Saturday, January 25, 2014

نحو تكريس مفهوم جنائي جديد لتخليق الشأن العام



بداية لابد من الإشارة إلى أن صياغة مثل هذه العناوين قد توحي بأن أساس منطلقها خلفية متحاملة، الغرض منها تحجيم الأهمية الحيوية التي تحوزها قضايا الشأن العام باختزال الأخيرة في ظاهرة الفساد الإداري، وما ينبغي على الدولة أن تتخذه من تدابير زجرية استجابة لرد الفعل المجتمعي من جهة، وتطهيرا لمجالات تدخلها تحصينا للمصلحة العامة من جهة أخرى.  ورغم صعوبة التعامل مع مثل هذه الموضوعات بصرامة الباحث المتحصن بضوابط التجرد والموضوعية نقول إن مسألة التخلص من الخلفية المحركة لمعالجة الموضوع  تصبح أمرا ميسورا بعد اتضاح الفهم وتلمس الأبعاد والدلالات التي تحملها المقاربة الجنائية للشأن العام. يبدو غريبا ربط المنظور الجديد بفكرة التأصيل، مادام أن الأخيرة لا تعدو أن تكون عملا لاحقا تكرس به ومن خلاله معطيات سابقة، إما أن تكون في حاجة إلى تجميع منهجي تكتمل به في الفهم والدلالة وتصبح بذلك راسخة بالمبدأ والصياغة الواضحة، أو أن تمر من مقاربة تشخيصية لرصد مواطن الخلل للخلوص إلى تركيبة منطقية تتوقف عليها سلامة التحليل. إلا أنه ومن أجل التوضيح، نشير إلى أن فكرة تأصيل العلاقة هي في حد ذاتها عملية لا منتهية بحيث تحتاج دائما، وبالنظر لرهاناتها المتعددة، إلى تجديد الوعي بضرورة مناقشتها سواء على مستوى تجذير ثوابتها، أو على مستوى إكسابها قدرة المواكبة لمستجدات واقع تطورها وامتدادها، ولعلها الحقيقة التاريخية التي ظلت تعترف للقانون الجنائي بشرعية احتواء مجال الشأن العام، رغم التدافع الفقهي الحاصل بشأن التشكيك في مدى جدوى هذا الاحتواء. مع ذلك، بقيت التشريعات الجنائية تغالط نفسها باختلاق قراءات متعددة لتبرير احتوائها للشأن العام، لم ينتج عنها فسح المجال لتقنيات التجريم والعقاب حتى تنفتح على آليات جديدة تجعل من فكرة الاحتواء مطلبا حضاريا وسلوكا تشريعيا معتادا كما هو الحال في المجالات الأخرى، بحيث وعلى العكس من ذلك، ظلت المقاربة الجنائية للشأن العام حبيسة المنطق الزجري ولو بالمغالاة في توظيف الأداة الردعية، الشيء الذي لم يترك للمشرع الجنائي فرصة اختيار الموقع المناسب داخل منظومة القانون الوضعي. ومن دون أن نبخس الوظيفة التقليدية للقانون الجنائي، باعتباره الدعامة القوية التي تعول عليها الدولة لتصحيح كثير من الاختلالات المجتمعية، فإن الاعتماد عليها لوحدها في جرائم الشأن العام، قد أسفر عن مستوى الواقع عن تطبيق قضائي متضارب ومتناقض، كاد أن يفرغ الجرائم المذكورة من أهم خصوصياتها: ويكفي أن نستحضر هنا الشلل الكلي الذي يعرفه تطبيق أهم النصوص الجنائية، بحيث يصح التساؤل عن مدى جدوى إظهار كثير من الجرأة التشريعية في مجال تعقيده أكثر من أي إرادة عازمة على الحزم ومقتنعة بالمضي فيه؟ إن جرائم الشأن العام لا تخرج عن دائرة مظاهر الاختلال المجتمعي التي لا تحتاج من المشرع الجنائي سوى قراءة متكاملة لتجلياتها ومسح شامل لأهم أسبابها ومسبباتها، بحيث ومن دون تكلف في تقدير خطورتها، يمكن أن تتضح خصوصيتها بسهولة وبالتالي تتيسر مهمة احتوائها. ولعل أهم ما ينبغي التحصن به لإنجاح مهمة المشرع المراهنة بالأساس على الدور التخليقي الذي يضطلع به القانون الجنائي كأداة قوة استثمارها تظهر بالخصوص في تهذيب السلوك الاجتماعي و تقوية الاقتناع بإمكانيات الاندماج داخل منظومة القيم التي تعتبر قضايا الشأن العام مزودها الرئيسي. ولعل السبيل الأقرب إلى تكريس هذه الحقيقة التخلص نهائيا من توظيف جرائم الشأن العام، كخطاب تتكسر حوله الرؤى المستقبلية لتحديث المجتمع وتتقاطع فيه كل الاجتهادات الفكرية بحثا عن منفذ أو موقع يدعي وبشكل مطلق امتلاك المقاربة السليمة، والحال أن حساسية المجال تدفع إلى التمسك بما يكفي من المرونة لإشاعة الوعي بأن حجم القضية يثير مسؤولية جميع مكونات المجتمع، والطريق لمعالجتها ورش كبير يحتاج إلى مراجعة الذات قبل اتخاذ أي موقف حاسم في الموضوع. بنظرنا المتواضع، إن ما يجعل المهمة صعبة على المشرع ارتباط جرائم الشأن العام بالإشكالية الأخلاقية، أي تصور نماذج السلوك المساعدة على ضبط الانحراف، وهي كما يعلم الجميع منهجية تغرق الاجتهاد التشريعي في مسلسل من الافتراضات غالبا ما تؤدي بالنتيجة إلى تمثل متفاوت للحقيقة الواقعية، الشيء الذي قد ينتج عنه، وحسب قناعة كل مشرع، تراتبية غير مقنعة للمصالح المحمية بل وتوظيف شكلي لمنطلق الأولويات. لذلك نقترح و انطلاقا من اقتناعنا بالدور التخليقي الذي يضطلع به القانون الجنائي في علاقته بالشأن العام أن يقع أولا حسن استثمار تقنيات التجريم والعقاب بتحديد المبادئ الكبرى التي سيرتكز عليها المجال المحظور جنائيا، إذ عوض أن يجهد المشرع نفسه في إبراز أهم نقاط الاصطدام الكبرى التي تفرزها سواء علاقة السلطة بالمواطن أو ما ينبغي أن تحظى به الدولة وأجهزتها من اعتبار وحماية، يكون من الأجدى التأكيد على حماية منظومة القيم التي يقوم عليها مفهوم الاندماج داخل الحياة العامة، فتصبح بالتالي العلاقات التي تربط المكونات الثلاثة (دولة – مؤتمن – مواطن) الإطار المحدد لتصور مستويات الزجر والحماية من دون أن يطغى منطق افتراض الشرعية في مواجهة التمرد لأنه على أية حالة يختزل الإشكالية الأخلاقية بتقوية الاقتناع بالإعمال المتزايد للوظيفة الردعية. لن نكون مبالغين إذا قلنا إن جرائم الشأن العام في عمقها، وإذا أخذت بمعزل عن بقية الجرائم الأخرى، إنما تؤسس لمنظور خاص في التعامل مع ظاهرة الجريمة، ليس فقط لأن للاعتبار الخاص بالدولة فيها حضورا قويا، ولكن أيضا على الخصوص لأنها تحرر الدولة نفسها وأجهزتها من كل من يعبث بالقيم التي تجسدها ويأتمنها المجتمع على الدفاع عنها ولو بتقليص فضاء الحقوق والحريات. لذلك كلما تكرس مجهود المشرع الجنائي لخدمة هذا الهدف الأسمى، كلما استطاعت نصوص التجريم والعقاب أن تبلغ أهدافها النبيلة سواء بجعل السلطة في خدمة المواطن أو بمساءلة هذا الأخير بما يفرضه واجب المواطنة من أحقية الاعتبار للمؤسسات والأجهزة، أو بما يحمله مفهوم الحق والحرية من قدرة على التكيف مع متناقضات الحياة المجتمعية، أو بما يرمز له الائتمان على المال العام من حفاظ على الثروة الوطنية... وكلها نماذج سلوك لابد أن تنتهي إلى إظهارها وإبرازها فكرة احتواء القانون الجنائي للشأن العام، بحيث يصبح منطق الردع ذو البعد التخليقي مولدا لطاقة إقناعية تكرس لدى مكونات المجتمع أن هناك مصالح عليا تمثلها الدولة ولا يمكن للمجتمع أن ينشأ ويحيا ويتطور إلا بها وبتكريس كل مجهوده لخدمتها. خلاصة القول إن علاقة القانون الجنائي بالشأن العام منهجية متحضرة لخلق فضاء قانوني تذوب فيه أنانية الفرد لخدمة المجتمع، ومجال مناسب لتكريس الوعي بأن أصالة المجتمع المنظم تكمن بالأساس في الاحتكام إلى منطق القيم المشتركة التي تقوم عليها فكرة التعايش الاجتماعي.

د. فريد السموني
جريدة الصباح
الأربعاء, 22 يناير 2014

Thursday, January 23, 2014

في مفهوم الحزب السياسي

                                                          
                                                                 أحمد بوعشرين الأنصاري
                                     مفاهيم سياسية للنقاش والنظر(3): في مفهوم الحزب السياسي

تصدير

يتبين إذن من خلال تعريفنا للسياسة في مقالنا السابق باعتبارها تدبيرا راشدا للشأن العام للبلاد، أن الغاية من السياسة هو خدمة المجتمع، فالبرنامج السياسي ينبغي أن يكون برنامج يعكس تطلعات وحاجيات المجتمع، والحزب السياسي ينبغي أن يكون حزبا للمجتمع منصتا إلى مشاكله ومعبرا عنها في برامجه وأهدافه، ومنبثقا في نشأته من رحم المجتمع، والدولة الكاسبة للشرعية هي من تكون دولة للمجتمع حاضنة لآماله خادمة له، ومعبرة عن اختياراته الكبرى، وعلى هذا الأساس وبكلمة عامة فالأداء السياسي قولا وفعلا ينبغي أن يكون أداء يتوخى رضا المجتمع عنه بما هو أداء غايته خدمته وتنزيل آماله في السياسة اليومية المعتمدة نضاليا وإجرائيا واستراتيجيا.

فما هو مفهوم الحزب السياسي؟

أولا في المفهوم

يمكن أن نعرف مفهوميا الحزب السياسي بمثابة إحدى التعبيرات المجتمعية المنظمة والمتجانسة من حيث الفكرة، المنبثقة من رحم المجتمع، الطامحة من خلال آلية التداول السلمي على السلطة إلى تنزيل برنامجها الإصلاحي، الذي تعتقد بصوابيته في الإجابات عن الإشكالات ذات الشأن العام المرتبطة بتحقيق التنمية والنهضة للبلاد، إذا ما حظي بالتأييد الشعبي الضروري لتنزيله عبر آلية صناديق الاقتراع في إطار انتخابات حرة ديمقراطية ونزيهة.

ثانيا في عناصر المفهوم

على قاعدة التعريف السالف الذكر للحزب السياسي، يمكن استنباط أهم عناصر هذا المفهوم في التالي:

1. أنه حزب منبثق من رحم المجتمع:

وهذا يعني أن الحزب هو نتيجة التفاعلات الداخلية لحركية المجتمع والتي تنتج باستمرار تعبيراتها من ذاتها، وهذه الحركية المنتجة تتطلب شروطا موضوعية حتى تنتعش وتعطي بشكل تلقائي، ولهذه الشروط علاقة بظروف الفعل المجتمعي، من حيث إفساح المجال للحريات ومنها الحق في التنظيم والتشكل لكل التعبيرات المجتمعية المعتبرة المنصتة إلى نبض المجتمع، وإلى توجهاته العامة في مجمل الاختيارات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والمجتمعية الكبرى له، والساعية إلى حماية المجتمع من كل إرادة تسلطية تكبح نهوضه وتمسخ هويته وتأبد الاستبداد من داخله.

2. أنه حزب متعاقد مع المجتمع:

وهذا يعني أن الحزب ملتزم بوعوده التي قطعها على المجتمع في إطار برامجه وخطاباته، والالتزام هو السعي الحثيث إلى تمثل ما يقول وما يعد به قولا وفعلا بحسب المواقع التي يرتادها سواء في الدفاع عن الاختيارات المجتمعية الكبرى للمجتمع، أو في تنزيل وعوده البرنامجية في حال الحيازة على التأييد الشعبي الواسع المخول لهذا التنزيل، أو في التواضح مع المجتمع في حال عدم القدرة موضوعيا أو ذاتيا على هذا التنزيل، أو في استكمال مسلسل تحرير إرادة المجتمع حتى يستعيد سلطة قراره ويدفع مفسدة الاستبداد الكابحة له.

3. أنه حزب مستقل على أية جهة من خارج مؤسساته:

وهذا يعني أن الحزب لا يخضع إلا إلى ديناميكة إنتاج القرارات من داخله، مما يجعله وفيا لما يقول وما يعد به، ومتحررا من أية قيود خارجية تشوش على استقلالية قراراته، ومنحازا كليا للمجتمع وقضاياه الكبرى في مواقفه وبرامجه ومقترحاته.

4. أنه حزب طامح إلى الوصول إلى السلطة سلميا:

ذلك لأن مبرر وجود حزب هو طموحه إلى الوصول إلى السلطة سلميا، قصد تنفيذ برنامجه السياسي الذي يعتقد بصوابيته لإيجاد حلول لمشاكل البلاد، والذي هو أساس تعاقده مع المجتمع في حال حيازته على تأييد شعبي واسع عبر انتخابات حرة ديمقراطية ونزيهة.

ثالثا في عناصر الالتزام بمفهوم الحزب

إن الالتزام بالعناصر الأربع لمفهوم الحزب يعد معركة في حد ذاتها، ذلك أن تمثلها يتطلب كفاحا ذاتيا وموضوعيا،

1. في الكفاح الذاتي:

ويبتدأ أصلا من ظروف النشأة، فالحزب الذي تكون نشأته نتاج حركية تبادل للأفكار والتوجهات بهدف صناعة عقل جماعي بهويته المعرفية والمذهبية الكبرى، هو الحزب الذي تكون ولادته سليمة، ومن كانت ولادته سليمة زرع البذور الأولى لقوة شخصيته وتواجده وقوة قراراته، فالحزب القوي ليس –تأسيسا- من يمتلك جمهورا كثيفا من الرواد والأتباع ، وليس –تأسيسا- ذاك الحزب الذي يمتلك عددا كافيا من الفروع والممثلين، وليس –تأسيسا- ذاك الذي يمتلك آلة تعبوية قوية مسخرة لحشد الكثافة العددية في المهرجانات، لأن ذاك كله زبد ما يلبث أن يذهب جفاء، الحزب القوي هو من كانت نشأته حرة وناتجة عن قرار ذاتي مستقل ومعافية من أي تشويش، وملتحمة في توجهاتها مع الاختيارات المجتمعية الكبرى للمجتمع في تحرير إرادته واستعادة سلطته.

إن عربون الانحياز الكلي للمجتمع وقضاياه يمر عبر سلامة دواعي النشأة من كل تشويشات أو خلفيات تكون الغاية من ورائها تجديد إرادة الاستبداد ومصادرة سلطة المجتمع في التقرير والتنفيذ والتقويم.

2. في الكفاح الموضوعي:

ذلك أن انتزاع هوية الحزب المتمثلة في الأضلع الأربعة السابقة الذكر (حزب منبثق من رحم المجتمع، مستقل عن أية جهة خرجية، متعاقد مع المجتمع، وطامح إلى الوصول إلى السلطة)، درب دونه مكابدة مع الأشواك والمعيقات التي تعترض طريقه، فأن يكون الحزب متعاقدا مع المجتمع يعني أن يقول ما يفعل ويفعل ما يقول، وأن يكون كذلك، يعني إدراكه بقيمة ما يقول وما يعد به وحجمهما والقدرة على الالتزام بما يقول، وعلى هذا الأساس فالحزب الذي ينتصب راهنا أمام الناس مدعيا القدرة على حل مشاكل المجتمع وتحسين ظروف العيش ما حاز تأييدهم، هو حزب في تقديري يصنع الوهم، وهو يعلم يقينا أن آلية تنفيذ البرامج الموعود بها معطلة دستوريا.

أن يكون الحزب متعاقدا مع المجتمع، هو أن يكون مصداقيا في خطابه، أن يتبنى برنامجا ذو نفس نضالي وليس تقنيا، بمعنى أن يكون خطابه منسجما مع حال الوضع الدستوري والسياسي للبلاد الذي يؤطر العملية الانتخابية وآليات التقرير والتنفيذ،

الحزب المتعاقد مع المجتمع لا يصنع الوهم الانتخابي، بل هو يؤسس للوعي بمعيقات الإصلاح ويجعل من لحظات المهرجانات والتواصل مع الناس لحظات للتعبئة من أجل الإصلاح، ومن أجل الانخراط في مسلسله ومن أجل استكمال حلقات تحرير المجتمع واستعادة سلطته،

وأخيرا فإن الحزب بمفهومه الذي بيناه من خلال عناصره الأربع هو الحزب الذي يكافح من أجل إرساء المعنى الحقيقي دستوريا لمبرر وجوده المتمثل في سعيه السلمي والديمقراطي للوصول إلى السلطة بغاية تنفيذ برنامجه السياسي، وليس فقط بغاية تنظيم المواطنين وتمثيلهم.

خلاصات جامعة

يمكن تكثيف أهم خلاصات هذه المقالة في التالي:

1. إن التلازم التبعي بين المعرفة والسياسة ينبغي أن يظل متصلا في الزمن، والطلاق بينهما (كما هو حاصل في الصورة المغربية) يؤسس للحربائية، وتتيه المبادئ ويضيع المعنى والمعقول،

2. إن إعادة الاعتبار لعلاقة السياسة بالمعرفة يعد في تقديري من الورشات الإصلاحية التي ينبغي أن تدرج ضمن أجندة ورشات الإصلاح الكبرى، وهي تحتاج أيضا إلى مجهود معرفي ثقافي وسلوكي أيضا غير مفصول على العملية الإصلاحية ذاتها ميداينا،

3. يمكن أن نقعد لمفهوم الحزب السياسي من خلال عناصر أربع: حزب منبثق من رحم المجتمع، حزب مستقل عن أية جهة خارجه، وحزب متعاقد مع المجتمع يقول ما يفعل ويفعل ما يقول سواء في وعوده أو في تنبيهه إلى معيقات الإصلاح عموما، وحزب طامح للوصول إلى السلطة لتنفيذ برنامجه السياسي عند حيازته على التأييد الشعبي الواسع عبر انتخابات حرة ديمقراطية ونزيهة.

للاطلاع على الحلقة الأولى والثانية يرجى الرجوع إلى الرابطين:

مفاهيم سياسية للنقاش والنظر: في مفهوم الإصلاح
مفاهيم سياسية للنقاش والنظر: في مفهوم السياسة

*abouachrine@hotmail.com
https://www.facebook.com/pages/Ansari-ahmed/323040671092394
المصدر 
http://www.hespress.com/writers/116861.html

Wednesday, January 15, 2014

دراسة في القانون : الطبيعة القانونية لمقرر حفظ الشكاية (1/3)

مما لاشك فيه، أن معظم الأنظمة القانونية تخول للنيابة العامة بوصفها ممثلة للمجتمع، صلاحية تحريك الدعوى العمومية ضد كل شخص ارتكب جريمة  من الجرائم بالنظر لما تحدثه من اضطراب داخل المنظومة المجتمعية.

يقوم نظام المتابعة الجنائية على مبدأين، الأول وبمقتضاه لا تملك النيابة العامة سلطة تقدير ملاءمة تحريك أو رفع الدعوى الجنائية، بحيث يتوجب على النيابة العامة بمجرد علمها بارتكاب جريمة ، تحريك الدعوى العمومية ضد الفاعل الأصلي (والمساهم أو المشارك إن وجدا) الذي نسبت إليه في المحضر أو الشكاية أو الوشاية، على اعتبار أن تقدير الأدلة متروك أمره إلى القضاء سواء كان قضاء التحقيق أو قضاء الحكم، وهذا المبدأ يعرف بشرعية المتابعة.
أما الثاني فبموجبه يتم تخويل النيابة العامة سلطة تقديرية في تحريك الدعوى العمومية من عدمها بناء على ما توفر لديها في المحضر أو الشكاية أو الوشاية، فإذا ارتأى نظرها تحريك المتابعة أحالتها على قضاء التحقيق أو قضاء الحكم، أما إذا قررت العكس فإنها تصدر مقررا بحفظ الشكاية أو المتابعة  ضد من نسب إليه الفعل الجرمي.
وباستقراء موقف بعض التشريعات المقارنة يتضح جليا أنها تبنت المبدأ الثاني القاضي بتخويل النيابة العامة سلطة تقديرية في تحريك المتابعة أو حفظها، وفي هذا الصدد نصت المادة 61 من قانون الإجراءات الجنائية المصري على ما يلي:» إذا رأت النيابة العامة أن لا محل للسير في الدعوى، تأمر بحفظ الأوراق». كما ذهب قانون المسطرة الجنائية الفرنسي في التوجه نفسه من خلال الفصل 40-1 في فقرته 3 المعدل بمقتضى قانون رقم 204- 2004. 
وفيما يخص المشرع المغربي فإذا كانت المادة 383/ من قانون المسطرة الجنائية لسنة 1959 الملغى لم يرد فيها مصطلح الحفظ، فإن القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية لسنة 2003 نص صراحة على هذا المصطلح، وعليه ففيما يخص وكيل الملك نصت الفقرة 4 من المادة 40 من القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية «...يحيل ما يتلقاه من محاضر وشكايات ووشايات وما يتخذه من إجراءات بشأنها، إلى هيآت التحقيق أو إلى هيآت الحكم المختصة أو يأمر بحفظها بمقرر يمكن دائما التراجع عنه...» أما بالنسبة إلى الوكيل العام للملك فقد نصت الفقرة 5 من المادة 49 «...يحيل الوكيل العام للملك ما يتلقاه من محاضر وشكايات ووشايات وما يتخذه من إجراءات بشأنها، إلى هيآت التحقيق أو إلى هيآت الحكم المختصة أو يأمر بحفظها بمقرر يمكن دائما التراجع عنه...».
ومن منطلق المسؤولية الملقاة على عاتق النيابة العامة كجهاز قضائي لا يسعى إلى الإدانة، بقدر ما يسعى إلى تطبيق القانون، التطبيق السليم وتحقيق العدالة، فإنه يتعين على أعضائها توخي الحيطة والحذر في شأن المحاضر والشكايات والوشايات المحالة عليها، مع ملاءمة الإجراء للوقائع والأدلة بشكل يضمن حرية المواطن، علاوة على التزام الحياد والمصداقية في كل ما يقومون به من إجراءات.
وفي هذا الإطار، تبرز أهمية مقرر الحفظ الصادر عن النيابة العامة في شأن جريمة من الجرائم، على اعتبار أن عمل النيابة العامة يجمع بين ما هو إداري وآخر قضائي، الشيء الذي يدفعنا إلى طرح التساؤل حول طبيعته القانونية، هل يعتبر مقرر حفظ الشكاية مقررا قضائيا صادرا عن سلطة قضائية أم مقررا إداريا؟.
إن الإجابة على التساؤل المطروح المتعلق بالطبيعة القانونية لمقرر حفظ الشكاية يفرض علينا أولا وقبل كل شيء تحديد مفهومه. لذلك سوف نعالج في مبحث أول مفهوم مقرر الحفظ على أن نخصص المبحث الثاني لطبيعته القانونيــة

المبحث الأول: مفهـــوم مقرر الحفظ
إن تحديد مفهوم مقرر حفظ الشكاية من قبل النيابة العامة، يقتضي منا استعراض بعض الآراء سواء على المستوى الفقهي أو على المستوى القضائي.
أولا ـ التعريف الفقهــــي
في ظل غياب تعريف تشريعي لمقرر الحفظ الذي تصدره النيابة العامة، تصدى الفقه لهذه المهمة على اعتبار أن وضع التعاريف يدخل في صميم العمل الفقهي، لذلك كان من الطبيعي أن تتباين التعاريف الفقهية في هذا الصدد.
وفي هذا الإطار، ذهب بعض الفقه المصري إلى القول إن قرار الحفظ أمر يصدر عن النيابة العامة في واقعة سواء كانت جناية أم جنحة أم مخالفة، عقب جمع الاستدلالات، وقبل مباشرة أي إجراء من إجراءات التحقيق.
  بينما عرفه البعض الآخر بأنه أمر إداري من أوامر التصرف في الاستدلالات، تصدره النيابة العامة لتصرف به مؤقتا عن إقامة الدعوى أمام محكمة الموضوع بغير أن يحوز أي حجية يقيدها.
وفي السياق نفسه اعتبر اتجاه آخر بأنه إجراء إداري تصدره النيابة العامة، بناء على محضر جمع الاستدلالات بمقتضاه تعدل النيابة العامة عن توجيه اتهام ورفع الدعوى العمومية نظرا لعدم صلاحيتها للسير فيها.   
كما ذهب تعريف آخر إلى القول بأن مقرر الحفظ إجراء إداري يصدر عن النيابة العامة بوصفها السلطة الإدارية المهيمنة على جمع الاستدلالات، عملا بالمادة 61 من قانون الإجراءات الجنائية وما بعدها، ويجوز العدول عنه في أي وقت، ولا يقبل تظلما، أو استئنافا من المجني عليه أو المدعي بالحقوق المدنية.
 ذ/ لحسن الزتوني ,بـــاحث فـي العلوم القانونيـــة

Thursday, January 09, 2014

قرار محكمة النقض: الضرب المبرح كالضرب غير المبرح يعتبر ضررا لاحقا بالزوجة.

قرار عدد 88
بتاريخ 2001/01/24
في الملف الشرعي عدد 99/1/2/497
منشور بكتاب قضاء محكمة النقض في مدونة الاسرة 
من سنة 1957 الى 2012
معلق على بعض القرارات.
المكتبة القانونية 24
عبد العزيز توفيق
رئيس غرفة شرفي بمحكمة النقض
محام بهيئة الدار البيضاء.
التطليق للضرر الضرر المبرح كالضرب غير المبرح

اقرار المطلوب في سائر أطوار التقاضي بأنه يضرب زوجته ضربا غير مبرح عندما تسبه، قصد تأديبها،دون أن تبين المحكمة من أين استاقت أن الضرب المعترف به من طرف المطلوب هو ضرب غير مبرح،رغم تكرار هذا الضرب يفقد القرار أساسه القانون.

قرار محكمة النقض:وجود الزوجة والأبناء ببيت الزوجية لايكون قرينة على إنفاق الأب عليهم

قرار عدد 638
بتاريخ 15/11/2006
في الملف الشرعي عدد 240/2/1/2006
منشور بكتاب قضاء محكمة النقض في مدونة الاسرة 
من سنة 1957 الى 2012
معلق على بعض القرارات.
المكتبة القانونية 24
عبد العزيز توفيق
رئيس غرفة شرفي بمحكمة النقض
محام بهيئة الدار البيضاء.


وجود الزوجة والأبناء ببيت الزوجية لايكون قرينة على إنفاق الأب عليهم،إلا إذا كان حاضرا ويعيش معهم تحت سقف واحد،أما وأنه يسكن بعيدا فان استغلالها لممتلكاته لا يعفيه كليا من التزامه، لعدم ثبوت أي ريع قار يمكن الاعتماد عليه،لتغطية حاجياتها منه من عدمه.

Tuesday, January 07, 2014

مقترح قانون رقم 13-68-5 يقضي بتفعيل دور و مكانة المعارضة البرلمانية وفق الفصل 10 من الدستور

مقترح قانون رقم 13-67-5 يرمي إلى إلغاء عقوبة الإعدام

دراسة في القانون : قراءة أولية حول التوصيتين 167 و174 من ميثاق إصلاح منظومة العدالة(1/2)

دراسة في القانون : قراءة أولية حول التوصيتين 167 و174 من ميثاق إصلاح منظومة العدالة(1/2)

إن بداية الحديث عن ميثاق إصلاح منظومة العدالة كان قد تم التأسيس له مع الخطاب الملكي المؤرخ في 9 مارس 2011 والذي تحدث فيه الملك عن إصلاح دستوري شامل ومتكامل من بين مداخله الأساسية الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة، وتعزيز صلاحيات المجلس الدستوري، وسياة القانون، ومساواة الجميع أمامه¡ والتأسيس لمفهوم جديد لإصلاح العدالة قائم  على أن القضاء هو في خدمة المواطن ، والتنصيص على حق المواطن في مقاضاة الإدارة، والحق لكل من تضرر من خطأ قضائي في الحصول على تعويض تؤديه الدولة.

لأجل تنزيل هاته المبادئ العامة التي أرساها دستور المملكة الجديد الذي تم إقراره في 2011-7-29، تم تنصيب الهيأة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة بتاريخ 8 ماي 2012، وكانت مهمتها الإشراف على حوار وطني شامل ومتكامل، هدفه البحث في مشاريع توصيات في شأن إصلاح العدالة، في أفق بلورة ميثاق وطني يوضح مكامن الخلل والضعف والنقص الذي تعانيه العدالة في بلادنا، وطرح البديل الموضوعي لترميم الإخلال والنقائص وذلك على شكل توصيات، فكان أن تم تنظيم ندوات جهوية للحوار وتمت دعوة الهيآت المهنية والجمعوية والنقابية، لتقديم تصوراتها لإصلاح منظومة العدالة.
وقد انصب مشروع التوصيات التي رفعتها الهيأة العليا لإصلاح منظومة العدالة على ركيزتين أساسيتين:
الأولى:
تشخيص الوضع الراهن والحقيقي للعدالة ببلادنا حاليا لأجل معرفة النقائص والاختلالات.
والثانية:
وضع الأهداف الإستراتيجية الكبرى لإصلاح منظومة العدالة، مع تبيان الأهداف الفرعية، وما تقتضيه من آليات التنفيذ، وتم إرفاق المشروع المذكور بمخطط إجرائي يفصل الإجراءات اللازمة لتطبيق بنوده.
وعموما، وبتصفحنا للتوصيات التي حملها مشروع إصلاح منظومة العدالة، سنجد أن أهم الكوابح التي تمنع تقدم العدالة في بلادنا، تتمثل أساسا في البطء وتعقيد المساطر القضائية أولا، وثانيا النقص الكبير في الشفافية، وثالثا القصور في التدبير الحديث لمرفق العدالة.
ومن ثم، بعد ملامسة مكمن الداء، وتحديد النقائص والاختلالات البنيوية التي تعانيها عدالتنا، تم وضع وتحديد الأهداف الإستراتيجية الرئيسية للإصلاح.
وحددت في ستة أهداف وهي:
1- توطيد استقلال السلطة القضائية.
2- تخليق منظومة العدالة.
3- تعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات.
4- الارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء.
5- إنماء القدرات المؤسسية لمنظومة العدالة.
6- تحديث الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها.

ويتفرع عن هاته الأهداف الستة الكبرى، 36 هدفا فرعيا، يستلزم 200 آلية تنفيذ، مع العلم أن المخطط الإجرائي المرافق لمشروع هاته التوصيات يتضمن بدوره 353 إجراء تطبيقا.
بعد هذا التقديم الذي كان ضروريا لمعرفة المسار الذي قطعته الهيأة العليا لإصلاح منظومة العدالة في المغرب، نتطرق إلى الجوانب التي مست مهنة المحاماة كأحد المهن القضائية الرئيسية المساعدة في حسن تطبيق العدالة، ونختص في ذلك بمعالجة توصيتين رئيسيتين وردت في ميثاق إصلاح منظومة العدالة، وهي التوصية رقم 167 المتعلقة بمراجعة شروط قبول ترافع المحامي أمام محكمة النقض، والتوصية رقم 174، والمتعلقة بتخويل المشتكي حق الطعن في قرارات المجالس التأديبية للمهن القضائية، وهو ما سيكون موضوع مبحثين رئيسيتين في هذا العرض:
المبحث الأول:
التوصية 167 وتخص: مراجعة شروط قبول ترافع المحامي أمام محكمة النقض:
تنص المادة 33 من قانون مهنة المحاماة رقم 28.08 الصادر في 20 أكتوبر 2008 على أنه:
“لا يقبل لمؤازرة الأطراف وتمثيلهم أمام المجلس الأعلى، مع مراعاة الحقوق المكتسبة إلا:
- المحامون المسجلون بالجدول منذ 15 سنة كاملة على الأقل.
- المحامون الذين كانوا مستشارين أو محامين عامين بصفة نظامية في المجلس الأعلى.
قدماء القضاء وقدماء أساتذة التعليم العالي، المعفون من شهادة الأهلية ومن التمرين بعد خمس سنوات من تاريخ تسجيلهم بالجدول”
كما تنص المادة 34 من قانون المحاماة على: تهيئ مجلس الهيأة في شهر أكتوبر من كل سنة قائمة بأسماء المحامين المقبولين للترافع أمام المجلس الأعلى.
ويتولى النقيب تبليغ القائمة خلال شهر نونبر الموالي إلى الرئيس الأول للمجلس الأعلى.
تنشر القائمة الكاملة للمحامين المقبولين للترافع أمام المجلس الأعلى بالجريدة الرسمية”.
وحيث إنه، مادام أن التوصية 167 من ميثاق إصلاح منظومة العدالة، نصت على ضرورة مراجعة شروط قبول ترافع المحامي أمام محكمة النقض، فإنها بذلك لم تكن راضية على محتوى هاتين المادتين من قانون المحاماة.
وقد يتبادر إلى الذهن، لأول وهلة، أن الأمر يتعلق ربما بالزيادة في المدة المطلوبة لقبول الترافع أمام المجلس الأعلى، في 10 سنوات كاملة على الأقل منذ التسجيل في الجدول، وجاء القانون الحالي لسنة 2008 ليرفعها إلى 15 سنة كاملة من الأقدمية.
وبغض النظر عن رغبة الهيأة العليا لإصلاح منظومة العدالة، أو متمنياتها، أو اقتراحاتها حول الشروط الجديدة الواجبة التبني لأجل مراجعة شروط قبول الترافع أمام محكمة النقض، فإنه لا الزيادة في المدة المطلوبة، ولا الإنقاص من تلك المدة، ولا الإبقاء على المدة نفسها، السبيل الأصلح لأجل ترشيد شروط قبول الترافع أمام محكمة النقض، بل إن مراجعة شروط القبول في نظرنا تتم بالوسائل والطرق التالية:
الرفع من مستوى الشهادة المطلوبة لولوج مهنة المحاماة : لأن الطالب الآن أصبح بعد ثلاثة سنوات من الإجازة، بإمكانه بعد امتحان الأهلية، الولوج إلى مهنة المحاماة، وهي مدة قصيرة جدا، لأن التجارب الدولية في الميدان نفسه تتطلب 6 أو 7 سنوات من التكوين حتى يمكن للطالب أن يتحول إلى محامي. 
وهكذا، فإن الرفع من مستوى الشهادة المطلوبة لاجتياز الأهلية، لا يمكن أن يقل بأي حال من الأحوال عن شهادة الماستر وفي القانون الخاص، وليس في العلوم القانونية كما ورد في الفقرة الثالثة من المادة 5 من قانون المحاماة الحالي، والذي يحدد شروط الانخراط في المهنة، وشهادة الماستر المطلوبة لولوج مهنة المحاماة، إذا ما تم إقرارها، ستنسجم مع التوصية عدد 149 من الميثاق، والتي تطالب :”بمراجعة مستوى المؤهل العلمي لولوج سلك القضاء، مع الانفتاح على مختلف التخصصات العلمية”.
وتنسجم كذلك مع التوصية عدد 150 من الميثاق والتي تطالب :”بمراجعة نظام الامتحان، للولوج إلى مهنة المحاماة، ومدة التمرين فيها، وكذا امتحان التخرج للحصول على شهادة الكفاءة لممارسة المهنة”.
2) إخراج المعهد العالي للمحاماة إلى الوجود على غرار المعهد العالي للقضاء، والذي سيتكلف بالتكوين الأساسي للمحامي على الأقل في حدود نصف مدة التمرين، على أن يقضي المحامي المتمرن النصف الآخر بأحد المكاتب، لتعلم كيفية الترافع والقيام بالإجراءات المصاحبة لإقامة الدعاوى إلى غير ذلك..
وهنا تحضرنا مؤسسة التكوين الخاصة بالمحامين والتي نصت عليها المادة 6 من القانون الحالي لسنة 2008، والتي تقول :”تمنح شهادة لمزاولة مهنة المحاماة من قبل مؤسسة للتكوين، وتحدث، وتسير وفق الشروط التي ستحددها بنص تنظيمي”.
 بقلم:  عبد الرحيم سعودي ,محام بهيأة آسفي
جريدة الصباح المغربية الاثنين, 06 يناير 2014

Monday, January 06, 2014

دراسة في القانون :الجهوية الموسعة بالمغرب خارطة طريق ملكية.(الجزء الأول)

الجهوية الموسعة بالمغرب
خارطة طريق ملكية
الدكتور سعيد جفري
أستاذ باحث
جامعة الحسن الأول كلية الحقوق سطات
سلسلة اللامركزية والادارة الترابية 
19
الجهوية المتقدمة بالمغرب
رهان للحكامة التشاركية
الطبعة الثالثة مزيدة ومنقحة
2012

يطرح موضوع الجهوية والجهوية الموسعة تساؤلا مبدئيا،يهم في المقام الأول إشكالية التحديد المفاهيمي لمثل هذه المصطلحات التي أصبحت حاضرة وبقوة في المقاربات المقارنة للتنمية والتنمية المستدامة، وأيضا أصبح لها نفس الحضور خاصة في الاهتمام المرتبط بالمسار العام للتطور اللامركزي المغربي سواء في أبعاده التاريخية القديمة، أو في أبعادة الحاضرة من خلال التراكم الموضوعي لتجربة التنظيم الجهوي في ظل القانون رقم 96/47، وكذا الأبعاد المستقبلية لذات المفهوم من خلال المسار الذي تعرفه القضية الوطنية الأولى(قضية الصحراء) والدفع المغربي بمبادرة الحكم الذاتي، وكذا التحول المتجدد للتعاطي مع إشكاليتي الديمقراطية والتنمية من خلال تطوير ورش الجهوية للانتقال بهذه الأخيرة من مقاربة تقليدية ذات جوهر إداري إلى جهوية موسعة ذات جوهر اقتصادي وتنموي.
إن الجهوية كمقاربة للتدبير المحلي يمكن تحديدها من خلال منظومة الجهة في مستواها التقليدي كجماعة محلية معترف لها بمجموعة من الاختصاصات والصلاحيات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتتمتع في سبيل الاضطلاع بهذه الصلاحيات بمجموعة من الإمكانات ووسائل العمل المادية والبشرية،أما الجهوية الموسعة فإنها هي الأخرى مقاربة للتدبير المحلي،إلا أنه تدبير يحوز على درجة متقدمة سواء في التمثيلية الشعبية أو في الصلاحيات والاختصاصات الجهوية،التي قد تنظم بمقتضيات دستورية أو في الوسائل والإمكانات التي قد تصبح مقسمة بين كل من الدولة كوحدة مركزية والجهات كوحدات محلية.
إن الجهوية الموسعة ليست في آخر المطاف سوى "تمكين المواطنين في دائرة ترابية محلية محددة من تدبير أمورهم بأنفسهم، وذلك من خلال هيأت جهوية ينتخبونها، لها من الصلاحيات والموارد مايمكنها من تحقيق التنمية المحلية، لكن ليس في انفصال عن الدولة وعن السلطة المركزية.
فالجهوية الموسعة لاتعني الانفصال ولا التجزيء ولا التقسيم ولا الخروج عن سيادة الدولة."
هذه المقاربات" التي لا تستقل من حيث المبدأ عن مرجعية مفهوم الجهوية،تظل رغم ذلك ذات طبيعة ووقع خاص حسن استحضار مصطلح الجهوية الموسعة، التي ستصبح من خلال الوحدات الجهوية لها ذاتية موضوعية في الفعل التنموي العمومي بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
إن المسار الجهوي بالمغرب هو مسار ملكي بامتياز سواء في تطوره العام أو في مختلف أبعاده وديناميته الخارجية والداخلية، وهذا مايكرسه الخطاب الملكي في جانب من محطاته التاريخية كما هو الشأن بالنسبة لخطاب الذكرى الثالثة والثلاثين للمسيرة الخضراء أو خطاب تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية،واللذين بالإمكان اعتبارهما بحق الأساس المرجعي لخارطة الطريق الملكية للجهوية الموسعة.
(في الجزء الثاني: المرجعية الملكية في الجهوية والجهوية الموسعة)

قرار محكمة النقض:لا يحكم بالمتعة الا في حالة الطلاق أو التطليق الذي يوقعه الزوج...

القرار عدد 123
الصادر بتاريخ 22 مارس 2011
في الملف الشرعي عدد 2009/1/2/553
منشور بكتاب قضاء محكمة النقض في مدونة الاسرة 
من سنة 1957 الى 2012
معلق على بعض القرارات.
المكتبة القانونية 24
عبد العزيز توفيق
رئيس غرفة شرفي بمحكمة النقض


محام بهيئة الدار البيضاء.
.....................

لا يحكم بالمتعة إلا في حالة الطلاق أو التطليق الذي يوقعه الزوج، أما إذا كان طلب التطليق من الزوجة فإنها لاتستحق المتعة،والمحكمة عندما قضت للزوجة بالمتعة رغم أنها هي التي سعت إلى التطليق للشقاق تكون قد خرقت المادة 84 من مدونة الأسرة ة وعرضت قرارها للنقض.

دراسة قانونية: التمييز بين الشرطة الإدارية والشرطة القضائية (الجزء الأول)

دراسة قانونية: التمييز بين الشرطة الإدارية والشرطة القضائية (الجزء الأول)

إذا كانت الشرطة الإدارية تهدف إلى منع كل ما من شانه أن يشكل إخلالا بالنظام العام فان الشرطة القضائية قد عهد إليها بمقتضى المادة 18 من قانون المسطرة الجنائية التثبت من وقوع الجرائم وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها.
وعلى هذا الأساس فان وظيفة الشرطة الإدارية تتجلى فيما تتخذه الإدارة من تدابير الاحتراز من الأعمال التي من شانها المساس بالنظام العام،وبالتالي فهي مهمة وقائية.
أما الشرطة القضائية فتهدف إلى البحث عن مرتكبي الجرائم بأنواعها المختلفة(جنايات، جنح مخالفات) بعد وقوعها، واثبات معالم الجريمة وجمع الأدلة اللازمة التي يستدعيها التحقيق وإقامة الدعوى العمومية تمهيدا لمحاكمة المتهمين وتوقيع العقوبة على من ثبتت إدانته.
فوظيفتها إذن تهدف إلى تحقيق مهمة علاجية (مساعدة سلطات الاتهام من نيابة عامة وقاضي التحقيق في إثبات التهمة ومعاقبة الجاني).
وهكذا،فان الأعمال التي توم بها الشرطة القضائية في نطاق الاختصاص المخول لها يدخل في اختصاص السلطة القضائية، ويعود النظر في النزاعات التي تثار في هذا المجال إلى القضاء العادي،أما الأعمال الشرطة الإدارية فإنها تدخل في اختصاص السلطة التنفيذية، ويعود النظر فيما يثار بشأنها من نزاعات إلغاء وتعويضا إلى اختصاص القضاء الإداري.
ويستفاد من ذلك، أن مهام الشرطة القضائية تبدأ بعد ارتكاب الجريمة أو على الأكثر ظهور أفعال يحتمل أنها جريمة.
أما مايقع قبل ارتكاب الأفعال الإجرامية فإنها تعتبر من اختصاص الشرطة الإدارية.
ويتضح من ذلك، أن هناك اختلافا بين الشرطة الإدارية والشرطة القضائية من حيث وظيفة كل منهما،وان كان كلاهما يهدف إلى صيانة النظام العام،ف الشرطة الإدارية تسبق إجراءاتها وقوع الإخلال بالنظام العام،وبالتالي فهي تهدف إلى اتخاذ إجراءات وقائية عن طريق تقييد حريات الأفراد،وتحديد مجالات نشاطهم بهدف وقاية النظام العام من الانتهاك قبل وقوعه.
في حين أن الشرطة القضائية لا تتحرك إلا بعد وقوع الإخلال بالنظام العام وذلك لمعالجة آثار هذا الانتهاك، بمعنى إن الشرطة القضائية تتخصص في اتخاذ الإجراءات العلاجية عن طريق ردع الأشخاص الذين ارتكبوا أفعالا يعاقب عليها القانون بعد ارتكابها.
المصدر:الشرطة الادارية واشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات.
الأستاذ محمد البعدوي
 المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية REMALD
سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية 
العدد 94
 2013

Sunday, January 05, 2014

المواطنة مفهومها وابعادها القانونية

المواطنة مفهومها وابعادها القانونية
حسام عبدالله علي
hussam_en@yahoo.com
2008 / 3 / 21
سار مبدأ المواطنة في العراق نحو الهاوية، اذ شهد الواقع التاريخي المعاصر الاثر التخريبي الفادح الذي مارسته الانظمة السياسية وخاصة في الفترة الاخيرة الذي كان الولاء فيها فقط للنظام والسلطة حتى تحول هذا المبدأ الى تعسف لم يشهد له نظير في تاريخ العراق. ان السلطات العراقية لم تنصف ولو الحدود الدنيا من العدل والمساواة والتكافؤ في تعاملها مع مواطنيها بل همشت المبادىء الاساسية للمواطنة وان عملية اعادة بناء الانسان في العراق ليكون مواطنا حقيقيا قادرا على المساهمة الفاعلة في ادارة شؤون بلده تتطلب تأسيس مبدأ المواطنة على اسس حقيقية تتناسب مع قيام نظام سياسي ديمقراطي تعددي.
تعاريف المواطنة من حيث المفهوم...
عرفت المواطنة تعاريف متعددة منها:-
1-علاقة بين الفرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة.(حسب تعريف دائرة المعارف البريطانية)
2-هي عضوية كاملة في دولة او في بعض وحدات الحكم.(حسب تعريف موسوعة الكتاب الدولي)
3- هي اكثر اشكال العضوية في جماعة سياسية اكتمالا(موسوعة كولير الامريكية) فالموسوعات الثلاث تؤكد على انه في الدول الديمقراطية كل من يحمل جنسية الدولة من البالغين الراشدين يتمتعون بحقوق المواطنة فيها وهي لذلك لاتميز بين المواطنة والجنسية.
4- فكرة المواطنة فهمت على انها تحالف وتضامن بين اناس احرار أي متساوون في القرار والدور والمكانة ورفض التمييز بينهم على مستوى مواطنتهم واهليتهم على اساس الدين والقومية والعرق والجنس.
5- المواطنة مفهوم تاريخي شامل ومعقد له ابعاد عديدة ومتنوعة منها ماهو مادي- قانوني ومنها ماهو ثقافي- سلوكي ومنها ما هو وسيلة وماهو غاية يمكن بلوغها تدريجيا. ولذلك فان نوعية المواطنة في دولة ما تتأثر بالنضج السياسي والرقي الحضاري.


عناصر ومقومات المواطنة:-
هناك حد ادنى من الشروط التي تسمح بتحديد مبدأ المواطنة في دولة ما من عدمه وهي:-
1- الحقوق المدنية والدستورية.
2- ضمانات المشاركة السياسية الفاعلة.
3- الحد الادنى من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تمكن المواطن من التعبير عن رأيه ومصالحه بحرية.
4- حد ادنى من المسؤولية تجاه تنمية فرص العمل والرعاية الاجتماعية في حالة العجز والبطالة، ومن اجل التعليم والصحة والتنمية الثقافية.
5- القاسم المشترك المعبر عن وجود قناعة فكرية وقبول نفسي والتزام سياسي بمبدأ المواطنة في بلد ما، في التوافق المجتمعي على اعتبار المواطنة وليس أي شيء اخر عداها هي مصدر الحقوق اناطة الواجبات بالنسبة لكل من يحمل جنسية الدولة دون تمييز ديني او عرقي او جنسي ومن ثم تجسيد ذلك التوافق في دستور ديمقراطي يتضمن خمسة مبادىء ديمقراطية عامة وهي:-
أ‌- لاسيادة لفرد ولا لقلة على الشعب أي الشعب مصدر السلطات
ب‌- سيطرة احكام القانون والمساواة امامه.
ت‌- عدم الجمع بين أي من السلطتين التشريعية والتنفيذية او القضائية في يد شخص او مؤسسة واحدة(الفصل بين السلطات).
ث‌- ضمانات الحقوق والحريات العامة دستوريا وقانونيا وقضائيا ومجتمعيا من خلال تنمية قدرة الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني على الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الانسان.
ج‌- تداول السلطة سلميا بشكل دوري وفق انتخابات دورية عامة حرة ونزيهة تحت اشراف قضائي مستقل وشفافية عالية تحد من الفساد والافساد والتضليل في العملية الانتخابية.
6- اعتبار جميع الافراد على ارض الدولة مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات يتمتع كل فرد منهم بحقوق والتزامات مدنية وقانونية متساوية كما تتوفر ضمانات وامكانيات ممارسة كل مواطن حق المشاركة السياسية الفعالة وتولي المناصب العامة.
7- يقوم مبدأ المواطنة على ضرورة وجود اساسين من ضمن اسس مهمة هي:- أ‌- المشاركة في الحكم
ب‌- المساواة بين جميع المواطنين.
النتائج المترتبة على مبدأ المواطنة:-
يترتب على تبني الدولة لمبدأ المواطنة وتعميقه نتائج مهمة على صعيد الفرد والدولة:-
اولا:- على صعيد الفرد
أ- يتمتع الفرد في دولة ما بالحقوق والتي تمثل التزاما على النظام السياسي والدولة ومنها:-
1- الحق في الحياة والامن والسلام وتكوين اسرة.
2- حرية العقيدة والفكر والتعبير والكتابة.
3- الحق في المساواة امام القانون وحق التظلم امام القضاء.
4- الحق في الملكية الخاصة ومشاركته في الملكية العامة والثروات وادارتها واستثمارها.
5- عدم التعرض للاعتقال التعسفي والتعذيب والنفي.
6- حق المشاركة السياسية وادارة الدولة والشؤون العامة.
7- حق الانتماء الى الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وتكوينها.
8- الحق في الترشيح للمناصب العامة والانتخابات.
9- الحق في الرفاه الاجتماعي والاقتصادي والضمان الاجتماعي في حالات العجز والبطالة.
10- الحق في الرعاية الصحية والعلمية والثقافية.
11- الحق في العمل وممارسة النشاطات الاقتصادية المختلفة دون قيود.
12- حق التنقل والسفر دون قيود.
ت‌- تمتع الفرد بالحقوق تجاه الدولة يرتب عليه التزامات وواجبات تجاه الدولة ومن اهمها:-
1- الخضوع لسلطة القانون والقواعد الدستورية وعدم مخالفتها.
2- الايفاء بالالتزامات المالية المقررة على الفرد تجاه الدولة كالضرائب والديون والحفاظ على الملكية العامة والاموال العامة.
3- الدفاع عن امن الدولة وسيادتها وتنفيذ الالتزامات المفروضة عليه في حالتي الحرب والسلم.
4- الحفاظ على امن المجتمع والدولة على الصعيد الداخلي وعدم المساس به او التورط بجرائم التجسس والارهاب والتخريب والابادة الجماعية.
5- ان يكون عنصرا مؤثرا وفاعلا ومنتخبا حسب قدراته ومؤهلاته.
6- ان يكون مع غيره رأيا عاما مؤثرا في تقويم العملية السياسية من خلال مشاركته السياسية على صعيد الانتخابات او الرقابة عبر منظمات المجتمع المدني او القوى السياسية والاعلام وغيرها مما يحفظ الحقوق والحريات من تجاوز السلطات العامة.
ثانيا: على صعيد الدولة:-
تمثل حقوق الافراد واجبات على الدولة من خلالها تراعي مبدأ المواطنة وهي:-
1- ان تلتزم السلطات العامة بالقواعد الدستورية والقانونية وسيادة حكم القانون.
2- ضمان الفصل التام للسلطات.
3- ضمان استقلال القضاء.
4- ضمان المساواة امام القانون والمساواة في تولي الوظائف العامة على اساس الكفاءة والمؤهلات دون تمييز على اسس عرقية او دينية او قومية او جنسية.
5- الحد من تعسف السلطات بالرقابة السياسية(رقابة السلطة التشريعية) على(السلطة التنفيذية) والرقابة القضائية.
6- ضمان الرقابة الادارية والمالية على اجهزة ومؤسسات الدولة.
7- التداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة.
8- ضمان اتخاذ اجراءات فعالة لمكافحة الفساد الاداري.
9- عدم حرمان المواطنين من المشاركة السياسية وضمان حقوق الاقليات.
10- التزام السلطات العامة بعدم انتهاك حقوق الافراد وحرياتهم الاساسية إلا على وفق اجراءات لضمان النظام العام والاداب العامة.
11- الحد من حالات الطوارىء والظروف الاستثنائية التي تعد مسوغا للنظام السياسي لانتهاك حقوق الافراد الا على اسس دستورية وقانونية محددة وتحت رقابة القضاء.
12- توفير فرص النماء الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للافراد وتوفير فرص العيش الرغيد والرفاهية العامة واستثمار موارد وثروات البلد بصورة علمية سليمة وتوزيع الثروات على اسس العدالة والانصاف.
13- الحفاظ على امن وسيادة الدولة داخليا وخارجيا.
كل هذه المفاهيم وغيرها تناولناها بمؤتمر المعهد العراقي الذي عقد في اربيل في تموز 2007 من قبل الدكتور ساجد الركابي عميد كلية القانون/جامعة البصرة

Saturday, January 04, 2014

المغرب...نموذج لتشريع متقدم مع الاتحاد الأوربي

جريدة المساء المغربية
عدد 2261
الخميس 02-01-2014
الصفحة 09
ميغل انخيل موراتينوس

Friday, January 03, 2014

دراسة في القانون : قراءة لمشروع قانون بمثابة مدونة التعاضد (3/4)

بقلم: طارق لكدالي, باحث جامعي في قانون الأعمال
أما في ما يتعلق بنشاط التأمين للتعاضديات ينبغي: 
- تحديد واضح للمادة 3 من مشروع المدونة للتعاضديات لتأمين عقود جماعية وهذا لا يمنعه المشروع الحالي بالاعتراف للأشخاص المعنويين الموقعة عليها أي العقود “صفة عضو شرفي” ومنخرط في الوقت نفسه. فالتعاضديات تأخذ بعين الاعتبار فئتين من المنخرطين، الأعضاء المساهمين والأعضاء الشرفيين، سواء كانوا أشخاصا معنويين أو طبيعيين يؤدون هبات أو وصايا أوأشخاصا معنويين موقعين على العقد الجماعي. وسنرى لاحقا أن هذا التحديد في هذه المقتضيات سيعمل على تحسين إدراة التعاضديات.
- إعطاء الصلاحية للتعاضديات المادة 2 والاتحادات المادة 154 بممارسة نشاط إعادة التأمين، مع العلم أن هذا النشاط مسموح به للاتحادات بمقتضى مدونة التعاضد الحالية.
- توسيع نطاق الشراكة والمسموح به للتعاضديات والذي حدده المشروع فقط بعمليات الضم والإدماج وبترخيص عمليات نقل الحقائب والصلاحيات، وهذه المقتضيات الجديدة مكانها في الباب الخامس بالقسم الأول من المشروع.
- منح التعاضديات الأهلية بصفتها فاعلا اقتصاديا بإزالة منع الاقتراض المنصوص عليه في المادة 81 شرط تقنين استخدام هذا القرض ضمانا لحماية حقوق المنخرطين وإزالة وصاية الإدارة على العمليات العقارية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالحاجيات الضرورية لتسيير التعاضدية -المادة 81-.
- إعادة النظر في الدور المنوط بالاتحادات نحو اتجاه تكاملي أفضل بين تعاضديات المنخرطين والاتحاد، وليس كما عليه الأمر في مشروع المدونة، إذ اعتبر الاتحاد “فوق التعاضدية” بحيث يؤدي انخراط التعاضدية في الاتحاد إلى إلزامية تحويل هذه الأخيرة تغطية الأخطار٬ المرض٬ الولادة٬ الحوادث المادة 154.
فيما يتعلق بإحداث وحدات صحية واجتماعية ينبغي:
تحديد مرن للنشاطات التي ستقوم بها هذه المؤسسات (وحدات صحية واجتماعية المادة 2)، باستثناء إذا ما حرمنا هذه الأخيرة من سبب وجودها مثلا مؤسسة لدور الأشخاص المسنين أو المحتاجين أو ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن لا تتوفر على أي خدمات في مجال العلاج أو توريد الأدوية والمعدات . في هذا الصدد لابد من توسيع دائرة نشاط المؤسسات حتى تتماشى مع الرؤى المستقبلية للقطاع الصحي والاجتماعي في المغرب. 
الشيء نفسه بالنسبة للمادة 144 التي تنص على أنه “يمكن للتعاضديات التوقيع على اتفاقيات لصالح هذه المؤسسات مع هيآت مهنية أخرى كما يرخصها قانون التعاضد الحالي والصادر بتاريخ 1963. وتجدر الإشارة أن المشروع الحالي يشير في مادته 96 إلى الاتفاقيات دون الأخذ بعين الاعتبار أدنى نتيجة، وأن هذه الاتفاقيات والمؤسسات خاضعة في نشاطاتها لمراقبة وزارة الصحة.
ثانيــا: إدارة التعاضـــديـــات: 
   انطلاقا  من مدونة مشروع التعاضد، تدير التعاضدية ثلاثة أجهزة للقرار والإدارة: الجمع العام٬ المجلس الإداري، والإدارة الجماعية (المادة 21).
 وتحدد المادة 22 أن التعاضدية يديرها مجلس إداري وإدارة جماعية. 
وعليه نستنتج من خلال هاتين المادتين أن جهاز القرار الوحيد في التعاضدية هو الجمع العام وأن الإدارة موكولة للمجلس الإداري والإدارة الجماعية.
كيفما كان المنطق الذي يستند عليه المشروع، فإن الاستنتاج يتعارض مع مفهوم التوجه العام للمشروع في مادة الإدارة وأيضا بناء على الفصل 65 الذي ينص على أن التعاضدية تديرها إدارة جماعية وهذا يتوافق مع طريقة الإدارة المنصوص عليها في المشروع.
إن التحليل القانوني لهذه المقتضيات المختلفة بالنسبة لهذه الأجهزة الثلاثة يقتضي إبداء الملاحظات التالية: 
 بالنسبة إلى الجمــع العــام: 
أول صعوبة تواجهنا في هذا الصدد،  متعلقة بتكوين هذا الجهاز وهذا ناتج عن غموض المصطلحات المستعملة والتي تتردد في مختلف مواد الفرع الأول الباب الثاني والقسم الأول من المشروع وهو مصطلح الأعضاء والمنخرطين.
طبقا لمقتضيات المادة 3 من المشروع يجوز تأليف التعاضدية من أعضاء مساهمين يدعون “منخرطين” وأعضاء شرفيين وأشخاص طبيعيين أو معنويين يمكنها أن تؤدي اشتراكا.
 لنستنتج بخلاف ما هو عليه النص، أن الأعضاء الشرفيين هم منخرطون أيضا في التعاضدية، وبالتالي لهم حق التصويت في الجمع العام، وحتى بالنسبة إلى الأشخاص الآخرين المعنيين الذين لم يؤدوا اشتراكاتهم، مادامت أن المادة 25 تشير “يجب أن يكون المنخرط أدى اشتراكاته حتى يمكن أن يشترك بالجمع العام”. الملاحظ هو أن هناك خلطا عاما واضحا في تأليف هذا الجهاز من خلال المصطلحات المستعملة ومن خلال الحقوق الموكولة له للمشاركة في الجمع العام، وبالتالي يجب توضيح هذه النقطة لتفادي الحالات الصعبة أو الحالات التي تصعب إدارتها من قبل التعاضديات.
أما فيما يتعلق بدعوة الجمع العام للانعقاد، فيجب النص على أن رئيس المجلس الإداري هو المختص لدعوة الجمع العام للانعقاد وليس المجلس الإداري، كما هو منصوص عليه في المادة 35 التي تنص “يجب على القائم بدعوة الجمع العام أن يعد ويقدم لكل جمع تقريرا عن المواضيع المدرجة في جدول الأعمال”. وبالنسبة إلى هذا الأخير سيكون من الحكم إعادة صياغة المادة 32 التي تنص “يحدد جدول أعمال الجموع العامة من طرف المجلس الإداري بعد أن يرسل مسبقا إلى أعضاء الجمع العام مرفقا بالدعوات..............؟”.
فيما يتعلق بالسلطات المخولة للجمع العام كما نصت عليها المادتان 25 و27 يجب توسيع هذه السلطات وتمديدها على مجموع العمليات المسموحة للتعاضديات القيام بها، خصوصا إذا ما وسعنا نطاق نشاط هذه الأخيرة كما تم اقتراحه سابقا، وبصفة أدق انتخاب المجلس الإداري الموكول إلى الجمع العام بمقتضى المادة 28 على أنه يجب إضافة صلاحية أخرى، وهي إلغاء المجلس الإداري، فهذا المقتضى غير منصوص عليه مطلقا في مدونة المشروع الحالي.
بالنسبـة إلى المجلـــس الإداري: 
تعترضنا الصعوبات المذكورة أعلاه نفسها ودائما المرتبطة بالغموض وبالمصطلحات المستعملة في المادة 3 من مشروع المدونة، ولنكون أكثر وضوحا بالنسبة للمجلس الإداري، نتساءل كيف يمكننا رفض صفة منخرط لعضو شرفي في حين يمكنه أن يكون عضوا في المجلس الإداري؟.
وعليه هناك مجموعة من التعديلات والتغييرات التي يجب أن تطول المشروع حتى يمكن للتعاضديات القيام بالمهام الموكلة إليها تماشيا مع التطورات المجتمعية الداخلية و الخارجية، ومن بين هذه التغييرات التعديلات التالية  : 
-  عدم وضع حد أدنى لأعضاء المجلس الإداري المادة 51 من المشروع أو النص على وجود تغييرات مؤقتة لهذا السقف ترتبط بظروف خاصة، مثال ،في حالة إدماج تعاضدية في أخرى.
- الترخيص للتعاضدية للتجديد الجزئي للمجلس الإداري ( 2/1  - 1/3 ) المادة 53 من المشرع فهذا التجديد الجزئي يعزز استمرارية العمل في التعاضدية.
- في غياب نص قانوني يحدد اختصاصات رئيس المجلس الإداري على المشرع أن ينص بصفة واضحة على دوره في تسيير المجلس الإداري.
-أما بخصوص وظائفه، فيجب منح السلطة والصلاحية للمجلس الإداري بخلق لجان دائمة أو مؤقتة مع إلزامية تشكيل لجنة للمراقبة و المراجعة ولمراقبة الأعمال وبذلك تؤسس وظيفتها الأساسية والمباشرة تحت مسؤولية الجهاز الإداري للتعاضدية.
 بقلم: طارق لكدالي ,باحث جامعي في قانون الأعمال



لائحة المناصب المحدثة برسم قانون المالية لسنة 2014 كما صدرت في الجريدة الرسمية عدد 6217 مكرر ليوم 31 ديسمبر 2013

لائحة المناصب المحدثة برسم قانون المالية لسنة 2014

كما صدرت في الجريدة الرسمية عدد 6217 مكرر ليوم 31 ديسمبر 2013



إحداث مناصب
المادة 21


يتم إحداث 17.975 منصب برسم الميزانية العامة للسنة المالية 2014.

I-ن 17.925 منصب لفائدة الوزارات والمؤسسات التالية:

عدد المناصب
الوزارات والمؤسسات
 7005
 وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني:
 7000
- قطاع التربية الوطنية

       5
- قطاع التكوين المهني
 4000
 وزارة الداخلية
 2000
 وزارة الصحة
 1800
 إدارة الدفاع الوطني
 1000
 وزارة الاقتصاد والمالية
   350
 وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
   300
  وزارة العدل و الحريات
   300
 وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر
   200
 البلاط الملكي
   200
 وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك
   200
 المندوبية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج
   100
 وزارة الفلاحة والصيد البحري
     90
- قطاع الفلاحة

     10
- قطاع الصيد البحري
     70
 وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة
     50
- قطاع الماء

     10
- قطاع الطاقة والمعادن
     10
- قطاع البيئة
     50
 رئيس الحكومة
     50
 وزارة الشؤون الخارجية والتعاون 
     50
  وزارة الشباب والرياضة
     50
  المندوبية السامية للمياه و الغابات و محاربة التصحر
     20
 المحاكم المالية
     20
 الأمانة العامة للحكومة
     15
 وزارة الثقافة
     10
 مجلس النواب
     10
 مجلس المستشارين
     10
 وزارة الاتصال
     10
 وزارة السياحة
     10
 الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة
     10
 وزارة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني 
     10
 وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي
       9
- قطاع الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي

       1
- قطاع التجارة الخارجية
     10
 وزارة السكنى وسياسة المدينة
     10
 الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني
     10
 الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة
     10
  المندوبية السامية للتخطيط
     10
 وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الإجتماعية
     10
 المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
     10
  وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني
       5
 وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية
 17.925
المجموع

II- تؤهل الحكومة لتوزيع 50 منصبا على مختلف الوزارات أو المؤسسات.

الظهير الشريف المتعلق بتنفيذ قانون المالية لسنة 2014

Thursday, January 02, 2014

دراسة في القانون : قراءة لمشروع قانون بمثابة مدونة التعاضد 2

بقلم: طارق لكدالي, باحث جامعي في قانون الأعمال

رغم الجهود المبذولة في هذا المشروع، إلا أن هناك مجموعة من  الإشكالات القانونية التي تهدد المشروع الإصلاحي بكامله يمكن إيجازها في النقط التالية :
الانسجام بين المشروع وبين التشريعات الأخرى القريبة منه
قبل تبني مشروع مدونة التعاضد بصفة نهائية، يجب على المشروع التأكد من وجود تناسب وانسجام مع مختلف التشريعات التي يمكن أن تتعارض معه، بالخصوص عندما نريد أن نشرك التعاضديات في الخدمات الصحية للدولة: مثل القانون المتعلق بالصحة العمومية، والعمل الصحي، وقانون ممارسة الطب.. وأيضا عندما نعترف للتعاضديات بدورها الفعال في  المجال الاقتصادي، فعلى المشروع أن يسهر على انسجام مقتضيات المشروع مع التشريعات التي تنظم الميدان الاقتصادي : القانون الضريبي، قانون المنافسة، قانون الاستهلاك.
الانسجام بين مقتضيات المشروع في حد ذاته
التأكد من انسجـام المقتضيات القانونية داخـل المشـروع نفسه، إذ أن مشروعا بهذا الحجم الشمولي يتطلب انسجاما بين مقتضياته القانونية، ولكن للأسف هناك مقتضيات لا تنسجم مع بعضها البعض من قبيل:
المقتضيات المتعلقة بموارد التعاضديات، المادة الأولى»  تنص فقط على اشتراكات منخرطيها « والمادة 3 « اشتـراك وهبات الأعضـاء الشرفيين». المادة 83 تفسح بشكل واسع إمكانية « الهبات ووصايا  منقولة أوغير منقولة». المادة 81   «سائر المداخيل الاعتيادية».
في هذا الصدد يجب على المشروع أن يحدد بصورة صريحة الموارد والمداخيل سواء المادية أو العينية للتعاضديات أو يذكرها على سبيل الحصر مع جعل إمكانية وجود رقابة في تسييرها حتى لا نكون أمام مقتضيات قانونية قد تعرض نشاط التعاضدية إلى الضعف أو الشلل.
المقتضيات المتعلقة بعدد المنخرطين حدا أدنى 5000 منخرط « المادة 6 ولا يطبق هذا المقتضى إذا ألتزمت التعاضدية بالانخراط في اتحاد التعاضديات». في حين أن المادة 153 و 162 تنصان على» أن الاتحاد يجب أن يثبت توفره على عدد أدنى من المنخرطين في التعاضديات المكونة له والذي لايمكن أن يقل عن 5000 منخرط».
إذا كانت المادة 85 تمنع على كل تعاضدية منح سلف أو إعطاء كفالات أو ضمانات لفائدة إي كان»، فالمادة  74 «  ترخص للإدارة الجماعية بمنح كفالات أو ضمانات احتياطية أو ضمانات دون تحديد لمبلغها ، للإدارات الجبائية أو الجمركية».
 التأكـــد من ملاءمــة المعاييــر المعتمــدة
إن ملاءمة المعايير في النص القانوني يجب أن تقدرفي ذاتها – الارتباط بين الهدف المتوخى والمعيار المعتمد- في ما يتعلق بطبيعة النص، خصوصا مكانته على مستوى الضوابط القانونية، فالمدونة القانونية هي نص ذو طابع جدي خاص معمول أساسا ليطبق على فترة زمنية طويلة، هذه المقتضيات تتسم بالاستمرارية على خلاف النصوص التنظيمية بالخصوص النصوص الإدارية، إذا على هذا المستوى، فإن المدونة لا تخلو من انتقاد، لوجود مجموعة من المقتضيات الخاصة التي لا تتلاءم مع الأهداف العامة، بل تثير اهتمامات آنية منصوص عليها في مدونة قانونية تتسم بالاستمرارية ونذكر على سبيل المثال:
تحديد الحد الأدنى للمنخرطين ( المادة 6)، والمادة نفسها تنص على» أن لا يقل العدد عن 5000 «. وهذا ما سيحدده نص تنظيمي؟  ماذا يعني توفر حد أدنى للمنخرطين حتى نكون أمام  تعاضدية، خصوصا حسب مفهوم المشروع، أن الشخص المعنوي الموقع على الاتفاق الجماعي لكن لا يمكن احتسابه في السقف مادام لا يتوفر على صفة منخرط كعضو شرفي أليس من الملائم وضع سقف مالي كحد أدنى ؟ مثلا تستند على سلطة تنظيمية بعد استشارة المجلس الأعلى للتعاضدية؟.
هل يمكن للمدونة أن تحدد أجل أداء الخدمات؟ (المادة 8) .
بلا شك أن نصا بهذا الحجم يجب أن يضع المبادئ الأساسية التي تضمن حقوق الأشخاص وتعمل على حمايتها وأيضا حماية ذوي الحقوق.
إن الاهتمام بأدق التفاصيل يشوه المقتضيات الخاصة بالإدارة الجماعية سواء تعلق الأمر بتأليفها  ثلاثة أعضاء (المادة 65) وعلى مستوى تكوين أعضائها تطلب المشروع الحصول على دبلوم جامعي وعلى تجربة مهنية في ميادين التعاضد والتقاعد أو التأمين ( المادة 66) ويكون أعضاء الإدارة الجماعية من الأشخاص الذاتيين( تحت طائلة بطلان التعيين)، إن الشرط المتعلق بالشهادة المحصل عليها والتي نص عليها المشروع لا يمكن تصوره إلا من خلال فرضية انتداب التعاضدية الإدارة الجماعية إلى شخص معنوي التي تعين بدورها وكلاء إلى هذا الانتداب، وكيفما كان الحال هناك حيرة يجب إثارتها سواء تعلق الأمر لمدة انتداب أعضاء الإدارة الجماعية ( المادة 69 ). فإن عدم ملاءمة القواعد نفسها ضمن المادة نفسها بالنسبة لكل التعاضديات، كيفما كانت أهميتها واختلاف أنشطتها، فتحديد المعايير المعتمدة تكشف عقمها كما أنها لا توجد أي قاعدة بالمفهوم المخالف تتعلق بتدبير الاتحادات كما هو الشأن بالنسبة إلى التعاضديات حتى ولو حاولنا أن نستشفها من المادة 55، وهذا يؤدي إلى فرضية أن اتحاد تعاضديتين من 5000 منخرط لها 9 رؤساء بالنسبة إلى 10.000 منخرط.
الانتقاد نفسه يوجه إلى مقتضيات القسم السادس «المتعلق بالعقوبات «، فإذا كانت المدونة هي التي تحدد طبيعة المخالفات والعقوبات الملائمة لها، فإن هذه الأخيرة يجب أن تؤخذ من النصوص التطبيقية.
انطلاقا من هذه الانتقادات يجب إعادة الصياغة النصية لمشروع إصلاح مدونة التعاضد والابتعاد عن الانزلاقات والهفوات التي عرفتها بعض مقتضيات هذا المشروع، بالإضافة إلى كل هذا، فإذا أراد مشروع الإصلاح أن يظل متشبثا بأهدافه الاجتماعية والإنمائية، عليه أن يعيد النظر بشكل جوهري وعميق في بعض أقسام وتبويبات المشروع الإصلاحي.
مشــروع إصلاحــي يجب أن يعــــدل
إن أي مشروع إصلاحي رغم المزايا التي يتمتع بها من أنه طموح ويسعى إلى إصلاح شمولي، فإنه يحتوي بين طياته ثغرات وهفوات لا يمكن أن تظهر إلا بعد تطبيقه لفترة زمنية معينة، ولكن للأسف من سمات هذا المشروع الإصلاحي لمدونة التعاضد، أن عيوبه وأخطاءه الفادحة يتم كشفها في المرحلة الآنية من قبل أي رجل قانون له معرفة بسيطة بميدان التعاضد والمقاولات، وبالتالي يكون من الواجب عليه أن ينبه إلى خطر الفشل والشلل الذي يهدد بعض أحكام ومقتضيات هذا المشروع الإصلاحي الضخم وهذا يتعلق بالخصوص بالمقتضيات التالية:
أولا:  نطــاق نشــاط التعاضديات وشروط ممارستها:
 كما سبقت الإشارة إلى أن مشروع إصلاح مدونة التعاضد أعطى نطاقا واسعا لنشاط التعاضديات، نطاق يتوافق مع مهامها ) تأمين الشخص، حمايته من مخاطر المرض، الحوادث، الولادة، الشيخوخة، والوفاة وأيضا القيام بعمليات الإسعاف المرتبطة بهذه الخدمات، معونات، مساعدات، الأعمال الوقائية، إحداث وتدبير وحدات صحية واجتماعية(، ومثل كل الفعاليات الاقتصادية، فالتعاضديات في حاجة إلى الوسائل اللازمة لممارسة هذه الأنشطة، ومن بينها الوسائل القانونية المتوفرة التي يجب أن تلتزم بالمرونة الكافية لتمكين التعاضديات من مواجهة الحالات الأكثر تعقيدا وتنوعا ولتطوير الشراكات وفقا للقيم- غير الهادفة للربح- وهذا لا يعني عدم وجود نتائج إيجابية أو تحقيق مالي معين، بل الهدف الأسمى هو التضامن في المجتمع لتحقيق الحماية الاجتماعية والصحية للمنخرطين ولذوي حقوقهم، وهذا يعني حذف بعض العقبات المنصوص عليها في النص الحالي لمشروع مدونة التعاضد، وإضافة بعض المقتضيات والأحكام التكميلية التي تسعى إلى الهدف نفسه.
 بقلم: طارق لكدالي, باحث جامعي في قانون الأعمال

مسار الجهة والجهوية بالمغرب -الجزء الثاني

محطة 16 يونيو 1971

بعد الاستقلال،وتحت هاجس إرساء  الدولة الوطنية وتحقيق التنمية، وصهر مختلف مكونات المجتمع المغربي في إطار وحدة وطنية قطرية  تعتمد المركزية في آلياتها التدبيرية، تم التركيز على الإطار الإقليمي كنواة أساسية في التقسيم الإداري المغربي لمحو تلك الفوارق والتفاوتات ،إلا أن الضعف الذي ميز هذه الأداة جعلت  الإقليم كوحدة جغرافية لم تعد كافية وقادرة بأن تستعمل كحقل للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي،مما حذى بالدولة إلى التفكير في أداة جديدة تتمثل في الاهتمام بالتقسيم  الجهوي الذي أصبح من أولويتها. 
وقد شكل ظهير 16  يونيو 1971 المتعلق بالتقسيم الجهوي، اللبنة الأولى لتنظيم حقيقي للجهة بالمغرب، حيث أضحت تتمتع بإطار قانوني مؤسساتي يحدد مهامها واختصاصاتها ومجال عملها وحدود مشاركتها في مسلسل التنمية الوطنية،باعتبارها وسيلة جغرافية وبشرية رافعة للنمو وإطارا للعمل الاقتصادي المحقق للتوازن الوطني.
وقد عرف الفصل الثالث من الظهير المذكور الجهة باعتبارها "إطار اقتصادي لتنفيذ وتنسيق الأشغال والدراسات والأعمال المتعلقة بالمناطق،والعمل بصفة عامة على ازدهار اقتصاد المنطقة"، أما المنطقة فيراد بها حسب الفصل الثاني من نفس الظهير مجموعة من الأقاليم التي تربط بينها أو يحتمل أن تربط بينها على الصعيد الجغرافي والاقتصادي والاجتماعي علاقة كفيلة بتقوية نموها والتي تقتضي من جراء ذلك القيام بتهيئة عامة فيها وتألف المنطقة إطار عمل اقتصادي يباشر داخله إجراء دراسات وانجاز  برامج قصد تحقيق تنمية منسقة ومتوازنة لمختلف أجزاء المملكة"
فوفقا لهذا الظهير لم تكن الجهة جماعة محلية ولا وحدة ترابية لا مركزية بحكم محافظة الأقاليم الداخلة في محيطها على شخصيتها الإدارية وإنما فقط تجمع لعدد من الأقاليم المتجاورة لتكون إطارا للعمل الاقتصادي،وبالتالي لا تعدو أن تكون جماعة ترابية تنضاف إلى مصاف الجماعة الترابية للبلاد التي كانت تنحصر آنذاك في العمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية.
 وقد أسفر هذا التوجه عن إحداث سبع جهات اقتصادية وهي كالآتي

العمالات والأقاليم المكونة لها
الجهات الاقتصادية
ولاية فاس،بولمان،تازة،الحسيمة،تاوتات
الجهة الشمالية الوسطى
ولاية الدار البيضاء-أقاليم الجديدة سطات،بن سليمان،خريبكة،بني ملال،أزيلال
الجهة الوسطى

مكناس،افران،خنيفرة،الراشيدية
الجهة الوسطى الجنوبية
مراكش،آسفي،الصويرة،قلعة السراغنة
جهة تانسيفت
ولاية الرباط سلا-أقاليم القنيطرة،العرائش،طنجة،تطوان،شفشاون،الخميسات
الجهة الشمالية الغربية
وجدة،الناظور،فكيك.
الجهة الشرقية
أكادير-تزنيت-تارودانت-طاطا-كلميم-طان طان-العيون-السمارة-بوجدور-وادي الذهب-ورزازات.
الجهة الجنوبية

وقد اعتمد هذا التقطيع على سبعة مقاييس منها الإشعاع الحضري والأحواض المائية ومؤهلات الري وكثافة السكان القرويين والموانئ كمنفذ بحري، والسير والطرق والقيمة المضافة الصناعية.
وبالرغم من المكسب المهم الذي حققته هذه التجربة من تكريس لمفهوم الجهوية ضمن مجهودات التخطيط والبرمجة المتعاقبة للدولة،خاصة المخطط الخماسي 1968-1972 الذي ركز على الجهة والتنمية الجهوية وتهيئ التراب الوطني بهدف إشراك السكان بصفة واسعة في تنمية البلاد،والتعرف بدقة على الإمكانيات المتوفرة والقابلة لتنمية العمالات والأقاليم.
إلا أنها اعتبرت تجربة متجاوزة ،بل شكلت سببا من أسباب عرقلة نمو الاقتصاد الوطني، للاعتبارات التالية :
عدم اعتماد مقاييس عقلانية ومطابقة للواقع المغربي في تقسيم التراب الوطني .
هذا التقسيم ليس به بعد تاريخي أو سوسيولوجي يمكن المواطنين الإحساس بانتمائهم لهذه الجهة أو   تلك.
الأهداف التي تم تسطيرها ظلت مجرد حبر أسود على ورق أبيض نظرا لغياب الوسائل اللازمة للقيام بالدراسات وكذلك غياب النظرة الشمولية على مستوى الجهة خلال تصور المشاريع.
استحواذ بعض الجهات على قسط وافر من التجهيزات والاستثمارات كالجهة الاقتصادية الوسطى والجهة الشمالية الغربية.
التفكير على مستوى الإقليم ظل مسيطرا،بدلا من اعتماد المقاربة الجهوية المطلوبة،باستثناء بعض التدخلات التنموية كإحداث صناديق جهوية للقرض الفلاحي والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لسوس ماسة. 
عدم تمكين الجهة من الآليات التشريعية لتدبير أمورها مثل مجلس جهوي ذي سلطة تقريرية.
عدم توفر آليات اقتصادية للنهوض بالجهة ،وعدم وجود ميزانية خاصة بها.
إن ما أفرزته تجربة 1971 من عوائق تنظيمية وانتكاس في مجال التنمية الجهوية، أفضت إلى عدم تحويل الجهة كإطار مؤسساتي واضح ذات أبعاد إستراتجية تساهم في التنمية الترابية للجهة،ضمن هذه الخصوصية،أقرت الدولة نموذجا آخر للتنمية الجهوية ذات توجهات جديدة وذلك ابتداء من سنة 1997.

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا