يعتبر العقار رافدا من روافد التنمية الإقتصادية والإجتماعية ،إذ لا يمكن تصور أية تنمية دون استثمار ولا يمكن تحقيق أي استثمار إلا بوجود وعاء عقاري خال من الشوائب وسليم من الناحية القانونية،وذلك لخلق مشاريع تنموية على الصعيدين الاقتصادي والتجاري.ويختلف النظام القانوني للعقار في المغرب بحسب طبيعته الى نوعين : عقار محفظ وهذا لا يطرح اي مشكل على أساس أن التحفيظ يطهر العقار من جميع الشوائب (المادة من 2 من ظهير التحفيظ العقاري) .
النوع الثاني ويتعلق بالعقارات العادية أو التي هي في طور التحفيظ ،وهذه الأخيرة غالبا ما تخضع لإجراءات مسطرية إدارية و قضائية شبه معقدة تتسم بالبطء وتحول دون تحقيق الأهداف القانونية والإقتصادية والإجتماعية على الوجه المطلوب ،لمواكبة التطورات في مختلف الميادين.
وقد تدخل المشرع بمقتضى ظهير التحفيظ العقاري وأعطى للمحافظ في اطار سلطته الإدارية حق إلغاء مطلب التحفيظ إذا لم تتحقق بعض الشروط فيتحول العقار إلى حالته الأصلية كما يرجع طالب التحفيظ إلى وضعية ما قبل تأسيس المطلب.
والمحافظ على الأملاك العقارية في إطار ما حدده له ظهير التحفيظ العقاري من ضوابط لا يمكنه ان يبادر الى تاسيس اي رسم عقاري الا بعد خضوعه لمراقبة دقيقة شكلا وموضوعا ،وذلك تحت طائلة تحمله مسؤولية جميع الإجراءات الإدارية التي يختص بها كسلطة إدارية،ناهيك عن المتابعة الزجرية ان تبثت في حقه بعض التجاوزات التي يجرمها القانون.
وإذا تبين له أثناء سريان مسطرة التحفيظ بأن هناك بعض الإخلالات تشوب المسطرة (مسطرة التحفيظ) فانه ينذر طالب التحفيظ من أجل اتمام الإجراءات ضاربا له اجلا محددا تحت طائلة الغاء مطلبه والكل في اطار ما هو منصوص عليه في الفصول 23-38-50 و 96 من ظهير التحفيظ العقاري، وقد طرحت بعض الاشكالات بخصوص التمييز بين حالات الرفض وحالات الالغاء و تم الحسم فيها بصفة قطعية على مستوى الإجتهاد القضائي إذ اعتبرت أن حالات الرفض تحدث غالبا عند عدم توفرمطلب التحفيظ على الشروط المطلوبة بداية،وعند تقديم المطلب لاول مرة،أما حالة الإلغاء فهي القرارات التي يتخذها المحافظ على الاملاك العقارية بعد تسجيل مطلب التحفيظ ويكون هناك سبب قانوني يبرر هذا الالغاء.
وتعتبر قرارات المحافظ بهذا الخصوص قرارات إدارية وفق ما استقر عليه المجلس الأعلى في القرار عدد:337 الصادر بتاريخ 13/01/1998 منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى عدد:31 مارس 1998 .
وسنتناول من خلال هذه الدراسة، الحالات التي يتخذ فيها المحافظ قرارات بالغاء مطلب التحفيظ والآثار القانونية التي تترتب على ذلك.
1- حالات الغاء مطلب التحفيظ:
أ – الحالة الاولى:عدم حضور طالب التحفيظ لعمليات التحديد:
تعتبر عملية التحديد من أهم مراحل التحفيظ العقاري ،باعتبارها الإنطلاقة الاولى لربط العقار من الناحية الهندسية بالخريطة العامة للمنطقة،كما تعتبر لبنة اساسية لتحديد مراكز الأطراف المتنازعة عن طريق الإستماع اليهم وإلى كل من تعنيه عملية التحفيظ للتعرف على وضعية العقار من الناحية القانونية.
وتسبق عملية التحديد مجموعة من الإجراءات الأولية ومنها وعلى وجه الخصوص.
- نشر خلاصة مطلب التحفيظ في الجريدة الرسمية.
- عليقه لدى السلطة المحلية ولدى المحكمة الإبتدائية التابع لها العقار.
- توجيه الإستدعاءات الى كل من طالب التحفيظ والمالك إن لم يكن هو طالب التحفيظ و الملاك المجاورين والمتعرضين وأصحاب الحقوق العينية و الإرتفاقات المذكورة أسماؤهم في مطلب التحفيظ والكل طبقا لمقتضيات المادة 19 من ظهير التحفيظ العقاري ، وهذه الإجراءات الزامية لارتباطها بحق الملكية ولكونها تشكل عنصرا أساسيا لمبدأ التطهير.
وتخلف طالب التحفيظ عن حضور عملية التحديد يعطي للمحافظ مكنة اتخاذ قرار بإلغاء مطلبه إستنادا الى مقتضيات المادة 23 من ظهير التحفيظ العقاري.
ب – حالة عدم كفاية الحجج والوثائق:
إن المحافظ وفي اطار سلطته التقديرية وعند دراسته للوثائق المدلى بها والتأكد بان هذه الوثائق غير كافية لتأييد مطلب تحفيظه،وأن من شان الابقاء على المطلب على حالته غير كفيل بان يؤسس له رسم عقاري إستنادا الى الوثائق المدلى بها من طرف طالب التحفيظ امكن له في إطار ما يخوله له القانون ان يتخذ قرارا بالغاء مطلب التحفيظ ويبقى من حق الجهة المتضررة من هذا القرار ويتعلق الامر اساسا بطالب التحفيظ الطعن في هذا القرار امام المحكمة الإدارية باعتبار ان هذا القرار الذي اتخذه المحافظ يعتبر قرارا اداريا.
ذ . أحمد مرشيد محام بهيئة سطات
No comments :
اضافة تعليق
الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى