مدخل عام:موضوع الحكامة من المفاهيم المتداولة في المغرب في الفترة الراهنة,وتندرج أهميته من الناحية العلمية بقلة الدراسات حوله, كما أن أغلب هذه الدراسات التي اطلعت عليها تركز على الأبعاد السياسية و الإدارية,لذلك فالمقاربة السوسيولوجية للموضوع التي اعتمدتها في هذا العرض ستكون محكومة بهذا المحدد المنهجي الأساسي,و من المعلوم في مجال البحث العلمي أن العوائق هي مداخل للإنتاج و التوليد.فما هي الحكامة ؟ وما هي القيم التي تحملها؟ - الحكامة بالمغرب: نجد خطابا مهما حول هذا الموضوع,يغلب عليه الطابع السياسي,لكن السؤال المطروح,ما هي الفرص و الإكراهات أمام تحقيق نظام الحكامة بالمغرب؟المؤشر الذي يعتمده هذا البحث هو تقرير الخمسينية باعتباره أهم المرجعيات التي يمكن الاستناد إليها في دراسة هذا الموضوع,و هذا راجع بالأساس إلى كون ثلة من الباحثين في تخصصات علمية مختلفة شاركوا في هذا البحث(بورقية,الطوزي,رشيق,عبد ربي...)و كان للمقاربة السوسيولوجية حضور هام من خلال الورقة التي قدمت حول التحولات الاجتماعية بالمغرب و كذا البحث الوطني حول القيم.الإشكالية:إلى أي حد كانت المقاربة السوسيولوجية حاضرة في الرؤية التي اعتمدها التقرير حول قضية الحكامة؟الفرضية:نضع في البداية فرضية بمثابة إجابة أولية و هي أن التقرير كان محكوما بالبعد السياسي و الإداري للموضوع ,و أن الأبعاد السوسيولوجية قد تم دراستها في سياق مستقل ضمن ورقة التحولات الاجتماعية بالمغرب، فإلى أي حد يمكن استثمار هذه الورقة و نتائجها في فهم البعد السوسيولوجي للحكامة؟ملاحظة:لا نهتم في هذا العرض برصد ميداني بحضور الحكامة مثلا,في الخطاب الشفوي للمواطنين(التمثلات الاجتماعية للحكامة ...),و لا أهتم بنتائج البنية المؤسساتية لنظام الحكامة,ذلك أن السياق الوطني كما يبدو من خلال التقرير يتحدث عن الحكامة كأفق و رهان و ليس كمعطى موجود ,بمعنى أننا سنتحدث عن البعد السوسيولوجي كعائق نحو إنجازها.المنهج:سنعتمد في هذا العرض على المقاربة المفهومية من خلال تحديد مفهوم الحكامة و القيم الاجتماعية التي يحملها,و عن القيم السائدة في المجتمع,نشير إلى بعضها:قيم الحكامة القيم السائدةالمشاركة الإقصاءالمحاسبة الإفلات من العقابالشفافية الرشوة.................... ......................و هذا سيجرنا إلى الحديث عن جدل التحديث (الحكامة)و التقليد,أي إلى أي حد تستجيب البنية الاجتماعية للقيم الجديدة التي يحملها نظام الحكامة؟أم أننا سنعرف صراعا بين القيم الجديدة(الحكامة)و القيم السائدة؟.التصميم:1. الحكامة:تحديد مفهوميمفهوم الحكامة gouvernance يندرج ضمن المفاهيم الأساسية لهذا العقد من الزمن,و هي حسب المفكر يحيى اليحياوي ,صنيعة نيوليبرالية خالصة,صممت شكلها و مضمونها المؤسسات المالية و الاقتصادية العالمية,و لفظ gouvernance يفيد معنى الرقابة و التوصية و التدبير,و هي ترتكز على ثلاث معطيات أساسية:1) الفاعل يساهم في صناعة القرار المحلي(نخبة محلية): تتكون من جمعيات المجتمع المدني, نقابات, أحزاب سياسية, مثقفين بالإضافة إلى السلطة.2) وجود قرار محلي مستقل:أي عدم تدخل السلطة المركزية في صياغة القرارات المحلية مع عدم تجاوز كل طرف لاختصاصات الآخر.3)مبدأ التشاركية :مشاركة جميع الفاعلين في صياغة القرار,و تقوية النقاش العمومي من خلال إرساء تقاليد قوية لتناظر أيديولوجي و علمي بعيدا عن النزعة الفئوية الضيقة.انطلاقا من المعطيات الثلاثة السابقة , فالحكامة تسائل الديمقراطية القائمة ببعدها التمثيلي منه و التشاركي,و تجمع بين الرقابة من أعلى-الدولة- و الرقابة من أسفل-المجتمع المدني-,و تتغيى التدبير السليم للشؤون العامة و للموارد و الإمكانات البشرية منها و المادية .مبادئ الحكامة:*الرؤية الإستراتيجية:أي الرؤية المنطلقة من المعطيات الثقافية و الاجتماعية الهادفة إلى تحسين شؤون الناس و تنمية المجتمع و القدرات البشرية.*المشاركة و المساواة:أي حق الرجل و المرأة في الترشيح و التصويت و إبداء الرأي ديمقراطيا في البرامج و السياسات و القرارات, و الحصول على الفرص المتساوية في الارتقاء الاجتماعي.*حكم القانون:أي أن القانون هو المرجعية و سيادته على الجميع بدون استثناء و فصل السلط , و استقلالية القضاء ,ووضوح القوانين و شفافيتها و انسجامها في التطبيق.*الشفافية:تعني توفر المعلومات الدقيقة في وقتها و إفساح المجال أمام الجميع للاطلاع على المعلومات الضرورية مما يساعد في اتخاذ القرارات الصالحة و كذلك من اجل توسيع دائرة المشاركة و الرقابة و المحاسبة و من اجل التخفيف من الهذر و محاصرة الفساد.*الفعالية:أي توفر القدرة على تنفيذ المشاريع التي تستجيب لحاجيات المواطنين و تطلعاتهم على أساس إدارة عقلانية و راشدة للموارد.*المحاسبة:يقصد بها امتثال جميع الأجهزة و الأفراد و المرجعيات للمساءلة و التقويم و المتابعة في حالة التقصير , و المتابعة القضائية في حالة التبديد او استغلال النفوذ.يبدو لنا أن الحكامة تحمل قيما مؤسساتية(المحاسبة..)و قيم اقتصادية(حسن التسيير..)و قيم سياسية(الديمقراطية,المواطنة..),و هذه كلها قيم اجتماعية تكون المبادئ الأساسية لنظام الحكامة.2. الحكامة في تقرير الخمسينية:يعتبر تقرير الخمسينية بحثا مهما حول حالة المغرب منذ الاستقلال إلى اليوم, و نجد في البحث الموضوعاتي فصلا خاصا بالحكامة و التسيير الإداري,يغلب عليه البعد السياسي و الإداري,و سنحاول قراءة التقرير قراءة سوسيولوجية من خلال توظيف الورقة التي قدمت حول التحولات الاجتماعية بالمغرب, و البحث الوطني حول القيم.و من خلال قراءة أولية لهذه الوثائق,تبين لي أن التقرير ككل, لم يتحدث عن وجود نظام الحكامة بالمغرب بل بالأحرى "إمكانية" وجوده كرهان و كممكن, ف"هذه المحاولات الرامية إلى تفعيل الحكامة الترابية,لم تحقق النتائج المتوخاة منها, إذ أن الانزلاقات الحاصلة، والطابع العرضي وغير المستقر للتحالفات الحزبية المحلية، والتكوين المتفاوت للمنتخبين، وسوء التدبير، والتقطيع الترابي غير الملائم كلها عوامل، من بين أخرى، أضرت بالتنمية البشرية، في العديد من الجماعات القروية والحضرية,هذا من جهة ,من جهة أخرى, عرفت الحكامة نقائص كبيرة على المستوى الإداري المركزي، و كذا على مستوى الهيئات الوطنية اللامركزية,بالرغم من بعض التصورات الظرفية والمحلي ، ويتجلى ذلك في تفشي وتكريس التلاعب بالمال العام، وتهريب الأموال,والرشوة والمحسوبية، والزبونية، على الرغم من التدابير والنوايا الحسنة، ومن بينها الإعلان عن ميثاق لحسن التدبير،وشفافية إجراء الصفقات العمومية، وإدخال قواعد متكافئة في مجال تدبير الموارد البشرية، وإنشاء المجالس الجهوية للحسابات، والشروع في إصلاح القضاء، وخاصة بإنشاء المحاكم الإدارية والمحاكم التجارية، واللجوء المتواتر إلى الافتحاصات الخارجية.وإذا كان نجاح اللامركزية وتعميم الحكامة الديمقراطية الترابية يتوقف على التحكم الجيد في المسالك المنبثقة على مستوى المصداقية وتنمية قدرات الهيئات المحلية، فإنه لا يمكن ربح هذا الرهان آليا دون نهج تصور جهوي متجدد، ودون ضمان تكامل و مواكبة ضروريين لأية لامركزية فعلية، أي لا مركزية إدارية حقة,أي إننا حسب التقرير نفسه, أمام "نمط حكامة ما زال يبحث عن نفسه".1البحث الوطني حول القيم(ENV 2004) يذهب إلى منظومة القيم عرفت تحولات على عدة مستويات , فالمجتمع المغربي ورث مجموعة من القيم التقليدية تعود الى فترة الاستقلال,و هذه الأخيرة تأثر في علاقات الأفراد و الجماعات مع الدولة و الجماعات,كما يذهب نفس التقرير إلى أن الدين و العرف هما أهم مصادر القيم , و أن اتجاه منظومة القيم بالمغرب يعرف أزمة"crise de valeurs" ,فهو ليس متماسك و ملتحم,بل يعكس صراعا بين القيم التقليدية و القيم الحديثة,فالإكراهات البنيوية تدفع الناس إلى ترك القيم التقليدية أو تكييفها مع المعطى الجديد.أما ورقة التحولات للاجتماعية بالمغرب فتذهب إلى أن المجتمع المغربي يعرف تحولات اجتماعية عميقة,"إنه مجتمع يتمدن وأنماط عيشه تتغير؛ مجتمع يشهد تغييرات مهمة على مستوى البنية الأسرية والمساهمة النسائية,كما أنه مجتمع يطور قنوات جديدة للتعبير ويعرف ظهور فاعلين جدد؛ مجتمع تعيش مرجعية قيمه سيرورة تحول، مع كونه ما يزال مترددا إزاء الحداثة. "كما أن التغيير قد طال أيضا أشكال العمل والمشاغل الاجتماعية" بصفة عامة. لقد انتقلت العديد من الحرف والمهن إلى قطاعات الاقتصاد الحديثة., الحكامة و القيم السوسيولوجية:هذه الديناميكية الاجتماعية تدفعنا إلى البحث عن إمكانية مواكبتها للرهانات ذات البعد الكوني(الحكامة),و تبيئة هذا المفهوم و إعطاءه صبغة محلية من خلال موائمته مع القيم السائدة و تجاوز القيم التقليدية التي تحول دون تفعيل الحكامة ,فكما يبدو لنا فالحكامة تتضمن قيم مؤسساتية(المحاسبة,المأسسة..),وقيم إقتصادية(الشفافية, التخطيط..),و قيم سياسية(الديمقراطية,المواطنة..) و هذه كلها قيم اجتماعية يحملها نظام الحكامة. و هنا تظهر أهمية البحث السوسيولوجي في الكشف عي الميكانيزمات و الآليات التي تسمح بفهم التحولات العميقة التي يعرفها المجتمع .خلاصة:يبقى البعد السوسيولوجي حول الحكامة مهما كأفق للبحث لتجاوز التضخم في الخطاب السياسي حوله, و ذلك من خلال:-فهم الظاهرة المجتمعية في العمق ببلادنا, من حيث البنية و طبيعة الحركية و التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي.-الإشتغال
Thursday, October 11, 2012
المقاربة السوسيولوجية للحكامة
مدخل عام:موضوع الحكامة من المفاهيم المتداولة في المغرب في الفترة الراهنة,وتندرج أهميته من الناحية العلمية بقلة الدراسات حوله, كما أن أغلب هذه الدراسات التي اطلعت عليها تركز على الأبعاد السياسية و الإدارية,لذلك فالمقاربة السوسيولوجية للموضوع التي اعتمدتها في هذا العرض ستكون محكومة بهذا المحدد المنهجي الأساسي,و من المعلوم في مجال البحث العلمي أن العوائق هي مداخل للإنتاج و التوليد.فما هي الحكامة ؟ وما هي القيم التي تحملها؟ - الحكامة بالمغرب: نجد خطابا مهما حول هذا الموضوع,يغلب عليه الطابع السياسي,لكن السؤال المطروح,ما هي الفرص و الإكراهات أمام تحقيق نظام الحكامة بالمغرب؟المؤشر الذي يعتمده هذا البحث هو تقرير الخمسينية باعتباره أهم المرجعيات التي يمكن الاستناد إليها في دراسة هذا الموضوع,و هذا راجع بالأساس إلى كون ثلة من الباحثين في تخصصات علمية مختلفة شاركوا في هذا البحث(بورقية,الطوزي,رشيق,عبد ربي...)و كان للمقاربة السوسيولوجية حضور هام من خلال الورقة التي قدمت حول التحولات الاجتماعية بالمغرب و كذا البحث الوطني حول القيم.الإشكالية:إلى أي حد كانت المقاربة السوسيولوجية حاضرة في الرؤية التي اعتمدها التقرير حول قضية الحكامة؟الفرضية:نضع في البداية فرضية بمثابة إجابة أولية و هي أن التقرير كان محكوما بالبعد السياسي و الإداري للموضوع ,و أن الأبعاد السوسيولوجية قد تم دراستها في سياق مستقل ضمن ورقة التحولات الاجتماعية بالمغرب، فإلى أي حد يمكن استثمار هذه الورقة و نتائجها في فهم البعد السوسيولوجي للحكامة؟ملاحظة:لا نهتم في هذا العرض برصد ميداني بحضور الحكامة مثلا,في الخطاب الشفوي للمواطنين(التمثلات الاجتماعية للحكامة ...),و لا أهتم بنتائج البنية المؤسساتية لنظام الحكامة,ذلك أن السياق الوطني كما يبدو من خلال التقرير يتحدث عن الحكامة كأفق و رهان و ليس كمعطى موجود ,بمعنى أننا سنتحدث عن البعد السوسيولوجي كعائق نحو إنجازها.المنهج:سنعتمد في هذا العرض على المقاربة المفهومية من خلال تحديد مفهوم الحكامة و القيم الاجتماعية التي يحملها,و عن القيم السائدة في المجتمع,نشير إلى بعضها:قيم الحكامة القيم السائدةالمشاركة الإقصاءالمحاسبة الإفلات من العقابالشفافية الرشوة.................... ......................و هذا سيجرنا إلى الحديث عن جدل التحديث (الحكامة)و التقليد,أي إلى أي حد تستجيب البنية الاجتماعية للقيم الجديدة التي يحملها نظام الحكامة؟أم أننا سنعرف صراعا بين القيم الجديدة(الحكامة)و القيم السائدة؟.التصميم:1. الحكامة:تحديد مفهوميمفهوم الحكامة gouvernance يندرج ضمن المفاهيم الأساسية لهذا العقد من الزمن,و هي حسب المفكر يحيى اليحياوي ,صنيعة نيوليبرالية خالصة,صممت شكلها و مضمونها المؤسسات المالية و الاقتصادية العالمية,و لفظ gouvernance يفيد معنى الرقابة و التوصية و التدبير,و هي ترتكز على ثلاث معطيات أساسية:1) الفاعل يساهم في صناعة القرار المحلي(نخبة محلية): تتكون من جمعيات المجتمع المدني, نقابات, أحزاب سياسية, مثقفين بالإضافة إلى السلطة.2) وجود قرار محلي مستقل:أي عدم تدخل السلطة المركزية في صياغة القرارات المحلية مع عدم تجاوز كل طرف لاختصاصات الآخر.3)مبدأ التشاركية :مشاركة جميع الفاعلين في صياغة القرار,و تقوية النقاش العمومي من خلال إرساء تقاليد قوية لتناظر أيديولوجي و علمي بعيدا عن النزعة الفئوية الضيقة.انطلاقا من المعطيات الثلاثة السابقة , فالحكامة تسائل الديمقراطية القائمة ببعدها التمثيلي منه و التشاركي,و تجمع بين الرقابة من أعلى-الدولة- و الرقابة من أسفل-المجتمع المدني-,و تتغيى التدبير السليم للشؤون العامة و للموارد و الإمكانات البشرية منها و المادية .مبادئ الحكامة:*الرؤية الإستراتيجية:أي الرؤية المنطلقة من المعطيات الثقافية و الاجتماعية الهادفة إلى تحسين شؤون الناس و تنمية المجتمع و القدرات البشرية.*المشاركة و المساواة:أي حق الرجل و المرأة في الترشيح و التصويت و إبداء الرأي ديمقراطيا في البرامج و السياسات و القرارات, و الحصول على الفرص المتساوية في الارتقاء الاجتماعي.*حكم القانون:أي أن القانون هو المرجعية و سيادته على الجميع بدون استثناء و فصل السلط , و استقلالية القضاء ,ووضوح القوانين و شفافيتها و انسجامها في التطبيق.*الشفافية:تعني توفر المعلومات الدقيقة في وقتها و إفساح المجال أمام الجميع للاطلاع على المعلومات الضرورية مما يساعد في اتخاذ القرارات الصالحة و كذلك من اجل توسيع دائرة المشاركة و الرقابة و المحاسبة و من اجل التخفيف من الهذر و محاصرة الفساد.*الفعالية:أي توفر القدرة على تنفيذ المشاريع التي تستجيب لحاجيات المواطنين و تطلعاتهم على أساس إدارة عقلانية و راشدة للموارد.*المحاسبة:يقصد بها امتثال جميع الأجهزة و الأفراد و المرجعيات للمساءلة و التقويم و المتابعة في حالة التقصير , و المتابعة القضائية في حالة التبديد او استغلال النفوذ.يبدو لنا أن الحكامة تحمل قيما مؤسساتية(المحاسبة..)و قيم اقتصادية(حسن التسيير..)و قيم سياسية(الديمقراطية,المواطنة..),و هذه كلها قيم اجتماعية تكون المبادئ الأساسية لنظام الحكامة.2. الحكامة في تقرير الخمسينية:يعتبر تقرير الخمسينية بحثا مهما حول حالة المغرب منذ الاستقلال إلى اليوم, و نجد في البحث الموضوعاتي فصلا خاصا بالحكامة و التسيير الإداري,يغلب عليه البعد السياسي و الإداري,و سنحاول قراءة التقرير قراءة سوسيولوجية من خلال توظيف الورقة التي قدمت حول التحولات الاجتماعية بالمغرب, و البحث الوطني حول القيم.و من خلال قراءة أولية لهذه الوثائق,تبين لي أن التقرير ككل, لم يتحدث عن وجود نظام الحكامة بالمغرب بل بالأحرى "إمكانية" وجوده كرهان و كممكن, ف"هذه المحاولات الرامية إلى تفعيل الحكامة الترابية,لم تحقق النتائج المتوخاة منها, إذ أن الانزلاقات الحاصلة، والطابع العرضي وغير المستقر للتحالفات الحزبية المحلية، والتكوين المتفاوت للمنتخبين، وسوء التدبير، والتقطيع الترابي غير الملائم كلها عوامل، من بين أخرى، أضرت بالتنمية البشرية، في العديد من الجماعات القروية والحضرية,هذا من جهة ,من جهة أخرى, عرفت الحكامة نقائص كبيرة على المستوى الإداري المركزي، و كذا على مستوى الهيئات الوطنية اللامركزية,بالرغم من بعض التصورات الظرفية والمحلي ، ويتجلى ذلك في تفشي وتكريس التلاعب بالمال العام، وتهريب الأموال,والرشوة والمحسوبية، والزبونية، على الرغم من التدابير والنوايا الحسنة، ومن بينها الإعلان عن ميثاق لحسن التدبير،وشفافية إجراء الصفقات العمومية، وإدخال قواعد متكافئة في مجال تدبير الموارد البشرية، وإنشاء المجالس الجهوية للحسابات، والشروع في إصلاح القضاء، وخاصة بإنشاء المحاكم الإدارية والمحاكم التجارية، واللجوء المتواتر إلى الافتحاصات الخارجية.وإذا كان نجاح اللامركزية وتعميم الحكامة الديمقراطية الترابية يتوقف على التحكم الجيد في المسالك المنبثقة على مستوى المصداقية وتنمية قدرات الهيئات المحلية، فإنه لا يمكن ربح هذا الرهان آليا دون نهج تصور جهوي متجدد، ودون ضمان تكامل و مواكبة ضروريين لأية لامركزية فعلية، أي لا مركزية إدارية حقة,أي إننا حسب التقرير نفسه, أمام "نمط حكامة ما زال يبحث عن نفسه".1البحث الوطني حول القيم(ENV 2004) يذهب إلى منظومة القيم عرفت تحولات على عدة مستويات , فالمجتمع المغربي ورث مجموعة من القيم التقليدية تعود الى فترة الاستقلال,و هذه الأخيرة تأثر في علاقات الأفراد و الجماعات مع الدولة و الجماعات,كما يذهب نفس التقرير إلى أن الدين و العرف هما أهم مصادر القيم , و أن اتجاه منظومة القيم بالمغرب يعرف أزمة"crise de valeurs" ,فهو ليس متماسك و ملتحم,بل يعكس صراعا بين القيم التقليدية و القيم الحديثة,فالإكراهات البنيوية تدفع الناس إلى ترك القيم التقليدية أو تكييفها مع المعطى الجديد.أما ورقة التحولات للاجتماعية بالمغرب فتذهب إلى أن المجتمع المغربي يعرف تحولات اجتماعية عميقة,"إنه مجتمع يتمدن وأنماط عيشه تتغير؛ مجتمع يشهد تغييرات مهمة على مستوى البنية الأسرية والمساهمة النسائية,كما أنه مجتمع يطور قنوات جديدة للتعبير ويعرف ظهور فاعلين جدد؛ مجتمع تعيش مرجعية قيمه سيرورة تحول، مع كونه ما يزال مترددا إزاء الحداثة. "كما أن التغيير قد طال أيضا أشكال العمل والمشاغل الاجتماعية" بصفة عامة. لقد انتقلت العديد من الحرف والمهن إلى قطاعات الاقتصاد الحديثة., الحكامة و القيم السوسيولوجية:هذه الديناميكية الاجتماعية تدفعنا إلى البحث عن إمكانية مواكبتها للرهانات ذات البعد الكوني(الحكامة),و تبيئة هذا المفهوم و إعطاءه صبغة محلية من خلال موائمته مع القيم السائدة و تجاوز القيم التقليدية التي تحول دون تفعيل الحكامة ,فكما يبدو لنا فالحكامة تتضمن قيم مؤسساتية(المحاسبة,المأسسة..),وقيم إقتصادية(الشفافية, التخطيط..),و قيم سياسية(الديمقراطية,المواطنة..) و هذه كلها قيم اجتماعية يحملها نظام الحكامة. و هنا تظهر أهمية البحث السوسيولوجي في الكشف عي الميكانيزمات و الآليات التي تسمح بفهم التحولات العميقة التي يعرفها المجتمع .خلاصة:يبقى البعد السوسيولوجي حول الحكامة مهما كأفق للبحث لتجاوز التضخم في الخطاب السياسي حوله, و ذلك من خلال:-فهم الظاهرة المجتمعية في العمق ببلادنا, من حيث البنية و طبيعة الحركية و التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي.-الإشتغال
Subscribe to:
Post Comments
(
Atom
)
تابعنا على الفيسبوك
المشاركات الشائعة
- الحكامة الجيدة و الجهوية
- سلسلة محاضرات في قانون الالتزامات والعقود المغربي
- القانون رقم (98-23) المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية.
- إجتهاد قضائي: المفوض القضائي غير مطالب بالتحقق من هوية المبلغ إليه مادام قد صرح له بأنه هو المعني بالتبليغ.
- قانون المسطرة المدنية-المغرب
- المسؤولية المدنية:La responsabilité civile
- اجتهادات قضائية:حكم المحكمة الادارية بالرباط:اذا كان من حق رجال الشرطة في اطار الضبط الاداري رفع سيارة تعرقل حركة السير وايداعها بالمستودع البلدي، الا ان الدولة تبقى مسؤولة عما يمكن أن يسبب من جراء عدم العناية في طريقة الرفع من أضرار
- الاستقـالـة: شروطها وآثارها
- الميثاق الجماعي (18 فبراير 2009)
- الإكراه البدني
التسميات
أرشيف المدونة
-
▼
2012
(460)
-
▼
October
(127)
- التدبير المفوض للمرافق العامة
- مشروع قانون المالية كاملا + كل ملحقاته
- حكامة التدبير المفوض للمرافق العمومية
- تعريف المرافق العامة
- أنواع وتصنيف المرافق العامة
- عرض:حول الجهـــــوية الموسعـة ومشروع الحكـــــم ال...
- أطروحة دكتوراه : السياسة المالية ودورها في تحقيق ا...
- رسالة ماجستير:أحكام الشيك: دراسة فقهية تأصيلية مقا...
- دراسة :العولمة المالية وأثارها على اقتصاديات الدول...
- نظريات الإستثمارالأجنبــــــي
- مستــقبل العلاقات الدولية في ظل وجود فواعل جديدة
- مبادئ إعداد الميزانية
- تعريف الميزانية العامة للدولة
- الجهوية وإشكالية التنمية بالمغرب
- السياق السوسيو تاريخي لتبلور مفهوم الجهوية بالغرب
- السياسة الجهوية بالمغرب
- الجهوية في الخطاب السياسي
- الاثراء بلا سبب
- اللامركزية الإدارية
- رأي: العنصر البشري أهم عامل مشترك لتأهيل المهن الق...
- دراسة:المسطرة التأديبية للقضاة وضمانات المحاكمة ال...
- دراسة: القضـاة وواجـب التحفـظ (2/2)
- دراسة: تأسيس نادي قضاة المغرب والأسئلة الراهنة
- تساؤلات حول مشروع الحوار الوطني و إصلاح منظومة الع...
- رأي: العنصر البشري أهم عامل مشترك لتأهيل المهن الق...
- دراسة: حالة القضاء في البوادي
- الموظف العمومي بالمغرب بين القانونين الاداري والجن...
- دراسة : الإفراج المقيد بشروط بين القانون والتطبيقا...
- دراسة: المسؤولية المدنية للقاضي (3/3)
- دراسة: من أجل إرجاع ثقة المواطنين في جهاز القضاء
- الحكامة، ماهيتها ومعاييرها
- مفهوم الحكم الذاتي في القانون الدولي والدستوري
- ثلاثة نماذج معيارية للديمقراطية عند هابرماس
- كتاب: سيادة الأمة قبل تطبيق الشريعة لعبد الله المالكي
- نحو تعايش بين الملكية والإسلاميين في المغرب
- وللديمقراطية وجوه أخرى
- بحث: الإنسان التداولي والمواطنة الافتراضية
- من الديمقراطية التشاركية إلى الديمقراطية التداولية
- دراسة : هل يمكن للطرف المدني التعرض على الحكم أو ا...
- مرجعيات حقوق الإنسان والأمن (الحلقة الأولى)
- مرجعيات حقوق الإنسان والأمن (الحلقة الثانية)
- دراسة: القانون الجديد وحد مقتضيات الحقوق العينية (...
- دراسة: القانون الجديد وحد مقتضيات الحقوق العينية (...
- الدعامات الأساسية لتشجيع الاستثمار بالمغرب
- هيئة كتابة الضبط عمود إصلاح العدالة
- دراسة: استقلالية السلطة القضائية بالمغرب... سنة بع...
- دراسة: تصورات حول ضرورة استقلال التفتيش عن السلطة ...
- دراسة: الإبقاء على التقييد الاحتياطي وإشكالية الرئ...
- استقلال السلطة القضائية وحدود حرية الصحافة (3/3)
- استقلال السلطة القضائية وحدود حرية الصحافة (3/2)
- استقلال السلطة القضائية وحدود حرية الصحافة (3/1)
- دراسة: سلطات غرفة المشورة
- أثر التحولات الدولية الراهنة على مفهوم السيادة الو...
- الإسلاميون ونظام الحكم الديموقراطي .. تجارب واتجاهات
- أحكام القضاء بين "ضرورة الاحترام" وخطورة "التبخيس ...
- دراسة: إصلاح القائمين على العدالة والمحاكمة العادلة
- مؤسسة الوسيط وسؤال الهوية
- التنمية المستديمة للدول الإسلامية المبادئ والآفاق
- مصطلحات
- السياسة الحضرية و تدبير المجال المديني
- فصل السلطات في الديمقراطية
- إجراءات تصفية تركات وتعويضات المغاربة المتوفين بال...
- النظام النيابي (البرلماني)
- دراسة: الاعتقال الاحتياطي والمراقبة القضائية (الحل...
- دراسة: واجب تحفظ القضاة على ضوء الدستور الجديد (2/2)
- دراسة: واجب تحفظ القضاة على ضوء الدستور الجديد (1/2)
- بحث حول اشكالية الجزاء في الدستور
- إعداد المجال بين الثقافة و الواقع
- اعداد التراب الوطني : التعريف و التطور
- الحكامة ( الإدارة الرشيدة )
- تعريف اللامركزية وشروطها
- مقاربة الميثاق الجماعي 78.00 للتنمية المحلية
- دراسة: القضـاة وواجـب التحفـظ
- بحث حول النظام الفدرالي في الولايات المتحدة
- بحث قانوني: الحصانة البرلمانية
- مقارنة: بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني في الحكم
- دراسة: مدونة الحقـوق العينية تؤكد رسمية العقـود في...
- دراسة: نادي قضاة المغرب... مقاربة تصحيحية
- محكمة أوربية تدين بلجيكا لاعتمادها محاضر شرطة المغرب
- دراسة: السياسة الجنائية على ضوء قانون الأعمال المغ...
- دراسة: السياسة الجنائية على ضوء قانون الأعمال المغ...
- دراسة : الحوار الوطني و إصلاح القضاء الإداري... أي...
- دراسة: شباب المغرب وإصلاح منظومة العدالة
- دراسة: المسؤولية المدنية للقاضي (1/3)
- المسؤولية المدنية للقاضي
- رأي: رسالة إلى الهيأة العليا للحوار الوطني لإصلاح ...
- رأي: رسالة إلى الهيأة العليا للحوار الوطني لإصلاح ...
- دراسة: الإفراج المقيد بشروط بين القانون والتطبيقات...
- دراسة : الإفراج المقيد بشروط بين القانون والتطبيقا...
- دراسة: الإفراج المقيد بشروط بين القانون والتطبيقات...
- دراسة: الاعتقال الاحتياطي والمراقبة القضائية (الحل...
- دراسة: الاعتقال الاحتياطي والمراقبة القضائية (الحل...
- مفهوم الحكامة "la Gouvernance"
- الاعمال التجارية والعولمة وحقوق الإنسان...أية علاقة
- الموازنة بين السياسة الشرعية والسياسات الوضعية: ا...
- عرض: العرف الدستوري
- قرار : حصر الاستئناف جزئيا في بعض مقتضيات الحكم
- استرجاع حيازة المحلات المهجورة في القانون المغربي
- الامر بالاداء : شروط الموضوع والشكل
- وثيقة هامة : خريطة الدستور المغربي الجديد
-
▼
October
(127)
أقسام المدونة
- droit francais (9)
- اجتهادات قضائية (33)
- اصدارات (10)
- الجريدة الرسمية (3)
- القانون الإداري الغرامة التهديدية (1)
- دراسات و أبحاث قانونية (675)
- رسائل وأطروحات (25)
- قاضي التحقيق (1)
- قانون المسطرة الجنائية (1)
- مؤلفات قانونية (43)
- محاضرات ودروس (325)
- مستجدات (109)
- مصطلحات قانونية (8)
- مقالات (9)
- مكتبة (53)
- مواثيق دولية (13)
- نصوص قانونية وتنظيمية (148)
No comments :
اضافة تعليق
الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى