Saturday, October 13, 2012

دراسة: الإفراج المقيد بشروط بين القانون والتطبيقات الإدارية (الحلقة الرابعة)


الشروط القانونية التي تخول للسجين الاستفادة من الإفراج



في كنف الظروف الاجتماعية والاقتصادية الهشة، وفي غياب التدابير الوقائية القبلية والآنية والبعدية، نمت الجريمة وتطورت، وتصاعدت وثيرتها بشكل مثير للانتباه، واكتسبت قوة ومناعة ضد المسكنات والمضادات القانونية غير الحيوية الواردة في وصفات القانون الجنائي وأضحت سطوتها تبعا لذلك توشك أن تطغى على سلطة وهيبة القانون الزجري، رغم كل التغييرات والتعديلات الطارئة عليه، وكذا رغم كل الإجراءات التي تقوم بها أجهزة العدالة الجنائية، المتمثلة في التدابير الروتينية، والأساليب التقليدية التي لا تتجاوز نطاق تعقب المجرمين، وتحريك المتابعات وإصدار العقوبات السالبة للحرية، في وقت لم يعد فيه أسلوب استخدام الآليات الزجرية يجدي وحده لمحاربة الجريمة والإحاطة بها.

بعد إنجاز الاقتراح من طرف مدير المؤسسة السجنية، وتضمين رأيه المعلل في المطبوع نفسه المخصص لهذه الغاية، يسجل الاقتراح في سجل الإفراج الشرطي ثم يفتح له ملف رسمي تم تخصيصه لهذه الغاية يسمى: «الإفراج المقيد» نموذج عدد: 34، الذي تضاف إليه كل الوثائق المطلوبة، كل منها في ثلاث نظائر وهي:
1- بطاقة اقتراح الإفراج المقيد.
2- بيان تفصيلي للمبالغ المالية الموجودة بالحساب الخاص للنزيل، المودع بالمؤسسة السجنية يصدره الموظف المكلف بالودائع النقدية.
3- بيان مفصل للمبالغ المالية التي هي في ذمة السجين، والصادرة في حقه بمقتضى المقرر الزجري، والتي هي بصدد تمكينها للضحايا أو للمطالبين بالحق المدني، وللخزينة العامة.
4- ملخص صادر عن رئيس المعقل يتضمن توضيح خاص بسلوك السجين.
5- ملخص صادر عن المشرف الاجتماعي يتضمن ملاحظاته حول علاقة السجين مع عائلته، وهل هناك تواصل مستمر معها، عن طريق الزيارات الأسبوعية، أو عن طريق المراسلات البريدية، ومدى اهتمام عائلته به، ومدى تعلقه بعائلته، كما يتضمن الملخص علاقة السجين مع موظفي السجن ومع السجناء، ومع المدرسين، إذا كان يتابع دراسته بالمؤسسة السجنية، ومع المشرفين على تدريبه، وتأهيله، إذا كان يتابع تكوينه المهني بأحد أوراش المؤسسة السجنية.
6- شهادة طبية توضح حالته الصحية، إذا اقتضى الأمر ذلك، في حالة إذا كان السجين يعاني بعض الأمراض العضوية، أو النفسية، أو العقلية، وهي عبارة عن تقرير طبي ينجزه ويوقعه الطبيب المختص، استنادا إلى الملف الطبي للمعني بالأمر، وإلى الفحوصات الأخيرة التي يجريها عليه، إذ يوضح في التقرير وضعية السجين وحالته الصحية بتفصيل، وهل تقتضي تتبع العلاجات بعد الإفراج عنه.
7- إشهاد صادر عن رب العمل يلتزم فيه بتشغيل السجين بعد الإفراج عنه، أو على الأقل إشهاد بالإيواء يمكن أن يكون صادرا عن زوجة المعتقل، أو عن أحد أقاربه، أو عن رب العمل الذي سيشغله مستقبلا، مع الإشارة إلى أن الإشهاد المذكور هو عبارة عن مطبوع رسمي نموذج عدد: 33 م أ م تم تخصيصه لهذه الغاية، يصدر عن إدارة السجن لأجل تعبئته بالمعلومات المطلوبة وتوقيعه من طرف المشغل، أو من طرف المتعهد بالإيواء، والمصادقة عليه من طرف السلطة المحلية المختصة.
8- شهادة بعدم الطعن في الحكم بالاستئناف أو بالنقض إذا اقتضى الأمر ذلك.
9- طلب خطي منجز وموقع من طرف السجين.
10- صورة شمسية لبطاقة التعريف الوطنية للسجين.
11- صورة شمسية لبطاقة التعريف الوطنية الخاصة بالمشغل أو بالمتعهد بالإيواء.
12- تصريح بالالتزام بالانخراط في القوات المسلحة الملكية بواسطة وعد خطي مصادق عليه، يعرب من خلاله المعني بالأمر عن استعداده للانخراط في سلك الجندية ساعة الإفراج عنه، وذلك عند الاقتضاء، وإذا تعلق الأمر بمواطن مغربي.
13- تصريح مصادق عليه يعبر من خلاله المعني بالأمر إذا كان أجنبيا، الموافقة على طرده من تراب المملكة المغربية إذا تقرر في حقه الطرد من قبل الإدارة العامة للأمن الوطني.
وأخيرا، وبعد توفر كافة الشروط القانونية التي تخول للسجين الاستفادة من الإفراج، وبعد إرفاق الملف بالوثائق المشار إليها، وطبقا لمقتضيات المادة 156 من المرسوم رقم: 2.00.485، والفقرة الأخيرة من المادة 625 من قانون المسطرة الجنائية، يوجه مدير المؤسسة السجنية الملف الأصلي برمته، مع نظير له يحتوي على صور شمسية للوثائق المذكورة إلى المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن محتوى الملف المنجز في هذا الشأن يكون سريا ولا يجوز إخبار السجين أو ذويه بما يتضمنه من معلومات، وذلك طبقا للمادة 157 من المرسوم.
بعد توصلها بالملف تقوم إدارة المندوبية العامة للسجون بكل الإجراءات الموالية، والرامية إلى تتميمه، وإعداده بشكل نهائي لأجل إحالته على مديرية الشؤون الجنائية والعفو، وذلك بإنجاز عدة مراسلات في الموضوع وإرفاقها بالنسخ الضرورية للوثائق المرفقة بالملف، ثم توجيهها إلى الجهات الإدارية المعنية قصد القيام بالمطلوب. ومن بين تلك الجهات، النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية، أو الاستئنافية التي أصدرت العقوبة الحبسية، ووالي المدينة أو عامل الإقليم الذي يوجد بدائرته الترابية عنوان الإقامة المختار من طرف السجين، وذلك لأجل إنجاز تقارير مفصلة متضمنة لآرائهم المعللة حول موضوع الإفراج.
كما يمكن للمندوب العام للسجون توجيه مراسلة في الموضوع، وعند الاقتضاء إلى السلطات العسكرية، مرفقة بنسخة من التصريح بالالتزام بالانخراط في الجندية، إذا كان الإفراج يتعلق بمواطن مغربي.
كما يتم أيضا إخبار السلطات العسكرية في حالة إذا كان الإفراج يتعلق بجندي يقضي عقوبته الحبسية في أحد السجون المدنية طبقا للمادة 205 من قانون العدل العسكري.
وأخيرا وإذا كان السجين موضوع الإفراج أجنبيا يوجه المندوب العام مراسلة بهذا الخصوص، إلى الإدارة العامة للأمن الوطني، مرفقة بالتصريح بالموافقة على قرار الطرد من المملكة المغربية، في حالة صدوره.
وهكذا، وبعد توصل النيابة العامة لدى المحكمة المصدرة للحكم، يقوم رئيسها، أو من ينوب عنه بالاطلاع على ملف القضية التي أدين من أجلها المعني بالأمر، وإنجاز تقرير مفصل، وشامل يتضمن سردا لوقائع القضية، يشير في ختامه إلى رأي النيابة العامة في موضوع الإفراج، ثم يوجه التقرير المنجز من طرفه إلى المندوبية العامة للسجون.
كما يقوم والي المدينة، أو عامل الإقليم بعد التوصل بالمراسلة والوثائق المرفقة بها، بإصدار تعليماته في الموضوع إلى السلطة المحلية المختصة، لأجل إجراء بحث حول المكان المختار لإقامة المعني بالأمر، وكذا البحث في مصداقية التعهد بالإيواء أو الالتزام بالتشغيل، الصادر عن المشغل، أو عن المتعهد بإيواء السجين عند الإفراج عنه، وذلك عن طريق استدعائه من طرف السلطة المحلية المختصة، والاستماع إليه في الموضوع، لأجل التأكد من مصداقية التصريح المدلى به، ومدى التزامه، واستعداده للقيام بكل ما سبق أن تعهد به لتشغيل أو إيواء الشخص المنجز لفائدته الاقتراح بالإفراج.
بعد انتهاء كل الأبحاث والتحريات، وعلى ضوء المعطيات التي يتوصل بها الوالي أو العامل من طرف السلطات المحلية، ينجز في الموضوع تقريرا مفصلا، يختمه برأيه المعلل في شأن اقتراح الإفراج، ثم يوجهه إلى المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج.
وبعد استكمال جميع الإجراءات، وضم جميع الوثائق المطلوبة إلى الملف، بما فيها المراسلتان المتضمنتان لنظر رئيس النيابة العامة، ووالي المدينة، أو عامل الإقليم، يوجه الملف الأصلي، من طرف المندوبية العامة للسجون، إلى وزارة العدل والحريات، بواسطة كتاب يتضمن نظر مندوب السجون حول موضوع الإفراج، وذلك طبقا للمادة 156 من المرسوم رقم: 2.00.485.
بعد توصل مديرية الشؤون الجنائية والعفو بالملف الأصلي، يسجل بكتابة الضبط، ثم يعرض على أنظار لجنة العفو، التي تنكب على دراسة الاقتراحات الواردة عليها في شأن ملفات الإفراج، مرة في السنة على الأقل طبقا للمادة 626 من قانون المسطرة الجنائية.
وتجدر الإشارة إلى أن مقر اللجنة المذكورة، يوجد بمديرية الشؤون الجنائية والعفو، وأن أعضاءها يتكونون طبقا للمادة 624 ق.م.ج من رئيس اللجنة، وهو مدير الشؤون الجنائية والعفو، نيابة عن وزير العدل والحريات، أو من يتم اقتراحه من طرفه لتمثيله، بالإضافة إلى المندوب العام للسجون وإعادة الإدماج، أو من يمثله لهذه الغاية، وممثل عن الرئيس الأول للمجلس الأعلى، وممثل عن الوكيل العام للملك لدى المجلس نفسه، ويتولى كتابة اللجنة، موظف تابع لمديرية الشؤون الجنائية والعفو.
وتتلخص مهام اللجنة المذكورة، في دراسة الملفات المعروضة عليها، سواء من الوجهة القانونية أو الشكلية، وتمحيص نظر الإدارات المعنية الوارد في تقاريرها، والتشاور فيما بين أعضائها، وإبداء الرأي في كل الاقتراحات المعروضة على أنظارها. وعلى ضوء كل المعطيات الواردة في كل ملف، تنظر اللجنة في إمكانية تعليق ما تبقى من العقوبة لفائدة كل سجين عرض ملفه عليها.

بقلم:  المصطفى ناضر بوعبيد, منتدب قضائي إقليمي بالنيابة العامة
لدى المحكمة الابتدائية المدنية بالدار البيضاء

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا