة مهمة توحيد الاجتهاد القضائي بنصها على ما يلي: " تضمن المحكمة العليا ومجلس الدولة ([5]) توحيد الاجتهاد القضائي في جميع أنحاء البلاد... "، بمعنى جعل الحلول القضائية واحدة بالنسبة لنفس المسائل القانونية.
وهذه المهمة المنوطة بالمحكمة العليا تسمح بالتساؤل هل أصبحت الجزائر تأخذ بنظام السوابق القضائية المعروف في النظام الأنجلوسكسوني ؟ أم أن الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا يعتبر غير ملزم ؟ ويعتبر طرح هذا السؤال مشروعا لسببين، يستخلص أحدهما من القانون وثانيهما من الواقع :
1 ـ تنص المادة الأولى من القانون المدني : " يسري القانون على جميع المسائل التي تتناولها نصوصه في لفظها أو في فحواها. وإذا لم يوجد نص تشريعي، حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإذا لم توجد فبمقتضى العرف، وإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة ". مما يستخلص أن المشرع لم يلزم قضاة الموضوع بالأخذ بالاجتهاد القضائي بموجب نص صريح ([6]).
2 ـ إن الواقع العملي يجعل الأحكام والقرارات التي تصدرها الجهات القضائية غير متوقعة، ففي العديد من المرات تصدر أحكاما مختلفة بشأن قضايا مماثلة، فمن يصدق مثلا أن جماعة من العمال الذين طردوا من مناصب عملهم من طرف الهيئة المستخدمة لهم، في نفس الظروف واستنادا إلى نفس السبب، فيقاضونها، ويقع إثر ذلك ما يلي :
أ ـ يصدر القسم الاجتماعي للمحكمة أحكاما تفيد جميع المدعين بتعويضات متفاوتة.
ب ـ وبعد الإستئنافات المقدمة أمام الغرفة الاجتماعية للمجلس، تنوعت القرارات الصادرة إثر ذلك، وفق المبين مما يلي:
1 ـ تقرر في أغلب القضايا تأييد الحكم المستأنف.
2 ـ وتقرر في بعض القضايا إلغاء الحكم المستأنف، ومن جديد رفض طلبات المدعين في الحال.
3 ـ وتقرر في القضايا الأخرى إلغاء الحكم المستأنف، ومن جديد عدم الاختصاص النوعي للقضاء الاجتماعي.
ج ـ وإثر الطعن بالنقض المقدم من البلدية، أصدرت الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا قرارات تصنف إلى نوعين :
الأول : رفض الطعن بالنقض ([7]).
الثاني : إلغاء القرار المستأنف دون إحالة، لعدم اختصاص القسم الاجتماعي بالفصل في هذا النوع من القضايا ([8]).
ومما لا شك فيه أن المحكمة العليا تتحمل قدرا من المسئولية في اختلاف الحلول التي تقدمها الجهات القضائية (المحاكم والمجالس القضائية) بخصوص المشاكل القانونية التي تعرض عليها، فقرارات المحكمة العليا تتضمن اجتهادات مختلفة ومتعارضة في بعض الأحيان، وذلك دون تمكين الجهات القضائية الأخرى من الإطلاع عليها.
وإذا كانت المحكمة العليا تتذبذب في اجتهادها ولا تلتزم بالمبادئ التي تقررها، والأكثر من ذلك لا تلتزم حتى بالقانون المتعلق بصلاحياتها وتنظيمها وسيرها ([9])، ولاسيما فيما يتعلق بالمهمة الأساسية المسندة إليها والمتمثلة في توحيد الاجتهاد القضائي، فمن الطبيعي أن لا تلتزم الجهات القضائية الدنيا بقرارات المحكمة العليا نظرا لعدم تجانسها وتعارضها.
ومن أجل توضيح بعض معالم هذه المشكلة، نبين موقف القانون من تغيير الاجتهاد القضائي، وما يجري في أرض الواقع بهذا الخصوص، قبل أن نقدم اقتراحاتنا قصد ضمان التطبيق السليم للقانون.
أو لا : موقف القانون من تغيير الاجتهاد القضائي
لا يعتبر استقرار الاجتهاد القضائي وعدم التراجع عنه غاية في ذاتها، بل وسيلة لتحقيق المهمة المسندة لكل من المحكمة العليا ومجلس الدولة، والتي تتمثل في توحيد الاجتهاد القضائي، والذي يهدف بدوره إلى تحقيق غرض أسمى، غير معلن عنه صراحة، هو ضمان إتباع ذلك الاجتهاد من الجهات القضائية الدنيا.
ولكن لما لا يتحقق توحيد الاجتهاد القضائي سوى حين استقرار كل من المحكمة العليا ومجلس الدولة على اجتهاد قضائي معين وعدم التراجع عنه، أليس من المشروع التساؤل هل يوجد تناقض بين تكليف الجهتين القضائيتين المذكورتين أعلاه بتوحيد الاجتهاد القضائي والحديث في الوقت ذاته عن إمكان تراجع تلك الجهتين عن اجتهادهما السابق وإقرار اجتهاد قضائي مغاير ؟
من المؤكد أن الإجابة عن السؤال المطروح يستدعي الإجابة أولا عن أسئلة أخرى، تتمثل في مدى واجب المحكمة العليا ومجلس الدولة بالالتزام بالاجتهاد القضائي الذي سبق لهما أن قررته ؟ وفي حالة الإيجاب هل هذا الأمر متروك للسلطة التقديرية الكاملة لقضاة تلك الجهتين القضائيتين ؟ أم يتعين أن يتم بعد اتباع إجراءات معينة ؟
1 ـ مشروعية تغيير الاجتهاد القضائي
كان المتقاضون يعتبرون المحكمة العليا درجة ثالثة ([10]) من درجات التقاضي حتى حين سريان قانون الإجراءات المدنية الملغى، فرغم عدم اعتبارها كذلك بحكم القانون كون مهمتها كانت تقتصر على مراقبة الأحكام القضائية الصادرة من الجهات القضائية الدنيا، عادية كانت أو استثنائية، من ناحية القانون دون الوقائع ([11])، مما كان من البديهي القول أن المحكمة العليا، فيما عدا الحالات التي ينص القانون على اعتبارها محكمة موضوع وقانون في الوقت نفسه ([12])، تفصل في الأحكام لا القضايا.
أما في ظل قانون الإجراءات المدنية والإدارية، فإن المحكمة العليا تكتفي في الطعن الأول ببيان الحكم القانوني السليم الواجب تطبيقه على الدعوى المعروضة أمامها، وفي حالة قبولها الطعن المقدم، ونقض الحكم المطعون فيه كليا أو جزئيا (م 363 ق.إ.م.إ)، لا تنظر في موضوع النزاع بل تحيل القضية أمام الجهة القضائية التي أصدرت الحكم المنقوض بتشكيلة جديدة أو أمام جهة قضائية أخرى من نفس النوع أو الدرجة ( م 364/1 ق.إ.م.إ )، والتي تلتزم بتطبيق قرار الإحالة فيما يتعلق بالمسائل القانونية التي فصلت فيها المحكمة العليا ([13]).
ولكن في حالة عدم امتثال جهة الإحالة لقرار المحكمة العليا الفاصل في مسألة قانونية، فإنه يجوز لهذه الأخيرة البت في موضوع النزاع بمناسبة الطعن بالنقض الثاني (م 374/3 ق.إ.م.إ). وفي حالة الطعن الثالث يقع على المحكمة العليا واجب الفصل في القضية من حيث الوقائع والقانون (م 374/4 ق.إ.م.إ).
وإضافة إلى وظيفة الرقابة التي تمارسها على الأحكام التي تصدرها الجهات القضائية الخاضعة للنظام القضائي العادي بمناسبة الطعون بالنقض التي تقدم ضدها، تعتبر المحكمة العليا مدعوة بنفس المناسبة إلى إقرار اجتهاد قضائي يتضمن الحلول التي سوف تسهل عمل جميع الجهات القضائية، بما فيها هي.
وإذا كان الأمر بديهيا بالنسبة للمحكمة العليا، فإن السؤال يبقى مطروحا بخصوص مجلس الدولة، ولاسيما لكونه كقاعدة عامة ([14]) درجة ثانية من درجات التقاضي، يفصل في موضوع القضايا التي تعرض عليه، مثله مثل المجالس القضائية بالنسبة للقضايا العادية. ولكن نظرا لكون مجلس الدولة أعلى هيئة قضائية خاضعة للنظام القضائي الإداري، فقد كلف بدوره بمهمة توحيد الاجتهاد القضائي الإداري في البلاد والسهر على احترام القانون ( م 2 ق.ع.م.د ).
ولما يعتبر من المؤكد أن استقرار المحكمة العليا ومجلس الدولة على اجتهاداتهما القضائية يعطي لها قوة ويضمن الأخذ بها من الجهات القضائية الدنيا، فإنه لا يوجد تناقض بين تكليف الجهتين القضائيتين المذكورتين بتوحيد الاجتهاد القضائي والترخيص لهما في الوقت ذاته بالتراجع عنه وإقرار اجتهاد مغاير. بل بالعكس طبيعة عمل تلك الجهتين، وكونهما تفصلان في الطعون الخاصة بقضايا معينة، يجعل قراراتهما لا ترقى إلى مستوى القانون الذي يتضمن قواعد عامة، مجردة وملزمة، وهو ما يخول لهما الحرية في التقيد بالاجتهاد الذي قررته أو التراجع عنه وإقرار اجتهاد قضائي مغاير، وذلك بشرط إتباع الإجراءات المقررة قانونا.
2 ـ إجراءات تغيير الاجتهاد القضائي
قصد نشر الثقة في جهاز القضاء واستبعاد كل شبهة، كان يتعين أن يتم تغيير الاجتهاد القضائي طبقا للإجراءات المقررة بموجب القانون رقم 89ـ22 المؤرخ في 12/12/1989 المتعلق بصلاحيات المحكمة العليا وتنظيمها وسيرها ([15])، قبل أن يتم تعديلها بموجب القانون العضوي رقم 11ـ12 المؤرخ في 26/07/2011 الذي يحدد تنظيم المحكمة العليا وعملها واختصاصاتها.
ففي ظل القانون رقم 89ـ22، كان المشرع يشترط الفصل في الدعوى في هيئة الغرفة الموسعة في مرحلتين :
أ ـ في المرحلة الأولى : إذا لاحظت الغرفة التي عرضت عليها القضية أنها يمكن أن تصدر قرارا يتضمن اجتهادا قضائيا يتعارض مع ما استقرت عليه المحكمة العليا، تدعو إلى انعقاد الغرفة المختلطة التي تتشكل من غرفتين، والتي لا تبت بصفة قانونية إلا بحضور تسعة (9) أعضاء على الأقل ( م 22 ق. م.ع ).
ب ـ وفي المرحلة الثانية : إذا رأت الغرفتان أن الإشكال القانوني يمكن أن يؤدي إلى تغيير في الاجتهاد القضائي، تحيل القضية إلى هيئة الغرفة المجتمعة ([16])، والتي تتألف من الرئيس الأول، نائب الرئيس، رؤساء الغرف، رؤساء الأقسام، عميد المستشارين في كل غرفة ( م 24 ق.م.ع ) ولا يصح أن تبت في القضية إلا بحضور خمسة وعشرين (25) عضوا على الأقل.
وفي كل الحالات، تتخذ القرارات بموافقة الأغلبية، مع ترجيح رأي الرئيس في حالة تعادل الأصوات ( م 22 ق.م.ع ).
وبموجب القانون العضوي رقم 11ـ12، تنعقد المحكمة العليا في هيئة الغرف المجتمعة عندما يكون من شأن القرار الذي سيصدر عن إحدى غرف المحكمة العليا تغيير في الاجتهاد القضائي ([17])، وذلك بأمر من الرئيس الأول للمحكمة العليا، وبمبادرة منه أو بناء على اقتراح من رئيس إحدى الغرف (م 18 ق.ع.م.ع) ([18]). وتتشكل تلك الغرفة التي يرأسها الرئيس الأول للمحكمة العليا من نائب الرئيس ورؤساء الغرف ورؤساء الأقسام وعميد المستشارين بكل غرفة ومستشار مقرر. ولا يصح أن تبت في القضية إلا بحضور نصف أعضائها على الأقل. وفي كل الحالات، تتخذ القرارات بالأغلبية، مع ترجيح رأي الرئيس في حالة تعادل الأصوات (م 19 ق.ع.م.ع).
وقريب من ذلك، يلاحظ أن مجلس الدولة يعقد جلساته في حالة الضرورة، مشكلا من كل الغرف مجتمعة، لاسيما في الحالات التي يمثل فيها القرار المتخذ بشأنها تراجعا في الاجتهاد القضائي ( م 30 ق.ع.م.د ). ويتشكل مجلس الدولة في هذه الحالة، من رئيس مجلس الدولة ونائب الرئيس ورؤساء الغرف وعمداء رؤساء الأقسام. ولايصح أن يبت في القضية إلا بحضور نصف عدد الأعضاء المذكورين على الأقل ( م 32 ق.ع. م.د ).
والسؤال المطروح يتمثل في مدى التزام كل من المحكمة العليا ومجلس الدولة بإتباع الإجراءات المذكورة كلما أرادتا إحداث تغيير في الاجتهاد القضائي ؟ وفي حالة الإيجاب هل قرر المشرع جزاء في حالة عدم احترام تلك الإجراءات ؟
فمن حيث القانون، يلاحظ ما يلي :
أ ـ لم يستعمل المشرع أي لفظ يفيد اعتبار الإجراءات المذكورة من النظام العام، بل بالعكس استعمل المشرع في القانون رقم 89ـ22 عبارة تفيد الجواز لا الإلزام، وتتمثل في " يجوز للغرفة المختلطة إذا ما ارتأت أن الإشكال القانوني يمكن أن يؤدي إلى تغيير في الاجتهاد القضائي، أن تقرر إحالة القضية أمام المحكمة العليا في هيئة الغرفة المجتمعة " ( م 22/5 ق.ع.م.ع ). والثابت أن المحكمة العليا استقرت على أنه لا بطلان دون نص صريح ([19]).
ولم يختلف الأمر بصدور القانون العضوي رقم 11ـ12، والذي نص على أن انعقاد الغرف المجتمعة يكون بأمر من الرئيس الأول للمحكمة العليا، إما بمبادرة منه أو بناء على اقتراح رئيس إحدى الغرف (م 18/2)، ولم يخول غيرهم حق المطالبة بانعقادها.
ب ـ لم يقرر المشرع أي طريق للطعن في قرارات المحكمة العليا التي تتضمن تغييرا في الاجتهاد القضائي دون مراعاة الإجراءات المذكورة، فقرارات المحكمة العليا غير قابلة للمعارضة (م 379 ق.إ.م.إ) والتماس إعادة النظر (م 375 ق.إ.م.إ)، وهذا خلاف قرارات مجلس الدولة، والتي تقبل المعارضة إذا صدرت غيابيا (م 953 ق.إ.م.إ)، وتقبل التماس إعادة النظر في حالتين :
1 ـ إذا اكتشف أن القرار صدر بناء على وثائق مزورة قدمت لأول مرة أمام مجلس الدولة.
2 ـ إذا حكم على خصم بسبب عدم تقديم وثيقة قاطعة كانت محتجزة عند الخصم (م 967 ق.إ.م.إ).
ومن واقع عمل المحكمة العليا، يمكن أن نستخلص أن الإجراءات المنصوص عليها في القانون قصد إجراء تغيير في الاجتهاد القضائي تعتبر غير ملزمة، ولا يلجأ إليها سوى حين يقرر قضاتها ذلك، فهؤلاء أحرار في إقرار أي اجتهاد قضائي دون أي قيد ولا شرط.
وأمام هذا الوضع، نتساءل عن جدوى النص على الإجراءات المقررة لإحداث تغيير في الاجتهاد القضائي ؟ وماذا ينتظر من جهة قضائية توجد في قمة هرم التنظيم القضائي لا تحترم الإجراءات التي يتضمنها القانون الذي يحدد تنظيمها وعملها واختصاصاتها ؟
ثانيا : واقع تغيير الاجتهاد القضائي
إن المشكلة في الجزائر لا تكمن في النصوص القانونية، فالنصوص موجودة وهي تضاهي تلك السارية المفعول في الدول الأكثر تطورا، بل تتمحور في الغالب حول التطبيق. وهذه واقعة ثابتة في أغلب المجالات، ولا تمثل المحكمة العليا ومجلس الدولة استثناء، بل بالعكس تبدوان كمثالين نموذجيين([20]).
يلاحظ أن المحكمة العليا ومجلس الدولة لا يؤديان الدور المنوط بهما، والمتمثل في توحيد الاجتهاد القضائي، إذ كثيرا ما تتذبذب اجتهاداتهما القضائية وتجري تغييرا فيه دون إتباع الإجراءات المشترطة قانونا لذلك، حتى أصبحت قراراتها لا تؤخذ بجدية من الجهات القضائية الدنيا، ويساهم في فشل المحكمة العليا ومجلس الدولة في أداء دورهما المذكور في إبقائهما على اجتهاداتهما مجهولا في غالبية المجالات.
1 ـ أمثلة عن تغيير الاجتهاد القضائي
نشرت المجلة القضائية قراران صدرا عن الغرفة المجتمعة للمحكمة العليا طبقا للإجراءات المقررة قانونا، يتضمنان أساسا ما يلي :
1 ـ يتضمن القرار الصادر بتاريخ 18/02/1997 تحت رقم 136156 ضرورة الشكل الرسمي في العقد المتضمن بيع قاعدة تجارية تحت طائلة البطلان ([21]).
2 ـ يتضمن القرار الصادر بتاريخ 27/03/2001 تحت رقم 201823 سقوط الخصومة بعد إحالة القضية بعد النقض بمضي سنتين من تاريخ النطق بقرار المحكمة العليا ([22]).
ونشرت مجلة المحكمة العليا قرارا تحت رقم 444499 بتاريخ 23/02/2009، تقرر بمقتضاه أن رجوع الأبوين عن عقد الهبة جائز عن طريق عقد توثيقي، دون حاجة إلى اللجوء إلى القضاء ([23]).
ونشرت مجلة مجلس الدولة خمس قرارات صدرت عن الغرف المجتمعة لمجلس الدولة، تتمثل فيما يلي :
1 ـ القرار الصادر بتاريخ 16/06/2003 تحت رقم 11081 الذي قرر ما يلي:
أ ـ يعتبر النزاع المتعلق بانتخابات مجالس المنظمات الوطنية للمحامين من اختصاص مجلس الدولة.
ب ـ تعتبر عملية الانتخابات عملية واحدة ولو نظمت في مرحلتين، مما يسمح بالطعن في سلامتها في أجل ثمانية أيام من تاريخ المرحلة الثانية.
ج ـ يمكن أن ترفع الدعوى جماعيا من طرف عدة أشخاص إذا كانت المصلحة مشتركة.
د ـ لا يسمح للوكيل الواحد أن يستلم عدة وكالات ([24]).
2 ـ القرار الصادر بتاريخ 17/06/2003 تحت رقم 11053 الذي قرر ما يلي :
أ ـ لا يتمتع المكتب المكلف بالإشراف على انتخابات أعضاء مجلس نقابة المحامين للناحية بأهلية التقاضي ولا بالشخصية المعنوية.
ب ـ يتعين توجيه كل دعوى قضائية ترمي إلى الطعن في صحة الانتخابات ضد النقيب بصفته الممثل القانوني لنقابة المحامين ([25]).
3 ـ القرار الصادر بتاريخ 22/07/2003 تحت رقم 008247 الذي قرر ما يلي :
أ ـ إن النزاع المتعلق بالتعويض عن نزع الملكية للمنفعة العامة يدخل بطبيعته ضمن منازعات القضاء الكامل، ويعتبر بالتالي من اختصاص الغرفة الإدارية للمجلس القضائي رغم كون أحد طرفيه سلطة إدارية مركزية ( وزارة السكن في هذه القضية ).
ب ـ يعتبر الوالي ممثلا للدولة على مستوى الجماعة الإقليمية التي يكون مسئولا عنها، وبتلك الصفة يكون الآمر بصرف الغلاف المالي المخصص لأي مشروع قطاعي إذا لم يذكر المستفيد من عملية نزع الملكية أو وجدت منازعة جدية بخصوص هذه الصفة ([26]).
4 ـ القرار الصادر بتاريخ 15/06/2004 تحت رقم 18743، والذي قرر ما يلي :
أ ـ إن الهيئة التي لها صلاحية وقف تنفيذ القرار الإداري هي الغرفة الإدارية بالمجلس القضائي بتشكيلتها الجماعية، ولا يمكن في أي حال من الأحوال لقاضي الاستعجال أن يقرر بمفرده وقف التنفيذ، ذلك أن الغرفة الإدارية الفاصلة في دعوى الإلغاء هي نفسها التي لها صلاحية الفصل في هذا الطلب، وبالتالي لا يمكن تقديمه منعزلا، وإنما يجب أن يرتبط حتما بدعوى إلغاء سابقة أو متزامنة معه وإلا كان غير مقبول شكلا.
ب ـ يكون قرار الغرفة الإدارية بالمجلس القضائي الفاصل في طلب وقف التنفيذ قابلا للاستئناف أمام مجلس الدولة، والذي يفصل فيه أيضا بتشكيلة جماعية، كما يمكن لرئيس مجلس الدولة طبقا للفقرة 13 من المادة 170 من قانون الإجراءات المدنية أن يأمر فورا وبصفة مؤقتة بوضع حد لوقف التنفيذ شريطة أن يرفع الاستئناف في ميعاد 15 يوما من تاريخ التبليغ.
ج ـ لقاضي الأمور المستعجلة كقاض فرد صلاحية اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير المؤقتة التي يراها مناسبة، شريطة أن لا تمس بأصل الحق وبالنظام العام أو تعترض تنفيذ قرار إداري باستثناء ما إذا كان هذا الأخير يشكل تعديا أو استيلاء أو غلقا إداريا، وهي تدابير يمكن أن يتخذها حتى في حالة عدم وجود قرار إداري أو نزاع. وتكون أوامره قابلة للاستئناف أمام مجلس الدولة، والذي يفصل فيها بتشكيلة جماعية، ويمكن لرئيس مجلس الدولة، بناء على طلب خاسر الدعوى أن يوقف فورا وبصفة مؤقتة تنفيذ الأمر المستأنف ([27]).
5 ـ القرار الصادر بتاريخ 07/06/2005 تحت رقم 16886، والذي قرر أن مقررت المجلس الأعلى للقضاء في تشكيلته التأديبية تكتسي طابعا قضائيا، وبهذه الصفة لا يمكن الطعن فيها بالبطلان وإنما عن طريق الطعن بالنقض أمام مجلس الدولة([28])، وكان ذلك استنادا إلى كون ذلك المجلس التأديبي جهة قضائية إدارية متخصصة تصدر أحكاما نهائية ([29]).
وفيما عدا ذلك، كثيرا ما يلاحظ تغييرا مفاجئا في الاجتهاد القضائي بموجب قرار صادر عن غرفة وحيدة من غرف المحكمة العليا أو مجلس الدولة، والتي لا ترى ضرورة دعوة الغرفة المجتمعة، ونذكر على سبيل المثال التراجع في الاجتهاد القضائي الذي حصل بخصوص الخلع المنصوص عليه في المادة 54 من قانون الأسرة. إذ بعد أن كانت المرأة لا تستطيع الحصول على حكم يقضي بفك العلاقة الزوجية سوى بعد موافقة الزوج ([30])، أصبح من الممكن للزوجة أن تخالع نفسها بالإرادة المنفردة ([31]).
وإذا كان تراجع الاجتهاد القضائي مؤكدا بالنسبة للخلع، فإن العديد من المشاكل القانونية التي عرضت على المحكمة العليا قد صدرت بشأنها قرارات قضائية تتضمن حلولا متعارضة، تثير الشك في مصداقيتها، ويتعلق الأمر على سبيل المثال بما يلي :
1 ـ هل تعتبر محاولة الصلح بين الزوجين المقررة بموجب المادة 49 من قانون الأسرة إجراء جوهريا أو لا ؟ ويعتبر هذا التساؤل مشروعا حين الإطلاع على القرارات الصادرة عن المحكمة العليا.
أ ـ فبعضها قررت أن القاضي ملزم بإجراء محاولة الصلح بين الزوجين ([32]). و ألزمت الزوج طالب فك الرابطة الزوجية حضور جلسة الصلح شخصيا، تحت طائلة رفض دعواه([33]).
ب ـ وبعضها الآخر صدر بتاريخ 21/07/1998 تحت رقم 189311، قرر أن محاولة الصلح بين الطرفين في دعاوى الطلاق ليست من الإجراءات الجوهرية ([34]).
2 ـ هل يحدد تعويض الاستحقاق مقابل استرجاع المحل التجاري المقرر بموجب المادة 176 من القانون التجاري حسب قيمة العناصر المادية والمعنوية للمحل وقت إجراء الخبرة أو ابتداء من تاريخ توجيه التنبيه بالإخلاء ؟.
ويبقى طرح هذا السؤال مبررا رغم البحث الذي أعده السيد نائب الرئيس الأول للمحكمة العليا ورئيس الغرفة التجارية والبحرية في العدد الخاص من الاجتهاد القضائي للغرفة المذكورة، والذي أكد فيه بوضوح أن العبرة في تحديد قيمة العناصر التي تشكل تعويض المستأجر هي بالتاريخ الذي تم فيه رفض تجديد عقد الإيجار، أي في يوم تبليغ التنبيه بالإخلاء ([35]). ورغم صدور عدة قرارات عن المحكمة العليا تكرس هذا المبدأ ([36]). والسبب بسيط هو صدور قرارات أخرى قررت تحديد قيمة عناصر المحل التجاري وقت إجراء الخبرة ([37]).
3 ـ وهل يجوز للقاضي الذي فصل في النزاع أمام المحكمة أن يشارك في نظره أمام المجلس القضائي، والمؤكد أن الإطلاع على القرارات المنشورة لن يقدم إجابة مقنعة، وذلك لما يلي بيانه :
أ ـ فقد نشرت عدة قرارات تجيب عن السؤال المطروح بالسلب، لتعارض ذلك مع مبدأ درجتي التقاضي ([38]) .
ب ـ ونشرت قرارات أخرى قررت خلاف ذلك، إذ اعتبرت أن قيام القاضي الذي فصل في النزاع على مستوى المحكمة الابتدائية بالمشاركة في هيئة حكم المجلس القضائي لا يعد خرقا لمبدأ درجتي التقاضي، لأن ذلك لا يسمح سوى بطلب رد القاضي، والذي يستوجب لقبوله أن يقدم حسب الإجراءات وضمن المواعيد المقررة قانونا. ويرجع سبب هذا الموقف الأخير إلى اعتبار حالات الرد جوازية، يمكن للخصوم التنازل عن التمسك بها، كما يمكن للجهة المختصة بنظر طلب الرد أن تسمح للقاضي بالفصل في النزاع رغم توافر أسباب الرد ([39]).
4 ـ وهل يجوز اكتساب الحقوق الميراثية طبقا للمادة 829 من القانون المدني، أم أن صلة القرابة تكون مانعا أدبيا يحول دون ذلك. فقد صدر عدة قرارات تعتنق الحل الأول ([40])، وصدرت قرارات أخرى ترجح الحل الثاني([41]).
وفي إطار القضاء الإداري، كان التساؤل يثور بخصوص عدة مسائل، نذكر من بينها تحديد تاريخ بدء سريان ميعاد الاستئناف أمام مجلس الدولة، فهل يتمثل في تاريخ التبليغ عن طريق محضر قضائي أو تاريخ استخراج نسخة من قرار الغرفة الإدارية للمجلس القضائي من أمانة الضبط وفق المبين في القرارات المتعددة الصادرة عن مجلس الدولة ([42])، أو من كليهما معا. وهل يختلف الأمر بين حالة استخراج نسخة من القرار القضائي من المتقاضي شخصيا أو استخراجها من وكيله العادي أو من محاميه ؟ وفي الحالة الأخيرة هل يتعين التمييز بين حالة استخراج نسخة من القرار من المحامي المتوكل في القضية أمام الغرفة الإدارية للمجلس القضائي وبين حالة استخراجها من المحامي المقدم للاستئناف أمام مجلس الدولة ؟
تجدر الإشارة إلى أن مجلس الدولة كان يعتبر التبليغ عن طريق كتابة الضبط هو الإجراء الأصلي والقانوني لتبليغ القرارات الصادرة عن الجهات القضائية الإدارية، ويعتبر تبليغها عن طريق المحضر القضائي مجرد إجراء تكميلي ([43]). والعبرة في حساب ميعاد الطعن تكون بالتبليغ الأسبق ([44]).
ويعتبر التساؤل الأول مشروعا نظرا لاكتفاء العديد من قرارات مجلس الدولة بالتصريح بأن الاستئناف مقبول شكلا ما دام لا يوجد بالملف أثر لأي تبليغ قانوني للقرار المستأنف ([45]).
2 ـ يبقى الاجتهاد القضائي مجهولا
رغم المجهودات التي تبذلها كل من المحكمة العليا ([46]) ومجلس الدولة ([47]) في نشر القرارات التي تصدر عن مختلف غرفهما، فإنها تبقى غير كافية ويشوبها نقص كبير. إذ العديد من القرارات تبقى مجهولة من المتقاضين ومن المحامين وحتى من القضاة، بما فيهم بعض قضاة الجهتين القضائيتين المذكورتين. ولا شك أن هذا يساهم في إحداث تذبذب في الحلول القانونية التي تقدمها مختلف الجهات القضائية للمشاكل المعروضة عليهما.
وقد وصل الأمر ببعض الجهات القضائية، وخاصة المحاكم، إلى التميز بطرق خاصة في معالجة الدعاوى التي تعرض عليها، غير مبالية بالغرض السامي المنتظر تحقيقه من طرفها، والمتمثل في إفادة المواطنين بالحماية القضائية إحقاقا للحق ورفعا للظلم. والمؤكد أنه لولا إرادة تحقيق هذا الغرض لما وجد داع لتكوين وتوظيف القضاة ولا لإنشاء الجهات القضائية.
كما تفشت ظاهرة البحث عن أية مخالفة إجرائية، حتى لو كانت غير منصوص عليها في القانون، كي تصدر أحكاما ببطلان الإجراءات أو بعدم قبول الدعوى أو برفضها على حالها ([48])، وذلك قصد تحقيق غرض مزدوج يتمثل في تفادي الفصل في موضوعها من جهة، وتضخيم إحصائيات القضايا التي فصلت فيها من جهة أخرى. ويلاحظ أيضا أن الأغلبية العظمى من قرارات المجالس القضائية ومجلس الدولة والمحكمة العليا، تتمثل في تأييد الحكم أو القرار المستأنفين بالنسبة للأولى والثانية، ورفض الطعن بالنسبة للثالثة. وما لا شك فيه أن ذلك راجع أساسا إلى العمل على تصفية القضايا بدلا من الفصل في موضوعها.
ودرجت بعض الجهات القضائية على وضع شروط تعجيزية تفشل كل من يتقدم إلى القضاء طمعا في الحماية القضائية ([49])، ومن أمثلة ذلك :
أ ـ اشتراط عقود ملكية مشهرة لدى المحافظة العقارية في المنازعات العقارية حتى لو انعدمت تلك العقود في المنطقة وعدم إثارة الأطراف أي دفع يخص الملكية، مع العلم أن المادة 823 من القانون المدني التي تنص " الحائز لحق يفرض أنه صاحب لهذا الحق حتى يتبين خلاف ذلك "، لا تزال سارية المفعول ؟
ب ـ اشتراط تبليغ الأحكام التحضيرية والتمهيدية قبل الاتصال بالخبير والمطالبة منه بإعداد تقرير خبرة وإعادة السير في الدعوى رغم ثبوت ما يلي :
1 ـ قررت المحكمة العليا صراحة عدم وجوب تبليغ القرارات الصادرة قبل الفصل في الموضوع، وذلك بتأكيدها على ما يلي :
" لكن حيث أن إجراء تبليغ قرار صادر عن مجلس قضائي لمحكوم عليه هو إجراء غير ضروري عندما يأمر ذلك القرار بإجراء خبرة كما هو الحال بالنسبة للقضية الحالية.
حيث أن إجراء التبليغ لا يؤثر على تنفيذ القرار التمهيدي وما هو مطلوب إلا لبداية سريان مهلة الطعون القانونية في ذلك القرار " ([50]).
2 ـ لا يوجد أي نص قانوني يوجب تبليغ الأحكام التحضيرية والتمهيدية الصادرة عن المحاكم ([51]).
3 ـ لا فائدة ترجى من تبليغ الأحكام التحضيرية، ما دامت تلك الأحكام غير قابلة للاستئناف طبقا المادة 106 من قانون الإجراءات المدنية. فهل يعقل أن يلزم الطرف الذي يهمه التعجيل بتبليغ الحكم التحضيري قصد تمكين خصمه من استئنافه إن أراد ذلك، مع أن النهاية الحتمية للاستئناف إن قدم، هو القضاء بعدم قبوله لعدم جوازه قانونا ([52]).
4 ـ إن التصريح بعدم قبول دعوى إرجاع الدعوى بعد الخبرة بسبب عدم تبليغ الحكم الصادر قبل الفصل في الموضوع يزيد ([53]) في إطالة أمد المنازعات، ولاسيما في حالة تقرير الجهة القضائية استبعاد الخبرة المنجزة وتعيين خبير آخر من أجل القيام بنفس المهام المحددة بموجب الحكم التحضيري أو التمهيدي الأول. وما لا شك فيه أن إطالة أمد النزاع يعتبر عاملا أساسيا في فقدان الثقة في جهاز العدالة.
ومع العلم أن نشر القرارات القضائية هو الضامن الأول لتوحيد الاجتهاد القضائي، إذ من غير المقبول مساءلة قضاة الدرجة الأولى والمجالس القضائية في حالة الحكم بما يتعارض مع اجتهاد المحكمة العليا أو مجلس الدولة إذا بقي هذا الاجتهاد في أدراج هاتين الجهتين القضائيتين.
وفي الوقت الحالي، حيث يقوم المشرفون على إعداد المجلة القضائية ومجلة مجلس الدولة بغربلة القرارات القابلة للنشر، يتعين العمل على تفادي نشر قرارات تتضمن اجتهادا قضائيا تم التراجع عنه، ومن باب أولى تفادي نشر قرارات تتضمن اجتهادين قضائيين متعارضين في المجلة القضائية، كما يتبين من المثالين التاليين :
أ ـ إن العدد 52 من نشرة القضاة لسنة 1997 يتضمن قرارين متعارضين، فالأول يتضمن عدم امكان مخالعة الزوجة لنفسها دون رضا الزوج ([54])، والثاني يتضمن امكان وقوع الخلع سواء رضي به الزوج أو رفضه ([55]).
ب ـ إن العدد الأول من مجلة مجلس الدولة لسنة 2002 يتضمن القرار الصادر عن المجلس المذكور بتاريخ 01/02/1999 تحت رقم 149303، الذي قرر عدم اكتساب مديرية البريد والمواصلات الصفة في التقاضي ([56])، والعدد الثالث من نفس المجلة لسنة 2003 يتضمن القرار الصادر عن مجلس الدولة بتاريخ 03/12/2002 تحت رقم 012676، والذي قرر عكس ذلك طبقا للمرسوم التنفيذي رقم 98-143 المؤرخ في 10/05/1998 والمقرر المتخذ تطبيقا له بتاريخ 02/06/1998 والمتضمن منح مديرية البريد والمواصلات الأهلية لتمثيل الإدارة أمام الجهات القضائية ([57]).
وتجدر الإشارة إلى أن نشر جميع قرارات المحكمة العليا ومجلس الدولة لا يرمي فقط إلى تحقيق غرض إعلامي، والمتمثل في إعلام الكافة، ولاسيما القضاة والمتقاضين، بالحلول التي تتضمنها، بل يرمي إلى تحقيق غرض وقائي، يتمثل في حث قضاة الجهتين القضائيتين المذكورتين على البحث الجدي عن الحل القانوني بخصوص المشاكل القانونية التي تتضمنها عرائض الطعن بالنقض أو الاستئناف التي تعرض عليهم، وإثارة الأوجه التي يمكن لهم استخلاصها من عناصر الملفات المعروضة عليهم، بالشكل الذي يضمن توحيد الإجتهاد القضائي.
خـاتـمــة
ورد ضمن الكلمة الافتتاحية للسيد وزير العدل بمناسبة إنشاء المجلة القضائية أن دولة القانون تعني أساسا مبدأ سيادة القانون واحترامه من طرف المواطن ومؤسسات الدولة، ولتحقيق ذلك لا بد من وجود هيئة قضائية عليا مستقلة تراقب تطبيق القواعد القانونية من الجهات القضائية الدنيا على مختلف درجاتها. وتضمن إحداث وإثراء وتوحيد الاجتهاد القضائي على مستوى الوطن ([58]). ويبدو أنه بعد مضي أكثر من عشرين (20) سنة من ذلك، ومضي قرابة 50 سنة من إنشائها، لا تزال المحكمة العليا بعيدة عن المجرى المؤدي إلى تحقيق غرضها الأصيل.
والمؤكد أنه قد حان الأوان من أجل العمل على تفعيل دور كل من المحكمة العليا ومجلس الدولة كي يتسنى لهما ضمان احترام القانون وتوحيد كيفية تطبيقه على كامل المستوى الوطني، لأن ذلك هو الكفيل باحترام الجهات القضائية الدنيا للاجتهاد القضائي الذي تقرره، وما يستتبع ذلك من زرع ثقة المواطنين في القضاء.
ومن أجل تحقيق ذلك الغرض، نقترح ما يلي :
1 ـ ضمان تشكيل كل من المحكمة العليا ومجلس الدولة من القضاة الأكثر كفاءة، وتفادي جعل الترقية أو النقل إلى تلك الجهتين القضائيتين وسيلة للتخلص من بعض القضاة في انتظار إحالتهم على التقاعد.
2 ـ جعل الإجراءات المقررة لتغيير الاجتهاد القضائي من النظام العام، وتخويل حق تقديم التماس إعادة النظر ضد كل قرار يصدر دون مراعاة تلك الإجراءات.
3 ـ نشر جميع القرارات التي تصدر عن المحكمة العليا ومجلس الدولة، وتسهيل عملية التعرف على كافة الحلول الممكنة للمشاكل القانونية المطلوب منهم الفصل فيها، ويكون ذلك عن طريق إعداد بنك للمعطيات القانونية والقضائية. وهذا بغرض التوصل تدريجيا إلى التقليل من إصدار قرارات قضائية شاذة والتوصل في الختام إلى إحداث تنسيق كامل في الاجتهاد القضائي.
وقد عبر رينوار المستشار لدى محكمة النقض الفرنسية في بداية القرن التاسع عشر على ضرورة نشر أحكام القضاء كما يلي : "سواء صدرت أحكام وقرارات المجالس، مشكلة من قاض فرد أو عدة قضاة، فإنها لا تعتبر ملكا للهيئة التي تصدر عنها، ولا للمتقاضين الذين كانوا سببا فيها. إنها ملك للدولة كاملة، ويعتبر نشرها ضمانا للمتقاضين ووسيلة للإعلام لكل المواطنين في نفس الوقت"([59]).
4 ـ يتعين الإعلان عن كل تغيير في الاجتهاد القضائي وإرفاقه بالعناصر التي تسهل فهمه ([60])، بغرض ضمان توحيد الاجتهاد القضائي بعد تحوله.
5 ـ اختيار الأساتذة المكونين على مستوى المدرسة الوطنية للقضاء من أكفأ المتخصصين في مختلف المجالات، والسهر على عقد ندوات وملتقيات علمية قصد معالجة ومناقشة وإيجاد الحلول للمشاكل القانونية التي تطرح على القضاء، بشرط عدم استعمال تلك الملتقيات لفرض التعليمات دون أي نقاش.
6 ـ يتعين عدم اعتبار توحيد الاجتهاد القضائي غرضا في ذاته، بل وسيلة للتطبيق السليم للقانون وملء الفراغ الذي يعتريه وتفسير الغموض الذي يشوبه، ولا يتحقق ذلك بصفة فعالة سوى عن طريق مواكبة التشريع للاجتهاد القضائي.
وإذا كان GOETHE قد ذكر : " أفضل كثيرا الظلم عن الفوضى " ([61])، فالمؤكد أنه حين يسود النظام الذي ينتج عن الالتزام بالقانون سوف لن يكون هناك أي مجال للتفضيل بين الظلم والفوضى لأن مآل كليهما هو الزوال، وهذا هو ما ينتظر تحقيقه على الأقل في ساحة العدالة.
([1]) ـ من المؤكد أنه لا يجوز للقاضي أن يلجأ إلى الاجتهاد حين وجود نص واضح. بغدادي جيلالى، الاجتهاد القضائي، الندوة الوطنية الثانية للقضاء، وزارة العدل، نادي الصنوبر أيام 23 و24، و25/02/1991، الديوان الوطني للأشغال التربوية، 1993، ص 157.
([2]) ـ كانت المادة 469 من قانون الإجراءات المدنية تنص صراحة على واجب الفصل في كل قضية ترفع إلى القضاء.
([3]) ـ تعتبر المادة 358ـ17 السهو عن الفصل في أحد الطلبات الأصلية وجها للطعن بالنقض.
([4]) ـ إن إنكار العدالة يؤدي إلى مساءلة القاضي جزائيا وتأديبيا. وتكون المسئولية الجزائية استنادا إلى المادة 136 من قانون العقوبات. وتجدر الإشارة أن هذه المادة تجعل لعقوبة التي يمكن تسليطها على القاضي الذي يصر على إنكار العدالة مجرد غرامة مالية تتراوح بين 20.000 إلى 000.00 100 د.ج، وهي عقوبة لا تتناسب مع خطورة الجريمة ولا تبرر الإجراءات الخاصة المقررة في المواد من 573 إلى 581 من قانون الإجراءات الجزائية التي تتعلق بالجنايات والجنح المرتكبة من القضاة وأعضاء الحكومة وبعض الموظفين. وتكون المساءلة التأديبية أمام المجلس الأعلى القضاء طبقا لأحكام القانون الأساسي للخاص بهذا الجهاز.
ولكن لم يعد بالإمكان رفع دعوى مدنية (دعوى المخاصمة) ضد القاضي بعد صدور قانون الإجراءات المدنية والإدارية، وأحل المشرع مسؤولية الدولة محل المسؤولية الشخصية للقاضي، بموجب القانون العضوي رقم 04/11 المؤرخ في 06/09/2004 المتضمن القانون الأساسي للقضاء لسنة 2004 (ج.ر عدد 57)، إذ تنص المادة 31 منه: "لا يكون القاضي مسؤولا إلا عن خطئه الشخصي، لا يتحمل القاضي مسؤولية خطئه الشخصي المرتبط بالمهنة، إلا عن طريق دعوى الرجوع التي تمارسها الدولة ضده ".
([5]) ـ تنص المادة 2/2 من القانون العضوي رقم 98ـ01 المؤرخ في 30/05/1998 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله (ج.ر عدد 37): " يضمن ـ مجلس الدولة ـ توحيد الاجتهاد القضائي الإداري في البلاد...". مع العلم أن هذا القانون عُدل وتُمم بموجب القانون العضوي رقم 11ـ13 المؤرخ في 26/07/2011 (ج.ر عدد 43).
([6]) ـ يستخلص بمفهوم المخالفة من المادتين 374/2 ق.إ.م.إ و524 ق.إ.ج أن النقاط التي تقطع فيها المحكمة العليا غير ملزمة سوى للجهة القضائية التي تعاد إليها القضية بعد النقض.
([7]) ـ قرارا الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا مؤرخان في 30/09/1992 تحت رقمي 88866 و88867 (غير منشورين).
([8]) ـ قرار الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا مؤرخ في 22/11/1994 تحت رقمي 110978 (غير منشور).
([9]) ـ القانون العضوي رقم 89-22 المؤرخ في 12/12/1989 المتعلق بصلاحيات المحكمة العليا وتنظيمها وسيرها (ج.ر عدد 53)، المعدل والمتمم بموجب الأمر رقم 96-25 المؤرخ في 12/08/1996 المتعلق بصلاحيات المحكمة العليا وتنظيمها وسيرها (ج.ر عدد 48).
([10]) ـ راجع د. أحمد مسلم، الذي يرى أنه وإن لم يقصد بالمحكمة العليا أن تكون درجة ثالثة للتقاضي، إلا أنها في نظر المتقاضين على الأقل درجة فعلية من درجات التقاضي، فرغم أنها لا تتعرض للوقائع، فإنها درجة تقاضي مطلقة عن كل قيد وشرط، وهو ما يجعلها مرحلة من مراحل التقاضي بلا جدال، أصول المرافعات، التنظيم القضائي والإجراءات والأحكام في المواد المدنية والتجارية والشخصية، دار الفكر العربي، القاهرة، 1978، ص 182، هامش 3.
([11]) ـ تتحقق المحكمة العليا هل هناك مخالفة للقانون، ولا تراقب أوجه الطعن إذا كانت خاصة بالوقائع التي تدخل ضمن السلطة التقديرية لقضاة الموضوع. قرار المجلس الأعلى رقم 24416 الصادر في 24/04/1982، نشرة القضاة، العدد 43، 1988، ص 71 وما بعدها.
([12]) ـ تنص المادة 3 من القانون العضوي رقم 11/12 المؤرخ في 26/07/2011 الذي يحدد تنظيم المحكمة العليا وعملها واختصاصاتها (ج.ر عدد 42): " المحكمة العليا محكمة قانون، ويمكن أن تكون محكمة موضوع في الحالات المحددة في القانون.
تمارس المحكمة العليا الرقابة على الأوامر والأحكام والقرارات القضائية من حيث تطبيقها السليم للقانون واحترامها لأشكال وقواعد الإجراءات".
([13]) ـ راجع المادة 374/2 ق.إ.م.إ، وقرار المجلس الأعلى الصادر في 11/05/1981 تحت رقم 22267، المجلة القضائية، العدد 4، 1989، ص ص 170 ـ 173. والمادة 523 ق.إ.ج، وقراري المجلس الأعلى الصادرين في 25/12/1984 تحت رقم 29562، نفس المجلة، العدد 2، 1990، ص ص 272 ـ 275. و19/04/1988 تحت رقم 50727، نفس المجلة، العدد 4، 1991، ص ص 280 ـ 283.
([14]) ـ ينظر مجلس الدولة في الطعون بالنقض في قرارات الجهات القضائية الإدارية الصادرة نهائيا، وكذا في قرارات مجلس المحاسبة ( م 11 ق.ع.م.د ).
([15]) ـ تنص المادة 7 ق.ع.م.ع : " عندما يتوقع من تشكيلة المحكمة العليا إصدار قرار يغير الاجتهاد القضائي في قضية مرفوعة أمامها، تطبق أحكام المواد 22 إلى 24 من هذا القانون ".
([16]) ـ انظر المادتين 22/5 و23 ق.ع.م.ع.
([17]) ـ راجع قرار الغرفة المجتمعة للمحكمة العليا رقم 136156 الصادر في 18/02/1997، والذي قرر ضرورة الشكل الرسمي في العقد المتضمن بيع قاعدة تجارية رقم 136156 الصادر في 18/02/1997، منشور في المجلة القضائية، العدد 1، 1997، ص ص 10 ـ 13. وفي نشرة القضاة، العدد 51، 1997، ص ص 116 ـ 120. وفي الاجتهاد القضائي للغرفة التجارية والبحرية، عدد خاص، المحكمة العليا، 1999، ص ص 46 ـ 50.
وراجع أيضا قرار الغرفة المجتمعة للمحكمة العليا رقم 201823 الصادر في 27/03/2001، والذي قرر سقوط الخصومة بعد إحالة القضية بعد النقض بمضي سنتين من تاريخ النطق بقرار المحكمة العليا، المجلة القضائية، العدد 1، 2001، ص ص 99 ـ 103.
ونود الإشارة إلى أنه كثيرا ما تصدر المحكمة العليا قرارات تتضمن تحولا في الاجتهاد القضائي دون حاجة إلى دعوة الغرفة المجتمعة، ونذكر على سبيل المثال التحول في الاجتهاد القضائي الذي حصل بخصوص الخلع، وفي هذا مخالفة صريحة للقانون المتعلق بصلاحيات المحكمة العليا وتنظيمها وسيرها.
أ ـ فبعد أن كانت المرأة لا تستطيع الحصول على حكم يقضي بفك العلاقة الزوجية سوى بعد موافقة الزوج (قرارا المجلس الأعلى : الصادر في 12/03/1969، مجموعة الأحكام، الجزء الأول، ص ص 170 ـ 172. ورقم 33652 الصادر في 11/06/1984، المجلة القضائية، العدد 3، 1989، ص ص 38 ـ 40. وقرار المحكمة العليا رقم 73885 الصادر في 23/04/1991، نشرة القضاة، العدد 52، 1997، ص ص 99 ـ 101. والمنشور أيضا في المجلة القضائية، 2، 1993، ص ص 55 ـ 57).
ب ـ أصبح من الممكن للزوجة أن تخالع نفسها بالإرادة المنفردة (قرارات المحكمة العليا : رقم 83603 الصادر في 21/07/1992، الاجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية، عدد خاص، 2001، ص 134 ـ 137. ورقم 103793 الصادر في 19/04/1994، نشرة القضاة، العدد 51، 1997، ص 96 ـ 99. ورقم 115118 الصادر في 19/04/1994، نفس النشرة، العدد 52، 1997، ص 106 ـ 110. ورقم 141262 الصادر في 30/07/1996، المجلة القضائية، العدد 1 ـ 1998، ص 120 ـ 122. ورقم 216239 الصادر في 16/3/1999، الاجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية، مرجع سابق، ص 138 ـ 141).
([18]) ـ يتقرر انعقاد الغرف المجتمعة بسعي من قضاة المحكمة العليا لا بطلب الأطراف المتخاصمة. (قرارا المحكمة العليا: رقم 309301 الصادر في 15/07/2003، المجلة القضائية، العدد 1، 2003، ص ص 293 ـ 297. ورقم 350925 الصادر في 11/05/2005، مجلة المحكمة العليا، العدد 1، 2005، ص ص 219 ـ 223).
([19]) ـ راجع في تفصيل ذلك مؤلفنا تحت عنوان قانون الإجراءات المدنية، نظرية الدعوى، نظرية الخصومة، الإجراءات الاستثنائية، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثانية، 2001، ص 189 وما بعدها.
([20]) ـ لم تكن المحكمة العليا تحترم نص المادتين 21 و22 ق.ع.م.ع التين تستدعيان للفصل في الموضوع في قضية على إثر طعن ثان أن تنعقد في هيئة الغرفة المختلطة المشكلة من ثلاث غرف ومن 15 عضو على الأقل. فالغرفة التي يعرض عليها الطعن الثاني، أو الثالث أو الرابع، هي التي تفصل فيه، وبتشكيلتها المعتادة.
([21]) ـ راجع النص الكامل للقرار في : المجلة القضائية، العدد 1، 1997، ص ص 10 ـ 13. ونشرة القضاة، العدد 51، 1997، ص ص 116 ـ 120. وكذا في الاجتهاد القضائي للغرفة التجارية والبحرية، عدد خاص، المحكمة العليا، 1999، ص ص 46 ـ 50.
([22]) ـ راجع النص الكامل للقرار في المجلة القضائية، العدد 1، 2001، ص ص 99 ـ 103.
([23]) ـ مجلة المحكمة العليا، العدد 1، 2009، ص ص 107 ـ 113.
([24]) ـ مجلة مجلس الدولة، العدد 3، 2003، ص ص 56 ـ 63.
([25]) ـ نفس المجلة، ص ص 53 ـ 55.
([26])ـ نفس المجلة، ص ص 64 ـ 67.
([27]) ـ نفس المجلة، العدد 5، 2004، ص ص 247 ـ 251.
([28]) ـ نفس المجلة، العدد 9، 2009، ص 57.
([29]) ـ قرار مجلس الدولة رقم 025039 الصادر في 19/04/2006، نفس المجلة، ص 57 و58.
([30]) ـ راجع قرارا المجلس الأعلى الصادرين في : 12/03/1969، مجموعة الأحكام، الجزء الأول، ص ص 170 ـ 172. و11/06/1984 تحت رقم 33652، المجلة القضائية، العدد 3، 1989، ص ص 38 ـ 40. وقرار المحكمة العليا الصادر في 23/04/1991 تحت رقم 73885، نشرة القضاة، العدد 52، 1997، ص ص 99 ـ 101. والمنشور أيضا في المجلة القضائية، العدد 2، 1993، ص ص 55 ـ 57.
([31]) ـ راجع قرارات المحكمة العليا الصادرة في : 21/07/1992 تحت رقم 83603، الاجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية، عدد خاص، 2001، ص ص 134 ـ 137. و19/04/1994 تحت رقم 103793، نشرة القضاة، العدد 51، 1997، ص ص 96 ـ 99. و19/4/1994 تحت رقم 115118، نفس النشرة، العدد 52، 1997، ص ص 106 ـ 110. و30/07/1996 تحت رقم 141262، المجلة القضائية، العدد 1، 1998، ص ص 120 ـ 122. و16/3/1999 تحت رقم 216239، الاجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية، مرجع سابق، ص ص 138 ـ 141. و21/11/2000 تحت رقم 252994، المجلة القضائية، العدد 1، 2001، ص ص 293 ـ 295.
([32]) ـ انظر المادتين 439 ق.إ.م.إ و49 أسرة، وقرارات المحكمة العليا رقم 57812 الصادر في 25/12/1989، المجلة القضائية، العدد 3، 1991، ص ص 71 ـ 74. ورقم 75141 الصادر بتاريخ 18/06/1991، نفس المجلة، العدد 1، 1993، ص ص 65 ـ 68. ورقم 401317 الصادر بتاريخ 11/10/2006، نفس المجلة، العدد 2، 2007، "عن الوجه الأول"، ص 491. وقد كانت تطبق على محاولة الصلح المادة 17 من قانون الإجراءات المدنية قبل صدور قانون الأسرة، وكانت المصالحة بالتالي في دعاوى الطلاق اختيارية كحال غيرها من الدعاوى (راجع قراري المجلس الأعلى: الصادر بتاريخ 21/10/1970، نشرة القضاة، العدد 1، 1972، (الوجه الأول)، ص 66. ورقم 36962 الصادر بتاريخ 03/06/1985، المجلة القضائية، العدد 2، 1990، ص ص 65 ـ 67).
([33]) ـ قرار المحكمة العليا رقم 474956 الصادر بتاريخ 14/01/2009، مجلة المحكمة العليا، العدد 2، 2009، ص ص 271 ـ 274.
([34]) ـ قرار المحكمة العليا رقم 189311 الصادر بتاريخ 21/07/1998، نشرة القضاة، عدد 56، 1999، ص ص 40 ـ 42.
([35]) ـ حسان بوعروج، تعويض الاستحقاق في المادة التجارية، الاجتهاد القضائي للغرفة التجارية والبحرية، عدد خاص، 1999، ص 39.
([36]) ـ انظر قراري المحكمة العليا الصادرين في : 08/05/1999 تحت رقم 189311، المجلة القضائية، العدد 1، 2000، ص ص 121 ـ 124. و10/04/2001 تحت رقم 250731 (غير منشور).
([37]) ـ انظر قراري المحكمة العليا الصادرين في : 01/07/2001 تحت رقم 258634، المجلة القضائية، العدد 2، 2001، ص ص 239 ـ 241. و14/1/2003 تحت رقم 305013 ( غير منشور ).
([38]) ـ راجع قرارات المجلس الأعلى الصادرة في : 05/01/1983 تحت رقم 29276، المجلة القضائية، العدد 2، 1989، ص 35 و36. و03/04/1985 تحت رقم 34143، نفس المجلة، العدد 4، 1989، ص 53 وما بعدها. و07/12/1987 تحت رقم 47370، نفس المجلة، العدد 4، 1990، ص 57 وما بعدها. مع ملاحظة أن هذا القرار الأخير أكد على تعلق هذه الحالة بالنظام العام.
([39]) ـ راجع قراري المجلس الأعلى الصادرين في : 17/03/1981، نشرة القضاة، العدد 2، 1972، ص 30 و31. و01/04/1985 تحت رقم 32721 ، المجلة القضائية، العدد 3، 1989، ص 139 وما بعدها.
([40]) ـ انظر قرارا المحكمة العليا رقم 204939 لصادر بتاريخ 22/11/2000، الاجتهاد القضائي للغرفة العقارية، ج 2، 2004، ص ص 233 ـ 237. ورقم 220023 الصادر بتاريخ 20/02/2002، نفس المرجع، ص ص 228 ـ 232.
([41]) ـ قرار المحكمة العليا رقم 197177 الصادر في 31/05/2000، الاجتهاد القضائي للغرفة العقارية، ج 2، 2004، ص ص 211 ـ 215.
([42]) ـ راجع قرارات مجلس الدولة الصادرة في : 05/02/2001 تحت رقم 000262 ، و09/04/2001 تحت رقم 002331، و24/12/2001 تحت رقم 005744 ( قرارات غير منشورة ).
([43]) ـ قرار مجلس الدولة مؤرخ في 8/10/2002 تحت رقم 12045، مجلة مجلس الدولة، العدد 3، 2003، ص 179 و180.
([44]) ـ قرار مجلس الدولة مؤرخ في 01/04/2003 تحت رقم 13164، نفس المجلة، العدد 4، 2003، ص ص 125 ـ 127.
([45]) ـ راجع قرارات مجلس الدولة الصادرة في : 15/04/2003 تحت رقم 008072، مجلة مجلس الدولة، العدد 4، 2003، ص 80. و01/04/2003 تحت رقم 13164، نفس المجلة، ص 125. و06/05/2003، نفس المجلة، ص 128. و24/06/2002 تحت رقم 7152، نفس المجلة، العدد 5، 2004، ص 127. و15/01/2004 تحت رقم 10502، نفس المجلة، ص 175. و15/06/2002 تحت رقم 13968، نفس المجلة، ص 138.
([46]) ـ تنص المادة 31 ق.ع.م.ع : " تزود المحكمة العليا بالهياكل الإدارية الآتية: ... قسم الوثائق والدراسات القانونية والقضائية، ... ".
([47]) ـ تنص المادة 8 ق.ع.م.د : " ينشر مجلس الدولة قراراته ويسهر على نشر كل التعاليق والدراسات القانونية ".
([48]) ـ قررت المحكمة العليا " الحكم القاضي برفض الدعوى على الحال هو بمثابة امتناع عن الحكم لأنه لم يعتمد على أي نص قانوني،... ومدعاة لإطالة الخصام الذي لا يحقق الهدف المعقود على القضاء}. القرار الصادر بتاريخ 17/03/1998 تحت رقم 179557، المجلة القضائية، العدد 2، 1998، ص ص 79 ـ 81.
([49]) ـ بدلا من تفكير بعض قضاة التحقيق في أداء مهامهم قصد البحث الجدي عن الحقيقة في القضايا الموكلة إليهم، وجدوا طريقة للتقليص من الشكاوى المصحوبة بالادعاء المدني، تتمثل في اشترط إيداع كفالة تتراوح بين 000.00 50 د.ج و000.00 70 د.ج. فهل يعقل أن يطلب من ضحية أن تدفع مبلغا ماليا مبالغ فيه، مع العلم أن ذلك قد يجعله يتراجع عن استعمال طريق الادعاء المدني، ويتنازل حتى عن حقه الضائع ؟. والمؤكد أن هذا ليس هو الغرض من تخويل قضاة التحقيق سلطة تقديرية في تحديد قيمة الكفالة التي يتعين على المدعي المدني إيداعها لدى كتابة الضبط طبقا للمادة 75 ق.إ.ج.
([50]) ـ قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 27/02/1996 تحت رقم 140798، المجلة القضائية، العدد 2، 1996، ص 119 ( عن الوجه الأول ).
([51]) ـ تجدر الإشارة إلى أن قانون الإجراءات المدنية يقرر تبليغ منطوق القرارات الصادرة عن المجالس القضائية والمتضمنة الأمر بإجراء تحقيق بناء على طلب الطرف الذي يهمه التعجيل ( م 121/2 ).
([52]) ـ تجدر الإشارة إلى أن عدم تبليغ الحكم الصادر قبل الفصل في الموضوع يبقي المواعيد التي تسري من تاريخ التبليغ مفتوحة، ويتعلق الأمر أساسا بميعاد رد الخبير المنصوص عليه في المادة 52 ق.إ.م ومواعيد الطعن.
([53]) ـ يلاحظ أن العديد من الجهات القضائية تتأخر في الفصل في المنازعات لمدة تتجاوز السنتين، وتتأخر فترة مماثلة في طباعة الأحكام وتمكين المتقاضين من استخراج نسخا رسمية منها، مما يجعل الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع مهددة بالحكم بسقوطها. ويثير الشك حول جدوى سياسة وزارة العدل المبنية في رقابتها للجهات القضائية على الإحصائيات.
([54]) ـ قرار المحكمة العليا رقم 73885 الصادر بتاريخ 23/04/1991، نشرة القضاة، العدد 52، 1997، ص ص 99 ـ 101.
([55]) ـ قرار المحكمة العليا رقم 115118 الصادر بتاريخ 19/04/1994، نشرة القضاة، العدد 52، 1997، ص ص 106 ـ 110.
([56]) ـ ص 93 و94. وقد كان من الأفضل تفادي نشر القرار المذكور في مجلة مجلس الدولة لسنة 2002، ما دام أنه لم يعد ذو فائدة عملية بعد صدور المرسوم التنفيذي رقم 98/43 المؤرخ في 10/05/1998، والذي يتضمن منح مديرية البريد والمواصلات الأهلية لتمثيل الإدارة أمام الجهات القضائية.
([57]) ـ ص 191 و192.
([58]) ـ المجلة القضائية، العدد 1، 1989، ص 8.
([59]) - ( Les jugements et arrêts des cours et tribunaux , que ces tribunaux soient composés d'un juge ou de plusieurs , ne sont la propriété ni du siège duquel ils émanent , ni des plaideurs qui les provoquent. Ils appartiennent au pays tout entier ; leur publicité est à la fois une garantie pour les justiciables et un moyen d'enseignement pour tous les citoyens ). Augustin-Charles RENOUARD, Traité des droits d'auteurs dans la littérature, les sciences et les beaux-arts, 1839. Cité in : Emmanuel LESUEUR de GIVRY, La diffusion de la jurisprudence, mission de service public, Rapport de la Cour de cassation 2003, La documentation Française, Paris 2004, p. 269.
([60]) - Ibid, p. 277.
([61])- ( J'aime mieux une injustice qu'un désordre ). Citée in : Antide MOREAU, La haute trahison du président de la république sous la V° république, Chronique constitutionnelle, R.D.P, 6, 1987, p. 1563.
No comments :
اضافة تعليق
الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى