Sunday, September 30, 2012

عولمة القضاء


                                    عولمة القضاء
الشيخ أحمد العريبي  
في الوقت الذي نرى الإنسان اليوم أكثر وعيا لبلورة وإقرار القيم الإنسانية العالمية المشتركة نلحظ إمعانا وترصدا وتجاوزات وجرائم ضد هذه القيم الإنسانية العالمية، جماعات راقية لا يهمهم إلا زرع القيم وجمع الإنسانية حولها، وجماعات وأفراد أخرى تهدم ما يُبنى، تستغل تفاوت القوانين بين الدول والولايات وتفر بجنايتها إليها، أو تستغل عدم وجود اتفاقية دولية تُدين وتُحاكم الجاني على الجريمة التي اقترفها في بلد آخر. والعالم أمام هذه الإشكالية لا يتأتى له المضي في إقرار وتعزيز كل القيم الإنسانية والحفاظ عليها وصيانتها عن الاختراق، والتضييق على المجرمين وعدم ترك المجال لهم ليستغلوا التقدم الحضاري والتقني كعامل فرار إلا بصياغة وإقرار قانون عولمة القضاء وتحصينه وتوحيد مواصفات هذا القضاء، وتكوين قابلية الانتداب عالميا للقضاة المتّصفين بهذه القابلية.

إلا أن تحقيق هذا الأمل أمامه معوقات حقيقية وأهمها:

اختلاف الثقافات بين الشعوب والأمم والحضارات، مما يسبب الخلل في الاتفاق على منظومة القيم، أو حتى في ترتيب الأولوية لقيم قبل أخرى.

سيادة الدول (السيادة الوطنية) الباعثة على تعصبها وعدم موافقتها لأن يُحاكم مواطنوها في غير أوطانهم لو اقترفوا فيها الجرائم، أو فرّوا من بلد إلى بلد، وخاصة الدول المتقدمة التي ترى أنّ مواطنيها أجلّ من أن يُحاكموا في بلدان العالم الثالث.

تخلف القضاء في العديد من بلدان العالم عن الشروط التامة لتحقق القضاء العادل.

وقبل الشروع في تذليل المعوقات الحقيقية وتفصيل الحلول المناسبة لكل معوق منها لابدّ من حلّ إشكالية العنوان نفسه (العولمة) فهو بذاته يمثل عرقلة تتباين الأفكار والمواقف تجاهه، خصوصا أمام ما اختزنه العقل العربي من ردّة فعل جرّاء ما وصل إلينا من تبعات سيئة حين تسويق المفهوم ذاته، لأن العولمة عندنا لا تعني إلا أحد أشكال الهيمنة الغربية والجديدة التي تعبر عن مركزية دفينة في الوعي الأوروبي وتقوم على عنصرية عرقية، وعلى الرغبة في الهيمنة والسيطرة بهدف تحويل العالم إلى دوائر حضارية متجاورة ومتصارعة على مستوى الثقافات؛ لإخفاء الصراع حول المصالح في الثروات، والهاء الشعوب بثقافات تقليدية، وهي بالتالي تمثل مخاطر حقيقية على الهوية الثقافية التي هي مقدمة لمخاطر أعظم على الدولة والاستقلال والثقافة الوطنية، وهي لا تعني إلا مزيدا من تبعية الأطراف للمركز، فالمركز هو الذي يحدد قيم الاستهلاك والمتعة بالحياة، وبالتالي تصبح ثقافته هي نموذج الثقافات، الأمر الذي يؤدي إلى انحسار الهويات الثقافية الخاصة كما أوضح طبيعتها الدكتور حسن حنفي. هذا هو المفهوم المرتكز عن العولمة ووجهها القاتم، فهل يحق لنا أن نُعولم مفاهيم من حقها العولمة؟ بل هي ما وُجدت لتبقى محصورة في المحلية وضمن الحدود والأسوار .

إذا نظرنا إلى ما ينبغي أن يكون لا إلى ما هو كائن بالفعل، أو ما يُتصور أنه كائن، فإن كل مبدأ أو عقيدة أو مجموعة قِيَم تتصف ذاتا بالعالمية؛ فإن عالميتها لا تتضح ولا تؤدي دورها ما لم تدخل ميدان العولمة، وبتعبير آخر: ما لم تُسوق عالميا وبأرقى مهارات التسويق، فمصطلح “العولمة” على وزن “فوعلة” مثل: قولبة، حوسبة، عوشرة، كوثرة، بوتقة، تعني العمل على جعل الشئ عالميا، وعولمة القضاء ينبغي أن تنتشر وتعطي أثرا ودورا في وجودها، وهي التي تفتقر إليها تلك البقاع العريضة، بحيث لا يعترض الإنسان الواعي لا على مبدأ وجودها ولا على استمرارها، فهي ليست دخيلا أجنبيا بغيضا محتلا، بل هي جزء من حياته وكيانه. ومنها ما هو أقصر وأدْوَن وأقل من جعلها عالمية إلا أن الدعاية والإعلان، والقسر والإكراه، وألاعيب السياسة والتوظيف المغرض تجعل ما ليس عالميا معولما بلا وجه حق، والعالم بأسره لا يتبع نظاما سياسيا واحدا ولا نظاما اجتماعيا كذلك، والإثنيات والأعراق متعددة حتى في القطر الواحد، فكيف يتم تقبل العولمة دون أن تكون مسبوقة بتهديد الجيوش أو من خلال قوة المال واستقطاب الدول؟ العالم وإن لم يكن قد سعى نحو مجموعة الأهداف الإنسانية يوما ما إلا أنه يؤمل له أن يسعى نحو كمال إنسانيته، وأن يبنى حلم الفلاسفة في تحقق صورة من المدينة الفاضلة أو بالأحرى نحو وراثة الحضارة الفاضلة.

والأيام تشهد والأحداث حُبلى باتساع مساحة الحريات في العقيدة وغيرها وما يتبعها من اختلاف في التشريعات والأنظمة إلا أنها لابدّ لها من رباط يجمعها بالإنسانية وإلا انحدرت إلى الهاوية وختمت على ذاتها بالهلاك والفناء . وهذا الرباط الجامع للإنسانية هو وحده الخيط العالمي الذي مكانه الطبيعي هو (العولمة)، لأن القيم الإنسانية هي قيم عالمية مشتركة عمل على غرسها الأنبياء والمصلحون، وهي عالمية وينبغي أن تكون (معولمة) وكوجه من الحفاظ على قيمتها العالمية وآثارها فإن مخالفتها وتحديها والتنكر لها تؤدي بالمجتمعات إلى حيوانات سبُعية ضارية لا تعرف شيئا من قيم الإنسان ومبادئه، وهي ذاتها لا تخص دينا ولا مذهبا ولا نظاما سياسيا، فالتعدي عليها أو استبدالها أو اختراقها تكون محكومة ضمن ملف (عولمة القضاء) ومن صميم اختصاصه. فمنظومة القيم الإنسانية التي ابتدأت مع وجود الإنسان وتتكامل بكمال الإنسان وتتجذر وعيا وعمقا في ضميره بدءا من تشرف الأرض بوجوده لإعمارها، وإبرازا لقيمة الحياة والسير إلى الله سبحانه وتعالى، كل هذه القيم هي العالمية وهي التي من حقها العولمة، وهذه المهمة ذاتها هدف الأنبياء جميعا والنبي محمد (ص) الذي بُعث للناس كافة لم يكتف بأن ينشر القيم الإنسانية في شبه الجزيرة العربية من دون عولمتها خارج الأسوار والحدود، وما قام بفعله من إرساله (ص) الوفود والرسائل إلى الملوك والعظماء إلا تأسيسا وتشريعا “لعولمة القيم” بعد الفراغ من كونها عالمية غير محلية، وإلا فهي قاصرة عن النشر والإشهار وعاجزة عن قناعة الآخر بها وتبنيها كجزء من نظامه وحياته.

وطالما ردّدنا ونردّد: “أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان” ومع عمق المقولة والإيمان بصوابيتها إلا أنني أحسب أن جهلا معشعشا بتبعاتها وتطبيقها في ميدان الواقع عند أهلها فضلا عن الآخر، بصورة لا تقل عن حجم المقولة وامتدادها. فحينما نتغافل عن المبادئ العامة للعقيدة ومجموعة القيم وعناصر الأخلاق ونركز في دراساتنا ومجال دعوتنا على إلزام المسلمين بتكاليف الشريعة ونختزل الإسلام في هذه التكاليف ففي هذه الحالة لا يمكن أن نقنع أحدا بالمقولة السابقة فضلا عن عدم إمكانية اقتناعنا نحن بها، أو بالأحرى ضبابية وعينا لمفهوم الإسلام وانطباق المقولة عليه.

أما حينما يمتد أفقنا إلى مفهوم أوسع للإسلام باعتباره دين الله سبحانه وتعالى الذي اشترك جميع الأنبياء عليهم السلام في تأسيسه وتوضيح معالمه وبلورة رؤاه وإحياء ما اندرس من آثاره فإن مصب اهتمامنا ولغة خطابنا ووضع المعايير في عدّ هذا داخلا في الإسلام وهذا خارجا عنه حتما يختلف وينطلق من مفهومنا للإسلام نفسه، وهذه النظرة الجديدة المغايرة هي الأساس الذي يبتني عليه ملف عولمة القضاء وملاحقة من يحاول المساس بهذه القيم الإنسانية العالمية المشتركة لغرض محوها أو استبدالها أو اختراقها أفرادا كانوا أم هيئة وجماعة أم حزبا أم دولة.

وبهذا الوعي نرقى إلى مرتبة المبادرة والإصرار بمطالبة أجهزة القضاء في العالم والمنظمات الحقوقية الإنسانية الدولية لتوحيد القضاء والعمل على حصانته؟ فنحن مطالبون كأمة أن نبادر بكفاءاتنا لترسيخ القيم الإنسانية ليس في مجتمعاتنا فحسب، بل لكل المجتمعات الإنسانية لكن بروح جديدة لا ما اعتاده العالم أن ينظر إلينا من خلاله، ونحن مطالبون الآن أن نبين الحلول التي نقترحها للمعوقات التي ذكرناها آنفا وهي كالتالي:

1 - اختلاف الثقافات بين الشعوب والأمم والحضارات، مما يسبب الخلل في الاتفاق على منظومة القيم، أو حتى في ترتيب الأولوية لقيم قبل أخرى، وحلّ هذا المعوق يتم بالاتفاق على بلورة وبحث ومعالجة خصوص القضايا المتفق عليها عالميا، والتي لا تختلف في فسادها الحضارات والثقافات مهما تعددت من مثل التعدي على حرية العقيدة، وتهديد الأمن والسلام، والقتل الفردي والجماعي وجرائم الإبادة، والإرهاب ضد المدنيين الذين لا دخل لهم في الاختلاف، والسرقة للثروات والأموال العامة والفردية، ومثل التجارة في القاصرين عن طريق تسخيرهم في الدعارة، أو بيع الأعضاء ونهب وتهريب الأطفال لأي غرض كان، ومثل الاتجار بالمواد المحرمة كالمخدرات والسموم، وتهريب السلاح للعصابات، ونشر الرذيلة والفساد مثل الزنا واللواط وما يتبعه من تشريع عمليات الإجهاض لغرض إباحة الجنس غير المشروع وإخفاء العار ـ خصوصا في المجتمعات المحافظة ـ، أو تشريع الزواج المثلي، أو تشريع اللواط، وكل ما يوجب القضاء على كيان الأسرة.

والثقافات مهما اختلفت وتعددت إلا أن بحث خصوص القضايا العالمية المشتركة هو الحل الضامن، مع التأكيد على أهمية حاجة القضاء العالمي إلى لجان متخصصة في المتابعة والتشخيص، ووظيفتها أنها توصي وتستعين بمراكز البحوث والإرشاد عبر فعاليات متعددة من الندوات والحوارات والبرامج التثقيفية في الأجهزة الإعلامية المتعددة؛ بغية غرس القيم وإبراز أهميتها لتطوير الإنسانية وحمايتها من عبث العابثين، وجهل الجهلاء بقيمتها وأدوارها في أي مكان في العالم ما دامت في حاجة إليه. حتى تمهّد الأرضية للمتابعة القضائية الواعية والعادلة وتجريم كل المتلاعبين بالقيم ومدنسي شرف الإنسانية.

2 - سيادة الدول (السيادة الوطنية) الباعثة على تعصبها وعدم موافقتها لأن يُحاكم مواطنوها في غير أوطانهم لو اقترفوا فيها الجرائم، أو فرّوا من بلد إلى بلد، وخاصة الدول المتقدمة التي ترى أنّ مواطنيها أجلّ وأعلى من أن يُحاكموا في بلدان العالم الثالث، ولعلاج السيادة الدولية فإنه لابدّ من توظيف منظمات الدفاع عن الحريات ومنظمات حقوق الإنسان والتي أصبحت تشكل عامل ضغط على الحكومات ـ خصوصا في العالم الغربي ـ فضلا عن أعمالها الإدارية المنظمة في تشكيل الوعي الحقوقي والحق الإنساني، فإذا ما استثمرت جهود كلّ هذه المنظمات واحترمت شخصياتها الاعتبارية سهل على المقترح تنفيذه دون إعاقات من غطرسة الحكومات التي ترى لنفسها السيادة الدولية، ومع الاتفاق التفصيلي للقضاء المقبول دوليا بحيث لا ينطلق ولا يتحيز إلى شريعة دون شريعة ولا يجبر القضاء ولا المتقاضي على شريعة دون أخرى وإنما هو حكم يستمد من مجموعة الشرائع بما تؤكده إنسانية الإنسان وتقبله للقانون وقدرته على ردع الجناة لا الانتقام منهم وتجفيف منابع الجريمة بتيسر سريان عولمة القضاء دون عراقيل في أي بلد في العالم، وتوافق كل الدول على تبنيه والتوقيع على المعاهدة فيه، وتباركه جميع الهيئات الإنسانية دون تردد أو خوف.

3 - تخلف القضاء في العديد من بلدان العالم عن الشروط التامة لتحقق القضاء العادل، ولعلاج عجز القضاء يتم الاتفاق أولا على المواصفات اللازمة للقاضي والمحاكم تحت إشراف لجنة دولية ويتم اختيار القضاة حسب المواصفات التي تم الاتفاق عليها بعيدا عن التسييس وضغوط الممول الأكبر أو الأقوى سياسيا وإعلاميا وحضورا في المجتمع الدولي، أملا في تكوين قابلية الانتداب عالميا من أي بلد في العالم ما دامت الكفاءات هي المعيار في الترشح لهذه المهمة.

وأخيرا كيف سيوفق (الإسلاميون) بين أحكامهم والأحكام الدولية فيما لو اختلفا في الإجراء اللازم فإنه لابدّ من النظر إلى ما حصل من إعاقات أمام القضاء الشرعي في الإسلام من مثل قطع يد السارق وما سعت إليه بعض الدول في تنفيذه وما واجه الاستمرار فيه من تحديات ومطالبات حثيثة لإلغائه واستبداله بقانون مدني إنساني؛ فإن هذا المثال الصارخ قد فتح ويفتح المجال للتأكيد على حاجة الإنسانية بحالتها العالمية اليوم إلى عولمة القضاء بمنطلقات لا تسمح بتعطيل أحكام قوانين القضاء، وقد أكدّ غير واحد ممن تناولوا مسألة الحدود في الفقه الإسلامي إلى أنّ مثل قطع يد السارق يمثل أعلى حدّ يختاره القاضي للحكم على السارق لا أنه هو الحكم المتعين، ومصطلح الحدود تعني المسافة التي تبدأ من حدّ أدنى إلى الحدّ الأعلى مثل الدرجات التي تبدأ من 1 إلى 10 وللقضاء أن يختار العقوبة الدنيا أي الدرجة الأولى الأخف أو الدرجة الثانية أو الثالثة أو الخامسة أو العاشرة الأعلى الأصعب مثل قطع اليد بحسب السياقات والظروف؛ وقس على هذا المثال باقي مواضيع الحدود؛ لأن الغرض من تطبيق مبدأ العقوبات أو بالأحرى القصاص ليس الانتقام وإنما لتظل الإنسانية آمنة وصاعدة في الرقي وفي ضوء هذا الغرض لا يتعقل أحد أن نساوي في الحكم بين من سولت له نفسه يوما ما سرقة مائة دينار وبين من يتفنن بعدة خطط ويجند فريقا يُعينه على مآربه الشيطانية وينهب ثروات ومقدرات الدولة ونقطع أصابع كليهما دون تشديد العقوبة للثاني أو تخفيفها عن الأول. ففي مثل هذه القراءة الأخرى لموضوع الحدود بالفهم الحدودي لا الحدي المتعين، وبهذه القراءة يكون شرع الإسلام في موضوع الحدود بدرجاته من الأخف إلى الأصعب هو الشرع الضامن لكل مساحات كل جريمة بحسب سياقاتها ومناسبتها لكل بلد في العالم وفي أي زمن من الأزمان ما دام لمؤسسات القضاء مساحاتها الاجتهادية، وهي الأوفق للاتفاق العالمي والمرجعية التي يمكن أن تحتكم إليها جميع أصحاب الشرائع.

jama70h@yahoo.com

التنظيم القضائي للمملكة :محكمة النقض التأليف والتنظيم



 يرأس محكمة النقض رئيس أول، ويمثل النيابة العامة فيها الوكيل العام للملك يساعده المحامون  العامون.
تشتمل محكمة النقض على رؤساء غرف ومستشارين وتشتمل أيضا على كتابة الضبط وعلى كتابة النيابة العامة.
تنقسم إلى ست غرف: غرفة مدنية تسمى الغرفة الأولى وغرفة للأحوال الشخصية والميراث وغرفة تجارية  وغرفة إدارية وغرفة اجتماعية وغرفة جنائية.
يرأس كل غرفة رئيس الغرفة، ويمكن تقسيمها إلى أقسام.
يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في جميع القضايا المعروضة على المحكمة أيا كان نوعها.
تعقد محكمة النقض جلساتها وتصدر قراراتها من طرف خمسة قضاة بمساعدة كاتب الضبط ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
يعتبر حضور النيابة العامة إلزاميا في سائر الجلسات.
الاختصاص 
تحدد اختصاصات محكمة النقض بمقتضى قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية  وقانون العدل العسكري  ومقتضيات نصوص خاصة عند الاقتضاء.

التنظيم القضائي للمملكة :محاكم الاستيناف التأليف والتنظيم



التأليف والتنظيم
تشتمل محاكم الاستيناف تحت سلطة رؤسائها الأولين وتبعا لأهميتها على عدد من الغرف المختصة، من بينها غرفة للأحوال الشخصية والميراث  وغرفة للجنايات.
 غير أنه يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في كل القضايا المعروضة على هذه المحكمة أيا كان نوعها.
تشتمل أيضا على نيابة عامة تتكون من وكيل عام للملك ونوابه العامين وعلى قاض أو عدة قضاة مكلفين بالتحقيق وقاض أو عدة قضاة للأحداث وكتابة الضبط وكتابة للنيابة العامة.
تشتمل محاكم الاستيناف المحددة، والمعينة دوائر نفوذها بمرسوم، على أقسام للجرائم المالية .
تشتمل هذه الأقسام على غرف للتحقيق وغرف للجنايات وغرف للجنايات الاستينافية ونيابة عامة  وكتابة للنيابة العامة.
تعقد محاكم الاستيناف جلساتها في جميع القضايا وتصدر قراراتها من طرف قضاة ثلاثة وبمساعدة كاتب الضبط تحت طائلة البطلان ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
 يعتبر حضور النيابة العامة في الجلسة الجنائية إلزاميا تحت طائلة البطلان. واختياريا في القضايا الأخرى عدا في الأحوال المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية وخاصة إذا كانت النيابة العامة طرفا رئيسيا وفي جميع الأحوال الأخرى المقررة بمقتضى نص خاص.
يمكن لمحاكم الاستيناف أن تعقد جلسات تنقلية بمقار المحاكم التابعة لدائرة نفوذها.
 الاختصاص
تختص محكمة الاستيناف بالنظر في الأحكام الصادرة ابتدائيا عن المحاكم الابتدائية وكذا في جميع القضايا الأخرى التي تختص بالنظر فيها بمقتضى قانون المسطرة المدنية أو قانون المسطرة الجنائية، أو نصوص خاصة عند الاقتضاء.

التنظيم القضائي للمملكة :المحاكم الابتدائية التأليف والتنظيم والتصنيف


تتألف المحاكم الابتدائية
من رئيس وقضاة وقضاة نواب؛
من نيابة عامة تتكون من وكيل الملك ونائب أو عدة نواب؛
من كتابة الضبط ؛
من كتابة للنيابة العامة.
يمكن تقسيم هذه المحاكم بحسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى "أقسام قضاء الأسرة"  و"أقسام قضاء القرب" ، وغرف مدنية وتجارية وعقارية واجتماعية وزجرية.
تنظر أقسام قضاء الأسرة في قضايا الأحوال الشخصية والميراث والحالة المدنية وشؤون التوثيق والقاصرين والكفالة وكل ما له علاقة برعاية وحماية الأسرة.
تنظر أقسام قضاء القرب في الدعاوي الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف درهم باستثناء النزاعات المتعلقة بمدونة الأسرة والعقار والقضايا الاجتماعية والإفراغات. كما تنظر أيضا في المخالفات المنصوص عليها في القانون المتعلق بتنظيم قضاء القرب وتحديد اختصاصاته.
يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في كل القضايا المعروضة على المحكمة كيفما كان نوعها باستثناء ما يتعلق بأقسام قضاء الأسرة وأقسام قضاء القرب.
كما يمكن تكليف قاض أو أكثر من قضاة هذه المحاكم بمزاولة مهامهم بصفة قارة في مراكز توجد داخل دائرة نفوذها وتحدد بقرار لوزير العدل.
يمكن تصنيف المحاكم الابتدائية حسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى محاكم ابتدائية مدنية ومحاكم ابتدائية اجتماعية ومحاكم ابتدائية زجرية.
تقسم المحاكم الابتدائية المدنية إلى أقسام قضاء القرب وغرف مدنية وغرف تجارية وغرف عقارية.
تقسم المحاكم الابتدائية الاجتماعية إلى أقسام قضاء الأسرة وغرف حوادث الشغل والأمراض المهنية وغرف نزاعات الشغل.
تقسم المحاكم الابتدائية الزجرية إلى أقسام قضاء القرب وغرف جنحية وغرف حوادث السير وغرف قضاء الأحداث.
تحدث بالمحاكم الابتدائية، بما فيها المصنفة ، غرف تسمى غرف الاستينافات تختص بالنظر في بعض الاستينافات المرفوعة ضد الأحكام الصادرة عنها ابتدائيا.
يمكن للمحاكم الابتدائية أن تعقد جلسات تنقلية داخل دوائر نفوذها.
تعقد المحاكم الابتدائية، بما فيها المصنفة، جلساتها مع مراعاة المقتضيات المنصوص عليها في الفصل 5 بعده، وكذا الاختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى نصوص خاصة، بقاض منفرد وبمساعدة كاتب الضبط، ما عدا الدعاوى العقارية العينية والمختلطة وقضايا الأسرة والميراث، باستثناء النفقة، التي يبت فيها بحضور ثلاثة قضاة بمن فيهم الرئيس، وبمساعدة كاتب الضبط .
إذا تبين للقاضي المنفرد أن أحد الطلبات الأصلية أو المقابلة أو المقاصة يرجع الاختصاص فيه إلى القضاء الجماعي، أو له ارتباط بدعوى جارية أمام القضاء الجماعي رفع يده عن القضية برمتها بأمر ولائي .
يتولى رئيس المحكمة الابتدائية إحالة ملف القضية على القضاء الجماعي .
يساعد المحكمة وهي تبت في قضايا نزاعات الشغل أربعة مستشارين تحدد طريقة تعيينهم بمقتضى مرسوم.
يجب حضور ممثل النيابة العامة في الجلسات الزجرية تحت طائلة بطلان المسطرة والحكم .
يعتبر هذا الحضور اختياريا في جميع القضايا الأخرى، عدا في الأحوال المحددة بمقتضى قانون المسطرة المدنية ، وخاصة إذا كانت النيابة العامة طرفا رئيسيا وفي جميع الأحوال الأخرى المقررة بمقتضى نص خاص .
الاختصاص
تختص المحكمة الابتدائية بما فيها المصنفة - عدا إذا نص قانون صراحة على إسناد الاختصاص إلى محكمة غيرها - ابتدائيا وانتهائيا أو ابتدائيا مع حفظ حق الاستيناف بالنظر في جميع الدعاوى طبقا للشروط المحددة بمقتضى قانون المسطرة المدنية أو قانون المسطرة الجنائية  أو نصوص خاصة عند الاقتضاء.
تبت هذه المحاكم كدرجة استينافية طبقا للشروط المحددة بمقتضى قانون المسطرة المدنية أو قانون المسطرة الجنائية أو بمقتضى نصوص خاصة. وفي هذه الحالة، تبت وهي مركبة من ثلاثة قضاة بمن فيهم الرئيس وبمساعدة كاتب الضبط.

محاكم الاستئناف المحدثة بها أقسام الجرائم المالية ودائرة نفوذها الترابي



محاكم الاستئناف المحدثة بها أقسام
                          دوائر نفوذ محاكم الاستئناف
الرباط
الرباط – القنيطرة – طنجة - تطوان
الدار البيضاء
الدار البيضاء – سطات – الجديدة – خريبكة – بني ملال
فاس
فاس – مكناس – الرشيدية – تازة – الحسيمة – الناضور - وجدة
مراكش
مراكش – آسفي – ورزازات – أكادير - العيون
                  الجريدة الرسمية عدد 5995 بتاريخ 17 ذو الحجة 1432 (14 نوفمبر 2011)، ص 5415.

المحاكم الإدارية المغربية: التألبف والاختصاصات والمسطرة


تـقـديـم:
 يقدم القضاء الإداريي خدمات جليلة للوطن والمواطنين، تنصب على قضايا ذات صبغة اجتماعية محضة، تختلف عن القضاء الجنحي والجنائي.
فبعد الحرب العالمية الثانية أصبحت الإدارة أكثر ارتباطا بالأفراد وأكتر احتكاكا بهم، بعدما تخلفت عن الدور التقليدي أو ما يعرف بالوظائف السيادية المتمثلة في الحفاظ على النظام العام.كما  أن سلطات واختصاصات الإدارة قد توسعت في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية، مما نجم عنه في الكثير من الأوقات التعسف في استعمالها في اتخاذ بعض القرارات سواء كانت هذه الأخيرة خاطئة أو لأسباب أخرى.
وفي مقابل سلطات الإدارة هناك حقوق للإفراد تقرها القوانين و التنظيمات، و تتعرض أحيانا للانتهاك والخرق، وأمام هذه العلاقة الجدلية نشأ ما يسميه علم القانون الإداري بالمنازعات الإدارية التي تعتبر الرقابة القضائية أهم وسائلها.
ويسمى القضاء الذي يختص بحل المنازعات الإدارية بالقضاء الإداري و ينقسم إلى شقين:
ü      قضاء التعويض ( يطالب فيه الأفراد بتعويض الضرر الذي لحقهم من جراء عمل إداري)
ü      قضاء الإلغاء ( يطالب فيه الأفراد بإلغاء قرار إداري مشوب بأحد عيوب عدم الشرعية)
وتختلف الرقابة الإدارية على أعمال الإدارة من بلد لآخر، فهناك بلدان تأخذ بالنمط الأنجلوسكسوني الذي يتنبى القضاء الموحد،وأخرى تأخذ بالنمط الفرانكفوني الذي يتنبى القضاء المزدوج[1].
 بالنسبة للتنظيم القضائي المغربي، فبعد صدور قانون 90 ـ 41 في 3/11/193 والذي دخلت أحكامه حيز التطبيق في 1/03/1994 (المادة 51) أصبح المغرب يتوفر على جهتين قضائيتين، الأولى جهة القضاء العادي تتكون من المحاكم الابتدائية والمحاكم التي تعين مقراتها ودوائر نفودها وعدد موظفيها  بمرسوم، إضافة إلى المجلس الأعلى ومقره بالعاصمة.
والثانية جهة القضاء الإداري و تتكون من المحاكم الإدارية التي يحدد تنظيمها وتأليفها واختصاصها بقانون، أما مقراتها ودوائر اختصاصها فتحدد بمقتضى مرسوم إضافة إلى الغرفة الإداري بالمجلس الأعلى، وهي تعتبر محكمة استئناف بالنسبة لأحكام المحاكم الإدارية.
وعموما،ففي ظل نظام وحدة القضاء  ببلادنا لم يكن للدفع بعدم الاختصاص النوعي سوى وظيفة ثانوية أو احتياطية، ومع إحداث المحاكم الإدارية أصبح الدفع بعدم الاختصاص النوعي متبوئ لموقع مركزي باعتباره وسيلة لازمة لتفعيل ضوابط توزيع الاختصاص بين المحاكم العادية والإدارية[2].
و عليه، إلى أي حد يعتبر القضاء الإداري المغربي حاسما في حماية الحقوق والحريات؟
بناءا على ما سبق، سنقسم هذا البحث إلى فصلين الأول نتناول فيه سير المحاكم الإدارية و وأسباب إنشاءها (الفصل الأول: سير المحاكم الإدارية وأسباب إنشاءها ) والثاني سنخصصه لاختصاصاتها ( الفصل الثاني: اختصاصات المحاكم الإدارية ).



الفصل الأول: سير المحاكم الإدارية وأسباب إنشاءها

نتيجة لتضافر مجموعة من العوامل المختلف جاء ميلاد المحاكم الإدارية لتساهم بهيكلتها وتنظيمها في مجال حماية الحقوق والحريات في مواجهة تجاوزات الإدارة.
فأمر إنشاء المحاكم الإدارية يعد من بين أهم التطورات التي عرفتها بلادنا على مستوى المؤسساتي، حيث شكل قيمة مضافة وآلية جديدة في الميدان الحقوقي وكذا خطوة إيجابية لتحقيق دولة الحق والقانون.
ومنه سنتحدث في البداية عن أسباب إنشاء المحاكم الإدارية( المبحث الأول) من ثم نتطرق لتأليفها والإجراءات المسطرية ( المبحث الثاني).
المبحث الأول: أسباب إنشاء المحاكم الإدارية
بمناسبة تأسيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وجه الملك الراحل الحسن الثاني خطابه يوم 8 ماي 1990، أبرز فيه الدور الطلائعي الذي ستلعبه المحاكم الإدارية في حماية هذه الحقوق، إلا أننا لا يمكن أن نعتبر الوضعية الداخلية هي وحدها التي أنجبت هذا المولود الجديد، وإنما هناك تأثير الأوضاع الدولية نتيجة مظاهر الصراع في المجتمع الدولي التي من الممكن أن نساهم في توجيه المشرع الوطني والتعجيل وباتخاذ القرار إحداث المحاكم الإدارية[3].
ولدراسة المحاكم الإدارية ينبغي الوقوف بدءا ذي بدأ على أسباب إنشاءها:
المطلب الأول: الأسباب الداخلية
ساهمت مجموعة من العوامل الداخلية وتضافرت فيما بينها من اجل بلورة قضاء إداري قصد فرض وتعميم المشروعية وحماية الحقوق[4],
  فما كان قانون 90 ـ 41  إلا تعبيرا صادقا عن الأوضاع السائدة بالمغرب[5].
وتعود إنشاء المحاكم الإدارية بالمغرب لعدة اعتبارات منها ما تتعلق باستكمال دولة القانون، ومنها ما تتعلق بتكريس تعايش الفرد والدولة.
استكمال دولة القانون:
كان خطاب السلطة السياسية سابقا يعتمد على الهواجس الأمنية وإعطاءها الأولوية قبل كل شيء، مما نتج عنه بعض الصعوبات التي حالت دون استكمال مقومات وأسس دولة القانون, إلا أنه ومنذ 1975 حدث توافق وإجماع وطني أصبحت بموجبه قضية استكمال الوحدة الترابية للملكة مسألة وطنية، وبعدما طرح مشكل حقوق الإنسان، تغيرت نوع العلاقة بين المجتمع المدني والنظام السياسي الذي أصبح يطمح إلى ترسيخ صرح دولة الحق والقانون بعد أن مر المغرب بتحولات نوعية جد مهمة شملت الميادين  السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية.
إن إصدار القوانين وسن التنظيمات وتحديد العلاقة بين السلطات الأساسية في الدولة، وتوضيح حقوق الأفراد وحرياتهم عن طريق التشريعات لا يكفي لكي يجعل من الدولة دولة القانون، ولا تحقيق الفصل بين السلط وتمتع الأفراد بحقوقهم وحرياتهم[6]، بل لا بد من توفير ضمانات تكفل احترام التنظيمات والتشريعات و مهما كانت المحاولات من اجل تقييد سلطات الإدارة بالقواعد الآمرة فإنها مع ذلك تصدر قرارات غير شرعية لأن مخالفة الإدارة للقانون وخروجها عن أحكامه ممكنة دائما، خاصة وان القائمين على الأجهزة الإدارية وعلى تنفيذ القوانين ما هم إلا بشر معرضون للخطأ. ولا يمكن إرجاع الإدارة إلى الطريق الصواب إلى باستخدام الرقابة القضائية على القائمين أعمالها، فهي أكمل أنواع الرقابة وأوفقها، لأن القائمين بها لهم من الدراية القانونية والحياد ما يكفل خضوع الدولة للقانون وعدم مخالفة الإدارة للقوانين ومنعها من الاعتداء على حقوق الأفراد وحرياتهم[7].
وباختصار فتكريس دولة القانون يتمثل في نقطتين أساسيتين:
ü      إخضاع الدولة وإجبارها على احترام القانون بمفهومه الواسع بحيث تكون جميع تصرفاتهم قانونية.
ü      حماية حقوق الأفراد وحرياتهم بحيث لا يمكن النيل منها إلا عند الضرورة القصوى.
تكريس تعايش الفرد والدولة:
إن زيادة تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وزيادة ضخامة آلياتها وتعقد أجهزتها، جعلها في حاجة إلى أفراد للقيام بمختلف نشاطاتها، وهذه الأخيرة زادت من حاجة الأفراد إلى الدولة لتقديم المزيد من الخدمات وزادت من كثرة الترابط بين الفرد والإدارة ومن تعدد فرص التعامل بين الجهتين.
حاجة الدولة للأفراد: بمعنى أن الدولة هي في حاجة دائمة على الأفراد لتوفير أهم وسائل عملها ( العنصر البشري والمالي).
فالعنصر البشري يتحدد في العاملين في مرافق الدولة بمختلف أصنافهم من أجل تسير دواليبها المعتمدة، أما العنصر المالي فيتمثل في رؤوس الأموال التي يقدمها الملتزمون الساعون إلى استثمار أمواله في المشاريع العمومية[8].
بالإضافة إلى حاجة الدولة على الأفراد العاملين لتوفير الجو الملائم للقيام بنشاطها، تحتاج الدولة لموارد وتتمثل في الضرائب والقروض وعلى ما يؤديه الأفراد مقابل الخدمات التي تقدمها لهم.
حاجة الأفراد للدولة: في القرن 18 قال الفقيه "بنتام" مقولته الشهيرة بخصوص الغرض من إنشاء الدولة وهو توفير اكبر قسط من السعادة لأعظم عدد من الناس، فالدولة لم يعد دورها يتمثل فقط في توفير مجموعة من الخدمات لأكبر عدد من الناس، فتدخلها في الميدان الاقتصادي والاجتماعي سينعكس بصورة إيجابية على الجميع مما سيؤدي الى تفادي الأزمات الاقتصادية.
التعايش بين الدولة والفرد: نظر لهذه الحاجة المتبادلة التي بصددها لا يمكن للفرد ان يكون في غنى عن الدولة، ولا الدولة في غنى عن الفرد، فالعلاقة بينها لم تعد علاقة وصاية من طرف الدولة على الأفراد، بل أصبحت علاقة تعايش، وهذا التعايش بين الدولة والأفراد يتطلب إيجاد توازن بين مصالحهما المشتركة والتوفيق بين حاجة كل منهما على الأخر ولتحقيق هذا التوازن لابد من جهاز مستقل يتوفر فيه الحياد ليضمن حقوق كل طرف، وهذا هو دور القاضي الإداري وإليه يطمئن الأفراد وتطمئن الدولة في نفس الوقت[9]، فالقضاء الإداري زيادة على كونه يقوم بدور الحفاظ على التوازن لأنه يقوم بدور اجتماعي متمثل في تكريس التعايش بين الفرد والدولة إضافة  إلى دوره في تحقيق العدالة بحيث ان إزالة الكلفة بين الدولة والفرد تؤدي إلى خلق المزيد من الاحتكاك وبالتالي المزيد من القضايا التي توسع من مجال تدخل القاضي الإداري.
المطلب الثاني: الأسباب الخارجية لإحداث المحاكم الإدارية
يعتبر هاجس الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان من الإشغالات الأساسية لبعض المنظمات الدولية التي قامت بحملات واسعة في هذا المجال,والمغرب جزء لا يتجزأ من المنظومة الدولية، فهو عضو في اغلب المنظمات المتواجدة على الصعيد الدولي، حيث صادق على مجموعة من الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان، لذلك قام بمجموعة من المبادرات واعتماد العديد من الإصلاحات التي من شانها أن تهدف إلى دمقرطة المؤسسات، واحترام حقوق الإنسان ومن ثم السير المضي قدما في مسار تكريس الديمقراطية داخل الدولة.
ويمكن اعتبار المحاكم الإدارية بمثابة استجابة لهذه الحملة الداعية إلى الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، فالموقع الجغرافي للمغرب والسياسة الخارجية المتبعة مند انهيار النظام الشيوعي، وتأثره بالنظام القانوني والقضائي الفرنسي كمخلفات استعمارية، فرضا على المشرع المغربي الانفتاح اكتر على النظام الغربي خاصة النظام الفرنسي للروابط التاريخية التي تربطهما الأمر الذي جعل النظام القضائي المغربي وثيقة الصلة به في معظم صوره وهو ما يفسر وجود مبررات خارجية تأثر بقوة على تطور القضاء الإداري المغربي تمثلت في الصراع الدولي الذي ساهم في توجيه المشرع الوطني[10].
وفي هذا الإطار، صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 يونيو 1985 ينص في قسمه الثاني على مقتضيات تدعو الدول إلى النظر في إمكانية إدراج تدابير وقواعد في قوانينها الوطنية لتحريم إساءة استعمال السلطة والنص على سبيل إنصاف ضحاياه.
وهذا ما استجاب له المغرب من خلال إنشاء المجلس الوطني الاستشاري لحقوق الإنسان وإحداث المحاكم الإدارية حتى يشرف وضعيته ومركزه على الصعيد الخارجي.
وعلى هذا المستوى، اتخذ المغرب المبادرة المتمثلة في تحقيق شراكة مع المجموعة الاقتصادية الأوربية، وتقديم تسهيلات تحفيزية لرجال الأعمال، جلب المستثمرين الأجانب لا تتوقف على مجرد القيام بإصلاحات اقتصادية ومالية وإعادة النظر في قوانين الاستثمار وتبسيطها بل لابد من القيام موازاة مع ذلك بمجموعة من الإصلاحات التي تمس الجهاز القضائي باعتباره يوفر حماية كبيرة لهؤلاء الاقتصاديين والمستثمرين الأجانب[11].
وهذا ما أكده المغفور له الملك الحسن الثاني بمناسبة تأسيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بقوله إن المناخ الدولي يمكن ان يؤثر على مناخ كل دولة دولة.
المبحث الثاني: تأليف المحاكم الإدارية و الإجراءات المسطرية
إن المحاكم الإدارية هي الأخرى لها هيكلة وتكوين وتنظيم، حيث تباشر المهام المسندة إليها بواسطة جهاز قضائي متكامل و وفق إجراءات مسطرية مقننة. لهذا، سنعمل في هذا المبحث إلى التطرق لتأليف المحاكم الإدارية ( المطلب الأول ) وكذا المسطرة المتبعة في إثارة الدعوى أمامها ( المطلب الثاني ).
المطلب الأول: تأليف المحاكم الإدارية
يخضع القضاة الذين يتولون العمل بالمحاكم الإدارية لنفس النظام الأساسي المطبق على بقية رجال القضاء العادي وفق أحكام قانون 11 نونبر 1974، مع مراعاة خصوصيات المهام المنوطة بقضاة المحاكم الإدارية.
و تتكون المحاكم الإدارية من رئيس وقضاة وكتابة ضبط واحدة ولا تعرف الازدواجية في التنظيم كما هو الحال بالنسبة للمحاكم  العادية
 التي تفصل بين النيابة العامة وكتابتها، وقضاء الحكم وكتابة الضبط لديه[12].
ويتألف الجهاز القضائي للمحاكم الإدارية من:
رئيس المحكمة الإدارية:
ا شترط في رئيس المحكمة الإدارية أن يكون قاضي من الدرجة الأولى على الأقل، ويعين بمقتضى ظهير ملكي باقتراح من المجلس الأعلى للقضاء، ويخضع لإشراف ومراقبة الرئيس الأول للمجلس الأعلى، ويتولى القيام بمهمتين: إدارية وقضائية[13].
ففيما يخص المهمة الإدارية يتولى رئيس المحكمة الإدارية مجموعة من المهام أهمها:
ü      رئاسة الجمعية العمومية للمحكمة الإدارية.
ü      يترأس لجنة التحقيق.
ü   الإشراف على جميع المراسلات الواردة على المحكمة ولهذا الغرض يحدث كتابة إدارية تتولى تسجيل جميع هذه المراسلات.
أما فيما يتعلق بالمهمة القضائية، فله:
ü   تعيينه القاضي أو المستشار المقرر.
ü      رئاسة جلسات المحكمة الإدارية.
ü      ممارسة مهمة مقرر في بعض القضايا.
ü      إصدار الأوامر المبنية على الطلب.
ü      البث في القضايا الاستعجالية، مع تقيده في ذلك بالاختصاص النوعي والمكاني.
ü      منح المساعدات القضائية.
المفوض الملكي للدفاع عن الحق والقانون:
المفوض الملكي هو جهاز محايد يشبه مفوض الحكومة في فرنسا، الذي يعرف الجميع ماله من دراية ودراسة قانونية دقيقة ومتعمقة للقضايا المعروضة عليه، لدرجة أن أهم قرارات مجلس الدولة الفرنسي كانت مرتبطة بأسماء لامعة من مفوضي الحكومة مثل روميو، أوكوك، ريفي، فمفوض الحكومة جهاز مستقل يختلف دوره عن دور النيابة العامة، والنتائج التي يتوصل لها في استنتاجاته كانت في غالب الأحيان أفضل من التي يتوصل إليها القاضي المقرر إذا ما بقي حبيس وثائق الملف، فهو إذن ينير الطريق إلى هيئة الحكم[14].
ويعين المفوض الملكي لسنتين قابلة للتجديد من قبل رئيس المحكمة الإدارية باقتراح من الجمعية العمومية، و بالنظر إلى أهمية دوره كفاعل بالمحاكم الإدارية يراعى في اختياره أن يكون من القضاة دوي التجربة، كما يجوز تكليف بعض قضاة الأحكام في حالة الضرورة للقيام بمهمة المفوض الملكي الرسمي باقتراح من الجمعية العمومية، مع الاحتفاظ بمهمة كمقرر، ولا يوجد ما يمنع أن يكون المفوض الملكي قاضيا مقررا في بعض القضايا، شريطة ألا يجمع بين صفتين معا في قضية واحدة[15].
القضاة والمستشارين:
تتألف المحاكم الإدارية من مستشارين: رئيس من الدرجة الثانية وقضاة مرتبين في الدرجة الثالثة. وكل واحد من هؤلاء يمكن أن يكلف بالتقرير في جميع القضايا، كما يمكن أن يشارك في جميع الأحكام بغض النظر عن درجته.
ويتولى القاضي أو المستشار المقرر، تبعا لدرجته، تجهيز القضايا باتخاذ جميع الإجراءات المسطرية اللازمة، مع أمر بتبليغ المقال والمذكرات، وإشعار الأطراف بالاختلالات التي يرى بضرورة تصحيحها، والقيام بالمعاينات والأبحاث والخبرات التي يراها ضرورية لسير المسطرة، وذلك طبقا لأحكام الفصول 329 إلى 333 من قانون المسطرة المدنية المحال عليها بمقتضى المادة الرابعة من قانون المحاكم الإدارية، وهو يمسك لهذا الغرض سجلا يتولى بمقتضاه جميع الملفات الرائجة بمكتبه، ومراقبة الإجراءات المتخذة إلى حين صدور حكم فيها[16].
كتابة الضبط:
تشكل كتابة الضبط عنصرا مهما ورئيسيا في تكوين المحاكم الإدارية على غرار باقي محاكم المملكة، فهي تعتبر أهم مساعد قضائي، حيث تقوم ب:
ü      تلقي المقالات وتسجيلها، واستفاء الرسوم القضائية الواجبة عنها.
ü      تسليم الوصولات.
ü      فتح الملفات.
ü      توجيه الاستدعاءات.
ü      تسجيل ما يروج في الجلسات في شكل محاضر رسمية
ü      تنفيذ الأحكام الصادرة في المحاكم الإدارية .
وكتاب الضبط يؤدون اليمين القانونية قبل مباشرتهم لمهامهم، وهم مسئولون عن كل تهاون أو إخلال بالواجبات الملقاة عل عاتقهم كرجال قضاء.
المطلب الثاني: الإجراءات المسطرية أمام المحاكم الإدارية
تعد المسطرة المدنية القاعدة الأساسية في رفع الدعاوى في القضايا الإدارية بمقتضى المادة 7 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية والتي تنص على أنه: " تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص قانون على خلاف ذلك".
ولما كانت للقضايا الإدارية خصوصيات تميزها عن غيرها لاتصالها بالقانون الإداري الذي يهدف بالأساس إلى تحقيق المصلحة العامة وضمان حسن سير الإدارة فإن قانون إحداث المحاكم الإدارية قرر مجموعة من الإجراءات الشكلية التي يلزم احترامها في الدعاوى الإدارية.
الإجراءات المتعلقة بمقال الدعوى:
لقد اشترط المشرع أن تكون المسطرة كتابية أمام المحاكم الإدارية، حيث تنص المادة 3 من قانون 90 ـ 41 على أن القضايا ترفع إلى المحكمة الإدارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب، ولقد ارتأى المشرع من خلال هذا الشرط تكريس حقوق الدفاع، ذلك أن مواجهة الإدارة أمام القضاء  يستلزم معرفة شاملة للقوانين والضوابط الإدارية، وهذا بالضبط لن يتأتى للمواطن العادي إلا بمؤازرة المحامي وإلا ضاع حقه بمجرد الإخلال بأبسط الإجراءات الشكلية.
والعريضة المرفوعة أمام المحكمة الإدارية يلزم أن تتضمن مجموعة من البيانات والمعلومات المتعلقة بالأطراف سواء تعلق الأمر بالشخص العمومي أو الشخص الطبيعي كالصفة والأسماء العائلية والمهنة والموطن ومحل الإقامة، إلا جانب هذا لابد من أن تتضمن العريضة موضوع الدعوى والوسائل والوقائع وترفق بالمستندات التي ينوي المدعي استعمالها. كما يرفق بالمقال الافتتاحي للدعوى بعدد من النسخ يساوي عدد الخصوم عند تعددهم، وعند إيداع العريضة بكتابة ضبط المحكمة الإدارية، يسلم كاتب الضبط وصلا بذلك يتكون من نسخة منها يوضع عليها الختم وتاريخ الإيداع.
وبعد تسجيل الدعوى يحال ملف القضية من طرف رئيس المحكمة الإدارية إلى قاض مقرر، وإلى المفوض الملكي للدفاع عن القانون ومهمة القاضي المقرر هي القيام بالإجراءات الأولية حيث يصدر أمرا بالتبليغ ويعين تاريخ النظر في القضية وإشعار الأطراف إلى وجوب تقديم المذكرات والمستندات قبل الجلسة.
وإذا كانت القضية غير جاهزة للحكم يمكن إرجاع الملف إلى القاضي المقرر ليتخذ الإجراءات الضرورية.
الإجراءات المتعلقة بجلسات المحكمة الإدارية:
تعقد المحاكم الإدارية جلساتها وتصدر أحكامها علانية، وهي متركبة من ثلاث قضاة يساعدهم كاتب الضبط، ويتولى رئاسة الجلسة رئيس المحكمة الإدارية أو قاض معين من لدن الجمعية العامة السنوية لقضاة المحكمة الإدارية.
وحضور المفوض الملكي ضروري في الجلسات، رغم كونه لا يشارك في مداولات إصدار الحكم[17].
ويعتبر مبدأ علانية الجلسات من المبادئ المعمول بها في معظم الأنظمة القضائية وبمقتضاها تكون الإجراءات التي تقوم بها المحكمة قبل إصدار الحكم علانية وللقاضي من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد الأطراف أن يأمر بجعلها سرية حفاظا على النظام أو مراعاة للآداب والأخلاق الحميدة[18]( الفصلان 43، 339 من قانون المسطرة المدنية).
و شفوية الجلسات مكملة لعلانية الجلسات، ولا يقع فيها الاكتفاء بالمناقشة الشفوية بل يجب تقديم وتبادل المذكرات بين الأطراف[19] حتى يتسنى توثيق مختلف الوقائع، وذلك لكون معيار الحضور في رحاب المحاكم الإدارية لا يتطلب الحضور في الجلسة بقدر ما يتطلب الإدلاء بالوثائق المكتوبة، فالمسطرة المتبعة كما سبقت الإشارة هي مسطرة كتابية يكفي فيها وضع مذكرات كتابية لصدور حكم حضوري.
وعندما تنتهي المحكمة من دراسة القضية وتصل إلى نتيجة، فلابد من تلاوة منطوق الحكم شفويا في جلسة علنية في حالة لم تكن الجلسة سرية. وبعد النطق بالحكم لا تستطيع المحكمة التراجع عنه أو تعديله أو تغييره.
ولا ينبغي أن يشمل الحكم ما لم يطلب به الخصوم، إعمالا لقاعدة القاضي لا يمكن أن يحكم بأكثر مما يطلب منه.ويوقع أصل الحكم من طرف الرئيس والقاضي المقرر وكتابة الضبط، وتصدر الأحكام وتنفذ باسم جلالة الملك.[20]
إجراءات الطعن في أحكام المحاكم الإدارية:
تبقى أحكام القضاة نسبية، حيث قد تصيب الصواب كما يمكن أن تزيغ عنه. لهذا كان لابد من إعطاء الأطراف المحكوم عليهم حق الطعن حتى يتسنى لهم تدارك العدالة بالسبل القانونية.
وإذا كان قانون المسطرة المدنية قد نص على عدة طرق للطعن منها العادية ( التعرض و الاستئناف)، وطرق الغير العادية ( إعادة النظر، التعرض الخارج عن الخصومة، النقض ). فإنه في مجال أحكام المحاكم الإدارية لا يمكننا أن نمارس إلا طريقة الطعن بالاستئناف.
ويقع الطعن بالاستئناف داخل أجل 30 يوما من تاريخ تبليغ الحكم، وتقدم العريضة من لدن محام وهي معفاة من الرسوم القضائية[21] ( المادتين 48.45 من قانون 41.90).
وتحتسب مدة 30 يوما ابتداءا من اليوم الذي يلي يوم التبليغ، ولا يدخل في حسابها اليوم الذي انتهى فيه، إلا إذا صادف يوم عطلة، لأن الأجل يمتد إلى أول اليوم يليه.
وينبغي احترام اجل الاستئناف، لأنه إذا حصل وقدم خارج الآجل المطلوب، فإن المجلس الأعلى يحكم بعدم القبول، وبالتالي يبقى الاستئناف رهينة السلطة التقديرية المرتبطة بالنظام العام.
ويقدم طلب الاستئناف لدى كتابة الضبط بالمحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم المطعون فيه، ثم يسجل في سجل خاص ويوجه مرفقا بالمستندات إلى كتابة ضبط المجلس الأعلى[22]، مما قد يؤدي إلى تأخير البث في النزاع بسبب الوقت الذي قد يستمر فترة طويلة جراء ما تتطلبه المراسلة لأجل طلب الملف الاستئنافي.

الفصل الثاني: اختصاصات المحاكم الإدارية
يعد الاختصاص القضائي هو الصلاحية القانونية لهيئة قضائية ما للنظر في نزاعات معينة، وهذا ما سيدفعنا للحديث عن الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية الشيء الذي يمكن أن يترتب عنه العديد من الصعوبات، وهنا لابد من التذكير بأن تنازع الاختصاص، قد يكون حول الاختصاص المحلي أو النوعي، والذي يهمنا هنا وتماشيا مع منهجية البحث هو تنازع الاختصاص النوعي[23]، والنصوص التي تطرقت له في إطار المحاكم الإدارية[24].
تنازع الاختصاص المحلي: إن أهم تفرقة تتجلى بين تنازع الاختصاص النوعي والمحلي هو كون هذا الأخير لا يعتبر من النظام العام، ومن آثار الدفع بذلك أن يبين الجهة المختصة، كما أنه على المحكمة التي أثير أمامها أن ثبت فيه بحكم مستقل، وهكذا فقد ورد في المواد 14 و 15 و 17 ما يلي: ( سنقتصر على المادتين 14 و15 ).
المادة 14 : تطبق أحكام الفقرات الأربع الأولى من الفصل 16 وأحكام الفصل 17 من قانون المسطرة المدنية على الدفوع بعدم الاختصاص المحلي المثارة أمام المحاكم الإدارية.
المادة 15: تكون المحكمة الإدارية المرفوعة إليها دعوى تدخل في دائرة اختصاصها المحلي مختصة أيضا بالنظر في جميع الطلبات التابعة لها أو المرتبطة بها وجميع الدفوعات التي تدخل قانونا في الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية أخرى.
واعتبارا لنصوص المحكمة في هذا الباب، فإنه نادرا ما تثار مسألة تنازع الاختصاص المحلي.
تنازع الاختصاص النوعي: هو ذو وجهتين إما أن يكون إيجابيا أو سلبيا، فيكون إيجابيا  في الحالة التي تعلن فيها كل محكمة أنها هي المختصة بالبث في النزاعات المعروضة عليها، و لا يطرح غالبا هذا التنازع .
وأما في ما يتعلق بالحالة التي يكون فيها سلبيا، فهي الحالة التي تعلن فيها كل محكمة أنها غير مختصة في النازلة المعروضة، والمشرع هنا أعطى عناية خاصة  لهذا التنازع وخصه بعدة اعتبارات ذلك رعاية لمصلحة المتقاضين التي قد تتضرر لا محالة من هذا الدفع. وهكذا نجد بأن الدفع بعدم الاختصاص النوعي يعتبر من النظام العام وعلى كل من له مصلحة فيه أن يثره في جميع مراحل إجراءات الدعوى، كما أنه للجهة القضائية المعروضة عليها الدعوى أن تثيره تلقائيا. كما أوجب المشرع على تلك الجهة أن تثبت له بحكم مستقل ولا يجوز لها أن تضمه للموضوع، وهذا ما جاء من المواد 11 و 13 من القانون المنشئ للمحاكم الإدارية.
وكملاحظة، يمكن القول أن توزيع الاختصاص بين المحاكم الإدارية والمحاكم العادية يستوجب طريقتين: فإما أن القانون يحدد بدقة المواد التي يرجع النظر فيها إلى كل من الجهتين القضائيتين أو على الأقل إحداهما، وهنا يكون الاختصاص بحكم القانون ,وإما أن المشرع يكتفي بالتعبير عن مبدأ عام نستخلصه بصفة منطقية ما هي أنواع النزاعات التي يرجع فيها بالتتابع لكل جهة قضائية على حدة، وهذه الطريقة تسمى بنظام " القاعدة العامة للاختصاص " ويمكن تعريف هذه الأخيرة " بأنها تعبير عن مبدأ يحدد بصفة مجردة وعامة مجال اختصاص قضائي معين دون الإشارة إلى أي موضوع ملموس بعينه ".
وتجد هذه القاعدة مرجعيتها في قوانين الثورة الفرنسية التي تضع مبدأ فصل السلطات الإدارية[25].
وبعبارة أوضح عندما يكون النزاع يجد حله في تطبيق قواعد القانون العام، فإن الاختصاص يرجع للمحاكم الإدارية وعلى العكس من ذلك فإن المحاكم المدنية والعادية هي التي تتدخل عندما يثير النزاع مسالة تتعلق بتطبيق القانون الخاص.
فالإشكالية المطروحة هنا، إذن هل يمكن أن نعتمد على الفصل الثامن من القانون المنشئ للمحاكم الإدارية لتحديد اختصاصها؟
هذه المادة لا تكفي وحدها لتحديد اختصاص الجهات القضائية في المادة الإدارية بل لابد من استكماله بقاعدة عامة للاختصاص تجد أساسها في مبدأ فصل السلطات القضائية عن السلطات الإدارية الذي يكرس الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية والذي يعتبر أساس وجود قضاء إداري متميز عن القضاء العادي، وتسمح هذه القاعدة العامة بتحديد الاختصاص بالنسبة للحالات التي لم ينص الفصل عليها الفصل الثامن[26].
ويظهر لنا دور المحاكم الإدارية من خلال النص على مجموعة من الاختصاصات المخولة لها، ولقد كان تعدد هذه الاختصاصات متناثرة في مجموع النصوص القانونية فتم حصرها في المادة الثامنة من القانون المحدث للمحاكم الإدارية، كما جاءت مواد أخرى من نفس القانون مكملة لتحديد هذه الاختصاصات، وفصل أو فرز الاختصاصات المخولة للمجلس الأعلى تبعا للمادة التاسعة، وكذا الاختصاصات المخولة لمحكمة الرباط الإدارية المحدث بموجب لمادة 11 من قانون 90 ـ 41، ومنه إذا رجعنا إلى اختصاصات المحاكم الإدارية نجد هناك اختصاصات عامة و اختصاصات إضافية لمحكمة الرباط الإدارية واختصاصات المجلس الأعلى.
المبحث الأول: الاختصاصات العامة و الخاصة
سنقسم هذا المبحث لمطلبين، الأول يتضمن الاختصاصات العامة للمحاكم الإدارية، أما الثاني سنتطرق فيه إلى الاختصاصات الإضافية المخولة لمحكمة الرباط الإدارية.
المطلب الأول: الاختصاصات العامة للمحاكم الإدارية
عموما يمكن القول أن جميع القضايا التي تدرج في المجال الإداري هي قطعا من اختصاص المحاكم الإدارية، هذا إضافة على أن القانون اعتمد المعيار العضوي إذ اعتبر وجود شخص عام من وراء الأضرار الناتجة عن أفعاله ونشاطاته علة كافية للإقرار باختصاص المحاكم الإدارية، وقد يترتب عن هذا كله إدخال بعض القضايا التي تعتبر خارجة عن النطاق الإداري ضمن اختصاص المحاكم الإدارية.وحسب المادة 8 من القانون السابق تختص المحاكم الإدارية بالبث ابتدائيا في القضايا الآتية:
" تختص المحاكم الإدارية، مع مراعاة أحكام المادتين 9 و 11 من هذا القانون، بالبت ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة وفي النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية و دعاوي التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام ماعدا الأضرار التي تسببها في الطريق العام  مركبات أيا كان نوعها يملكها شخص من أشخاص القانون العام.
وتختص المحاكم الإدارية كذلك بالنظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمعاشات ومنح الوفاة المستحقة للعاملين في مرافق الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة وموظفي إدارة مجلس النواب وموظفي مجلس المستشارين  وعن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالانتخابات و الضرائب و نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، و بالبت في الدعاوي المتعلقة بتحصيل الديون المستحقة للخزينة العامة و النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية للموظفين والعاملين في مرافق الدولة و الجماعات المحلية و المؤسسات العامة و موظفي إدارة مجلس النواب و موظفي مجلس المستشارين، وذلك كله وفق الشروط المنصوص عليها في هذا القانون.
و تختص المحاكم الإدارية أيضا بفحص شرعية القرارات الإدارية وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 44 من هذا القانون "[27].
المطلب الثاني: الاختصاصات الإضافية لمحكمة الرباط الإدارية
يمكن أن نرجع اختصاص محكمة الرباط الإدارية بالنزاعات المرتبطة بالوضعية الإدارية الفردية للأشخاص المعينين بظهير شريف أو مرسوم إلى دور السلطات المركزية في كل دعوى تقام في مواجهتهم، فضلا على أن بعض المعينين بظهير شريف في وضعية مزدوجة، فالعامل على سبيل المثال يعد حسب ظهير 15 فبراير 1977 ممثلا لجلالة الملك ومندوبا للحكومة في العمالة أو الأقاليم الذي يزاول فيه مهامه.
إلى جانب أنه رجل السلطة الأساسي الذي بواسطته يمارس السيد وزير الدولة في الداخلية وصايته على مجالس العمالات والأقاليم، الأمر الذي دفع المشرع إلى قصر الاختصاص على محكمة الرباط الإدارية، باعتبارها العاصمة الإدارية والسياسية للمملكة المغربية، بالإضافة إلى شبهة التأثر في المطالبة أمام محكمة إدارية محلية. مما يشكل إخلال جسيما بمبدأ تكافئ الفرص ووحدة جهة التقاضي.
وفي موضوع اختصاص محكمة الرباط مكانيا، نذكر بأن هذا الحسم جاءا نظرا لتدخل المشرع لا لسكوته خاصة وان هناك إشكالا قانونيا كان يسيطر بالنسبة للذين يعنيهم الأمر حالة تعدد مقار سكناهم بأكثر من جهة والذي ترك فيه الاجتهاد الفرنسي لرافع الدعوى اختيار المكان، على خلاف المشرع المغربي الذي اتجهت إرادته منذ عام 1958 إلى قصر درجات التقاضي في هذه الحالة أمام ابتدائية الرباط في مسائل القانون الدولي الخاص[28].
وفيما يتعلق بهذا الموضع  ذهب أستاذنا الدكتور عبد القادر بينة إلى أنه: " تدرج محكمة الرباط الإدارية بين مختلف المحاكم الإدارية، وتخضع على العموم لنفس التنظيم والتسيير اللذين تخضع لهما هذه المحاكم، لكن نظرا لخصوصية وموقع مقرها في العاصمة الإدارية للملكة، فإن مشروع القانون أضاف إليها اختصاصات إضافية وأكد على بعض الاختصاصات التي كانت مضافة من قبل إلى المحكمة الابتدائية بالرباط فيما يتعلق ببعض الطعون الخاصة بالتشريعات لانتخابية أعضاء مجلس النواب.
وطبقا للمادة 11 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية 90 ـ 41، نجد أن الاختصاصات الإضافية لمحكمة الرباط الإدارية تترجم بصورة قاطعة رغبة المشرع في النظر في النزاعات المتعلقة ب:
ü    الوضعية الفردية للأشخاص المعينين بظهير شريف أو مرسوم لما لها من الأهمية.
ü    بالنزاعات الراجعة إلى اختصاص المحاكم الإدارية التي تنشأ خارج دوائر اختصاص جميع هذه المحاكم ( أي في المصالح الإدارية المغربية الموجودة خارج التراب الوطني ).
المبحث الثاني: اختصاص المجلس الأعلى ومحاكم الاستئناف الإدارية
المطلب الأول: محاكم الاستئناف الإدارية
 أحدثت هذه المحاكم الاستئنافية, بموجب قانون رقم 80.03 صادر في 14 فبراير 2006[29] ,(*)بعد إحداث المحاكم الإدارية بالقانون رقم 41.90 بتاريخ 10 سبتمبر 1993, أي بفرق زمني لمدة ثلاثة عشر سنة تقريبا.
 و يحتوي هدا القانون على 7 أبواب, تتضمن واحد وعشرين مادة التي تخص أحدات هده المحاكم و كيفية تركيبها و اختصاصاتها و عن المساعدة القضائية و اجل الاستئناف و كيفية الطعن بالنقض في أحكامها و ذلك كالأتي:
أولا: كيفية تكوين محاكم الاستئناف الإدارية
     تتكون هذه المحاكم من :
_ رئيس اول و رؤساء غرف و مستشارين
_ كتابة الضبط
و يمكن تقسيم هذه المحاكم الى عدة غرف حسب انواع القضايا المعروضة عليها.
ويساعد الهيئة القضائية في القيام ببعض المهام, المفوض الملكي للدفاع عن القانون و الحق, الذي يتولى تعيينه الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف الادارية. وذلك من بين المستشارين و باقتراح من الجمعية العمومية لمدة قابلة للتجديد.
و تعقد هذه المحاكم جلساتها و تصدر قراراتها, و هي متركبة من ثلاثة مستشارين من بينهم رئيس يساعدهم كاتب الضبط, اما عن المفوض الملكي للدفاع عن القانون و الحق فان حضوره ضروريا للادلاء باراءه مكتوبة مع امكانية توضيحها شفويا لهيئة الحكم بكامل الاستقلال سواء فيما يتعلق بالوقائع او القواعد القانونية المطبقة عليها, و ذلك بالنسبة لكل قضية على حدة بالجلسة العامة.
 و يحق لاطراف الدعوى الحصول على نسخة من مستنتجات المفوض الملكي.
و تظل لهيئة الحكم ضلاحية الاستعانة برءيه تبعا لقنلعته بما يدلي به من مواقف و اقتراحات.
و تلافيا لاي تاثير مباشر منه على هيئة الحكم, فان القانون لم يخوله صلاحية المشاركة في مداولات المحكمة.
اما عن تاريخ بدا العمل بهده المحاكم فقد حدد بشهر من تاريخ نشر المرسوم المحدد لعددها المشار اليه اعلاه.
ـ اختصاصات محاكم الاستئناف الادارية
 تختص محاكم الاستئناف الإدارية  – بموجب المادة 5 من القانون بالنظر في استئناف احكام المحاكم الادارية و اوامر رؤسائها ماعدا اذا كانت هناك مقتضيات قانونية مخالفة.
كما اسثنيت المادة 5 صراحة من اختصاص تلك المحاكم الاحكام الصادرة عن المحاكم الادارية في المنازعات الانتخابية و كذا فيما احيل عليها من اجل تقدير شرعية القرارات الادارية فان استئنافها يكون امام الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى.
اما عن النزاعات الاستعجالية المعروضة على هذه المحاكم فينظر فيها الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف او نائبه باعتباره قاضي المستعجلات
ـ المساعدة القضائية و إجراءات الطعن بالاستئناف
تخضع  المساعدة القضائة و اجراءات الطعن بالاستئناف لمقتضيات المواد من 7 الى 1 من قانون 2006 بشان احداث محاكم استئناف ادارية.
المساعدة القضائية: تنظر محكمة الاستئناف الادارية – بموجب المادتين 7و 8 - في مسالة الساعدة القضائية عند الطعن بالاستئناف في القرار الصادر عن رئيس المحكمة الادارية برفض منح المساعدة القضائية وذلك بعد احترام اجرائاته التي تتمتل في احترام اجل اطعن أي برفعه خلال 15 يوما من تاريخ التبليغ  ان يحال مقال الاستئناف مع مستنداته على محكمة الاستئناف داخل اجل 15 يوما من تاريخ وضع المقال لدى كتابة الضبط بالمحكمة الادارية.
و تتولى غرفة المشورة-على اثر ذلك –البت في طلب الاستئناف المتعلق بمنح المساعدة القضائية داخل اجل خمسة عشر (15) من تاريخ احالة الملف إليها طبقا للشروط المنصوص عليها في المرسوم الملكي لفاتح نوفبر 1966 بمثابة قانون يتعلق بالمساعدة القضائية
و في حالة قبل طلب المساعدة القضائية عند رفعه لدى المحكمة الادارية فان قرار المساعدة يسري على المرحلة الاستئنافية و المجلس الاعلى
وتتعلق تلك المساعدة –بدفع اتعاب المحامين في القضايا التي تستلزم حضور الدفاع- من طرف الخزينة العامة وذلك لاجل ضمان الالتزام الجدي للدفاع عن القضايا المعروضة امام المحكمة و ايلائها ما تستحقه من عناية سواء تعلق الامر باعداد الملفات او القيام بالمساندة الفعلية لطالبي المساعدة القضائية.
وتقتصر المساعدة القضائية، فقط على تعيين الدفاع – كما سبق أن بينا – ولا تسري على الرسوم القضائية على اعتبار أن طلبات الإستئناف معفية من تلك الرسوم المادة 10,ومن ما يميز مقتضيات المادتين 7 و 8 من شان المساعدة القضائية التنصيص على مسطرة سريعة لإحالة الملف والبث فيه.
إجراءات الطعن بالاستئناف: يتم استئناف الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية داخل أجل 30 يوما من تاريخ تبليغ الحكم وذلك وفق المقتضيات المنصوص عليها في الفصل 134 وما يليه إلى الفصل 141 من قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 وتبعا لآخر تعديلاته.
و يوقع المحامي على المقال المكتوب و على ما يتطلبه ملف الدعوى من تعقيبات و مذكرات جوابية وذلك عملا باحكام المادة 31 من قانون المحاماة (218)  الذي ينص على ان المحامين المقيدين بجدول هيئة المحامين بالمملكة هم وحدهم المؤهلين لتقديم المقالات و المستندات و المذكرات الدفاعية في جميع القضايا.
   أما ما يتعلق باستئناف قضايا الدفع بعدم الاختصاص النوعي، فتظل مقتضياته المنصوص عليها في المادة 13 من قانون إحداث المحاكم الإدارية سارية المفعول. ويحيل المجلس الأعلى الملف بعد البت فيه إلى المحكمة المختصة (المادة 12 من قانون إحداث محاكم الاستئناف الإدارية).
و لا يترتب عن الطعن بالاستئناف – في الأحكام الصادرة بوقف تنفيذ قرار إداري – أي أثر واقف، إذ تظل للإدارة الصلاحية في الاستمرار في تنفيذ قرارها ما لم تنته مختلف مراحل التقاضي، تطبيقا لمبدأ الفاعلية الإدارية الذي يقضي بتنفيذ القرارات الإدارية بأثر فوري. وذلك خلافا لما يسري في مجال القضاء العادي.
كما وأن القرارات الغيابية الصادرة عن محاكم الاستئناف لا تقبل التعرض المادة 14  بهدف تحقيق السرعة في تطبيق المساطر. وهو حافز للمتقاضين لتتبع الجدي للقضايا المرفوعة أمام المحاكم.
ويتعين تطبيق القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية، وقانون إحداث المحاكم الإدارية أمام محاكم الاستئناف الإدارية، ما لم ينص قانون على خلاف ذلك.
الطعن بالنقض: تخضع الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف الإدارية للطعن بالنقض أمام المجلس الأعلى، داخل أجل ثلاثين (30) يوما من تاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه.
وتطبق في شأن مسطرة النقض القواعد الواردة في قانون المسطرة المدنية, و يتم تنفيذ الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف الإدارية من طرف المحاكم الإدارية المختصة (المادة 18).
و خول القانون – المذكور سالفا -، للمجلس الأعلى وهو يبت في الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف الإدارية، حق التصدي للبت في دعاوى الإلغاء نظرا لأهمية دعوى الإلغاء المتجلية في المراقبة التي يمارسها القضاء على أعمال الإدارة[30].
المطلب الثاني: اختصاص المجلس الأعلى بصفته محكمة للنقض
سطر الظهير الشريف رقم 223 ـ 57 ـ 1 الصادر بتاريخ 27 شتنبر 1957 المحدث للمجلس الأعلى للقضاء قواعد تنظيمه واختصاصاته[31]، وأدخلت عليه تعديلات بمقتضى الظهير الشريف المتعلق بالتنظيم القضائي للملكة بتاريخ 15 يوليوز [32]1974، وبمقتضى 90 ـ 41 المحدث للمحاكم الإدارية[33].
وتقتصر سلطة المجلس الأعلى مبدئيا على البحث في موافقة الحكم المطعون فيه للمبادئ والنصوص القانونية أو عدم موافقته لذلك، فإن وجد المجلس الأعلى  الحكم متفقا مع تلك المبادئ والنصوص القانونية قضى برد الطعن، وفي حالة العكس فإنه يقضي بنقض الحكم فقط و إعادة ملف القضية إلى  المحكمة التي أصدرت الحكم المنقوض أو إلى محكمة أخرى مساوية لها من حيث الدرجة، وذلك حتى تعيد النظر في جوهر النزاع في ضوء المبادئ والأسس القانونية التي وردت في قرار النقض، ولا تمتد رقابته إلى تقدير الوقائع التي هي من اختصاص محكمة الموضوع[34].
ويبت المجلس في مجموعة من القضايا الأعلى ­ما لم يصدر نص بخلاف ذلك ، محددة كالآتي:
ü         الطعن بالنقض ضد الأحكام الانتهائية التي تصدها جميع المحاكم المملكة.
ü         الطعون الرامية إلى إلغاء المقررات الصادرة عن السلطة الإدارية للشطط في استعمال السلطة.
ü         الطعون المقدمة ضد الأعمال والقرارات التي يتجاوز فيها القضاة سلطاتهم.
ü         البث في تنازع الاختصاص بين محاكم لا توجد محكمة الأعلى درجة مشتركة بينهما غير المجلس الأعلى.
ü         مخاصمة القضاة والمحاكم غير المجلس الأعلى.
ü         الإحالة من أجل التشكيك المشروع.
ü         الإحالة من محكمة إلى أخرى من أجل الأمن العمومي أو لصالح حسن سير العدالة[35].
وسنشير هنا فقط للاختصاصات المجلس الأعلى المرتبطة بالنزاعات الإدارية، إذ يختص بالبت ابتدائيا وانتهائيا في طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة المتعلقة ب:
ü      المقررات التنظيمية الفردية الصادرة عن الوزير الأول.
ü      قرارات السلطات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية[36].
ويكون المجلس الأعلى المرفوعة إليه دعوى تدخل في اختصاصه ابتدائيا وانتهائيا مختصا أيضا بالنظر في جميع طلبات التابعة لها أو المرتبطة بها وجميع الدفوعات التي تدخل ابتدائيا في اختصاص المحاكم الإدارية[37].
خــاتـمــة:
و على العموم إن الدولة لا يمكنها أن تتقدم إلا بوجود القضاء و تنهار بانعدامه فبدعم القضاء المغربي بداية بالمحاكم الإدارية سنة 1994 تقدم نحو تحقيق حصانة للحقوق و الحريات في مواجهة تجاوزات السلطة أما عند اكتماله بخلق محاكم استئنافية في هذا المجال شكل نموذجا يدعم قوة القانون فوق كل سلطة و اعتبار.
 و لهذا فالمغرب استطاع بدخوله الألفية الثالثة أن يجعل من الإصلاح الحقوقي احد ابرز مميزاته شكل القضاء نواة له، إذ أحاط حقوق المواطنين بسياج من الهيبة و الوقار يتولى تطبيق القوانين أي كانت الجهة المقصودة به.
 .
الــفــهـــرس:
تـقـديـم: .................................................................................................................................... 2
الفصل الأول: سير المحاكم الإدارية وأسباب إنشاءها .......................................................................... 7
المبحث الأول: أسباب إنشاء المحاكم الإدارية ............................................................................................ 8
ـ المطلب الأول: الأسباب الداخلية ........................................................................................................... 9
ـ المطلب الثاني: الأسباب الخارجية......................................................................................................... 14
المبحث الثاني: تأليف المحاكم الإدارية والإجراءات المسطرية .................................................................... 16
ـ المطلب الأول: تأليف المحاكم الإدارية ................................................................................................. 17
ـ المطلب الثاني: الإجراءات المسطرية ....................................................................................................22
الفصل الثاني: اختصاصات المحاكم الإدارية ..................................................................................... 30
المبحث الأول:  الاختصاصات العامة و الخاصة ........................................................................................... 36
ـ المطلب الأول: الاختصاصات العامة للمحاكم الإدارية ............................................................................... 36
ـ المطلب الثاني:: الاختصاصات الإضافية لمحكمة الرباط الإدارية ................................................................ 38
المبحث الثاني: اختصاص المجلس الأعلى ومحاكم الاستئناف الإدارية............................................................ 41
ـ المطلب الأول: محاكم الاستئناف الإدارية:............................................................................................ 41
ـ المطلب الثاني: اختصاص المجلس الأعلى بصفته محكمة للنقض......................................................................54
خـاتـمـة .................................................................................................................................... 58
ملاحق ............................................................................................................................................ 59
لائحة المراجع المعتمدة .............................................................................................................. 89
الفهرس ....................................................................................................................................... 91



[1]  د. عبد الله حداد: القضاء الإداري على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية" صفحة 4.
[2]   د.الجيلالي أمزيد: " مباحث في مستجدات القضاء الإداري "منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية الطبعة الأولى 2003.
[3]  د.عبد الله حداد مرجع سابق صفحة 9  ـ 8 .
[4]  الأستاذ المنتصر الداودي: "الإشكاليات القانونية والواقعية في اختصاص القضاء الإداري" صفحة 81 طبعة 2005.
[5]  د. عبد القدر مساعد: "القضاء الإداري المغربي ضمانة للحقوق والحريات" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام 1998/1999.
[6]  د. عبد الله حداد: " القضاء الإداري على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية" صفحة 9 ـ 10.
[7]  يشر الفصل 16 من الدستور على أن جميع المواطنين مطالبون بالمساهمة والالتزام بالدفاع عن حرمة الوطن، و ينص الفصل 17 منه على أن يتحمل الجميع كل على استطاعته في التكاليف العمومية التي للقانون وحده الصلاحية لإحداثها وتوزيعها حسب الإجراءات المنصوص عليها في الدستور، أما الفصل 18 فهو يؤكد على أن الجميع يتحملون متضامنين التكاليف الناتجة عن الكوارث التي تصيب البلاد.
[8]   د.عبد الله حداد مرجع سابق صفحة 11
[9]  د.عبد الله حداد مرجع سابق صفحة 14
[10]  د. عبد القدر مساعد: "القضاء الإداري المغربي ضمانة للحقوق والحريات" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام صفحة 31 ـ 1998/1999.
[11]   د.عبد الله حداد مرجع سابق صفحة 15.
[12]  د. أشركي أفقير عبد الله: " التنظيم القضائي المغربي" صفحة 126/127 السنة الجامعية 2004/2005
[13]  د. محمد محجوبي: " الوجيز في القضاء الإداري المغربي" صفحة 45 دجنبر 2002
[14]  د. عبد الله حداد " القضاء الإداري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية" صفحة17
[15]  وزارة العدل دليل المحاكم الإدارية م.س. صفحة 10.
[16]  د. حميد أبولاس: "محاضرات في مادة القضاء الإداري" جامعة عبد المالك السعدي ـ الكلية المتعددة التخصصات ـ تطوان ـ صفحة 17/18 الموسم الجامعي 2004/2005
[17]   المادة 5 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية 90 ـ 41 .
[18]  د. عبد الله حداد " القضاء الإداري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية" صفحة 32.
[19]  د. عبد الله حداد " القضاء الإداري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية" صفحة 33.
[20]  د. حميد أبولاس: "محاضرات في مادة القضاء الإداري" جامعة عبد المالك السعدي  الكلية المتعددة التخصصات بتطوان صفحة 29/30 الموسم الجامعي 2004/2005
[21]  د. عبد الله حداد " القضاء الإداري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية" صفحة 36.
[22]  د.فريجة عبد الهادي: "قراءة في قانون إحداث المحاكم الإدارية" مقال منشور بمجلة الأمن الوطني  عدد 34  سنة 1994 صفحة 20.
[23]  بالرجوع إلى المقتضيات التشريعية المتعلقة بالاختصاص النوعي في مجال المنازعات الإدارية، يتبين جليا أن المشرع قد سعى إلى الحفاظ على الاختصاص العام لفائدة المحاكم العادية إلى جانب إنشاء ولاية قضائية بالتخصص للمحاكم الإدارية للبث في القضايا التي ورد تعدادها في القانون 90 ـ 41، وهو الأمر الذي يمكن تأكيده من خلال التقرير المتعلق بالأعمال التحضيرية لهذا القانون ( ج.عدد 83 بتاريخ 30 ستمبر 1991 ـ نشرة مداولات مجلس النواب ).
[24] د. مشيش الشبيهي: " في القضاء الإداري المغربي دراسة عملية " طبعة 1997 ص 18.
[25] وقد ثم إدخال مبدأ فصل السلطات إلى القانون المغربي بواسطة الفصل 8 من الظهير التأسيسي الصادر في 12 غشت 1913.
[26] ظهير شريف رقم 225 ـ 21 صادر في 22 ربيع الأول 1414 (10 شتنبر 1993 ) بتنفيذ قانون 90 ـ 41 المحدث بموجبه المحاكم الإدارية، منشور بالجريدة الرسمية عدد 4557 بتاريخ 3 نونبر 1993.
[27]  (تممت بموجب القانون رقم 68.00 الصادر في 24 نوفمبر 2000 والقانون رقم 54.99 الصادر في 25 أغسطس 19 99).
[28]  د.والقيد الحسين كلية الحقوق ـ جامعة محمد الأول ـ وجدة"خصائص التجربة المغربية يف ضوء إحداث المحاكم الإدارية"منشورات كلية العلوم القانونية مراكش: "المحاكم الإدارية ودولة القانون" صفحة 32 و 33.
 [29]تم تحديد عددها في اثنين (2): احداهما بالرباط (تشمل المحاكم الادارية للرباط الدار البيضاء فاس مكناس و وجدة.) و الاخرى بمراكش(لتشمل المحاكم الادارية لمراكش و اكادير).
انظر مرسوم رقم 187.06.2 صادر في 29 من جمادى الاخيرة 1427 موافق 25 يوليوز 2006 بتحديد عدد محاكم الاستئناف الادارية و مقرها و دوائر اختصاصها منشور بالجريدة الرسمية عدد 5447 بتاريخ 14 اغسطس 2006 ص 2002.

[30]  تنصص المادة 13 من القانون رقم 41.90 المشار إليه أعلاه، على ما يلي بيانه:
"إذا أثير دفع بعدم الاختصاص النوعي أمام جهة قضائية أو إدارية وجب عليها أن ثبت فيه بحكم مستقل، ولا يجوز لها أن تضمه إلى الموضوع.
وللأطراف أن يستأنفوا الحكم المتعلق بالاختصاص النوعي أيا كانت الجهة القضائية الصادر عنها، أمام المجلس الأعلى الذي يجب عليه أن يبت في الأمر داخل أجل ثلاثين يوما يبتدئ من تسلم كتابة الضبط. به لملف الاستئناف".  
[31]   الجريدة الرسمية عدد 2347 بتاريخ 18 أكتوبر 1957.
[32]  الجريدة الرسمية عدد 3220 بتاريخ 17 يوليوز 1974.
[33]  د. محمد ضريف "حقوق الإنسان بالمغرب دراسة في القانون العام" منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع صفحة 275 طبعة 1994.
[34]  د. مليكة الصروخ: " القانون الإداري دراسة مقارنة " صفحة 531.
[35]   الفصل 353 من قانون المسطرة المدنية.
[36]  المادة 9 من القانون رقم 90 ـ 41 المحدث للمحاكم الإدارية.                          
[37]  المادة 17 من نفس القانون.

الصفقات العمومية بين الابرام واليات الرقابة



تعتبر الصفقات العمومية أداة أساسية للتنمية بحيث تضطلع بوظيفة إعادة توزيع الموارد الوطنية والمحلية، ولها مساهمة اقتصادية مهمة، إذ أن الطلبيات العمومية تقدر بما يناهز 67 مليار درهم بالنسبة للدولة والجماعات المحلية (أي ما يناهز 19% من الناتج الداخلي الخام حسب إحصائيات 2010) كما تعد أداة فعالة  في تنمية المقاولة المغربية بصفة عامة والمقاولات الصغرى  والمتوسطة بالخصوص. (قطاع البناء والأشغال: يحقق 70 % من مبيعاته  في إطار الصفقات العمومية – قطاع الهندسة: يحقق 80% من مبيعاته أيضا في نفس القطاع)،

وقد جاءت المادة 3 من مرسوم 5 فبراير 2007 بأن الصفقة هي:
"كل عقد بعوض يبرم بين صاحب مشروع من جهة، وشخص طبيعي أو معنوي من جهة أخرى، يدعى مقاول أو مورد أو خدماتي، يهدف إلى تنفيذ أشغال أو تسليم  توريدات أو القيام بخدمات"
وهكذا إذن تعد الصفقات العمومية من العقود الإدارية  المسماة التي تعني تلك الاتفاقات التي تبرم بين الإدارة كسلطة عامة، قائمة على تحقيق المصلحة العامة، وبين الأفراد أو الشركات الخاصة من أجل العمل المطلوب، ولهم حقوق وواجبات كل من الطرفين المتعاقدين لدى تنفيذ ذلك العمل[1].
ولقد تم تنظيم الصفقات العمومية بموجب مرسوم 5 فبراير 2007 الذي نص على مبادئ وأهداف متوخاة منه والتي تتمحور حول:
1- تثمين القواعد التي تشجع على حرية المنافسة وتحت تبار أوسع بين المتعهدين
2- وضع آليات تمكن من ضمان الشفافية في إعداد الصفقات وإبرامها وتنفيذها
3- اعتماد مبدأ المساواة في التعامل مع المتعهدين خلال جميع مراحل إبرام الصفقات
4- إلزام صاحب المشروع بضمان الإعلام المناسب
5- ترسيخ أخلاقيات الإدارة وذلك  بإدراج إجراءات من شأنها التقليص من شأنها التقليص من إمكانيات اللجوء إلى كل الممارسات المرتبطة بأفعال الغش والرشوة
وعلى اختلاف الصفقات العمومية من ناحية أشكالها وطرق إبرامها ومساطرها فيبقى مدى احترامها للمبادئ المنصوص عليها في مرسوم 5 فبراير 2007 هو الأهم بالنسبة لعرضنا، وبذلك فسنختصر بالذكر طرق إبرام الصفقات العمومية ضمن (مبحث أول) ويبقى تحقيق الصفقة لأهدافها الاقتصادية والاجتماعية رهين باحترام  النصوص القانونية وتخليق الحياة العامة، لمواجهة المشاكل والدفاع عن الحقوق دون اقتناء الحلول، وذلك من جانب إلى جانب الرقابة اللازم تشديدها  بشتى أنواعها وآلياتها وهو ما سيتم  التطرق إليه في (المبحث الثاني)
المبحث الأول: طرق إبرام الصفقات العمومية
تعتبر الصفقات العمومية عقودا إدارية يتم إبرامها وفق الطرق التي تحددها النصوص التشريعية  أو التنظيمية المعمول بها و هي الطرق التي يقصد من اتباعها احترام المبادئ التي تمكن الإدارة من تحقيق أحسن إنجاز سواء من الناحية  الفنية أو المالية ابتغاء للمصلحة العامة و حفاظا للمال العام [2].
و هي تنقسم بطبيعتها إلى طرق عادية إلى جانب الطرق الاستثنائية التي يمكن الالتجاء إليها في بعض الحالات و حسب شروط
المطلب الأول: الطرق العادية لإبرام الصفقات العمومية
و هي الطرق الأكثر وضوحا ودقة في تحقيق الشفافية في اختيار صاحب المشروع، و مساواة المتنافسين في الوصول إلى الطلبات العمومية، إضافة إلى خلق أكبر قدر من المنافسة ضمانا للشرعية و النزاهة في إطار فعالية النفقة العمومية و تحقيق المصلحة العامة و تتجلى في الصفقات بناء على طلب العروض و الصفقات بناء على مباراة[3] إذ أنها تقوم على مبدأ الإشهار كمسألة ضرورية و قاعدة عامة و تكون الإدارة ملزمة باحترام مسطرة الإشهار و إلا وقع تصرفها باطلا.
وذلك ما يؤكده حكم المحكمة الإدارية بأكادير " حيث إن المشرع وباعتبار ما للصفقات العمومية من أهمية في تدبير المال العام ومدى ارتباط ذلك بالاستثمار وتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي بهدف خدمة الصالح العام، جعل الإدارة ملزمة بالخضوع في إبرام هذه الصفقات لمقتضيات مرسوم  14/10/1976 وحيث إن وضع الإطار القانوني لإبرام الصفقات برهان قاطع على أن الإدارة مدعوة لتبرير قراراتها حتى تتحقق الرقابة الإدارية والقضائية على كيفية تدبير المال العام"[4]
فقرة أولى: صفقات بناء على طلب العروض
طلب العروض عبارة عن أسلوب أو وسيلة لفتح المجال أمام أكبر عدد من المتنافسين بهدف تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات لصالح الدولة و ذلك يشترط احترام مجموعة من الإجراءات القانونية و التنظيمية.
و تعتبر الطريقة الرئيسية لإبرام الصفقات العمومية، كما تفيد  في إعطاء بعض الحرية للإدارة في اختيار المتعاقد  معها دون التقيد بالثمن لإرساء الصفقة .
و تنقسم بدورها إلى ثلاثة أنواع:
أولا: طلب العروض المفتوح
يكون طلب العروض مفتوحا، عندما يفتح في وجه كل من تتوفر فيه الشروط المشاركة في هذه العلمية، فيسمح لكل مترشح بالحصول على ملف الاستشارة و بتقديم ترشيحه دون التمييز بين هذا النوع أو ذاك من المترشحين و هي المسطرة التي تضمن شفافية أكبر .
و تتم عبر مراحل يمكن بدؤها بالإعلان عن طلب العروض المفتوح في جريدتين على الأقل إحداهما باللغة العربية توزع على الصعيد الوطني، كما يمكن موازاة مع ذلك تبليغه إلى علم المتنافسين المحتملين و عند الاقتضاء إلى الهيئات المهنية بواسطة نشرات متخصصة أو اية وسيلة أخرى للإشهار، إضافة إلى إشهاره ضمن البوابة الإلكترونية للصفقات العمومية، و يجب أن يتم هذا الإعلان قبل التاريخ المحدد لاستلام العروض ب (21) يوما كاملا من اليوم الموالي لنشر الإعلان في ثاني صحيفة.
و يمكن تمديد الأجل للإعلان إلى 40 يوما على الأقل في الحالتين:
1-بالنسبة لصفقات الأشغال التي يعادل أو يفوق ثمنها المقدر 65 مليون درهم دون احتساب الرسوم
2-بالنسبة لصفقات التوريدات و الخدمات التي يعادل أو يفوق ثمنها المقدر مليون و ثمانمائة ألف درهم دون احتساب الرسوم.
و يمكن تغيير الحدين المشار إليهما سابقا بموجب قرار للوزير المكلف بالمالية بعد استطلاع رأي لجنة الصفقات[5].
و الملاحظ أن المرسوم قد وسع من آجال الإعلان عن الصفقات الضخمة لما تتطلبه من إعداد تقني  و فني على قدر كبير من الأهمية، مما يستلزم توسيع آجال اعداد الملفات من أجل المشاركة.
ويتضمن إشهار الإعلان عدة شروط نص عليها الفصل 20 حيث يجب أن يبين فيه :
·         موضوع طلب العروض مع بيان مكان التنفيذ عند الاقتضاء.
·         السلطة التي تجري طلب العروض.
·         مكتب (أو مكاتب ) صاحب المشروع حيث يمكن سحب ملف طلب العروض.
·         مكتب صاحب المشروع الذي تودع فيه أو توجه إليه العروض .
·         المكان واليوم والساعة المحددين لانعقاد الجلسة العمومية لفتح الأظرفة  مع الإشارة إلى إمكانية المتنافسين تسليم أظرفتهم مباشرة لرئيس لجنة طلب العروض عند افتتاح الجلسة .
·         المستندات المثبتة المقررة في ملف طلب العروض والتي يتعين أن يدلي بها كل متنافس.
·         مبلغ الضمان المؤقت بالقيمة عند الاقتضاء.
·         المؤهل أو المؤهلات المطلوبة والصنف أو الأصناف التي يتعين أن يرتب فيه المتنافس ،أو مجال أو مجالات النشاط كما تم تحديدها طبقا للنصوص التنظيمية  الجاري بها العمل .
·         عند الاقتضاء المكان واليوم والساعة المحددين لاستلام العينات والوثائق الوصفية، والبيانات الموجزة طبقا للشروط الواردة في المادة 33، مع العلم أن أجل هذا الاستلام يكون إلى غاية أخر يوم العمل السابق للتاريخ والساعة المحددين لفتح الاظرفة، المنصوص عليهما في الإعلان عن طلب العروض مقابل وصل يسلمه صاحب المشروع.
·         ثمن اقتناء ملف طلب العروض عند الاقتضاء.
·         تاريخ الاجتماع أو زيارة المواقع التي يقرر صاحب المشروع تنظيمها لفائدة المتنافسين عند الاقتضاء ، مع الإشارة إلى أن تاريخ هذا الاجتماع أو الزيارة يجب أن يتم خلال الثلث الثاني من الأجل الذي يسري بين الإعلان في الجريدة الثانية والتاريخ المحدد لفتح الأظرفة.
·         العنوان الالكتروني عند الاقتضاء للموقع المستعمل لإشهار طلب العروض.
·         الإشارة إلى الجريدة أو الموقع الإلكتروني عند الاقتضاء، الذين نشرا البرنامج التوقعي، الذي أعلن عن طرح الصفقة موضوع إعلان طلب العروض، ماعدا إذا كانت الصفقة المعنية غير مدرجة في البرنامج المذكور.
 وبعدما كانت الجلسات سرية في مرسوم 1965 أعطى مرسوم 14 أكتوبر 1976 الخيار للإدارة بين السرية والعلنية ، أما مرسوم 1998 فقد نص صراحة في مادته 37 على أن فتح أظرفة المتنافسين يكون في جلسة عمومية، وكذلك الأمر بالنسبة لمرسوم 5 فبراير 2007 في مادته 35. إذن مزيدا من العلنية والشفافية لطمأنة المشاركين في طلبات العروض باستثناء تلك التي تطرحها إدارة الدفاع الوطني فإن جلسة فتح الأظرفة تكون غير عمومية.
ثانيا: طلب العروض المحدود:
بالنسبة لطلب العروض المحدود فهو يقتصر على أشخاص معينين تختارهم الإدارة مقدما للمشاركة في المنافسة، و لا يمكنها أن تسلك هذا الأسلوب إلا بالنسبة للصفقات التي يقل مبلغها أو يساوي مليون درهم و التي لا يمكن تنفيذها إلا من طرف عدد محدد من المقاولين و الموردين أو الخدماتيين، اعتبارا لطبيعتها أو لتعقدها أو لأهمية المعدات التي يتعين استعمالها.
و يتم توجيهه في شكل دورية أو رسالة مضمونة إلى ثلاثة مترشحين على الأقل يكون بإمكانهم الاستجابة على أحسن وجه للحاجات المراد تحقيقها للإدارة، وذلك لتحقيق حد أدنى من المنافسة و يجب أن يتضمن هذه الدورية جميع البيانات الخاصة بإشهار الإعلان عن طريق العروض المفتوح
و يتعين ذلك 15 يوما على الأقل من تاريخ جلسة فتح الأظرفة و يمكن أن يكون طلب العروض المحدود:
-بناء على تخفيض: حيث يوقع المترشحون التزاما بإنجاز الأشغال  أو الخدمات أو تسليم التوريدات التي يتم إعداد ثمنها التقديري من قبل صاحب المشروع، مقابل تخفيض أو زيادة يعبر عنها بنسبة مئوية
-بعرض أثمان: حيث لا يبين ملف طلب العروض للمتنافسين إلا طبيعة و أهم الأشغال أو التوريدات أو الخدمات التي يتولى المتعهد بنفسه تحديد أثمنتها         مبالغها.
و بالرغم من بعض الاختلاف بين الإجراءات الخاصة بين كل من طلب العروض المفتوح أو المحدود، فتبقى هناك مقتضيات مشتركة بينهما، تتجلى في الدعوة إلى المنافسة، و فتح الأظرفة في جلسة عمومية، باستثناء الطلبات التي تخص إدارة الدفاع الوطني ، فهي تفتح في جلسة مغلقة.
-فحض العروض من طرف لجنة طلب العروض
- تعيين لجنة طلب العروض المتعهد الذي على صاحب المشروع أن يقبل عرضه.
- قيام صاحب المشروع الذي يجري طلب العروض بتبليغ الثمن التقديري للاسترشاد به، إلى لجنة طلب العروض و ذلك خلال جلسة فحص العروض، و قبل فتح الأظرفة المعنوية على العروض المالية للمتعهدين[6].
و يبقى طلب العروض المحدود كفائدة كبيرة على المقاولات الصغرى و المتوسعة إذ يتناسب مبلغ الصفقة  غالبا مع القدرة المالية لمعظمها.
ثالثا: طلب العروض بالانتقاء المسبق.
يعتمد هذا الأسلوب من طلب العروض على الانتقاء المسبق، عندما تتطلب الأعمال موضوع الصفقة ذلك، بحكم تعقدها أو طبيعتها الخاصة و خصوصا المؤهلات التقنية و المالية فيكم القيام بانتقاء للمترشحين في مرحلة أولى قبل دعوة المقبولين منهم لإيداع عروضهم .
و ينشر الإعلان عن طلب العروض بالانتقاء المسبق وفقا لنفس الشروط المقررة بالنسبة لطلب العروض المفتوح، و يخضع طلب العروض بالانتقاء المسبق لمقتضيات المواد من 48 إلى 62 من مرسوم 5 فبراير 2007.
و يبقى هذا الانتقاء كمرحلة أولية قبل دعوة المقبولين لإيداع ملفات عروضهم  و لا يتم اللجوء إلى مسطرة طلب العروض بالانتقاء المسبق، إلا إذا تطلبت الأعمال موضوع الصفقة، بحكم تعقدها و طبيعتها الخاصة، القيام بانتقاء سابق للمترشحين في مرحلة أولى، قبل دعوة المقبولين منهم إيداع عروضهم.
و مصطلح الطبيعة الخاصة، هنا تنقصه الدقة حيث يطرح التساؤل حول ما هي المعايير المعتمدة لتحديدها، إذا كانت هناك صفقات عمومية ذات طبيعة خاصة الأمر الذي يفهم منه أن المشرع عمد إلى مسطرة طلب العروض بالانتقاء المسبق لإضفاء مرونة على مساطر الصفقات العمومية. بالرغم من السلبيات التي يمكن أن تنجم عنه من الإجراء، إذ أن تمتيع الإدارة بسلطات صلاحيات تقديرية واسعة في اتباع أسلوب طلب العروض بالانتقاء المسبق، قد يؤدي إلى تعسف الإدارة و انحرافها و بالتالي يساهم هنا الحق في الانتقاء في إهدار و خرق مبدأ المساواة و المنافسة الشريفة و ذلك من خلال قبول و استبعاد بعض المقاولين بشكل تعسفي[7].
و تنقسم الإجراءات بخصوص صفقة طلب العروض بالانتقاء المسبق إلى مرحلتين
أ-المرحلة الأولى
*إجراءات أولية بشأن قبول المشاركين في هذه الصفقة: و هي عبارة عن مجموعة من القواعد المسطرية التي تبني كيفية اختيار المترشحين المتوفرين على الكفاءات و المؤهلات و التي تمكنهم من حق المشاركة في المرحلة الثانية شأ،  التنافس لنيل  الصفقة و هي أساسا تحضير صاحب المشروع لملغاته ثم  إعداد  المتنافسين لملفاتهم و إيداعها و ممارسة لجنة القبول لاختصاصاتها لتنتهي بالإعلان عن النتائج النهائية للقبول الأولي
ب-المرحلة الثانية
و بعد المرحلة الأولى يتم المرور المرحلة الثانية المتجلية في الإجراءات الخاصة بالمقبولين لانتقاء نائل الصفقة، إذ يقتصر تطبيق هذه الإجراءات على المترشحين المقبولين لأجل التباري لطلب العروض بالانتقاء المسبق، يتعين على كل من صاحب المشروع و المترشحين و لجنة طلب العروض  الالتزام بها كل في مجال حدوده إلى غاية الإعلان عن النتائج النهائية لهذه العروض.
و ينشر إعلان عن طلب العروض بالانتقاء المسبق وفق نفس الشروط المقررة في المادة 20 بالنسبة لطلب العروض المفتوح.
و الفرق بين هذه الطريقة و طلب العروض المحدود يتجلى في الحد الأقصى لمبلغ الصفقة،
فقرة ثانية: الصفقات بمباراة
هناك حالات كثيرة تجعل الدولة تتخلى عن طريقة طلب العروض كأسلوب لإبرام صفقاتها من أجل  تحقيق الكمية و من أهم هذه الحالات، نحب الخصوصية التقنية لمشروع معين حيث نضطر الدولة أن تلجأ لأسلوب المباراة لاختيار أحسن المتعهدين لتنفيذ الصفقة[8] و بصفة عامة يطبق هذا الأسلوب عندما تكون طبيعة العمل المطلوب انجازه تقنيا و إجماليا أو ماليا، و الذي يحتاج إلى أبحاث خاصة[9].
و يخضع هذا النوع من الصفقات لنفس الإجراءات المتبعة في الصفقة بطلب العروض من حيث مبادئها.
أولا: مرتكزاتها:.
1- إشهار نية الإدارة في عقد صفقة، ليتم وصلوها إلى علم المقاولين الذين يهمهم الأمر.
ويتم تنظيم المباراة على أساس برنامج يعده صاحب المشروع، ويمكن أن ينص هذا البرنامج على منع جوائز و مكافآت أو امتيازات للمتنافسين الذين تحتل مشاريعهم أحسن الرتب و تحدد العدد الأقصى للمشاريع التي يمكن أن تستفيد من الجوائز
2-تتضمن المباراة دعوة عمومية للمنافسة ، و يمكن للمترشحين الذين يرغبون في المشاركة إيداع طلب القبول أو يقتصر إيداع المشاريع على المرشحين المقبولين  من طرف لجنة القبول طبقا للشروط المحددة في المواد من 49 إلى 59 من مرسوم 05 فبراير 2007.
3-تقوم لجنة المباراة بفحص و ترتيب المشاريع التي اقترحها المتنافسون المقبولون.
4-تتضمن المباراة فتح الأظرفة في جلسة عمومية، غير أنه بالنسبة للمباريات التي تطرحها إدارة الدفاع الوطني فإن جلسة فتح أظرفة المتنافسين، إما أن تودع مقابل وصل بمكتب صاحب المشروع المبين في إعلان المباراة، و إما أن ترسل بواسطة البريد المضمون بإشعار بالتوصل إلى المكتب السالف الذكر، و ذلك في الأجل المحدد في الإعلان.
ثانيا: خصوصياتها
بالرغم من وحدة المبادئ التي تطبع كل من الصفقات بطلب عروض أو الصفقات بمباراة فهذه الأخيرة تختلف عن الأولى في أمرين.
1-طلب العروض يقام في جميع أنواع الأشغال، بينما المباراة لا يتم اللجوء إليها إلا في الأشغال التي تتطلب دراسات و أبحاث خاصة.
2- يتعلق بكون أسلوب طلب العروض يترتب عليه اختيار عرض وحيد بينها في المباراة يتم اختيار عدة عروض يتم ترتيبها في قائمة حسب الأولوية، تقوم الإدارة باختيار انسبها من حيث الاستجابة للأشغال المطلوبة في الصفقة.
كما أن المباراة يتم تنظيمها على أساس برنامج يعده صاحب المشروع، و يمكن أن ينص هذا البرنامج على منح جوائز أو مكافآت أو امتيازات للمتنافسين الذين تحتل مشاريعهم  أحسن الرتب ، و تحدد الحد الأقصى للمشاريع التي يمكن أن تستفيد من الجوائز، و لا يمكن بأي حال تعديل الترتيب الذي وضعته لجنة المباراة، و تبقى المشاريع الحاصلة على جائزة ملكا لصاحب المشروع.
ويجب الحرص على التنصيص على كافة الشروط الشكلية لأن عدم استكمالها لا يؤثر فقط على إثبات الحقوق وإنما يؤثر بالدرجة الأولى على سلامة العقد إلى حد التصريح ببطلانه وهو ما صارت عليه المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في حكم لها جاء فيه:: "وحيث درج القضاء الإداري على مستوى المحاكم الإدارية المغربية على أن عدم توفر عقد الصفقة  على أحد الشروط الجوهرية يجعله باطلا وغير منتج لأي أثر قانوني ناتج عن العقد"[10].
وتبدوا أهمية وفعالية مسطرة المباراة في كونها تسمح باختيار يوفق بين إيجاد الحلول الابتكارية لتجسيد الصفقات المزمع تنفيذها ، وبين اختيار المتقدم بأحسن العروض، حيث أن هاته الطريقة تحقق المعادلة الثلاثية :الثمن ، الجودة، المدة[11].
المطلب الثاني: الطرق الاستثنائية في إبرام الصفقات العمومية
بالرغم من التوجه العام في إبرام الصفقات نحو طلب العروض و المباراة و هي  الطرق التي تمكن من احترام مبادئ حرية الولوج إلى الطلبات العمومية و الشفافية في التعامل مع المترشحين و تكريسا للمساواة و العلنية ، و المنافسة الشريفة إلا أنه قد تحول ظروف دون الالتجاء إلى إبرام الصفقات بالطرق العادية التي تحترم بشكل صريح جل المبادئ التي تم تكريسها في مرسوم الصفقات العمومية.
و تلجأ إلى صفقات تفاوضية أو أعمال بناء سندات الطلب و هي الطرق التي تتمتع الإدارة من خلالها بحرية واسعة في اختيار من تتعاقد معهم
الفقرة الأولى: الصفقات التفاوضية
بمقتضاها يجوز لصاحب المشروع اختيار  نائل الصفقة بعد الاستشارة الفعلية مع أحدهم أو عدد منهم، و لقد تم تحديد إطارها بتوضيح السمات العامة  للصفقات  التفاوضية،  في نص المادة 71 من مرسوم 5 فبراير 2007.
و ينبغي أن تقتصر هذه المفاوضات على ثمن البيع، أجل التنفيذ و تاريخ الانتهاء أو التسليم دون التعرض لموضوع الصفقة و محتواها لأن التفاصيل بشأنها تؤجل لدراستها مع نائل الصفقة.
أولا-حالات اللجوء إلى الصفقات التفاوضية
لقد تم حصر الحالات التي يتم فيها اللجوء إلى المسطرة التفاوضية لابرام صفقات الدولة، و ذلك في نص المادة 72 من مرسوم 2007[12].
إن إبرام الصفقات التفاوضية يستوجب من السلطة المعنية إعداد شهادة إدارية تبين الاستثناء الذي يبرر إبرام الصفقة على هذا الشكل، باستثناء الأعمال التي لا يمكن أن يعهد بانجازها اعتبارا لضرورات تقنية أو لصيغتها المعقدة إلا لصاحب أعمال معين، و كذا الأعمال المستعجلة التي يجب     الشروع في تنفيذها قبل تحديد جميع شروطها[13] و قد حدد المشرع الحالات التي يمكن اللجوء فيها إلى الصفقة التفاوضية و هي قسمان:
أ-الحالات التي تتطلب الإشهار المسبق و إجراء المنافسة:
1- الأعمال التي كانت موضوع مسطرة طلب العروض أو مباراة و لم تقدم بشأنها إلا عروضا اعتبرتها لجنة  طلب العروض أو لجنة المباراة غير مقبولة باعتبار المقاييس الواردة في نظام الاستشارة
و في هذه الحالة يجب ألا يطرأ أي تغيير على الشروط الأصلية للصفقة و يجب ألا تزيد المدة الفاصلة بين تاريخ التصريح بعدم جدوى المسطرة و تاريخ نشر الإعلان من الصفقة التفاوضية عن 21 يوما.
2-الأعمال التي يتعين على صاحب المشروع أن يعهد بتنفيذها إلى الغير حسب الشروط الواردة في الصفقة الأصلية على اثر تقصير من صاحب الصفقة.
و في هذه الحالة تتم هذه الطريقة لأجل إتمام موضوع الصفقة الأصلية بنوع من السرعة و الفعالية[14].
و ما يتبين من هاتين الحالتين أن صاحب المشروع لا يتمتع بصلاحيات مطلقة في هذا الشأن بل يتعين عليه قدر الإمكان أن يحترم الإشهار المسبق والمنافسة.
ب-الحالات التي لا تتطلب إشهارا و بدون إجراء منافسة
و تنحصر الصفقات التفاوضية في هذه الحالة في ست حالات:
1-الأعمال التي لا يمكن أن يعهد بانجازها إلا لصاحب أعمال معين، اعتبارا لضرورة تقنية أو لصيغتها المعقدة، و التي تستلزم خبرة خاصة
2-الأعمال التي تقتضي ضرورات الدفاع الوطني أو الأمن العام الحفاظ على سريتها و يجب أن تكون هذه الصفقات موضوع ترخيص مسبق من الوزير الأول بالنسبة لكل حالة على حدة بناءا على تقرير خاص من السلطة الحكومية المعينة.
3-الأشياء التي يختص بصنعها حصرا حاملوا براءات الاختراع
4-الأعمال الإضافية التي  يعهد  بها إلى مقاول أو مورد أو خدماتي سبق أن أسندت إليه صفقة، إذا كانت من المفيد، بالنظر لأجل التنفيذ أو حسن سير هذا التنفيذ، عدم إدخال مقاول أو مورد أو خدماتي جديد  و عندما يتبين أن هذه الأعمال غير المتوقعة وقت إبرام الصفقة الرئيسية تعتبر تكملة لها و لا تتجاوز نسبة  10 في المائة من مبلغها، أما فيما يتعلق بالأشغال فيتعين أيضا أن يعتمد في تنفيذها على معدات منصبة  في نفس المكان استعملها المقاول فيه، وتبرم هذه الصفقات على شكل  عقود ملحقة بالصفقات الأصلية المرتبطة بها.
5-الأعمال التي يجب انجازها في حالة الاستعجال القصوى ناجمة عن ظروف غير متوقعة بالنسبة لصاحب المشروع و غير ناتجة عن  عمل منه، وتكون على الخصوص على اثر حدث فاجع مثل زلزال أو فيضانات أو مدا بحريا أو جفاف أو اجتياح الجراد أو حرائق، أو بيانات أو منشآت آيلة للانهيار و هي الظروف التي لا تتلاءم مع الآجال التي يستلزمها الإشهار و إجراء منافسة مسبقين.
و يجب أن تقتصر الصفقات المطابقة لهذه الأعمال حصرا على الحاجات الضرورية لمواجهة حالات الاستعجال.
6-الأعمال المستعجلة التي تهم الدفاع عن حوزة التراب الوطني أو أمن و سلامة السير الطرقي أو الملاحة الجوية أو البحرية أو الناجمة عن إحداث سياسة استثنائية و التي يجب الشروع في تنفيذه قبل أن يتسنى تحديد جميع شروط الصفقة طبعا لمقتضيات المادة 73.
و يجب أن تكون الصفقات المراد إبرامها بموجب هذا الاستثناء موضوع ترخيص يصدر بمقرر للوزير الأول.و بالنسبة للصفقات التفاوضية فهي جاءت على سبيل الحصر و لا يمكن الخروج عنها
ثانيا: أشكال الصفقات التفاوضية
لقد تولت المادة 73 من مرسوم 5 فبراير 2007، تحديد شكل ابرام الصفقات التفاوضية التي تقترب من مسطرة طلب العروض المحدود، باعتبار توحدهما في إجراء توجيه صاحب المشروع رسالة أو دورية الاستشارة إلى المرشحين.
و هي تبرم على إحدى الوسائل التالية:
-بناء على عقد التزام يوقعه الراغب في التعاقد و على دفتر الشروط الخاصة.
-إما بناء على مراسلة وفقا للأعراف التجارية تحدد شروط انجاز العمل
-بصفة استثنائية بتبادل رسائل أو اتفاقية خاصة، بالنسبة للأعمال المستعجلة المنصوص عليها في حالة الاستثناء الواردة سابقا، و التي يتعارض انجازها مع إعداد الوثائق المكونة للصفقة، و يتعين أن ينص تبادل الرسائل أو الاتفاقيات الخاصة على الأقل على طبيعة العمليات و كذا حدود التزامات الدولة، من حيث المبلغ و المدة و أن يحدد ثمنها نهائيا أو مؤقتا.
و ما يمكن استخلاصه من هذا النوع من الصفقات أنه يفتح الباب على مصراعيه للتلاعب و التبذير، خصوصا و أن الضمانات التي أحاطه بها المشرع جد ضعيفة.
الفقرة الثانية:  أعمال بناء على سندات طلب:
تعتبر سندات الطلب إلى جانب الصفقات التفاوضية نوعا من الاتفاق المباشر حيث تجري الإدارة في إطاره مفاوضات تخلص في النهاية إلى ترتيبات ترى أنها تحقق فائدة لها مع الطرف المتعاقد، و تساومه بنفس الأسلوب الذي يتعامل الأفراد في نطاق القانون الخاص و لها في ذلك كامل الحرية.
أولا:تعريفها
و هو أسلوب  استثنائي في تنفيذ أعمال معينة من الصفقات بمقتضاه، يمكن لصاحب المشروع القيام باقتناء توريدات ، ممكن تسليمها في الحال، و انجاز أشغال و خدمات في حدود مبلغ مائتين ألف درهم (200.000 درهم)، في إطار صفقات ذات أهمية محدودة يستلزمها التسيير الإداري.
و تعتبر طريقة الابتعاد عن تعقد المساطر العادية و طولها، ما لا تستوجب طبيعة الأعمال البسيطة.
و يمكن تجاوز مبلغ (200.000 درهم) بمقرر من الوزير الأول بعد استطلاع رأي لجنة الصفقات و تأشير الوزير المكلف بالمالية.
ثانيا: شروطها
و قد ألزم المشرع خضوع الأعمال موضوع سندات الطلب إلى منافسة مسبقة قدر الإمكان و حسب الوسائل اللازمة ماعدا في حالة الاستعجال.
-و يلزم صاحب المشروع لهذه الغاية استشارة ثلاثة متنافسين كتابة على الأقل و تقديم ثلاث بيانات  مختلفة للاثمان لتحقيق أدنى قدر من المنافسة.
-و يجب أن يكون المبلغ في حدود اعتمادات الأداء المتوفرة برسم السنة المالية كما يجب أن تتضمن هذه السندات  مواصفات و محتوى الأعمال المراد تلبيتها إلى جانب أجل  التنفيذ أو تاريخ التسليم، كما يجب النص على شروط الضمان اللازمة.
وقد جاء في هذا الإطار قرار للمجلس الأعلى بمقتضاه:"حيث أنه بالرجوع إلى موضوع الدعوى يتبين أن الأمر يتعلق بأشغال كلف بها المدعي المستأنف عليه بناء على وصل الطلب المستدل والمحكمة لم تبحث عنصر إنجاز الأشغال وتاريخ الإنجاز وإن الرسالة الصادرة عن رئيس الجماعة لا تكفي للاستجابة للطلب، وإنه لا يمكن للآمر بالصرف وهو في النازلة رئيس جماعة محلية أن يلزمها بأية نفقة إلا في حدود القانون والأنظمة المطبقة على الصفقات العمومية وفي إطار الميزانية المصادق عليها بصفة قانونية"[15]
و نظرا للطابع الاستثنائي للأعمال موضوع سندات الطلب، فقد أحالت المادة 75 من مرسوم 2007 على ملحق يحدد قائمة بالأعمال التي يمكن أن تكون موضوع سند الطلب .
و يجوز تغيير هذه القائمة بموجب مقرر للوزير الأول بناء على اقتراح من الوزير المكلف بالمالية و بعد استشارة لجنة الصفقات.
المبحث الثاني : آليات الرقابة على الصفقات العمومية
الصفقات العمومية هي نفقة من النفقات العمومية ، و لذا فإنها تخضع وجوبا لرقابة واسعة بهدف مطابقة الصفقة للأهداف المتوخاة من وراء إبرامها ، و مطابقتها للقوانين و الأنظمة الجاري بها العمل ، فحماية المال العام من النزيف الذي تسببه الصفقات المشبوهة هو أول تدبير يجب إتخاده إذا ما أرادت الدولة الوصول إلى تنمية حقيقية و مستدامة.[16]
و في هذا الإطار يمكن أن نميز بين الرقابة الإدارية التي تتكفل بها أجهزة إدارية "المطلب الأول"، و الرقابة القضائية التي تتولاها جهات قضائية. "المطلب الثاني".
المطلب الأول : الرقابة الإدارية للصفقات العمومية
تعد الرقابة الإدارية الممارسة على الصفقات العمومية من الرقابات التقليدية التي تمارس من داخل الإدارة نفسها ، و تتم الرقابة الإدارية إما من طرف أجهزة رقابية منبثقة من داخل الإدارة المبرمة للصفقة. " الرقابة الإدارية الداخلية" أو من خارج الإدارة المعنية ، لكنها تظل منبثقة من داخل الجهاز التنفيذي ككل. " الرقابة الإدارية الخارجية".[17]
الفقرة الأولى : الرقابة الإدارية الداخلية
حدد مرسوم 5 فبراير 2007 "المتعلق بتحديد شروط و أشكال إبرام صفقات الدولة و كذا بعض القواعد المتعلقة بتدبيرها و مراقبتها" ، في بابه السابع الشروط الخاصة بتتبع و مراقبة تدبير الصفقات ، و تشمل تلك المقتضيات في مجملها الحرص على مراقبة الإدارة المعنية لكل مراحل الصفقة العمومية ، إبتداءا من التفكير في موضوعها و إنتهاءا بأخر مراحل تنفيذها.[18]
أولا : مراقبة تحضير الصفقة
يختص صاحب المشروع بمراقبة تحضير الصفقة لكونه على دراية بطبيعة و مدى الحاجات المراد تلبيتها ، و بالرجوع إلى نص مرسوم 5 فبراير 2007 نجده يحدد مجموعة من المعطيات الضرورية لتتبع و مراقبة الصفقة و ذلك بمواكبة تحضيرها قبل الإقدام على إبرام الصفقة و هاته المعطيات منها ما سبق أن تعرض له مرسوم 30 ديسمبر 1998 السابق ، و منها ما هو مستجد في المرسوم الأخير و يتعلق الأمر بنشر البرامج التوقعية ،واجب التحفظ و كتمان السر المهني ، محاربة الغش و الرشوة.
1.      نشر البرامج التوقعية
بحسب الم 87 من مرسوم 5 فبراير 2007 ، أصبح نشر البرامج التوقعية ، مسألة ضرورية و مؤكدة ، بحيث يتعين على صاحب المشروع قبل متم الثلاثة أشهر الأولى من كل سنة مالية على أبعد تقدير ، أن يعمل على نشر البرنامج التوقعي للصفقات التي يعتزم طرحها برسم السنة المالية المعنية ، و ذلك على الأقل في جريدة ذات توزيع وطني و في بوابة صفقات الدولة المنصوص عليها بم 76 من نفس المرسوم ، إلا أن إدارة الدفاع الوطني تعفى من هذا النشر.[19]
و يعد إجراء النشر المذكور واردا على سبيل البيان، و يهدف إلى تكريس مبدأ الشفافية اتجاه سلطات المراقبة من جهة أولى، و اتجاه المقاولات المنافسة من جهة ثانية، و اتجاه العموم من جهة ثالثة.[20]
و يلاحظ بخصوص نشر البرنامج التوقعي في الجريدة، أنه لم يأخذ بعين الاعتبار جانب الازدواج اللغوي، إذ أن عبارة "نشر البرنامج التوقعي... و ذلك على الأقل في جريدة ذات توزيع وطني يحمل على الاعتقاد بكون البرنامج التوقعي يمكن نشره سواء باللغة العربية أو بالفرنسية.
كما يلاحظ أن عملية النشر ضرورية، و لا يمكن تجاهلها من طرف صاحب المشروع لأي سبب كان، و لكن رغم ذلك لم يقر المشرع جزاء لمخالفة هذا النشر.
2.      الإشراف المنتدب على المشروع :
أشارت المادة 88 من مرسوم 5 فبراير 2007 إلى إمكانية الإشراف المنتدب على الصفقة كنوع من الرقابة ، حيث يستفاد منها أنه يجوز لصاحب المشروع أن يعهد بموجب إتفاق إما إلى إدارة عمومية مؤهلة أو إلى هيئة عمومية ،بمهام الإشراف على مشروع تابع له ، و ذلك بناءا على مقرر رئيس الحكومة بعد استشارة الوزير المكلف بالمالية.
و لا يكون هذا الإشراف صحيحا و قانونيا إلا إذا صدر من الجهة المختصة به، و وفق اتفاق سليم في عناصره و بنوده و محتوياته.
3.      تقرير تقديم الصفقة :
تلزم المادة 90 صاحب المشروع بأن يعد لكل صفقة تقرير تقديم يتضمن بالخصوص   ما يلي:
-           طبيعة و مدى الحاجات المراد تلبيتها.
-           عرض حول الاقتصاد العام للصفقة و كذا مبلغ تقديرها.
-           الأسباب الداعية إلى اختيار طريقة الإبرام.
-           مبرر اختيار نائل الصفقة.
-           مبرر اختيار مقاييس انتفاء الترشيحات و تقييم العروض.
كما ينبغي أن يحتوى التقرير أيضا في الصفقات التفاوضية على مبررات الأثمان المقترحة بالمقارنة مع الأثمان المتداولة عادة في المهنة.
4.      واجب التحفظ و الكتمان :
أشارت الم 93 من مرسوم 5 فبراير 2007 بمطلعها إلى أن الأحكام الجاري بها العمل و المتعلقة بكتمان السر المهني تظل قواعد عامة ينبغي تطبيقها على كل المجالات ، بما في ذلك قطاع الصفقات العمومية ، و قد بينت نفس المادة الأشخاص المعنيين بهذا الواجب و هم : أعضاء لجان فتح الأضرفة ، أعضاء لجان القبول بالنسبة لطلب العروض بالانتقاء المسبق أو المباريات ، لجان المباريات . بالإضافة إلى كل شخص موظف أو تقني أو خبير دعي للمساهمة في أعمال اللجان المذكورة.
و إذا ثبت أي إخلال بواجب التحفظ أو كتمان السر المهني يصبح من حق السلطة المختصة تحريك المتابعات الإدارية و الجنائية و المدنية و ذلك تبعا لخطورة الفعل موضوع المتابعة.
5.      محاربة الغش و الرشوة :
نصت الم 94 على واجب محاربة الغش و الرشوة . حيث ألزمت على المتدخلين في مساطر إبرام الصفقات، بالمحافظة على الاستقلالية في معاملتهم مع المتنافسين. و منعتهم من قبول أي امتياز أو منحة من المتنافسين، أو ربط علاقة معهم من شأنها المس بموضوعية المتدخلين و نزاهتهم.
ثانيا : الرقابة على إبرام الصفقات
وهي مراقبة داخلية تستهدف معرفة مدى توفر الشفافية في اختيارات صاحب المشروع عند إبرام الصفقة ، و مدى تواجد المنافسة و المساواة و فعالية النفقة ، و التأكيد على اختيار العرض الأفضل و الأنسب من حيث الجودة و الثمن عوض الإكتفاء بمعيار الثمن المنخفض .
كما تهدف إلى مراقبة طرق إبرام الصفقات العمومية، و مدى توفر الدعوة العمومية للمنافسة في صفقة المباراة ، و كذا مراقبة الشروط المطلوبة من المتنافسين للمشاركة في طلبات العروض و المباراة المحلية و غيرها ... .[21]
و لأجل النهوض بهاته الرقابة ، فإن المشرع ألزم صاحب المشروع بتتبع إجراءات إبرام الصفقات في مختلف المراحل التي يتم فيها هذا الإبرام ، و هو ما يفرض حضور ممثل صاحب المشروع كعضو في لجنة طلب العروض ، و في لجنة قبول المرشحين ، و في لجنة المبارة.[22]
ثالثا : مراقبة تنفيذ الصفقة
تنصب هاته الرقابة على واجبات الملزمين بالصفقة أي صاحب المشروع "الإدارة" و صاحب الصفقة "المقاول". فالإدارة تكون مسؤولة عن تصرفاتها المخلة بالتزاماتها التعاقدية أثناء التنفيذ حيث يتوجب عليها التنفيذ بكل ما يضمن الإنجاز التام و الجيد للصفقة. أما المقاول فيكون مسؤولا عن الأعمال التي ينجزها ، هكذا تتم مراقبة ما إذا كان إنجاز الصفقة قد تم وفقا للمواصفات و الشروط المتفق عليها و في المدة المحددة أم أنه تم ارتكاب أعمال تدليسية أو مخالفات لشروط العمل أو إخلالات بالالتزامات الموقعة.
وبهذا الإطار نجد أن الم 85 قد حددت الجزاءات التي سيتعرض لها المقاول في هاته الحالة، و المتمثلة في الإقصاء بصفة مؤقتة أو نهائية ، من المشاركة في الصفقات التي تبرمها الإدارة المعنية ، كما يمكن تمديد هذا الإقصاء إلى الصفقات التي تعلن عنها جميع الإدارات العمومية.[23]
و يمكن لصاحب المشروع إسناد مهمة تتبع و تنفيذ الصفقة إلى موظف يسمى بالشخص المكلف بتتبع تنفيذ الصفقة. إذا كانت أهمية الصفقة و تعقد موضوعها يبرران ذلك، و يتم هذا الإسناد بموجب قرار تعيين. و يجب تحديد التزامات و مهام هذا الشخص في دفتر الشروط الخاصة . دون المساس بالاختصاصات المخولة للأمرين بالصرف و المفوض إليهم من لدنهم أو إلى الأمرين المساعدين بالصرف.[24] كما يجب تبليغ قرار التعيين إلى صاحب الصفقة لتسهيل مأموريته.
كما أشار المرسوم في المادة 95 منه إلى تقنية مهمة بالنسبة لتتبع سير تنفيذ الصفقة و هي تقرير انتهاء الصفقة بعد تنفيذها، التي تكون ملزمة في كل صفقة يفوق مبلغها مليون درهم.[25] حيث يتولى صاحب المشروع إعداد التقرير و توجيهه إلى السلطة المختصة قصد التأكد من مطابقة الصفقة لمقتضياتها القانونية و التنظيمية و مدى احترامها لإجراءاتها التطبيقية و لالتزامات أطرافها . و يتعين نشر هذا التقرير في بوابة صفقات الدولة ، إلا أن إدارة الدفاع الوطني تعفى من عملية النشر هذه.
و بالإضافة إلى كل الآليات الرقابية السالفة الذكر ، فإن الصفقات تخضع أيضا إلى تدقيقات داخلية تحدد بمقررات للوزير المعني بالأمر ، و ذلك حسب الم 92 و هاته التدقيقات يمكن أن تتعلق بتهيئ و إبرام و تنفيذ الصفقات، و هي تدقيقات إجبارية بالنسبة للصفقات التي يتجاوز مبلغها 5 ملايين درهم ، و بطبيعة الحال فإن صفقات إدارة الدفاع الوطني تعفى من هاته التدقيقات.
و يسعى التدقيق الداخلي إلى تحقيق 3 أهداف تتمثل في :
1 – معرفة ما إذا كانت الإجراءات و الأساليب المستخدمة ملائمة لبلوغ الأهداف المتوخاة.
2 – وضع التوصيات و الاقتراحات لتحسين أو تعديل الإجراءات المنتهجة و طرق العمل ذاتها بحيث تصبح أكثر فاعلية في تحقيق الأهداف المرجوة.
3 – التأكد من حسن قيام السلطة المفوض لها بالمراقبة بدورها الإيجابي و الفعال.
و هذا النوع من الرقابة و إن كان ذا أهمية بالغة إلا أن إلزامية نهجه في القطاع العام مازالت ضعيفة نظرا لصعوبة تقبل الإدارة أسلوب النقد الذاتي.[26] كما أن مبلغ 5 ملايين درهم هو مبلغ ضخم مقارنة مع وضعية بعض الجماعات المحلية ذات الميزانية المحدودة، مما يعني أن عددا كبيرا من الصفقات لن يخضع لهذا التدقيق.[27]
الفقرة الثانية : المراقبة الإدارية الخارجية
لضمان التدبير العقلاني للصفقة ، و تحقيقا لأهدافها و احترامها للنصوص القانونية ،فقد تم إخضاعها لمراقبة أجهزة خارجة عن الإدارة صاحبة الصفقة، و تتمثل هاته الأجهزة في "سلطة الوصاية" "أولا"، ولجنة الصفقات "ثانيا"، بالإضافة إلى وزارة المالية "ثالثا".
أولا : رقابة سلطة الوصاية
تضطلع سلطة الوصاية "ممثلة في وزير الداخلية ، و المفتشية العامة لوزارة الداخلية" بدور هام في مراقبة الصفقات التي تبرمها مختلف الإدارات العمومية حيث تمارس هذه الرقابة إما من تلقاء نفسها أو بناءا على شكاية المتنافسين ، و تهم هاته المراقبة التأكد من شرعية إجراءات إبرام الصفقة و من مقتضيات تنفيذها.
هكذا تعمل سلطة الوصاية على التأكد من احترام مبادئ حرية الولوج إلى الطلبات العمومية، و المساواة في التعامل مع المتنافسين ، و الشفافية في اختيار صاحب المشروع ، مع مراعاة أفضل العروض بجودة خدماتها و أقل أثمانها ، و مدى توفر الإعتمادات و الضمانات الكافية التي تؤهل المقاول لإنجاز الصفقة المتطلبة.
 كما تتأكد من حسن اختيار الطريقة الملائمة لإبرام الصفقة، و مدى احترام المقتضيات المسطرة بالنسبة للطريقة المنتهجة في إبرام الصفقة "أي الإعلان عن الصفقة، و كيفية إعلام المتنافسين، و التيقن من الشروط العامة المطلوبة فيهم".
 و إذا تعلق الأمر بالصفقات التفاوضية، فإن سلطة الوصاية تتأكد من حالات اللجوء إليها، و من صحة شكل إبرامها، أما إذا تعلق الأمر بالأعمال بناء على سندات الطلب، فإنها تكون مضطرة لمراقبة ما تتضمنه تلك السندات من مواصفات، و محتوى الأعمال المراد تلبيتها.
 كما تنصب مراقبة سلطة الوصاية ، على التأكد من أن المقاول أو المورد قد أنجز الصفقة في موعده المحدد و وفقا للمواصفات الواردة في الوثائق النموذجية للتحملات ، و احترام المقتضيات القانونية و التنظيمية أثناء التنفيذ أم لا .[28] و بهذا الإطار يحق لسلطة الوصاية التدخل لتوجيه تنفيذ الصفقة نحو التوجه السليم ، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه المخلين بالتزاماتهم.
و بالرغم من الدور الهام الذي تلعبه سلطة الوصاية في مجال المراقبة على الصفقات ،إلا أنه يؤخذ عليها أنها تقتصر على الجانب المالي و توفر الإعتمادات فقط ، دون أن تأخذ بعين الاعتبار العناصر الأخرى كالدراسات مثلا.[29] كما أن اتساع أقاليم الدولة و تباعدها يجعل من هاته الرقابة غير كافية . و من أجل حل هاته الإشكالية فإن وزير الداخلية يعهد بممارسة هاته الرقابة إلى المفتشية العامة.[30] التي تقوم بدور المراقبة الإدارية بالنيابة عن سلطة الوصاية ، لاسيما في المناطق النائية التي يتم فيها تنفيذ الصفقة ، و ينحصر دورها في القيام بالتفتيش في مسألة معينة ، قد تتعلق بإجراءات إبرام الصفقة ، أو بإنجاز الأشغال ، أو استلام منجزات الصفقة ، و قد تشمل مراقبة هذه الهيئة مختلف هاته المراحل ، و هي بذلك تضمن حسن تسيير النفقات العمومية ، و تعطي للصفقة مصداقيتها خاصة إذا كانت هيئة التفتيش مكونة من مختصين ذوي كفاءة و نزاهة.[31]
و قد تم تعزيز هاته الرقابة بصدور النظام الخاص بالمفتشين العامين للإدارة المحلية ،[32] الذي يسمح للمفتشين بالمطالبة بجميع الوثائق التي تمكنهم من القيام بمهامهم ، كما يسمح لهم بإجراء مختلف الأبحاث و التحريات التي يرونها ضرورية.
ثانيا : رقابة لجنة الصفقات
تم إحداث هاته اللجنة[33] بغية إجراء مراقبة إضافية على تحضير و تنفيذ الصفقات ،و لإبداء رأيها في القرارات ذات الطبيعة القانونية و التنظيمية المتعلقة بالصفقات ، و المساهمة في حل الخلافات المتارة بشأنها ، حيث أنها تضطلع بدور استشاري يمكنها من إبداء رأيها في عدة قضايا من بينها
-           مشاريع النصوص التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية.
-           المشاكل العامة أو الخاصة المرتبطة بتحضير الصفقات و إبرامها و تنفيذها و تسديد مبالغها.
-           النزاعات المتعلقة بمسطرة و نتائج طلبات العروض و المنافسة لأجل الحل الودي لهذه النزاعات.[34]
-           الصفقات أو ملحقاتها التي تستشار فيها بطلب من الأمر بالصرف.
كما تقوم لجنة الصفقات بإعداد التعليمات و التقدم بالإقترحات و القيام بالدراسات التي تهم الصفقات العمومية ، سواء تعلق الوضع بأوضاعها الإدارية أو المالية أو التقنية ، أو تعلق الأمر بأنظمتها الخاصة ، كما تتولى إعداد برامج تكوين ، و استكمال خبرة موظفي مصالح تلك الصفقات ، لأجل تحسين سير مصالحها، و تسهيل مأمورية تواصلهم مع الإدارات المعنية.[35]
و تجدر الإشارة إلى أن دور لجنة الصفقات في مراقبة إبرام و تتبع و تنفيذ الصفقات، أصبح أكثر فاعلية و قوة مقارنة مع ما كان عليه الوضع بالسابق، كما أصبحت تقوم بدور هام يتجلى في تقويم مساطر إبرام الصفقات، و تلافي الخلافات و النزاعات بين أطرافها. و في هذا الصدد يمكن إدراج بعض أرائها الهامة :
-           رأي لجنة الصفقات رقم 310/06 بتاريخ 13 دجنبر 2002 ، المتعلق بالإدلاء بشهادة جبائية مشبوه في صحتها من أحد المرشحين ، حيث أفادت لجنة الصفقات ، بأن كل متنافس تقدم بتصريح بالشرف يتضمن معلومات غير صحيحة أو تبث في حقه ارتكاب أعمال تدليسية أو مخالفات متكررة لشروط العمل أو إخلالات خطيرة بالالتزامات التعاقدية يتعرض لعقوبات إدارية يمكن للسلطة المختصة أو لصاحب المشروع اتخاذها في حقه ، و ذلك بصرف النظر عن المتابعات القضائية و العقوبات التي يمكن أن يتعرض لها.[36]
-           رأي لجنة الصفقات رقم 335/08 بتاريخ 15 ماي 2008 ، المتعلق بصفقة تسوية ،أكدت فيه عدم مشروعية الطلبات التي تحيد عن روح النصوص التنظيمية و مضمونها . سواء فيما يتعلق بطرق إبرام الصفقات أو الالتزام بها محاسبيا، و كذا بطلبات الترخيص برفع سقف سندات الطلب، التي لا يجب أن تتحول إلى أداة للتنصل من المبادئ الأساسية، للدعوة إلى المنافسة و الالتزام المسبق بالنفقات الواردة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل.
-           رأي لجنة الصفقات رقم 336/08 بتاريخ 15 ماي 2008 ، و الذي إرتئت فيه أنه لا يجوز لصاحب المشروع و كذا نائل الصفقة تغيير مواصفات التجهيزات كما هي محددة في دفتر الشروط الخاصة بالنسبة لصفقات التوريدات.[37]
ثالثا : رقابة وزارة المالية
تقوم وزارة المالية بدور أساسي في المراقبة على صفقات الدولة، لأن الأموال التي تصرف بشأنها هي في أغلبها من ميزانية الدولة. و تشمل هاته الرقابة مختلف المراحل التي تمر منها الصفقة ، إبتداءا من مرحلة اختيار المقاول حيث ألزم المشرع حضور ممثل لوزارة المالية كعضو في لجنة اختيار المقاول ، و ذلك من أجل تأمين احترام مبدأ الشرعية و التأكد من احترام مبدأ المنافسة ، لكن من الناحية العملية فإن هاته الرقابة تضل ضعيفة لسببين الأول هو أن حضورها إلزامي بالنسبة للصفقات التي يتجاوز مبلغها 30 مليون درهم.[38] و اختياري فيما دون هذا المبلغ ، و السبب الثاني يتمثل في ضعف إلمام ممثل الوزارة بالمسائل التقنية.[39]
كما تحضر مراقبة وزارة المالية ، أثناء التأشير على الملف و تسديد الحسابات . و من أجل تفعيل هاته الرقابة أكثر فقد تم إسناد اختصاصات هاته لكل من مراقب الالتزام بالنفقة ، و المحاسب العمومي ، بالإضافة إلى المفتشية العامة للمالية.
فمراقب الالتزام بالنفقة يراقب شكل تقديم ملف الصفقة، الذي يجب أن يقدم في شكل وثيقة واحدة تتضمن صفحات مرقمة بشكل مسترسل، و متضمنة لطابع التسجيل، كما يجب أن يكون الملف موقعا من طرف المتعاقدين معا.
و يتولى أيضا  التأكد من احترام مسطرة إبرام الصفقة ، و يعاين محضر فتح الأضرفة و يتأكد من أن هذا الالتزام قد أنجز بشأن اعتماد متوفر ، و أنه مطابق لباب الميزانية المقترح اقتطاع الاعتماد منه، و أنه صحيح بالنسبة للقوانين و الأنظمة الجاري بها العمل ، ... إلخ و عموما يمارس هذا المراقب رقابة المشروعية على الصفقات، و ينتج عنها إما التأشير على الصفقة ، أو رفض التأشير عليها[40] مع تعليل الرفض.
أما المحاسب العمومي فتتجلى مهمته في التنفيذ الفعلي للنفقة إذا أنه يتحمل مسؤولية الحفاظ على الأموال العمومية الموضوعة بين يديه كما يقوم بالتأكد من صحة النفقة فيما يتعلق بإثبات العمل المنجز، و صحة حسابات التصفية، و وجود تأشيرة مراقب الالتزام بالنفقات.
و بالنسبة للمفتشية العامة للمالية فإنها تمارس :
- رقابة وقائية : بغية تحسين أساليب و طرق التدبير و ذلك بالملاحظات و الإثباتات التي تدون في تقارير التفتيش و كذا الاقتراحات التي تهدف تفادي الأخطاء المرتبطة بالتدبير.
- رقابة زجرية : تهم عملية إرسال كل التقارير المتضمنة لإحدى المخالفات في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية إلى المجلس الأعلى للحسابات أو إلى القضاء في حالة وجود مخالفات خطيرة.[41]
المطلب الثاني : الرقابة القضائية للصفقات العمومية
الرقابة القضائية ، هي رقابة تمارس من طرف هيئات قضائية ، تتدخل من أجل حمل المتعاقدين على احترام المقتضيات القانونية و التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية ، خاصة في حال وقوع نزاع ما بينهم ، و من أجل الإلمام أكثر بهاته الرقابة يتعين تناولها ضمن فقرتين ، تتعلق الأولى برقابة المحاكم المالية، و تبرز الثانية رقابة المحاكم الإدارية.
الفقرة الأولى : رقابة المحاكم المالية
من أجل النهوض بالدور الرقابي للمال العام و حمايته و حسن تدبيره على الصعيدين الوطني و المحلي قام المغرب بإحداث المحاكم المالية ممثلة في المجلس الأعلى للحسابات و المجالس الجهوية للحسابات ، و هي من المحاكم القضائية المتخصصة في الجانب المالي ذي الطبيعة العمومية.
و من أجل تفعيل هاته الرقابة أكثر ، فقد عمل المغرب مند سنة 1996 على إقرار مبدأ دسترة الرقابة العليا على الأموال العمومية ، حيث نص بالفصل 147 من الدستور على أن: المجلس الأعلى للحسابات هو الهيئة العليا لمراقبة المالية العمومية بالمملكة ، أما الفصل 149 من الدستور فنص على أن المجالس الجهوية للحسابات تتولى مراقبة حسابات الجهات و الجماعات الترابية الأخرى و هيئاتها و كيفية قيامها بتدبير شؤونها.
و بالرجوع إلى ظهير 12-79 المتعلق بإنشاء المجلس الأعلى للحسابات ، و كذا مدونة المحاكم المالية[42] نجد أن هاته الأخيرة تتمتع بسلطات واسعة في المراقبة تجمع بين الرقابة على الحسابات "أولا" و التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية "ثانيا"
أولا : الرقابة على الحسابات
حيث تقوم المحاكم المالية بالتدقيق في حسابات مرافق الدولة و المؤسسات العمومية و الجماعات المحلية ، و المقاولات التي تملك الدولة أو المؤسسات العمومية رأسمالها كله ، أو جزء منه ، و ذلك بعد أن يقدم المحاسبون العموميون حساباتهم إلى المجلس الأعلى للحسابات ، من أجل التأكد من صحة العمليات المتعلقة بها.[43] فإذا لم تثبت أية مخالفة على المحاسب العمومي ، فإن المجلس يتخذ حكما نهائيا يقر بمشروعية العمليات المحاسبية المتعلقة بالميزانية.[44] أما إذا تبين وجود مخالفات للقواعد المالية و المحاسبية، فإن المجلس يأمر المحاسب المعني بحكم مؤقت بتقديم تبريراته كتابة، و عند الاقتضاء يحدد مبلغ العجز الواجب دفعه بمجرد تبليغ القرار.
و في حالة ما إذا تبين أن هناك فائض ناتج عن مبالغ دفعها المحاسب لسد عجز ضنه موجودا، يصبح من حقه الالتجاء إلى السلطات الإدارية لاسترجاع المبالغ المذكورة بعد تقديم التوضيحات اللازمة.[45] و لتمكين المجلس من القيام بهاته الرقابة فإن الأمرين بالصرف القائمين على مصالح الدولة و تنفيذ مشاريعها ، يوجهون سنويا للمجلس، الحسابات الإدارية الخاصة بمصالحهم و في حالة التأخر في الإدلاء بهاته الحسابات ، أو التملص من تقديم البيانات اللازمة لإجراء مراقبة المجلس ، أو عرقلة إجرائها، فإنه يحق لرئيس المجلس أن يوجه أوامر لهم من أجل تقديم جميع الوثائق التي تخص عملهم ، كما يقوم بتحرير التقارير التي تخص تسيير الأجهزة التي أجريت عليها المراقبة و توجيهها لرئيس الحكومة و وزير المالية ، و في كل الحالات يمكن لرئيس المجلس أن يقدم ملاحظاته و اقتراحاته إلى المسئولين بواسطة مذكرات أو قرارات مستعجلة.[46]
ثانيا : التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية
تطبق هاته الرقابة على الجهات المسؤولة عن الأموال العمومية صرفا و تحصيلا و مراقبة ، و يتعلق الأمر بالأمر بالصرف ، و مراقب الالتزام بالنفقات و المحاسب العمومي و كذا مساعديهم و من يقوم مقامهم "المحاسب بحكم الواقع مثلا" ، الذين يرتكبون إحدى المخالفات المنصوص عليها بفصول 54 و 55 و 56 من مدونة المحاكم المالية مثل :
-           عدم احترام النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات.
-           عدم مطابقة مشروع الصفقة لأحكامها التنظيمية المتعلقة بالإبرام.
-           حصول الشخص لنفسه على منفعة غير مبررة نقدية أو عينية لأجل إبرام صفقة ما.
-           إلحاق ضرر بجهاز عمومي يتحملون داخله مسؤوليات، و ذلك بسبب الإخلال الخطير في المراقبة التي هم ملزمون بممارستها.[47]
حيث يترتب عن ارتكاب إحدى هاته المخالفات ، تطبيق العقوبات المنصوص عليها بالمواد من 66 إلى 69 من مدونة المحاكم المالية ، و هي عبارة عن غرامات مالية حدد مبلغها حسب خطورة ، و تكرار المخالفات ، على أن لا يقل مبلغ الغرامة عن ألف درهم عن كل مخالفة ، و ألا يتجاوز الأجرة السنوية الصافية التي كان المعني بالأمر يتقاضاها عند تاريخ ارتكاب المخالفة. و إذا تبين للمجلس الأعلى للحسابات أن هناك أفعالا تستوجب إجراءا تأديبيا أو جنائيا يصبح من حقه تحريك مسطرتها أمام الجهات المختصة لاتخاذ اللازم.
و الواقع أن الرقابة في مجال التأديب غير ذات جدوى ، نظرا لكون الأمرين بالصرف من وزراء لا يخضعون لرقابة المجلس و هم المسؤولون عن الأموال العمومية و تنفيذها ، هذا من الناحية القانونية ، أما من الناحية الواقعية . فهناك مجموعة من كبار الموظفين الإداريين ممن يعفون من المسائلة القانونية بحكم نفوذهم القوي، و علاقاتهم المتشعبة التي أكسبتهم ما أصطلح عليه بالحصانة الإدارية.[48]
الفقرة الثانية : رقابة المحاكم الإدارية
تختص المحاكم الإدارية بالبت في النزاعات المتعلقة بالصفقات العمومية باعتبار هذه الصفقات، عقود إدارية ، و الاختصاص النوعي لهذه المحاكم يعد من النظام العام ، و هذا ما أكدته المحكمة الإدارية بأكادير ، حيث قضت بأن "عمليات البناء لفائدة شخص من أشخاص القانون العام ، في نطاق تعهد الاتفاق المباشر هي صورة من صور عقود الصفقات ، تكتسي بحكم طبيعتها عقودا إدارية تدخل في اختصاص المحاكم الإدارية ."[49] وهو حكم يوافق ما ذهبت إليه المحكمة التجارية بالرباط بموجب أمر استعجالي جاء فيه :  "و حيث يتبين أن أصل الحق المتنازع بشأنه يتعلق بصفقة عمومية ، و أن المحكمة المختصة مستقبلا بنضر موضوع هذه المنازعة هي المحكمة الإدارية و ليست المحكمة التجارية".[50] و تقوم هاته المحاكم بمراقبة مشروعية صفقات الدولة بإحدى الوسيلتين التاليتين: القضاء الشامل و قضاء الإلغاء.
أولا : القضاء الشامل
هو القضاء الذي يخول للقاضي تصفية النزاع كليا، حيث أن اختصاصه لا يقتصر على التأكد من صحة أو بطلان القرارات الإدارية التي تصدر في شأن العملية المركبة لعقد الصفقة ، و إنما يمتد ليشمل كل عناصر عملية الصفقة . فكل نزاع نشأ عن علاقة تعاقدية بين الإدارة و الأشخاص يخضع للقضاء الشامل.[51] و تتخذ دعوى القضاء الشامل في مجال صفقات الدولة عدة صور منها :
1.      دعوى لأجل بطلان عقد الصفقة :
و ذلك لعيب في تكوينه الأمر الذي يبرر للمتعاقد الراغب في إلغاء عقد الصفقة، اللجوء إلى القضاء الشامل لأنه السبيل الوحيد للتقاضي بشأن نزاعه لأن القاعدة المسلم بها أن دعوى الإلغاء لا توجه ضد العقود الإدارية. و هذه الدعوى لا يمكن لغير المتعاقد أن يرفعها لأن الأجنبي عن العقد لا يتمتع بأية قوة في الالتزام.و حسب المعطيات المتوفرة لدينا لم يتح للقضاء الإداري فرصة إعطاء موقفه من دعوى المطالبة ببطلان عقد الصفقة.
2.      دعوى الحصول على مبالغ مالية :
قد تكون هذه المبالغ في صورة ثمن أو أجر متفق عليه في العقد ، و بهذا الإطار قضت المحكمة الإدارية بمراكش على أنه "من حق الشركة المدعية بعد إنجاز الأشغال المطلوبة منها بمقتضى صفقة الأشغال المطالبة بمستحقاتها التي تبقى دينا بذمة البلدية المتعاقدة."[52] وبنفس الإطار قضت المحكمة الإدارية بأن "ثبوت إنجاز المدعية للأشغال المتفق عليها بشكل سليم يجعلها محقة في طلب الحصول على مستحقاتها فورا".[53]
و قد ترفع هاته الدعوى لأي سبب أخر من الأسباب التي تؤدي إلى الحكم بمبلغ مالي و تدخل في هذا المجال حتى فوائد التأخير ، و هنا نجد قرار صادر عن المحكمة الإدارية بمراكش في الدعوى المقامة من طرف شركة ماربيل على بلدية مراكش المدينة ، جاء فيه "الشركة المدعية تستحق تعويضا عن التماطل بعد ثبوت إنذارها و مطالبتها للبلدية بأداء مستحقاتها عن طريق البريد المضمون مع الإشعار بالتسلم".[54]
كما ترفع من أجل التعويض عن الحرمان من الربح ، حيث جاء في حكم إدارية أكادير    "وحيث أن مسؤولية المجلس البلدي لأولاء تايمة عن الضرر اللاحق بالمدعية ثابتة في الحدود المشار إليها أعلاه ، و حيث أن المحكمة انطلاقا من سلطتها التقديرية وبعد الأخذ بعين الاعتبار حرمان المدعية من الربح الذي كان من الممكن أن تحققه من الصفقة التي تم إقصائها منها ، قررت الحكم على المجلس البلدي لأولاء تايمة بأداء للمدعية مبلغ 250.000 درهم "[55]
و قد يكون الهدف من المطالبة بمبالغ مالية تعويض عن أضرار تسبب فيها الطرف المتعاقد ، و بهذا الصدد ذهبت إدارية مراكش في إحدى أحكامها إلى أن "إقدام الإدارة على توقيف الأشغال ، و عدم تنفيذ ما التزمت به في اجتماع تم بينهما ، يجعل المدعية مستحقة للمبالغ بقيمة الأشغال المنجزة و التعويض الشامل عن الخسارة التي ألمت بها حفاظا على التوازن المالي للمشروع".[56]
3.      دعوى إبطال التصرفات الصادرة عن الإدارة على خلاف التزاماتها التعاقدية :
إذا صدر عن الإدارة تصرف مخل بالتزاماتها التعاقدية ، فإن المتعاقد معها ، يحق له المطالبة بإبطال تلك التصرفات عن طريق القضاء ، حتى و لو جاءت في شكل قرارات إدارية صادرة عن سلطة الإدارية بصفتها متعاقدة مثل القرارات الخاصة بجزاء من الجزاءات التعاقدية ، أو بفسخ عقد الصفقة ، أو إنهائه أو إلغائه ، ففي حكم شركة مقاولة الأشغال العامة العقارية ضد مدير المكتب الوطني للكهرباء ،الذي ألغى صفقة متعلقة بإنجاز الطاعنة لأشغال إعداد حوض جديد للطاقة الكهربائية بجرادة، اعتبرت المحكمة الإدارية بالرباط أن القرار القاضي بإلغاء الصفقة يدخل في إطار المنازعة حول تنفيذ العقد الإداري الذي يختص بالنظر فيه القضاء الشامل ".[57] كما قضت إدارية الدار البيضاء في أحد أحكامها بأنه "في حالة فسخ العقد كجزاء لخطأ المتعاقد ، للقضاء أن يبحث مدى ملائمة الفسخ كعقوبة للخطأ المنسوب إلى المتعاقد".[58]
4.      دعوى لأجل فسخ الصفقة :
تهدف هاته الدعوى إلى الحصول على حكم قضائي يقضي بفسخ الصفقة ، بناءا على طلب أحد الطرفين ، لتسري أثار هذا الفسخ ابتداء من تاريخ رفع الدعوى و أسباب هذا الفسخ متعددة أهمها : القوة القاهرة ، حق الإدارة في التعديل الإخلال بالالتزامات العقدية.
و هنا نورد ما جاء في حكم المحكمة الإدارية بمراكش ، و الذي قضت فيه بأنه "ليس هناك ما يمنع صاحب المشروع من الالتجاء إلى القضاء الإداري بشأن فسخ عقد صفقة ، و ذلك بالرغم من شروط الفسخ المنصوص عليها بدفتر الشروط الخاصة و العامة المقررة لصالح الإدارة صاحبة المشروع، حيث أن من حقها التنازل عنها ، و رفع أمر الفسخ إلى القضاء ، ما دامت ترى في ذلك ضمانة للطرفين".[59]
5.      الأمور المستعجلة في منازعات صفقات الدولة :
إن اختصاص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية يستتبع لزوما اختصاصه بالفصل فيما ينبثق عن هاته المنازعات من أمور مستعجلة [60]. ما دام القانون لم يسلبه ولاية الفصل فيها و تكتسي الطلبات المستعجلة في مجال الصفقات العمومية أهمية قصوى بالنظر إلى خصوصية هذه المنازعات، التي يعد الوقت عاملا مؤثرا فيها و ذلك لاعتبارات عدة، فعقد الأشغال العامة مثلا يثير عدة إشكاليات تستوجب التدخل لاتخاذ إجراءات مستعجلة لا تحتمل التأخير ، مثل إثبات الأوضاع المادية التي يخشى زوالها ، أو التحقق من قيام القوة القاهرة التي يمكن أن يتمسك بها مستقبلا كسبب يجعل المتعاقد يتحلل من التزاماته التعاقدية ، أو تقديم طلب إجراء خبرة لاعتماده كأساس للمطالبة بالتعويض ، حيث أن عدم إجراء هاته الخبرة يحول دون الوقوف على حقيقة الأمر خاصة إذا قامت جهة أخرى بإتمام الورش .[61]
و اختصاص قاضي المستعجلات ، حسب ما أكدت عليه المحكمة الإدارية بوجدة ، "مشروط بمقتضى المادتين 149 و 152 من ق م م بتوافر حالة الاستعجال ، و عدم المساس بأصل الحق ، و هما شرطان لازمان إذا انعدم أحدهما زال اختصاص قاضي المستعجلات لفائدة قضاء الموضوع.[62] و هذا ما أقرته المحكمة الإدارية بالرباط في أمرها الإستعجالي المتعلق بقضية وزارة التجهيز ضد نادي الأشغال العمومية حيث جاء فيه "ما دام من شأن البث في النزاع المرتبط بتنفيذ بنود عقد اتفاقية التسيير المس بالمركز القانوني لطرفي العقد ، و بالتالي المس بجوهر النزاع فإن محكمة الموضوع هي المختصة بالبت في النزاع المذكور و ليس قاضي المستعجلات".[63]
ثانيا : قضاء الإلغاء
و هو القضاء الذي يخول للقاضي سلطة الحكم بإلغاء قرار إداري معيب دون الحق في توجيه أوامر إلى الإدارة للقيام بعمل أو الامتناع عن القيام به ،[64] و تهدف دعوى الإلغاء إلى احترام مبدأ الشرعية، حيث يحق للأفراد ، الطعن في القرارات إذا كانت غير مشروعة. و من أجل إخضاع الأعمال المرتبطة بالصفقات العمومية إلى مراقبة قاضي الإلغاء ابتدع الاجتهاد القضائي الإداري نظرية القرارات الإدارية المنفصلة و هي القرارات التي تستهدف التمهيد لإبرام العقد أو السماح بإبرامه أو الحيلولة دون إبرامه.
و تصنف هاته القرارات إلى 3 أصناف هي :
1.      القرارات السابقة على تكوين العقد :
و هي تلك القرارات التحضيرية التي تستهدف التمهيد لإبرام الصفقة مثل :
القرارات المتخذة من طرف الإدارة في مرحلة دراسة ملفات المتنافسين كتلك التي تقضي بإبعاد أو إقصاء بعض المرشحين من المشاركة في المنافسة بشكل تعسفي.
و قد أثارت هاته القرارات إشكالية تتعلق بكونها مجرد قرارات تحضيرية ، و ليست حاسمة و بالتالي لا يجوز الطعن فيها ، لأن الطعن بالإلغاء لا يوجه إلا ضد القرارات النهائية و مع ذلك فقد قبل مجلس الدولة الفرنسي الطعن في هاته القرارات و اعتبرها نهائية.
و من أمثلة الاجتهادات القضائية بخصوص قبول الطعن في هاته القرارات تجد حكم للمحكمة الإدارية بالبيضاء جاء فيه " و حيث أنه أمام منازعة الطاعنة في نزاهة مكتب التكوين المهني و إنعاش الشغل خلال إسناد الصفقة فإن هذه المحكمة أمرت تمهيدا بإجراء خبرة ... و حيث بناءا على ما ورد في تقرير الخبرة و الوثائق المرفقة بالطلب فإن الأمر يوحي بوجود نوع من الريبة في إسناد الصفقة لشركة جونس هانس مما تكون معه الصفقة المذكورة قد طبعها نوع من التمييز بين المرشحين و تكون السلطة الساهرة عليها قد استعملت سلطتها في غير ما أعدت له و كان بالتالي قراراها مشوبا بالانحراف في استعمال السلطة و يتعين إلغاؤه".[65] نفس الموقف تبناه مجلس الدولة الفرنسي في قضية famille la poz الذي تم فيها إلغاء قرار للمجلس البلدي القاضي بالإقصاء اللامشروع لعائلة la poz   من صفقة بيع المنزل و ذلك نظرا لاتسامه بالشطط في استعمال السلطة.[66]
2.      القرارات المصاحبة لعملية التعاقد :
و هي القرارات التي تتم بها المصادقة على العقد المبرم من طرف الإدارة ، كأن يصدر قرار برفض و المصادقة على عقد الصفقة أو تكون المصادقة مخالفة للشكليات التي فرضها القانون ، و المصادقة هي إفصاح الإدارة عن نية إتمام التعاقد ، حيث أن العقد غير المصادق عليه ، لا يعد سوى مشروع للتعاقد ، ليست له أية أثار قانونية تجاه الإدارة ، و بذلك تخضع القرارات المتعلقة بالمصادقة على عقود الصفقات ، الصادرة من سلطة الوصاية سواء كانت إيجابية أو سلبية لرقابة القضائي الإداري ، و على هذا الأساس قضت المحكمة الإدارية بوجدة بإلغاء قرار لوزير الفلاحة ، صادق بمقتضاه على صفقة عمومية ، بالرغم من مخالفتها للقواعد القانونية المطبقة في هذا المجال.[67]
3.      القرارات المتخذة في مرحلة تنفيذ العقد أو إنهائه :
حيث يمكن الطعن بالإلغاء بسبب التجاوز في استعمال السلطة ضد التدابير التي تتخذها الإدارة بوصفها سلطة إدارية ، و ليس بوصفها طرفا متعاقدا ، حيث توقع على المتعاقد المقصر مثلا بعض الجزاءات بنفسها دون اللجوء إلى القضاء.
و من أبرز أنواع هذه القرارات، قرار إقصاء المرشح الذي رست عليه الصفقة. حيث يمكن إلغاء هذا القرار إذا لم تحترم الإدارة صاحبة المشروع الشروط المنصوص عليها بمرسوم 5 فبراير 2007 ، و هذا ما أقرته المحكمة الإدارية بأكادير ، إذا اعتبرت أن قرار لجنة العروض غير قانوني و لا واقعي بإقصاء الوكالة من الصفقة".[68]

  الكتب:
·       سليمان امحمد الطماوي، الأسس العامة للعقود الإدارية، دراسة مقارنة، دار الفكر العربي، 1976.
·       محمد باهي، دليل الصفقات العمومية، مطبعة النجاح الجديدة، طبعة 2002.
·       محمد كرامي، القانون الإداري، بدون ذكر المطبعة، 2000.
·       مليكة الصروخ، الصفقات العمومية في المغرب – الأشغال و التوريدات والخدمات- الطبعة الأولى ، مطبعة دار القلم ،2010.
·       مليكة الصروخ، القانون الإداري، مطبعة النجاح الجديدة، 2010.
  الرسائل:
·       إلهام بخوشي، منازعات الصفقات العمومية، رسالة لنيل الماستر في الحقوق بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الحقوق، فاس، برسم السنة الجامعية 2009/2010.
·       خالد انطيطح، رقابة القضاء الإداري على الصفقات العمومية، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق، جامعة مولاي إسماعيل، كلية الحقوق، مكناس برسم السنة الجامعية 2010/2011.
·       عبد الهادي بلنوار، التدبير الجماعي للصفقات العمومية وأثره على المرافق المحلية، رسالة لنيل شهادة الماستر، جامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سنة 2008-2009.
·       نعيمة الأزمي، الصفقات العمومية على ضوء مرسوم 5 فبراير 2007، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق، جامعة مولاي إسماعيل، كلية الحقوق، برسم السنة الجامعية 2007-2008.
·       يونس وحالو، الصفقات والتنمية المحلية، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق، جامعة مولاي إسماعيل، كلية الحقوق- مكناس، السنة الجامعية 2010-2011.
  المقالات
·       سعيد الطواف، المغرب يتراجع مرة أخرى في مؤشر مكافحة الفساد، جريدة المساء، العدد 1629 بتاريخ 20/12/2011.
  المجلات:
·       محمد الأعرج، الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية في منازعات العقود الإدارية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة العدد 47، سنة 2004.
·       محمد الأعرج، النشاط الإداري، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 66، سنة 2010.
·       محمد العابدة، كيفية إبرام صفقات الدولة بالمغرب، مجلة الحقوق المغربية، العدد الخامس.بدون ذكر السنة .
·       محمد قصري، القاضي الإداري ومنازعات الصفقات العمومية، مجلة المعيار، العدد 39، يونيو 2008.
  القوانين :
·       مدونة المحاكم المالية 2002.
·       مرسوم 5 فبراير 2007 الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 280-01-1 الصادر في 26 فبراير 2007.
  المواقع الالكترونية:
·       بهيجة التيجي، فتيحة بلماية، آليات الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية، موضوع منشور بمدونات جيران.
http: //pahija1980.jeeran.com .  
·       رشيد بنعياش، الرقابة على الصفقات العمومية بالمغرب، مقال منشور بموقع الحوار المتمدن العدد 2935، 2010/53- 15.30.
  المراجع بالغة الفرنسية :
·       Ahmed gourari , droit de la concurrence et de la consommation en matière des marchés publics, revue marocaine de droit économique , n 2,2009..
·       OUAZZANI RHGALA ABDALAH : »DE LA simplification des procédures en matière des marchés publics » RAPC imp Afrique, orient , cas-a 1999.
 التصميم:
—      المبحث الأول: طرق إبرام الصفقات العمومية
—      المطلب الأول: الطرق العادية لإبرام الصفقات العمومية
—      الفقرة الأولى: الصفقات بناء على طلب العروض
—      الفقرة الثانية : الصفقات بمباراة
—      المطلب الثاني: الطرق الاستثنائية في إبرام الصفقات العمومية
—      الفقرة الأولى: الصفقات التفاوضية
—      الفقرة الثانية : أعمال بناء على سندات الطلب
—      المبحث الثاني: آليات الرقابة على الصفقات العمومية
—      المطلب الأول: الرقابة الإدارية للصفقات العمومية
—      الفقرة الأولى: الرقابة الإدارية الداخلية
—      الفقرة الثانية: الرقابة الإدارية الخارجية
—      المطلب الثاني: الرقابة القضائية للصفقات العمومية
—      الفقرة الأولى: رقابة المحاكم المالية
—      الفقرة الثانية : رقابة المحاكم الإدارية

[1] - مليكة الصروخ: الصفقات العمومية بالمغرب، مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الأولى 2009 ص: 11
[2] محمد كرامي: القانون الإداري، بدون مطبعة ، طبعة 2000 ص 259
[3] محمد الاعرج
[4] - حكم المحكمة الإدارية بأكادير عدد 27 بتاريخ 6/5/1999 شركة تيرس خد وزير الفلاحة منشور  بالدليل العملي، الجزء الثاني م.م.إ.م.ت سلسلة دلائل التسيير، عدد 16، 2004، ص: 395
[5] المادة 20 مرسوم 5 فبراير 2007
[6] مليكة الصروخ: القانون الإداري، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة السابعة 2010 ص 457
[7] عبد الهادي بولنوار: التدبير الجماعي للصفقات العمومية و أثره على المرافق المحلية، رسالة لنيل شهادة الماستر جامعة مولاي اسماعيل، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية سنة 2009 ص 45
[8] العلنية و الشفافية و  المنافسة
[9] محمد كرامي: القانون الإداري، بدون مطبعة ، طبعة 2000 ص 259
[10] - حكم عدد 189 للمحكمة الإدارية بالدار البيضاء  صادر بتاريخ 09/02/2005
[11] -OUAZZANI RHGALA ABDALAH : »DE LA simplification des procédures en matière des marchés publics » RAPC imp Afrique, orient , cas-a 1999.
[12] محمد الاعرج : القانون الإداري المغربي الجزء الأول، المجلة المغربية للإدارة المحلية  و التنمية ط 2010 ص 297
[13] عبد العالي سمير الصفقات العمومية و التنمية مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى 20110 ص 29
[14]  مليكة الصروخ: الصفقات العمومية، مطبعة النجاح الدار البيضاء ، الطبعة الأولى 2009 ص
[15] - قرار عدد 62 صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 21/09/2005
[16]  - خالد انطيطح ، رقابة القضاء الإداري على الصفقات العمومية ، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ، جامعة مولاي إسماعيل ، كلية الحقوق ، مكناس ، برسم السنة الجامعية 2010/2011 ، ص 9 .
[17]  - بهيجة التيجي ، فتيحة بلمانية ، آليات الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية ، موضوع منشور بمدونات جيران http://pahija1980.jeeran.com
[18]  محمد الأعرج ، النشاط الإداري ، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية ، سلسلة مواضيع الساعة ، عدد 66 ، 2010، ص 3065 .
[19]  - مليكة الصروخ ، الصفقات العمومية في المغرب " الأشغال ، التوريدات ، الخدمات" الطبعة الأولى ، مطبعة دار القلم ، سنة 2010،       ص 265.
[20]  - يونس وحالو ، الصفقات العمومية و التنمية المحلية ، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ، بجامعة مولاي إسماعيل مكناس ، برسم السنة الدراسية 2010/2011 ص 79.
[21]  - بهيجة التيجي ، فتيحة بلمانية ، آليات الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية ، م س .
[22]  - يونس وحالو ، الصفقات العمومية و التنمية المحلية ، م س ، ص 73.
 - أنضر المادة 85 من مرسوم 5 فبراير 2007.[23]
 - مليكة الصروخ ، الصفقات العمومية في المغرب ، م س ، ص 268.[24]
[25]  - يونس وحالو ، الصفقات العمومية و التنمية المحلية ، م س ، ص 80.
[26]  - مليكة الصروخ ، الصفقات العمومية في المغرب ، م س ، ص 282.
[27]  - يونس وحالو ، الصفقات العمومية و التنمية المحلية ، م س ، ص 77.
[28]  - مليكة الصروخ ، الصفقات العمومية في المغرب ، م س ، ص 278.
[29]  - يونس وحالو ، الصفقات العمومية و التنمية المحلية ، م س ، ص 85.
[30]  - الدورية رقم 310 المتعلقة بتنظيم وزارة الداخلية ، و قد دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 26 يناير 1976.
[31]  - مليكة الصروخ ، الصفقات العمومية في المغرب ، م س ، ص 280.
[32]  - مرسوم رقم 100-94-2 صادر بتاريخ 6 يوليوز 1994 بشأن النظام الأساسي الخاص بالمفتشين العامين بالإدارة الترابية لوزارة الداخلية ، الجريدة الرسمية ، عدد 4264 بتاريخ 20 يوليوز 1994.
[33]  - أحدثت هاته اللجنة أول الأمر بقرار مقيمي بتاريخ 26/6/1936 ، و نظرا لعدم فعاليتها و قلة مردوديتها تمت إعادة تنظيمها بمرسوم بتاريخ 27 يونيو 1957 ، لكنها لم تتوفق في مهامها لقلة إمكانياتها ، ثم أعيد تنظيمها بمرسوم 30 ديسمبر 1975 الذي وسع من تأليفها و دعم اختصاصاتها.
[34]  - أنظر المادة 95 من مرسوم 5 فبراير 2007 بشأن تحديد شروط و أشكال إبرام صفقات الدولة.
[35]  - مليكة الصروخ ، الصفقات العمومية في المغرب ، م س ، ص 285.
[36]  - نعيمة الأزمي ، الصفقات العمومية على ضوء مرسوم 5 فبراير 2007 ، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ، جامعة مولاي إسماعيل ، كلية الحقوق ، برسم السنة الجامعية 2007/2008 ص 139.
[37]  - للإطلاع أكثر على هذا الرأي و غيره ، راجع ، مليكة الصروخ ، م س ، من ص 226 إلى ص 292.
[38]  - المادة 34 مرسوم 5 فبراير 2007.
[39]  - بهيجة التيجي ، فتيحة بلمانية ، آليات الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية ، م س.
[40]  - يونس وحالو ، الصفقات العمومية و التنمية المحلية، م س ، ص 90.
[41]  - مليكة الصروخ ، الصفقات العمومية في المغرب ، م س ، ص 313.
[42]  - قانون رقم 99-92 منشور بالجريدة الرسمية عدد 30 50 بتاريخ 15/08/2002.
[43]  - مليكة الصروخ ، الصفقات العمومية في المغرب ، م س ، ص 332.
[44]  - رشيد بن عياش ، الرقابة على الصفقات العمومية بالمغرب ، موقع الحوار المتمدن العدد 2935-2010/3/5-15.30
[45]  - يونس وحالو ، الصفقات العمومية و التنمية المحلية ، م س ، ص 97.
[46]  - رشيد بنعياش ، الرقابة على الصفقات العمومية بالمغرب ، م س .
[47]  - من أجل معرفة المخالفات التي يرتكبها كل منهم راجع المواد 54 و 55 و 56 من مدونة المحاكم المالية.
[48]  - رشيد بنعياش ، الرقابة على الصفقات العمومية بالمغرب ، م س.
[49]  - حكم عدد 221 بتاريخ 04/10/1999 أيت عبد الله ضد بلدية الأخصاص ، أورده محمد الأعرج ، الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية في منازعات العقود الإدارية ، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية "سلسلة مواضيع الساعة" ، عدد 47 ، 2004 ص 76.
[50]  - أمر استعجالي عدد 131 بتاريخ 2/3/2001 أوردته مليكة الصروخ ، م س ، ص 420.
[51]  - حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 05/05/2003 أورده محمد الأعرج ، م س ص 77.
[52]  - حكم المحكمة الإدارية بمراكش عدد 4 صادر بتاريخ 18/01/1999 ، خالد انطيطح ، م س ، ص 58.
[53]  - حكم عدد 60 ، صادر بتاريخ 1/12/2001 ، خالد انطيطح ، م س ، ص 58.
[54]  - حكم إدارية مراكش عدد 4 صادر بتاريخ 18/01/1999 ، أورده رشيد بنعياش ، م س.
[55]  - حكم إدارية أكادير عدد 279 ، صادر بتاريخ 26/7/2007 ، أورده محمد قصري ، القاضي الإداري و منازعات الصفقات العمومية مجلة المعيار العدد 39 ، يونيو 2008، ص 32.
[56]  - المحكمة الإدارية بمراكش ، حكم عدد 109 صادر بتاريخ 08/05/2001 ، خالد انطيطح ، ص 69.
[57]  - حكم المحكمة الإدارية بالرباط ، عدد 67 ، بتاريخ 11/04/1996 ، أورده محمد الأعرج ، م س ، ص 78.
[58]  - حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء ، عدد 243 صادر بتاريخ 23/02/1996 ، أورده خالد انطيطح ص 53.
[59]  - إدارية مراكش ، حكم عدد 264 ، صادر بتاريخ 5 ماي 2003 ، أوردته إلهام بخوشي ، منازعات الصفقات العمومية ، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ، كلية الحقوق ، فاس ، برسم السنة الجامعية 2009/2010. ص 51.
[60]  - مليكة الصروخ ، الصفقات العمومية في المغرب ، م س ، ص 428.
[61]  - خالد انطيطح ، رقابة القضاء الإداري على الصفقات العمومية ، م س ، ص 135.
[62]  - أمر استعجالي للمحكمة الإدارية بوجدة رقم 72 صادر بتاريخ 06/09/2001 ، أورده خالد إنطيطح ، م س ، ص 136.
[63]  - أمر استعجالي للمحكمة الإدارية بالرباط عدد 44 صادر بتاريخ 13/02/2002 ، أورده خالد إنطيطح ص 137.
[64]  - مليكة الصروخ ، الصفقات العمومية في المغرب ، م س ، ص 428.
[65]  - حكم رقم 03 ملف رقم 9/2/2003 صادر بتاريخ 03/01/2005 ، أورده خالد انطيطح ، م س ، ص 120.
[66]  - محمد الرحماني ، منازعات الصفقات العمومية ، رسالة لنيل الماستر في الحقوق ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ، كلية الحقوق فاس ، برسم السنة الجامعية ، 2008/2009 ، ص 43.
[67]  - حكم المحكمة الإدارية بوجدة ، عدد 24 ، صادر بتاريخ 10/02/1999 أورده خالد انطيطح ، م س ، ص 123.
[68]  - حكم المحكمة الإدارية بأكادير عدد 10 صادر بتاريخ 23 فبراير 1995 منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية ، سلسلة دراسات و أبحاث جامعية العدد 19 سنة 1997 ص 122.

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا