أكد الخبير الدستوري الدكتور مصطفى قلوش، في دراسة جديدة توصلت بها هسبريس، بأن قانون المالية الحالي مخالف لمقتضيات الدستور المغربي، وبأنه غير سوي التكوين، ويتعارض مع الفصل 84 من الدستور الذي يحتاج بدوره إلى ترميم بسبب الصياغة السقيمة لمحتواه" بحسب تعبير الأستاذ الجامعي بكلية الحقوق أكدال بالرباط.
وفي ما يلي نص الدراسة المطولة كما توصلت بها جريدة هسبريس الإلكترونية من الدكتور مصطفى قلوش:
قانون المالية لسنة 2013 مخالف لمقتضيات الدستور
تنص الفقرة الأولى من الفصل 78 من الدستور على أن : "لرئيس الحكومة ولأعضاء البرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين". بيد أنه في مجال قانون المالية، فإن الحكومة بمفردها هي التي تنفرد بحق الاقتراح، عن طريق تقديم مشروع قانون إلى البرلمان للتداول بشأنه والبت فيه، وفق الضوابط المنصوص عليها في الفصل 75 و77 و78 و84 من الوثيقة الدستورية لسنة 2011.
واحتسابا لعدم تمكن البرلمان من التصويت على قانون المالية مع نهاية السنة المالية؛ بسبب اختلاف مجلسي البرلمان على إقراره بصيغة موحدة، أو نتيجة عدم إصداره جراء إحالته إلى المحكمة الدستورية؛ فإن الدستور أجاز للحكومة أن تفتح بمرسوم الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها وفق ما هو مبين في الفقرة الثالثة والرابعة من الفصل 75 من الدستور.
والقانون المالي الحالي لسنة 2013 مر بالمحطات الرئيسية التالية :
• قدمت الحكومة مشروع قانون المالية في جلسة مشتركة لمجلسي البرلمان بتاريخ 24 أكتوبر 2012.
• عُرض على مجلس النواب ثم تمت الموافقة عليه بتاريخ 24 نوفمبر 2012.
• أحيل على مجلس المستشارين وتم التصويت عليه بالموافقة بتاريخ 25 ديسمبر 2012 بعد أن أُدخلت بعض التعديلات على مشروع قانون المالية كما صوت عليه مجلس النواب.
• عُرض مشروع قانون المالية من جديد على مجلس النواب، بسبب ما أحدثه مجلس المستشارين من تغيير في بعض مقتضياته. وتم تصويت مجلس النواب على المشروع في قراءته الثانية يوم الجمعة 28 ديسمبر 2012، بعد أن أَدخل عليه بعض التغييرات التي جعلت صيغة المشروع مخالفة لتلك التي صوت عليها مجلس المستشارين.
• في نفس اليوم الذي تم فيه إقرار قانون المالية من طرف مجلس النواب، صدر الأمر بتنفيذه بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.12.57 وفق أحكام الفصل 50 من الدستور؛ مما يعني أن تصويت مجلس النواب على القانون في قراءته الثانية، تم يوم الجمعة 28 ديسمبر 2012. وفي ذات اليوم والتاريخ صدر الأمر بتنفيذه؛ دون اعتداد بدور مجلس المستشارين في مجال التشريع، ومن غير اكتراث بما هو منصوص عليه في الفقرة الأولى من الفصل 84 من الدستور التي تنص على وجوب التداول بين المجلسين إلى أن يتم التوصل إلى المصادقة على نص واحد.
• في يوم الاثنين 31 ديسمبر 2012، وهو اليوم الذي تم فيه نشر قانون المالية في الجريدة الرسمية، تقدم 107 عضوا من أعضاء مجلس النواب بطعن أمام المجلس الدستوري، بدعوى مخالفة بعض مقتضيات قانون المالية للدستور.
• رغم أن يوم الثلاثاء الموافق لفاتح يناير من سنة 2013، يعتبر يوم عطلة رسمية (المادة 42 و512 و513 من قانون المسطرة المدنية)؛ فإن أعضاء المجلس الدستوري أصدروا قرارهم رقم 912-13، يصرحون فيه : "بعدم قبول الإحالة الرامية إلى التصريح بعدم مطابقة بعض مقتضيات قانون المالية للسنة المالية 2013 للدستور". وقد علل الموقعون على القرار لمنطوق حكمهم بالحيثية التالية : "وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، تكون إحالة قانون المالية للسنة المالية 2013 على المجلس الدستوري، بعد صدور الأمر بتنفيذه، قصد البت في مطابقة بعض مقتضياته للدستور، غير مقبولة".
وبعد هذا السرد التسلسلي لأهم الأحداث البارزة المتعلقة بالمراحل التي مر بها قانون المالية؛ ننتقل إلى الكشف عن القصور الذي اكتنفه والعوار الذي لازمه، ابتداء من التصويت النهائي على القانون من طرف مجلس النواب، وانتهاء بالقرار الصادر عن فقهاء المجلس الدستوري، القاضي بعدم قبول عريضة الطعن.
ومعالجتنا للموضوع ستكون وفق العرض التالي :
أولا : المسطرة التشريعية الواجب التقيد بها
تنص الفقرة الأولى من الفصل 75 من الدستور على التالي : "يصدر قانون المالية، الذي يودع بالأسبقية لدى مجلس النواب، بالتصويت من قبل البرلمان، وذلك طبق الشروط المنصوص عليها في قانون تنظيمي...". كما ينص المقطع الأول من الفقرة الثانية من الفصل 78 على ما يلي : "تودع مشاريع القوانين بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب...". ومن هذين النصين يتبين بكل وضوح أن مشروع قانون المالية، يودع بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب، حيث يعتبر المجلس صاحب الأولوية والأسبقية في التداول بشأنه والتصويت عليه؛ ثم يحال بعد ذلك إلى مجلس المستشارين للبت فيه، تبعا للمقطع الأول والرابع من الفقرة الأولى من الفصل 84 اللذان يقرران التالي : "يتداول مجلسا البرلمان بالتتابع في كل مشروع أو مقترح قانون، بغية التوصل إلى المصادقة على نص واحد... ويتداول كل مجلس في النص الذي صوت عليه المجلس الآخر في الصيغة التي أحيل بها إليه".
وفي إطار ما ورد في الفقرة الأولى من الفصل 84 من الدستور، يتوجب إحالة مشروع قانون المالية إلى مجلس المستشارين، بعد أن يكون القانون قد تم البت فيه من لدن مجلس النواب. فإذا أقر مجلس المستشارين مشروع القانون، كما أحيل عليه من طرف مجلس النواب؛ فإن البرلمان يكون بذلك قد أنهى عمله التشريعي، وانتهت صلاحيته بخصوص هذا القانون؛ لينتقل مسار القانون إلى مرحلة أخرى، تتوج إما بالإصدار (الفصل 50) أو طلب القراءة الجديدة (الفصل 95) أو الطعن فيه بعدم الدستورية (الفقرة الثالثة من الفصل 132). ليتوقف الأمر في نهاية المطاف عند وضعية في نطاقها يتحدد مصير القانون؛ إما بعدم الاعتداد به واعتباره منعدما لا وجود له، وإما بإقراره ونشره في الجريدة الرسمية، وبذلك يسري القانون على كافة المخاطبين بأحكامه ومقتضياته.
وبحصر مقالتنا في الإطار الفقهي المتعلق بالمسطرة التشريعية الخاصة بقانون المالية لسنة 2013، فإننا نقول إن هذا القانون الذي دخل حيز النفاذ والتطبيق بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.12.57 الصادر بتاريخ 28 ديسمبر 2012، وصدر بشأنه قرار من المجلس الدستوري يحصنه من كل مثلبة أو نقيصة دستورية، يبقى بالرغم من ذلك، ناقص الخلقة، غير سوي التكوين، ومتعارضا كل التعارض مع الفصل 84 من الدستور الذي يحتاج بدوره إلى ترميم، بسبب الصياغة السقيمة لمحتواه. وليس ببعيد أن تكون هذه الصياغة للنص الدستوري، هي التي ورطت مجلس النواب في الانفراد بإقرار القانون على وجه مخالف لما تنص عليه الوثيقة الدستورية.
ذلك أنه في نطاق الفقرة الأولى من الفصل 84 من الدستور، ووقت حدوث الخلاف بين المجلسين، فإن مجلس النواب لا يملك الحق في التصويت النهائي على النص الذي تم البت فيه، لأن هذا الامتياز مقرر لمجلس النواب حينما يكون الأمر متعلقا بإحدى الحالات المنصوص عليها في الفقرة الثانية من ذات النص الدستوري، وعلى الوجه المبين أيضا في المقطع الثاني من الفقرة الثانية من الفصل 78 من الدستور.
ومادام مجلس النواب لا يتمتع بامتياز بخصوص إقرار قانون المالية، فإنه كان من الواجب وقت تصويت مجلس النواب على قانون المالية في قراءته الثانية، أن يحيل رئيس مجلس النواب القانون على مجلس المستشارين ليتداول فيه، بحيث يظل القانون بين ذهاب وإياب في إطار ما يسمى بالجولات المكوكية، إلى أن يتم التوصل إلى المصادقة على القانون بصيغة واحدة. ذلك أنه في إطار الفقرة الأولى من الفصل 84 من الدستور، يقف مجلس المستشارين على قدم المساواة مع مجلس النواب، على خلاف الوضع الذي كان مقررا في نطاق الفصل 58 من دستور 1996.
وعطفا على ما سلف، فإن الذي حدث هو أن رئيس مجلس النواب أنهى الإجراءات التشريعية عند محطة تصويت مجلس النواب على القانون في قراءته الثانية، وأحاله مباشرة إلى رئيس الحكومة، اعتقادا منه أن المسطرة التشريعية للبرلمان قد نفدت، بما ينجر عن ذلك من وجوب تدخل السلطة التنفيذية لاستكمال باقي الإجراءات اللازمة لإخراج القانون إلى حيز الوجود في إطار ما يقرره الفصل 50 من الدستور.
ومما هو جدير بالإشارة إليه هو أن مجلس النواب ومجلس المستشارين يتحملان المسؤولية بشأن عدم الامتثال لمحتوى الفقرة الأولى من الفصل 84 من الدستور، كما أن أعضاء المجلس الدستوري ليسوا بمنأى عن تحمل تبعات تطبيق قانون لم يستكمل مقومات وجوده.
ولهذا فإن الذي يلاحظ على البرلمان في المجال الذي نحن بصدده هو التالي :
1 – اعتقاد نواب الأمة أن مجلس النواب يملك الحق في التصويت النهائي على النص الذي تم البت فيه، بدليل أن رئيس الجلسة أحال مباشرة قانون المالية إلى رئيس الحكومة، عوض إرجاعه إلى مجلس المستشارين.
2 – إن الذين وقعوا على عرضة الطعن (107 عضوا) لم يثيروا عدم دستورية المسطرة التشريعية، غَهبا منهم من وجود مخالفة شكلية جسيمة للدستور. بدليل أن الطاعنين اقتصروا في عريضة الطعن على إبراز وإظهار ما اعتبروه مخالفا للدستور من ناحية الفحوى والجوهر، دون إثارة عيب المخالفة الشكلية للدستور.
3 – أعضاء مجلس المستشارين لم يتخذوا من الناحية الرسمية موقفا ضد المخالفة الدستورية التي اقترفت، ربما لعدم علمهم بما يستوجبه الدستور بخصوص المسطرة التشريعية، أو جراء إدراكهم أن وجودهم في البرلمان لاسند له في الدستور الذي ينص على أن مجلس المستشارين يتكون من 120 عضوا (القانون التنظيمي رقم 28-11)، وأن انتخابهم يكون لمدة ست سنوات، وأن المرحلة الانتقالية المنصوص عليها في الفصل 176 من الدستور انتهت منذ أمد ليس بالقصير.
4 – إن التصويت على قانون المالية، لكي يستقيم وضعه من الناحية الدستورية، يتعين أن تتم مناقشته والتداول فيه والتصويت عليه، بناء على القانون التنظيمي المنصوص عليه في الفقرة الأولى من الفصل 75 من دستور 2011. وكما يعلم الجميع، فإن هذا القانون التنظيمي لم يصدر بعد؛ وهذا يجعل قانون المالية لسنة 2013 موشوما بعدم الدستورية، جراء إقراره في إطار قانون تنظيمي (7-98 المعدل بالقانون التنظيمي 14-00) وضع في ظل دستور 1996، وهذا غير جائز من الناحية الدستورية لاختلاف المسطرة التشريعية في كل من دستور 1996 و2011.
أما عن مسؤولية أعضاء المجلس الدستوري، فإن مسؤوليتهم تتحدد على الوجه الوارد في البند التالي.
ثانيا : رقابة المجلس الدستوري على القانون المطعون فيه بعدم الدستورية
في ظل الدساتير الجامدة تتبوأ النصوص الدستورية المرتبة الأولى، لكونها تأتي دائما محتلة لقمة البنيان القانوني للدولة؛ بما يتولد عن ذلك من وجوب صدور القانون الأدنى منزلة بما لا يخالف أحكام الوثيقة الدستورية. وإذا حدثت المخالفة ووقع التعارض بين نصين متفاوتين في المنزلة والدرجة، تعين عدم الاعتداد بالقانون الأقل مكانة، والالتزام بإعلاء مقتضيات النص الدستوري، الذي يحتل منزلة سامقة في السلم الهرمي لتدرج القواعد القانونية لنظام الدولة.
والدستور المغربي أسند إلى المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية) مهمة إعمال الرقابة على دستورية القوانين التي يصوت عليها البرلمان ويصدرها رئيس الدولة؛ وحدد أيضا الأطراف الذين لهم الحق في الطعن ضد أي قانون مشكوك في دستوريته؛ كما جعل من قرار هيئة الرقابة ملزما للكافة ومحصنا ضد أي طريق من طرق الطعن.
والرقابة التي يمارسها المجلس الدستوري تشمل الرقابة على دستورية القانون من الناحية الشكلية، كما تنصب على رقابة القانون من الناحية الموضوعية. والدستور جعل حق الطعن مكفولا لأصحاب الصفة، شريطة أن يقدم في الفترة الواقعة بعد التصويت على القانون وقبل إصداره. فإذا قدم الطعن قبل التصويت النهائي على القانون، فإن عريضة الطعن تكون مرفوضة. كما أن الطعن الذي يقدم بعد إصدار الأمر بتنفيذ القانون، يكون بدوره مرفوضا وغير منتج لأي أثر قانوني. والجدير بالإشارة إليه هو أن الرقابة الموضوعية تأتي دائما لاحقة للرقابة الشكلية. فإذا كان القانون مستوفيا لشرائطه الشكلية وكذلك عريضة الطعن، فإنه بعد ذلك ينفتح المجال وجوبا لإعمال الرقابة الموضوعية، للتحقق من مدى تطابق مضمون القانون مع فحوى ما تنص عليه الوثيقة الدستورية من مقتضيات وأحكام.
وفي سياق موضوعنا المتعلق بقانون المالية لسنة 2013، نجد أن المجلس الدستوري، بناء على رسالة إحالة (عريضة الطعن) موقعة من 107 عضوا ينتمون إلى المعارضة داخل مجلس النواب؛ قضى في قراره رقم 912-13 بعدم قبول عريضة الطعن؛ بحجة أن رسالة الإحالة قدمت إلى المجلس الدستوري بتاريخ 31 ديسمبر 2012 والحال أن الأمر الصادر بتنفيذ القانون تم في 28 ديسمبر 2012؛ بما يعني أن عريضة الطعن قدمت بعد إصدار القانون. وهذا الأخير – كما يقول أعضاء المجلس الدستوري – يكتسب وجوده القانوني ابتداء من تاريخ صدور الأمر بتنفيذه، ولا يجوز بعد ذلك الطعن فيه بعدم الدستورية، ما عدا إذا كان الأمر متعلقا بما ورد في الفصل 133 من الدستور.
وما انتهى إليه أعضاء المجلس الدستوري يفتقر إلى الحجة والبرهان، وينم عن قصور في التحليل القانوني والتأصيل الفقهي، جراء جهلهم بما تستوجبه الرقابة الشكلية من التأكد من كون الإصدار قد انصب على قانون مستجمع لجميع شرائطه الشكلية التي ينص عليها الدستور. ذلك أن الموقعين على القرار رقم 912-13، اقتصروا وقت ممارستهم للرقابة الشكلية على مجرد التأكد من مدى دستورية المسألتين التاليين :
1 – هل قدمت عريضة الطعن من أصحاب الصفة على الوجه المحدد في الفقرة الثالثة من الفصل 132 من الدستور؟
2 – هل عريضة الطعن قدمت داخل الأمد المنصوص عليه في ذات الفقرة من نفس النص الدستوري؟
وحينما تبين لأعضاء المجلس الدستوري أن عريضة الطعن أحيلت من أصحاب الصفة، ولكن بعد أن تم إصدار الأمر بتنفيذ القانون، فقد صرحوا بعدم قبول عريضة الطعن بسبب تقديمها خارج الأجل المحدد في الوثيقة الدستورية.
والواجب قوله في هذا الخصوص، هو أن أعضاء المجلس الدستوري بسبب الغبش في الرؤية الدستورية، قد غَهِبَ عنهم أن الإصدار الذي يعتد به، هو ذلك الذي يتحدد فقط في الإصدار المنصب على قانون مستوف لجميع شرائطه الشكلية والموضوعية. أما الإصدار المتعلق بقانون غير مكتمل التكوين من الناحية الإجرائية نتيجة تخلف مرحلة من المراحل التي يجب أن يجتازها وفق الإجراءات التي نص عليها الدستور؛ فإنه لا يمكن لمثل هذا الإصدار أن يضفي الشرعية على ما لا يمكن اعتباره قانونا؛ لأن العدم لا يولد إلا العدم وذلك من الناحية القانونية والدستورية.
وترتيبا على ما سلف، فإننا نتساءل : هل الإصدار الذي تم يوم الجمعة 28 ديسمبر 2012 عقب التصويت من طرف مجلس النواب على قانون المالية لسنة 2013، يعتبر إصدارا انصب على قانون مستوف لجميع إجراءاته المتعلقة بالمسطرة التشريعية، أم أن الأمر ليس كذلك؟
إن الإصدار الذي جعله أعضاء المجلس الدستوري سببا كافيا ىلرفض عريضة الطعن؛ ومكن لقانون المالية من الدخول حيز التطبيق، نتيجة إصدار الأمر بتنفيذه؛ هو في حقيقته إصدار انصب على قانون غير مكتمل البنيان، لعدم استيفائه لجميع عناصره وشرائطه الشكلية التي نص عليها الدستور، مما ينجر عن الخلل والاضطراب في المسطرة التشريعية، بطلان الإصدار. لأن هذا الأخير لا يكون منتجا لآثاره إلا إذا كان بدوره متسقا مع أحكام الوثيقة الدستورية. والفقرة الأولى من الفصل 50 من الدستور تقرر بجلاء ووضوح :
"يصدر الملك الأمر بتنفيذ القانون خلال الثلاثين يوما التالية لإحالته إلى الحكومة بعد تمام الموافقة عليه". فهل قانون المالية لسنة 2013 تمت الموافقة عليه من طرف مجلسي البرلمان على الوجه المحدد في الفقرة الأولى من الفصل 84 من الدستور؟؟
وتأسيسا على كل ما سبق، كان من الواجب على أعضاء المجلس الدستوري، وهم بصدد ممارسة مراقبتهم للقانون من الناحية الشكلية، التصريح بالأمرين التاليين :
1 – عدم قبول عريضة الطعن لتقديمها خارج اّلأجل المحدد في الدستور.
2 – عدم دستورية قانون المالية لسنة 2013 جراء :
أ – التصويت عليه من طرف مجلس النواب بمفرده، بما يشكل مخالفة صريحة للفقرة الأولى من الفصل 84 من الدستور.
ب – إصدار الأمر بتنفيذه بما لا يتطابق مع منطوق الفقرة الأولى من الفصل 50 من الدستور التي تنص على أن الملك يصدر الأمر بتنفيذ القانون بعد تمام الموافقة عليه.
عن هسبريس
No comments :
اضافة تعليق
الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى