التمييز السادس عشر: التمييز بين التحكيم والوكالة
الوكيل يعمل لصالح موكله ، وينوب عنه فيما وكل فيه ، ولا يجوز له أن يعمل عملا بمقتضى الوكالة الممنوحة له إلا بما فيه مصلحة الموكل ، وهو مؤتمن على النصح لمن وكله ، وإذا خرج عن صلاحيته وسلطته التي فوضت إليه فالوكيل هو المسؤول عن هذا التصرف .
أما المحكمين في حالة تعددهم وترشيح محكم من كل طرف فهم بعكس ذلك ، وكل منهم يعمل مستقلا تمام الاستقلال عن الخصوم ، وبمجرد اعتماد وثيقة التحكيم تثبت له الصفة القضائية بين أطراف النزاع ، ولا يتمكن الخصوم من التدخل في عمله ، وحكمه مفروض عليهم لازم لهم ، وحينئذ يجب أن يكون لا فرق عنده بين الطرف الذي حكمه ، أو الطرف الآخر الذي حكم غيره ، وعليه أن يعمل بحياد تام ، ولا يجوز له أن يساند أو يميل مع أحد الخصوم لكونه حكما له ، وإذا فعل ذلك فللمتخاصمين رده أو عزله .
وواجبه هو الفصل في النزاع بالعدل بين الطرفين كأنه قاض تم تعيينه باتفاق الخصوم ويمارس عمله وفق المقتضى القضائي الشرعي ، وليس وفق رغبة من حكمه . وحينئذ فهو ليس وكيلا أو ممثلا لطرف من الأطراف النزاع ، أو مدافعا عنه أو يتحمل عبئا في إثبات حق له
No comments :
اضافة تعليق
الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى