رشيد الفرتيت
تعتبر السلطة التنفيذية أحد أهم مرتكزات الإصلاح الدستوري الذي انخرط فيه المغرب، باعتبار الأهمية التي تمثلها في أي بلد ديمقراطي. وقد استجاب مشروع الدستور إلى حد كبير( وبغض النظر عن الإنتقادات الموجهة له باعتباره دستور ممنوح أكتر مما هو شعبي ديمقراطي)، إلى مطالب الطبقة السياسية، ومكونات المجتمع المدني، باعتباره خول السلطة التنفيذية نوعا من الاستقلالية، ومنحها صلاحيات واسعة إلى حد ما، مقارنة مع الدساتير التي عرفها المغرب في تاريخه السياسي.
على أن الدستور الجديد يشكل قفزة نوعية، وتحولا يُمهد للملكية البرلمانية، التي شكلت أحد أهم مطالب الهيآت السياسية والنقابية، والمجتمع المدني، على اعتبار أن الحكومة أصبحت في ظل الدستور الجديد، تتمتع باستقلالية نسبية تجاه المؤسسة الملكية، من خلال تنصيبها، بعد المصادقة على برنامجها من قبل مجلس النواب. ومن بين أهم المقتضيات التي جاء بها الدستور الجديد، منصب رئيس الحكومة، الذي عوض الوزير الأول باعتبار هذه الطريقة في التنصيب هي المعمول بها من طرف الديمقراطيات الحديثة و العريقة في ان واحد، إذ تعطي لرئيس الحكومة ذلك الزخم السلطوي مقارنة مع أعلى هيئة فعلية داخل الوحدات الدولية، وهو مؤشر على التحول النوعي الذي يطبع الدساتير المعروضة للإستفتاء الشعبي .
وينص الدستور الجديد، صراحة، على أن الحكومة تمارس السلطة التنفيذية، وأنها تعمل تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي، وعلى ضمان تنفيذ القوانين. ومنح الدستورللحكومة صلاحيات واسعة، مما جعله متقدما، في هذا المجال مقارنة مع الدساتير السابقة.
لابد من الوقوف، أولا، عند تقييم الدستور السابق، أي دستور 1996، والصلاحيات المخولة إلى الحكومة.
حيث يبدو جليا، أن صلاحيات الحكومة في ظل الدستور السابق أي 96 كانت محدودة، بل إن الغموض كان يلف حتى الفصول المحددة لاختصاصاتها، بمعنى أنه، كان هناك اختلال في التوازن بين السلط ، و كـأن مونتيسكيو لم ينضر أبدا لمفهوم توازن السلط و تكاملها ، أو أن الأنظمة لا تريد أن تستوعب هذا المفهوم و السبب العقلية الجامدة و المتحجرة لأعداء التوازن و أصحاب الإحتكار السياسي.
قلنا كانت الحكومة بمثابة جهاز تنفيذي محدود الصلاحيات، ويمكن أن نسمي أعضاءها أعوان التنفيذ فقط.
وبالمقابل كانت السيادة لحكومة الظل التي كانت تقوم بأشياء تدخل ضمن اختصاصات الحكومة، وهذه مسألة لا تحتمل الشك أوالتشكيك. وكان هناك جهاز ثان، هو الأمانة العامة للحكومة،حيث كان يحلو لبعض الأحزاب تسميته بالثلاجة أو مقبرة القوانين، وهو وصف ينطبق عليها، فعلا، لأن الحكومة تنخرط في برامج ومشاريع وتحضر عدة نصوص ومشاريع القوانين، لكي تحال على البرلمان، لكنها تبقى حبيسة الأمانة العامة للحكومة، لمدة طويلة. أكثر من ذلك، لم يكن بعض الوزراء يُخفون أن مجموعة من القوانين، تهم مختلف المجالات، تمرر دون أن يطلعوا عليها، لذلك يمكن القول بأن الحكومات السابقة كانت تعيش وضعا غير طبيعي.
في دستور 1962 ، حافظ الملك على أهم إن لم نقل كل الصلاحيات،إذ كانت العديد من الاختصاصات ممركزة بيده، وتم إلغاء رئيس الحكومة، الصفة التي كانت سائدة في السابق، وأصبح رئيس الحكومة هو الوزير الأول. بيد أن الرئيس الفعلي للسلطة التنفيذية هو الملك، والحكومة كانت تابعة، من ناحية الاختصاصات والشكل. فالملك هو الذي يُعين الوزير الأول وباقي أعضاء الحكومة، وبإمكانه أن يقيلهم، ولم تكن للوزير الأول سلطة على الوزراء، فلا يقترحهم ولا يعفيهم. الحكومة كانت منبثقة فقط من الإرادة الملكية، ولم تكن لديها علاقة بالبرلمان، والملك كان يرأس المجلس الوزاري، الذي كان يتمتع بالاختصاصات الأساسية، فالملك كان يمارس جزءا من السلطة التنظيمية.
يتبع...
*باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوي
بارك الله لنا ولكم بصالح الاعمال وشكرااااا
ReplyDelete